#17
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الســابع : الاســتصحاب وهـو اسـتدامة نفـي مـا كـان منفيًّـا حتـى يثبتـه دليـل صحيـح ، واسـتدامة إثبـات مـا كـان ثابتًـا حتـى ينتفـي بدليـل صحيـح . والاسـتصحاب دليـلٌ عقلـي يعمـل بـه فـي الشـرعيات وغيرهـا . وهـو لا يُثْبِـتْ حقًّـا جديـدًا أو حكمًـا جديـدًا ، وإنمـا يصلـح حجـة لعـدم التغييـر ، ولبقـاء الأمـر علـى مـا كـان عليـه . الواضح ... / ص : 167 . لا نصيـر إلـى الاسـتصحاب إلا بعـد فقـد الدليـل مـن الكتـاب أو السـنة ، أو الإجمـاع ، أو القيـاس ، أوقـول الصحابـي . ويكفـي لاسـتصحاب الأصـل ، أن يبـذل المجتهـد كـل طاقـة فـي طلـب الدليـل ، ويسـتفرغ وسـعه فـي طلبـه فـإن لـم يجـده اسـتصحب الأصـل الثابـت بالدليـل . التاسيس ... / ص : 427 / بتصرف . مرادفــات الاسـتصحاب : يطلـق علـى الاسـتصحاب : العـدم الأصلـي ، أو البـراءة الأصليـة ، أو الإباحـة العقليـة .التأسيس ... / ص : 428 . أنـــواع الاسـتصحاب : قسـم أهـل العلـم مـن الأصولييـن الاسـتصحاب إلـى أربعـة أنـواع : 1ـ اسـتصحاب البـراءة الأصليـة . 2ـ اسـتصحاب العمـوم إلـى أن يَـرِد تخصيـص ، والنـص إلـى أن يـرد النسـخ . 3ـ اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه . 4ـ اسـتصحاب حكـم الإجمـاع فـي محـل النـزاع . التأسيس ... / ص : 430 . أولًا : اسـتصحاب البـراءة الأصليـة : إذا فُقِـدَ الدليـل مـن الكتــاب أو السـنة أو الإجمــاع أو قــول الصحابـي علـى مسـألة بعينهـا ، أو فُقِـدَ القيـاس علـى جنـس المسـألة ، حينئـذ شُـرِع للمجتهـد أن يسـتصحب البـراءة الأصليـة . ومعنـى البــراءة : أن المكلَّـف خـالٍ مـن التكليـف والحقـوق ، حتـى يأتـي دليـل بإشـغاله ، وليـس معنـى أن المكلَّـف خـالٍ مـن التكليــف أن مـا لـم يــردْ فيـه دليـل بالعيـن أو الجنـس أنـه مبـاح إتيانـه ولكـن مبـاح لـه إتيـان الأصـل سـواء كـان بالإباحـة أو المنـع . فمثـــلاً : الأصـل فـي الأشـياء النافعـة أنهـا مباحـة مـا لـم يـدل دليـل علـى خـلاف ذلـك . ومعنـى " نافعـة " : أي مـا كـان نفعهـا محضًـا أو كثيـرًا أو غالبًـا .لقولـه تعالـى "هُـوَ الّـَذِي خَلَـقَ لَكُـم مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا ... " . سورة البقرة / آية : 29 . ووجــه الاسـتدلال : أن هـذا الخلــق يختـص بالإنسـان لقولـه تعالـى : " لكـم " ، وأن كـل مـا فـي الأرض نفـع ، عَلِـمَ ذلـك مَـنْ عَلِـمَ وجَهِــلَ ذلـك مـن جَهِـل ، ودليـل ذلـك : " مـا " ـ فهـي تـدل علـى العمـوم ـ ، وأن هـذه الأشـياء موجـودة فـي الأرض وليسـت فـي كوكـب آخـر لقولـه تعالـى : " مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا" . الأصـل فـي الأشـياء الضـارة التحريـم سـواء كـان الضـرر الناتـج عنهـا ضـررًا محضًـا أو غالبًـا . ودليـل ذلـك : عـن عبـادة بـن الصامـت ـ رضي الله عنه ـ أن رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضـى أن " لا ضـرر ولا ضِـرار (1)" .سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 17 ) ـ باب : من بنى في حقه ما يضر بجاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح . وأمـا إذا تسـاوى النفــع والضـرر فـي شــيء ، فهـو أيضًـا حــرام ، لأن درء المفاسـد مقـدم علـى جلـب المصالـح . التأسيس ... / ص : 431 / بتصرف . ( 1 ) من أراد المزيد من التوضيح فليرجع إلى بحث : القواعد الفقهية ، وكذلك التأسيس ... / ص : 432 . متــى يُحتــج بالبــراءة الأصليــة : حينمـا يُحتـج بالبـراءة الأصليـة علـى إطلاقهـا ، يلـزم ألا يوجـد مُعَـارِض ـ ولـو فـي قـول بعـض الفقهـاء ـ لهـذا الأصـل . ولكـن عنـد وجـود المُعَـارِض ، يحتـاج مـن يحتـجّ بالبـراءة الأصليـة ، إلـى بعـض الأدلـة الثابتـة للاسـتئناس فـي تدعيـم مـا يذهـب إليـه ، ولإثبـات عـدم حُجِّيـة هـذا المُعَـارِض ، وعـدم صلاحيتـه لنقـض البـراءة الأصليـة ... مثـــال : إذا قـال بعـض الفقهـاء بطهــارة المشـرك اسـتنادًا إلـى البـراءة الأصليـة ، عـورض هـذا القــول بقـول فريـق آخـر مـن الفقهـاء يذهـب إلـى نجاسـة المشـرك ، ودليلهـم فـي ذلـك الآيـة :"... إِنَّمَـا الْمُشْـرِكُونَ نَجَـسٌ ... ". سورة التوبة / آية : 28 . فهنـا نجـد أنفسـنا أمـام قوليـن للفقهـاء : ـ قـول يوجـه لفظـة : " نجـس " علـى أنهـا نجاسـة معنويـة . ـ وقـول آخـر يوجـه لفظـة : " نجـس " علـى أنهـا نجاسـة ماديـة . فحينـذاك يحتـاج مـن يحتـج بالبـراءة الأصليـة لطهـارة المشـرك إلـى دليـل آخـر ثابـت للاسـتئناس فـي تدعيـم مـا يذهـب إليـه ، ولإثبـات عـدم حجيـة المُعَـارِض ، وعـدم صلاحيتـه لنقـض البـراءة الأصليـة . والمُعَـارِض فـي هـذا المثــال هــو : قــول بعـض الفقهـاء فـي الآيـة { ... إِنَّمَـا الْمُشْـرِكُونَ نَجَـسٌ ... } أن المقصـود بلفظـة " نجـس " أنهـا نجاسـة ماديـة .ومعهـا فـإن المشـرك عنـد أصحـاب هـذا الـرأي نجـس نجاسـة حسـية . وهـذا ينقـض قـول مـن يحتـج بالبـراءة الأصليـة لطهـارة المشـرك . فيحتـاج أصحـاب هـذا القــول ـ والحالـة هـذه إلـى أن يـردوا هـذا الفهــم وهـذا التوجيـه بدليـل يبيـن أن الإنسـان طاهـر مسـلمًا كـان أو كافـرًا . وهـذا الدليـل هـو : بقـاء ثُمامـة فـي المسـجد وهـو كافـر ، فـدل علـى طهـارة الإنسـان مسـلمًا كـان أو كافـرًا . * فعـن أبـي هريــرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : بعـث النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خيـلاً قِبَـل نَجْـد فجـاءت برجُــلٍ مـن بنـي حنيفـة يُقَـالُ لـه ثُمامـةُ بـنُ أُثـال فربطـوه بسـاريةٍ مـن سـواري المسـجد ، فخــرج إليـه النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ فقــال :عنـدي خيــر يـا محمـد إن تقتلنـي تقتـل ذا دم وإن تُنعـم تنعـم على شـاكر ، وإن كنـت تريـد المـال فسـل منـه مـا شـئت . فَتُـرِكَ حتـى كـان الغـد ثـم قـال لـه : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ قـال : مـا قلـتُ لـك إن تُنعـم تنعـم علـى شـاكر . فتركـه حتـى كـان بعـد الغـد ، فقـال : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ فقـال : عنـدي مـا قلـتُ لـك . فقـال : أطلقـوا ثمامـة ، فانطلـق إلـى نخـلٍ قريـبٍ مـن المسـجد فاغتسـل ثـم دخـل المسـجد فقـال :أشـهد أن لا إله إلا الله وأشـهد أن محمـدًا رسـول الله . يـا محمـد والله مـا كـان علـى الأرض وجــهٌ أبغـضَ إلـيَّ مـن وجهِــك ، فقـد أصبـح وجهُـك أحـبَّ الوجـوهِ إلـيّ ، والله مـا كـان مـن ديـنٍ أبغـضَ إلـيَّ مـن دينِـك فأصبـح دينُـك أحـبَّ الديـنِ إلـيَّ ، واللهِ مـا كـان مـن بلـد أبغـَُض إلـيّ مـن بلـدك فأصبـح بلـدُكَ أحـبَّ البـلاد إلـيّ وإن خيلَـك أخذتنـي وأنـا أريـدُ العمـرةَ فمـاذا تــرى ؟ فبشـرَه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأمــره أن يعتمـر . فلمـا قـدم مكـة قـال لـه قائـل : صبَـوتَ ؟ قـال : لا ولكـن أسـلمتُ مـع محمـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ولا والله لا يأتيكـم مـن اليمامـة حبـةُ حِنطـةٍ حتـى يـأذن فيهـا النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 8 / ( 64 ) ـ كتاب : المغازي / ( 70 ) ـ باب : وفد بني حنيفة ... / حديث رقم : 4372 / ص : 98 . مثـــال آخــر : إذا قـال بعـض الفقهـاء بطهـارة الـدم علـى الإطـلاق ـ مـا عـدا دم الحيـض والنفـاس ـ اسـتنادًا إلـى البــراءة الأصليـة ، واعتمـادًا علـى أنـه لـم يَــرِدْ دليـل ينقـض هـذه البــراءة إلا فيمـا يخـص دم الحيـض والنفـاس ، وأمـا الآيـة التـي ذُكـر فيهـا الـدم : { قُـل لاَّ أَجِـدُ فِـي مَـا أُوْحِـيَ إِلَـيَّ مُحَرَّمـًا عَلَـى طَاعِـمٍ يَطْعَمُـهُ إِلاَّ أَن يَكُـونَ مَيْتَـةً أَوْ دَمًا مَّسْـفُوحًا أَوْ لَحْـمَ خِنزِيـرٍ فَإِنَّـهُ رِجْـسٌ ... } .سورة الأنعام / آية : 145 . فـإن هـذه الآيـة دليـل علـى نجاسـة الخنزيـر فقـط ، لأن الهـاء فـي لفظـة : " فإنـه " تعـود علـى آخـر مذكـور وهـو " الخنزيـر " . فأصحـاب هـذا القـول ـ طهـارة الدمـاء ـ اسـتدلالاً بالبـراءة الأصليـة ، سـيُعارَضون بقـول جمـع آخـر مـن الفقهــاء الذيـن يوجِّهـون هـذا الضميــر ـ فـي لفظــة : " إنـه " ـ علـى أنـه يعــود علـى المذكـورات جميعًـا وليـس علـى " الخنزيـر " فحسـب ، مِـن ثَـمَّ فإنهـم يفهمـون ويوجهـون هـذه الآيـة علـى أنهـا ـ عندهـم ـ دليـل علـى نجاسـة الـدم علـى الإطـلاق ، فـلا حجيـة للبـراءة الأصليـة عنـد هـذا الجمـع الآخـر . وحينئـذ ، يحتــاج أصحــاب القــول بطهـارة الدمـاء ، إلـى أدلــة ثابتـة مـن الكتــاب أو السـنة الصحيحـة ، لتدحـض هـذا الفهــم وهـذا التوجيـه للآيـة ، وبالتالـي تدحـض دليـل الفريــق المعـارض القائــل بنجاسـة الـدم . فيـورد أصحـاب القــول الأول ـ اسـتئناسًـا ـ بعـض الأدلـة الثابتـة الصحيحـة ، والتـي تدعـم مـا يذهبـون إليـه فـي فهــم وتوجيـه الضميـر فـي الآيـة المذكـورة ، والتـي تُعَـارِض القـول بنجاسـة الـدم علـى إطلاقــه ، بـل إن حكــم الـدم مـا زال علـى البــراءة الأصليـة طاهــرًا ، إلا مـا ورد بشـأنه نـصٌّ يخصـه بالنجاسـة ويخرجـه مـن الأصـل المذكـور ... ومـن هـذه الأدلـة علـى سـبيل المثـال : 1 ـ دليـل طهـارة دم الحيـوان : " حديـث " ابـن مسـعود . " فقـد صـح عـن ابـن مسـعود أنـه نحـر جـزورًا فتلطـخ بدمهـا وفرْثهـا ثـم أقيمـت الصــلاة فصلـى ولـم يتوضـأ " . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 1 / 125 ) ، وابن أبي شَيْبَة ( 1 / 392 ) ، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 284 ) بسندٍ صحيح عنه .تمام المنة في ... / ص : 52 . 2ـ دليـل طهـارة دم الإنسـان " حديـث الأنصـاري الـذي قـام يصلـي فـي الليـل فرمـاه المشـرك بسـهم فوضعـه فيـه ، فنزعـه ، حتـى رمــاه بثلاثـة أسـهم ، ثـم ركــع وسـجد ومضـى فـي صلاتـه وهـو يمـوج دمًـا" .تمام المنة ... / للشيخ الألباني / ص : 51 . * فعـن جابـر قـال :خرجنـا مـع رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يعنـي فـي غـزوة ذات الرقـاع ..... فنـزل النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ منـزلاً ، فقـال " مَنْ رجـلٍ يكْلأُنـا (1) ؟ " . فانتُـدِبَ رجـل من المهاجريـن ،ورجـل مـن الأنصـار . فقـال " كونـا بفَـمِ الشِّـعْبِ " . قـال : فلمـا خـرج الرجـلان ، إلـى فـم الشـعب اضطجـع المهاجـري ، وقــام الأنصـاري يصلـي ،وأتـى الرجــل فلمـا رأى شـخصه عـرف أنـه ربيئـة (2) للقـوم ، فرمــاه بسـهم فوضعـه فيـه ،فنزعـه حتـى رمـاه بثلاثـة أسـهم ، ثـم ركـع وسـجد ، ثـم انتبـه صاحبـه ، فلمـا عـرف أنهـم قـد نـذِروا (3) بـه هـرب ، ولمـا رأى المهاجـري مـا بالأنصـاري مـن الدمـاء قـال : سـبحان الله ! ألا أنبهتنـي أول مـا رمـى ، قـال : كنـت فـي سـورة أقرأهـا فلـم أحـب أن أقطعهـا . صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / كتاب : الطهارة / ( 79 ) ـ باب : الوضوء من الدم /حديث رقم : 182 ـ 198 / ص : 40 / حسن. ( 1 ) يكلأنـا ---> يحفظنـا ويحرسـنا . ( 2 ) ربيئـة ---> طليعـة . ( 3 ) نـذروا بـه ---> عرفـوا بـه . * * * * * ثانيـًـا : اسـتصحاب العمـوم إلـى أن يـرد تخصيـص ، والنـص إلـى أن يـرد نسـخ : ـ معنـى هـذا النــوع أنـه يجـب العمــل بعمـوم اللفـظ وتطبيـق الحكــم علـى كـل أفـراده ولايسـتثنى مـن ذلـك شـيء إلا بدليـل ، فَيُعْمَــل بمـا يقتضيـه عمـوم اللفــظ حتـى يـرد مُخَصِّـص فـإن وُجِـد ، اسـتُخْرِج مـن العمـوم مـا تناولـه اللفـظ الخـاص ، وظـل اللفـظ عامًّـا فـي بقيـة الأفـراد . وكذلـك يجـب العمـل بالنـص حتـى يـرد أو يوجـد الناسـخ . فمثـــلاً : قـال تعالـى "هُـوَ الَّـذِي خَلَـقَ لَكُـم مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا ... " .سورة البقرة / آية : 29 . الآيـة عامـة ، فمـن حكـم بعمـوم الآيـة علـى أن كـل مـا فـي الأرض حِـلّ إلا مـا قـام الدليـل عليـه ، فإنـه مسـتصحب لعمـوم الآيـة ، وفـي نفـس الوقـت مسـتصحب للبـراءة الأصليـة . التأسيس ... / ص : 434 / بتصرف يسير . * * * * * ثالثـًـا : اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه : ومثالـــه : إذا ثبتـت ملكيـة عقـارٍ لأحـدٍ ، فـإن هـذه الملكيـة تظـل ثابتـة فـي حقـه مـا لـم يقـم دليـل علـى زوالهـا ، كعقـد بيـع أو هبـة أو وقـف . وكذلـك فـإن الوضـوء يثبِـت لصاحبــه صفـة حكميـة وهـي الطهـارة ، فـإذا كـان ذلـك لصـلاة المغـرب ، هـل تسـتصحب هـذه الطهـارة لصـلاة العشـاء ، أم لابـد مـن وضـوء آخـر ؟ هـذه الصفـة وهـي صفـة الطهـارة ثابتـة للمتوضـئ حتـى يأتـي بناقـض للوضـوء ينفـي عنـه صفـة الطهـارة . التأسيس ... / ص : 434 / بتصرف . * * * * * رابعـًـا : اسـتصحاب حكـم الإجمـاع فـي محـل النـزاع : إذا أجمعـت الأمـة علـى شـيء ، وهـذا الشـيء أثبـتَ حُكْمًـا معينًـا ، فهـل هـذا الحكـم يـزول بـزوال ذلـك الإجمـاع ؟ أم يسـتمر مـع انعدامـه ؟ اختلـف اهـل العلـم فـي ذلـك علـى قوليـن ، أحدهمـا : لا يسـتمر الحكـم مـع انعـدام الإجمـاع ، والثانـي : يسـتمر مـع انعـدام الإجمـاع . مثالـــه : إذا فُقِـدَ المـاء ، أجمعـت الأمـة علـى مشـروعيـة التيمـم ، فـإذا قـام المتيمـم ليصلـي فـرأى المـاء وهـو فـي الصـلاة ، فهـل يسـتمر فـي صلاتـه ، مـع رؤيـة المـاء مـع انعـدام الإجمـاع ؟ أم يخـرج مـن الصـلاة ويتوضـأ ثـم يعـود ليصلـي مـن جديـد ؟ والراجـح فـي ذلـك : أنـه يسـتمر فـي صلاتـه ولا يخـرج منهـا إن رأى المـاء .وتفصيــل ذلــك : أن الأمـة أجمعـت علـى مشـروعية التيمـم عنـد فقـد المـاء . وأن التيمـم المجمـع علـى مشـروعيته عنـد فقـد المـاء ، أثبـت للمتيمـم صفـة حكميـة وهـي الطهـارة التـي لا تصـح الصـلاة إلا بهـا . فـإن رأى المصلـي المتيمـم المـاء ، انعـدم الإجمـاع علـى مشـروعية التيمـم ، ولكـن الصفـة الحكميـة مـا زالـت قائمـة بصاحبهـا لأنهـا صفـة مكتسـبة لا تـزول إلا بناقـض ، فالصفـة الحكميـة الثابتـة بالتيمـم مـن جنـس اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه . قـال ابـنُ القيـم " ..... النـزاع ـ أي الخــلاف وعـدم الإجمــاع لا يرفـع مـا ثبـت مـن الحكـم ..... " .التأسيس ... / ص : 436 .
__________________
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|