#1
|
||||
|
||||
![]() التحذير من نشر الأدعية المخترعة ، والدعوة إلى تعاهدها الحمد لله الذي ينبغي أن ينشر ويوصى الناس بتعاهده والدعاء به : هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية ، فلا يؤمر الناس ولا ينصحون بدعاء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا به . وغاية ذلك الدعاء المخترع أن يكون جائزا ، ـ إن كان سالما من المؤاخذات عليه ـ فلو دعا به شخص ما ، في حاجة نفسه : فلا حرج عليه ، ولكن ليس له أن ينشره وأن يحث الناس على الدعاء به ، فإن ذلك لا يكون إلا فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع ، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء ، وسالكها على سبيل أمان وسلامة ، والفوائد والنتائج التي تحصل : لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان ، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس ... ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد " . انتهى من "مجموع الفتاوى" 22 /510-511. وقال القاضي عياض رحمه الله " أذن الله في دعائه ، وعلَّم الدعاءَ في كتابه لخليقته ، وعلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعاءَ لأمَّته ، واجتمعت فيه ثلاثةُ أشياء : العلمُ بالتوحيد ، والعلم باللغة ، والنصيحة للأمَّة ، فلا ينبغي لأحدٍ أن يعدلَ عن دعائه صلى الله عليه وسلم ، وقد احتال الشيطانُ للناس من هذا المقام ، فقيَّض لهم قومَ سوء يخترعون لهم أدعيةً يشتغلون بها عن الاقتداء بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "انتهى من "الفتوحات الربانية" لابن علان :1/17 .وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : " فيما ثبت في الوحيين من الأدعية والأذكار غنية عن الأدعية والأذكار المخترعة " . انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"1 / 53 . وقد ورد في هذا الدعاء المذكور بعض العبارات المسجوعة سجعا متكلفًا ، وذلك مذموم في الدعاء ، مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، روى أبو يعلى :4475. بسند صحيح عَنْ مَسْرُوقٍ ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِلسَّائِبِ " إِيَّاكَ وَالسَّجْعَ ، لَا تَسْجَعْ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَسْجَعُونَ ". وترجم البخاري في صحيحه :8/ 74: " بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ " ثم روى :6337، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ " انْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ ، فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ " ـ يَعْنِي لاَ يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ ـ . قال ابن بطال رحمه الله: " إنما نهى عن السجع فى الدعاء ، والله أعلم ؛ لأن طلب السجع فيه تكلف ومشقة ، وذلك مانع من الخشوع وإخلاص التضرع لله تعالى ، وقد جاء فى الحديث: (إن الله لا يقبل من قلب غافلٍ لاهٍ" وطالب السجع فى دعائه ، همته في تزويق الكلام وسجعه، ومن شغل فكره وكد خاطره بتكلفه، فقلبه عن الخشوع غافل لاه " انتهى من " شرح صحيح البخارى " 10/ 97. وهذا كقوله فيه : " بسم الله طريقي ، والرحمن رفيقي ، والرحيم يحرسني ، من كل شيء يلمسني " وكقوله : " اللهم يا مسهل الشديد ، ويا ملين الحديد ، ويا منجز الوعيد ". مع أن قوله : "يا منجز الوعيد" غير صحيح ، وإنما يقال : "منجز الوعد" والفرق بينهما : أن الوعد يكون في الخير ، والوعيد يكون في الشر والعقاب . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر " اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي "رواه مسلم :1763. والعرب لا تعدّ إخلاف الوعيد ذما ، بل جودا وكرما ، كما قال الشاعر: وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي يراجع " مدارج السالكين " 1/ 400 . وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم "215106" . وبالجملة : فمثل هذه الأدعية لا تنشر ، ولا ينصح الناس بالتزامها وتعاهدها وحفظها والدعاء بها ، وإنما يُنصح الناس بذلك في أدعية الكتاب والسنة . وبعض الدعاء الوارد في السؤال قد وردت به السنة ، وهو قوله : " اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ... " إلى قوله " وجلاء حزني وذهاب همي " فهذا معروف في السنة من أدعية الهم والكرب ، رواه الإمام أحمد :3712 ، وصححه الألباني في " الصحيحة " 199 . فمثل هذا يُنصح به ويدعى إليه وينشر بين الناس . وأما قول ناشر هذا الدعاء ، أو مخترعه : إن أبواب السماء مفتوحة .. ، يعني لهذا الدعاء المتكلف فهو من القول على الله بغير علم ، وادعاء أمر من الغيب ، لا يعلمه إلا رب العالمين ؛ وقد حذر الله عباده أن يقولوا عليه بغير علم ، أو يتكلم بأمر ، من غير حجة ولا برهان . قال الله تعالى " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " الأعراف/33 . وقال تعالى " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا "الإسراء/36 . والله تعالى أعلم . موقع الإسلام سؤال وجواب*
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|