عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم يوم أمس, 03:16 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,382
Post

المبحـــث الرابـــع
الأحكــام الشــرعية

معرفـة الحكـم الشـرعي ، هـو الغايـة والثمـرة التـي ينتهـي إليهـا دارس علـم الفقـه وأصولـه ، ولكـن علـم الأصـول ينظـر إليـه مـن جهـة وضـع القواعـد والمناهـج الموصلـة إليـه .
وعلـم الفقـه ينظـر إليـه باعتبــار اسـتنباطه فعـلاً ، بتطبيـق مـا وضعـه علـم الأصـول للتعـرف عليـه .الوجيز في أصول ... / ص : 23 / بتصرف .
* والحُكْـم لغـة : هـو القضـاء . ومنـه سـمينا الحاكـم بيـن النـاس : " قاضيًـا " .
* الحكـم اصطلاحًـا : مـا اقتضـاه خطـاب الشـرع المتعلـق بأفعـال المكلفيـن مـن طلـب أو تخييـر أو وضـع .
شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 38 .
* شـرح التعريـف الاصطلاحـي :
ـ المـراد بقولنـا : " خطـاب الشـرع " : " الكتـاب " والسـنة الصحيحـة " .
ـ والمـراد بقولنـا : " المتعلـق بأفعـال المكلفيـن " : مـا يتعلـق بأعمالهـم ، سـواء كانـت قـولاً ، أم فعـلاً ؛ إيجـادًا أم تركًـا .
فخـرج بـه مـا تعلـق بالاعتقـاد فـلا يسـمى حكمًـا بـذا الاصطـلاح .
ـ والمـراد بقولنـا : " المكلفيـن " : مـا مـن شـأنهم التكليـف ، فـلا يشـمل الصغيـر والمجنـون .
ـ والمـراد بقولنـا : " مـن طلـب " : الأمـر والنهـي ، سـواء علـى سـبيل الإلـزام أو الأفضليـة .
ـ والمـراد بقولنـا : " أو تخييـر " : المبـاح .
ـ والمـراد بقولنـا : " أو وضـع " : أي شـيئًا موضوعًـا للدلالـة علـى شـيء ، كالأسـباب والشـروط والموانـع .
فهـذا خطـاب الشـرع لـو تأملتـه لوجدتـه لا يخـرج عـن هـذه الثلاثـة : إمـا طلـب أو تخييـر أو وضـع .
فمـا اقتضـاه خطـاب الشـرع مـن أحـد هـذه الثلاثـة يسـمى " حكمًـا " .شرح الأصول من علم الأصول / ص : 39 ـ 42 / بتصرف .
* * * * *
أقســـام الأحكـــام الشــرعية

تنقسـم الأحكـام الشـرعية إلـى قسـمين :
أحكـام شـرعية تكليفيـة ، وأحكـام شـرعية وضعيـة .
المرتقى الذلول ... / ص : 37 / بتصرف .

أولاً : الأحكــام الشــرعية التكليفيــة
الأحكـام الشـرعية التكليفيـة هـي الأحكـام التـي تتعلـق بالمكلـف ، سـواء بالفعـل أو التـرك .
ويقسـم معظـم الأصولييـن الحكـم التكليفـي إلـى خمسـة أقسـام هـي :
الواجـب ـ المحـرم ـ المنـدوب ـ المكـروه ـ المبـاح .
الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 29 .
أولاً : الواجــب :
وهـو مـا أمـر الشـارع بفعلـه علـى وجـه الإلـزام .
كالصلـوات الخمـس ، والصيـام ، ... .
ويسـمى : فرضًـا ، وفريضـة ، وحتمًـا ، ولازمًـا .فالواجـب هـو الفـرض عنـد الجمهـور .والواجـب يثـاب فاعلـه امتثـالاً ، ويأثـم تاركـه ويسـتحق العقـاب .الأصول من علم الأصول / ص : 46 .
ثانيًــا : المحــرم :
وهـو مـا أمـر الشـارع بالكـف عنـه علـى وجـه الإلـزام بالتـرك
كعقـوق الوالديـن ، ..... .
ويسـمى : محظـورًا ، وممنوعًـا ، ومحرمًـا .
والمحـرم يثـاب تاركـه ـ لحرمتـه ـ امتثـالاً ، ويأثـم فاعلـه ويسـتحق العقـاب .الأصول من علم الأصول / ص : 55 / بتصرف .
ثالثًــا : المنــدوب :
وهـو مـا أمـر الشـارع بفعلِـهِ مـن غيـر إلـزام .
كالرواتـب - أي الصلاة الراتبة مثل سنة الظهر و ... -، ..... .
ويسـمى : سـنة ، ومسـنونًا ، ومسـتحبًّا ونفـلاً .
والمنـدوب يثـاب فاعلـه امتثـالاً لأمـر الله بفعلـه ، ولا يأثـم تاركـه ولا يعاقـب .
فيجـوز تركـه ، لكـن لا يجـوز تـرك اعتقـاد اسـتحبابه . ( مجموع الفتاوى 4 / 436 ) .معالم أصول الفقه ... / ص : 312 .
رابعًــا : المكـــروه :
وهـو مـا نهـى عنـه الشـارع أو أمـر بالكـف عنـه ، مـن غيـر إلـزام بالتـرك .فيكـون تركـه أولـى مـن فعلـه .كالأخـذ بالشـمال ، والإعطـاء بهـا .
والمكـروه : يثـاب تاركـه امتثـالاً لأمـر الله بالكـف عنـه ، ولا يأثـم فاعلـه .

خامسًــا : المبــــاح :
وهـو مـا خَيَّـرَ الشـارعُ المكلـفَ بيـن فعلـه وتركـه ، ولا مـدح ، ولا ذم علـى الفعـل والتَّـرك .
ويقـال لـه الحـلال ، والجائـز . كالأكـل فـي رمضـان ليـلاً .
فالمبـاح اصطلاحًـا : مـا لا يتعلـق بـه أمـر ولا نهـي لذاتـه ، أي بصـرف النظـر عـن أمـر آخـر يتعلـق بـه ، لأنه قـد يتعلـق به أمـر ـ آخـر ـ فيكـون ـ المبـاح فـي هـذه الحالـة ـ مأمـورًا بـه .
مثـــل :
شـراء المـاء ، الأصـل فيـه أنـه مبـاح ، لكـن إذا كـان يتوقـف عليـه الوضـوء للصـلاة ـ مـع قدرتـه علـى الشـراء ـ صـار شـراؤه واجبًـا ، لأنـه مـا لا يتـم الواجـب إلا بـه فهـو واجـب

قاعـــدة :
المبـاح : إذا كـان وسـيلة لمحـرم فهـو محـرم .وإذا كـان وسـيلة لمكـروه فهـو مكـروه .الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 67
وإذا كـان وسـيلة لواجـب فهـو واجـب .
وإذا كـان وسـيلة لمسـتحب فهـو مسـتحب .

فـائـــدة :
الفعـل الواحـد ـ قـد ـ تتنـوع فيـه أقسـام الحكـم التكليفـي .
ومثـــال هـذا : الـزواج :فإنـه تتداولـه الأحكـام التكليفيـة الخمسـة ، علـى النحـو التالـي :
ـ إذا قـدر الرجـل علـى المهـر والنفقــة وسـائر واجبـات الزوجيـة ، وتيقـن أنـه إذا لـم يتـزوج زنـى ، كـان الـزواج فـي هـذه الحالـة واجبًـا .
ـ وإذا كـان قـادرًا علـى واجبـات الزوجيـة ، وكـان لا يخشـى علـى نفسـه الزنـا ، ولكنـه يجـد قـوة دينـه وزيـادة عفتـه فـي الـزواج ، فـإن الـزواج يكـون فـي حقـه مسـتحبًا .
ـ وإن علـم أنـه إن تـزوج فسـيظلم زوجتـه وينتقصهـا حقوقهـا ، فهـذا يكـون الـزواج فـي حقـه محرمًـا .
ـ وإن يظـن فقـط أنـه ربمـا يظلـم زوجتـه ، فهـذا يكـون زواجـه مكروهًـا .المرتقى الذلول إلى ... / ص : 70 .

ثانيًـــا : الأحكـــام الوضعيـــة

الأحكــام الوضعيــة :
هـي التـي وضعهـا الشـارع ، بحيـث تكـون أمـارات علـى وجـود الحكـم الشـرعي .
ـ فـإن المكلـف يعـرف بهـا متـى وأيـن يقـع الحكـم التكليفـي .
فـإن كـل حكـم تكليفـي مـن واجـب ومسـتحب وغيـر ذلـك ، لا يتحقـق إلا بحصـول أسـبابه ووجـود شـروطه ، وانتفـاء موانعـه .
وهـذه الثلاثـة هـي أهـم مـا يدخـل فـي الحكـم الوضعـي ، أعنـي بالثلاثـة :الأسـباب والشـروط والموانـع . وهنـاك أحكـام وضعيـة أخـرى ، لكننـا نـرى أن نقتصـر علـى هـذه لأنهـا الأهـم ، ولحاجـة المقـام إلـى الإيجـاز .المرتقى الذلول ... / ص : 73 .
1 ـ الســــبب :
هـو مـا جعلـه الشـارع مُعرِّفًًـا لحكـم شـرعي ، بحيـث يوجـد هـذا الحكـم عنـد وجـوده ، وينعـدم عنـد عدمـه .
ومـن أمثلـة السـبب :
دخـول الوقـت لوجـوب الصـلاة ، والاضطـرار سـبب لإباحـة الميتـة . والسـفر سـبب لإباحـة الفِطـر وسـبب لقصـر الصـلاة أيضًـا . والقتـل سـبب للقصـاص . وبلـوغ النصـاب سـبب لوجـوب الزكـاة وغيـر ذلـك .
ويلاحـظ فـي هـذه الأمثلـة كلهـا ، أن هـذه الأحكـام المذكـورة توجـد بوجـود أسـبابها ، وتنعـدم إذا انعدمـت أسـبابها .المرتقى الذلول ... / ص : 73 .
2 ـ الشـــرط :
والشـرط فـي اللغـة : هـو العلامـة اللازمـة .
وفـي الاصطـلاح :
هـو الأمـر الـذي يتوقـف عليـه وجـود الحكـم ـ وهـو خارجـه ـ ، بحيـث إذا فُقِـدَ الشـرط فُقـد الحكـم ، مـع أنه لا يلـزم مـن وجـود الشـرط وجـود الحكـم ، فقـد يوجـد الشـرط ولا يوجـد الحكـم .
مثالــــه :
" الوضـوء " شـرط لأداء الصـلاة : وهـو خارجهـا وليـس جـزءًا منهـا ولا يلـزم مـن الوضـوء الصـلاة ـ فقـد يتوضـأ المسـلم قبـل النـوم ، أو لقـراءة القـرآن أو ..... فـلا يلزمـه عنـد الوضـوء فـي هـذه الحـالات أن يصلـي .
فالوضـوء شـرط لصحـة الصـلاة ، وليـس جــزءًا منهـا ، وبهـذا يفـرق بيـن الشـرط والركـن ، فـإن الركـن مـع مشـاركته للشـرط فـي أن الحكـم يتوقـف عليـه ، إلا أن الشـرط خـارج عـن حقيقـة الشـيء كمـا بينـاه ، والركـن داخـل فـي حقيقتـه ، وذلـك كتكبيـرة الإحـرام التـي هـي جـزء مـن الصـلاة ويتوقـف عليهـا صحـة الصـلاة .
ومثـــال الشـــرط :
أن العمـد العـدوان شـرط للقتــل الـذي هـو سـبب إيجـاب القصـاص ، وأن مـرور الحــول شـرط للنصـاب الـذي هـو سـبب وجـوب الزكـاة ، وأن الوضـوء شـرط لصحـة الصـلاة ، ومـوت المـورِّث شـرط الإرث .
المرتقى الذلول ... / ص : 74 / بتصرف .
3 ـ المانـــع :
المانـع هـو مـا يترتـب علـى وجـوده عـدم الحكـم أو عـدم السـبب .
ومثـــال المانــع :
الرضـاع مانـع للنكـاح ، والحيـض والنفـاس مانعـان مـن وجـوب الصـلاة ، القتـل مانـع مـن الإرث .المرتقى الذلول ... / ص : 75 .
فوائـــد :
الأولــى :
يَحْسُـن التفريـق بيـن السـبب والشـرط ، فقـد يقـع الخلـط بينهمـا ، فـإنَّ كـلاً منهمـا يترتـب علـى عدمـه الحكـم ، فـإن دخـول الوقـت سـبب الصـلاة ، والوضـوء شـرطها ، فـإذا عـدم أحدهمـا لـم تصـح الصـلاة .
وأمـا الفـرق بينهمـا فهـو : أن " الشـرط " قـد يوجـد ولا يوجـد الحكـم ، فقـد يوجـد الوضـوء ، ولا تجـب الصـلاة .
وأمـا " الســبب " إذا وجـد فقـد لـزم الحكـم مـا لـم يقـع مانـع ، وذلـك كدخـول وقـت الصـلاة ، فإنـه يلـزم عنـه وجوبهـا .
ولهـذا كـان ترتيـب النظـر أن يُبتـدأ بالسـبب ، فـإن وجـد نُظِـرَ فـي الشـرط فـإن تحقـق نُظـر هـل هنـاك مانـع ؟ 0 فـإن انتفـى المانـع ، فقـد تحقـق الحكـم الشـرعي .
وممـا يؤكـد أن رتبـة الشـرط بعـد رتبـة السـبب ، أن مـن الشـروط مـا هـو شـرط فـي السـبب .
فـإن القتـل سـبب " القصـاص " ، ثـم هـذا السـبب وهـو القتـل شـرطه أن يكـون عمـدًا عدوانًـا ، والنصـاب سـبب وجـوب الزكـاة ، وشـرط النصـاب أن يحـول عليـه الحـول .
الثانيــة :
وهـي في بيـان طائفـة مـن الأحكـام وأسـبابها وشـروطها وموانعهـا فـي صـورة جـدول إيضاحـي :






الحكم : الصلاة / السبب: دخول الوقت / الشرط: الوضوء أو التيمم / المانع : الحيض أو النفاس.
الحكم :القصاص / السبب: القتل / الشرط:العمد العدوان / المانع:الأبوة.
الحكم:الإرث/ السبب:القرابة أو النسب/الشرط:موت المورث / المانع : قتل الوارث لمورثه.

الثالثـــة :
قـد يكـون الشـيء الواحـد سـببًا لشـيء ، وشـرطًا لشـيء ، ومانعًـا مـن شـيء .
مثــال ذلــك :
الإيمـان (1)، فهـو سـبب فـي الثـواب ، وشـرط فـي التكليـف ، ومانـع للقصـاص مـن المسـلم للكافـر عنـد مـن يـرى ذلـك ـ مـن الفقهـاء .المرتقى الذلول ... / ص : 75 .
الرابعـــة :
إذا عُلـم أن " الأحكـام التكليفيـة " هـي :
الواجـب والحـرام والمسـتحب والمكـروه والمبـاح ، وأن " الأحكـام الوضعيـة " هـي : السـبب والشـرط والمانـع ، فـإن الفـرق بيـن النوعيـن أن الحكـم الوضعـي : إما ألا يكـون فـي قـدرة المكلـف أصـلًا ، كدخـول الوقـت ، والنقـاء مـن الحيـض ، أو يكـون في قدرتـه ولا يؤمـر بتحصيلـه ، كالنصـاب للزكـاة ، والاسـتطاعة للحـج ، وعـدم السـفر للصـوم .
وأمـا الحكـم التكليفـي فعلامتـه أمـران : أن يكـون فـي قــدرة المكلـف ، وأن يؤمـر بـه فعـلاً كسـائر
المأمـورات والمنهيـات . المرتقى الذلول ... / ص : 76 .

* * * * *


( 1 ) الإيمان : إذا أطلق هكذا ، فهو يشمل الدين كله أي الإيمان والإسلام .
وإذا اقترن الإيمان والإسلام ، فالإيمان يقصد به أركانه الستة المعروفة والإسلام يقصد به الأركان الخمسة المعروفة
رد مع اقتباس