عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 07-12-2017, 12:51 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,232
Arrow

أحكام المواريث
قال الله تعالى"يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " إلى قوله"إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا "النساء: 11 والآية التي في آخر السورة. لقد فصّل الله في هذه الآيات أحكام المواريث تفصيلاً تامًا، فذكر ميراث الأولاد وهم أولاد الصُلْبِ الذكور والإناث وأولاد البنين، كذلك الذكور والإناث دون أولاد البنات، فذكر أنَّهم إذا اجتمع منهم ذكور وإناث في درجة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين، وأنَّهم في هذه الحال يكونون عَصَبَةً لا يستحق معهم أحدٌ من القرابة شيئًا سوى الوالدين فقط، لكلِّ واحد السدس. ومن باب أولى إذا كان الأولاد ذكورًا خلّصا وإذا كانوا إناثًا فللواحدة التي ليس معها في درجتها أحد النصف، وللثنتين فأكثر الثلثان، فإن كانت الواحدة في الدرجة العالية كبنت الصلب ومعها بنت أو بنات ابن، فللعالية النصف ويبقى السدس تكملة الثلثين لبنات الابن.
وذكر ميراث الأبوين مع الأولاد لكلِّ واحد منهما السدس. أما الأم فلا تزيد عليه، وكذلك الأب مع الأولاد الذكور أو مع البنات إذا استغرقت الفروض، فإن بقي شيء بعد أخذ البنات فروضهن أخذه الأب تعصيبًا لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس الذي في الصحيح: «الحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر» - أخرجه مسلم (رقم: 1615).-. وهو أولى من الأبعدين، فإن كان أم وأب ومعهما أحد الزوجين أخذ أحد الزوجين فرضه والباقي للأم ثلثه وللأب الباقي، فإن كان للميت أخوة فلأمه السدس.
والجد حكمه حكم الأب في جميع أحكام الفرائض بالاتفاق، إلا في العمريتين المذكورتين فإن للأم مع الأب ثلث الباقي، ومع الجد ثلث المال كلِّه، وإلا مع الإخوة لغير أم، فإنَّ العلماء اختلفوا فمنهم من ورثهم مع الجد على تفاصيل كثيرة معروفة كزيد بن ثابت رضي الله عنه، ومن وافقه من الصحابة والأئمة، ومنهم من أسقطهم بالجد كقول أبي بكر رضي الله عنه، ومن وافقه من الصحابة والأئمة وهو القول الذي ترجحه الأدلة الكثيرة.
وذكر ميراث الزوجين وأنَّ للزوج نصف ما تركت زوجته، إذا لم يكن لها ولدٌ ذكرٌ أو أنثى واحدٌ أو متعددٌ ولدُ صُلْبٍ، أو ولدُ ابن منه، أو من غيره، والربع بوجود الولد المذكور، وأنَّ للزوجة الثمن مع الولد والربع مع عدمه.
وذكر ميراث الإخوة من كلِّ جهة: أما الأخوة من الأم فلم يورثهم إلا في الكلالة، أي: إذا كان الميت ليس له أولاد صلب ولا أولاد ابن لا ذكور ولا إناث ولا أب، ولا جد، فللواحد منهم السدس وللاثنين فأكثر الثلث ذكورهم وإناثهم واحد. وأما الأخوة الأشقاء أو لأب فالذكور منهم عصبة، وكذلك إذا كان معهم إناث كان للذكر مثل حظ الأنثيين، والواحدة من الإناث لها النصف والثنتان فأكثر الثلثان، فإن كانت شقيقة ومعها أخت من أب أو أخوات كان للشقيقة النصف وللتي لأب السدس تكملة الثلثين. وقوله"وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ "الأنفال: 75 . يستدل بعمومها على إرث جميع عصبة الأقارب، ولم يورث الله الأخوات مع إخوتهن إلا البنات والأخوات للميت. وأما أولاد الإخوة والأعمام وأولادهم مهما تفاوتت درجاتهم، فإنَّه يختص الذكر بالميراث دون أخواته.
وأما الجدة من جهة الأم أو من جهة الأب إذا عدمت الأم، فقد ثبت أنَّه صلى الله عليه وسلم جعل لها السدس ولا تزيد عليه.
وأما مسائل العول فأخذها الصحابة رضي الله عنهم من عموم أمره تعالى بالعدل، والعول هو العدل المستطاع، كما بسط ذلك في غير هذا الموضع.
وقوله في عدة مواضع "مِمَّا تَرَكَ " يدل على أنَّ جميع الورثة يرثون كلَّما خلفه ميتهم من الأعيان والديون والحقوق، حتى ما يجب له بعد موته من دية ونحوها.
وأما ميراث الرد فيؤخذ أيضًا من مأخذ العول، لأنَّ القاعدة الشرعية أنَّ الأموال المشتركة زيادتها أو نقصها بين المشتركين بحسب حصصهم، والعولُ والردُ فرد من أفراد ذلك.
وكذلك ميراث ذوي الأرحام مأخوذ من قوله تعالى"وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ "الأنفال: 75. فعند عدم أهل الفروض والعصبات يكون ذوو الأرحام أولى من غيرهم. وأمَّا صفة إرثهم فحيث كانوا مدلين بأصحاب فروض أو عصبات جعلوا بمنزلتهم لأنَّهم فرعهم.
الأحكام المتعلقة بالنساء وهي كثيرة جدًا ذكرها الله في كتابه لامتزاج أحكام النساء بالرجال وكثرة الحقوق بينهما والتعلقات.


- أخرجه مسلم (رقم: 1615).
رد مع اقتباس