أركان الإيمان
سبق وذكرنا تعريف الإيمان
فتعريف (الإيمان) لغة:الإقرار؛ فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول أقر به، كما تقول: آمن به، وأقر له كما تقول: آمن له.
تعريف الإيمان اصطلاحًا
للإيمان بالله وتوحيده عدة تعريفات، تتفق في المعنى وربما اختلفت ألفاظها، فمن تلك التعريفات مايلي:
الإيمان:قول باللسان، اعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.صالح الفوزان
-هو إفراد الله بما يستحق.
الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد
والإيمان بالله_عز وجل_رأس كل فلاح، وأسُّ كل نجاح، فما أنزلت الكتب، ولا أرسلت الرسل إلا لأجل تقريره وتثبيته في النفوس.
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"سورة الحجرات الآية:15
الإيمان بالله شعور فطري في نفس كل مخلوق، يشعر به في أعماقه، ويلهمه إليه ضميره ووجدانه، وحينما تواجهه إحدى الشدائد؛ فإنه يهرع إلى الله الخالق العظيم يلتمس منه العون، ويرجو منه تفريج همه وكربه.
فكل ما في الكون من الموجودات يدل على وجود الله الخالق العظيم، فالإنسان يشعر بوجود الله، ويؤمن به إيمانًا فطريًّا عميقًا. قال تعالى :
"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " الروم 30.
وهذه فطرة لا تنطمس في النفس الإنسانية إلا من عادَى هذه الفطرة استكبارًا وتجبرًا، فالعقل يؤمن بوجود الله الخالق سبحانه، لكنه يعجز عن تصور ذات الله سبحانه.
هنا
أركان الإيمان
أركان الإيمان ، وهي ستة: أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشرهمن الله تعالى.
دليلها من القرآن
قوله تعالى " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَءَاتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَءَاتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" البقرة /177
فهذه الآية قد جمعت بين خمسة من أصول الإيمان وهي:
1ـ الإيمان بالله.
2ـ الإيمان باليوم الآخر.
3ـ الإيمان بالملائكة.
4ـ الإيمان بالكتب.
5ـ الإيمان بالرسل.
وبقي الإيمان بالقدر، فقد ذكره الله تعالى في قوله " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" سورة القمر: الآية 49.
دليلها من السنة
ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم لجبريل حين سأله فقال"أخبرني عن الإيمان؟"
قال البخاري في صحيحه
50 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ،قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،قال: أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الْإِيمَانُ قَالَ الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ قَالَ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ- ص 28 - قَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ " الْآيَةَ .ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ " قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ جَعَلَ ذَلِك كُلَّهُ مِنْ الْإِيمَانِ صحيح البخاري - كِتَاب الْإِيمَانِ - بَاب سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ موقع الإسلام
-" لاَ يؤمنُ عبدٌ حتَّى يؤمِنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ ؛ حتَّى يعلمَ أنَّ ما أصابَهُ لم يَكن ليخطئَهُ ، وأنَّ ما أخطأَهُ لم يَكن ليصيبَهُ"
الراوي : جابر بن عبدالله المحدث : الألباني المصدر :صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2144 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية
أول ركن من أركان الإيمان : الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ
فهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه رب كل شيء ومليكه وخالقه – وأنه الذي يستحق وحده أن يفرد بالعبادة: من صلاة وصيام، ودعاء، ورجاء، وخوف، وذل وخضوع – وأنه المتصف بصفات الكمال كلها المنزه عن كل نقص.
فالإيمان بالله عز وجل يتضمن توحيده في ربوبيته, و في ألوهيته, و في أسمائه و صفاته.
وأنواع التوحيد تدخل كلها في تعريف عام وهو :
إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به .
هناك من أهل العلم من قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام وهي
* توحيد الربوبية .
* توحيد الألوهية .
3* توحيد الأسماء والصفات .
وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في قوله تعالى :
"رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا" سورة مريم / آية : 65
*توحيد الربوبية
هو الإيمان بأن الرب هو الخالق ، الرازق ، المحيي ، المميت ، مُنَزِّل الكتب ، مرسل الرسل ، المجازي في الدنيا والآخرة ، وإفراده سبحانه بكل هذا .
*أقسام توحيد الربوبية هى :
ـ قدر كوني :
قال تعالى " إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " سورة النحل / آية : 40 .
