عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 06-14-2017, 01:34 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,232
Arrow

المتن
"إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك"
الشرح
إذًا الحديثُ صحيحٌ لكن هل معناه أن الله-سبحانه وتعالى- قد قبضَ القلوبَ بين أصبعيه كما يقبض الإنسان القلم بين أصبعيه؟الجواب:لأ. ولهذا.
المتن
وقد أخذ السلف أهل السنة بظاهر الحديث وقالوا: إن لله تعالى أصابع حقيقة نثبتها له كما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من كون قلوب بني آدم بين إصبعين منها أن تكون مماسة لها حتى يقال: إن الحديث موهم للحلول فيجب صرفه عن ظاهره. فهذا السحاب مسخر بين السماء والأرض وهو لا يمس السماء ولا الأرض. ويقال: بدر بين مكة والمدينة مع تباعد ما بينها وبينهما، فقلوب بني آدم كلُها بين إصبعين من أصابع الرحمن حقيقة ولا يلزم من ذلك مماسة ولا حلول.
الشرح

هذا التقديرُ يُفيدُ أنَّ المسألة َتُبحَثُ من وجهين:
الوجه الأول:هل للهِ أصابعٌ؟ أهل التعطيل يقولون:لا ليس للهِ أصابعٌ كما قالوا ليس له يدٌ إنما المُرادُ بالحديثِ معناهُ: قدرة ُاللهِ-عزوجل-على الخلق وأنها كالذي بين أصبَعين من أصابعنا نفعلُ فيه مانشاءُ.

الوجه الثاني:في الحديث قوله:"بين أصبُعين من أصابع الرحمن"هل البينية تقتضي المماسة؟هم يقولون: إنَّ ظاهرها المماسة؛ وعلى هذا فتكون أصابعُ الرحمنِ عز وجل ؛في جوف بني آدم لأن القلب في الجوف.وإذا كانت البينية تقتضي المماسة لَزِمَ أن تكون أصابع الرحمن- جل وعلا-في صدور الناس ولا لأ؟ لأن مادام القلب من داخل ونقول لابد من أن الأصابع تمسُّ القلب؛ لَزِم أن تكون الأصابع داخل القلب فتكون صفة الله تعالى حاله في إيش؟في بني آدم هكذا زعِمَ أهلُ التعطيل أن هذا ظاهرُ الحديث.فقالوا: ظاهرالحديث إثبات الأصابع لله هذا يقتضي التشبيه وظاهره أن الأصابع مماسة للقلب وهذا يقتضي إيش؟ يقتضي الحلول. فإما أن تقولوا بالتشبيه وبالحلول وإما أن تُؤوِّلوا.وإذا أوَّلتم فهذا هو مانُريدهُ ونحتجُ به عليكم. أجبنا الآن قلنا:الأصابعُ نلتزمُ بها ؛ونقول:إن لله تعالى أصابعٌ حقيقية ؛ لكن ننفي عنها المماثلة ؛ولانلتزمُ بما ألزمتمونا به من التشبيه لأنه لايلزمنا.وإذا كنتم أنتم تُثبتون للإنسان أصابعاً ؛وتثبتون وللجُرَد أصابعًا ولا لأ؟ وتُثبتون للطيور أصابعاً هل يلزم من إثبات الأصابع للإنسان أن تكون مُشابهة لأصابع الطير؟ لأ لايلزم إذًا لايلزم من إثبات أصابع للرحمن-عزوجل-أن تكون مشابهة لأصابع بني آدم أبدًا؛فنحنُ نلتزمُ بماذا؟ بثبوت الأصابع ولانلتزم بما ألزمتمونا عُدوانًا واعتداءً بأن هذا يستلزم التمثيل.
ثانيًا : بالنسبة للماسة نحنُ لانلتزمُ ما ألزمتمونا به من أنه لا بينية إلا بالمماسة لانلتزمُ بذلك بل نقول البينية لا تستلزم المماسة ؛ولذلك بل ودليلنا على هذا قولهُ تعالى:"والسحابِ المُسَخَّرِ بين السماءِ والأرضِ"هل يلزم من هذه البينية المماسة؟قطعاً لايلزم ؛مافيه مماسة أصلاً ولامُقاربة,بين السحاب والأرض فرقٌ شاسعٌ ؛وبين السحاب والسماء أكثر وأكثر ؛واللهُ يقول:"بين السماء والأرض". ونقولُ مثلاً بدرٌ بين مكة َوالمدينة هل بدر على حدود مكة وعلى حدود المدينة؟ أبداً بينهما مسافاتٍ فتبيَّنَ بهذا أن البينية لاتقتضي المماسة ؛وحينئذٍ نَسْلمُ مما ادعيتموه علينا من القول بالحلول أو بأن هذاالحديث يدلُ على الحلول.مَن الذي يُقلبها؟ الذي يُقلبها هوالله وإضافة التقليب إلى الله حقيقة مافيه إشكال.الفائدة من هذا أن الرسول-صلى الله عليه وسلم-يُبيِّنُ أن تقليب هذه القلوب يسيرٌعلى الله -عزوجل-كالذي بين أصابع الإنسان أو في راحته أوما أشبهُ ذلك.
سبقَ لنا أن أهل التعطيل ذكروا أمثلة ادَّعوا فيها أن أهلَ السُنة والجماعة أوَّلوها.ادعوا ذلك لأمرين أو لأحد أمرين:

1-إما أن يلتزمَ أهلُ السُنةِ والجماعةِ بتأويل جميع النصوص الواردة في الصفات كهذه النصوص,
2-وإما أن يُداهنوا أهلَ التأويل ويسكتوا عنهم. فيقولون:كما أوَّلتم نؤوِّل نحن.فإما أن تُنكروا التأويل من أصلهِ وإما أن تسكتوا عن تأوِّلنا ونحنُ نسكُت عن تأوِّيلِكم. وذكروا أمثلة سبق منها مثالان:
المثال الأول:الحجرُ الأسودُ يَمِينُ اللهِ في الأرض.
المثالُ الثاني:قلوب العباد بين أصبُعين من أصابع الرحمن.
رد مع اقتباس