عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 06-14-2017, 01:48 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,232
Arrow

المتن
المثال الرابع:قوله تعالى: "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ"سورة البقرة، الآية: 29.
الشرح
قال أهلُ التعطيل:إنكم يا أهل السُنة حرفتم النص لأنظاهر استوى إلى السماء أنه كان في الأرض نازلًا ثم صعِد إلى السماءِ مرتفعًا.وجهُ ذلك أن" إلى" إيش؟ للغاية والغاية لابد أن يكون قبلها"مُغَيَّرٌ" فيكون"استوى إلى السماء" ذِكْرُها بعد خلق الأرض"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ"فيقولون إن ظاهر الآية أن اللهَ كان في الأرض خلق مافي الأرض ثم إيش؟ استوى إلى السماء فهل أنتم تقولون بهذا الظاهر يا أهل السُنة؟
يقول أهلُ السُنة:لانقولُ بهذا.يقولون:إذًا أوَّلتم النص فنحنُ نقول:إن ظاهره أن اللهَ في الأرض ثم صَعِدَ إلى السماء فإن قلتم به فقد قلتم بالظاهر لكن لاتقولون به وإن لم تقولوا به فقد أوَّلتم ؛وحينئذٍ لاتعيبوا علينا التأويل ولاتُنكروا علينا التأويل لأنكم إذا أنكرتم علينا مانُؤوِّل وأوَّلتم أنتم فهذا تحكمٌ وتناقضٌ كيف تقولون هذا النص يجوز تأوِّيله وهذا النص لايجوز؟ ومَنْ الذي قال لكم هذا؟ طيب نشوف الآن المعنى"اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ"ذكِرَت في موضعين.
1-في سورة البقرة:"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "البقرة29.
2-في سورة فصلت قال الله تعالى" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ *وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" فصلت9-11.فظاهر الآيتين على زعمهم أن اللهَ كان في الأرض ثم صعد إلى السماء ؛ومعلومٌ أن أهلَ السُنةِ والجماعةِ لايقولون بهذا بل يقولون:إن علو الله من صفاته الذاتية التي لم يزل ولايزالُ مُتصفًا بها فلننظر الآن جواب أهل السنة.
الحقيقة أنه كان ينبغي لنا أننا إذا ذكرنا الأمثلة نذكر ما ادَّعاهُ أهلُ التعطيل؛ لكن بِناءً على أن هذا مفهومٌ أهملناه؛ وليتنا لم نهمله لأن الذي يقرأ الكتاب ما يعرف ماذا يقول أهلُ التعطيل في إلزام أهلِ السُنة واضح؟طيب على كل حال بيَّنا الآن ما يدعيه أهلُ التعطيل؛ وإيش يقولون؟ إن ظاهر الآية أن اللهَ كان في الأرض ثم ارتفع إلى السماء؛ هذا هو ظاهرُ الآية. ويتكلمُ اللهُ عن خلق الأرض وتقديرالأقوات فيها ثم استوائه فأنتم لاتقولون بهذا.طيب الجواب؟
المتن
والجواب: أن لأهل السنة في تفسيرها قولين:
أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء، وهو الذي رجحه ابن جرير، قال في تفسيره بعد أن ذكر الخلاف "وأولى المعاني بقول الله - جل ثناؤه"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُن". علا عليهن وارتفع، فدبرهُن بقدرته، وخلقهن سبع سموات". أهـ

الشرح
وعلى هذا الرأي تكون"إلى" بمعنى "على"؛"ثم استوى إلى السماء" أي ثم استوى على السماء.وهذا فيه شيءٌ من النظر لأن الاستواء لايُقال إلا على العرش؛ ولكن يمكن أن يُجاب عنه فيُقال "استوى على السماء"هذا علوٌ مطلقٌ وقد بينت النصوص أن المراد به العرش.ابن جرير يقول:علا عليهن فيجعل"إلى"بمعنى"على" أي استوى على السموات أي علا عليها قلتُ الآن وهذا فيه شيءٌ من النظر لأن الاستواء خاصٌ بالعرش لأنه علوٌ خاصٌ غير العلو المُطلق؛ لكن يمكن أن يُجاب عن هذا فيُقال:استوى على السموات أي علا عليهن لكن هو على العرش؛ ومَن علا على العرش فقد علا على السموات لأن العرش فوقها.

المتن
وذكره البغوي في تفسيره: قول ابن عباس وأكثر مفسري السلف. وذلك تمسكًا بظاهر لفظ "اسْتَوَى". وتفويضًا لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله - عز وجل.
الشرح
يقولون لأن استوى باللغة العربية بمعنى علا وارتفع.وكيف استوى؟مانعرف اللهُ أعلمُ استوى على السماء ؛استواءً يليقُ بجلاله ولانعلمُ كيف هذا؛ كما نقول في الاستواء على العرش
المتن
القول الثاني: إن الاستواء هنا بمعنى القصد التام؛ وإلى هذا القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة البقرة، والبغوي في تفسير سورة فُصلت. قال ابن كثير "أي قصد إلى السماء، والاستواء هاهنا ضُمن معنى القصد والإقبال، لأنه عُدي بإلى". وقال البَغوي: "أي عمد إلى خلق السماء".
الشرح
إذن على هذا القول لاإشكال في الآية إذا فسرنا استوى بمعنى قصد ؛وأن المراد بالاستواء هنا القصد التام؛ وقالوا-رحمهم الله-القصد التام لأن أصل الاستواء أصل هذه المادة تدل على الكمال فيُقال استوى الطعام بمعنى كَمُلَ نُضجه ويُقال"ولما بَلغَ أشُدَّهُ واستوى"أي كمل عُقله.فلهذا قالوا القصد التام.يعني القصد إيش؟ القصد الكامل.
وما الذي جعلهم يُفسرونه بالقصد؟ جعلهم يفسرونه بالقصد لأن الحرف الذي عُدِّيَ به يتضمن معنى ذلك"قصدتُ إلى السماء"فلما عُدِّيَ "بإلى" التي يُعدى بها القصد صار استوى ضُمِّنَ معنى القصد.وأخذنا من كلمة استوى التي تدل على الكمال أن هذا القصد تامٌ كاملٌ.
فابنُ كثير-رحمه الله-قال:إن هذا الفعل لما عُدِّيَ بإلى يجب أن نُحولَه إلى تضمين معنى القصد؛ كما في سائر الأفعال التي تُعَدَّى بحرفٍ لايتناسب مع ظاهر لفظها ؛فإنها تُضَمَّنُ معنى ذلك الحرف.

المتن
وهذا القول ليس صرفاً للكلام عن ظاهره، وذلك لأن الفعل "اسْتَوَى" اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء. فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به، ألا ترى إلى قوله - تعالى – "عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا"الإنسان6. حيث كان معناها يروى بها عباد الله لأن الفعل "يَشْرَبُ" اقترن بالباء فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يَروَى، فالفعل يضمن معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام.واضح؟.
.الشرح
نقول:"إلى"للغاية وهذا معناها الأصلي.ابن جرير ومَنْ تبعَه يقولون:إن"إلى"بمعنى على فيجعلون التجوز في الحرف؛ وهذا هو مذهب الكوفيون كما هو معروفٌ.
وابن كثير ومَن تبعه بل البغوي لأن البغوي قبل ابن كثير البغوي ومَنْ تبعه يقول:إن التجوزليس بإلى بل بالفعل؛ فهو مُضَمِّنٌ معنىً يُناسب الحرف الذي هو"إلى"فما هو المعنى المناسب له؟ القصد.يعني أن اللهَ-عزوجل-لما خلق الأرض قصدَ وأرادَ إرادة تامة إلى خلق السماء.ثم ذكرنا مثالاً يتضحُ به المعنى"عينًا يشربُ بها عبادُ الله".كلمة يشرب ماهو الحرف الذي يُناسبها؟"مِنْ" يشرب منها لأن العين لا تكونُ إناءً يُشرَبُ به بل هي موردٌ يُشرَبُ منه.
فيقولون التجوز هنا بالحرف والباء بمعنى مِنْ ويشرب على معناها الأصلي.وهذا مذهب الكوفيين.
البصريون يقولون:لأ التجوز في الفعل ؛والباء على معناها الأصلي بمعنى"مِنْ"؛ لكن كلمة"يشرب"مُضَمَّنة ٌمعنى يَرْوَى"عينًا يشربُ بها عبادُ الله"أي يَرْوَى بها ولا رِيَّ إلا بعد شرب. فيقولون:نحنُ إذا قلنا إن يشرب ضمَّنَ معنى يرْوَى لم نُخالف الظاهر لأنه لاريَّ إلابعد شُربٍ ونجعل الباء على معناها.
"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ"طبقها على هذا المثال. فإما أن تقول:اسْتَوَى: بمعنى علا وتجعل "إلَى" بمعنى "على"؛ لأن الحرف الذي يُناسب الاستواء بمعنى الارتفاع هو"على"؛ وعلى هذا نقول"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ" أي على عرشه الذي هو فوق السماء.وإن كان هذا المعنى فيه أيضًا شيءٌ من القلق؛ لأن الآيات الأخرى تدلُ على أنه استوى على العرش بعد خلق السمواتِ والأرض كلها. ولوأننا قلنا: " اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ"وأُريد بها السماء الحقيقية لكان استواء الله تعالى يكون على شيئين:على العرش وعلى السماء؛ وهذا خلاف المعروف عند أهل العلم.على كل حال هم يرون أن"إلى"بمعنى على.
القول الثاني:يقول:إن"إلى" للغاية على معناها الحقيقي كما قال في"يشربُ بها عبادُ الله"أن الباء على المعنى الحقيقي ولكن يشرب ضُمِّنَ يرْوَى ؛هؤلاء قالوا:إلى على المعنى الحقيقي واستوى ضُمِّنَ معنى القصد؛ لكن القصد التام ؛لأنه مأخوذ ٌمن الاستواء وهو الكمال والتمام. والمعنى الذي قاله ابنُ كثير ومَنْ قبله ومَنْ بعده ؛أقربُ إلى الفهم وأبعدُ عن الاشتباه.ولهذا نقول:إنَّ اللهَ-عزوجل-"اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء"أي قصدَ قصدًا تامًا بإرادةٍ تامة إلى السماء فخلقها. "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ"فصلت11.وفي الآية الأخرى: "....ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"البقرة29.وعلى المعنيين جميعًا فإننا لم نخرج عن الظاهر، لأننا لو قلنا:إنَّ الظاهرَماذهبَ إليه أهلُ التعطيل من أن اللهَ كان في الأسفل ثم صَعِدَ إلى السماء ،لوقلنا:إن هذا هوالظاهر؛لكان ظاهرُكلامِ الله-عزوجل- معنىً باطلاً لايليقُ بالله؛ وكلُ معنىً باطلٍ فإنه لايمكن أن يكون ظاهرَ النصوص.وبهذا التقرير دفعنا قول هؤلاء المُعطلة:أن أهلَ السُنةِ والجماعةِ يُأولون فى النصوص.
الحمد لله انتهى الشريط الخامس

طالب سأل عما سبق ويوضح له الشيخ أي مكرر لذا تركناه
رد مع اقتباس