عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-04-2020, 08:58 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,224
Post

عِلْمُ المواريثِ "الفرائضُ"

تعريفُهُ:هو علمٌ بأصولٍ - من فقهٍ وحسابٍ - تتعلقُ بالمواريثِ ومستحقِيها، لإيصالِ كلِّ ذي حقٍ إلى حقِّهِ منَ التركةِ.

وقد سَمَّي النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلمَ-المواريثَ الفرائضَ، فقال"ألحِقُوا الفرائضَ بأهلِها، فما بقيَّ فلأولى رجلٍ ذكرٍ"صحيحُ البخاريِّ.

والفرائضُ:جمعُ فريضةٍ، من الفرضِ بمعنى التقديرِ، كما قال تعالى"فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ"أي: قدَّرتم،فالفرائضُ:الأنصبةُ المقدَّرةُ للورثةِ.

ويطلقُ على المالِ الموروثِ:
"
الإرثُ"و"الميراثُ"و"التركةُ"



*شرفُهُ وأهميتُهُ:
وعلمُ المواريثِ منْ أرفعِ العلومِ قدرًا، وأجلِّها أثرًا، ويكفِي في شرفِهِ أنَّ اللهَ تبارَكَ وتعالَى قدْ فصَّلَها وأوضحَ معالِمَهَا في كتابِهِ، فحدَّدَ أنْصِبَتَها،ووزَّعَ فرائِضَهَا بنفسِهِ سبحانَهُ، تأكيدًا على ضرورةِ أنْ ينالَ كلُّ وارثٍ نصيبَهُ المقدَّرَ على وِفْقِ حكمتِهِ سبحانَهُ، فهوَ - وحدُهُ - العالِمُ بمَا يُصلِحُ العبدَ وبما يفسدُهُ، وهوَ الخبيرُ بالمُسْتَحِقِ للمالِ من غيرِهِ"أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ"الملك:14.

وفي هذا منعٌ للتنازعِ والخصومةِ، لأنَّ الذي فصَّلَ هذه الأنصبةَ وبيَّنها هو من لا مُعقِّبَ لحكمِهِ ولا رادَّ لقضائِهِ وأمرِهِ ، ومن هنا جاءتْ أهميةُ دراسةِ هذا العلمِ الشريفِ، وقد رُوي من فضلِ هذا العلمِ وأهميتِهِ جملةُ أحاديثِ، لكنها لا تثبتُ عن رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -،وفيما تقدمَ غُنيةٌ عنها، ولا بأسَ أنْ أذكرَ بعضَهَا تنبيهًا على ضعفِهَا،فمنْ ذلِكَ:
ما رُوى عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا" الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ : آيَةٌ مُحْكَمَةٌ ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ"ضعيف: أخرجه أبو داود :2885، وابن ماجة :54. وغيرهما بسند ضعيف.

ما رُوي مرفوعًا" أَبَا هُرَيْرَةَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَهُوَ يُنْسَى وَهُوَ أَوَّلُ شَيْءٍ يُنْزَعُ من أمتي"ضعيف: أخرجه ابن ماجه.

ما رُوي عن ابن مسعود مرفوعًا"تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَسَيُقْبَضُ هَذَا الْعِلْمُ مِنْ بَعْدِي حَتَّى يَتَنَازَعَ الرَّجُلاَنِ فِي فَرِيضَةٍ فَلاَ يَجِدَانِ ، من يفصلُ بينهما"ضعيف: أخرجه الترمذي.

وهذه الأحاديثُ وغيرُها على ضعفِها- مع تعددِ مخارجِهَا - تُشعِرُ بأنَّ لها أصلًا.

*الحقوقُ المتعلقةُ بالتركةِ:

إذا ماتَ الإنسانُ وتركَ مالًا، فإن هذا المالَ- التركَةَ - يتعلقُ به خمسةُ حقوقٍ يقدَّمُ بعضُهَا على بعضٍ، مرتبةٌ - عندَ ضيقِ التركةِ- على هذا الترتيبِ:

-تكاليفُ تجهيزِ الميتِ: منْ تغسيلٍ وتكفينٍ ودفنٍ، ونحوِ ذلكَ، من غيرِ إسرافٍ ولا تقتيرٍ، وإنما قُدِّمَتْ على الدَّيْنِ وغيرِهِ، لأنها بمثابةِ الكِسوةِ الشخصيةِ للحيِّ، فلا تُنزعُ عنه لوفاءِ الدَّيْنِ.

هذا هو ترتيبُ الحنابلةِ وقولٌ عندَ الحفيةِ، وأما الجمهورُ فيرَوْنَ البدءَ بقضاءِ الديونِ.

-الديونُ المتعلقةُ بعينٍ منْ أعيانِ التركةِ:كدَيْنٍ برَهْنٍ - من التركةِ - ونحوِ ذلكَ.

- الديونُ المرسلةُ في الذمةِ:أي التي لا تتعلقُ برهَنِ عينٍ من أعيانِ التركةِ، سواءٌ كانتْ حقًّا للهِ تعالى كزكاةٍ أوكفارةٍ أو صيامٍ، أو حقًّا لآدميٍّ كالقرضِ والأجرةِ ونحوِ ذلكَ.

-تنفيذُ الوصيةِ- في حدودِ الثلثِ-منَ الباقي:لأنَّ ما تقدمَ من تكاليفِ التجهيزِ والديونِ قد صارَ مصروفًا في ضروراتِهِ التي لا بدَّ منها، فالباقي هو مالُه الذي كان له أنْ يتصرفَ في ثلثِهِ ، وقد اتفقَ الفقهاءُ على أنَّ الدينَ مُقدَّمٌ على الوصيةِ، لحديثِ عليٍّ - رضي الله عنه-قال"قضى النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلمَ - أن الدينَ قبلَ الوصيةِ"حسنه الألباني: أخرجه الترمذي :2094، وابن ماجه :2715، وأحمد :1/ 79، وانظر الإرواء.
1667. هنا -


ولأن الوصيةَ - وهي تبرُّعٌ - عندَ ضيقِ التركةِ فلا شكَّ أن أداءَ الدينِ مقدَّمٌ عليها، لأنَّهُ فرضٌ وهو أولى منَ التبرعِ.وإنما قُدِّمتِ الوصيةُ في الذِّكرِ على الدَّينِ في قولِه تعالى"مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ"النساء 11. لأنها تُشبهُ الميراثَ لكونِها مأخوذةً بلا عِوَضٍ، فيشُقَّ إخراجُها على الورثةِ، فكانتْ لذلكَ مَظنَّةً في التفريطِ فيها بخلافِ الدينِ، فإنَّ نفوسَهُم مطمئنةٌ إلى أدائِهِ، فقُدِّمَ ذِكْرُهَا حثًّا على أدائِها، وتنبيهًا على أنها مثلُهُ في وجوبِ الأداءِ أوِ المسارعةِ إليهِ .شرح السراجية.

تُقَسَّمُ باقي التركةِ على الورثةِ المستحقينَ: حسب الأنصبةِ المقدَّرةِ في كتابِ اللهِ، وهذا هو موضوعُ بحثِنَا.
ولما كان في مسائلَ المواريثِ من التشعُّبِ والتداخلِ وصعوبةِ الاستنباطِ - على غيرِ الراسخينَ - واحتياجِها إلى قَدٍّ من المعرفةِ بعلومِ الحسابِ، رأيتُ أنْ أسلُكَ في بحثهِ مَسْلَكَ الاختصارِ والتبسيطِ، دونَ التوسُّعِ والاستطرادِ في ذكرِ تفريعاتِهِ، مكتفيًا من القِلادةِ بما أحاطَ بالعنقِ، محاولًا تركيزَ المعلومةِ في صورةِ جدولٍ لبيانِ أنصبةِ المستحقينَ في الحالاتِ المختلفةِ، مع إيرادِ القواعدِ الهامةِ التي ينبنِي عليها توزيعُ التركةِ على الورثةِ، والتمثيلُ ببعضِ المسائلِ - أحيانًا - إعانةً على فهمِها.



رد مع اقتباس