عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 08-19-2025, 10:12 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,382
Post

المصـــدر الثامـــن : المصالــح المرْسَــلَة
تعريفهـــا :
هـي المسـألة النافعـة للنـاس ، الضروريـة لهـم ، والتـي لـم يـرد عـن الشـارع اعتبـار لهـا أو إلغـاء بعينهـا ، ولكـن شَـهدتْ لهـا أصـول الديـن العامـة .التأسيس ... / ص : 442 .
· الشـروط التـي يجـب أن تتوفـر فـي المسـألة والتـي يُحْكَـم فيها بالمصالـح المرسَـلَة :
1 ـ أن تكـون المسـألة نافعـة إمـا بجلـب نفـع أو دفـع ضُـر .
2 ـ أن تكـون المسـألة مـن الضروريـات سـواء كانـت فـي الديـن أو فـي الدنيـا .
3 ـ أن لا يَـرِد فـي الشـرع اعتبـار لهـا أو إلغـاء عينًـا أو جنسًـا
4 ـ أن يكـون مسـتندها أصـول الديـن العامـة .
5 ـ أن تكـون المسـألة عامـة وليسـت خاصـة بفـرد أو مجموعـة ـ مـن النـاس ـ دون أخـرى .
6 ـ ألاَّ تُصَـادِم نصًّـا مـن كتـاب أو سـنة أو إجمـاع أو قيـاس .
وفـي هـذه الجزئيـة يقـول شـيخ الإسـلام ـ ابـن تيميـة فـي الفتـاوى : ج : 11 / ص : 343 :
" لا يمكـن أن توجـد مصلحـة حقيقيـة تصـادم نصًّـا أوإجماعًـا أو قياسًـا " . ا . هـ .التأسيس ... / ص : 444 .
مرادفــات المصالــح المرســلة :
أطلـق بعـض أهـل العلـم عليهـا الاسـتصلاح أو المرسـل .
التأسيس ... / ص : 445 .
سـبب تسـميتها بالمصالـح المرسـلة :
سـميت بالمصالـح : لأن المصلحـة المنفعـة ، سـواء كانـت عائـدة بالنفـع الحقيقـي ، أو بالنفـع حكمًـا أي بدفـع الضـرر
وسـميت مرسـلَة : لأنـه غيــر منصـوص عليهـا بعينهـا ، بـل مسـتندها أصــول الديـن العامـة كمـا سـبق ، فهـي مرسـلة فيهـا . التأسيس ... / ص : 445 .
حكــم المصالـــح المرســلة :
هـي حُجـة بالشـروط السـابقة ، سـواء قيـل إنهـا أصـل مسـتقل أو غيـر مسـتقل .
وفـي ذلـك يقـول الشـنقيطي ـ رحمه الله ـ المذكـرة / ص : 170 :
" والحـق أن أهـل المذاهـب كلهـم يعملـون بالمصلحـة المرسـلة وإن قـرروا فـي أصولهـم أنهـا غيـر حجـة " . ا . هـ .
التأسيس ... / ص : 445 .
نمـــاذج مـن المصالــح المرســلة :
ـ جَمَـعَ أبـوبكـر ـ رضي الله عنه ـ صحـف القـرآن المتفرقـة .
ـ اسـتخلاف عمـر ـ رضي الله عنه ـ مـن قِبَـل أبـي بكـر ـ رضي الله عنه ـ ، مـع أن الرسـول ـ صلى الله عليهوعلى آله وسلم ـ لـم يسـتخلف أبـا بكـر ـ رضي الله عنه.
جمـع عثمـان ـ رضي الله عنه ـ المسـلمين علـى مصحـف واحـد .
ـ أفتـى الشـافعية بجـواز إتـلاف الحيوانـات التـي يقاتـل عليهـا الأعـداء ، وإتـلاف شـجرهم ، إذا كانـت حاجـة القتـال والظفـر بالأعـداء والغلبـة عليهـم ـ لإعْـلاء كلمـة الله ـ يسـتدعي ذلـك .
ـ أفتـى الإمـام أحمـد بـن حنبـل : بنفـي أهـل الفسـاد إلـى بلـدٍ يُؤْمَـن فيـه مـن شـرهم .التأسيس ... / ص : 446 .

