#1
|
||||
|
||||
الصدقة الجارية
السؤال توفيت والدتي وأوصت بثلث ذهبها أن يوضع في صدقة جارية , فهل إعانة شاب ملتزم على الزواج تعد صدقة جارية. الجواب : الحمد لله الصدقة الجارية عند أهل العلم محمولة على الوقف الذي يبتغي به صاحبه وجه الله تعالى ، وشبهه مما يدوم نفعه ، وتستمر حسنته في الناس ، فتستمر حسنته لصاحبه عند الله . فقد روى مسلم (1631) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) . قال النووي رحمه الله : " قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ , وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الثواب لَهُ , إِلَّا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة ; لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا ; فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه , وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة , وَهِيَ الْوَقْف " انتهى . وقال ابن الأثير في "النهاية" (1/739) : " ( صَدَقة جارِية ) أي دَارّة مُتَّصِلة كالوُقُوف المُرْصَدة لأبواب البِرّ " انتهى . وقال السرخسي في "المبسوط" (12/32) : " مَقْصُودُ الْوَاقِفِ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ جَارِيَةً لَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " انتهى . وقال العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/135) : " وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْوَقْفِ وَعَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَنَافِعِ دَارِهِ وَثِمَارِ بُسْتَانِهِ عَلَى الدَّوَامِ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ , لِتَسَبُّبِهِ إلَيْهِ , فَكَانَ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ " انتهى . وقال في أسنى المطالب (2/4457) : " وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيّ " انتهى . وقال ابن عثيمين رحمه الله : " صدقة جارية : يعني أن يتصدق الإنسان بشيء ويستمر هذا الشيء ، وأحسن ما يكون المساجد ، بناء المساجد صدقة جارية ؛ لأن أجر الباني مستمر مادام هذا المسجد قائما ليلا ونهارا ، والمسلمون يمكثون في المساجد في صلاتهم وقراءتهم وتعلمهم العلم وتعليمهم العلم وغير ذلك . ومن الصدقات الجارية أن يوقف الإنسان وقفا من عقار أو بستان أو نحوه على الفقراء ، والمساكين ، أو على طلبة العلم ، أو على المجاهدين في سبيل الله أو ما أشبه ذلك . ومن الصدقات الجارية أن يطبع الإنسان كتبا نافعة للمسلمين يقرءون فيها وينتفعون بها سواء كانت من مؤلفين في عصره أو من مؤلفين سابقين , المهم أن تكون كتبا نافعة ينتفع بها المسلمون من بعده . ومن الصدقات الجارية إصلاح الطرق ؛ فإن الإنسان إذا أصلح الطرق وأزال عنها الأذى واستمر الناس ينتفعون بهذا ، فإن ذلك من الصدقات الجارية . والقاعدة في الصدقة الجارية : كل عمل صالح يستمر للإنسان بعد موته " انتهى . "شرح رياض الصالحين" ( ص 1587) وقال الشيخ الفوزان : " فهذه الأمور تلحق الميت : إذا أوقف وقفًا ينتفع به في سبيل الخير ، واستمر هذا الوقف يفعل بعد وفاته فإنه يلحقه الأجر ما بقي هذا الوقف " انتهى . "المنتقى من فتاوى الفوزان" (41/11) وانظر جواب السؤال رقم : (43101) – (122361) وبناءاً على ما سبق ؛ فما ورد في السؤال من إعانة الشاب المذكور على الزواج لا يعد من الصدقة الجارية ، مع ما في ذلك من الأجر العظيم إن شاء الله لمن سعى في إعفافه وسد حاجته ، والتسبب في تكثير نسل المسلمين . والله أعلم.موقع الإسلام سؤال وجواب*
__________________
|
|
|