العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى الفقه > ملتقى الفقه > ملتقى الحج والعمرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 05-17-2025, 08:24 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,328
Post الإحصارُ

الإحصارُ



تمهيدٌ: في تعريفِ الإحصارِ:
الإحصارُ لغةً: المنعُ والحَبسُ
الإحصارُ اصطلاحًا: هو مَنْعُ المُحْرِمِ مِن إتمامِ أركانِ الحَجِّ أو العُمرةِ
المبحث الأوَّل: ما يكونُ به الإحصارُ
المطلب الأوَّل: الإحصارُ بالعَدُوِّ
الإحصارُ يحصُلُ بالعَدُوِّ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى"
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ "البقرة: 196.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ سَببَ نُزولِ الآيةِ هو صدُّ المشركينَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه عن البيتِ، وقد تقرَّرَ في الأصولِ أنَّ صورةَ سَببِ النُّزولِ قطعيَّةُ الدُّخولِ، فلا يُمكِنُ إخراجُها بمخَصِّصٍ.
كذلك فإنَّ قولَه تعالى بعد هذا:
فَإِذَا أَمِنْتُمْ يشيرُ إلى أنَّ المرادَ بالإحصارِ هنا صَدُّ العدُوِّ المُحْرِمَ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
أمْرُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه حين أُحْصِرُوا في الحُدَيبِيَةِ أن ينحَرُوا ويَحِلُّوا.
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامة، وابنُ تيميَّة وابنُ جُزَيٍّ
المطلب الثاني: الإحصارُ بالمَرَضِ وغَيرِه
الإحصارُ يكونُ بالمَرَضِ وذَهابِ النَّفَقةِ وغيرِ ذلك، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، وروايةٌ عن أحمَدَ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ، واختيارُ ابنِ تيميَّة، وابنِ القَيِّم، وابنِ باز، وابنِ عُثيمين.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالى"
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ "البقرة: 196.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ لفظَ الإحصارِ عامٌّ يدخُلُ فيه العدوُّ والمَرَضُ ونحوه
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن عِكرمةَ قال: سمعْتُ الحجَّاجَ بنَ عَمْرٍو الأنصاريَّ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"
مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فقد حَلَّ، وعليه الحَجُّ مِن قابلٍ" قال عِكرمةُ: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ وأبا هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن ذلك، فقالا: صَدَقَ
ثالثا: أنَّ المعنى الذي لأجلِه ثبَتَ حَقُّ التحلُّلِ للمُحصَرِ بالعدُوّ؛ِ موجودٌ كذلك في المَرَضِ
المبحث الثاني: أنواعُ الإحصارِ
المطلب الأوَّل: الإحصارُ عن الوقوفِ بعَرَفةَ
اختلف الفقهاءُ فيمن أُحصِرَ عن الوقوفِ بعَرَفة دون البيتِ، على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأوّل: أنَّه ليس بمُحصَرٍ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة وروايةٌ عن أحمد؛ لأنَّه إن قدَرَ على الطَّوافِ له أن يتحلَّلَ به، فلا حاجةَ إلى التحلُّلِ بالهَدْيِ، كفائِتِ الحجِّ
القول الثاني: يُعتَبَرُ مُحصرًا، ويتحلَّلُ بأعمالِ العُمرةِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والشَّافعيَّة؛ لأنَّه لَمَّا جاز أن يتحلَّلَ عن جميعِ الأركانِ، كان إحلالُه مِن بعضِها أَوْلى
القول الثالث: يتحلَّلُ بعمرةٍ، ولا شيءَ عليه، إن كان قبل فَواتِ وقتِ الوُقوفِ، وهو مَذهَب الحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عُثيمين؛ لأنه يجوزُ لِمَن أحرَمَ بالحجِّ أن يجعَلَه عمرةً، ولو بلا حصرٍ، ما لم يقِفْ بعَرَفةَ
المطلب الثاني: الإحصارُ عن طوافِ الإفاضةِ
اختلف الفقهاءُ فيمن وقَفَ بعَرَفةَ ثم أُحصِرَ عن البيتِ؛ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأوّل: لا يكون مُحصَرًا، وعليه التحلُّلُ بالحَلْقِ يومَ النَّحرِ، ويَحِلُّ له كلُّ شيءٍ إلَّا النساءَ، حتى يطوفَ طَوافَ الإفاضةِ في أيِّ وقتٍ قَدَرَ عليه، وهذا مَذهَب الحَنَفيَّة، والمالكيَّة
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال"
الحجُّ عَرَفةُ"
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المرادَ بكونِ الحَجِّ عَرَفةَ أنَّه الرُّكنُ الذي إذا أدرَكَه، فقد أدرك الرُّكنَ الذي يفوتُ الحجُّ بفَواتِه، ويسقُطُ به الفَرضُ
ثانيًا: أنَّه لَمَّا وقف بعَرَفةَ فقد فعَلَ ما له حُكْمُ الكُلِّ، وأمكَنَه التحلُّلُ بالحَلْقِ يومَ النَّحرِ عن كلِّ محظورٍ سوى النِّساءِ، فلم يلزَمِ امتدادُ الإحرامِ الموجِبِ للحَرَج، ولم يبقَ عليه إلَّا الإفاضةُ التي يصِحُّ الإتيانُ بها في أيِّ وقتٍ مِنَ الزَّمانِ
القول الثاني: أنَّه يكونُ مُحصَرًا، ويتحَلَّلُ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة في الأظهَرِ
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال تعالى"
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ "البقرة: 196.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عُمومَ الآيةِ يشمَلُ مَن أُحصِرَ عن عَرَفةَ أو أُحصِرَ عن البيتِ
ثانيًا:أنَّه إحرامٌ تامٌّ، فجاز له التحلُّلُ منه؛ قياسًا على ما قَبْلَ الوقوفِ بعَرَفةَ
ثالثا:أنَّه لَمَّا جاز أن يتحَلَّلَ بالإحصارِ مِن جميعِ الأركانِ، كان تحلُّلُه مِن بعضِها أَوْلى
القول الثالث: أنَّه إن أُحصِرَ عن البيتِ بعد الوقوفِ بعَرَفة قبل رَميِ الجمرةِ، فله التحلُّلُ، وإن أُحصِرَ عن طوافِ الإفاضةِ بعد رَمْيِ الجمرةِ، فليس له أن يتحَلَّلَ، وهذا مَذهَبُ الحَنابِلَة
ودليلُهم في التَّفريقِ:
أنَّ الإحصارَ كما يفيدُ عن جميعِ أعمالِ الحجِّ، فإنَّه يفيدُ عن بعضِ أركانِه، لكِنْ لم يحصُلِ الإحصارُ بعد رميِ الجمرةِ؛ لأنَّ إحرامَه بعد الرَّميِ إنَّما هو عن النِّساءِ، والشَّرعُ إنَّما ورد بالتحلُّلِ مِنَ الإحرامِ التَّامِّ، الذي يحرُمُ جميعُ محظوراتِه، فلا يَثبُتُ بما ليس مثلَه، فمتى ما زالَ الحصْرُ أتى بالطَّوافِ، وقد تم حجُّه
المطلب الثالث: الإحصارُ عن واجبٍ مِن واجباتِ الحَجِّ
إذا أُحصِرَ عن واجبٍ فلا يتحَلَّلُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه يُمكِنُ جَبرُه بالدَّمِ، فلا حاجةَ إلى التحلُّلِ
ثانيًا: لأنَّ صِحَّةَ الحَجِّ لا تقِفُ على فِعلِ ذلك الواجِبِ
المطلب الرابع: الإحصارُ عن العُمرةِ
يجوزُ للمُحرِمِ بالعمرةِ التحلُّلُ عند الإحصارِ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وبعضِ المالكيَّة وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
- قال تعالى"
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ "البقرة: 196. عقيبَ قَولِه عزَّ وجَلَّ "وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ "البقرة: 196. فكان المرادُ منه: فإنْ أُحصِرتُم عن إتمامِهما فما استيسَرَ مِنَ الهَديِ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
ثبتَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه رَضِيَ اللهُ عنهم حُصِروا بالحُدَيبيَةِ، فحال كفَّارُ قريشٍ بينهم وبين البَيتِ، وكانوا مُعتمرينَ، فنَحَروا هَدْيَهم وحَلَقوا رُؤوسَهم
ثالثًا: أنَّ التحلُّلَ بالهَدْيِ في الحجِّ لمعنًى هو موجودٌ في العُمرةِ: وهو التضرُّرُ بامتدادِ الإحرامِ
المبحث الثالث: زوالُ الحَصرِ
متَى زالَ الحصرُ قَبلَ تحلُّلِه، فعليه إتمامُ نُسكِه، إلَّا أن يكونَ الحجُّ قد فاتَ، فإنَّه يَتحلَّلُ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنْذِر، وابن قُدامَة.

الدرر السنية/ الموسوعة الفقهية/كتابُ الحَجِّ/الباب السادس عشر: الفواتُ والإحصارُ/الفصل الثاني: الإحصارُ.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 06:00 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر