06-13-2017, 01:46 AM
|
|
غفر الله لها
|
|
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,263
|
|
وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولةٌ مفطورةٌ على محبة الله وتعظيمه وعبادته، وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟
أي :أن الفطرة السليمة أو النفوس المجبولة على الفطر السليمة ؛تحب الله وتعظمه لكماله ،إذ أنَّ المجهول لايُحَبُّ ولايُعَظمُ، ومَنْ عُلِمَ نقصه لايُحبُّ ولايُعظمُ؛ فالفطرة - التي هي محبة الله وتعظيمه ؛ مبنية على أصل ؛ وهو علم الإنسان فطريًا بكمال صفات مَنْ يعبده سبحانه وتعالى.
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالىكالموتوالجهل، والنسيان، والعجز،والعمى،والصمم ونحوها؛لقوله تعالى"وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ"سورة الفرقان، الآية. وقوله عن موسى "فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى"سورة طه، الآية: 52. وقوله: "وَمَاكَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ"سورة فاطر، الآية: 44. وقوله"أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ"سورة فاطر، الآية: 44.وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور". وقال " أيها الناس ارْبَعواعلى أنفسِكم فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائبًا"
رواه البخاري، كتاب المغازي (4202)، ومسلم، كتاب الذكر :2704
وقوله عن موسى : "فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى"سورة طه، الآية: 52. نفي الجهل والنسيان .
وقوله: "وَمَاكَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ"سورة فاطر، الآية: 44. نفي العجز.
. وقوله: "أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ"سورة فاطر، الآية: 44. نفي الصمم.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور". هذا نفي العمى .
وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص، كما في قوله تعالى: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ"سورة المائدة، الآية: 64. وقوله "لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ"سورة آل عمران، الآية: 181.
ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"سورة الصافات، الآيات: 180 - 182.وقال تعالى" "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَاكَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ"سورة المؤمنون، الآية: 91.
وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصًا في حال،لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له إثباتًا مطلقًا، ولا تنفى عنه نفيًا مطلقًا بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالًا، وتمتنع في الحال التي تكون نقصًا ،وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها. فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصًا في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،كقوله تعالى "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"سورة الأنفال، الآية: 30. وقوله"إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُكَيْدًا"سورة الطارق، الآيتان: 15، 16.. وقوله"وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ"سورة الأعراف، الآيتان: 182، 183.وقوله" :إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَخَادِعُهُمْ"سورة النساء، الآية: 142وقوله"قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ"سورة البقرة، الآيتان: 14، 15..
ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى "وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"سورة الأنفال، الآية: 71. فقال: "فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ "، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهي صفة ذم مطلقًا.
وبهذا عرف أن قول بعض العوام: "خان الله من يخون" منكر فاحش، يجب النهي عنه.
بعض الناس يقول:"خان اللهُ من يخون"، أو يقول: يخونني اللهُ إن كنتُ خُنتك"!؛هذا لايجوز ،لأن الخيانة خُدعة في مقام الائتمان؛والخيانة صفة ذم فلا تجوز على الله.
وقد سبق لنا في القاعدة الأولى؛ أن صفات الله تعالى كلها صفات كمال، وأن الصفات من حيثُ هي صفات: منها صفاتصفات كمال على الإطلاق، ومنها صفات نقص على الإطلاق، ومنها مايكون نقصاًفي حال وكمالاً في حال أخرى، فالذي هو كمالٌ على الإطلاق ثابتٌ لله عز وجل ، والذي هو نقص على الإطلاق يمتنع على الله عز وجل، والذي هو كمالٌ في حال دون حال؛ يوصف الله به في حال الكمال دون حال النقص. فهذه القاعدة العامة.
طيب ماهو الكمال؟ هل كل كمال في المخلوق ؛كمال في الله؟ وهل كل كمال في الله كمالٌ في المخلوق؟لا؛ فليس كل كمال في الله كمالًا في المخلوق ؛ فمثلاً "التكبر" صفة كمال في الله؛ وفي المخلوق صفة نقص,و"الأكل والشُرب والنكاح" ؛صفة كمال للإنسان ، وصفة نقص بالنسبة لله؛ ولهذا يُنزَّه اللهُ عنها. لكن الكمال المطلق غير النسبي؛ ثابتٌ لله على الإطلاق ، والنقص المطلق يُنزَّهُ الله عنه.
|