#10
|
||||
|
||||
![]() منشــأ التشــابه وأقســامه وأمثلتــه نعلـم ممـا سـبق أن منشـأ التشـابه إجمـالًا ، هـو خفـاء مـراد الشـارع مـن كلامـه . أمـا تفصيـلاً فنذكــر أن منـه مـا يرجـع خفـاؤه إلـى اللفــظ ، ومنـه مـا يرجـع خفـاؤه إلـى المعنـى ، ومنـه مـا يرجـع خفـاؤه إلـى اللفـظ والمعنـى معـًا . فالقســـم الأول : وهـو ما كـان التشـابه فيـه راجعـًا إلـى خفـاء فـي اللفـظ وحـده : منـه " مفـرد " و " مركـب " . والمفـرد قـد يكـون الخفـاء فيـه ناشـئًا : مـن جهـة " غرابتـه " ، أو مِـن جهـة " اشـتراكه " . والمركـب قـد يكـون الخفـاء فيـه ناشـئًا : مـن جهـة " اختصـاره " ، أو مـن جهــة " بسـطه " ، أومـن جهـة " ترتيبـه " . * مثـال التشـابه فـي " المفـرد " بسـبب غرابتـه ونـدرة اسـتعماله : لفـظ " الأبّ " بتشـديد البـاء فـي قولـه سـبحانه " وفاكهـةً وأبـًّا " سورة عبس / آية : 31 . لفـظ مفـرد والخفـاء فيـه ناشـئ : مـن جهـة غرابتـه . والأبّ هو ما تأكلـه البهائـم ؛ بدليـل قولـه بعـد ذلـك " متاعـًا لكـم ولأنعامكـم"سورة عبس / آية : 32. * ومثـال التشـابه فـي " المفــرد " بسـبب اشـتراكه بيـن معـان عـدة : لفـظ " اليميــن " فـي قولـه سـبحانه : " فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ " سورة الصافات / آية : 93 . أي فأقبـل إبراهيـم علـى أصنـام قومـه ضاربـًا لها باليميـن مـن يديـه لا بالشـمال ، أو ضاربـًا لهـا ضربـًا شـديدًا بقـوة ؛ لأن اليميـن أقـوى الجارحتيـن ؛ أو ضاربـًا لهـا بسـبب اليميـن التـي حلفهـا ونَـوَّه بهـا القـرآن إذ قـال "وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ " سورة الأنبياء / آية : 57 . كـل ذلـك جائـز ، ولفـظ اليميـن مشـترك بينهـا . * ومثـال التشـابه فـي " المركــب " بسـبب اختصـاره : قولـه تعالـى { وَإِنْ خِفْتُـمْ أَلاَّ تُقْسِـطُواْ فِـي الْيَتَامَـى فَانكِحُـواْ مَـا طَـابَ لَكُـم مِّـنَ النِّسَـاء ... } .سورة النساء / آية : 3 . فـإن خفـاء المـراد فيـه ، جـاء من ناحيـة إيجـازه ؛ والأصـل " وإن خفتـم ألا تقسـطوا فـي اليتامـى لو تزوجتموهـن ، فانكحـوا مـن غيرهـن ما طـاب لكـم مـن النسـاء " ومعنـاه أنكـم إذا تحرجتـم مـن زواج اليتامـى مخافـة أن تظلموهـن ؛ فأمامكـم غيرهـن فتزوجــوا منهـن مـا طـاب لكـم مـن النسـاء مثنـى وثـلاث ورُبـاع . * ومثـال التشـابه يقـع فـي " المركـب " بسـبب بسـطه والإطنـاب فيـه :قولـه جلْـت حكمتـه "... لَيْـسَ كَمِثْلِـهِ شَـيْءٌ ... "سورة الشورى / آية 11 . فـإن حـرف الكـاف لـو حـذف وقيــل " ليـس مثلـه شـيء " كـان أظهـر للسـامع مـن هـذا التركيـب الـذي ينحـل إلـى : " ليـس مثـل مثلـه شـيء " وفيـه مـن الدقـة ما يعلـو علـى كثيـر مـن الأفهـام . ـ أقـوال العلمـاء فـي كـاف " كمثلـه " : [ فـي قولـه تعالـى : " ليـس كمثلـه شـيء " : كلمـة " شـيء " هنـا نكـرة فـي سـياق النفـي ، فَتَعُـم كـل شـيء ؛ أي ليـس هنـاك شـيء أبـدًا مماثـلاً لله . وقـد وقـع فـي ( الكـاف ) جـدل كبيـر بيـن العلمـاء ، لأن وجودهـا مـع " مثـل " مشـكلة ؛ إذ كـل منهمـا يـدل علـى التمثيـل ؛ فلـو قلـتَ : ليـس مثـل مثلـه شـيئًا ، فمعنـاه : أنـك أثبـت المثـل ونفيـتَ المماثلـة عـن هـذا المثـل ، وهـذا تناقـض ؛ لأنـك إذا نفيـتَ المماثلـة عـن المثـل لـم تثبـت وجـود المثـل ، وهـذا يقتضـي التناقـض ظاهـرًا . ولهـذا فقـد اختلـف العلمـاء فـي هـذه الكـاف . * فمنهـم مـن قـال : إن الكـاف زائـدة ، فتقديـر الكـلام : ليـس مثلـه شـيء . * ومنهـم مـن قـال : إن " مثـل " هـي الزائـدة ، فتقديـر الكـلام :ليـس كهـو شـيء . فالزائـدة إحـدى هاتيـن الكلمتيـن ، ولاشـك أن القــول بزيـادة " الكــاف " أولـى مـن القــول بزيـادة " المثـل " ؛ لأن زيـادة الحـروف كثيـرة فـي اللغـة العربيـة لكـن زيـادة الأسـماء قليلـة جـدًا فضـلاً عـن كونـه موجـودًا أصـلاً . ـ ثـم قـال الشـيخ العثيميـن ـ والـذي يظهـر لـي : أن هـذا مـن بـاب التوكيــد ، كأنـه عـز وجـل كـرر الكلمـة مرتيـن لتكـرار نفـي المماثلـة ] .[ شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى / للشيخ محمد بن صالح العثيمين /شرح القاعدة السادسة من قواعد الصفات / ص : 143 / باختصار ] * ومثـال التشـابه يقـع فـي " المركــب " لترتيبـه ونظمـه : قولـه جـل ذكـره "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا * قَيِّمـًا..." . [ سورة الكهف / آية : 1 ، 2 ] . فـإن الخفـاء هنـا جـاء مـن جهـة الترتيـب بيـن لفـظ " قَيِّمـًا " وما قبلـه ، ولـو قيـل : " أنـزل على عبـده الكتـاب قَيِّمـًا ولم يجعـل له عِوَجـًا " لكـان أظهـر أيضـًا . والقســم الثانـي : وهـو مـا كـان التشــابه فيـه راجعـًا إلـى خفــاء المعنـى وحــده : مثالــه : كـل مـا جـاء فـي القــرآن الكريـم وصفـًا لله تعالـى ، أو لأهـوال القيامـة ، أو لنعيـم الجنـة وعـذاب النـار ؛ فـإن العقــل البشـري لا يمكـن أن يحيـط بحقائــق صفـات الخالـق ، ولا بأهـوال القيامـة ، ولا بنعيـم أهـل الجنـة وعـذاب أهـل النـار . القســـم الثالــث : وهـو ما كـان التشـابه فيـه راجعـًا إلـى اللفـظ والمعنـى معـًا : مثالـه :قولـه تعالـى { يَسْـأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُـوْاْ الْبُيُـوتَ مِـن ظُهُورِهَـا ... } . سورة البقرة / آية : 189 . فـإن مـن لا يعـرف عـادة العـرب فـي الجاهليـة ، لا يسـتطيع أن يفهـم هـذا النـصَّ الكريـم علـى وجهـه . وَرَدَ أن ناسـًا مـن الأنصـار كانـوا إذا أحرمـوا لم يدخـل أحـد منهـم حائطـًا ولا دارًا ولا فسـطاطًا مـنبـاب ؛ فـإن كـان مـن أهـل المَـدَرِ ( 1 ) نقــب نقبـًا فـي ظهـر بيتــه يدخـل ويخـرج منـه ، وإن كـان مـن أهـل الوبـر ( 2 ) خـرج مـن خلـف الخبـاء ، فنـزل قـول الله : " وليـس البِـرُّ بـأن تأتـوا البيـوتَ مـن ظهورهـا ولكـنَّ البِــرَّ مـن اتَّقـى ، وأُتـوا البيـوت مـن أبوابهـا ، واتَّقـوا الله لعلكـم تفلحـون " . ( 1 ) أهـل المـدر : سـكان البيـوت المبنيـة ، خـلاف البـدو ، سـكان الخيـام . ( 2 ) أهـل الوبـر : أهـل الباديـة ؛ لأنهـم يتخـذون بيوتهـم مـن الوبـر. فهـذا الخفـاء الـذي فـي الآيـة ، يرجـع إلـى اللفـظ بسـبب اختصـاره ؛ ولو بسـط لقيــل : " وليـس البـر بـأن تأتـوا البيـوت مـن ظهورهـا إذا كنتـم محرميـن بحـج أو عمـرة " . ويرجـع الخفـاء إلـى المعنـى أيضًـا ؛ لأن هـذا النـص علـى فـرض بسـطه كمـا رأيــت ، لابــد معـه مـن معرفـة عـادة العـرب فـي الجاهليـة وإلا لتعـذَّر فهمـه .مناهل العرفان / ج : 2 / ص : 297 / بتصرف. الحكمــة فــي تنــوع القــرآن إلـى محكـم ومتشــابه: لـو كـان القـرآن كلـه محكمًـا لفاتـت الحكمـة مـن الاختبـار بـه تصديقًـا وعمـلاً لظهـور معنـاه ، وعـدم المجـال لتحريفــه والتمسـك بالمتشـابه ابتغــاء الفتنــة وابتغـاء تأويلـه ، ولـو كـان كلُّـه متشـابهًا لفـات كونـه بيانـًا ، وهـدى للنـاس ، ولمـا أمكـن العمـل بـه ، وبنـاء العقيــدة السـليمة عليـه ، ولكـن الله تعالـى بحكمتـه جعـل منه آيـات محكمـات ، يُرْجَـع إليهـن عنـد التشـابه ، وأُخَـر مشـابهات امتحانًـا للعبـاد ؛ ليتبيـن صـادق الإيمـان ممـن فـي قلبــه زيـغ ، فـإن صـادق الإيمـان يعلـم أن القـرآن كلـه مـن عنـد الله تعالـى ، ومـا كـان مـن عنـد الله فهـو حــق ، ولا يمكـن أن يكـون فيـه باطـل ، أو تناقـض لقولـه تعالـى { لاَ يَأْتِيـهِ الْبَاطِـلُ مِـن بَيْـنِ يَدَيْـهِ وَلاَ مِـنْ خَلْفِـهِ تَنزِيـلٌ مِّـنْ حَكِيـمٍ حَمِيـدٍ } .سورة فصلت / آية : 42 . وأما مـن فـي قلبـه زيـغ فيتخـذ مـن المتشـابه سـبيلاً إلـى تحريـف المحكـم واتبـاع الهـوى فـي التشـكيك فـي الأخبـار والاسـتكبار عـن الأحكـام ، ولهـذا تجـد كثيـرًا مـن المنحرفيـن فـي العقائـد والأعمـال ، يحتجـون علـى انحرافهـم بهـذه الآيـات المتشـابهة . تفسير القرآن الكريم للعثيمين / سورة البقرة / ج : 1 / ص : 51 . ومـن حِكَـم تنـوع القـرآن إلـى محكـم ومتشـابه : نقـل السـيوطي عـن الكرمانـي فـي غرائبـه أنه قـال : " إن قيـل : ما الحكمـة فـي إنـزال المتشـابه ممـن أراد لعبـاده البيـان والهـدى ؟ قلنـا : إن كـان ( أي المتشـابه ) ممـا يمكـن علمـه فلـه فوائـد : ـ منهـا الحـث للعلمـاء علـى النظـر الموجـب للعلـم بغوامضـه والبحـث عـن دقائقـه ، فـإن اسـتدعاء الهمـم لمعرفـة ذلـك مـن أعظـم القُـرَب . ـ ومنهـا ظهــور التفاضــل وتفـاوت الدرجـات ؛ إذ لـو كـان محكمًـا لا يحتـاج إلـى تأويـل ونظــر لاسـتوت منـازل الخلـق ، ولـم يظهـر فضـل العالـم علـى غيـره . وإنَ كـان ( أي المتشـابه ) ممـا لا يمكـن علمـه . ( بـأن اسـتأثر الله بـه ) ، فلـه فوائـد : ـ منهـا ابتـلاء العبـاد بالوقـوف عنـده والتوقـف فيـه والتفويـض والتسـليم . مناهل العرفان في علوم القرآن / ج : 2 / ص : 319 . * * * * * تســـاؤلات والـــرد عليهــا س : هـل كـل مـن يتبـع المتشـابه يُحْكَـم عليـه بأنـه فـي قلبـه زيـغ ؟ ! ج : لا . ـ إذا تـرك المسـلم النـص المحكــم وأخـذ بالنـص المتشـابه ، فإنـه ليـس علـى سـبيل الإطـلاق يُحكـم عليـه بأنـه مـن الذيـن يوصفـون بـأن فـي قلوبهـم زيـغ ، فقـد يكــون " المتشـابه " عنـده" محكـم " وذلـك بعـد اجتهـاده وبحثـه وصدقـه فـي طلـب الحـق وفـي اتبـاع الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وهـذا أمـر يُوكَــل إلـى عَـلاَّم الغيـوب الـذي يعلـم مـا تخفـي الصـدور ، بـل قـد يكـون هـذا الشـخص عنـد الله مأجـورًا وإن أخطـأ . ـ وأمـا إذا تـرك المسـلم النـص المحكــم وأخـذ بالنــص المتشـابه ، تَرَخُّصًـا واتباعـًا للهـوى أو المصلحـة أو غيـر ذلـك ـ بينمـا أمامـه النصـوص المحكمــة واضحـة الدَّلالـة ، فهـذا علـى خطـر عظيـم ، والله أعلـم بحالـه ، وقـد يُعَـدّ ممـن يوصـف بأنـه فـي قلبـه زيـغ . س : هـل المحكـم والمتشـابه يكـون فـي آيـات القـرآن الكريـم فقـط ؟ ! ج : لا . المحكـم والمتشـابه قـد يكـون أيضًـا فـي الأحاديـث النبويـة . وأمثلـة ذلـك : ـ نـوم ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ مـع النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وزوجتـه فـي فـراش واحـد . فتتولـد شـبهة الاختـلاط ومـا إلـى ذلـك ، ثـم عنـد النظــر فـي الأحاديـث الـواردة فـي هـذا الأمـر نجـد أن هـذه الزوجـة هـي ميمونـة زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـي خالـة ابـن عبـاس . فيـزول الإشـكال . سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / ج : 1 / أبواب قيام الليل / 317 ـ باب : في صلاة الليل / أحاديث رقم : 1205 ، 1215 ، 1216 . ـ تحديـث عائشـة ـ رضي الله عنها ـ لأحـد الصحابـة بأمـر شـخصي . * فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : قَبَّــلَ امـرأة مـن نسـائه ثـم خـرج إلـى الصـلاة ولـم يتوضـأ ."قـال عـروة : فقلـتُ لهـا : مـن هـي إلا أنـت ؟ فضحكـتْ .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / ج : 1 / ( 1 ) ـ كتاب : الطهارة / ( 69 ) ـ باب :الوضوء من القُبْلَة / حديث رقم : 165 / ص : 36 - صحيح . هـذا المُـزَاح بيـن أم المؤمنيـن عائشـة ـ رضي الله عنها وهـذا الصحابـي يثيـر الشـبهات . نـرد هـذا المتشـابه إلـى المحكــم . وذلـك بـأن نَكِـل حقائــق الأمــور إلـى الله ولا نشــك فـي الصحابـة ، ولا نشـك فـي النصـوص التـي تحـرم الاختـلاط ، وبالتتبـع وجـد أن : عـروة هـو عـروة ابـن الزبيـر وهـو ابـن أختهـا . فيـزول الإشـكال . حاشية صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / ص : 36 / بتصرف . فوائـــد : ـ إذا كان لدينـا نصـوص مُحكمـة وأخـرى متشـابهة ، وليـس لدينـا وسـيلة أو أي أدوات للترجيـح ، فعلينـا أن نتهـم أنفسـنا بعــدم الإلمـام بكـل النصــوص الخاصـة بهـذه المسـألة ، وألا نحيـد عـن المحكـم فـي هـذه المسـألة إلـى المتشـابه فيهـا . ـ وعنـد تعـارض قـول أو فعـل النبـ.ي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـع قـول أو فعـل غيـره ، فـلا يجـوز تـرك قـول أو فعـل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لأحـد كائنًـا مـن كـان ، سـواء كـان صحابيًّـا جليـلاً أو عالمـًا جليـلاً . وهـذا هـو منهـج الصحابـة الكـرام . * عـن صالـح بـن كيسـان عـن ابـن شـهاب أن سـالم بـن عبـد الله حدثـه أنـه سـمع رجـلاً مـن أهـل الشـام ، وهـو يسـأل عبـد الله بـن عمـر عـن التمتـع بالعمـرة إلـى الحـج ، فقـال عبـد الله بـن عمـر : هـي حـلال . فقـال الشـامي : إن أبـاك قـد نهـى عنهـا . قـال عبـد الله : أرأيـت إن كـان أبـي نهـى عنهـا ، وصنعهـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أَمْــر أبـي يُتَّبَـع أم أمـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؟ ! . فقـال الرجـل : بـل أمـر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فقـال : لقـد صنعهـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .أخرجه الترمذي . وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في كتابه : الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / ج : 5 / كتاب السنة / ص : 36 . ـ فعنـد مـا نناقـش مسـألة : سـفر المـرأة مـع ذي محـرم منهـا : نجـد أن هنـاك أحاديـث كثيـرة عـن الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ توجـب سـفر المــرأة مـع ذي محـرم منهـا : * عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " لا يحــل لامــرأة تؤمـن بالله واليـوم الآخـر ، تسـافر مسـيرة يـومٍ وليلـةٍ إلا مـع ذي محـرم عليهـا " . صحيح مسلم . متون / ( 15 ) ـ كتاب : الحج / ( 47 ) ـ باب : سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره / حديث رقم : 421 ـ ( 1339 ) / ص : 331 . ثـم نجـد أثـر عـن بعـض أمهـات المؤمنيـن أنهـن سـافرن بـدون محـرم . فهـذا الأثـر مـن المتشـابهات التـي لا نعلـم ما وراءهـا مـن حقائـق ، فـلا نتهـم أحـد بعـدم الاتبـاع . فهـذا فعـل صحابـه واجتهادهـم وهـم غيـر معصوميـن ولا نعلـم حقيقـة الأمـر ولا حجتهـم ، ونَكِـلُ أمـرَ الحكـم علـى فعلِهـم إلـى اللهِ ، وأما بالنسـبة لمـن بلغـه الأحاديـث الـواردة فـي تحريـم سـفر المـرأة بـدون محـرم ، وهـي نصـوص محكمـة وفـي أعلـى مراتـب الصحـة ، فعليـه تـرك العمـل بهـذه الآثــار المتشـابهة ، واتبـاع النصـوص المحكمـة ، ولا يحيـد عـن المحكـم إلـى المتشـابه . * * * * *
|
|
|