عرض مشاركة واحدة
  #59  
قديم 06-14-2017, 03:17 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,232
Arrow

المتن
وقد زعم هؤلاء أنهم أخذوا بظاهر النصوص في المعية والعلو وكذبوا في ذلك فضلوا. فإن نصوصَ المعية لا تقتضي ما ادعوه من الحلول لأنه باطلٌ ولايمكن أن يكون ظاهركلام الله ورسوله باطلًا.
الشرح
واضح ؟ لأن كون الله معنا في الأرض هذا باطلٌ مافيه شك ولايمكن أن يكون اللهُ كذلك لأن هذه كما مرعلينا كثيرًا مُخالفٌ لظاهر القرآن والسُنة وإجماع السلف ويقتضي أحد أمرين إما التجزئة وإما التعدد.
التجزئة:بأن يُقال الله جزؤه هنا وجزؤه هنا وجزؤه هناك.
وإلا التعدد:إذا قلتَ كلُّ الله في هذا المكان وكل الله في المكان الثاني وكل الله في المكان الثالث معنى هذا أنه يلزمُ التعدد.
فالقائلُ بهذا يلزمه احدُ أمرين ولابد إما أن يقول بتجزؤ الله-سبحانه وتعالى-وإماأن يقول بتعدد الله وكلُ هذا باطلٌ فدعواهم بأنهم أخذوا بظاهر الكتاب والسُنة نقول هذه دعوى باطلة تدرون لماذا قالوا "أخذنا بالظاهر؟ قالوا: "وهومعكم"هو مَن؟ الله,"معكم" أجرها على ظاهرها في الأرض يكون في الأرض."استوى على العرش" مين اللى استوى؟ الله . إذن أجرها على ظاهرها يكون الله في العلو فيكون في السماء ويكون اللهُ معنا في الأرض.عرفتم أهل السُنة والجماعة يقولون: هذا ليس بصوابٍ لأنه لايلزم من المعية أن يكون في الأرض إذ أن الشيء يكون عاليًا ويُقالُ في اللغةِ العربية إنه معنا.العرب يقولون:إن القمرَ معنا أو الثُّريا معنا وهي في السماء أو الجدي معنا أو السبيل معنا ولايُعدُ ذلك تناقضًا ولا أحد يُنكرهذا التعبير.فنقول إن الله معنا وإن كان في السماء ولانقول إنه يلزم أن يكون معنا في الأرض.والمعية تأتي أيضًا لمعانٍ متعددة بحسب الإضافات.يُقال مثلا:فلان معه زوجته يعني في عصمته حتى ولو كان هو في الشرق وهي في الغرب؛ أليس كذلك؟ ويُقالُ القائدُ مع الجُند في الميدان إذا كان محيطًا بهم ويدري عن تصرفاتهم وإن كان في غرفة القيادة بعيدًا عن الميدان .فالمعية معناها أوسع مما ظن هؤلاء أنه لابد أن يكون مختلطًا في المكان.وهذا معنىً باطلٌ لاأحد يعتقده في الله أبدًا.
المتن
تنبيه:اعلم أن تفسيرالسلف لمعية الله تعالى لخلقه بأنه معهم بعلمه لايقتضي الاقتصارعلى العلم بل المعية تقتضي أيضًا إحاطته بهم سمعًا وبصرًا وقدرة وتدبيرًا ونحو ذلك من معاني ربوبيته.
تنبيهٌ آخر:أشرتُ فيما سبق إلى أن عُلو الله تعالى ثابتٌ بالكتاب والسُنة والعقل والفطرة والإجماع أما الكتاب:فقد تنوعت دلالتُه على ذلك فتارة بلفظ العُلو والفوقية والاستواء على العرش وكونه في السماء كقوله تعالى" وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ","وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ", " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى","ْأَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ".
الشرح
أظن لاحاجة إلى إعادة شرح قوله"أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" والوهم الذي قد يرد على القلب في هذه الآية؟أن يتوهم الإنسان كونه في السماء يستلزم أن السماء تُقِله أو أنها أوسع منه,محيطة ٌبه.هذا ليس بصوابٍ هذا وهمٌ باطلٌ وذكرنا أن العلماء أجابوا على هذا الوهم فقالوا:
إما أن: نجعل"في"بمعنى"على"كما جاءت في مواضع مثل قوله: " قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ"أي على الأرض "وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ"أي على جذوع النخل. "أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" أي مَنْ على السماء.
وجهٌ آخر:يجعلون السماء بمعنى"العُلو"ويجعلون "في" للظرفية؛فيقولون"فِي السَّمَاءِ"أي في العلو.نُطالب هؤلاء ونقول إيتوا بدليلٍ على أن"السماء"تأتي بمعنى العلو؟ حتى نقبل تأويلَكم.يأتون بدليل يقول الله تعالى "أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً"والسماء هنا بمعنى العلو بدليل قوله تعالى"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" "البقرة164"والماء ينزل من السحاب ومع هذا قال بين السماء والأرض فدلَّ ذلك على أن السماء تأتي بمعنى العلو فيكون معنى قوله"فِي السَّمَاءِ"أي في العلو.فاللهُ تعالى في العلو الأعلى لايُحيط ُبه شيءٌ من مخلوقاته لأن ما فوق المخلوقات عدمٌ والعدم ليس بشيءٍ حتى يكونَ محيطًا بالله. ولهذا نقول:في السماء أي في العُلو ؛ويزول الإشكال الذي يتوهمه الإنسان.فإن قلتَ كيف تجمع بين هذا وبين قوله تعالى"وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ" وقوله "وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ۖ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ " أفلا تدلُ الآيتان على أنَّ اللهَ كائنٌ في السموات وفي الأرض جميعًا؟ الجواب عن ذلك أن نقول"وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ" أي أن ألوهيتَه في السماء والأرض ؛ يعني مألوهٌ من أهلِ السماء ومن أهل الأرض. ونظيرُذلك من الكلام أن تقول فلانٌ أميرٌ في المدينة وأميرٌ في مكة مع أنه في مكة مثلاً ساكنٌ في مكة أو في المدينة وليس ساكنًا فيهما جميعًا.إذن"وهوالذي في السماءِ إلهٌ وفي الأرضِ إلهٌ"يعني ألوهيته ثابتة ٌفي السماء وفي الأرض أما هو ذاته فهو في السماء.وكذلك نقول" وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ" أي وهو المألوه في السموات و في الأرض بمعنى مألوه فى السموات قف ثم استأنف وقال" وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " يعني ويعلم سركم وجهركم في الأرض.
وعلى كل حال فلدينا بارك الله فيكم" هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ "آل عمران 7. ويَرُدُّون المتشابه إلى المُحكم فيقول:هذه الآيات المتشابهات أنزلها الله- سبحانه وتعالى- هكذا متشابهة ابتلاءً وامتحانًا لأن الذي فيقلبه زيغٌ يتبع المتشابه ليُشكك الناس في دينهم والمؤمنون لايتبعون المتشابه يقولون:كُلٌ من عند الله ولاتناقضَ فيه ويحملون المتشابه على المحكم فيكون الجميعُ محكمًا.
الآن تنوعت الأدلة بالنسبة للعلو: العلو ،الفوقية, الاستواء على العرش كونه في السماء أربعة أنواعٍ. "وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ " الأنعام 3.الجواب كما أشرنا قلنا:وهو الله في السموات أي وهو المألوه في السموات وفي الأرض أو وجه آخر أن نقول"وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ"ونقف نقول الله في السموات يعني عليها"وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ"في الأرض متعلقة ٌ"بيعلم"يعني يعلم سركم وجهركم في الأرض.
المتن
وأما السنة:فقد دلت عليها بأنواعها القولية والفعلية والإقرارية في أحاديثٍ كثيرة تبلغ حد التواتر وعلى وجوهٍ متنوعةٍ كقوله-صلى الله عليه وسلم-في سجوده "سبحان ربيَ الأعلى"وقوله"إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إنَّ رحمتي سبقت غضبي"وقوله: "ألا تأمنوني وأنا أمينُ مَنْ في السماء" وثبتُ عنه أنه رفع يديه وهو على المنبر يوم الجمعة يقول"اللهم أغثنا"وأنه رفع يديه إلى السماء وهويخطب الناس يوم عرفة حين قالوا:نشهدُ أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال:"اللهم فاشهد وأنه قال للجارية:"أين الله"قالت في السماء فأقرها وقال لسيدها:"أعتقها فإنها مؤمنة".
الشرح
هنا السُنة بالقول والفعل والإقرار. القول:قوله في سجوده "سبحان ربي الأعلى". الفعل:إشارة الرسول-عليه الصلاة والسلام- في عرفة إلى السماء يقول:"اللهم اشهد".الإقرار:سؤال الجارية فقالت في السماء فأقرها.إذن اجتمعت السُنة القولية والفعلية والإقرارية على علو الله -سبحانه وتعالى-.
المتن
أما العقل:فقد دلَّ على وجوب صفة الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص.والعُلو صفة كمال والسُفل نقص فوجبَ لله تعالى صفة العلو وتنزيهُهُ عن ضده.
الشرح
الدلالة العقلية أن يُقال:هل العلو صفة كمال أو النزول؟ الجواب كُلٌ يقول:العلو.فإذا كان العلو صفة كمال فالله-سبحانه وتعالى-موصوفٌ بصفاتِ الكمال فهو عالٍ في ذاته وفي صفاته. الجهمية واتباعهم الذين يقولون بالحلول يقولون:إنه عالٍ بصفاته وليس عاليًا بذاته ومع ذلك يُنكرون الصفات ولايُثبتون إلا أسماء كما مرعلينا من قبل.
المتن
وأما الفطرة:فقد دلت على علو الله تعالى دلالة ضرورية فطرية.فما مِنْ داعٍ أو خائفٍ فَزِعَ إلى ربه تعالى إلاوجد في قلبه ضرورة َالاتجاه نحو العلو لايلتفت عن ذلك يُمنةً ولايُسرة.
الشرح
هذا أمرٌ معلومٌ فطريٌ بدون ان يدرس الإنسان أو يقرأ كتابًا يُقرر ذلك بمجرد ماتقول:"يارب"أين يتجه قلبك؟إلى السماء.والغريب الذين يُنكرون العلو إذا دعوا يرفعون أيديَهم إلى السماء!!. تقابلت بجماعة في أيام الحج وكانوا يُنكرون العلو وكان هذا في يوم العيد فقلتُ لهم:أمس كنتم في عرفة تدعون الله أين توجهون أيديَكم؟أنتم تقولون:اللهم إنا نسألك العلم النافع والعمل الصالح تذهب أيديَكم للأرض وللا وين تُحطوها؟ قالوا نحطها فوق.قلنا:خلاص هذا أكبرُ دليلٍ على علو الله وأن الذي تدعونه فوق.لو تجدون صبيًا سفيهًا يضع يديه أو يوجه يديه نحو الأرض وهويدعو الله وجهتموه قلتم هذا غلط.فكيف تُنكرون هذا بألسنتكم وتُقرون به بفطركم! غصبٌ عليكم.
وأبو المعالي الجويني-رحمه الله-كان يقول:إن الله تعالى كان ولم يكن شيءٌ قبله يتكلم مع الناس يَعِظهم أو يُدرِّسهم ما أدري ولكن يقول:إن الله تعالى كان ولم يكن شيءٌ قبله ،صح؟وهو الآن على ماكان عليه كان قبل العرش وهو الآن على ماكان عليه إذن استوى على العرش ولَّا ما استوى؟ما استوى على كلامه لم يستوِ وهذا هوالذي يُريد إنكار الاستواء على العرش. فقال له أبو الأعلى الهمداني: يا أستاذ دعنا من ذِكر العرش وأخبرنا عن هذه الضرورة: ماقال عارفٌ قط يا ألله إلا وجدَ من قلبه ضرورة بطلب العلو؟كيف، قال:دعنا من ذِكر العرش؟ لأن الاستواء على العرش دليله السمع.لولا السمع وأنَّ اللهَ أعلمنا أنه استوى على العرش؛ماعَلِمنا ذلك.فقال:دعنا من هذا الدليل السمعي ولانُنازعك فيه لأن النزاع فيه يطول، لكن نأتي بدليلٍ واضحٍ مثل ماقال إبراهيم لما قال المُحاج:أنا أُحيي وأُميتُ ويش قال له؟قال"قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ"هذا نفس الشيء قال ما نجادلك في مسألة الاستواء على العرش لكن أخبرنا عن هذه الضرورة: ماقال عارفٌ قط يا ألله إلا وجد من نفسه ضرورة بطلب العُلو؟ ويش قال أبوالمعالى؟ اعْترف ،ضرب على رأسه هكذا: حيرني الهمداني حيرني الهمداني.تحير مايقدر يُجيب عن هذا.
. وهذا أمرٌ معلومٌ بالفطرة مامن إنسان حتى وإن أنكر بلسانه أن الله فى العلو لا يمكن بفطرته لا أن يقول أن الله فى العلو.
رد مع اقتباس