الخلاصـــة :
المصالـح المرسـلة هـي المسـألة النافعـة للنـاس ، والضروريـة لهـم ، والتـي لـم يـرد عـن الشـارع اعتبـار لهـا أو إلغـاء بعينهـا ، ولكـن شـهدت لهـا أصـول الديـن العامـة .
الضروريـات تكـون فـي الدنيـا كمـا تكـون فـي الديـن .
الضروريـات فـي الديـن هـي : حفـظ الديـن ، والنفـس ، والعقـل ، والنسـب ، والمـال ، والعِـرْض .
الضروريــات فـي الدنيـا : كالمعامــلات والأعمـال التـي فيهـا مصلحـة للخلـق مـن غيـر خطـر شـرعي .التأسيس ... / ص : 448 .

المصـــدر التاســــع : العُــرْف

أصلـــه :
لقـد جـاء الإسـلام حامـلًا رايـة التخفيـف ورافعًـا الحـرج عـن الأمـة المسـلمة ، لينقلهـا مـن الظلمـات إلـى النـور .
ولتحقيـق التخفيـف ورفــع الحــرج ، قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم فيمـا رواه " مسـلم " 6277 ، و " أحمـد " بسـنديهما : عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " إذا كـان شـيءٌ مـن أمـر دنياكـم ، فأنتـم أعلـمُ بـه ؛ وإذا كـان شـيءٌ مـن أمـر دينكـم فإلـيَّ " .رواه الإمام أحمد . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 767 / ص : 194 / صحيح .
فهـذا الحديـث أصـلٌ عظيـم ، حيـث قَسَّـم الأشـياء إلـى نوعيـن :
مـا كـان مـن أمـر الدنيـا ؛ فهـو راجـع إلـى النـاس .
راجـعٌ إلـى مـا تعارفـوا عليـه ، مـن أجـل ذلـك لا يجـوز الحظـر علـى شـيء مـن أمـور الدنيـا إلا إذا خالفَـتْ نصًّـا شـرعيًّا ، أو أفضـت إلـى مفسـدة راجحـة .
ومـا كـان مـن أمـر الديـن ؛ فهـو راجـع إلـى الشـرع .
وليـس معنـى ذلـك أن الشـارع قـد ـ حـدد ـ كـل لفـظ مـن الجهـة الشـرعية ، بـل كثيـر مـن الألفـاظ تركهـا الشـارع إلـى أعـراف النـاس بعـد مـا علـق عليهـا الأحكـام غيـر نـاسٍ ، وهـذا عيـن التخفيـف ورفـع الحـرج عـن الأمـة المسـلمة . التأسيس ... / ص : 470 .
مثـل قولـه تعالـى" ... وَلَهُـنَّ مِثْـلُ الَّـذِي عَلَيْهِـنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... " . سورة البقرة / آية : 228 .
وقولـه تعالـى " ... مِـنْ أَوْسَـطِ مَـا تُطْعِمُـونَ أَهْلِيكُـمْ ..." . سورة المائدة / آية : 89 .
" إن ذلـك مقـدّر بالعـرف ، لا بالشـرع ، فيطعـم أهـل كـل بلـد مـن أوسـط مـا يطعمـون أهليهـم قـدرًا ونوعًـا ، فمـا لـم يقـدره الشـارع فإنـه يُرْجَـع فيـه إلـى العـرف ، وهـذا لـم يقـدّره الشـارع فيرجـع فيـه إلـى العـرف " .
القواعد الفقهية ... / لابن القيم ... / ص : 370 ، ... .
تعريفـــه :
العـرف هـو العـادة الجاريـة بيـن النـاس . أمـا عـادات الإنسـان الخاصـة بـه فـلا تسـمى عُرفًـا .الواضح ... / ص : 153 .

أنـــواع العـــرف :
والعـرف قـد يكـون قوليًّــا أو عمليًّـا ، والعـرف بنوعيـة القولـي والعملـي قـد يكـون عامًّـا أو خاصًّـا ، وهـو بجميـع هـذه الأنـواع قـد يكـون صحيحًـا أو فاسـدًا .
الوجيز في أصول الفقه / ص : 250 / بتصرف .

تقســـيم عـــام :
أ ـ العـرف القولـي :
هـو مـا تعـارف عليـه النـاس فـي بعـض ألفاظهـم ، بـأن يريـدوا بهـا معنـى معينًـا غيـر المعنـى الموضـوع لهـا .
ـ كتعارفهـم : إطـلاق لفـظ " الولـد "(1)علـى الذكـر دون الأنثـى .

( 1 ) لفظ " ولد " : وهو في الأصل اللُّغَوِي صادق على البنين والبنات كما في قوله تعالى :
* " ... ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدسُ مما ترك إن كان له ولد ... " . سورة النساء / آية : 11 .
* " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... " سورة النساء / آية : 11 .
الواضح في أصول الفقه ... / ص : 154 / بتصرف .
ـ وإطـلاق لفـظ " اللحـم " علـى غيـر السـمك وعليـه مـن حلـف ألا يأكـل لحمًـا فأكـل سـمكًا لا يحنـث بنـاء علـى العـرف السـائد فـي مجتمعـه .
ـ وإطـلاق لفـظ " الحـوت " علـى هـذا الحيـوان البحـري الضخـم الـذي يلـد ولا يبيـض .
وهـذا هـو المعنـى بالمصطلـح العلمـي .
أمـا فـي لغـة العـرب المقصـود بالحـوت " السـمك " الكبيــر منـه والصغيـر ، الـذي يلـد والـذي يبيـض .
وورد بالقـرآن الحـوت بهـذا المعنـى العـام .
ففـي قصـة غـلام موسـى بسـورة الكهـف ، قـال تعالـى :
" فَلَمَّـا جَـاوَزَا قَـالَ لِفَتَـاهُ آتِنَـا غَدَاءنَـا لَقَـدْ لَقِينَـا مِـن سَـفَرِنَا هَـذَا نَصَبـاً * قَـالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَـا إِلَـى الصَّخْـرَةِ فَإِنِّـي نَسِـيتُ الْحُـوتَ وَمَـا أَنسَـانِيهُ إِلاَّ الشَّـيْطَانُ أَنْ أَذْكُـرَهُ وَاتَّخَـذَ سَـبِيلَهُ فِـي الْبَحْـرِ عَجَبـًا " . سورة الكهف / آية : 62 ، 63 .
ولكـن الحـوت الـذي التقـم نبـي الله يونـس هـو ذلـك الحيـوان المائـي الضخـم .
قـال تعالـى "فَالْتَقَمَـهُ الْحُـوتُ وَهُـوَ مُلِيـمٌ " .سورة الصافات / آية : 142 .
وفـي شـبه الجزيـرة العربيـة كلمـة " الحـوت " مسـتعملة بهـذا العمـوم أي تشـمل جميـع أنـواع دواب البحـر .
الوجيز في أصول الفقه / ص : 250 / بتصرف .
ب ـ العـرف العملـي :
هـو مـا اعتـاده النـاس مـن أعمـال .
ومـن أمثلتــه :
التعـارف علـى أن الخاطـب إذا قـدم لخطيبتـه شـيئًا مـن الحُلِـيّ والثيـاب ... ، فهـو هديـة لا مـن المهـر .
تقسـيم المهـر إلـى معجـل ومؤجـل .التأسيس ... / ص : 471 ، 472 .
ـ وكتعارفهـم علـى أن المهـر المؤجـل لا يُسـتحق ولا يُطالـبُ بـه إلا بعـد الفرقـة أو المـوت .المرتقى الذلول ... / ص : 265 .

فائـــدة :
عنـد تسـمية المهـر ، وتقديـم بعضـه ، وتأخيـر البعـض الآخـر لأجـل غيـر مسـمى ، فـإن هـذا الأجـل يرجـع إلـى العـرف والعـادة عنـد المتعاقديـن ، فجـرت العـادة مجـرى الشـرط . إلا إذا سـمى المتعاقـدان أجـل أو وقـت تمكيـن المـرأة مـن هـذا المؤجـل ، فهنـا يقـدم مـا صرحـا بـه علـى مـا جـرى عليـه العـرف ، لأن العـرف ضمنـي والاتفـاق صريـح ، والصريـح مقـدم علـى الضمنـي .

· تقســيم فرعــي :
أولاً : الأعـراف العامـة والخاصـة :
العـرف بنوعيـه القولـي والفعلـي ، قـد يكـون :
أ ـ عامًّــا : وذلـك إذا شـاع وفشـا فـي جميــع البـلاد الإسـلامية وسـار عليـه جميـع النـاس فـي
هـذه البـلاد .
مثالــه :
ـ إطـلاق لفـظ الدابـة علـى ذوات الأربـع ، ولا يطلقونهـا على الإنسـان فهـذا " عـرف لفظـي عـام " .
ـ اعتبـار تقديـم الطعـام للضيـف إذنًـا لـه بالتنـاول ولـو لـم يصـرح المضيـف بذلـك .
فهـذا " عـرف عملـي أو فعلـي عـام " .
ب ـ خاصًّـا : وذلـك إذا شـاع فـي قطـر دون قطـر ، أو بيـن أربـاب حرفـة معينـة أو صنعـة معينـة ، أو ... .
مثالـــه :
ـ الألفـاظ التـي اصطلـح عليهـا أهـل العلـوم وأصحـاب الحـرف والصناعـات التـي يريـدون بهـا عنـد إطلاقهـا المعانـي الاصطلاحيـة ، دون معانيهـا اللغويـة .
فهـذا " عـرف لفظـي أو قولـي خـاص " .
ـ إعطـاء عـلاوة علـى المبيــع إلـى المشـتري عنـد شـرائه البرتقـال فـي بعـض مناطـق محافظـة دبالـي . هـذا " عـرف عملـي أو فعلـي خـاص " .
الوجيز في أصول الفقه / ص : 251 / بتصرف .
والمرتقى الذلول إلى ... / ص : 264 / بتصرف .
ثانيــًا : العـرف الصحيـح والعـرف الفاسـد :
أ ـ العـرف الصحيـح :
ـ هـو مـا لا يخالـف نصًّـا مـن نصـوص الشـريعة .
ـ ولا يفـوت مصلحـة معتبـرة .
ـ ولا يجلـب مفسـدة راجحـة .
ومـن أمثلتــه :
تعـارف النـاس علـى أن مـا يقدمـه الخاطـب إلـى مخطوبتـه مـن ثيـاب ونحوهـا يعتبـر هديـة ولا يدخـل فـي المهـر .
الوجيز في أصول الفقه / ص : 251 .

ب ـ العـرف الفاسـد :
ـ هـو مـا كـان مخالفًـا لنـص مـن نصـوص الشـريعة .
ـ أو يجلـب ضـررًا .
ـ أو يدفـع مصلحـة .
ومـن أمثلتــه :
ـ تعـارف النـاس اسـتعمال العقـود الباطلـة كالاسـتقراض بالربـا
ـ تعـارف النـاس بعـض العــادات المسـتنكَرة فـي المآتـم ( مثـل السـرادقات ـ الخميـس ـ الأربعيـن ..... ) ، والموالـد ، والأفـراح غيـر الشـرعية .
المرتقى الذلول ... / ص : 265 .

حُجيــة العــرف :
اعتبـر العلمـاء العـرف أصـلاً من أصـول الاسـتنباط ، ولهـذا كـان مـن قواعدهـم : " العـادة مُحَكَّمَـة " ، وهـذه القاعـدة هـي إحـدى القواعـد الخمـس الكبـار التـي ذكـروا أن الفقـه كلـه ينبنـي عليهـا(1) وممـا يتفـرع عنهـا ، قاعـدة : " المعـروف عرفًـا كالمشـروط شـرطًا " ، وهـذا يبيـن مـدى اعتدادهـم بالعـرف الـذي عليـه النـاس .المرتقى الذلول ... / ص : 265 .
( 1 ) انظر " الأشباه والنظائر " للسيوطي / ص : 8 .
حاشية المرتقى الذلول ... / ص : 265 .
ـ ويعتبـر العـرف أيضًـا مرجعًـا لتطبيـق الأحكـام علـى الحـوادث والوقائـع الجزئيـة .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 255 .
فهنـاك أحكـام عُلقـت علـى اللفـظ ولـم تحـد شـرعًا ولا لغـة :
علَّـق الشـارعُ كثيـرًا مـن الأحكـام علـى ألفـاظٍ ، ولـم يحـد تلـك الألفـاظ بضوابـط كـي تُطَبَّـق الأحكـام فـي محيطهـا ولا تتعداهـا ، ولـم يُعْـرَف لهـا ضابـط لُغَـوي ، بـل تركهـا لعـرف النـاس رحمـة بهـم غيـر نسـيان .
فمثـــلاً :
نجـد أن الألفـاظ إمـا لهـا :
ـ حـد شـرعي : كالصـلاة ، والزكـاة ، والصيـام ، والحـج ، والإيمـان ، والكفـر ، والنفـاق .
ـ أو حـد لُغَـوِي : كالشـمس ، والقمـر ، والسـماء ، والأرض ، والبَـرّ ، والبحـر .
ـ أو حـد عرفـي : كالدرهـم ، والدينـار ، والإطعـام ، ... .
فهـذه أشـياء لـم يحدهـا الشـارع بحـد ، ولا لهـا حـد واحـد يشـترك فيـه جميـع أهـل اللغـة ، بـل يختلـف قـدره وصفتـه باختـلاف عـادات النـاس .
أمثلــة علـى الأحكـام التـي عُلقـت علـى اللفـظ ولـم تحـدّ شـرعًا ولا لغـة .
مـن كتـاب الله :
".. فَكَفَّارَتُـهُ إِطْعَـامُ عَشَـرَةِ مَسَـاكِينَ مِـنْ أَوْسَـطِ مَـا تُطْعِمُـونَ أَهْلِيكُـمْ ..." .ورة المائدة / آية : 89 .
فـإن الحكـم هنـا عُلِّـق علـى لفـظ " الإطعـام " ، ولـم يبيـن لنـا المقـدار ، ولا النـوع .
فأمـا المقـدار فـإن مـا يكفـي الإنسـان يختلـف باختـلاف الزمـان والمكـان ، وكذلـك النـوع جعلـه الشـرع مـن أوسـط مـا تطعمـون الأهـل ، وهـذا الوَسَـط يختلـف باختـلاف السَّعَـة ، فمـن كـان عنـده سـعة فـإن وسـط طعامـه غيـر وسـط الفقيـر قطعًـا .
".. وَعلَـى الْمَوْلُـودِ لَـهُ رِزْقُهُـنَّ وَكِسْـوَتُهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... " . سورة البقرة / آية : 233 .
" فالـرزق والكسـوة " : لا ضابـط لغـوي ولا شـرعي لهمـا ، فتعيـن اعتبـار العـرف فـي مكـان المسـألة وزمانهـا .
التأسيس ... / ص : 475 .
مــن الســـنة :
ـ عـن ابـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ قـال :
" فـرض رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ زكـاة الفطـر صاعًـا مـن تمـرٍ أو صاعـًا مـن شـعير علـى العبـد والحـر والذكـر والأنثـى والصغيـر والكبيـر مـن المسـلمين وأمـر بهـا أن تـؤدّى قبـل خـروج النـاس إلـى الصـلاة " .
صحيح البخاري . متون / 24 ـ كتاب الزكاة / 70 ـ باب فرض صدقة الفطر / حديث رقم : 1503 / ص : 172 .
فتلـك الأنـواع المذكـورة ، هـي التـي كانـت فـي المدينـة وقتئـذ ، أمـا فـي غيـر المدينـة ، فـإن هـذه الأطعمـة قـد لا تتوفـر فتكـون الصدقـة مـن طعـام أهـل البلـد .
ـ قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم لـ " هنـد " امـرأة أبـي سـفيان لمـا شـكت إليـه إمسـاك أبـي سـفيان وشُـحّه ـ قـال لهـا صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم ـ :
" خـذي مـا يكفيـك وولـدك بالمعـروف " .
* فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن هنـدًا قالـت للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : إن أبـا سُفيانَ رجـلٌ شـحيحٌ فأحتـاج أن آخـذ مـن مالـه . قـال :
" خـذي مـا يكفيـك وولـدَكِ بالمعـروف " .صحيح البخاري . متون / 93 ـ كتاب : الأحكام / 28 ـ باب : القضاء على الغائب / حديث رقم : 7180 / ص : 835 .
أي : خـذي مـن المـال مـا يكفيـك وولـدك ، بمـا يوافـق مـا تعـارف النـاس عليـه مـن الكفايـة .التأسيس ... / ص : 477 / بتصرف .

شــروط اعتبــار العــرف لبنــاء الأحكــام عليـه :
يشـترط فـي العـرف لاعتبـاره ، وبنـاء الأحكـام عليـه مـا يأتـي
1 ـ ألا يكـون العـرف مخالفًـا للنـص ، بـأن يكـون عرفًـا صحيحًـا غيـر فاسـد .
2 ـ أن يكـون العـرف مُطَّـرِدًا مسـتفيضًا بيـن أهلـه ، معروفًـا عندهـم ، ومعمـولاً بـه بينهـم ، أو يكـون العـرف غالبًـا بحيـث لا يتخلـف إلا قليـلاً .
3 ـ أن يكـون العـرف الـذي يُفَسَّـر بـه الحكـم موجـودًا وقـت إنشـاء التصـرف المحكـوم عليـه ، بـأن يكـون حـدوث العـرف سـابقًا علـى وقـت التصـرف ، ثـم يسـتمر إلـى زمـان التصـرف فيقارنـه ، أي : يكـون سـابقًا ومقارنًـا .
وعلـى هـذا الشـرط فـإن الوصايـا ، وحجـج الأوقـاف ووثائـق الـزواج تفسـر بالعـرف الـذي كان موجـودًا فـي زمـان كتابتهـا دون الأزمنـة اللاحقـة .
فمثـــلاً :
لـو وقـف شـخص عقـاره علـى العلمـاء فـي بعـض العصـور السـابقة ، فـإن العـرف المقـارِن يفسِّـر " العلمـاء " " بعلمـاء الديـن خاصـة " .
فـلا يصـح أن يُفسَّـر إلا بذلـك العـرف ، ولا يجـوز أن يفسـر بعـرف أهـل زماننـا الذيـن جـرت عادتهـم بإطـلاق اسـم " العالِـم " علـى عالِـم الديـن وغيـره مـن أهـل الطـب والفلـك والكيميـاء وغيرهـم ، لأن هـذا عـرف متأخـر عـن زمـان صاحـب الوقـف .
[ لـذا يجـب علـى المجتهـد معرفـة أعـراف النـاس قبـل الفُتيـا لهـم ، وذلـك لأنهـم يسـتخدمون فـي أسـئلتهم مـا تعارفـوا عليـه مـن الألفـاظ ] (1).( 1 ) [ ... ] ما بين المعكوفتين مصدره : التأسيس ... / ص : 472 .
4ـ ألا يوجـد قـول أو عمـل يفيـد عكـس مضمـون العـرف ، لأن ذلـك يكـون اسـتثناءً ممـا تعـارف عليـه النـاس .
ومثالـــه :
أن يكـون عُـرف السـوق أن مصاريـف النقـل علـى المشـتري ، فيتفـق المتبايعـان علـى أن مصاريـف النقـل علـى البائـع .
فهنـا يُقَـدَّم مـا صرَّحـا بـه علـى مـا جـرى عليـه العـرف ، لأن العـرف ضمنـي والاتفـاق صريـح ، والصريـح مقـدم علـى الضمنـي .المرتقى الذلول ... / ص : 266 .
· الفــرق بيــن " العــرف " والعــادة :
العـادة : هـي الشـيء المألـوف سـواء كـان فـي فـرد أو جماعـة
العـرف : هـو الشـيء المألـوف فـي جماعـة .
وعليـه فـإن العـادة أعـم مـن العـرف ، فكـل عـرف عـادة ، وليـس كـل عـادة عرفًـا .التأسيس ... / ص : 478 .

معنــى العــرف والعــادة عنــد الفقهــاء :
الفقهـاء لا يفرقـون فـي المعنـى بيـن العـرف والعـادة .
فيقولـون مثـلاً : العـرف والعـادة كـذا فـي المسـألة .
ويُحْمَـل كلامهـم علـى المألـوف فـي المجتمـع ، والعطـف المشـهور عندهـم لا يعنـي التأسـيس (1) بـل هـو للتأكيـد .
( 1 ) لا يعني التأسيس : أي لا يعني معنى مستقل غير كلمة عرف ولكنه تأكيد لكلمة عرف . فمعناها عندهم واحد . أي العرف والعادة عندهم مترادفان .
التأسيس ... / ص : 478 .
· الفــرق بيــن العــرف والإجمــاع :
ـ الإجمـاع : يخـص طائفـة معينـة مـن النـاس وهـم المجتهـدون .
العـرف : يخـص المجتمـع .
ـ الإجمـاع : لا يُنْقَـض بتغيـر الزمـان والمكـان .
العـرف : يتغيـر ـ بتغيـر ـ الزمـان والمكـان .
ـ الإجمـاع مصـدر مهـم مـن مصـادر الفقـه الإسـلامي ، ودليـل مـن أدلـة الأحكـام مشـهود لـه بالصحـة والاعتبـار .
الوجيز في أصول الفقه / ص : 193 ./التأسيس ... / ص : 478 .
العـرف ليـس دليـلاً مسـتقلاً يُشْـرَع الحكـم فـي الواقعـة بنـاءً عليـه ، وإنمـا هـو دليـل يُتوصَّـل بـه إلـى فهـم المـراد مـن عبـارات النصـوص ومـن ألفـاظ المتعامليـن وأفعالهـم حتـى يمكـن تنزيـل النصـوص علـى وقائـع المكلفيـن دون إخـلال بقصـد الشـارع أو مصالـح المكلفيـن المبنيـة علـى مـا ألِفُـوه وتعارفـوه فيمـا بينهـم . المرتقى الذلول ... / ص : 267 .
رد مع اقتباس