|
#1
|
||||
|
||||
![]() أنواع التوسل المشروع التوسل ينقسم إلى قسمين: ممنوع ، وجائز.فالممنوع: ما لم يرد به الشرع. والجائز: ما ورد به الشرع. هذا هو الضابط.فما لم يرد به الشرع من أنواع التوسل فهو ممنوع، مثل التوسل بجاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول أحدهم: أتوسل إليك بجاه نبيك، فالتوسل هنا غير مشروع فيكون ممنوعًا؛ لأن التوسل "جعل الشيء وسيلة" وكون الشيء وسيلة لا يثبت إلا بدليل من الشرع، وجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس سببًا لقبول دعائنا؛ لأن جاهه عليه الصلاة والسلام مما يختص هو نفسه بفضله، أما نحن فليس لنا تعلق فيه. أما الجائز فهو ما جاء به الشرع وهو أنواع منها: الأول: التوسل بأسماء الله، أن تقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، ودليله حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في دعاء الكرب والغم "ما أصاب أحدًا قط همٌّ و لا حزنٌ، فقال : اللهمَّ إني عبدُك، و ابنُ عبدِك، و ابنُ أَمَتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ، و نورَ صدري، و جلاءَ حزني، و ذَهابَ همِّي، إلا أذهبَ اللهُ همَّهُ و حزنَه، و أبدلَه مكانَه فرجًا قال : فقيل : يا رسولَ اللهِ ألا نتعلَّمُها ؟ فقال بلى، ينبغي لمن سمعَها أن يتعلَّمَها"خلاصة حكم المحدث : صحيح -الراوي : عبدالله بن مسعود- المحدث :الألباني - المصدر : السلسلة الصحيحة فهذا توسل بأسماء الله: "بكل اسم هو لك".الثاني:التوسل بصفات الله عز وجل، ومن ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام"عن [السائب بن مالك] قال: صلَّى بنا عمَّارُ بنُ ياسرٍ صلاةً، فأوجزَ فيها، فقالَ لَهُ بعضُ القومِ : لقد خفَّفتَ أو أوجزتَ الصَّلاة! فقالَ أمَّا على ذلِكَ فقد دعوتُ فيها بدعواتٍ سمعتُهنَّ من رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليه وسلم- فلمَّا قامَ تبعَهُ رجلٌ منَ القومِ هوَ أبي غيرَ أنَّهُ كنى عن نفسِهِ فسألَهُ عنِ الدُّعاءِ ثمَّ جاءَ فأخبرَ بِهِ القومَ " اللَّهمَّ بعلمِكَ الغيبَ وقدرتِكَ على الخلقِ أحيِني ما علمتَ الحياةَ خيرًا لي وتوفَّني إذا علمتَ الوفاةَ خيرًا لي وأسألُكَ خَشيتَكَ في الغيبِ والشَّهادةِ وأسألُكَ كلمةَ الحقِّ في الرِّضا والغضَبِ وأسألُكَ القصدَ في الفقرِ والغنى وأسألُكَ نعيمًا لاَ ينفدُ وأسألُكَ قرَّةَ عينٍ لاَ تنقطعُ وأسألُكَ الرِّضاءَ بعدَ القضاءِ وأسألُكَ بَردَ العيشِ بعدَ الموتِ وأسألُكَ لذَّةَ النَّظرِ إلى وجْهكَ والشَّوقَ إلى لقائِكَ في غيرِ ضرَّاءَ مضرَّةٍ ولاَ فتنةٍ مضلَّةٍ اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ واجعلنا هداةً مُهتدينَ"خلاصة حكم المحدث :صحيح -الراوي :عمار بن ياسر- المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي. فقوله: "بعلمك الغيب" هذا توسل لله بصفته. ومن ذلك: "أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : كان إذا حزَبَه أمرٌ قال : يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أَستغيثُ"خلاصة حكم المحدث :حسن -الراوي : أنس بن مالك -المحدث :الألباني -المصدر : التوسل للألباني. برحمتِك أَستغيثُ:فإن هذا ليس استغاثة بالرحمة ولكن استغاثة بالله لصفته وهي الرحمة، فإن الرحيم يغيث. الثالث: التوسل إلى الله بأفعاله: وإن كان من الصفات، لكن هو صفة ليست أزلية أبدية، ومنه قولنا في التشهد: "قُلنا أَو قالوا : يا رسولَ اللَّهِ أمرتَنا أن نصلِّيَ عليكَ وأن نُسلِّمَ عليكَ فأمَّا السَّلامُ فقد عرفناهُ فَكيفَ نصلِّي عليكَ قالَ قولوا اللَّهمَّ صلِّ علَى محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ كما صلَّيتَ علَى إبراهيمَ وبارِك على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ كما بارَكتَ على إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ " خلاصة حكم المحدث :صحيح-الراوي : كعب بن عجرة - المحدث :الألباني- المصدر :صحيح أبي داود. فقوله "كما صلَّيتَ علَى إبراهيمَ" المراد بذلك التوسل إلى الله، يعني: مثل ما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فصل على محمد، فإذا قلنا بهذا صارت الكاف للتعليل.وبهذا التقرير يرتفع الإشكال الذي أورده بعض العلماء وقالوا: من المعلوم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أفضل من إبراهيم، والقاعدة "أن المشبه دون مرتبة المشبه به" وهنا قال: "صل على محمد كما صليت على إبراهيم"، وإذا قلنا: بأن الكاف ليست للتشبيه ولكنها للتعليل، وأن هذا من باب التوسل؛ يعني: أننا لا نسألك أمرًا غريبًا، بل نسألك أمرا فعلته من قبل، فإن الإشكال هنا يرتفع ولا يبقى في هذا إشكال.الرابع: التوسل إلى الله تعالى بالايمان به وبرسله: ومنه هذه الآية"رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " آل عمران:193. فالجواب: لا، بل هذا من باب التذلل له عز وجل وأنني يا رب قد ذللت لك وعلمت أنك الملجأ فعبدتك وآمنت بك، فأسألك أن تغفر لي مثلا.فجعلوا إيمانهم بذلك وسيلة لسؤال المغفرة "رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا". الخامس: التوسل إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، وليس بالإيمان بالأعمال الصالحة، ومن ذلك قصة أصحاب الغار الثلاثة حين انطبقت عليهم صخرة فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، توسل أحدهم بكمال بره لوالديه، وتوسل الثاني بكمال عفته، وتوسل الثالث بكمال أمانته، ففرج الله عنهم.فإذا قال قائل: التوسل بهذا والذي قبله فيه إشكال؛ لأنه قد يقول قائل: أليس هذا إدلالا على الله عز وجل، وإعجابا وفخرا بالعمل؟ كأنه يقول: يا رب إني فعلت كذا وفعلت كذا، فاغفر لي مثلا. السادس: التوسل إلى الله عز وجل بذكر حال الداعي، أن تذكر حالك، فتقول: اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي.الأول توسل بالعمل الصالح، وهنا على العكس بالحال، ومن ذلك قول موسى عليه السلام"فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ".القصص:24. ما ذكر إلا هذا، وهذا توسل بذكر الحال؛ لأن الإنسان إذا ذكر حاله وأنه مفتقر إلى الله أوجب ذلك له أن يلجأ إلى ربه عز وجل، ويكون هذا من أسباب إجابة الدعاء.السابع:التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح: ومنه قول عكاشة بن محصن للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال: "إن من أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، قال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم" قال صلى الله عليه وسلم "يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ ألْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إضاءَةَ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ وقالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَقامَ عُكّاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ الأسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عليه، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ منهمْ "ثُمَّ قامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فقالَ: سَبَقَكَ بها عُكّاشَةُ."الراوي : أبو هريرة -صحيح البخاري. .ومنه قول الأعرابي: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا فدعا . "أنَّ رَجُلًا، دَخَلَ المَسْجِدَ يَومَ جُمُعَةٍ مِن بَابٍ كانَ نَحْوَ دَارِ القَضَاءِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمًا، ثُمَّ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأمْوَالُ وانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أغِثْنَا قالَ أنَسٌ: ولَا واللَّهِ، ما نَرَى في السَّمَاءِ مِن سَحَابٍ، ولَا قَزَعَةً وما بيْنَنَا وبيْنَ سَلْعٍ مِن بَيْتٍ ولَا دَارٍ، قالَ: فَطَلَعَتْ مِن ورَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أمْطَرَتْ، فلا واللَّهِ، ما رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِن ذلكَ البَابِ في الجُمُعَةِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأمْوَالُ وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، قالَ: فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ علَى الآكَامِ والظِّرَابِ، وبُطُونِ الأوْدِيَةِ، ومَنَابِتِ الشَّجَرِ قالَ: فأقْلَعَتْ، وخَرَجْنَا نَمْشِي في الشَّمْسِ قالَ شَرِيكٌ: سَأَلْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ: أهو الرَّجُلُ الأوَّلُ؟ فَقالَ: ما أدْرِي. "الراوي :أنس بن مالك -صحيح البخاري. ومنه قول عمر للعباس: قم فادع الله، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا . "أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه كانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بالعَبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فقالَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وإنَّا نَتَوَسَّلُ إليكَ بعَمِّ نَبِيِّنَا فاسْقِنَا، قالَ: فيُسْقَوْنَ."الراوي : أنس بن مالك -صحيح البخاري. وهذا النوع السابع ينبغي أن يلاحظ منه ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه إذا طلب منه أن يدعو له فإنما يقصد بهذا منفعة الداعي وأجره؛ لأن الداعي يؤجر إذا دعا لأخيه، وإنما قال ذلك احترازا مما إذا أراد الطالب نفع نفسه فقط. قال: فإن هذا من المسألة المذمومة، أن تقول: ادع الله لي. وقصدك منفعة نفسك.بل قل: ادع الله لي، وتقصد أن ينتفع هو أيضا بدعائه لك؛ لأنه يؤجر على الإحسان إليك؛ لأنه إذا دعا لك بظهر الغيب، قال الملك: آمين ولك بمثله."دعوةُ المرءِ مستجابةٌ لأخيهِ بظَهْرِ الغيبِ، عندَ رأسِهِ ملَكٌ يؤمِّنُ على دعائِهِ، كلَّما دعا لَهُ بخيرٍ، قالَ: آمينَ، ولَكَ بمثلهِ " خلاصة حكم المحدث :صحيح-الراوي :خيرة بنت أبي حدرد أم الدرداء الكبرى - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه. هذا إذا أردت أن تطلب من شخص أن يدعو لك أنت خاصة، أما إذا طلبت منه أن يدعو للمسلمين عموما فهذا ليس من المسألة المذمومة، حتى وإن لم تلاحظ نفعه هو. ونظيره: لو أنك سألت رجلا درهما لنفسك، أو قلت: أعطني درهما لفلان الفقير، كان الأول من السؤال المذموم، والثاني من الإحسان إلى المعطي وإلى المعطى؛ لأنك تنفع المعطي في الآخرة، وتنفع المعطى في الدنيا. فهذه سبعة أنواع من التوسل كلها جاءت بها السنة وهي جائزة، لأنها حقيقة سبب من الأسباب، والوسيلة هي أصلا تشبه الوصيلة، والسين والصاد يتناوبان كثيرًا. مستقى من :كتاب تفسير العثيمين: آل عمران |
![]() |
|
|