عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-20-2017, 11:05 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
Arrow

شرح منظومة القواعد الفقهية

الحمدُ للهِ العليّ الأَرفقِ وجامعِ الأشياءِ والمفرِّقِ
الحمدُ : هو الثناء .
وقد بدأ النظم بالحمدلة :
اتباعًا للقرآن ، فقد بدأ الله تعالى كتابه بسورة الحمد ـ الفاتحة ـ .
وعملاً بالسنة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يفتتح مواعظه وخطبه بالحمدلة كما يؤخذ من مجموع الروايات ـ ( خطبة الحاجة ) ـ .
ويقوم مقام الحمدلة كل ما فيه ثناء لله تعالى ، كالبسملة
( 1 ) ونحوها .

( 1 ) بسم الله الرحمن الرحيم : " بسم الله " ؛ أي أبتدئ بكل اسم لله تعالى ، لأن لفظ " اسم " مفرد مضاف ، فيعم جميع الأسماء الحسنى .
" الله " : هو المألوه المعبود ، المستحق لإفراده بالعبادة ، لما اتصف به من صفات الألوهية ، وهي صفات الكمال . " الرحمن الرحيم " : اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء ...
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / للسعدي / ص : 21 . تفسير الفاتحة .
فالبسملة إذا أُطلقت فهي تحوي الحمد .
[ فقد كان النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ يبدأ رسائله وكتبه بالبسملة بدون حمد ، فيقول : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى ... ؛ إلى قيصر عظيم الروم ونحوه .

فإذا كان هناك مؤلف وكتاب ، فإن كثيرًا من أهل العلم رأوا أنه يبدأ به ـ أي بالكتاب ـ بالأمرين معًا : البسملة وحمد الله تعالى ، وأخذوا هذا من أنه يجمع الأمرين معًا ، كونه رسالة مكتوبة ، وكونه خطبة ، لأنه سيقرأ بعد ذلك قالوا : وفيه اقتداء بكتاب الله ـ عز وجل ـ فإنه بدأ بالبسملة ، ثم حمده سبحانه ] .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف .
ويُراد بالحمد :

* وصف المحمود بالوصف الجميل مع محبته وتعظيمه .
[ فهو الثناء على الله بصفات الكمال ، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل ، فله الحمد الكامل بجميع الوجوه ] . تفسير السعدي .
* وهو سبحانه يُحمد حمدًا مطلقًا ، أي حمد استحقاق ، لأنه يستحق الحمد لذاته .
الأف واللام في " الحمد " : للاستغراق ، أي استغراق جميع أنواع المحامد .
الله : هو المألوه ، المعبود المستحق لإفراده بالعبادة ، ِلمَا اتصف به من صفات الألوهية ، وهي صفات الكمال .
ولفظ الجلالة أعرف من أن يُعرَّف ، وهو أصل لجميع الأسماء الحسنى واللام في " الله " : للجنس المفيدة للاستغراق ، فالمستحق للحمد المطق هو الله عز وجل ، والمختص به هو الله تعالى .
ولهذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أصابته السراء قال" الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات " ، وإن أصابته ضراء قال " الحمد لله على كل حال " .
القواعد الفقهية ... / شرح : د.خالد الصقعبي / بتصرف .
* فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا رأى ما يحبُّ قال : " الحمد لله الذي بنعمته تتمُ الصالحاتُ " ، وإذا رأى ما يكره قال : " الحمد لله على كل حال " .
سنن ابن ماجه / ( المجلد الواحد ) / تحقيق الشيخ الألباني / ( 33 ) ـ كتاب : الأدب / ( 55 ) ـ باب :فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حديث حسن .
ـ الفرق بين الحمد والشكر :
الحمد متعلق بالنعمة والمصيبة ، أما الشكر فعلى النعمة فقط
لذا كان صلى الله عليه وسلم يحمد الله على كل حال .
* فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا رأى ما يُحب قال : " الحمد لله الذي بنعمته تتُم الصالحات " ، وإذا رأى ما يكره قال : " الحمد لله على كل حال " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : الدعاء /( 55 ) ـ باب : فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حسن .

ـ الفرق بين الحمد والمدح :
الحمد والمدح كلاهما فيه ذِكر للمحمود في صفة الكمال ، أما الفرق فهو أن الإخبار عن محاسن الغير إما أن يكون إخبارًا مجردًا من حب وإرادة فهذا مدح ، وإن كان مقرونًا بهما فهو حمد .
العليّ : الذي له العلوّ التام المطلق من جميع الوجوه ، فيشمل علوّ الذات : بمعنى أنه مستوٍ على عرشه عالٍ على خلقه ، ويشمل علوّ القهر : بمعنى أن كل شيء تحت سلطانه وقدرته ، فهو الذي قهر الأشياء بجلاله وعظمته .
وقد جمع بينهما-أي بين العلو والقهر- في قوله تعالى " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ" .سورة الأنعام / آية : 18 .
ويشمل : علو القدر والمكانة والشأن : قال تعالى " وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ".سورة الأنعام / آية : 91 .
والعلي من أسماء الله الحسنى ، كما قال تعالى :
" وَهُوَ الْعَليُّ الْعَظِيمُ " .سورة البقرة / آية : 255 .
الأَرفقِ : على وزن أفعل ، وهو أفعل تفضيل ، ولكن ليس على بابه هنا ؛ لأن أفعل التفضيل دليل على أن شيئين أو أشياء اشتركت في صفة وزاد أحدهما على الآخر ، وإذا قلنا شيئين أحدهما وليس أفعل ها هنا وفي هذا الباب قاطبة ـ مثل الله الأكرم ، الله الأعلم ـ ليس مرادًا به تفاضل أحد الشريكين على الآخر في هذه الصفة ؛ لأن الله لا يشبهه شيء فضلاً على أن يزيد عليه شيء ، فهنا أرفق بمعنى الرفيق كقوله تعالى " هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ " .سورة النجم / آية : 32 . أي عليم بكم ، وكقوله "هوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ " . سورة الروم / آية : 27 .
أي هَيِّن ، لأن الله ليس عنده شيء أهون من شيء ، كل الأشياء عنده واحدة سبحانه وتعالى ، فيستوي في جانب عظيم قدرته الخردلة والسماء .
معنى الرفق : اللين مع حسن السياسة ، ولا نصف الله باللين والسياسة لكن هذا من الناحية اللغوية .
القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
الأَرفقِ : أي الرفيق في أفعاله ، فأفعاله كلها رفق ، على غاية المصالح والحكمة ، والرفق صفة ثابتة لله عز وجل .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
* فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب / ( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /حديث رقم : 77 ـ ( 2593 ) / ص : 661 .
وقد أظهر سبحانه لعباده من آثار رفقه ما يستدلون به على كماله وكمال حكمته ورفقه ،
كما في خلقه السموات والأرض وما بينهما في ستة أيّامٍ ، مع أنه قادر على أن يخلقها في لحظة ، وكذلك خلقه الإنسان والحيوانات والنبات ، على اختلاف أنواعه ، يخلقها شيئًا فشيئًا ، حتى تنتهي وتكمل ، مع قدرته على تكميلها في لحظة ، ولكنه رفيق حكيم ، فمن رفقه وحكمته تطويرها في هذه الأطوار ، فلا تَنافي بين قدرته وحكمته ، كما أنه يقدرعلى هداية الضالين ، ولكن حكمته اقتضت إبقاءَهم على ضلالهم عدلاً منه تعالى ، ليس ظلمًا ، لأن إعطاء الإيمان والهدى محض فضله ، فإذا منعه أحدًا لم يُعَد ظلمًا ، لا سيّما إذا كان المحلّ غير قابلٍ للنعم ، فكل صفة من صفاته تعالى لها أثر في الخلق والأمر ، ولا ينافي بعضها بعضًا ، ومَن فَهِم هذا الأصل العظيم انحلت عنه إشكالات كثيرة في معرفة أسماءِ الله وصفاته ، ونَزَّل كل اسم من أسماءِ الله في محله اللائق به .
" جامع الأشياء والمفرق " : يعني أنه سبحانه يجمع بين الأشياء في بعض المعاني والصفات ، ويفرق بينها في البعض الآخر ، فجمع الأشياء في شيء ، وفرّقها في شيء آخر ، كما جَمَعَ بين خلقه في كونه خلقهم ، وَرَزَقهم ، وفرّق بينهم في الأشكال والصور ، والطول والقِصر ، والسواد والبياض ، وغير ذلك من الصفات .
والناس يشتركون في أصل الرزق ، فكل مخلوق مرزوق ، قال تعالى " وَما مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا "} . سورة هود / آية : 6 .
ولكنهم يتفاوتون في مقدار الرزق ونوعه على حسب الحكمة الإلهية ، كما قال سبحانه " وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ
بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ " .سورة الشورى / آية : 27 .
وكل هذا صادر عن كمال قدرته وحكمته ، ووضعه الأشياءَ مواضعها اللائقة بها .

رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف .
وإطلاق هذا اللفظ أعني " وجامع الأشياء والمفرق "ـ على الله تعالى من باب الإخبار ، وليس من باب التسمية ، فيصح الإخبار عن الله تعالى بكل ما صح من حيث المعنى ، ولكن لا يُسمى إلا بما سمى به نفسه .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
o لطيفة نحوية :

" وجامعِ" هكذا بالجر عطفًا على ( الأرفقِ ) 0. ويجوز الرفع ( ... وجامعُ ) على الرفع خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره هو ، ( وهو جامع الأشياء والمفرق ) .
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري .
س : ما علاقة هذه المقدمة بموضوع المنظومة ؟
ج : كأنه رحمه الله يقول : إذا كان ربُّك عليًّا ورفيقًا ، فمعناه أنك لن تنال الفهم في دينه ، إلا بأن تستعين به سبحانه لأنه هو العلي ، وأن تكون رفيقًا ، كما يحبه لنفسه ، وكما يحبه لعباده . فهذا الدين متين ، ويحتاج إلى أن يوغِلَ الإنسانُ فيه برفق ، مع التنبيه علي ضعف الحديث الوارد " إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق " .
فالحديث ضعيف ، ولكن المعنى صحيح (1) وموافق لقواعد الشريعة فمما صح بهذا المعنى :
* عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إن هذا الدينَ يُسرٌ ، ولن يُشاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا ، وأبشروا ويسروا ، واستعينوا بالغدوةِ والرَّوْحَةِ ؛ وشيءٍ من الدَّلْجَةِ " .
سنن النسائي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 47 ) ـ كتاب : الإيمان وشرائعه /
( 28 ) ـ باب : الدين يسر / حديث رقم : 5034 / ص : 764 / صحيح .

( 1 ) ليس معنى صحة المعنى أنه يصلح للاستشهاد به ، بل لابد من توافر صحة المعنى وصحة النسبة للرسول صلى الله عليه وسلم .
* عن عائشة ، زوج النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـن النبي ـ لى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " إن الرفقَ لا يكونُ في شيء إلاَّ زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب / ( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /حديث رقم : 78 ـ ( 2594 ) / ص : 661 .
وتعبير الناظم بقوله : ( وجامع الأشياء والمفرق ) ، فيه براعة استهلال كما يسميه البلاغيون ، والمراد بها : دلالة مطلع الكلام على مضمونه ، فهذا التعبير يدل على أن هذا النظم في القواعد التي من شأنها الجمع لكثر من الفروع ، والتفريق بين بعضها .

رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف .
وشرحها للدكتور / مصطفى كرامة مخدوم .
رد مع اقتباس