#1
|
||||
|
||||
العمل بالعرف وشروطه
العمل بالعرف وشروطه السؤال : هل يجب علينا اتباع عادات أهل البلد؟ وما الدليل؟ الجواب : الحمد لله من القواعد الفقهية الكبرى التي اتفق العلماء عليها ، وتدخل في عامة أبواب الفقه ، ويتفرع عليها ما لا يحصى من المسائل ، قاعدة "العادة محكمة" . والعادة التي يشرع اتباعها ، أو تحكيمها ، هي ما توافر فيها شرطان : الأول: ألا تخالف نصًا شرعيًّا ثابتًا . الثاني: أن تكون العادة مُطَّرِدة ، أما إذا اضطربت ، أو تفاوتت واختلفت : فلا تكون حجة واجبة الاتباع . جاء في شرح التلويح على التوضيح :1 / 169 " واستعمال الناس : حجة ، يجب العمل بها "انتهى . وجاء في القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة للدكتور محمد الزحيلي:1 / 323 " إنما تعتبر العادة إذا اطردت، فإذا اضطربت فلا" انتهى. وقال الدكتور عبد الوهاب خلاف : " العُرف : هو ما تعارفه الناس وساروا عليه، من قول، أو فعل، أو ترك، ويسمى العادة. وفي لسان الشرعيين: لا فرق بين العرف والعادة . والعرف نوعان: عرف صحيح، وعرف فاسد. فالعرف الصحيح: هو ما تعارفه الناس، ولا يخالف دليلًا شرعيًّا ، ولا يُحِل مُحَرَّمًا ، ولا يُبطل واجبًا، كتعارف الناس على عقد الاستصناع، وتعارفهم على تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر. وأما العرف الفاسد: فهو ما تعارفه الناس ، ولكنه يخالف الشرع ، أو يحل المحرم ، أو يبطل الواجب، مثل تعارف الناس كثيرا من المنكرات في الموالد والمآتم، وتعارفهم أكل الربا ، وعقود المقامرة. فالعرف الصحيح يجب مراعاته في التشريع وفي القضاء، وعلى المجتهد مراعاته في اجتهاده ؛ وعلى القاضي مراعاته في قضائه؛ لأن ما تعارفه الناس ، وما ساروا عليه : صار من حاجاتهم، ومتفقا ومصالحهم، فما دام لا يخالف الشرع : وجبت مراعاته . والشارع راعى الصحيح من عرف العرب في التشريع، ففرض الدية على العاقلة، وشرط الكفاءة في الزواج ، واعتبر العصبية - العصبة هم الأقارب الذكور من جهة الأب ، كالجد والإخوة وأبنائهم ، والأعمام وأبنائهم - في الولاية والإرث ؛ ولهذا قال العلماء: العادة شريعة محكمة . والعرف في الشرع له اعتبار، والإمام مالك بنى كثيرًا من أحكامه على عمل أهل المدينة، وأبو حنيفة وأصحابه اختلفوا في أحكامٍ ، بناءً على اختلاف أعرافهم ... وفي فقه الحنفية أحكام كثيرة مبنية على العرف، منها إذا اختلف المتداعيان ، ولا بينة لأحدهما : فالقول لمن يشهد له العرف، وإذا لم يتفق الزوجان على المقدم والمؤخر من المهر : فالحكم هو العرف، ومن حلف لا يأكل لحمًا ، فأكل سمكا : لا يحنث بناء على العرف، والشرط في العقد يكون صحيحًا إذا ورد به الشرع ، أو اقتضاه العقد ، أو جرى به العرف. وقد ألَّف العلامة ابن عابدين رسالة سماها "نشر العَرف فيما بني من الأحكام على العرف"، ومن العبارات المشهورة " المعروف عرفًا ، كالمشروط شرطًا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص" وأما العرف الفاسد : فلا تجب مراعاته ؛ لأن في مراعاته معارضةَ دليلٍ شرعي ، أو إبطالَ حكمٍ شرعي، فإذا تعارف الناس عقدا من العقود الفاسدة ، كعقد ربوي، أو عقد فيه غرر وخطر : فلا يكون لهذا العرف أثر في إباحة هذا العقد " انتهى من علم أصول الفقه :88 -90. باختصار. والله أعلم. الإسلام سؤال وجواب* |
|
|