العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى المعتقد الصحيح > ملتقى المعتقد الصحيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-09-2025, 03:21 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,313
???? اسم الله السميع

اسم الله السميع
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آلعمران:102]، (يَا أَيّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71]، أما بعد:

عباد الله: فإنه ما من مسلم موحد عرف الله -تعالى- حق معرفته إلا أحبه وعبده حق عبادته وعظمه حق التعظيم، لذا كان العلماء بالدين والشرع العارفون بالله حقًا وصدقًا، هم أكثر الخلق توقيرًا لله وخشية منه -سبحانه-، قال -تعالى"إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهََ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"فاطر:28.
ولعلنا في هذا المقام نتعرف على اسم الله السميع وبعض معانيه وثمرات الإيمان به، ونطوف في رحابه، ونتلمس ما ينبغي علينا فعله.
أيها المسلمون: إن لاسم الله السميع معان متعددة، فأما المعنى الأول: فهو المدرك لجميع الأصوات مهما خفتت، فيستوي عنده السر والجهر، والإعلان والنجوى، وسمعه -تعالى- صفة له لا يماثل أسماع خلقه.
ولا يعزب عن إدراكه -تعالى- مسموع وإن خفي، فيسمع السر وما هو أخفى من السر، قال -عز من قائل "وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى"طه:7، فقد وسع سمعه الأصوات كلها، فلا تختلف عليه أصوات الخلق ولا تشتبه، ولا يشغله منها سمعٌ عن سمع، بل يميز كل صوت مهما اختلفت اللغات وتنوعت الحاجات وكثرت الأصوات وتداخلت الكلمات والعبارات... (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [الملك:13].

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة، فجعلنا لا نصعد شرفًا، ولا نعلو شرفًا، ولا نهبط في واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، قال: فدنا منا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا" (متفق عليه)، فإنه -سبحانه وتعالى- يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويسمع حمد الحامدين ودعاء الداعين وكلام المتكلمين.
أما المعنى الثاني لاسم الله السميع: فهو المستمع لعباده إذا توجهوا إليـــه بالدعاء والمستجِيب لهم، وعليه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن دعاء لا يسمع" (ابن ماجه)، قال السيوطي: "أي لا يستجاب ولا يعتد به، فكأنه غير مسموع، يقال: اسمع دعائي، أي: أجبه؛ لأن غرض السائل الإجابة والقبول" (مصباح الزجاجة، للسيوطي)، ومنه قول الإمام في الصلاة "سمع الله لمن حمده"، قال العلماء: "معنى سمع هنا: أجاب، ومعناه: أن من حمد الله -تعالى- متعرضًا لثوابه استجاب الله -تعالى- له وأعطاه ما تعرض له" شرح النووي على صحيح مسلم، ومنه كذلك قول عبد الله بن مسعود "لا يسمع الله من مسمع، ولا مراء، ولا لاعب، إلا داع دعا يثبت من قلبه" الأدب المفرد.
قال ابن القيم:

وهو السميع يسمع ويرى كل ما *** في الكون من سر ومن إعلان

ولكل صوت منه سـمـع حاضـر *** فالسر والإعلان مـستـويان

والسمع منه واسع الأصوات لا *** يخفى عليه بعيدها والداني

أيها المؤمنون: إننا إذا آمنا باسم الله السميع وجب أن نؤمن أيضًا أن سمعه -عز وجل- مطلق لا تحجزه الحواجز ولا تعيقه العوائق التي تعيق سمع البشر، قال -تعالى"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" الشورى:11، فللبشر سمع لكنه قاصر لا يدرك جميع المسموعات، وسمعه هذا بجارحة هي الأذن، وهي معرضة للأمراض والآفات، بخلاف سمعه -تعالى- المنزه عن الفناء والعجز وعن أن يخفى عليه أي صوت مهما اضمحل.

فقد سمع -سبحانه وتعالى- استغاثة يونس -عليه السلام- في ظلمة الليل البهيم، وظلمة البحر الخضم، وظلمة بطن الحوت، قال -تعالى"وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ "الأنبياء:87-88.
وسمِع -عز وجل- في عليائه شكوى امرأة لم تستطع سمعها عائشة -رضي الله عنها- من وراء ستار من القماش، وأنزل جبريل بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، تقول عائشة "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا في ناحية البيت، تشكو زوجها، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله"قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا"المجادلة:1" (ابن ماجه).