فالقدر الكوني : كالخلق ، والرزق ، والإحياء ، والإماتة ، والنفع ، والضر .
ـ قدر تشريعي :
وهو يشمل العلم ، والرسالات ، والكتب ، والوحي ، والتحليل ، والتحريم .
ـ ومن أدلة ذلك :
ـ العلم : قال تعالى " ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي " .سورة يوسف / آية : 37
وقال تعالى " وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا "سورة طه / آية : 114
ـ الرسالات : قال تعالى " لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ "سورة الجن آية 28 .
ـ الكتب : قال تعالى " تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ " سورة الرعد / آية : 1
ـ الوحي : قال تعالى " ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ " سورة الإسراء / آية : 39 .
ـ التحليل والتحريم :
قال تعالى " قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ " .سورة الأنعام / آية : 151 .
باختصار القدر التشريعي يشمل : افعل ولا تفعل .
3 ـ القدر الجزائي :
فالذي يجازي في الدنيا والآخرة إنما هو الرب .
من أمثلة الجزاء في الدنيا :
قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ" .سورة الفيل / آية : 1 .
وقوله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ" سورة الفجر / آية : 6 .
ومن أمثلة الجزاء في الآخرة :
قولـه " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا" . سورة الكهف / آية : 29 .
وقوله " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأََنْهَارُ " .سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
*توحيد الألوهية:
هو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه و تعالى هو الإله الحق, و لا إله غيره, و إفراده سبحانه بالعبادة. و الإله هو المألوه, أي المعبود, و العبادة في اللغة هي الانقياد و التذلل و الخضوع. فلا يتحقق توحيد الألوهية إلا بإخلاص العبادة لله وحده في باطنها و ظاهرها, بحيث لا يكون شيء منها لغير الله سبحانه. و بهذا فإن توحيد الألوهية يستلزم أن نتوجه إلى الله وحده بجميع أنواع العبادة و أشكالها, و منها الأمور التالية:
- إخلاص المحبة لله عز و جل, فلا يتخذ العبد من دون الله ندًا يحبه كما يحب الله عز وجل.
- إفراد الله عز و جل في الدعاء و التوكل و الرجاء فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه و تعالى.
- إفراد الله عز و جل بالخوف منه , فلا يعتقد المؤمن أن بعض المخلوقات تضره بمشيئتها و قدرتها فيخاف منها فإن ذلك شرك بالله.
- إفراد الله سبحانه بجميع أنواع العبادات البدنية مثل الصلاة و السجود و الصوم , و جميع العبادات القولية مثل النذر والاستغفار. هنا
إن توحيد الألوهية جزء هام من عقيدة المؤمن ، إذ هو ثمرة توحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وجَناه الطيب .
*توحيد الأسماء والصفات:
هو الاعتقاد الجازم بأن الله عز و جل متصف بجميع صفات الكمال, و منزه عن جميع صفات النقص, و أنه متفرد عن جميع الكائنات. و يكون هذا بإثبات ما أثبته الله سبحانه لنفسه أو أثبته له رسولُه صلّى الله عليه و سلم من الأسماء و الصفات الواردة في الكتاب و السنة من غير تحريف ألفاظها أو معانيها, و لا تعطيلها بنفيها أو نفي بعضها عن الله عز وجل, و لا تكييفها بتحديد كنهها و إثبات كيفية معينة لها, و لا تشبيهها بصفات المخلوقين. فيجب على المسلم أن لا يقع في التشبيه, أو التحريف و التغيير و التبديل, أو التعطيل, أو التكييف. هنا
واعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ، وأن لها معانٍ حقيقية تليق بجلال الله وعظمته .
أي : نثبت لله ما أثبته لنفسه من أسماء وصفات- على الحقيقة -، ونؤمن بمعناها ، وأن لها كيف . لكنْ نفوض هذا الكيف لله لأنه سبحانه ليس كمثله شيء
لقوله تعالى " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " سورة الشورى / آية : 11.
فقد أثبت سبحانه صفتي السمع والبصر ، ونفى المِثلية .
ولنعلم علم اليقين أنه لا يجوز التفكير في ذات الله سبحانه وتعالى
ثمرات الإيمان بالله تعالى:
للإيمان بالله تعالى ثمرات عظيمة نذكر منها:
1ـ تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره.
2ـ كمال محبة الله تعالى وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
3ـ تحقيق عبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
4ـ تحرير العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم فإن هذا هو العز الحقيقي.
د.عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
ومن ثمرات الإيمان:
_الأمن التام والاهتداء التام: فبحسب الإيمان يحصل الأمن والاهتداء في الدنيا والبرزخ والآخرة قال_عز وجل_"الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ"الأنعام: 82.
_الإيمان بالله طاعة لله_عز وجل_: فالله أمرنا بالإيمان به، وطاعتُه واجبةٌ، وهي أصل كل خير، قال_تعالى_"قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ"البقرة: 136.
_الاستخلاف في الأرض والتمكين والعزة: قال_عز وجل_"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا"النور: 55.
_دخول الجنة والنجاة من النيران: قال_تعالى_"إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ"محمد: 12.
_الحياة الطيبة: فالحياة الطيبة الحافلة بكل ما هو طيب_إنما هي ثمرة من ثمرات الإيمان بالله_عز وجل_ "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" النحل: 97.
قال ابن كثيرفي شرح هذه الآية:وهذا وعد من الله_تعالى_لمن عمل صالحًا وهو العمل المتابع لكتاب الله_تعالى_وسنة نبيه"من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وأن هذا المأمور به مشروع من عند الله_بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الآخرة.
والحياة الطيبة تشتمل على وجوه الراحة من أي جهة كانت.
_حلول الخيرات ونزول البركات: قال_تعالى_"وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"الأعراف: 96.
_الهداية لكل خير: قال _تعالى_"وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ"التغابن:11.
وقال"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ" يونس:9.
_زيادة الإيمان والثبات عليه: فالمؤمنون يتقلبون من نعمة إلى نعمة، وأعظم نعمة يجدونها من الإيمان بالله هي أن يثبتهم الله على الحق، ويزيد إيمانهم، فالثبات على الإيمان سبب لزيادته قال_تعالى_"وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ"محمد: 17.
_الفوز بولاية الله_عز وجل_: وأكرم بها من ولاية، قال_تعالى_"ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ "محمد: 11.
_السلامة من الخسارة: قال_تعالى_"وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " العصر: 1_3.
_الإيمان بالله سبب لدفاع الله عن أهله: قال_عز وجل_ "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا"الحج: 38.
_تكفير السيئات: قال_تعالى_"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ"محمد:2.
_الرفعة والعلو: قال_تعالى_ "يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"المجادلة: 11.
_إخلاص العمل: فلا يمكن للعبد أن يقوم بالإخلاص لله، ولعباد الله، ونصيحتهم على وجه الكمال إلا بالإيمان.
_قوة التوكل: فالإيمان بالله يوجب للعبد قوة التوكل على الله، "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"الطلاق: 3.
_الشجاعة: فالإيمان بالله يبعث على الشجاعة والإقدام؛ لأنه يملأ قلب المؤمن بالخوف من الله، والخشية له، وتعظيمه، وإجلاله.
وإذا كان كذلك ذهب خوف الخلق من قلبه كليةً؛ فالجزاء من جنس العمل؛ فمن خاف الله آمنه من كل شيء، وجعل مخاوفه أمنًا والعكس بالعكس.
_حسن الخلق: فالإيمان يدعو إلى حسن الخلق مع جميع طبقات الناس، وإذا ضعف الإيمان أو نقص أو انحرف أثَّر ذلك في أخلاق العبد انحرافاً بحسب بُعْده عن الإيمان.
_الإعانة على تحمل المشاق: فالإيمان أكبر عون على تحمل المشاق، والقيام بالطاعات، وترك الفواحش والمنكرات.
_الذكر الحسن: فالإيمان يوجب لصاحبه أن يكون معتبرًا عند الخلق أمينًا.
_عزة النفس: فالإيمان يوجب للعبد العفة، وعزة النفس، والترفع عن إراقة ماء الوجه؛ تذللاً للمخلوقين.
_أن الإيمان هو السبب الوحيد للقيام بذروة سنام الإسلام وهو الجهاد البدني والمالي والقولي في سبيل الله.
هذا شيء من ثمرات الإيمان، وبالجملة فخير الدنيا والآخرة كله فرع عن الإيمان، ومترتب عليه، والهلاك والنقصان إنما يكون بفقد، الإيمان، أو نقصه .
(1) تفسير ابن كثير 2/566.
(1) انظر تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن، لابن سعدي، 130_134.
الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد