معنى لا ظلَّ إلا ظلُّه
ما معنى " الظل " في قوله عليه الصلاة والسلام " في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه" الحمد لله أولاً :من الأهوال التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم القيامة أن الشمس تدنو من الخلائق قدر ميل ، -فقد روى مسلم :2864-عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ " . فالناس في ذلك اليوم أحوج ما يكونون لشيء يقيهم حر الشمس ، ولهذا يختص الله بعض خلقه فيظلهم تحت ظله . -روى البخاري 1423- ومسلم 1031- من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : الْإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " . قال النووي رحمه الله : " قَالَ الْقَاضِي : ظَاهِره أَنَّهُ فِي ظِلّه مِنْ الْحَرّ وَالشَّمْس , وَوَهَج الْمَوْقِف وَأَنْفَاس الْخَلْق " انتهى من " شرح النووي لمسلم " . وروى أحمد :16707- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي فِي ظِلِّ عَرْشِي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي "، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " . وروى أحمد :16882- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ " ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " . ثانيًا : اختلف العلماء رحمهم في معنى " الظل " في قوله عليه الصلاة والسلام "في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه " ، فذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بالظل : ظل العرش ، فيحمل المطلق في الأحاديث على المقيد ، فكل حديث فيه إضافة الظل إلى الله تعالى ، فالمقصود به ما قيد في الأحاديث الأخرى بظل العرش. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله " صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " خرَّجه مسلم من حديث أبي اليسر الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخرَّج الإمام أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال " من نفس عن غريمه ، أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة " ، وهذا يدل على أن المراد بظل الله : ظل عرشه " انتهى من " فتح الباري لابن رجب " 4 / 63 . واختار آخرون أن المراد بالظل : شيء يخلقه تعالى في ذلك اليوم ، يظلل به من يشاء من عباده . *قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " قوله " لا ظل إلا ظله " يعني : إلا الظل الذي يخلقه ، وليس كما توهم بعض الناس أنه ظل ذات الرب عز وجل ، فإن هذا باطل ؛ لأنه يستلزم أن تكون الشمس حينئذ فوق الله عز وجل " انتهى من " مجموع فتاوى " ( 8 / 497 ) . وأقرب الأقوال – والعلم عند الله – القول الأول ، وهو الذي عليه أكثر الشرّاح . وقد سئلت اللجنة الدائمة : ما المراد بالظل المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "الحديث . فأجابت " المراد بالظل في الحديث : هو ظل عرش الرحمن تبارك وتعالى ، كما جاء مفسرا في حديث سلمان رضي الله عنه في " سنن سعيد بن منصور " ، وفيه " سبعة يظلهم الله في ظل عرشه " الحديث . حسن إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في :الفتح 2/ 144 ..... ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء – المجموعة الثانية - " 2 / 487 . ثالثًا : الوارد في النصوص أنه يظلهم بظل العرش ، فليس لنا أن نتكلف في التشقيق والبحث عن لوازم ذلك : يلزم من ذلك : كذا ، أو يلزم منه كذا ، وعن أي شيء يكون الظل ؟ إلى آخر ما قد يطرأ على الأذهان في ذلك ، مما لا حاجة إليه ، ولا نفع يرتجى من ورائه ؛ وبحسب المسلم أن يصدق بالخبر الوارد في ذلك ، ويأخذ نفسه بالتزام الأعمال التي توجب له تلك الفضيلة الجليلة ، يوم تدنو الشمس من الرؤوس ، ولا ظل هناك ، إلا لمن يكرمه الله بتلك الكرامة . والله أعلم موقع الإسلام سؤال وجواب* "تُدْني الشمسُ ، يومَ القيامةِ ، مِنَ الخلقِ ، حتى تكونَ منهمْ كمقدارِ ميلٍ . قال سليمُ بنُ عامرٍ : فواللهِ ! ما أدري ما يعني بالميلِ ؟ أمسافةُ الأرضِ ، أمْ الميلُ الذي تَكتحلُ بهِ العينُ . قال : فيكونُ الناسُ على قدرِ أعمالِهمْ في العرقِ . فمنهمْ مَنْ يكونُ إلى كعبيهِ . ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى ركبتيهِ . ومنهمْ مَنْ يكونُ إلى حقويهِ . ومنهمْ مَنْ يُلجمُهُ العرقُ إلجامًا . قال وأشارَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بيدِهِ إلى فيهِ ."الراوي : المقداد بن الأسود - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2864 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر- شرح الحديث:يومُ القيامةِ يومٌ عظيمٌ، وأهوالُه ومَواقفُه مُتعدِّدةٌ، منَ الحَشرِ، وانتِظارِ الحِسابِ، والمرورِ على الصِّراطِ وغيرِ ذَلك، ومِن أَوائلِ تلكَ المَواقفِ أن يَجمعَ اللهُ الخَلائقَ في ذلكَ المَحشرِ العَظيمِ فيَشتدَّ الكَرْبُ، وتَدنو الشَّمس منَ الرُّؤوسِ فتَشتدُّ الحرارةُ، وتَرشحُ الأَجسامُ بالعَرقِ الغزيرِ. وفي هذا الحَديثِ تَدنِّي الشَّمس يومَ القيامةِ منَ الخَلقِ، حتَّى تكونَ منهم كمِقدارِ مِيلٍ، قال سُليمُ بنُ عامرٍ: فَواللهِ ! ما أدْري ما يَعني بالمِيلِ؟ أَمسافةُ الأرضِ، أي: أَراد المَسافةَ الَّتي هيَ عندَ العَربِ مِقدارُ مَدِّ البصرِ منَ الأرضِ، أمِ الميلُ الَّذي تَكتِحلُ به العينُ. فيَكونُ النَّاس على قَدرِ أَعمالِهم في العَرَقِ، فمِنهم مَن يَكونُ إلى كَعبيْه، ومِنهم مَن يَكونُ إلى رُكبتَيْه، ومِنْهم مَن يَكونُ إلى حِقوَيْه، وهوَ مَعقِدُ الإِزار، أو طَرفا الوَركَيْنِ، ومِنهم مَن يَلجُمُه العرقُ إلجامًا، أي: يصلُ إلى فيهِ وأُذنَيْه فيكونُ له بمَنزلَةِ اللِّجامِ منَ الحَيواناتِ، كَما قالَ الرَّاوي"وأَشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بيدِه إلى فيهِ"، فَتَتراكمُ في هذا الموقفِ الأَهوالُ، وتَدنو الشَّمسُ، ويَكونُ زحامُ بعضِهم بعضًا، فيُشدَّد أمرُ العَرقِ على البعضِ ويُخفَّف على البَعض بحَسَبِ أَعمالِهم .- الدرر- " مَن أنظرَ مُعسِرًا أو وَضعَ لَه ، أظلَّهُ اللَّهُ يومَ القيامَةِ تحتَ ظلِّ عرشِه ، يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1306 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر- " مَن أنظرَ مُعسِرًا أو وَضعَ لَه ، أظلَّهُ اللَّهُ يومَ القيامَةِ تحتَ ظلِّ عرشِه ، يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّهُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1306 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر- "سبعةٌ يظلُّهم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه : إمامٌ عادلٌ ، وشابٌ نشأَ في عبادةِ اللهِ ، ورجلٌ ذكر اللهَ في خلاءٍ ففاضت عيناه ، ورجلٌ قلبُه معلقٌ في المسجدِ ، ورجلان تحابا في اللهِ ، ورجلٌ دعته امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ إلى نفسِها فقال : إني أخافُ اللهَ ، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُه ما صنعتْ يمينُه"الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6806- خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر- "كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ" . قال يزيد . فكَانَ أبُو مرثدٍ لا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إلَّا تَصَدَّقَ فيهِ بِشيءٍ ، و لَوْ كَعْكَةً أوْ بَصَلَةً.الراوي : عقبة بن عامر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 872 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر- °قال الشيخ عبدالرحمن البراك: قوله - صلى الله عليه وسلم - "سبعةٌ يظلُّهم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّه": المتبادر أن المراد بالظل هنا ما يستظل به ويتقى به من الحر، وهو أثر الحائل المانع من شعاع الشمس، والظاهر أن المراد بالظل المضاف إلى الله عز وجل في الحديث هو ما يظل به عباده الصالحين يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، وهو أثر أعمالهم الصالحة كما في الحديث"كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ"وعلى هذا فهذا الظل مخلوق وإضافته إلى الله سبحانه إضافة ملك وتشريف كما قال عياض والحافظ رحمهما الله تعالى، وليس إضافة صفة إلى موصوف؛ فلا يقال: إن لذات الله ظلاً أخذًا من هذا الحديث؛ لأن الظل مخلوق كما قال سبحانه " أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ" الفرقان 45، والمخلوق ليس صفة للخالق، وقوله صلى الله عليه وسلم "يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه" يعني يوم القيامة. ومعناه: ليس لأحد ما يستظل به من حر الشمس إلا من له عمل صالح يجعل الله له به ظلا، وذلك من ثواب الله المعجل في عرصات القيامة. تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري - الموسوعة العقدية- |
الساعة الآن 05:54 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
تركيب: استضافة صوت مصر