وسمع -سبحانه وتعالى- وهب بن عمير حين اجتمع هو وصفوان بن أمية في الحجر، فتآمرا على قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يعول صفوان عيال وهب ويقضي دينه، لا يسمعهما مخلوق، فأطلع الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فلما دخل وهب المسجد سأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أقدمك؟" قال: جئت أفدي أساراكم... قال "فما شيء قلت لصفوان في الحجر: لولا عيالي ودين علي لكنت أنا الذي أقتل محمدًا بنفسي" (الطبراني)... وكان ذلك سببًا في إسلام وهب.
أيها المسلم: فلتحذر؛ فإن من سمع كل هذا يسمعك في سرك وإعلانك، وفي غدواتك وروحاتك... لذا عليك تجاه اسم الله السميع:
أن تحفظ لسانك عن كل ما حرم الله -عز وجل- من المسموعات؛ كالغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور والسب واللعن... كذلك تحفظ أذنك عن سماع كل هذا، وعن سماع الغناء المحرم والفحش والخنا.
وأن نوقن تمام الإيقان ونؤمن تمام الإيمان أن الله -تعالى- يسمع جهرنا وعلانيتنا، وأن الألسنة والأسماع ستأتي تشهد يوم القيامة بما اقترفنا، ولا نكون كمن قصَّ علينا ابن مسعود قصتهما قائلًا "اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم: أترون الله يسمع ما نقول؟ وقال الآخر: يسمع، إن جهرنا، ولا يسمع، إن أخفينا وقال الآخر: إن كان يسمع، إذا جهرنا، فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله -عز وجل"وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ"فصلت:22 الآية" (متفق عليه).
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها المسلمون: إن للإيمان باسم الله السميع -عز وجل- آثارًا طيبة كثيرة على المؤمنين به، منها ما يلي:
أنه يورثه التحري لما يقول ويسمع، فلا يسمع إلا ما يرضيه، ولا يقول ما يغضبه، قال -تعالى"وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"الإسراء:36.
وإذا تجذرت في القلب معاني اسم الله السميع توجه قلب العبد إلى الله -عز وجل-: فما دام -تعالى- يسمع دعاء من يدعوه ويجيبه، فإن العبد سيكثر من التوجه إليه -تعالى- ومن طلب الحوائج... قال -عز من قائل"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" البقرة:186، وقد علَّمنا نبينا-صلى الله عليه وسلم- أن نتوجه إلى الله -تعالى- باسمه السميع العليم صباحًا ومساءً، فعن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول "ما من عبد يقول في صباح كل يوم، ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، فيضره شيء" (ابن ماجه).

وإذا عرف العبد أن ربه سميع توسل إليه باسمه السميع: فالله -عز وجل- يحب من توسل إلى بأسمائه وصفاته، وهذا ما كان يصنعه الأنبياء أعرف الخلق بالله؛ فهذا إبراهيم -عليه السلام- يقول"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ"إبراهيم: 39.

وتوسل زكريا-عليه السلام- باسم الله السميع ليرزقه الذرية الصالحة قائلًا"رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ"آل عمران:38.

وتوسل زوجة عمران لربها -عليها السّلام- ليتقبل منها ما في بطنها قائلة"رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"آل عمران:35.

ودعوات الأنبياء لربهم واستجابته لهم في القرآن كثيرة، لا يتسع المقام لحصرها، فأجابهم -سبحانه وتعالى- فهو السميع العليم.
وكذلك من آثار الإيمان باسم الله السميع تنزيه سمع الله -عز وجل- عن مشابهة الحوادث: فلله -تعالى- سمع، وللمخلوقات سمع؛ لكن شتان ما بين سمعه -تعالى- وأسماع سواه؛ فسمع الله محيط بجميع الأصوات لا يخفى عليه شيء منها، وهو صفة لا تنفك عنه -سبحانه-، بخلاف أسماعنا التي هي بأداة قد تعطب، وهي لا تسمع إلا أشياء محدودة قاصرة، فسبحان الله وتعالى عن مشابهة المخلوقات.

وأخيرًا -عباد الله- لقد خلقنا الله -عز وجل- ضعفاء لا حول لنا ولا قوة، ثم وهبنا السمع والبصر منة منه وتكرمًا، قال -تعالى"وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"النحل: 78.

فحري بنا أن نكون من الشاكرين؛ فنستخدمها في مرضاته -سبحانه-.
فاللهم اجعلنا من الشاكرين السامعين المطيعين المخبتين...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ملتقى الخطباء.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-09-2025, 03:38 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,313
????

الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصواتَ، فلا تَخْتَلِفُ عليهِ أصواتُ الخلقِ، ولا تَشْتَبِهُ عليهِ ولا يَشْغَلُهُ منها سَمْعٌ عنْ سَمْعٍ، ولا تُغْلِطُهُ المسائلُ، ولا يُبْرِمُهُ كثرةُ السائِلِينَ. المعنى اللغوي للاسم: السميع في اللغة على وزن فعيــل من أبنية المبالغة، والسمع في حق المخلوقين هو: ما وَقَر في الأذن من شيءٍ تسمعه. ورود الاسم في القرآن الكريم: ورد اسمه تعالى السميع في القرآن خمسًا وأربعين مرة؛ مما يدل على أهمية الاسم لا شك.. منها قوله تعالى"..رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"البقرة:127، وقوله سبحانه وتعالى"قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"المائدة:76، وجمع بين اسمه تعالى السميع والبصير في أكثر من موضع، منها قوله تعالى"مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"لقمان:28، وجمع بينه وبين اسمه تعالى القريب، في قوله"..إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ"سبأ:50. معنى الاسم في حق الله تعالى: قال الخطابي رحمه الله "السميع: هو الذي يسمع السر والنجوى، سواء عنده الجهر والخفوت، والنطق والسكوت"، والسماع قد يكون بمعنى القبول والإجابة.. فمن معاني السميع: المُستجيــب لعبـــاده إذا توجهوا إليـــه بالدعاء وتضرعوا، كقول النبي"اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يُسمع.."صحيح الجامع:1297. أي: من دعاء لا يُستجـــاب. وذكر الإمام ابن القيم رحمهُ الله أن السمعُ يُرَادُ بهِ أربعةُ مَعَانٍ: أحدُهَا: سَمْعُ إِدْرَاكٍ؛ ومُتَعَلَّقُهُ الأصواتُ، ومنه قوله تعالى "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"المجادلة:1، وقوله"لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ.."آل عمران:181 الثاني: سَمْعُ فَهْمٍ وعَقْلٍ؛ ومُتَعَلَّقُهُ المعاني، ومنه قولُهُ"..لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا.."البقرة:104]، لَيْسَ المرادُ سَمْعَ مُجَرَّدِ الكلامِ، بلْ سَمْعَ الفَهْمِ والعَقْلِ، ومِنْهُ"..سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.."البقرة:285. الثالثُ: سَمْعُ إجابةٍ وإعطاءِ ما سُئِلَ، ومنه قولنا: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، أيْ: اللهم أَجِبْ وَأَعْطِ مَن حَمِدَك. الرابعُ: سَمْعُ قَبُولٍ وانْقِيَادٍ، منه قولُهُ تَعَالَى"سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ.."المائدة:41]؛ أيْ: قَابِلُونَ لهُ وَمُنْقَادُونَ غيرُ مُنْكِرِينَ لهُ، ومنهُ على أَصَحِّ القَوْلَيْنِ: {..وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ..} [التوبة:47]؛ أيْ: فيكم قَابِلُونَ وَمُنْقَادُونَ (بدائع الفوائد:2:75،76- بتصرف) يقول ابن القيم في قصيدته النونية (النونية 2:215): وهو السَّميعُ يَرى ويَسْمعُ كلَّ ما *** في الكون من سِرٍّ ومن إعلانِ
ولكلِّ صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ *** فالسِّرُّ والإِعلان مستويـانِ
والسَّمعُ منه واسعُ الأصواتِ لا *** يخفى عليه بعيدُهـــا والداني


آثـــــار الإيمــان باسمه السميـــــع: 1- إثبــــات صفة السمع له سبحانه وتعالى كما وصف الله عزَّ وجلَّ نفسه. فهو سبحـــانه سميع ذو سمع، ونحن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه بلا تحديد أو تكييف، يقول تعالى"..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"الشورى:11]. 2- إن سمع الله تبـــارك وتعالى ليس كسمع أحد من خلقه. فسمعه سبحانه وتعالى مُستغرق لجميع المسموعات، لا يعزب عن سمعه مسموع وإن دق وخفي، سرًا كان أو جهرًا. عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها وما أسمع ما تقول، فأنزل الله"قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا.." (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني). 3- لا يستجيب الله تعالى دعـــاء اللاهي والمرائي، إنما يستجيب للدعـــاء الخـــالص. عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "كان الربيع يأتي علقمة يوم الجمعة فإذا لم أكن ثمة، أرسلوا إليَّ فجاء مرة ولست ثمة، فلقينى علقمة وقال لي: ألم تر ما جاء به الربيع؟ قال: ألم تر أكثر ما يدعو الناس وما أقل إجابتهم، وذلك أن الله عزَّ وجلَّ لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء، -الناخلة: الدعاء الخـــالص الذي لا تشوبه شائبة-، قلت: أو ليس قال ذلك عبد الله -أي:عبد الله بن مسعود؟- قال: وما قال؟ قال: قال عبد الله: لا يسمع الله من مسمع ولا من مراء ولا لاعب، إلا داع دعا بتثبت من قلبه" (صحيح الأدب المفرد:606) حظ المؤمن من اسم الله تعالى السميع: 1- الله سبحـــانه وتعالى يسمع دبيـــب قلبك.. فالحذر الحذر أن يجد قلبك مُعْرِضًا عنه سبحـــانه، مُقبلاً على ما لا يرضى! 2- دوام الدعاء لله تبارك وتعالى.. فهو سبحانه وتعالى سميع الدعاء، فلُذ بربِّك والجأ إليه بكثرة الدعاء، وخذ بأسباب الإجابة حتى يكون دعاءك أحرى للقبول إن شاء الله تعالى.. ادعُ ربَّك وأنت موقن بالإجابة، بقلب يقظ غير غافل، متحريًا ساعات إجابة الدعاء.. 3- أكثر من الشكوى لربِّك السميع سبحـــانه. كما كان نبي الله يعقوب يقول"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ."يوسف:86]. وكما كان حال إبراهيم عليه السلام"..إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ"التوبة:114]، أي: كثير التأوه، كهيئة المريض المتأوه من مرضه، فكان كثير الشكاية والدعـــاء لربِّه، حَلِيمٌ بين الناس أي: ذو رحمة بالخلق، وصفح عما يصدر منهم إليه من الزلات، لا يستفزه جهل الجاهلين، ولا يقابل الجاني عليه بجرمه، فاشكُ حــالك إلى ربِّك السميـــع البصيـــر، الذي يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك ونجـــواك. 4- الله تعالى يسمع دعائك في كل حال.. قال تعالى"..وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا" الإسراء:110]، سواءً جهرت بدعائك أو أسررت به، يسمعك الله تعالى، فادعُ بصوت أدعى للخشوع والإخلاص، ولا تتكلَّف. 5- دوام المراقبـــــة لله سبحانه وتعالى في السر والعلن.. فالمؤمن الموحِد يراقب ربَّه في سره وعلانيته؛ لعلمه أن ربَّه يسمعه من فوق عرشه وأنه عليمٌ بسره ونجواه، والآية التي ترتعد منها الفرائص، قوله تعالى"أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ"الزخرف:80، فإلى أين تذهب يــــا مسكيـــن؟! أتحسب أنك ستنفذ من سمع الله عزَّ وجلَّ وبصره؟! فالصــادق في توحيده لربِّه السميــــع، لن يسمع إلا ما يحب ربَّه ويرضـــاه.. 6- احفظ سمعك، يستجب الله دعائك.. فكما إن الله سبحانه وتعالى سميـــع مُجيــب للدعاء، ينبغي أن لا يسمع العبد سوى ما يحب ربَّه ويرض، أما إذا صرف العبد حاسة السمع في ما لا يُرضي الله عزَّ وجلَّ؛ كسماع الأغاني والمعازف وسماع المُنكرات، أو التجسس على النــاس، ستكون عقوبته من جنس عمله، فلا يستجيب الله تعالى لدعائه. وحاسة السمع من أهم الحواس وأقواها في الإداراك، لذا قدمها الله تعالى في كلامه عن حواس البشر، قال تعالى"..إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"الإسراء:36]، فينبغي أن يستغلها العبد في سماع دروس العلم؛ حتى تكون المعلومات أسهل في الاستحضار بعد ذلك، ويحفظ العبد سمعه بالتزامه منهج الله تعالى.. 7- من أراد الشهرة وذيـــاع الصيــت، سمَّع الله به، أي فضحه على رؤوس الخلائــق يوم القيــامة.. عن جندب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به"(متفق عليه) كيف ندعو الله سبحـــانه وتعالى باسمه السميـــع؟ ورد الدعـــاء باسم الله تعالى السميـــع في أكثر من موضع من الكتـــاب والسُّنَّة، منها: دعـــاء إبراهيم عليه السلام"وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"البقرة:127]، وقوله تعالى عن امرأة عمران"إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"آل عمران:35]، ودعاء زكريا عليه السلام: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:38]، وعن أبان بن عثمان قال "سمعت أبي يقول: قال رسول الله"ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، فيضره شيء" رواه أبو داوود وصححه الألباني) نسأل الله تبـــارك وتعالى ألا يسمع منا إلا ما يحب ويرضى، وألا يطلِّع في قلوبنـــا إلا على ما يُحب..

رابط المادة:
رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 12:43 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر