الموضوع: فقه سجود السهو
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-08-2019, 05:22 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,266
Arrow


oتعقيب :
ـــــ
*إذا سها المصلي عن سجود السهو وحصل فصل أو نقض للوضوء :
أ ـ إذا وقع فصل طويل ـ مالم ينتقض الوضوء ـ فللعلماء فيه قولان :
الأول : يستأنف ـ أي يعيد ـ الصلاة من جديد :
وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد .
قالوا : لأنها صلاة واحدة فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل كما لو انتقض وضوؤه .

الثاني : يبني على صلاته ويسجد للسهو ما لم ينتقض الوضوء :
ـ وهو قولٌ لمالك ، والقديم للشافعي ، وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري ، والليث ، والأوزاعي
وابن حزم ، وابن تيمية إلا أنه خصه بما كان بعد السلام .
خصه : أي خص هذا الحكم بسجود السهو الذي بعد الصلاة وسهي عنه.
ـ قالوا : لأن طول الفصل ليس له حد منضبط ، وقد سَلَّمَ النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ساهيًا وتكلَّم ، وراجع وخرج من المسجد ودخل بيته ، ثم عرف فخرج ، فأتم ما بقي من صلاته وسجد لسهوه سجدتين .
ولأنه مأمور بإتمام صلاته وسجوده للسهو فوجب ، لعموم قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
"
مَن نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 684 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

ـ قلت - أي صاحب الكتاب - : وهذا مذهب قوي ، لكن من أراد أن يحتاط لنفسه فيعيد الصلاة ، فله ذلك . والله أعلم .
ب ـ إذا انتقض وضوؤه بعد ما سَلَّم من صلاته الناقصة ، بطلت صلاته بالاتفاق .
فإن كان سها عن السجود ـ بعد السلام ـ لزيادة في صلاته ، جاز أن يسجدها وإنْ حصل حدث - نقض للوضوء - لأنهما ترغيم للشيطان كما قال ابن تيمية .
قلت : يعني يتوضأ ويسجد للسهو . وهذا قوي ومتجه .
صحيح فقه السنة / ج : 1 / ص : 466 .

· حكم متابعة الإمام في الخطأ مطلقًا :
ـ الأمر فيه خلاف ، ولكن نورد ما ترجح لدينا مدعم بأقوال العلماء :من شريط الأسئلة المصرية / رقم : 2 / للشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ :
ـ سؤال :
أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
" أن الإمام إذا قام إلى الركعة الخامسة ـ سهوًا ـ فعلى المأمومين عدم المتابعة " .
فهل هذا مُعارض لحديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في الصحيحين : أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " صلى الظهر خمسًا " ـ وتابعه الصحابة ـ .
ـ فأجاب الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ :
* لا أشك في ذلك ، ونحن نعرف أن هذا الرأي يُفتي به كثير من العلماء .
نحن نتمنى أن نسمع دليلًا لهذا الرأي حتى نقيمَ له وزنًا . ولكن فيما علمتُ لم نجد له
دليلًا ، بل وجدنا العكس ، وهو ما أشرت إليه من حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ . ولعله من المناسب أن نُذَكِّر الحاضرين بحديث ابن مسعود حتى يتبين لهم الموضوع ، لأن السؤال كان مُجْمَلًا .
* حديث ابن مسعود كما في الصحيحين :
- صَلَّى بنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَمْسًا، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أزِيدَ في الصَّلَاةِ، قالَ: وما ذَاكَ؟ قالوا:صَلَّيْتَ خَمْسًا، قالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أذْكُرُ كما تَذْكُرُونَ وأَنْسَى كما تَنْسَوْنَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ."الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 572 - خلاصة حكم المحدث : صحيح=الدرر=


* انتهت القصة إلى هنا . والذين يقولون بأن الإمام إذا قام إلى الخامسة لا يُتَابَع ، يقولون :
" إن هذه الحادثة كانت في وقت لمَّا يتمّ فيه التشريع بعد "
* ونحن نقول جوابًا عن هذا الإشكال أو هذا الجواب :
لو أن الأمر كان كذلك لَبَيَّنَ النبيُّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حُكم هذه المسألة إذا ما وقعت بعد تمام التشريع ، أي بعد نزول قوله تعالى "
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" المائدة : 3.
أما والنبيُّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قد مات وارتفع إلى الرفيق الأعلى دون أن يأتيَ بشيءٍ جديد يُعَدِّل ما فعل أصحابُه معه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، الجوابُ الذي حكيناه آنفًا عن أولئكَ الناس ، مردود ، مرفوض ، وبخاصة أنه يوجد لدينا دليلٌ عامٌّ يأمُرُنا فيه رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أن نتابع الإمام متابعةً تامَّةً كاملَةً ، ولا علينا بعد ذلك أصاب أم أخطأ ، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام :
" إنَّما جُعِلَ الإمام ليؤتمَّ به ، فلا تختلفوا عليه " .
والحديث تمامه معروف :
" فإذا كبَّرَ فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا ، وإذا صلى قاعدًا أو جالسًا ، فصلوا قعودًا أو جلوسًا أجمعين " .
فنحن نلاحظُ في هذا الحديث أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، جَعَل مِنْ تمامِ الائتمام بالإمام
أن يدعَ المؤتمُّ ما يجبُ عليه أصلًا أن يتحققَ به وإلا كانت صلاتُهُ باطلةً ، ألا وهو : القيام بالنسبة للمستطيع للقيام ، فوجدنا الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح ، قد أسقط هذا الركنَ عن المستطيع له ، لا لشيءٍ إلا تحقيقًا لتمام القدوةِ منه لإمامِهِ ، وعدم التظاهر عليه بمخالفته .
وإذ الأمر كذلك ، فنحن نأخذ من هذا تنبيهًا عظيمًا جدًّا ، أنه إذا قام الإمامُ ساهيًا إلى ركعةٍ خامسة ، فلماذا نقول : لا نتابعه ؟
لأنهم يَرْجعُون إلى الأصل ، وهو أنه من قام إلى الخامسة وهو ذاكرٌ ، فقد بَطُلَتْ صلاتُهُ ، ذلك لأن ـ كما يقولون فـي بعض البلاد " الزائد أخو الناقص " . فَمَنْ صلى المغرب ركعتين عامدًا ، فصلاته باطلة . ومن صلى الرُّباعية خمسًا ، فإذًا صلاته باطلة . فهم يقولون إذا قام الإمام ساهيًا إلى الخامسة ، والمقتدِي ذاكر ، فلا ينبغي أن يتابعه .
ـ نحن نقول :
لا ! بل عليه أن يتابعه بعد أن يُذَكِّرَهُ ، وأن يفتحَ عليه كما هي السنة .فإذا لم يتبيَّن للإمام أنه في الخامسة ، فهو بطبيعة الحال ، لا يرجع ، فينبغي علينا أن نتابعه كما تابعناه فيما هو تَرْكٌ مِنَّا لركن من أركان الصلاة ، وترك ركن من أركان الصلاة مبطلٌ للصلاة ، والقيام إلى الخامسة عمدًا أيضًا مبطلٌ للصلاة ، ولكن الذي رفع الإبطال أيضًا في القضية أو في الصورة الأولى ، هو الذي يرفع الإبطال أيضًا في القضية الأخرى .
ولذلك فمع احترامنا وتقديرنا لإمامنا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ لكننا نقول بصراحة : إننا لسنا تيميِّين ، ولو أردنا أن نكون تيميِّين ، أنا شخصيًا لكنتُ من الحنفيين ، خاصة وأن آبائي وأجدادي كذلك كانوا مذهبيّين ، ولكن لمَّا نُبِّهنا بفضل السنة على أنه يجب بل لا يجوز للمسلم أن يُؤْثِر قولَ أحدٍ على ما جاء في الكتاب والسنة ، لذلك نَدَعُ رأي " ابن تيمية " له معتقدين أنه مأجور على كل حال ، لكن لا يجوز لنا بأي حال أن نقلده وأن نُعْرِضَ عن الأدلة الشرعية التي لَفَتْنا النظر إليها آنفًا . ا . هـ .
وقال الشيخ العثيمين في : الشرح الممتع / ج : 3 / ص : 524 :
"... والواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإمام . وذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال
" إنَّما جُعِلَ الإمام ليؤتمَّ به ، فلا تختلفوا عليه " .
متفق عليه / من حديث أبي هريرة .

خلاصة فقه سجود السهو


· مشروعية سجود السهو :
يشرع سجود السهو إما وجوبًا أو استحبابًا لزيادة ونقص وشكٍّ سهوًا في صلاة الفرض وفي صلاة النفل بشرط أن تكون الصلاة ذات ركوع وسجود .

· حقيقة سجود السهو :
سجود السهو : عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي لجبر الخلل الحاصل في صلاته من أجل السهو .
وأسباب السهو ثلاثة : الزيادة ، النقص ، الشك .

· هل لسجود السهو تكبير أو تسليم أو قيام ؟
نعم ، لسجود السهو تكبير وتسليم ، ولكن ليس له قيام .

· إذا تكرر السهو للمصلي في نفس الصلاة ، فإنه لا يلزمه إلا سجدتان فقط .

· عند ترك ركن من أركان الصلاة سهوًا ، يؤتَى بالركن ، ويُسْجَد للسهو بعد السلام .

·
عند ترك واجب من واجبات الصلاة سهوًا ، وذُكِرَ بعد مفارقة محله قبل الوصول إلى الركن الذي يليه ، رُجِعَ فَأُتِيَ به ، وبعد تمام الصلاة ، يسلم ثم يُسْجَد للسهو ، ثم يُسَلَّم
وإن ذُكِرَ بعد الوصول إلى الركن الذي يليه ، سقط الواجب ، وبعد تمام الصلاة ، يسجد للسهو قبل التسليم .
أما إذا ذُكِرَ قبل مفارقة محله من الصلاة ، أُتِيَ به ، ولا شيء عليه .
· عند ترك سنة من سنن الصلاة سهوًا ، سقطت السنة ، ويُسْتَحَبّ السجود للسهو .

· موضع سجود السهو :
ـ ما كان للزيادة ؛ فهو بعد السلام .
ـ ما كان عن نقص ؛ فهو قبل السلام .
ـ ما كان عن شكٍّ :
* فما بُنِيَ فيه على غالب الظن ؛ فهو بعد السلام .
* وما بُنِيَ فيه على اليقين ؛ فهو قبل السلام .
ـ إذا اجتمع على المصلي سهوان ، موضع أحدهما قبل السلام ، وموضع الثاني بعد السلام ، يُغَلِّب ما قبل السلام ، فيسجد قبله .

· إذا سها الإمام : وجب على المأموم متابعته في سجود السهو ، سواء سها المأموم أم لم يسه . وسواء سجد الإمام للسهو قبل السلام أو بعده .
· إذا سها المأموم خلف إمامه : فالإمام يحمل عن المأموم سهوه ، وليس على المأموم سجود للسهو .
· حكم متابعة الإمام في الخطأ سهوًا مطلقًا :
الأمر فيه خلاف ، ولكن تبعًا للحديث
" إنَّما جُعِلَ الإمام ليؤتمَّ به ، فلا تختلفوا عليه " . فإن الإمام يُتابع مطلقًا .

* * * * *

تذييل

من أسباب السهو في الصلاة ، عدم الخشوع فيها .
والخشوع هو : قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل .
ومحل الخشوع : في القلب . وثمرته : على الجوارح .
فالخشوع في الصلاة يشمل كل كيان العبد : القلب ، والسمع ، والبصر ، والعظم ، والعصب .
ولهذا ؛ كان رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول في ركوعه "
اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لكَ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي، وَعَصَبِي، " .رواه مسلم / 771 .
من رسالة : مرضاة الله في الخشوع في الصلاة / ص : 24 .

لذلك حث الشرع على الخشوع في مواضع كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منها :
قوله تعالى "
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ" .سورة المؤمنون / آية : 1 ، 2 .
وقوله تعالى "
وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا". سورة الإسراء / آية : 109 .
وقوله تعالى "
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَظ°هَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي " . سورة طه / آية : 14 .
والغفلة تضاد الذكر .
وقوله تعالى "
ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ غ› فِيهِ غ› هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ " . سورة البقرة / آية : 2 ، 3 .
لم يقل سبحانه : يفعلون الصلاة ، أو يأتون الصلاة ، لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة .
فإقامة الصلاة : إقامتها ظاهرًا بإتمام أركانها وواجباتها وشروطها .
وإقامتها باطنًا : بإقامة روحها ، وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقوله ويفعله منها .
فالصلاة مناجاة للرب سبحانه وتعالى .
ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :صلى بنا رسول الله "
صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الظهرَ فلما سلَّم نادى رجلًا كان في آخرِ الصُّفوفِ فقال يا فلانُ ألا تتَّقي اللهَ ألا تنظرُ كيف تُصلِّي إنَّ أحدَكم إذا قام يصلِّي إنما يقوم يُناجي ربَّه فلْينظرْ كيف يناجيه إنكم ترون أني لا أراكم إني واللهِ لَأَرى من خلفِ ظهري كما أرى من بين يديَّ"صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / حديث رقم : 541 / ص : 353 .
والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة ألْبتة .
ـ عن يزيد بن خالد الجُهَني ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال
"إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ مَن توضَّأَ فأحسنَ وضوءَه ثُمَّ صلَّى رَكعَتينِ لا يسهو فيهِما غُفِرَ لَه ما تقدَّمَ مِن ذَنبِهِ" رواه أبو داود . صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الصلاة / حديث رقم : 387 / ص : 228 .
ـ عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول "خمسُ صلواتٍ افترضَهن اللهُ عز وجل ، مَن أحسنَ وُضُوءَهن ، وصلاَّهن لوقتِهن ، وأتمَّ ركوعَهن وسجودَهن وخشوعَهن ؛ كانَ له على اللهِ عهدٌ أن يغفرَ له ، ومن لم يفعلْ ؛ فليس له على اللهِ عهدٌ ، إن شاءَ غفرَ له ، وإن شاءَ عذَّبَه" الراوي : عبادة بن الصامت- المحدث : الألباني - المصدر : صفة الصلاة-الصفحة أو الرقم: 35 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر =
ـ عن عقبةَ بن عامرٍ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال "
ما من مسلمٍ يتوضأ فيُسبِغُ الوضوءَ ، ثم يقومُ في صلاتِه ، فيعلمُ ما يقول ، إلا انفتَل ، و هو كيومِ ولدَتْه أمُّه " .
رواه الحاكم . صحيح . صحيح الترغيب والترهيب / كتاب : الصلاة / حديث رقم : 544 / ص : 289 .الدرر =
"إذا أتيتَ أَهلَ مصرِكَ فأخبرْهم أنِّي سمعتُ رسول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِهِ العبدُ المسلمُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ المَكتوبةُ فإن أتمَّها وإلَّا قيلَ انظروا هل لَهُ من تطوُّعٍ فإن كانَ لَهُ تطوُّعٌ أُكمِلتِ الفريضةُ من تطوُّعِهِ ثمَّ يفعلُ بسائرِ الأعمالِ المفروضةِ مثلُ ذلِكَ"الراوي : أنس بن حكيم الضبي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم: 1180 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر=



ـ عن عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول"إنَّ الرَّجلَ لينصرِفُ ، وما كُتِبَ لَه إلَّا عُشرُ صلاتِهِ تُسعُها ثُمنُها سُبعُها سُدسُها خُمسُها رُبعُها ثُلثُها ، نِصفُها"الراوي : عمار بن ياسر - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم: 796 - خلاصة حكم المحدث : حسن= الدرر =

286 .
عُشرُ صلاتِهِ : أي عُشر ثوابها لما أخَلّ بالخشوع والخضوع وغير ذلك .
والمعنى : أن الرجل قد ينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا عُشر ثوابها أو تُسْعها ..... .
oفلننتبه :
ـــــــ
ما أكثر من يُصلي من عشرات السنين ، ولكن لا يُقيم الصلاة لذكر الله عز وجل ، ولا ينشغل بها ، بل قد ينصرف من صلاته وما كتب له من ثوابها شيء ، ولا يشعر بالسكينة والطمأنينة بين يدي الله تعالى ، ولذة مناجاته سبحانه ، ورسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول " جُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصلاة " .
رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن حبان . صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / حديث رقم : 537 .

وغالب المسلمين اليوم ؛ قُرة أعينهم الدنيا بما فيها من مُتَعٍ ، وملذات ، ليسأل كلٌّ منا نفسه : هل يشعر في وقت ما بالشوق للوقوف بين يدي الله تعالى للصلاة ، والتقرب إليه سبحانه ومناجاته ؟ !
ما هو السبيل لتحصيل لذة الصلاة والخشوع فيها ؟
الخشوع يزيد وينقص بحسب الأسباب الجالبة له ؛ ولا يلهي عن الصلاة إلا الخواطر الواردة الشاغلة ، فالدواء في إحضار القلب ؛ هو دفع تلك الخواطر ، ولا يدفع الشيء إلا بدفع سببه فلتعلم سببه .
وسبب موارد الخواطر إما أن يكون أمرًا خارجًا أو أمرًا في ذاته باطنًا .
أما الخارج ، فما يقرع السمع ، أو يظهر للبصر ..... .
ومَنْ قويت نيته ، وعلت همته ، لم يلهه ما جرى على حواسه ، وعلى المرء أن يعين نفسه باختيار مكان ليس فيه ما يشغله في صلاته .
ومن انطوى باطنه على حب الدنيا حتى مال إلى شيء منها لا ليستعين بها على الآخرة ، فلا يطمعنَّ في أن تصفو له لذة المناجاة في الصلاة .
وهمة الرجل مع قرة عينه ، فإن كانت قرة عينه في الدنيا ، انصرف لا محالة إليها همُّهُ ، ولكن مع هذا فلا ينبغي أن يترك المجاهدة ، وَرَدّ القلب إلى الصلاة والتغلب على الأسباب الشاغلة .
فمن الأسباب المعينة على الخشوع :
( 1 ) حضور القلب :
ومعناه ، تفريغ القلب عن غير ما هو ملابس له ومتكلم به ، ولا يكون الفكر جائلًا في غيره .
وحضور القلب سببه الهمة ، فإن قلبك تابع لهمتك فلا يحضر إلا فيما يهمك ، والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلًا بل جائلًا فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا .
( 2 ) التفهم لمعنى الكلام :
وهو أمر وراء حضور القلب ، فربما يكون القلب حاضرًا مع اللفظ ولا يكون مع معنى اللفظ ، فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو الذي أردناه بالتفهم .
وسبيل ذلك : إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى ، والتشمر لدفع الخواطر .
( 3 ) تعظيم الرب جل جلاله :
التعظيم هو أمر وراء حضور القلب والفهم ، إذ الرجل يخاطب عبده بكلام هو حاضر القلب فيه ، ومتفهم لمعناه ، ولا يكون معظمًا له ؛ فالتعظيم زائد عليهما .
والتعظيم : هي حالة للقلب تتولد من معرفتين :
إحداهما : معرفة جلال الله عز وجل وعظمته وهو من أصول الإيمان .
الثانية : معرفة حقارة النفس وخستها وكونها عبدًا مسخرًا مربوبًا .
( 4 ) الهَيْبَة من الله سبحانه :
الهيبة زائدة على التعظيم ، بل هي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم .
والمخافة من العقرب ، وسوء خلق العبد وما يجري مجراه من الأسباب الخسيسة لا تسمى مهابة ، بل الخوف من السلطان المعظم يسمى مهابة ، فالهيبة خوف مصدره الإجلال .

( 5 ) الرجاء في الله :
الرجاء زائد على ما سبق ، فكم من معظم ملِكًا من الملوك يهابه أو يخاف سطوته ، ولكن لا يرجو مثوبته ، والرجاء سببه معرفة لطف الله عز وجل وكرمه ، وعميم إنعامه ، ولطائف صنعه ، ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة ، فإذا حصل اليقين والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعها الرجاء لا محالة .
والعبد ينبغي أن يكون راجيًا بصلاته ثواب الله عز وجل ، كما أنه خائف بتقصيره عقاب الله عز وجل .

( 6 ) الحياء من الله :
الحياء زائد على الجملة لأن مستنده الاستشعار بالتقصير في العبادة ، وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حق الله عز وجل
ويقوي ذلك ؛ المعرفة بعيوب النفس وآفاتها ، وقلة إخلاصها ، وخبث دخيلتها ، وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها ، مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله عز وجل ، والعلم بأنه مطلع على السر وخطرات القلب وإن دقت وخفيت ، وهذه المعارف إذا حَصَلَتْ يقينًا انبعث منها بالضرورة حالة تسمى " الحياء " .
استئناس :
ورد بـ كتاب : تحفة العلماء بترتيب سير أعلام النبلاء / ص : 323 :
بعض الآثار الواردة في خشوع السلف الصالح منها :
ـ عن عمرو بن دينار قال :
" كان ابن الزبير يصلي في الحِجر ، والمنجنيق يصُبُّ توبه فما يلتفت ـ يعني : لمـا حاصروه " .
التوب : حجر المنجنيق . سير أعلام النبلاء : 3 / 369 .
ـ قال ابن شوذب :
" كان مسلم بن يسار يقول لأهله إذا دخل في الصلاة : تحدثوا ؛ فلست أسمع حديثكم " سير أعلام النبلاء : 4 / 512 .

ـ عن أبي العالية قال " كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه ، فأتفقد صلاته ؛ فإن وجدتُه يحسنها أقمتُ عليه ، وإن أجده يضيعها رحلتُ ولم أسمع منه ، وقلتُ : هو لِمَا سواها أضيَع " . سير أعلام النبلاء : 4 / 209 .
الخاتمــــة

نسـأل الله حسـنها
إلى هنا انتهى بحث : فقه سجود السهو .
أقدمه تذكرة لي ولكل مصلٍّ ، قُربة إلى الله .
فإن أكن وُفقت فيه للحق والصواب فذلك ما أردت ، وإن كانت الأخرى ، فأسأل الله أن يغفر لي ويعفو عني .
وأسأل الله العظيم أن يضع لهذا البحث القبول في السماء والأرض ، وأن يجعله لي ولناسخه ولدارسه ولكل من شارك فيه ذخرًا ، "
يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" . آمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .
رد مع اقتباس