العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى القرآن والتفسير > ملتقى القرآن والتفسير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #2  
قديم 12-23-2019, 12:37 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,382
Red face

النعيم الذي يسأل عنه المرء يوم القيامة

الحمد لله :
أولاً :
معنى قول الله تعالى " ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ " التكاثر/8 : أي " ثم ليسألنكم الله عز وجل عن النعيم الذي كنتم فيه في الدنيا : ماذا عملتم فيه ، ومن أين وصلتم إليه ، وفيم أصبتموه ، وماذا عملتم به ؟ " انتهى من " تفسير الطبري " 30/365.


ثانيًا : اختلف أهل التفسير في المقصود من النعيم المسئول عنه على أقوال منها :
1- أنه الصحة والأمن .
2- أنه العافية .
3- أنه الصحة والفراغ .
4- أنه الإدراك بحواس السمع والبصر .
5- بعض ما يطعمه الإنسان ويشربه .
6- الغداء والعشاء .
7- شبع البطون .
8- كل ما التذه الإنسان في الدنيا من شيء .
ينظر : " تفسير الطبري " 30/365-370." تفسير القرطبي " 20/176 .

والصحيح من القول في ذلك: هو أن النعيم المذكور في الآية عام يشمل كل ما يتنعم الإنسان به ، فيدخل فيه كل أصناف النعم من طعام وشراب وملبس وسكن وصحة وعافية وحواس وغير ذلك .
قال الطبري في تفسيره :30/370 " والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم ، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع ، بل عمّ بالخبر في ذلك عن الجميع ، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم ، لا عن بعض دون بعض " انتهى .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ " مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ " ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ" وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا " فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيْنَ فُلَانٌ " ؟ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي ، قَالَ : فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ : كُلُوا مِنْ هَذِهِ ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ : فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ " فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ " . أخرجه مسلم :2038 .
وفي لفظ الترمذي :2369" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنْ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ " .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنْ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ " .
أخرجه الترمذي :3358. وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ " .
أخرجه الترمذي :2416. وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " 7299 .



ثالثًا : ليس من النعيم المسئول عنه يوم القيامة ما يضطر إليه المرء من طعام يسد به جوعته أو ملبس يستر به عورته ، أو مسكن يتقي به الحر والبرد ، أما ما زاد عن حد الاضطرار والاحتياج الشديد فهو من النعيم المسئول عنه .
فقد ثبت في رواية في مسند أحمد :20244. عن أبي عسيب رضي الله عنه قال " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا فَمَرَّ بِي فَدَعَانِي إِلَيْهِ ، فَخَرَجْتُ ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ ثُمَّ مَرَّ بِعُمَرَ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ " أَطْعِمْنَا بُسْرًا " فَجَاءَ بِعِذْقٍ فَوَضَعَهُ فَأَكَلَ ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ بَارِدٍ فَشَرِبَ فَقَالَ " لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قَالَ : فَأَخَذَ عُمَرُ الْعِذْقَ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ قِبَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَئِنَّا لَمَسْئُولُونَ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ " نَعَمْ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : خِرْقَةٍ كَفَّ بِهَا الرَّجُلُ عَوْرَتَهُ ، أَوْ كِسْرَةٍ سَدَّ بِهَا جَوْعَتَهُ ، أَوْ حَجَرٍ يَتَدَخَّلُ فِيهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْقُرِّ " .
حسنه الألباني في " صحيح الترهيب والترغيب" 3221 .



رابعًا : السؤال عن النعيم يعم المسلم والكافر ، إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا والآخرة ؛ لأن المؤمن شكر نعمة الله وحفظ حق الله فيها ، أما سؤال الكافر فهو تقريع له ؛ لأنه قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية .
قال الماوردي " وهذا السؤال يعم الكافر والمؤمن إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا والآخرة ، وسؤال الكافر تقريع أن قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية " انتهى من تفسير القرطبي :20/177 .
قال القشيري " إن الكل يُسألون ، ولكن سؤال الكفار توبيخ ؛ لأنه قد ترك الشكر ، وسؤال المؤمن سؤال تشريف لأنه شكر ، وهذا النعيم في كل نعمة " انتهى .
وعلق القرطبي على ذلك بقوله " وهذا القول حسن ؛ لأن اللفظ يعم " انتهى من تفسير القرطبي :20/177 .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره ص836 :
" ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" الذي تنعمتم به في دار الدنيا ، هل قمتم بشكره ، وأديتم حق الله فيه ، ولم تستعينوا به على معاصيه ، فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل .
أم اغتررتم به ، ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به على المعاصي ، فيعاقبكم على ذلك ، قال الله تعالى "وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ " انتهى .
والله أعلم .

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 03:29 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر