#4
|
||||
|
||||
![]() المطلــب الثانـــي موقــف طالـــب العلــم مــن اختــلاف العلمــاء إن طالـب العلـم ينبغـي ألا يَضِيـق بالخـلاف ذرعـًا ، بـل إن كثيـرًا مـن الخـلاف بيـن أهـل العلـم فـي القديـم والحديـث لا محيـد عنـه ولا مفـر ، وهـو أمـر مـن طبيعـة اختـلاف البشـر واجتهاداتهـم وتبايـن آرائهـم وأنظارهـم ، ولكـن علـى الطالـب أن ينتبـه لأمـور : قَـلَّ أن تجـد مسـألة فقهيـة بـل وغيـر فقهيـة ؛ حاشـا " مسـائل العقيـدة الأسـاسـية " إلا وتجـد فيهـا اختلافًـا ، وقَـلَّ أن تجـد حديثًـا ؛ حاشـا مـا فـي " الصحيحيـن " ؛ إلا وتجـد خلافـًا فـي الحكـم عليـه . الخـلاف فـي الترجيـح بيـن الأقـوال فـي المسـائل أو فـي الحكـم علـى الأحاديـث ليـس علـىدرجـة واحـدة ، فمنـه الخـلاف القـوي الـذي تكـاد تتقابـل فيـه الأدلـة ـ قـوة ـ . ومنـه الخـلاف الضعيـف الـذي فيـه قـول ظاهـر القـوة ومـا عـداه دون ذلـك ـ أي رأي راجـح وآخـر مرجـوح ـ ، ومنـه مـا بيـن هـذا وذاك . وعليـه فترجيـح مجتهـد لقـول مـا فـي مسـألة أو حكـم علـى حديـث لا يعنـي اطِّـراح القـول المقابـل لـه حتـى لا يُنظـر إليـه ألْبَتَّـة ، أو يَظُـنّ الطالـبُ أن الحكـمَ فـي المسـألةِ أو علـى الحديـث قـد فُـرِغَ منـه ، لا سـيما فـي ما كـان الخـلاف فيـه قويًّـا ، ما لـم يكـن ذلـك القـول المطَّـرح ظاهـر الضعـف . ـ وتَعْجـب ممـن يقولـون لا نقلـد أحـد المذاهـب ، لكنهـم فـي الحقيقـة يقعـون فـي تقليـد آخريـن مـن سـابقين أومعاصريـن . فالعبـرة بالاتبـاع وليـس بالتقليـد ، والعبـرة باتبـاع الدليـل بمعنـى أن تأخـذ بهـذا القـول لأن دليلـه أو تعليلـه أقـوى مـن دليـل أو تعليـل الآخـر فيمـا يتبيـن لـك ، لا لأن فلانـًا قـال بـه فحسـب . وهـذا بالنسـبة لطالـب العلـم أمـا العامـي - الذي لا يستطيع الدراسة والترجيح ... ، فله أن يبحث ويسأل عن أحد العلماء العاملين بكتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فيقلده ويرجع إليه فيما يعرض له من مسائل شرعية . - لـه فـي هـذا بيـان آخـر . ـ والعجـب مـن البعـض أنهـم إذا وجـدوا فتـوى تخالـف مـا اعتـادوه فـي بلدهـم بنــاءً علـى فتـوى علمائهـم ، إذا رأوا ذلـك طـاروا بـه كـل مَطْيـر وكأنهـم ظفـروا بمـا لـم يظفـر بـه السـابقون ، ولـم يعلمـوا أن الاجتهـاد لا يُعَـارض بمثلـه ، فعـلامَ يعارضـون فتـوى فـلان بفتـوى فـلان ؟ ! ربمـا لـو قلـتَ لـه إن مـا تخالفـه هـو فتـوى فـلان مـن الصحابـة ، أو جُـل الصحابـة ، لتعجـب لأنـه كـان يظـن أن مـا ظفـر بـه مـن الفتـوى قاطـعٌ قـولَ كـل خطيـب . ـ والأمـر أيسـر مـن ذلـك بكثيـر ، فهـذا أدَّاه اجتهـاده إلـى كـذا ، وهـذا أدَّاه اجتهـاده إلـى كـذا ، وكلهـم يعلـم أن المسـألة ليسـت مقطوعًـا بهـا ، ولا مُجْمَعًـا عليهـا ، ولـو اجتمعـا فـي مجلـس لـم ينكـر أحدهمـا على الآخـر ولم يعنِّفـه ، ولكـن الخَطْـب غالبًـا ما يأتـي مـن النَّقَلَـة والـرواة والأتبـاع . ـ وإذا كـان هـذا فـي الترجيـح فـي المسـائل ، فمثلـه يقـال فـي الحكـم علـى الأحاديـث ، والاختـلاف فيهـا ، فإنـك قـد تجـد مَـنْ إذا ظفـر بمـن يضعـف حديثًـا قـد اشـتهر عنـد النـاس العمـل بـه ، لتصحيـح بعـض علمائهـم لـه مـن السـابقين والمعاصريـن ممـن شـهد لـه النـاس بالمعرفـة فـي هـذا الفـن ، إذا ظفـر بذلـك ظـن أن تصحيحـه غيـر معتبـر ألْبتـة ، وراح يحـذر النـاس منـه وكأنـه حديـث موضـوع اتفـق العلمـاء علـى تركـه ، فهـو وإن ضعفـه فـلان ـ مـن أهـل هـذا العلـم ـ فقـد صححـه فـلان أيضـًا ممـن هـو من أهـل هـذا الشـأن وربمـا يكـون له سـلف أيضـًا فـي تصحيحـه . ـ وعلـى طالـب العلـم أن يكـون صـدره متسـعًا لهـذا وذاك ، وإذا ضَعَّـفَ الحديـث متبعـًا قـول فـلان ، فـلا ينبغـي أن يكـون علـى وجـه الاسـتهانة بمـن صححـه أو عـدم الاعتبـار لـه ، ولا ينبغـي أيضـًا أن يحمـل النـاس علـى ذلـك . ـ ورحـم الله " الإمـام مالكـًا " لما صَنَّـفَ الموطـأ فـأراد المنصـور أن يحمـل الأمصـار على العمـل بـه ، فأبـى ذلـك " الإمـام مالـك " . [ فقـد روى ابـن عسـاكر أن أبـا جعفـر المنصـور سـأل الإمـام مالـك ـ رحمه الله ـ أن يحمـل النـاس علـى كتابـه الموطـأ ، فقـال " الإمـام مالـك " لـه : لا تفعـل هـذا ، فـإن النـاس قـد سـبقت إليهـم أقاويـل ، وسـمعوا أحاديـث وروايـات ، وأخـذ كـل قـوم منهـم بمـا سـبق إليهـم وعملـوا بـه ودانـوا بـه مـن اختـلاف النـاس وغيرهـم ، وإنَّ ردَّهـم عمـا اعتقـدوا شـديد ، فـدع النـاس ومـا هـم عليـه ومـا اختـار أهـل كـل بلـد لأنفسـهم ] . التوحيد / جمادى الأولى 1425 / ص : 71 / بتصرف . " الأثر " من كتاب : فقه الخلاف بين المسلمين للشيخ ياسر برهامي/ ص : 28 . قـال الشـيخ الألبانـي فـي صفـة صـلاة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ص : 64 / تحـت موضـوع شـبهات والـرد عليهـا : أحسـن مـا وقعـت عليـه مـن الروايـة ، مـا ذكـره الحافـظ ابـن كثيـر فـي " شـرح اختصـار علـوم الحديـث " ص : 42 ، وهـو أن الإمـام مالـك قـال ( أي قـال للمنصـور عندمـا أراد أن يحمـل النـاس علـى كتـاب الموطـأ ـ فأبـى الإمـام مالـك وقـال [ إن النـاس قـد جمعـوا واطلعـوا علـى أشـياء لـم نطلـع عليهـا ] . ا . هـ . بتصرف . ـ ولا ينبغـي أن تـؤدي هـذه المسـائل ـ الخلافيـة ـ إلـى التدابـر والتباغـض والـولاء والبـراء . قـال الذهبـي فـي " سِـير أعـلام النُّبَـلاء ( 14 / 376 ) " ـ بعـد ذِكْـر مسـألةٍ يـرى فيهـا أن أحـد الأئمـة الأعـلام قـد أخطـأ فـي اجتهـاده ـ : " ولـو أنَّ كـلَّ مـن أخطـأ فـي اجتهـاده ـ مـع صحـة إيمانـه ، وتوخِّيـه لاتبـاع الحـق ـ أهدرنـاه وبدَّعْنـاه ، لَقَـلَّ مَـن يَسْـلَم مـن الأئمـة معنـا ، رحـم الله الجميـع بمنـه وكرمـه " . الموسوعة الفقهية الميسرة / ج : 3 / ص : 242 . وورد بنفـس المرجـع : ومهمـا يكـن مـن أمـر ؛ فإنـه لا ينبغـي أن نختلـف ، أو نتفـرق ، أو نُوالـي ، أو نعـادي فـي هـذه المسـائل ـ الخلافيـة ـ . وليـس لأحـدٍ أن يُلـزم الآخـر برأيـه ، والمهـم ألاَّ يتبـع المـرء هـواه ، فمـا دام قـد اعتمـد علـى أقـوال العلمـاء ، مـع بـذل الأسـباب فـي معرفـة الحـق والصـواب ، والتجـرّد مـن الهـوى والتعصـب ، فقـد سـدَّد وقـارب ونجـا بإذن الله تعالـى . الموسوعة الفقهية الميسرة / ج : 3 / ص : 318 / بتصرف . فـائـــدة : ينبغـي عنـد الخـلاف أن يكـون معتقـدي كمـا قـال العلمـاء : رأيـي هـو الصـواب ويحتمـل الخطـأ . ورأي غيـري هـو الخطـأ ويحتمـل الصـواب . * * * * *
__________________
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|