|
#1
|
||||
|
||||
![]() 12-الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " . " إنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا - القاموسُ – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - . فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ - القاموسَ - وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ" أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا . هنا *شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هنا القارئ: الأمر الثاني عشر الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ : التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ . الشيخ: الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في الحديث التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول: هناك فرق بين الاختبار والممارسة يعني لو ذكر لك أن في السوق الفلاني كذا وكذا فهنا لا حرج عليك أن تذهب وتختبر بنفسك لكن لو كان جلوسك في هذا السوق مستمرا تمارسه كل عصر تروح تجلس في هذا السوق لكان هذا خطأ بالنسبة لك لأنه إهانة لك ولطلب العلم ولطلبة العلم عموما وللعلم الشرعي أيضا . القارئ: ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " . " أنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا "القاموسُ " – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - . فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ " القاموسَ " وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ " أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا . الشيخ: هؤلاء قبائل جرى بينهم فتنة فقتل من إحدى القبيلتين أربعة رجال فحضروا إلى القاضي فقال الشيخ واسمه باب بن أحمد: مثل هذا لا قصاص فيه قال القاضي الحاكم: إن هذا لا يوجد في كتاب، يعني أين الدليل على أنه لا قصاص فيه؟ لا يوجد، في أي كتاب أنه لا قصاص في ذلك، فقال الشيخ باب بن أحمد: بل لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، يعنى أنه يدخل في عموم كتاب وهو قول باب بن أحمد: لم يخل منه كتاب كلمة -م يخل منه كتاب- كلمة كتاب عامة تشمل كل الكتب، كتب الفقه والعقيدة والنحو والأدب وكل شيء؛ لأن كتاب نكرة في سياق النفي فتكون للعموم وهو يقول لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، القاضي الآن يعني عنده ثقة بنفسه أنه لن يوجد في القاموس حكم هذه المسألة؛ لأن القاموس كتاب لغة وليس كتاب فقه، قال القاضي هذا القاموس وأنت تقول: لا يخلو منه كتاب، هذا القاموس أعطني إياها، يقول فتناول صاحب الترجمة القاموس وأول ما موقع نظره عليه والهيشة فتنة وأم حبين وليس في الهيشات قود، فأخذ من كتاب القاموس أن حكم القاضي بأنه يقتل من القبيلة الأخرى أربعة خطأ . هذا معنى هذه القصة. أي: في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج انتهى ملخصًا . الهشية الفتنة وأم حبين من يعرف أم حبين ؟ هي دويبة لكنها تشبه الخنفساء، دوبية يعني ليست من الدواب القوية لكنها على كل حال هي دويبة من الحشرات . *شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) هنا القارئ : الإعراض عن الهيشات : التصون من اللغط والهيشات ، فإنّ الغلط تحت اللغط ، وهذا ينافي أدب الطلب.ومن لطيف ما يستحضر هنا ما ذكره صاحب "الوسيط في أدباء شنقيط" وعنه في "معجم المعاجم":"أنه وقع نزاع بين قبيلتين ، فسعت بينهما قبيلة أخرى في الصلح ، فتراضوا بحكم الشرع ، وحكموا عالماً ، فاستظهر قتل أربعة من قبيلة بأربعة قتلوا من القبيلة الأخرى ، فقال الشيخ باب بن أحمد : مثل هذا لا قصاص فيه. فقال القاضي : إنّ هذا لا يوجد في كتاب. فقال : بل لم يخل منه كتاب. فقال القاضي : هذا "القاموس" يعنى أنه يدخل في عموم كتاب - فتناول صاحب الترجمة "القاموس" وأول ما وقع نظره عليه : "والهيشة : الفتنة ، وأم حبين ، وليس في الهيشات قود" ، أي : في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله ، فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج"اهـ ملخصاً. الشيخ : إذن هذا أدب من آداب طالب العلم أنه يتصون عن اللغط والهيشات ،والمراد بالهيشات : ما يحصل من الخصومات والتجمعات التي يكون فيها كلام بعض الناس على بعض وما لا يمكن ضبطه و لا تعرف عاقبته ، فإنّ دخول طلبة العلم في الهيشات ينتج عنه أنّ الناس قد يعتدون عليهم ، وقد يتكلمون فيهم ، وقد يكون ذلك سببا من أسباب احتقارهم وعدم معرفة ما لديهم من علم يستوجب رفع مكانتهم و الأخذ منهم ، وذكر المؤلف هنا ما يتعلق بهذا النداء الذي وقع بين هاتين القبيلتين ، نعم. |
#2
|
||||
|
||||
![]() * إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/ هنا
الشيخ عبد العزيز الداخل السؤال الأول : الإعراض عن الهيشات ، ما المراد بها ؟ الجواب : الهيشة والهوشة بالياء والواو هي المنازعة التي تفضي إلى تسابّ أوتضارب أوتقاتل ،فتختلف درجتها باختلاف ما تؤدي إليه وكلها يشملها اسم الهوشة والهيشات وجمعها: هيشات وهوشات. السؤال الثاني : لم أفهم هذا الكلام : اقتباس: الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول: هناك فرق بين الاختبار والممارسة الجواب : يقصد بالممارسة أن يكون من عادة طالب العلم أن يكثر الجلوس في الأسواق من غير حاجة لشراء أو بيع ، وإنما رغبة في تزجية الوقت وملاحظة الناس ؛ فهذا مذموم ، وليس من أدب طالب العلم أن يكون بهذه الحالة، وهذا فيه امتهان لقدره. وأما الاختبار فقصد به لو أن أحدًا أخبره عن حدث حصل في السوق فذهب ليختبر صدق الخبر ويتحقق منه فهذا يختلف عن الأول ، وقد يكون مطلوبًا إذا كان يترتب على ذلك إنكار منكر أو نصرة مظلوم أو إعانة محتاج، وإذا كان لغرض الفرجة فقط لم يكن فيه فضيلة ، بل هو إلى المنع أقرب لئلا يطلع من الناس على ما يكرهون فيعاقب بذلك في بعض شأنه. |
#3
|
||||
|
||||
![]() 13- التحَلِّي بالرِّفْقِ الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ . وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .هنا *شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هنا القارئ: الأمر الثالث عشر التحَلِّي بالرِّفْقِ : الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ . الشيخ: وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ . هذا من أهم الأخلاق لطالب العلم سواء أكان طالبا أم مطلوبا أي: معلما فالرفق كما قال النبي عليه الصلاة والسلام"إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء وإلا شانه"لكن لا بد أن يكون الإنسان رفيقًا من غير ضعف أما أن يكون رفيقًا يُمتهن ولا يؤخذ بقوله ولا يهتم به فهذا خلاف الحزم لكن يكون رفيقًا في مواضع الرفق وعنيفًا في مواضع العنف ولا أحد أرحم من الخلق من الله عز وجل ومع ذلك يقول"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" فلكل مقام مقال لو أن الإنسان عامل ابنه بالرفق في كل شيء حتى فيما ينبغي فيه الحزم ما استطاع أن يربيه، لو كان ابنه مثلا كسر الزجاج وفتح الأبواب وشق الثياب ثم جاء الأب ووجده على هذه الحال قال : يا ولدي ما يصلح هذا لو شققته يتلف ولو كسرته تكون خسارة علينا وقمت تكلمه هكذا والولد عفريت من العفاريت، يكفي هذا أم لا يكفي؟ ما يكفي كل مقام له مقال "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " لكن إذا دار الأمر بين الرفق أو العنف فما الأفضل ؟ الرفق، فإن تعين العنف صار هو الحكمة . يقول: مجتنبًا الكلمة الجافية، هذا صحيح تجنب الكلمة الجافية والفعلة الجافية أيضا، وقوله: الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة، عندنا كلمة يقولها العامة لا أدري هل توافقون عليها أم لا: الكلام اللين يغلب الحق البين، لا بد أن نفهم المراد يغلب الحق البين يعني أن تليين الكلام للخصم ولو كان الحق معه فإنه يتنازل عن حقه، وليس معناه أن الكلام اللين يبطل الحق، يغلب الحق البين يعني فيما جاء به الخصم لأنك إذا ألنت له الكلام لان لك وهذا شيء مشاهد إذا نازعت أحدا فسيشتد عليك ويزيد وإذا ألنت له القول فإنه يقرب منك ولهذا قال الله تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون"فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)"طه. *شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) هناالقارئ : التحلي بالرفق : التزم الرفق في القول ، مجتنبًا الكلمة الجافية ، فإنّ الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة . وأدلة الكتاب والسنة في هذا متكاثرة. الشيخ : هذا هو الأدب الثالث عشر من أدب طلب العلم التحلي بالرفق ، والمراد بالرفق السهولة واللين ، و لا يعني نفي العقوبة أو نفي ما يكون مؤديا إلى أخذ الإنسان بحقوقه ، جاء في ذلك نصوص عديدة قال تعالى "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ، وجاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"، وقد جاء في الحديث "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذهب و معه عائشة رضي الله عنها فقال له نفر من اليهود فقال اليهود : السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليكم ، فقالت عائشة : بل عليكم السام واللعنة والغضب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة ، قالت : ألم تسمع ما قالوا ، لقد قالوا السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع ما قلتْ ، قلتُ : وعليكم فيستجاب لنا ولا يستجاب لهم ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه" ، وفي الحديث الآخر "الرفق خير كله" ، جاء في عدد من الأحاديث الترغيب في لين القول وعدم إغلاظه ، ليكون ذلك سببا في تأليف القلوب ، قال تعالى "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" ، وقال سبحانه "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" ، الناس مهما كانت قلوبهم يتمكن طالب العلم من جلبهم بالكلمة الطيبة اللينة السهلة ، ولذلك انظر كم أثرت من كلمة في نفوس كانت بعيدة عن الخير ناشزة عنه بعيدة عن طاعة الله جل وعلا ، وكم من كلمة كانت قاسية كانت سببا من أسباب ابتعاد كثير من الناس عن طاعة الله تعالى ، والعبد يحرص على لين القول تقربا لله ، وليكون ذلك أدعى لقبول قوله لا انتصارا لنفسه ، وإنما رغبة في نشر الخير وأملا في قَبول الناس ما يقوله من دعوة إلى الله جل وعلا فيكون هذا سببًا من أسباب زيادة حسناته وعلو درجته عند الله جل وعلا ، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة". |
#4
|
||||
|
||||
![]() 14- التأمُّلُ
التَّحَلِّي بالتأمُّلِ ، فإنَّ مَن تَأَمَّلَ أَدْرَكَ ، وقيلَ " تَأَمَّلْ تُدْرِكْ ". وعليه فتَأَمَّلْ عندَ التَّكَلُّمِ : بماذا تَتَكَلَّمُ ؟ وما هي عائدتُه ؟ وتَحَرَّزْ في العِبارةِ والأداءِ دونَ تَعَنُّتٍ أو تَحَذْلُقٍ ، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ ، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا .هنا *شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هنا القارئ:الأمر الرابع عشر: التأمُّلُ : التَّحَلِّي بالتأمُّلِ. فإنَّ مَن تَأَمَّلَ أَدْرَكَ ، وقيلَ " تَأَمَّلْ تُدْرِكْ " . وعليه فتَأَمَّلْ عندَ التَّكَلُّمِ : بماذا تَتَكَلَّمُ ؟ وما هي عائدتُه ؟ وتَحَرَّزْ في العِبارةِ والأداءِ دونَ تَعَنُّتٍ أو تَحَذْلُقٍ ، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ ، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا . الشيخ : التأمل الذي أراده :تأمل عند الجواب كيف يكون جوابك؟ هل هو واضح لا يحصل فيه لبس أو مبهم؟ وهل هو مفصل أو مجمل؟ حسب ما تقتضيه الحال المهم التأمل يريد بذلك التأني وألا تتكلم حتى تعرف ماذا تتكلم به وماذا ستكون النتيجة؟ ولهذا يقولون: لا تضع قدمك إلا حيث علمت السلامة يعني : الإنسان يخطو ويمشي لا يضع قدمه في شيء لا يدري أحفرة هو أم شوكا أم حصى أم نارا أم ثلجا حتى يعرف أين يضع قدمه، فالتأمل هذا مهم ولا تتعجل إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك ولهذا قال الشاعر الناظم : قد يدرك المتأني بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزلل وربما فات قوم جل أمرهم = مع التأني وكان الرأى لو عجلوا فإذا دار الأمر بين أن أتأنى وأصبر أو أتعجل وأقدم فأيهما أقدم؟ الأول لأن القولة أو الفعلة إذا خرجت منك لن ترد لكن ما دمت لم تقل ولم تفعل فأنت حر تملك، فتأمل بماذا تتكلم به؟ وما هي فائدته؟ ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خير أو ليصمت " تحرز في العبارة والأداء وهذا أيضا من أهم ما يكون يعني : لا تطلق العبارة على وجه تؤخذ عليك بل تحرز إما بقيود تضيفها إلى الإطلاق وإما بتخصيص تضيفه إلى العموم وإما بشرط تقول إن كان كذا أو ما أشبه ذلك ولكن أقول دون تعنت أو تحذلق، تعنت يعني دون أن تشق على نفسك، النعنت من العنت أو تحذلق يعني تدعي أنك حاذق وهذا التحذلق من الحذق مع زيادة اللام وإلا فالأصل أن اللام هنا ليست موجودة في تحذلق، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ، لعله أراد تأمل عند المذاكرة: يعني إذا كنت تذاكر غيرك في شيء وتناظره فاختر القالب المناسب للمعنى المراد، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا، وكذلك أيضا في الجواب وهو أهم لأن السؤال يسهل على المسؤول أن يستفهم من السائل: ماذا يريد ؟ أريد كذا وكذا فيتبين الأمر لكن الجواب إذا وقع مجملا فإنه يبقى عند الناس على تفاسير متعددة كل إنسان يفسر هذا الكلام بما يريد وبما يناسبه. *شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) هنا القارئ : قال المؤلف ... التأمل : التحلي بالتأمل ، فإنّ من تأمل أدرك ، وقيل:"تأمل تدرك" . وعليه ، فتأمل عند التكلم : بماذا تتكلم ؟ وما هي عائدته ؟ وتحرز في العبارة والأداء دون تعنت أو تحذلق ، وتأمل عند المذاكرة كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد ، وتأمل عند سؤال السائل كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين ؟ و هكذا. الشيخ : الأدب الرابع عشر من آداب طالب العلم أن يكون متأملا متفكرا في عواقب الأمور ، التأمل يشمل عددا من الأشياء : أولها : التفكر بحيث يعرف حقيقة ما يعرض عليه سواءا كان من آيات الله الكونية أو من آيات الله الشرعية ، وقد جاءت النصوص في الترغيب في التفكر في ذلك. الثاني : الاعتبار وهو مقايسة النّفس بغيرها بحيث يقيس العبد نفسه على غيره فيما يتعلق بما حصل عليهم سواءا كان من العاقبة الحميدة أو العواقب السيئة ، فإنّ ما حل بغيرك سيحل بك متى ما فعلت مثل فعله . الأمر الثالث : مما يدخل في التأمل : التدبر بحيث يعرف الإنسان معاني الكلام ويتأمل في دلالاته وقد جاءت النصوص في الترغيب في التدبر قال تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ" ، وقال جل وعلا "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" ، وحينئذ أيضا يتأمل الإنسان في كلامه فلا يتكلم إلا بالكلام الذي تكون عاقبته حميدة ، ويشمل هذا أمور : الأول : أن يكون اللفظ مناسبا غير نابي أو أقل مما يراد به من المعاني ، فإنّ اللغة واسعة واللفظ يدل على معنى ، وهناك ألفاظ تدل على معنى أعلى منه ، وهناك ألفاظ تدل على معاني أقل منه ، وحينئذ ننتقي من الألفاظ ما يكون دالا على المراد ، و بالتالي يتفكر الإنسان في ألفاظه ، ويتفكر في معاني الألفاظ بحسب الدلالة اللغوية قبل أن يتكلم بالكلمة . الثاني : أن يتأمل الإنسان في العواقب التي تنتج عن هذه الكلمة فإن كانت العاقبة حميدة تكلم بها ، و إن كانت العاقبة غير ذلك لم يتكلم بها ، و هكذا أيضا يتأمل في طريقة كلامه و أسلوبه بحيث يكون مرتبا ترتيبا صحيحا لا يأتي بكلام متنافر لا يصح أن يرتب بعضه على بعض ، كذلك يحرص أن يكون كلامه سهلا بحيث يجتنب التقعر في الكلام ، كذلك يحرص أن يكون كلامه سهلا من جهة وضوحه ، واضحا عند سامعه يعرف المراد به ، كذلك يجتنب اللفظ الذي يكون مجملا يحتمل معانيَ متعددة ، فإنّ الألفاظ المشتركة إذا أطلقها الإنسان قد يفهم منها غير ما يريده المتكلم به ، وكذلك فيما يتعلق بإطلاق الأسئلة يتحرز الإنسان في أسئلته عند شيخه فلا يتكلم بلفظ في سؤاله إلا وهو دال على المراد الذي يريده ويكون ملتزما فيه جانب الأدب ، كذلك يكون مفهوما عند شيخه بحيث يجتنب ما قد يظن أنه لا يفهم ، وكذلك يحرص عند سؤاله ألا يتكلم بالألفاظ التي لها معاني متعددة ويكون الكلام في أحد هذه الأبواب التي يُفهم منها خلاف مراد السائل ، مثال هذا : عند كلمة المفرد في النحو نطلقها ماذا نريد بها ؟ مرة نريد بها ما يقابل الجملة وما يقابل شبه الجملة ، ومرة نطلق كلمة المفرد ونريد بها ما يقابل المثنى والجمع ، فعندما يأتي المتكلم ويتكلم في باب الخبر ويقول : الخبر ينقسم إلى مفرد وجملة وشبه جملة فيسأله عن المفرد الذي هو مقابل للمثنى والجمع ، فحينئذ يكون قد أدخل في الكلام ما يكون سببًا للتشويش؛ إما تشويشا على الطلاب أو جعل الأستاذ لا يتمكن من الجواب عن ذلك السؤال في هذا الموطن خشية من تداخل هذه المصطلحات ، مثال ذلك : عندما يأتي الفقيه أو الأصولي ويأمر الناس بالعمل بالنصوص ثم يأتي السائل ويسأله عن النص الذي في مقابلة الظاهر فحينئذ يُلبس وقد يُظن أنّ العمل بالنصوص إنما يراد به الأدلة القطعية ، و هذا ليس مرادا للشيخ وإنما المراد الشيخ بكلامه النص الذي يشمل ما كان صريح الدلالة وما ورد عليه احتمال و يشمل أيضا اللفظ الظاهر ، فعندما يأتي السائل ويسأل بهذا اللفظ يكون قد أوقع الناس في لبس سواءا أوقع شيخه أو أوقع زملاءه ، نعم . هناك مسألة وهي كلمة العبارة ، وذلك أنّ هذه اللفظة أصلها من الفعل عبر بمعنى انتقل من مكان إلى مكان وقد قال جل وعلا في سور عديدة أمر الله جل و علا بالاعتبار فقال "فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" يعني اعبروا بأذهانكم وانتقلوا بذهنكم من حال أولئك اليهود الذين خُربت عليهم بيوتهم وعُذبوا بهذا التعذيب المذكور في أول السورة وقيسوا أنفسكم وانتقلوا بأذهانكم إلى أنفسكم ، فإنكم إذا فعلتم مثل فعلهم عاقبكم الله بمثل عقوبتهم ، وبعض أهل العلم يطلق على الكلام هذا اللفظ العبارات ، و هذا ناشئ من منشأ عقدي وذلك أنّ بعض الطوائف يرون أنّ الكلام هو المعاني النفسية وأنّ الألفاظ والأصوات والحروف عبارة عن الكلام وليست هي الكلام ، ولذلك يسمون الجمل والكلمات عبارات ، وهذا منشؤه عقدي ولذلك ينبغي التحرز من إطلاق هذه الجملة جملة العبارة |
#5
|
||||
|
||||
![]() 15-الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ : تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .
هنا *شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هنا القارئ: الأمر الخامس عشر والأخير: الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ : تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) . الشيخ: هذا أهم ما يكون في هذه الآداب هو التثبت، التثبت فيما ينقل من الأخبار والتثبت فيما يصدر منك من الأحكام فالأخبار إذا نقلت فلا بد أن تتثبت أولا هل صحت عمن نقلت إليه أو لا ،ثم إذا صحت فلا تحكم، تثبت في الحكم ربما يكون الخبر الذي سمعته يكون مبنيا على أصل تجهله أنت فتحكم بأنه خطا والواقع أنه ليس بخطأ، ولكن كيف العلاج في هذه الحال ؟ العلاج أن تتصل بمن نسب إليه الخبر وتقول نقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح ثم تناقشه فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه أول وهلة سمعته لأنك لا تدري ما سبب هذا المنقول، ويقال: إذا علم السبب بطل العجب، فلا بد أولا من التثبيت ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أو لا ؟ ثم تناقشه فإما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه أو يكون الصواب معك فيرجع إليه . القارئ: الأمر الخامس عشر الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ : تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) . الشيخ: الثبات والتثبيت هذان شيئان متشابهان لفظا لكنهما مختلفان معنى . فالثبات معناه الصبر والمصابرة وألا يمل ولا يضجر وألا يأخذ من كل كتاب نتفة أو من كل فن قطعة ثم يترك، لأن هذا هو الذي يضر الطالب يقطع عليه الأيام بلا فائدة إذا لم يثبت على شيء تجده مرة في الآجرومية ومرة في متن القطر ومرة في الألفية، في المصطلح: مرة في النخبة، ومرة في ألفية العراقي، ويتخبط، في الفقه: مرة في زاد المستقنع، مرة في عمدة الفقه، مرة في المغنى، مرة في شرح المهذب، وهكذا في كل كتاب وهلم جرا هذا في الغالب أنه لا يحصل علما، ولو حصل علما فإنما يحصل مسائل لا أصولا وتحصيل المسائل كالذي يلتقط الجراد واحدة بعد أخرى لكن التأصيل والرسوخ والثبات هذا هو المهم، اثبت بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع واثبت بالنسبة للشيوخ أيضا الذين تتلقى عنهم لا تكن ذواقا كل أسبوع عند شيخ كل شهر عند شيخ قرر أولا من ستتلقى العلم عنده، ثم إذا قررت ذلك فاثبت ولا تجعل كل شهر أو كل أسبوع لك شيخا، ولا فرق بين أن تجعل لك شيخا في الفقه وتستمر معه في الفقه وشيخا آخر في النحو وتستمر معه في النحو وشيخا آخر في العقيدة والتوحيد، وتستمر معه، المهم أن تستمر لا أن تتذوق وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة وجلس عندها سبعة أيام طلقها وذهب يطلب أخرى، هذا يبقى طول دهره لم يتمتع بزوجة ولم يحصل له أولاد في الغالب، أيضا التثبت كما قلنا قبل قليل أيضا من أهم الأمور إن لم يكن أهمها التثبت فيما ينقل عن الغير أمر مهم لأن الناقلين تارة تكون لهم إرادات سيئة ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه قصدا وعمدا وتارة لا يكون عندهم إرادات سيئة لكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أريد به، ولهذا يجب التثبت فإذا ثبت بالسند ما نقل فحينئذ يأتي دور المناقشة مع من؟ مع صاحبه الذي نقل عنه قبل أن تحكم على هذا القول بأنه خطأ أو غير خطأ وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة أن الصواب مع هذا الذي نقل عنه الكلام، وإلا من المعلوم أن الإنسان لو حكم على الشيء بمجرد السماع من أول وهلة لكان ينقل عنه أشياء تنفر منها النفوس عن بعض العلماء الذين يعتبرون منارات للعلم لكن عندما يتثبت ويتأمل ويتصل بهذا الشيخ مثلا يتبين له الأمر، ولهذا قال: (منه الصبر والثبات في التلقي وطي الساعات في الطلب على الأشياخ) هذا داخل في الثبات أم في التثبت؟ في الثبات (فإن من ثبت نبت) ومن لم يثبت لم ينبت، ولم يحصل على شيء . *شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) هناالقارئ : قال المؤلف : الثبات والتثبت : تحل بالثبات والتثبت ، لا سيما في الملمات والمهمات ، ومنه : الصبر والثبات في التلقي ، وطي الساعات في الطلب على الأشياخ ، فإنّ "من ثبت نبت". الشيخ : هاتان الصفتان ذكرهما المؤلف في آداب طالب العلم المتعلقة بنفسه ، الصفة الأولى: الثبات ؛ والثبات يراد به البقاء على الأمر المعروف و عدم الانتقال عنه إلى غيره، والثبات تشمل الثبات في المعتقدات بحيث لا ينجر الإنسان في معتقده لأي متكلم يتكلم معه حتى يكون متثبتا في أمره. الثاني : الثبات فيما يتعلق في التصرفات ، فلا يكون الإنسان من أتباع كل ناعق كلما تكلم متكلم سار معه و إنما يكون ثابتا على مبدئه وطريقته. الثالث : الثبات فيما يتعلق بنصرة الأشخاص ، فلا ينصر العبد إلا إذا علم أنه على حق وأما أن ينصر قريبه أو صاحب بلده بدون أن يكون متثبتا من حاله فهذا يكون من العصبية المذمومة وحمية الجاهلية. الرابع : الثبات فيما يتعلق بما يؤديه العبد من الأعمال الصالحة بحيث لا تصرفه الصوارف عن عمله الصالح الذي يؤديه سواءا كان من الفرائض أو النوافل ، وتعلمون أنّ النصوص قد جاءت في الترغيب في المداومة على الأعمال الصالحة وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) ، وقد روي مرفوعا وموقوفا . الأمر الخامس : مما يؤمر بالثبات فيه الثبات في طلب العلم بحيث لا تأتي المشغلات فتشغل الطالب عن طلبه للعلم ، وهذه مسألة مهمة جدا ينبغي الالتفات إليها فإنّ بعض الناس عندما يأتيه أدنى أمر ينشغل عن طلب العلم ولا يثبت فيه ، وحينئذ لا يرزق بركته و لا يستمر معه ، و نجد طلبة العلم كثر ثم بعد ذلك لا يثبتون وما ذلك إلا لانشغال مرات بتوافه ومرات بلعب ومرات بلهو ومرات بهيشات ومرات بأمور لا تناسب طالب العلم ، ولذلك هذه الهيشات وهذه المشغلات لا تكون سببا في انصراف طالب العلم عن طلب العلم ، ولذلك ذكر المؤلف هنا أو رغب في الصبر والثبات في التلقي وطي الساعات في الطلب على الأشياخ ، فإنّ (من ثبت) يعني في طلب العلم ، (نبت) وأصبح عالما، وأما من بذل من وقته شيئا ثم انصرف فإنه لا يستفيد العلم . والصفة الثانية : التثبت بحيث لا يقبل ما يرد عليه من الواردات حتى يكون متيقنا من أنه الحق وأنه الصحيح وهذا يشمل أمورا : أولها : ما يتعلق بالمعتقدات فإذا وردت إليك مسألة عقدية كلام من أحد الناس فتثبت فيها . وثانيها : التثبت فيما يتعلق بالأحاديث التي تورد على الإنسان ، فلا يأخذ منها إلا ما تثبت أنه صحيح ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إما بمعرفة إسناده ، أو بمعرفة من صححه من أهل العلم ، أو بنقله من عالم التزم الصحة في حديثه و فيما ينقله من الأحاديث. الثالث : التثبت في نسبة الأقوال إلى علماء الشريعة ، فكم من مرة وجدنا أقوالا تنسب إلى فقهاء وهم منها برءاء ، وهذا في مسائل عظيمة من مسائل العقائد فضلا عن مسائل الفقه ، وإذا نظر الإنسان إلى مثل هذا وجده كثيرا ، حتى أنهم قالوا عن بعض المسائل هذه مسائل التراجم أو قول التراجم ما معنى قول التراجم : هي القول الذي ترجم كل طائفة به الطائفة الأخرى بدون أن يكون صحيحا ، مثال ذلك : مسألة هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ إذا نظرنا إلى كتب الأصول عند الحنفية قالوا: وقد قالت الشافعية بأنّ الكفار غير مخاطبين ، وإذا نظرنا إلى كتب الشافعية وجدناهم يقولون: الحنفية يقولون بأنّ الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة ، وإذا نظرت مثلا إلى مسألة التصويب والتخطئة في المعتقدات وجدناهم أنهم ينسبون أقوالا عظيمة إلى عبيد الله بن حسن العنبري وهو منه براء ، بل ينسبون إلى طوائف كثيرة أقوالا هم منها براء ، وفي نفس الوقت في مثل هذه المسألة -مسألة التأثيم في الخطأ في مسائل العقائد- نجدهم ينسبون إلى جماهير أهل العلم بخلاف ما يقولون به ، -فمسألة التصويب والتخطئة- نجد أئمة كالنووي وابن حجر يقولون: الجمهور أو ينسبون إلى الجمهور أنهم يقولون بأنّ كل مجتهد مصيب، ولعلهم يقصدون جمهور الأشاعرة وإلا فإنّ جمهور أهل العلم من بقية الطوائف يقولون بخلاف هذا؛ يقولون أنّ المصيب واحد وأنّ ما عاداه مخطئ ، وهكذا أيضا فيما يتعلق بالأخبار التي يتناقلها الناس يكون الإنسان متثبتا فيها ولا يتقبل منها إلا ما يكون قد قامت عليه القرائن والدلائل على صحته وقد قال جل وعلا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" وورد في بعض القراءات فتثبتوا . |
#6
|
||||
|
||||
![]() الفصلُ الثاني : كيفيَّةُ الطلَبِ والتلَقِّي 16- كيفيَّةُ الطلَبِ ومَراتِبُه : مَن لم يُتْقِن الأصولَ ، حُرِمَ الوُصولَ ومَن رامَ العلْمَ جُملةً ، ذَهَبَ عنه جُمْلَةً وقيلَ أيضًا : ازدحامُ العِلْمِ في السمْعِ مَضَلَّةُ الفَهْمِ . وعليه فلا بُدَّ من التأصيلِ والتأسيسِ لكلِّ فَنٍّ تَطْلُبُه ، بضَبْطِ أصْلِه ومُختصَرِه على شيخٍ مُتْقِنٍ ، لا بالتحصيلِ الذاتيِّ وَحْدَه ؛ وآخِذًا الطلَبَ بالتدَرُّجِ . قالَ اللهُ تعالى " وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا" وقالَ تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا " .وقالَ تعالى " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ " فأمامَك أمورٌ لا بُدَّ من مُراعاتِها في كلِّ فنٍّ تَطْلُبُه : - حفْظُ مُخْتَصَرٍ فيه . - ضبْطُه على شيخٍ متْقِنٍ . - عدَمُ الاشتغالِ بالْمُطَوَّلاتِ وتَفاريقِ الْمُصَنَّفاتِ قبلَ الضبْطِ والإتقانِ لأَصْلِه . - لا تَنْتَقِلْ من مُخْتَصَرٍ إلى آخَرَ بلا مُوجِبٍ ، فهذا من بابِ الضَّجَرِ . - اقتناصُ الفوائدِ والضوابِطِ العِلْمِيَّةِ . - جَمْعُ النفْسِ للطلَبِ والترَقِّي فيه ، والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ . وكان من رأيِ ابنِ العربيِّ المالِكِيِّ أن لا يَخْلِطَ الطالبُ في التعليمِ بينَ عِلْمَين وأن يُقَدِّمَ تعليمَ العربيَّةِ والشعْرِ والْحِسابِ ، ثم يَنتَقِلَ منه إلى القُرآنِ . لكن تَعَقَّبَه ابنُ خَلدونَ بأنَّ العوائدَ لا تُساعِدُ على هذا وأنَّ الْمُقَدَّمَ هو دراسةُ القرآنِ الكريمِ وحِفْظُه ؛ لأنَّ الوَلَدَ ما دام في الْحِجْرِ يَنقادُ للحُكْمِ ، فإذا تَجاوَزَ البُلوغَ ؛ صَعُبَ جَبْرُه . أمَّا الْخَلْطُ في التعليمِ بينَ عِلمينِ فأَكْثَرَ ؛ فهذا يَختلِفُ باختلافِ المتعلِّمينَ في الفَهْمِ والنشاطِ . وكان من أهلِ العلمِ مَن يُدَرِّسُ الفقهَ الحنبليَّ في ( زادِ الْمُسْتَقْنِعِ ) للمبتدئينَ و (الْمُقْنِعِ ) لِمَن بعدَهم للخِلافِ المذهبيِّ ، ثم ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ، ولا يَسْمَحُ للطبقةِ الأُولى أن تَجْلِسَ في دَرْسِ الثانيةِ .وهكذا ؛ دَفْعًا للتشويشِ. واعْلَمْ أنَّ ذِكْرَ الْمُختصراتِ فالْمُطَوَّلَاتِ التي يُؤَسَّسُ عليه الطلَبُ والتلَقِّي لدى المشايخِ تَختَلِفُ غالبًا من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ باختلافِ الْمَذاهِبِ وما نَشأَ عليه عُلماءُ ذلك الْقُطْرِ من إتقانِ هذا المختَصَرِ والتمَرُّسِ فيه دونَ غيرِه . والحالُ هنا تَختلِفُ من طالبٍ إلى آخَرَ باختلافِ القرائحِ والفهومِ وقُوَّةِ الاستعدادِ وضَعْفِه ، وبُرودةِ الذِّهْنِ وتَوَقُّدِه . هنا *شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هنا القارئ: الفصلُ الثاني : كيفيَّةُ الطلَبِ والتلَقِّي كيفيَّةُ الطلَبِ ومَراتِبُه : ( مَن لم يُتْقِن الأصولَ ، حُرِمَ الوُصولَ ) ( ومَن رامَ العلْمَ جُملةً ، ذَهَبَ عنه جُمْلَةً ) وقيلَ أيضًا : ( ازدحامُ العِلْمِ في السمْعِ مَضَلَّةُ الفَهْمِ ) . وعليه فلا بُدَّ من التأصيلِ والتأسيسِ لكلِّ فَنٍّ تَطْلُبُه ، بضَبْطِ أصْلِه ومُختصَرِه على شيخٍ مُتْقِنٍ ، لا بالتحصيلِ الذاتيِّ وَحْدَه ؛ وآخِذًا الطلَبَ بالتدَرُّجِ . قالَ اللهُ تعالى " وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا " وقالَ تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا " . وقالَ تعالى " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ". الشيخ: كيفية الطلب وهذا أيضا مهم ليبني الإنسان على أصول ولا يتخبط خبط عشواء يقول : (من لم يتقن الأصول حرم الوصول) وقيل بعبارة أخرى: من فاته الأصول حرم الوصول، لأن الأصول هي العلم والمسائل فروع، كأصل الشجرة وأغصانها إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك فلا بد من أن يبني الإنسان علمه على أصول فما هي الأصول ؟ هل هي الأدلة الصحيحة؟ أو هي القواعد والضوابط؟ أو هذا وهذا ؟ الثاني هو المراد، تبني على أصول من الكتاب والسنة وتبني على قواعد وضوابط مأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة ترجع إليها أحكام الكتاب والسنة وهذه من أهم ما يكون لطالب العلم مثلاً (المشقة تجلب التيسير) هذا أصل من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة، من الكتاب من قوله تعالى "وما جعل عليكم في الدين من حرج " من السنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمران ابن حصين"صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ". وقال" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " هذا أصل لو جاءتك ألف مسألة بصور متنوعة لأمكنك أن تحكم على هذه المسائل بناء على هذا الأصل، لكن لو لم يكن عندك هذا الأصل وتأتيك مسألتان أشكل عليك الأمر، كذلك أيضا يقول : (من رام العلم جملة ذهب عنه جملة) هذا أيضا له وجه صحيح إذا أراد الإنسان أن يأخذ العلم جميعا فإنه يفوته العلم جميعا، لا بد أن تأخذ العلم شيئا فشيئا كسلم تصعد إليه من الأرض إلى السقف ليس العلم مأكولا كتبت فيه العلوم فتأكله وتقول خلاص هضمت العلم، لا العلم يحتاج مرونة وصبر وثبات وتدرج ،وقيل أيضا (التحام العلم في السمع مضلة الفهم )يعني لكثرة ما تسمع من العلوم توجب أن تضل في فهمك وهذا أيضا ربما يكون صحيح أن الإنسان إذا ملأ سمعه مما يسمع أو ملأ بصره مما يقرأ ربما تزدحم العلوم عليه ثم تشتبك ويعجز عن التخلص منها. وقال: (وعليه فلا بُدَّ من التأصيلِ والتأسيسِ لكلِّ فَنٍّ تَطْلُبُه، بضَبْطِ أصْلِه ومُختصَرِه على شيخٍ مُتْقِنٍ) ، لا بد من هذا (على شيخ متقن)، ليس على شيخ أعلى منك بقليل لأن بعض الناس إذا رأى طالبا من الطلبة يتميز عنهم بشيء من التميز جعله شيخه، وعنده شيوخ أعلم من هذا بكثير لكن يجعل هذا الصغير شيخه لأنه بزه في شيء من المسائل العلمية وهذا غير صحيح بل اختر المشايخ ذوي الإتقان وأيضا نضيف إلى الإتقان وصف آخر وهو الأمانة، لأن الإتقان قوة والقوة لابد فيها من أمانة {إن خير من استأجرت القوي الأمين} ربما يكون العالم عنده إتقان وعنده سعة علم وعنده قدرة على التقريب وعلى التقسيم وعلى كل شيء لكن ليس عنده أمانة فربما أضلك من حيث لا تشعر، لا بالتحصيل الذاتي وحده، يعني لا تأخذ العلم بالتحصيل الذاتي يعني أن تقرأ الكتب فقط دون أن يكون لك شيخ معتمد ولهذا قيل: (من دليله كتابه خطؤه أكثر من صوابه) أو: (غلب خطأه صوابه) هذا هو الأصل، الأصل أن من اعتمد على التحصيل الذاتي وعلى مراجعة الكتب الغالب والأصل أنه يضل لأنه يجد بحرا لا ساحل له ويجد عمقا لا يستطيع التخلص فيه أما من أخذ عن عالم وشيخ فإنه يستفيد فائدتين عظيمتين، الفائدة الأولى : قصر المدة والفائدة الثانية قلة التكلف وهناك فائدة ثالثة والفائدة الثالثة أن ذلك أحرى بالصواب؛ لأن هذا الشيخ قد علم وتعلم ورجح وفهم فيعطيك الشيء ناضجا لكنه يمرنك إذا كان عنده شيء من الأمانة يمرنك على المراجعة والمطالعة أما من اعتمد على الكتب فإنه لا بد يكرث جهوده ليلا ونهارا ثم إذا طالع الكتب التي يقارن فيها بين أقوال العلماء فسيقت أدلة هؤلاء وسيقت أدلة هؤلاء من يدله على أن هذا الأصوب ؟ يبقى متحيرا ولهذا نرى أن ابن القيم رحمه الله عندما يناقش قولين لأهل العلم سواء في زاد المعاد أو في أعلام الموقعين إذا ساق أدلة هذا القول وعلله تقول خلاص هذا هو القول الصواب ولا يجوز العدول عنه بأي حال من الأحوال ثم ينقض ويأتي بالقول المقابل ويذكر أدلته وعلله فتقول هذا هو القول الصواب، الأول ما عنده علم لكن لا بد من أن يكون قراءتك على شيخ متقن أمين. قال: وآخِذًا الطلَبَ بالتدَرُّجِ . ثم استدل بالآيات: قالَ اللهُ تعالى " وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا "، " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا " . قوله" لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ". المعروف أن نزل لما ينزل شيئا فشيئا، وأن أنزل لما نزل جملة واحدة، فلماذا قال الذين كفروا: (لولا نزل) ولم يقولوا (لولا أنزل) علينا القرآن جملة واحدة؟ نقول قالوا ذلك باعتبار واقع القرآن أنه منزل شيئا فشيئا وقوله" كذلك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف والتقدير: أنزلناه، كذلك وجملة (لنثبت) تعليل متعلق بالفعل المحذوف . وقال تعالى "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده" (الذين آتيناهم الكتاب) يعني أعطيناهم إياه، وأنزلناه إليهم يتلونه حق تلاوته والتلاوة هنا تشمل التلاوة اللفظية والتلاوة الحكمية، فأما التلاوة اللفظية يعني يقرأوه بألسنتهم، وأما التلاوة الحكمية بأن يصدقوا بأخباره ويلتزموا بأحكامه، وقوله {حق تلاوته} من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني تلاوة الحقة الصحيحة . القارئ: فأمامَك أمورٌ لا بُدَّ من مُراعاتِها في كلِّ فنٍّ تَطْلُبُه : أولا: حفْظُ مُخْتَصَرٍ فيه . ثانيا: ضبْطُه على شيخٍ متْقِنٍ . ثالثا: عدَمُ الاشتغالِ بالْمُطَوَّلاتِ وتَفاريقِ الْمُصَنَّفاتِ قبلَ الضبْطِ والإتقانِ لأَصْلِه . رابعا: لا تَنْتَقِلْ من مُخْتَصَرٍ إلى آخَرَ بلا مُوجِبٍ ، فهذا من بابِ الضَّجَرِ . خامسا: اقتناصُ الفوائدِ والضوابِطِ العِلْمِيَّةِ . سادسا: جَمْعُ النفْسِ للطلَبِ والترَقِّي فيه ، والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ . الشيخ: هذه أمور لا بد من مراعاتها كما قال الشيخ (أولا : حفظ مختصر فيه)، فمثلا إذا كنت تطلب النحو فاحفظ مختصرا فيه إن كنت مبتدأ فلا أرى أحسن من متن الآجرومية لأنه واضح وجامع وحاصر وفيه بركة، ثم متن الألفية ألفية ابن مالك لأنها خلاصة علم النحو كما قال هو نفسه: أحصى من الكافية الخلاصة = كما اقتضى فنا بلا خصاصة وفي الفقه احفظ زاد المستنقع لأن هذا الكتاب مخدوم بالشروح والحواشي والتدريس وإن كان بعض المتون الأخرى أحسن منه من وجه لكنه هو أحسن منهما من وجه آخر من حيث كثرة المسائل الموجودة فيه ومن حيث أنه مخدوم بالشروح والحواشي وغير ذلك . في الحديث: متن عمدة الأحكام وإن ترقيت فبلوغ المرام وإذا كنت تقول إما هذا أو هذا فبلوغ المرام أحسن لأنه أخصر ولأن الحافظ ابن حجر رحمه الله يبين درجة الحديث وهذا مفقود بالنسبة لعمدة الأحكام وإن كان درجة الحديث فيها معروفة لأنه لم يضع في هذا الكتاب إلا ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم . في التوحيد: من أحسن ما قرأنا كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن الوهاب وقد يسر الله تعالى في الآوانة الأخيرة من خرج أحاديثه وبين ما في بعضها من ضعف والحق أحق أن يتبع . في الأسماء والصفات: من أحسن ما ألف فيما قرأت العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية فهي كتاب جامع مبارك مفيد وهلم جرا خذ من كل فن تريد طلبه كتابا مختصرا فيه واحفظه ثانيا ضبطه على شيخ متقن، ولو قال: ضبطه وشرحه لكان أولى لأن المقصود ضبطه وتحقيق ألفاظه وما كان زائدا أو ناقصا وكذلك الشرح، استشرح هذا المتن على شيخ متقن وكما قلنا فيما سبق إنه يجب أن يضاف إلى الإتقان صفة أخرى وهي الأمانة لأن هذه من أهم ما يكون وأنتم تعلمون أن ذكر القوة والأمانة في القرآن متعدد لأن عليهما مدار العمل فقد قال العفريت من الجن { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين } وقال صاحب مدين ، بل قالت ابنته: { يا أبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } وقال الله تعالى في وصف جبريل: {ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين} فعلى هذين الوصفين القوة والأمانة تبنى الأعمال كلها فلا بد من شيخ متقن ويكون أمينا، الثالث :عدم الاشتغال بالمطولات وهذه أعني الفقرة الثالثة مهمة جدا لطالب العلم أن يتقن المختصرات أولا حتى ترسخ العلوم في ذهنه ثم بعد ذلك يفيض إلى المطولات لكن بعض الطلبة قد يغرب فيطالع المطولات ثم إذا جلس مجلسا قال: قال صاحب المغني قال صاحب المجموع قال صاحب الإنصاف قال صاحب الحاوي ليظهر أنه واسع الاطلاع وهذا خطأ نحن نقول ابدأ بالمختصرات أولا حتى ترسخ العلوم في ذهنك ثم إذا من الله عليك فاشتغل بالمطولات ولهذا قال: عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله أي لأصل ذلك العلم وانتبه لهذه المسألة إياكم أن تشغلوا أنفسكم بالمطولات قبل إتقان ما دونها وقياس ذلك في الأمر المخصوص أن ينزل من لم يتعلم السباحة إلى بحر عميق فإنه لا يستطيع أن يتخلص فضلا عن أن يتقن . الرابع : لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب فهذا من باب الضجر . وهذه أيضا آفة يعني التنقل من مختصر إلى آخر أو من كتاب فوق المختصر إلى آخر هذه آفة عظيمة تقطع على الطالب طلبه وتضيع عليه أوقاته، كل يوم له كتاب بل كل ساعة له كتاب، هذا خطأ إذا عزمت على أن يكون قرارك الكتاب الفلاني فاستمر لا تقل أقرأ كتابا أو فصلا من هذا الكتاب ثم أنتقل إلى آخر فإن هذا مضيعة للوقت ويقول : بلا موجب . أما إذا كان هناك موجب كما لو لم تجد أحد يدرسك في هذا المختصر ورأيت شيخا موثوقا في إتقانه وأمانته يدرس مختصر آخر فهذا ممكن لا حرج عليك أن تنتقل من هذا إلى هذا. خامسا : اقتناص الفوائد والضوابط العلمية – وهذا أيضا من أهم ما يكون، الفوائد التي لا تكاد تطرأ على الذهن أو التي يندر ذكرها والتعرض لها أو التي تكون مستجدة تحتاج إلى بيان الحكم فيها هذه اقتنصها واضبطها بالكتابة قيد، لا تقل هذا أمر معلوم عندي ولا حاجة أن أقيده أنا إن شاء الله ما أنساه فإنك سرعان ما تنسى وكم من فائدة تمر بالإنسان فيقول هذه سهلة لا تحتاج إلى قيد ثم بعد مدة وجيزة يتذكرها ولا يجدها لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر وقوعها أو التي يتجدد وقوعها أما الضوابط فناهيك بها أيضا احرص على الاهتمام بالضوابط ومن الضوابط ما يذكره الفقهاء تعليلا للأحكام فإن كل التعليلات للأحكام الفقهية تعتبر ضوابط لأنها تنبني عليها الأحكام فهذه أيضا احتفظ بها ولولا أنني سمعت أن بعض الإخوان الآن يتتبع هذه الضوابط في الروض المربع ويحررها لقلت من الحسن أن نكلف طائفة منكم بالقيام بهذا العمل تتبع الروض المربع من أوله إلى آخره كل ما ذكر علة يقيدها لأن كل علة ينبني عليها مسائل كثيرة إذ أن العلة ضابط يدخل تحته جزئيات كثيرة مثلا : إذا قال: إذا شك في طهارة الماء من نجاسته فإنه يبني على اليقين هذه على كل حال تعتبر حكما وتعتبر ضابطا أيضا ، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان إذا ما شك في نجاسة طاهر ، فهو طاهر، أو في طهارة نجس فهو نجس لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان ولو أن الإنسان كل ما مر عليه مثل هذه التعليلات حررها وضبطها ثم حاول في المستقبل أن يبني عليها مسائل جزئية لكان في هذا فوائد كثيرة له ولغيره . سادسا: جَمْعُ النفْسِ للطلَبِ والترَقِّي فيه ، والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ . هذا أيضا مهم أن الإنسان يجمع نفسه للطلب فلا يشتتها يمينا ويسارا يوما يطلب العلم ثم يوم يفكر يقول أفتح مكتبة، الناس رزقهم الله ويوم ثان يقول أروح إلى بيع الخضار ، هذا ليس بصحيح اجمع النفس على الطلب ما دمت مقتنعا بأن هذا منهجك وسبيلك فاجمع نفسك عليه وأيضا اجمع نفسك على الترقي فيه لا تبقى ساكنا فكر فيما وصل إليه علمك من المسائل والدلائل حتى تترقى شيئا فشيئا واستعن بمن تثق به من زملائك وإخوانك إذا احتاجت المسألة إلى استعانة ولا تستحي أن تقول يا فلان ساعدني على تحقيق هذه المسألة بمراجعة الكتب الفلانية والفلانية، الحياء لا ينال العلم به أحد، فلا ينال العلم مستحي ولا مستكبر . وقوله : (والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه) يعني معناه أن الإنسان يكون عنده شغف شديد تتحرق نفسه لينال ما فوق المنزلة التي هو فيها (حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ) . نعم. القارئ: وكان من رأيِ ابنِ العربيِّ المالِكِيِّ أن لا يَخْلِطَ الطالبُ في التعليمِ بينَ عِلْمَين وأن يُقَدِّمَ تعليمَ العربيَّةِ والشعْرِ والْحِسابِ ، ثم يَنتَقِلَ منه إلى القُرآنِ . الشيخ: (أن لا يخلط الطالب في التعليم بين علمين) وهذا ليس على إطلاقه بل يجب أن يقيد ولعله يكون قيده فإن لم يفعل بينا ما يحتاج إلى قيد . القارئ: لكن تَعَقَّبَه ابنُ خَلدونَ بأنَّ العوائدَ لا تُساعِدُ على هذا وأنَّ الْمُقَدَّمَ هو دراسةُ القرآنِ الكريمِ وحِفْظُه ؛ لأنَّ الوَلَدَ ما دام في الْحِجْرِ يَنقادُ للحُكْمِ ، فإذا تَجاوَزَ البُلوغَ ؛ صَعُبَ جَبْرُه . أمَّا الْخَلْطُ في التعليمِ بينَ عِلمينِ فأَكْثَرَ ؛ فهذا يَختلِفُ باختلافِ المتعلِّمينَ في الفَهْمِ والنشاطِ . الشيخ: طيب ما معنى هذا؟ قوله رحمه الله: إنك تقدم تعليم العربية هذا قد يكون مسلما بالنسبة لمن لا ينطق العربية وذلك لأنه لا يمكن أن يعرف القرآن إلا إذا تعلم العربية لكن من كان عربيا فليس من المُسَلَّم أن نقول تعلم العربية بمعنى: توسع فيها والشعر والحساب، كيف نقدم الشعر والحساب على القرآن ؟ هذا ليس بمُسَلَّم، كذلك أيضا . قوله: لا يجمع بين علمين، فيقال إن الناس يختلفون في الفهم والاستعداد فقد يكون سهلا على المرء أن يجمع بين علمين وقد يكون من الصعب أن يجمع بين علمين وكل إنسان طبيب نفسه فإذا رأى من نفسه قدرة وقوة فلا بأس أن يجمع بين علمين ولكن ليحذر النشاط أو نشاط البدء لأن نشاط البدء بمنزلة السفر، فإن بعض الناس أول ما يبدأ يجد نفسه نشيطا نشيطا نشيطا ثلاث مرات فيريد أن يلتهم العلوم جميعا فإذا به ينكث على الوراء لأنه كبر اللقمة ومن كبر اللقمة فلا بد أن يغص حتى لو وجدت من نفسك قدرة وقوة لا تكلفها ما لا تطيق اتزن حتى تستمر . القارئ: وكان من أهلِ العلمِ مَن يُدَرِّسُ الفقهَ الحنبليَّ في ( زادِ الْمُسْتَقْنِعِ ) للمبتدئينَ و (الْمُقْنِعِ ) لِمَن بعدَهم للخِلافِ المذهبيِّ ، ثم ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ، ولا يَسْمَحُ للطبقةِ الأُولى أن تَجْلِسَ في دَرْسِ الثانيةِ . وهكذا ؛ دَفْعًا للتشويشِ. الشيخ: نعم صحيح من أهل العلم من يفعل ذلك إذا كان يدرس الفقه الحنبلي يدرس في زاد المستنقع لأن زاد المستنقع اختصار المقنع ثم ينتقل إلى تدريس المقنع؛ لأن المقنع فيه ذكر الروايتين والوجهين والقولين في المذهب بدون تعليل ولا دليل يطلع الطالب على أن هناك خلافا في المسائل وبعضهم ينتقل من بعد المقنع إلى الكافي، الكافي قبل المغني لأن الكافي يذكر فيه الخلاف المذهبي مع الأدلة وبهذا يمتاز عن المقنع فهو يذكر الخلاف ويذكر الأدلة سواء كانت الأدلة سمعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح أو عقلية من النظر ثم بعد ذلك المغني لأن الخلاف في المغني ليس مع أصحاب الإمام أحمد بل مع عامة المذاهب فيترقى من هذا إلى هذا، الموفق رحمه الله سلك هذا التدرج لكن له كتاب قبل المقنع سلم للمقنع وهو عمدة الفقه للموفق كتاب مختصر أقل بكثير من زاد المستقنع من حيث المسائل لكنها تشتمل على بعض الدلائل يعني ليست جافة كزاد المستقنع بل فيها أدلة . فالحاصل أنه ينبغي أن المعلم يرتقى بالطلبة درجة فدرجة حتى يتقنوا ما تعلموه. قال: (ولا يسمح للطبقة الأولى أن تجلس في دروس الثانية وهكذا دفعا للتشويش)، لكني أنا في النقطة الأخير لا أستطيع ولهذا أجمع بين الصغير والكبير فيما ندرسه من الكتب ونقول هذا الصغير الآن يزحف ثم يبدأ يمشي شيئا فشيئا حتى تقله رجلاه وسبب ذلك أن الطلاب عندنا يتواردون شيئا فشيئا ولو راعينا الوافدين لأهملنا حق السابقين لو قلنا مثلا إذا جاء أناس جدد رجعنا في زاد المستقنع إلى كتاب الطهارة ووصلنا مثلا قل إلى كتاب الصلاة في هذه الفترة جاء العام الثاني وفد جماعة ماذا نعمل؟ رجعنا إلى الطهارة كان في هذا ظلم للسابقين ومعناه سنبقي دائم الأبد من أول الكتاب إلى الطهارة هذا ما يستقيم، لذلك نرجوا منكم العذر إلا أنه والحمد لله وجد من الطلبة السابقين من جلس للطلبة الوافدين في بعض المختصرات وهذا والحمد لله من نعمة الله على الجميع . القارئ: واعْلَمْ أنَّ ذِكْرَ الْمُختصراتِ فالْمُطَوَّلَاتِ التي يُؤَسَّسُ عليه الطلَبُ والتلَقِّي لدى المشايخِ تَختَلِفُ غالبًا من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ باختلافِ الْمَذاهِبِ وما نَشأَ عليه عُلماءُ ذلك الْقُطْرِ من إتقانِ هذا المختَصَرِ والتمَرُّسِ فيه دونَ غيرِه . الشيخ: هذه الفقرة صحيحة مثلا قد يكون الإنسان في بلد ينتحلون مذهب الشافعي ستجد العلماء يدرسون أو يبنون أصول تدريسهم على كتب الشافعي، في بلد ينهج فيه أهله مذهب الإمام أحمد تجد العلماء يدرسون كتب هذا المذهب وهلم جرا . القارئ: والحالُ هنا تَختلِفُ من طالبٍ إلى آخَرَ باختلافِ القرائحِ والفهومِ وقُوَّةِ الاستعدادِ وضَعْفِه ، وبُرودةِ الذِّهْنِ وتَوَقُّدِه . الشيخ: وهناك أسباب أخرى أيضا وهي قوة الاستعداد للعلم وتلقيه وضعف ذلك وكذلك كثرة المشاغل وقلتها، المهم أن الاختلاف وارد في كل شيء لكن ما ذكره أولاً مبني على الغالب فقد يكون من المبتدئين من يمكن أن تدرسه المقنع . *شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) هنا القارئ : قال المؤلف: الفصل الثاني: كيفية الطلب والتلقين كيفية الطلب ومراتبه:"من لم يتقن الأصول ، حرم الوصول" ، و "من رام العلم جملة ، ذهب عنه جملة" ، وقيل أيضاً:"ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم" . وعليه، فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه، بضبط أصله ومختصره على شيخ متقن، لا بالتحصيل الذاتي وحده، وأخذاً الطلب بالتدرج . قال الله تعالى: (وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكثونزلناه تنزيلاً). وقال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً). وقال تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) فأمامك أمور لابد من مراعاتها في كل فن تطلبه : حفظ مختصر فيه . ضبطه على شيخ متقن. عدم الاشتغال بالمطولات و تفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله. لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب ، فهذا من باب الضجر. اقتناص الفوائد والضوابط العلمية. جمع النفس للطلب والترقي فيه ، والاهتمام والتحرق للتحصيل والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة. وكان من رأي ابن العربي المالكي أن لا يخلط الطالب في التعليم بين علمين ، وأن يقدم تعليم العربية والشعر والحساب ، ثم ينتقل منه إلى القرآن. لكن تعقبه بن خلدون بأنّ العوائد لا تساعد على هذا ، وأنّ المقدم هو دراسة القرآن الكريم وحفظه ؛ لأنّ الولد ما دام في الحجر ؛ ينقاد للحكم ، فإذا تجاوز البلوغ ؛ صعب جبره. أما الخلط في التعليم بين علمين فأكثر ؛ فهذا يختلف باختلاف المتعلمين في الفهم والنشاط. وكان من أهل العلم من يدرس الفقه الحنبلي في "زاد المستنقع " للمبتدئين ، و "المقنع " لمن بعدهم للخلاف المذهبي ، ثم "المغني " للخلاف العالي ، ولا يسمح بالطبقة الأولى أن تجلس في درس الثانية… وهكذا ؛ دفعاً للتشويش. واعلم أنّ ذكر المختصرات والمطولات التي يؤسس عليه الطلب والتلقي لدى المشايخ تختلف غالباً من قطر إلى قطر باختلاف المذاهب ، وما نشأ عليه علماء ذلك القطر من إتقان هذا المختصر والتمرس فيه دون غيره. والحال هنا تختلف من طالب إلى آخر باختلاف القرائح و الفهوم ، وقوة الاستعداد وضعفه ، وبرودة الذهن وتقوده. وقد كان الطلب في قطرنا بعد مرحلة الكتاتيب والأخذ بحفظ القرآن الكريم يمر بمراحل ثلاث لدى المشايخ في دروس المساجد : للمبتدئين ، ثم المتوسطين ، ثم المتمكنين: ففي التوحيد: "ثلاثة الأصول وأدلتها " ، و "القواعد الأربع " ، ثم "كشف الشبهات " ، ثم "كتاب التوحيد " ؛ أربعتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، هذا في توحيد العبادة. وفي توحيد الأسماء والصفات: "العقيدة الواسطيه" ، ثم "الحموية" ، و "التدمرية" ؛ ثلاثتها لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى ، فـ "الطحاوية" مع "شرحها". وفي النحو: "الأجرومية" ، ثم "ملحة الإعراب" للحريري ، ثم "قطر الندى" لابن هشام ، وألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل. وفي الحديث: "الأربعين" للنووي ، ثم "عمدة الأحكام" للمقدسي ، ثم "بلوغ المرام" لابن حجر ، و "المنتقى" للمجد بن تيمية ؛ رحمهم الله تعالى ، فالدخول في قراءة الأمهات الست وغيرها. وفي المصطلح : "نخبة الفكر" لابن حجر ، ثم "ألفية العراقي" رحمه الله تعالى. وفي الفقه مثلاً : "آداب المشي إلى الصلاة" للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، ثم "زاد المستنقع" للحجاوي رحمه الله تعالى ، أو "عمدة الفقه" ، ثم "المقنع" للخلاف المذهبي ، و "المغنى" للخلاف العالي ؛ ثلاثتها لابن قدامه رحمه الله تعالى. وفي أصول الفقه : "الورقات" للجويني رحمه الله تعالى ، ثم "روضة الناظر" لابن قدامه رحمه الله تعالى. وفي الفرائض : "الرحبية" ، و ثم مع شروحها ، و"الفوائد الجلية". وفي التفسير :"تفسير ابن كثير" رحمه الله تعالى. وفي أصول التفسير :"المقدمة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وفي السيرة النبوية :"مختصرها" للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وأصلها لابن هشام ، وفيه "زاد المعاد" لابن القيم رحمه الله تعالى. وفي لسان العرب : العناية بأشعارها ، وكـ"المعلقات السبع" ، والقراءة في "القاموس" للفيروز آبادي رحمه الله تعالى. … وهكذا من مراحل الطلب في الفنون. وكانوا مع ذلك يأخذون بجرد المطولات ؛ مثل "تاريخ بن جرير" ، وابن كثير ، وتفسيرهما ، ويركزون على كتب شيخ الإسلام بن تيمية ، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى ، وكتب أئمة الدعوى وفتاواهم ، لاسيما محرراتهم في الاعتقاد. وهكذا كانت الأوقات عامرة في الطلب ، ومجالس العلم ، فبعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الضحى ، ثم تقول القيلولة قبيل صلاة الظهر ، وفي أعقاب جميع الصلوات الخمس تعقد الدروس ، وكانوا في أدب جم وتقدير بعزة نفس من الطرفين على منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى ، ولذا أدركوا وصار منهم في عداد الأئمة في العلم جمع غفير ، والحمد لله رب العالمين. فهل من عودة إلى أصالة الطلب في دراسة المختصرات المعتمدة ، لا على المذكرات ، وفي حفظها لا الاعتماد على الفهم فحسب ، حتى ضاع الطلاب فلا حفظ ولا فهم! وفي خلو التلقين من الزغل والشوائب والكدر ، سير على منهاج السلف. والله المستعان. وقال الحافظ عثمان بن خرزاد (م سنة 282هـ) رحمه الله تعالى : "يحتاج صاحب الحديث إلى خمس ، فإن عدمت واحدة ؛ فهي نقص ، يحتاج إلى عقل جيد ، ودين ، وضبط ، و حذاقة بالصناعة ، مع أمانة تعرف منه". قلت : - أي الذهبي-: "الأمانة جزء من الدين ، والضبط داخل في الحذق ، فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون : تقياً ، ذكياً ، نحوياً ، لغوياً ، زكياً ، حيياً ، سلفياً يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد ، ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مائة مجلد ، وأن لا يفتر من طلب العلم إلى الممات بنية خالصة ، وتواضع ، وإلا فلا يتعن " هـ. الشيخ : بعدما ذكر المؤلف رحمه الله آداب طالب العلم في نفسه انتقل إلى الآداب المتعلقة بكيفية الطلب و التلقي ، وأول هذه الآداب أن يحرص على التدرج في التعلم ، بحيث يأخذ كل أناس ما يناسبهم وينبغي أن يكون هذا بأمور : أولها : الارتباط بعالم ناصح سالم مثبت بحيث إذا ارتبط الإنسان بالعالم استفاد من سمته وهديه ، وكذلك برّزّه في العلم وانتقى له من الكتب ما يناسبه ويكون صالحا لحاله ، وأضرب لهذا مثلا : سألني بعض الطلاب هنا أن أشرح لهم مختصر التحرير ، مختصر التحرير كتاب قويم وصعب وفيه مباحث دقيقة ومبنية على أصول عقدية ، وقد لا يستوعبها هؤلاء ثم قد يضيق الوقت عندهم ، فيأخذون ربع الكتاب أو نصف الكتاب ثم لا يتمكنون من إكماله و إتمامه فيكون عندهم في نفوسهم نوع من التنقص لعدم إكمالهم للكتاب ، ولذلك اخترنا لهم أن يكون لنا دورة علمية في كل أسبوع منها نأخذ متنا علميا ، و يكون ذلك سببا من أسباب التحصيل وإكمال مهمات هذه الكتب وإدراك الأهداف التي سعى إليها مؤلفو هذه المتون . الأمر الثالث : مما يتعلق بهذا التدرج في التعلم بحيث يبتدئ الإنسان بالنقطة الأولى ، و يبتدئ بالمتن الأقل ليضبطه ويتقنه ويكون بمثابة الأساس الذي يؤسَس عليه البنيان ، و أما إذا أتى ليبني سقف المنزل وهو لم يبن أساسه بعد فإنه لن يتمكن من بنائه ولو وضع سقفه فهو عما قريب سيسقط ، و هذا من أكبر المسائل التي نعنى بها في عصرنا ، تجد بعضهم ينتقل إلى المطولات فيكون سببا لتخليطه في المسائل و إدخال المسائل بعضها بـبعض ، كما أدركنا من أناس رغبوا في الخير فأخذوا كتاب المغني فبدؤوا يقرؤون يقولون نريد الكتاب الشامل المحتوي على العلم كله ، فلما ابتدءوا بقراءته فإذا في أوله مسائل عديدة متعلقة بالمياه لا يفهمونها ولا يدركون مصطلحات أهل العلم فيها فكان ذلك سببا لتركهم التعلم بالكلية ، ويحضرني في هذا: بعض الفقهاء الذين ذكروا أنهم كانوا يدرسون مختصر الخرقي فلما طلبوا من شيخهم أن ينتقل بهم إلى كتاب آخر ، قال : هذا الكتاب قد ضبطته وعرفت ما فيه فأدرسكم إياه ومن أراد غيره فلينتقل لغيري ، ثم قال : أنت يا فلان و فلان لا تنتقلا عن هذا الكتاب حتى تضبطاه ، ولذلك لا بد من التدرج في التعلم . الأمر الرابع : معرفة المصطلحات العلمية في الكتب التي يريد الإنسان قراءتها بحيث كلما مر عنده لفظ عرف معناه ، و عرف مراد أهل العلم به ، بحيث لا يُنَزِّل كلام أهل العلم على غير مرادهم ، فإنك إذا لم تفهم هذه المصطلحات فحينئذ ستفهم فهما خاطئا مغلوطا ، وأضرب لهذا مثلا : جاءني إنسان ووجدني أقرأ كتاب الرد على المنطقيين ، كانت هيأته حسنة و أعرف عنه رغبة في العلم وطلب مني استعارة هذا الكتاب فأعرته له ، بعد أسبوع أعاد لي الكتاب وقال : كتاب قيم فيه فوائد كثيرة ، لكن هذا الكتاب اشتمل على كلمة لا أعرف ما مدخلها في الكتاب ، ما هي هذه الكلمة ؟ ، قال : كلمة الحد . قال فما مدخل العقوبات في المناطقة ؟ فقلت : لقد أتعبت نفسك بقراءة هذا الكتاب ، المراد بالحد التعريف ، والمؤلف في الرد على المنطقيين يرد على المناطقة طريقتهم في التعريفات التي هي الحدود ، فعندما يفهم أنّ المراد هو الحد الذي يقصد به العقوبة المقدرة حينئذ يكون قد فهم الكتاب على غير مراد صاحبه. الأمر الآخر هو الحرص على الحفظ وأول ما يحفظ النصوص الشرعية الكتاب والسنة ، فإنّ الإنسان إذا لم يحفظ هذه الأصول فإنه حينئذ لا ينطلق في تعليمه ، ولا في دعوته ، ولا في علمه من منطلقات صحيحة ، لأنّ منطلقات العلم هي النصوص كتابا وسنة من عرفها تمكن من تأسيس علم صحيح ، ومن لم يعرفها فإنه حينئذ سيعرف شيئا من المعلومات ، وبالتالي لا يكون قد وصل إلى مقصود الشرع ومراده. الأمر الآخر الذي يتعلق بهذا وهو أن يحرص الإنسان على اختيار الكتب والمؤلفات التي يعرفها الناس في بلده ويكون لها مكانة في ذلك البلد ، من أجل أن يتمكن من ضبطها ، ومن أجل أن يكون ذلك سبيلا لنشرها في الأمة ، ومن أجل اجتماع الناس من خلال تعلمهم في كتب متقاربة ، وأما إذا درسنا كتبا لا يعرفها الناس وجعلناها هي الأساس الذي ننطلق منه في التعلم ، حينئذ نكون قد نفرنا بقية طلبة العلم ولم نكن وإياهم على وفاق. أيضا من الأمور المتعلقة بهذا عدم الملل في التعلم وقد أشرنا إلى هذا فيما سبق ، فإنّ الإنسان إذا كان كلما قرأ كتابا وانتصف فيه ملّ منه وانتقل إلى كتاب آخر لم يتمكن من ضبط العلم. كذلك من الأمور التي ينبغي أن تعرف هو عدم الخلط بين العلوم ، وليس المراد به ألا يتعلم الإنسان علمين في زمن واحد في سنة واحدة أو في يوم واحد ، وإنما المراد به ألا يدخل بعضها في بعض في وقت واحد ، لأنّ مصطلحات أهل الفنون تختلف ومراد كل طائفة يغاير مراد الطائفة الأخرى. كذلك من الأمور التي ينبغي أن تكون عند طالب العلم ألا يدخل في الخلاف حتى يتقن أساس ذلك الفن الذي يدرسه ، لأنك إذا دخلت في الأقوال وفي الأدلة وأنت لم تحط بالمراد بهذه المسائل ، فحينئذ ستُنزِّل كلامهم على غير مرادهم ، ولن تتمكن من فهم هذه المسألة . كذلك ينبغي أن يعلم بأنّ التعلم في كتاب لا يعني العمل به فطالب العلم يتعلم ما في هذا الكتاب ، لكنه عند العمل يسأل فقهاء عصره إن لم يكن مجتهدا ، و إن خالف ما في الإجتهاد والفتوى ما في ذلك الكتاب فإنه يسأل عن سبب المخالفة حتى يحيط بالقولين ويعرف مستند كل منهما ، هذا شيء مما يتعلق بكيفية الطلب والتلقي ومراتبه. قال المؤلف : (من لم يتقن الأصول حرم الوصول) المراد بالأصول هنا القواعد والأسس التي يتعلم الإنسان بناء عليها ، (حرم الوصول) مراد أهل العلم أنّ من لم يعرف قواعد التعلم ومراتبه فإنه لن يتمكن من الوصول لتحصيل العلم ، (من رام العلم جملة ذهب عنه جملة) فمن أراد أن يحصل العلم كله في وقت واحد فإنه حينئذ سيذهب منه سريعا ، ولذلك ينبغي للإنسان أن يُقَعِّد القواعد ثم بعد ذلك يبني عليها فروع العلم. قال : (ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم) فإنّ السمع كلما كان مصغيا لأنواع التعلم مبتدءا بالأقل فالأكثر فإنه حينئذ سيفهم وسينتقل من حال الجهل إلى حال العلم. قال المؤلف : (فلا بد من التأصيل والتأسيس) (التأصيل) معرفة الأصول وهي القواعد التي ينبني عليها التعلم ، (والتأسيس) يعني معرفة الأسس التي يبنى عليها العلم، فالتأصيل معرفة قواعد التعلم هذا المراد به هنا ، والتأسيس معرفة الأسس والقواعد التي يبنى عليها العلم ، (وذلك بضبط أصل العلم وبدراسة مختصر على شيخ متقن لا بالتحصيل الذاتي وحده) وجدنا من حاول أن يحصل العلوم بنفسه بدون الاستناد إلى شيخ وجدنا منهم أمورا كثيرة منها : أولا : الخطأ في نطق الكلمات فتجدهم لا يضبطون تشكيل الكلمة ضبطا صحيحا ، وذلك لأنهم أخذوا الكتاب فقرءوا منه فظنوا أنّ ما نطقوه هو الصحيح لأنّ الكتب في الغالب غير مشكلة ، إذا قرأ قال : (مُنَ) مناخ من سبق، وهي (مِنَ) ، إذا قرأ قال : (أَسِيد) وهو (أُسَيد بن حضير) ، إذا قرء (عتاب بن أُسَيد) وهو (بن أَسِيد) وهكذا ، لماذا ؟ ، لأنه اعتمد على ما في هذه الكتب ولم يكن لديه شيخ يأخذ منه طريقة نطق هذه الكلمات. الأمر الثاني : أن من لم يتعلم على شيخ ، أدخل المسائل بعضها في بعض ، وقد مثلنا له فيما مضى بمن قرأ مسألة من سبقه الحدث في الصلاة ، فحينئذ يقول الفقهاء : يستخلف من وراءه فيقدمون إماما يصلي بهم ، بينما في مسألة من تذكر الحدث في أثناء الصلاة قالوا : تبطل صلاته وتبطل صلاة من خلفه هكذا قال الفقهاء ، فيأتي إنسان فيظن أنّ هذه المسألة هي تلك المسألة فينسب إلى هؤلاء الفقهاء ما لم يقولوه. وكذلك من الأمور التي تنبني على تعلم الإنسان بنفسه بدون مراجعة شيخ متقن ، أنّ فهم الكلمات والمصطلحات لا يعرف إلا من خلال هؤلاء العلماء الذين يتعلم الإنسان عليهم ، وقد مثلت لكم بأمثلة مصطلح واحد يختلف من باب إلى باب ، وهناك مصطلحات تختلف من عالم إلى عالم ، وهناك مصطلحات تختلف من فن إلى فن ، وهناك مصطلحات تختلف من مذهب إلى مذهب ، مثال هذا : إذا قال إنسان أو فقيه : الكفالة جائزة ، ما المراد بالكفالة ؟ إن كان حنبليا فهو يريد الالتزام بإحضار بدن من عليه حق هذه الكفالة ، وإن لم يكن حنبليا فهو يريد الالتزام بدفع ما في ذمة الآخرين الذي يسميه الحنابلة الضمان ، إذن من أين اختلف المصطلح ؟ باختلاف المذهب ، و قد يكون باختلاف الأبواب ، فكلمة الضمان يراد بها مرة ضم ذمة إلى ذمة ، ومرة يراد بها دفع التعويض ، والكل في كتاب واحد كيف يعرف الإنسان التفريق بينهما ؟ بكونه يتعلم على معلم يدله على مراد أهل العلم بذلك. الفائدة الرابعة : معرفة الصحيح من الضعيف ، عندما يأتي الإنسان ويقرأ الكتب يكون كحاطب لا يميز بين صحيحها وضعيفها ، و عندما يراجع العلماء المتقنين يدله على الصحيح من الضعيف ، بل يُوجِد لديه قدرة ومَلَكة يتمكن بواسطتها من التمييز بين الصحيح والضعيف ، ولذلك في عصرنا الحاضر وجدنا من لم يطلب العلم على العلماء يقومون بتسجيل أشرطة ثم يكون في هذه الأشرطة من الصواب الشيء الكثير ، عند النطق بالكلمات لا ينطقونها بنطق صحيح ، وعند الروايات لا يفرقون بين الرواية الصحيحة والرواية الضعيفة ، ثم لا يتمكنون من ربط المسائل بعضها ببعض ، أو ربط الحوادث بعضها ببعض لأنهم ليس لديهم دراسة سابقة مبنية على تحصيل عند عالم متقن ، إذا تقرر هذا فإنه لا بد أن يختار الإنسان العالم المتقن ، أما من انتسب إلى العلم ولم يكن متقنا له ، فحينئذ قد يوقعه في أشياء كثيرة مخالفة للصواب والحق ، ومما يتعلق بهذا أن تختار في كل فن من يتقنه ، حتى تكون بذلك قد حصلت الإتقان في ذلك الفن ، وقد يوجد علماء يتقنون فنونا عديدة فمثل هؤلاء هم الذين يحرص على اقتناصهم واقتناص التعلم منهم ، وذلك لأنّ العلوم الشرعية يرتبط بعضها ببعض ، فعندما تأتي بشخص عارف في الفقه ومتقن لكلام أهل العلم فيه ، لكنه لا يعرف قواعد الأصول ، أولا يعرف مباحث المعتقد يكون درسك معه مقطوعا ، لأنّ مسائل الفقه مرتبطة بالأصول وهناك مسائل فقهية عديدة فيها جوانب عقدية . ذكر المؤلف عددا من الأدلة الدالة على مشروعية التدرج في طلب العلم منها قوله تعالى "وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا" كثير من أهل العلم يفرق بين أَنْزل ونزّل؛ لأن نزّل يراد بها التنزيل المفرق ، و أما أنزل فيحتمل أنها تكون كذا و أن تكون كذا ، و هذا إنما يكون عند المقارنة بين اللفظين ، ثم جاء بقوله تعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً" هنا لم يؤت في مقابلة أُنزل ، أو قيِّد بقوله : جملة واحدة ، "كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ" هذه هي الفائدة الأولى أن يثبت العلم في قلب المتعلم "وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" ، وقال "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ" ذكر المؤلف عددا من الوسائل في التعلم : أولها "حفظ مختصر في العلم" ، فإنه يُبقي ذلك العلم في القلب. وثانيها : (ضبط العلم بضبط مصطلحاته) ، وضبط ألفاظه ومعانيها وضبط أساليبه و ضبط أبوابه ، والمراد بالضبط الحفظ التام ، و الضبط يكون للعلم ويكون لكتبه ، فيضبط ما أُلِّف فيه من المؤلفات ، ويضبط أيضا مواطن بحث المسائل التي تبحث؛ أين يبحثها أهل العلم ؟ ، لأنّ كثيرا من المسائل تبحث في غير مظانها، يبحث عنها الإنسان في شيء وهي في باب آخر ، مثال هذا : حديث (أنّ النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن وصل الصلاة بصلاة حتى ينتقل أو يتكلم ) هذا رواه الإمام مسلم ، أين موطنه وأين يُبْحث ؟ (الجواب من الطلبة والشيخ يعيد جوابهم : من كتاب الصلاة) الشيخ : من أين من كتاب الصلاة ؟ جواب الطلبة: أوقات الصلاة ، صفة الصلاة ، التطوع في الصلوات ، مكروهات الصلاة الشيخ:كل هذه المباحث يبحثها طالب آخر: في باب الصيام الشيخ : غلط، بحثه في آخر باب صلاة الجمعة ، لابد أن نعرف مواطن بحث المسائل ، عندك مسائل متعلقة بالمسابقات ، أين تُبحث ؟ بعض أهل العلم يبحثها في كتاب القضاء في باب الشهادات ، وبعض أهل العلم يبحثها في كتاب الجهاد ، وبعض أهل العلم يبحثها في كتاب المعاملات بعد أنواع الإيجارات إلى غير ذلك من طرائق أهل العلم ، فعندما يتعلم الإنسان العلم على شيخ وعلى فن معين و على مذهب معين يعرف أين بحث هذه المسائل. كذلك لا ينتقل الإنسان إلى الكتاب المطول حتى يضبط المتون الأولى في ذلك العلم ، ولا يترك مختصر وهو لم يكمله إلى مختصر آخر ، وكذلك ينبغي بنا أن نقتنص الفوائد كلما وجدنا فائدة علمية وضابطا حرصنا على تقييده ليبقى في الذهن ، ويكون ذلك سببا من أسباب اندفاع الإنسان لهذا العلم ، كذلك الحرص على جعل النفس تلتفت إلى التعلم ولا تلتفت إلى غيره ، بحيث يجمع العبد نفسه في الطلب وفي الترقي من درجة إلى درجة ويكون في نفسه حُرقة ورغبة شديدة في التعلم "والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة" تفيض: من المياه إذا فاض الماء بحيث امتلأ المكان الأول فانتقل بعضه إلى مكان آخر، هذا إفاضة الماء فاض الماء ، فهو يفيض من المختصرات إلى المطولات بسابلة ، ما هي السابلة ؟ السحاب القوي الذي فيه مطر كثير ، موثقة بحيث يكون متوثقا من علمه . ذكر المؤلف خلافا بين ابن العربي المالكي و بين ابن خلدون وفيما يتدرج فيه من التعلم ، فابن العربي يرى تقديم العربية والشعر والحساب ثم ينتقل إلى القرآن ، وابن خلدون يرى أنّ المقدم هم القرآن وحفظه ، وعلى كل معرفة العربية كان الناس يحرصون عليها ، وذلك لأنّ الصبي في أول تكلمه إذا عُلِّم العربية نطقا وأسلوبا لتكون العربية سليقة له فهذا يكون أول ما يتعلمه الإنسان ، وأما تعلم العربية كقواعد وتعلم أنواع علوم العربية الخادمة لهذا فيكون بعد إتقان القرآن ، لأنّ تعلم القرآن وحفظه يعين على معرفة العربية ومعرفة العربية تعين على فهم القرآن ، فهو يبتدئ أولا بحفظ القرآن ثم يتعلم العربية فينطلق من العربية إلى فهم القرآن. ذكر المؤلف التدرج في التعلم ، وذكر أنه كان من شأن أهل العلم ألا يخلطوا بين المتعلمين فيكون لطائفة التعلم في أول الفنون والمتون في العلم ثم بعد ذلك من أتقنه انتقل إلى المرحلة الأخرى ، فأما إذا خلط الطلاب بعضهم مع بعض فإنه يؤدي إلى خلط و خبط ، ذلك أنّ المبتدئ يسأل سؤالا يناسب حاله ، فيضجر منه من هو أعلى درجة منه ويمل من طلب العلم في ذلك المجلس ، وإذا سأل المتمكن والمتوسط سؤالا قد لا يفهمه المبتدئ فيكون ذلك سببًا لخلط العلوم في ذهنه وإدخال بعضها في بعض ، ولذلك كان من الشأن تقسيم طلبة العلم بحسب درجاتهم ، أما بالنسبة لاختيار المتون كما تقدم فيختلف من بلد إلى بلد ، ومن أهل مذهب إلى أهل مذهب ، فحينئذ فيختار الشيخ لطلابه ما يناسبهم من المتون ويتوافق مع أحوالهم قال المؤلف أيضًا : الطلاب يختلفون من حيث جودة الفهم ، ومن حيث ما لديهم من صفات تؤهلهم لحفظ العلم ، وما لديهم من رغبة في التعلم ، وما لديهم من قوة الذهن وضعفه ، ولذلك فينتقى لكل مجموعة ما يناسبهم من الكتب. * إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/ الشيخ عبد العزيز الداخل السؤال الأول : ما معني سابلة موثقة الجواب : السابلة اسم للمارة الذين يسلكون السبيل أي الطريق، ويطلق أيضاً على الطريق. ومراده حث طالب العلم على القراءة والاستزادة من العلم وما يحفزه لطلبه حتى يكون كل ذلك كأعوانه في سلوك الطريق الموصل للتمكن من قراءة الكتب المطولة الكبار بحسن فهم ودراية. السؤال الثاني:وردت العبارة "ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم" أرجو شرح وافي لهذه العبارة. هل يدخل فيها دراسة اكثر من متن او علم في نفس الوقت او التحاق الطالب للدراسة في اكثر من دورة في ان واحد؟ وجزاكم الله خيرًا الجواب: أي أن الطالب إذا خلط في تعليمه بين دروس في وقت متزامن من غير تنظيم ولا ترتيب فإن ذلك من أسباب عدم ضبط العلم ؛ فيسمع درساً في العقيدة وتبقى عليه مسائل فيه لم يفهما جيداً ثم ينتقل إلى درس في التفسير والعربية وهكذا وهو لم يضبط ما درسه أولاً فإن ذلك ضعف في تحصيله ينتج عنه خلل في البناء العلمي لديه، لأن إذا واصل الدروس بهذه الطريقة يكون كالمستكثر منها على غير فهم وعلم وضبط وتتداخل العلوم لديه ولا يميز بين حدودها. لكن إذا كان الطالب منظماً لوقته حريصاً فهم الدرس الذي يستمع إليه أو يقرأ فيه، ثم إذا انتقل إلى درس آخر ضبطه كذلك، وحرص على السير في العلم بتدرج ومنهج صحيح فإنه يصل بإذن الله تعالى، ويحصل تحصيلاً جيداً. السؤال الثالث: مامناسبة ذكر الاية "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" 121البقرة. في هذا الدرس تحت نقطة اخذ الطلب بالتدرج؟ الجواب: يتلونه حق تلاوته : أي يحسنون قراءته والعمل به والاهتداء بهديه، ويتبعونه حق اتباعه. قال عبد الله بن مسعود"والذي نفسي بيده إن حق تلاوته: أن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله". رواه ابن جرير. وتعلم العلم النافع والعمل به هو من المعاني التي تضمنتها تلاوة الكتاب حق تلاوته لأن القرآن هو أصل العلم والهدى. السؤال الرابع: من كان دليله كتابه كان خطؤه أكثر من صوابِهِ . لقدسمعتُ الناس يقول هذا قولاً من الإمامِ الشافعي فهل هذا صحيح ام لا؟ الجواب: لا أعلم ثبوت هذا اللفظ عن الشافعي رحمه الله ، لكن له في معناه كلام آخرة ، وهي مقولة مشهورة مأثورة ، ومعناها صحيح ، فمن كان يقتصر في طلبه للعلم على قراءة الكتب من تلقاء نفسه بلا منهج بيّن في القراءة يقرّه عليه عالم معروف أو طالب علم متمكن ، ولا يعرض تحصيله وقراءته على من يقوّمه ويسدده بتنبيهه على ما أخطأ فيه وإرشاده لما يحتاج إلى دراسته فهذا لا شك أن طريقته في القراءة تفضي به إلى أخطاء كثيرة. لكن لا ينبغي أن يفهم من هذه المقولة أن لا يقرأ الطالب كتاباً إلا على شيخ ؛ فهذا من التزمه فرّط في علم كثير ووقت كبير ولم يحصّل كبير علم بطريقته هذه . بل ينبغي لطالب العلم أن يكون حريصاً على قراءة كتب العلم وأن يستشير في أوّل أمره في انتقاء ما يقرأ مما يناسب مستواه العلمي وإذا أشكل عليه شيء سأل عنه وإذا استغلقت عليه مسألة طلب من يشرحها له فبذلك يحصّل تحصيلاً جيّدا. وأمّا من زعم أنه لا يحتاج إلى العلماء والشيوخ وأنه يقدر على تحصيل العلم بالقراءة في الكتب دون الرجوع إلى أهل العلم فهذا بمثابة من يدّعي أنه يستطيع أن يكون طبيبًا بمجرّد القراءة في كتب الطب ويكون مهندسًا بالقراءة في كتب الهندسة دون أن يكون له منهج موصل ودربة عملية وإشراف علمي من عالم بالصنعة ؛ وهذه الدعوى لا تصدر إلا من جاهل مكابر.هنا |
#7
|
||||
|
||||
![]() 16 - كيفية الطلب ومراتبه وقد كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ : للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .مراحل الطلب ففي التوحيدِ "ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها " و( القواعدُ الأربَعُ ) ، ثم ( كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ . وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ : ( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) . وفي النحوِ : ( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها ) لابنِ عَقيلٍ . وفي الحديثِ : ( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم ( بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها . وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى . وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى . وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) . وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى . وفي السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى . وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى . .... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ . وكانوا مع ذلك يَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛ وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِ القَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَا مُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .......... وهكذا كانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِ الضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِ الصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .فهل من عودةٍ إلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ، وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَ ولا فَهْمَ .وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ، سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ ؟ واللهُ الْمُستعانُ . ......... وقالَ الحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (م سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُ صاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍ جَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه ) . قلتُ : أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذي يَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ، زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لا يَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلا فلا يَتَعَنَّ ) اهـ . هنا *شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) هنا القارئ: وقد كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ : للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ . ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ، ثم ( كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ . وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ : ( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) . وفي النحوِ : ( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها ) لابنِ عَقيلٍ . وفي الحديثِ : ( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم ( بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّاتِ السِّتِّ وغيرِها . وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى . وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى . وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى . وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى . وفي السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى . وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى . الشيخ: يقول رحمه الله وأطال حياته في طاعته يقول: (ففي التوحيد: ثلاثة الأصول وأدلتها والقواعد الأربع ثم كشف الشبهات ثم كتاب التوحيد أربعتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) هذا في توحيد العبادة يعني يبدأ بالأصغر فالأصغر، ثلاثة الأصول تدور عليها من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ أربعة قواعد أيضا تدور على قوله تعالى: { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر . يقول أيضا (القراءة في القاموس) لكن هل نقرأ في القاموس أو نراجع القاموس ؟ الثاني نراجع . أما نقرأ القاموس مهما قرأت ما تستفيد الفائدة المرجوة، لكن فيه مقدمات مشروحة جيدة في الصرف لو قرأها الإنسان يكون ذلك طيبا. كشف الشبهات شبهات بعض أهل الشرك التي أوردوها وأجاب عنها الشيخ رحمه الله بما تيسر وفي توحيد الأسماء والصفات العقيدة الواسطية التي ألقها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهي من أخصب كتب العقيدة وأحسن كتب العقيدة وسميت الواسطية نسبة إلى واسط لأن بعض قضاتها قدم إلى الشيخ رحمه الله وطلب منه أن يكتب ملخصا في عقيدة السلف فكتب هذه العقيدة المباركة. كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب . قال : (ثم الحموية ثم التدمرية) والحموية والتدمرية: رسالتان أوسع من العقيدة الواسطية لكنها أجمع منهما لأنه ذكر فيها الأسماء والصفات والكلام على الإيمان باليوم الآخر وطريقة أهل السنة والجماعة ومنهجهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك فهي أجمع من التدمرية والحموية لكن التدمرية والحموية تمتازان بأنهما أوسع منها في باب الصفات يقول : (فـ) الفاء للترتيب (الطحاوية مع شرحها) . وهي معروفة وصارت شائعة منتشرة بين الناس الآن حيث قررت في الجامعة . (في النحو الآجرومية) كتاب صغير في النحو لكنه مبارك وجامع، مقسم، سهل وأنا أنصح به كل مبتدئ في النحو أن يقرأها، كذلك أيضا ملحة الإعراب للحريري ثم قطر الندى لابن هشام وألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل هكذا قال الشيخ بكر لكني أقول الآجرومية ثم (...) إلى الألفية أما أن نحشوا أذهاننا بكتب تعتبر كالتكرار لأولها فلا حاجة (ملحة الإعراب) هذه نظم فيها بيت مشهور عند الناس وهو قوله: إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا هذا منها وهو مشهور كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العملية بالذات فيها سبق إذا انتهت قال إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا هذا منها وهو مشهور، كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العلمية (...) فيما سبق إذا انتهى قال: إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا المهم أنا أختار الآجرومية ثم ألفية ابن مالك احفظها واستشرحها من رجل عالم بالنحو وفيها الخير الكثير، في الحديث الأربعين النووية وهذا طيب هذا الكتاب طيب لأن فيه آدابا ومنهجا جيدا وقواعد مفيدة جدا في حديث واحد يمكن أن يبني الإنسان حياته عليه (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) هذه قاعدة لو جعلتها هي الطريق الذي تمشي عليه وتسير لكانت كافية وفي النطق (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) فهي من أحسن ما ألف، ثم عمدة الأحكام للمقدسي ثم بلوغ المرام ) وأرى أن يقتصر على بلوغ المرام لأن عمدة الأحكام داخلة في بلوغ المرام أكثر أحاديثه موجودة في بلوغ المرام، بلوغ المرام أوسع منه وأشد تحريرا لكن: إذا لم تستطع شيء فدعه = وجاوزه إلى ما تستطيع إذا قال: أنا ما أستطيع أني أحفظ بلوغ المرام لاسيما وأن فيه رواه فلان وصححه فلان وضعفه فلان هذه (...) قلنا له إذا لم تستطع شيئا فدعه عندك عمدة الأحكام زبدة، أي ساعة تريد أن تستدل خذ حديثا منها ولا حاجة أن تبحث عن صحته لأن أحاديثه منتخبة من البخاري ومسلم، (والمنتقى للمجد بن تيمية رحمهم الله) المنتقى أكبر من بلوغ المرام بكثير لكنه أضعف منه من حيث بيان مرتبة الحديث لا يذكر رحمه الله بيان مرتبة الحديث . نعم. قال : (فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها) ما هي الأمهات الست؟ البخاري، ومسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، وسميت أمهات لأنها مرجع الأحاديث ولهذا قال بعض العلماء: إذا رأيت حديثا في غير الأمهات فلا تحكم عليه حتى تحرره تخريجا لأن هذه الأمهات هي التي اشتهرت بين المسلمين وأخذوها وتلقوها بالقبول وإن كان فيها الضعيف وربما الموضوع أيضا، لكن اشتهرت واعتبرت عند المسلمين . في المصطلح: نخبة الفكر لابن حجر، ثم ألفية العراقي رحمه الله) نخبة الفكر أظنها ثلاث صفحات تقريبا لكنها نخبة، يعني الإنسان إذا فهمها تماما وأتقنها تغني عن كتب كثيرة في المصطلح لأنها مضبوطة تماما وله طريقة غريبة في تأليفها وهي السبر والتقسيم، أكثر المؤلفات يأتي الكلام مرسلا يعني سلسلا لكن هو رحمه الله اخترع هذه الطريقة الخبر إما أن يكون له طرق محصورة بعدد أو غير محصورة والمحصورة بعدد كذا وكذا وكذا ثم (...) فتجد أن الإنسان إذا قرأها يجد نشاطا لأنها مبنية على إثارة العقل وأنا أشير على كل الطلبة أن تحفظوها لأنها خلاصة (...) نعم. يقول: (ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) ألفية العراقي مطولة لكن أرى أن الإنسان يقتصر على فهمها وأنه لا حاجة إلى حفظها ثم قد يكون هناك متون أهم منها. (وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ). ثلاثتها يعني بذلك عمدة الفقه، المقنع، المغني. لكن غيره ذكر أربعة وهي العمدة، ثم المقنع، ثم الكافي ثم المغني. كفى الناس بالكافي وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل ذكرت هذه الأربع في البيتين (...) فالعرب تقرأ القصيدة أكثر من خمسين بيتا ثم ينصرفون وقد حفظوها. نعم أعيدها؟ يقول: كفى الناس بالكافي -يغني الموفق- وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل أو قال: وأغنى بمغني الفقه من كان عالما نسيت أنا . (...) (وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ) قفزة جيدة الورقات ورقات صغيرة لكن بعد هذا إلى روضة الناظر الفرق بينهما كبير لكن هناك كتب مختصرة في أصول الفقه وجيدة يمكن أن يعتمد الإنسان عليها وربما تغنيه أيضا عن روضة الناظر وأصول الفقه هي عبارة عن قواعد وضوابط يتوصل الإنسان بها إلى معرفة استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. (وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) أما الرحبية فهي للرحبي وشروحها متعددة والفوائد الجلية للشيخ عبد العزيز بن باز لكن أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية، البرهانية أجمع من الرحبية من وجه وأوسع معلوماتا من وجه آخر ففي مقدمتها ذكر الحقوق المترتبة على التركة .. أو المرتبة في التركة من بعد موت الإنسان يعني المتعلقة بالتركة ذكرها ولم تذكر في الرحبية ذكر أركان الإرث وشروط الإرث ولم تذكر في الرحبية ذكر (...) وذوي الأرحام ولم تذكر في الرحبية على أنها أخصر من الرحبية وأجمع، في باب الثلثين الرحبي ذكر أربعة أبيات والبرهاني ذكر بيتا واحدا فقال: الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى بيت واحد (الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى كل واحد له النصف إذا صار معها نظيرها صار لهما الثلثان ( طيب ) ولها شرح لابن سلوم مطول ومختصر مفيد جدا ولذلك أنا أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية من الوجوه التي ذكرتها . نعم. في التفسير يقول : (تفسير ابن كثير) وهو جيد بالنسبة للتفسير بالآثر لكنه قليل الفائدة بالنسبة لأوجه الإعراب والبلاغة وخير ما قرأت في أوجه الإعراب والبلاغة (الكشاف) للزمخشري وكل من بعده فهم عيال عليه أحيانا تجد عبارة الزمخشري منقولة نقلا، لكن تفسير الزمخشري فيه بلايا من جهة العقيدة لأنه معتزلي . في أصول التفسير: (المقدمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى) معروفة المقدمة في التفسير وهي كتاب مختصر جيد مفيد. (في السيرة النبوية مختصرها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأصلها لابن هشام وفي زاد المعاد لابن القيم رحمه الله) لكن السيرة النبوية المختصرة والأصل مجرد تاريخ أما زاد المعاد فإنه تاريخ وفقه، فقه من السيرة قد يكون في التوحيد وقد يكون في الفقه في الأمور العملية. (وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى) . (العناية بأشعارها كالمعلقات السبع) المعلقات السبع قصائد من أجمع القصائد وأحسنها وأروعها اختارتها قريش لتعلق في الكعبة ولهذا تسمى المعلقات ولما ذكر ابن كثير رحمه الله اللامية لأبي طالب قال: هذه اللامية يحق أن تكون مع المعلقات لأنها أقوى منها وأعظم وفيها يقول أبو طالب: لقد علموا أن ابننا لا مكذب = لدينا ولا يعنى بقول الأباطل يعني الرسول عليه الصلاة والسلام وهذه شهادة للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه صادق لكن هذه الشهادة من أبي طالب لم تستلزم القبول والإذعان فلذلك لم تنفعه، وخذل عند موته بل كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: قل لا إله إلا الله ولكن لم يقل نسأل الله العافية. وهكذا من مراحل الطلب في الفنون. (...) سؤال: عندنا هنا من أصعب العلوم على أكثر الشباب علم اللغة (النحو والصرف) ودائما المشايخ ينصحوننا بأن نبدأ بالنحو في علم اللغة ولكن كثير من الشباب يتكاسل ولا يستمر فهل يبدأ بغيره قبله، كالفقه والأصول والمصطلح؟ الجواب: نعم ، لا بأس أن يبدأ بغيره قبله ولا يضر، كم من علماء فقهاء يشار إليهم بالأصابع يلحنون في فقههم لكن لا شك أن علم العربية يعينك على فهم القرآن والسنة ويجمل كلامك لأنك لو سمعت رجلا يقول: جاء زيدا راكبٌ، مججت هذا الكلام مع أن المعنى واضح عنده هو، وكثير من الناس يضيق صدره جدا إذا سمع قارئًا يلحن، ولكن قل للإخوان: إن النحو كما قاله مشائخنا عن النحو بابه من حديد وجوفه من قصب يعني أنه سهل ادخل الباب والباقي يكون سهلا عليك ، وهذه حقيقة لاسيما إذا وفق الإنسان لمعلم يكثر ضرب الأمثلة فإنه يسهل عليه علم النحو. السؤال الثاني : كما بينتم حفظكم الله أن قراءة الشعر تقوي الجانب اللغوي عند الطالب، ما حكم قراءة أشعار العرب وفيها من الغزل وغيره ؟ جواب الشيخ : أما الإنسان الذي لا يحركه هذا الغزل ، فلا بأس . وأما الذي يحركه ويخشى على نفسه منه فليتجنبه. سؤال : ما حكم وضع القرآن الآن في بدالة الهاتف بحيث يكون في وقت الانتظار أو وقت تحويل مكالمة إلى مكالمة يسمع المتصل شيء من القرآن أو أحيانا شريط موعظة أو غيره ؟ جواب الشيخ : أما القرآن فلا أرى ذلك ، لأن هذا ابتذال للقرآن حيث نقضي به غرضا فقط ، ثم قد يستمع إليه من لا يقدره ولا يعظمه ويكرهه، لكن من الممكن أن تضع حكمة من الحكم . أو إذا كنت في مصلحة أو جهة تبين عمل هذه الجهة أو المؤسسة في أثناء الانتظار . سؤال لأحد التجار: يقول إن عنده بضاعة من سراويل الرجال فوق الركبة قليلا وكذلك أغراض للنساء يمكن أن تستخدم داخل البيت ويمكن أن تستخدم خارج البيت يعني إذا استخدمت خارج البيت تكون فتنة وأما داخل البيت فتكون للزوج أو بين النساء فهل يجوز له أن يبيع مثل هذه الأغراض؟ الجواب: الشيء الذي يخشى أن يكون فتنة لا يجوز ، وأما السروال القصير للرجال فإذا كان من عادة الناس أن يلبسوا فوقه قميصا ساترا فلا بأس ، أما إذا كانوا لا يلبسون إلا قمصا خفيفة يتبين من ورائها لون الجلد فإنه لا يبيع هذه السراويل إلا على من تستر منه ما بين السرة والركبة. (...) سؤال: (...) الجواب: أما المسألة الأولى فلا بد أن يكون للقصر ولي يتصرف بما يراه أنفع ، من قسم المال أو إبقائه على ما هو عليه وكل إنسان منهم يحتاج يعطى ما يحتاجه لكن يقيد من نصيبه وليس من الجميع. وأما الثانية فإنه إذا تنازل الأب فله أن يرجع لأن الأب يجوز له أن يرجع في هبته لابنه وأما الأم فليس لها أن ترجع (...) الجد ليس له أن يرجع ولا الأم. سؤال: (...) الجواب: إذا لم يكن لم ولي فوليهم القاضي. سؤال: (...) الجواب: هل آتاك الله علما؟ هل هو وحي؟ (...) يعني ما آتاه مثله في وجوب العمل ولهذا قال: (لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) فأراد عليه الصلاة والسلام أنه مثله في العمل أي في وجوب العمل. (...) المماثلة متعذرة ليس مثل القرآن لا في الإعجاز ولا في الاحترام ولا في تحريمه على الجنب (...) لأن الرجل يقول: (ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) يعني ولا ألتفت للسنة، فقال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) (...) الرسول ما أوحي إليه فيها أشياء حكم بها وأنكرها الله عليه (...) بالعكس الأصل أن ما قاله ليس بوحي إلا ما دل عليه الدليل، لكن إقرار الله له يجعله حجة بمنزلة الوحي. القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد: .... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ . وكانوامع ذلكيَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِالقَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَامُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ . الشيخ : الشيخ بكر يتحدث عن الطلب في قطرنا ، وليس عن الطلب عموما ، ولهذا هذه الكتب التي عينها إنما هي في قطرنا وقد يكون ما يساويها أو يشابهها في الأقطار الأخرى على هذا النمط. وأما قوله: (يركزون على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله) ، فهذا صحيح ، غالب المتأخرين يركزون عليهما ، وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يحثنا على قراءتهما ، أي قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لأن فيهما من التحقيق والتحرير والتقعيد ما لا يوجد في غيرهما. وتحس وأنت تقرأ بأن كلامهما ينبع من القلب ، ولهذا يؤثر في زيادة الإيمان . وأما تمثيله أيضا بتاريخ ابن جرير وابن كثير ، فهذا أيضا عند المراجعة لا بأس ، أما كون الإنسان يجعله قراءة يقرؤها فهذا طويل ربما يقطع عليه وقتا كثيرا . وقوله: (كتب أئمة الدعوة) ، المراد بهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وبنوه وأحفاده ، ومن تتلمذ عليهم . المتن : ......... وهكذاكانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِالضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِالصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُللهِ ربِّ العالمينَ .فهلمن عودةٍإلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ،وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَولا فَهْمَ. الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله، قوله وفقه الله : الاعتماد على هذه المتون الأصيلة لا على المذكرات ، هذا صحيح ، لأن المذكرات قد يكون واضعها ممن لا يعرف من هذا الفن إلا معرفة سطحية ، فتجده يلتمس كلمات من هذا وكلمات من هذا وكلمات من هذا ، ولا يكون الكلام محررا متناسقا ، لكن هذه الكتب القديمة الأصيلة محررة متناسقة مخدومة. وكذلك أيضا الحفظ هو الأصل ، علم بلا حفظ يزول سريعًا ، وكانوا بالأول يلعبون علينا لما كنا في الطلب ، يقولون لا تتعب نفسك في حفظ المتن عليك بالفهم ، الفهم الفهم، لكن وجدنا أننا ضائعون إذا لم يكن عندنا حفظ . ما نفعنا الله تعالى إلا بما حفظنا من المتون ، ولولا أن الله نفعنا بذلك لضاع علينا علم كثير، فلا تغتر بمن يقول الفهم ، ولهذا هؤلاء الدعاة إلى الفهم لو سألتهم أو ناقشتهم لوجدتهم ضحلاء، ليس عندهم إلا علم ضحل ، (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} . القارئ : وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ،سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ، واللهُ الْمُستعانُ. الشيخ: قوله: (خلو التلقين) : يعني تلقين العلم ، (من الزغل والشوائب والكدر ، سير على منهاج السلف) ، يعني ينبغي للعالم والمتعلم أن يكون التعليم والتعلم منهما خاليا من هذه العيوب، بل ينبغي أن يكون صافيا ، بحيث يكون المعلم يريد بذلك إيصال العلوم إلى الطلاب دون الاستعلاء عليهم أو إظهار علمه عليهم أو ما أشبه ذلك ، ويكون التلميذ كذلك واثقا مطمئنا إلى ما يقوله معلمه، لأنه إذا كان يتعلم منه يقول أنا أتعلم الآن ولكن إذا خرجت أبحث عن عالم آخر فكأنه لم يأخذ عن هذا العالم أخذ واثق ، أو (...) وهذا يضيعه بلا شك . لكن إذا أخذ عن العلم أخذ مستفيد واثق ، ثم بعد ذلك إذا كبر وترعرع في العلم وصار عنده ملكة ، فلا مانع أن يخالف شيخه فيما يرى أن الصواب في خلافه . لكن مادام في زمن الطلب فليتكأ على من يتعلم على يديه وليأخذ كلامه بثقة واطمئنان ، حتى يرسخ، أما أن يأخذ ويقول: إذا خرج أبحث مع أناس أو مع طلاب علم هذا لا يصح أبدا ولا يستقيم للطالب طلب على هذا الوجه. القارئ: وقالَالحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (المتوفى سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُصاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍجَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه. (قلتُ: أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذييَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ،زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لايَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلافلا يَتَعَنَّ ) اهـ. الشيخ : هذه ثقيلة من الذهبي رحمه الله ، لو بقينا على كلام الحافظ عثمان بن خرزاد لكان أحسن.. يعني أهون علينا. - الأمانة جزء من الدين ، فتدخل في قوله : (تحتاج إلى عقل جيد ودين). - والضبط داخل في الحفظ ، يعني حذق الشيء بمعنى فهمه وأدركه جيدا. كم يبقى من الخمس؟ يبقى ثلاثة لكن دخل علينا أكثر من الثلاثة، - يحتاج إلى أن يكون تقيا ، هذا صحيح، والتقوى رأس كل عبادة وهي الأصل، والتقوى هي فعل أوامر الله واجتناب نواهيه لأن بذلك تكون الوقاية من عذاب الله. - ذكيا يعني ليس غبيا ، ضد الذكاء الغباء بأن يكون عنده فطنة وكم من إنسان حافظ وليس بذكي ، وكان رجل ممن سبق حافظا جدا، سريع الحفظ، بطيء النسيان ، حفظ (الفروع) لابن مفلح ، وهي ثلاث مجلدات كبار، وهو حاوي لجميع الوفاق والخلاف وكان يحفظه كما يحفظ الفاتحة ، لكن لا يفهم منه شيئا لأنه غير ذكي ، فكانوا يلقبونه بحمار الفروع : لقوله تعالى : {كمثل الحمار يحمل أسفارا } لكن لا ينتفع به وكانوا يأتون إليه على اعتبار أنه نسخة ، إذا اختلفوا في شيء راجعوه ، ماذا قال ابن مفلح في المسألة الفلانة؟ ، ثم يسرد لهم، فيكون مراجعة، يعني كتاب مراجعة، فبعض الناس يكون عنده حفظ قوة حافظة ، إدراكا وإبقاء ولكن ليس عنده ذكاء . وبعض الناس بالعكس ذكاءه متوقد لكن ليس عنده حافظة . - نحويا لغويا : النحوي هو الذي يعتني بالإعراب والبناء وهذا يختص بأواخر الكلمات، اللغوي يدخل فيه من تعلم علم الصرف وعلم مفردات اللغة ، وعلى هذا فلا بد من مراجعة كتب النحو : كتب الصرف وكتب اللغة كالقاموس ولسان العرب وغير ذلك . - زكيا تقيا : الزكي والتقي معناهما متقارب ، فإن ذكرا فينبغي أن يحمل التقي على من ترك المحرمات والزكي على من قام بالمأمورات . ويعجبني أن أذكر لكم كلمة قالها شيخ الإسلام رحمه الله في أهل الكلام قال: (إنهم أوتوا فهوما وما أوتوا علوما) يعني عندهم فهم لكن ليس عندهم علم . (وأوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء ). يعني أذكياء لكن ليسوا أزكياء. - حييّا : لكن بشرط : أن لا يمنعه حياؤه من طلب العلم ، ولهذا قال بعضهم : لا ينال العلم حيي ولا مستكبر . يكون حيي ولكن لا يمنعه ذلك من أن يطلب الحق. قالت أم سليم للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟) قال : ((نعم إذا هي رأت الماء)). - سلفيا : يعني يأخذ بطريقة السلف في العقيدة والأدب والعمل والمنهج وفي كل شيء لأن السلف هم صدر هذه الأمة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )). (يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد )، ونعزي أنفسنا بأن المجلدات عندهم قليلة ، أي قد تكون خمسين صفحة عندهم مجلدا ، فإن كان هذا هو المراد فلعل الله أن يعيننا عليه ، وإن كان المراد بالمجلد أنه ستمائة صفحة ، فالواحد منا لو يبقى ليلا ونهارا ما أظنه يكتب مائتي مجلد . مائتي مجلد * ستين صفحة كم؟ اثنا عشر ألف. وقوله : (ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ)، ومن الذي عنده مكتبة بها خمسمائة مجلد؟! على كل حال هم يقولون على قدر حالهم ونقول : الله المستعان . (وألا يفتر عن طلب العلم إلى الممات) : هذا صحيح ، يعني أن طالب العلم يجب أن لا يفتر ، لأنه إذا عود نفسه الفتور والكسل اعتاد ذلك ، ومن طلب العلا سهر الليالي لا تفتر، ويقال : أعط العلم كلك تدرك بعضه ، وأعطه بعضك يفتك كله . العلم يحتاج إلى تعب وعناء ، لكني أقول لكم: إن الإنسان إذا ترعرع في العلم سهل عليه أن يعلم أشياء قد لا تكون في بطون الكتب . لا سيما مع النية الخالصة وإرادة الحق والحكم بشرع الله فإن الله تعالى يهبه علما لا يطرأ على باله ، ولا يجده في بطون الكتب، وكثيرا ما نقف عند مسألة من المسائل في الكتب في مظانها ولا نجدها، ثم إذا فكرنا في آية من كتاب الله أو في حديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدنا الحل ، لأن بركة القرآن والسنة لا يضاهيها أي بركة ، يقول: (بنية خالصة وتواضع) ، التواضع هذا من أهم ما يكون ، أسأل الله أن يرزقني وإياكم التواضع للحق وللخلق ، من أهم شيء لطالب العلم التواضع ، لأن التواضع خلق من الأخلاق العظيمة التي قال الله تعالى فيها لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : { وإنك لعلى خلق عظيم } فأعظم الناس تواضعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أشرفهم مقاما عند الله ورتبة، قال : (وإلا فلا يتعن) ، يعني لا يتعب نفسه إن لم يتصف بهذا فلا يتعب نفسه ، ولكن نقول عفا الله عنك يا ذهبي، ارجع إلى قول الله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } ولنعامل الناس بما يمكن أن يقوموا به ، وإلا لنفر الناس ، لو قلنا للطالب يكفيك أن تكتب مائتي مجلد بيديك، هذه كفاية ، والأكمل خمسمائة أو ستمائة ، وله يكفيك أن يكون عندك من الدواوين خمسمائة مجلد ، والأكمل ألف مجلد، يعني لو قلنا للطالب هكذا لثقل عليه الطلب ، لكن نقول: يكفيك أن تكتب بيديك ما تقدر عليه بشرط أن يكون عندك حرص ونشاط في طلب العلم ، والله الموفق . (...) سؤال: (...) شريط يشمل أحاديث فقط الجواب: الأحاديث بارك الله فيك أهون لكن عندكم من الحكم الكثيرة ارجعوا إلى ديوان المتنبي ارجعوا إلى روضة العقلاء تجدون من الحكم ما يملأ البدالة والبدالتين. *شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) هنا الشيخ: ذكر المؤلف حال علماء هذه البلاد وكيف كانوا يسيرون ، وابتدأ بعلم المعتقد والتوحيد لأنّ التوحيد يقدم على غيره من الفنون وذلك لأنه أصل الأصول ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من دعاه أول ما يعلمه إفراد الله بالعبادة ، ولأنّ هذا هو الذي يجعل الإنسان من أهل دين الإسلام ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل المعلمين يأمرهم بأن يبتدؤوا بهذا الأصل قال : (يا معاذ إنك تأتي قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله) ، وفي رواية (إلى شهادة أن لا إله إلا الله) . ذكر المؤلف الكتب المؤلفة في هذا وهي كتب نافعة قيمة وكثير منها محل عناية أهل العلم في كثير من الأقطار. قال المؤلف : (وكانوا مع ذلك -أي: مع دراستهم للمتون وتفهمها- يأخذون بجرد المطولات) أي : بقراءتها بدون شرحها وقد يعلقون تعليقا خفيفا على شيء من هذه المطولات ، و أدركنا ممن يقرأ المطولات وتُجرد في مجالسه كالشيخ عبد العزيز بن باز غفر الله له. ومثّل المؤلف بالكتب التي كانت تدرس: (بتاريخ ابن جرير ، وتفسير بن جرير ، وتاريخ بن كثير ، وتفسير بن كثير ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية) ، فإنهم كانوا يحرصون على قراءتها ويبذلون من أوقاتهم من أجل تعلمها ، (وكتب أئمة الدعوة وفتاواهم لا سيما محرراتهم في الاعتقاد) ، وأعطيكم فائدة متعلقة بهذا وهي أنّ أهل العقيدة الصحيحة يبارك الله لهم في أذهانهم و فهومهم ، ولذلك تجد عندهم من الفوائد مالا تجده عند غيرهم ، فيكون عندهم من الاختصار في اللفظ ما ليس عند غيرهم ، فالأقوال القليلة عندهم تدل على المعاني الكثيرة ، و ذلك أنهم لما جردوا عباداتهم لله وجردوا مقاصدهم لله بارك الله في علومهم ، وبارك الله في أقوالهم ، ولذلك كلما كان الإنسان صاحب معتقد صحيح فإنّ الله جل وعلا يجعلك تستفيد منه أكثر من الاستفادة من غيره ، ولهذا انظر إلى كتب الشيخ محمد قرأنا منها كتابين في الأسبوعين الماضيين ألفاظ مختصرة تدل على معان كثيرة ، وهذا من بركة ما آتاه الله لذلك الإمام غفر الله له ، ثم إنه ينبهك إلى جزئيات تكون منطلقا لك في حياتك كلها بكلام سهل يسير لا تجد مثل هذه التنبيهات عند غيرهم ، و عند غيرهم تجد الكلام كثيرا طويلا وفائدته وزبدته قليلة ، ولذلك كان من فضل الله جل وعلا على هذه البلاد أن جعل فيها من العلماء من يكون محل ثقة عند العالم الإسلامي ككل ، وذلك أنهم ينطلقون في علمهم من معتقد صحيح ويؤسسون علمهم على أصول صحيحة وقواعد للتعلم صحيحة ، وكذلك يستندون ويعتمدون في كلامهم على أدلة شرعية واضحة من القرآن والسنة ونحوهما. ثم ذكر المؤلف كيف كان أولئك يشغلون جميع أوقاتهم بالتعلم فكانت الأوقات كلها عامرة في الطلب ومجالس العلم ، ذكر المؤلف صفتهم في هذا والناظر في تراجمهم يجد هذا واضحا جليا ، فحينئذ لا ينبغي للإنسان أن يلتفت إلى هذه المشغلات التي تشغله من أنواع الألعاب أو أنواع المجالس أو أنواع الأحاديث الجانبية في غير طلب العلم الشرعي ، ثم ذكر المؤلف ما هم فيه من هذه الحلقات من أدب جم وتقدير فيما بينهم وعزة نفس للإنسان ، بحيث لا يذهب إلى سفاسف الأمور ، (مع التزامهم بطريقة ونهج سلفنا الصالح ولذلك أدركوا) يعني: أنّ أهل هذه البلاد أصبح فيهم علماء أدركوا ، وصار منهم في عداد الأئمة في العلم جمع غفير ، ولذلك لا زال أهل العلم يستندون إلى أقوال علماء هذه البلاد ويرجعون إليهم ، وهذا من فضل الله جل وعلا ، وحينئذ طالب المؤلف بالعودة إلى أصالة الطلب في دراسة المختصرات المعتمدة وأن يُرجع إلى كتب أهل العلم ، أما الكلام والحديث والمحاضرات العامة و التي ليس لها أساس ومنهج فإنها لا تضبط ، وبالتالي ينبغي أن نرجع في دروسنا إلى المتون العلمية حتى نضبط العلوم ونعرفها ، وأما الكلام الذي يكون بدون رجوع إلى كلام أهل العلم فإنه لا ينضبط ولا يؤسس طالبا للعلم ، لأنه يحفظ ما في هذه المذكرات وينساها بعد مرور أوقات الاختبار فيها ، أو بعد مضي زمن ثم بعد ذلك يصبح هو والعامي في مرتبة واحدة ، و لكن من ضبط العلم بمراجعة متونه وأصوله ، فإنه حينئذ يتمكن من ذلك العلم ، ولذلك أيضا نعرف مواطن بحث المسائل ، ومن هنا لا ينبغي أن نعتمد على مجرد الفهم وينبغي أن يكون لنا طريقة في حفظ الأصول الشرعية كتابا وسنة ومتون أهل العلم فإنه بمضي الوقت يضيع الفهم ويبقى الحفظ ، فالحفظ إذا بقي استعدت الفهم لأنّ الآلة عندك موجودة ، ولكن إذا كان عندك فهم ولم يكن عندك الأصل فإنّ المفهوم يضيع وتكون عندك الآلة لكن ليس عندك الأصل الذي ترجع إليه في الفهم. قال : (وفي خلو التلقين من الزغل والشوائب والكدر سير على منهاج السلف) ، الزغل : ما يكون من الشوائب في أنواع الأقمشة والقطن ونحوه ، الشوائب : ما يدخل في أنواع الحبوب من السنبل أو القشرة هذه يقال لها شوائب ، و الكدر : هذا غالبا يكون في المياه الشيء غير الصافي ، فينبغي أن تكون المتون والكتب التي نقرأها خالية من مثل هذا ، وهذه المذكرات قالها إنسان وتكلم بها لكنه مرات يتكلم بكلمة ويَنِدّ ذهنه يريد أن يتكلم بكلمة فتخرج منه كلمة أخرى ، وتجدون هذا عند كثير من المعلمين والمدرسين بينما الكتب حرص أصحابها على ضبطها ثم بعد ذلك وُجد أناس كثر يتدارسونها وينبهون على ما فيها من مثل هذا ، بخلاف هذه المذكرات فإنها لا تشتمل على مثل هذا ، ولازال سلفنا وأئمتنا يسيرون على هذه الطريقة بمراجعة المتون العلمية ، فحينئذ لا ينبغي أن تغرنا مثل هذه الدعايات التي تُنَفِرّ من كتب أهل العلم المتقدمين . ذكر المؤلف صفات طالب صفات راوي الحديث وصاحب الحديث: أولها : (العقل الجيد) الذي يعرف به عواقب الأمور ويميز به بين المتشابهات ، و(يحتاج إلى دين وورع) بحيث لا يعتمد على الظنة ، أو يكون كاذبا في حديثه أو يعتمد على رواية من لا يصح أن يعتمد على روايته . والثالث : يحتاج إلى (الضبط) وهو تمام الحفظ . والرابع : يحتاج إلى (حذاقة بالصناعة) ، معرفة القواعد التي يسار عليها في التعلم مع (وجود الأمانة) لكي لا يدخل في العلم ما ليس منه ، وينبغي أن يعرف بذلك حتى يوثق بكلامه ، فمن لم يعرف بأنه أمين لم يعتمد على قوله ، وذكر المؤلف أيضا كلام الذهبي فقال : (الأمانة جزء من الدين) ، بحيث يرجع بعض هذه الصفات السابقة الخمس إلى بعضها فالأمانة راجعة إلى الدين ، والضبط راجعة إلى الحفظ ، قال : ينبغي أن يكون (تقيا) وهو التقوى الٌإقدام على الطاعة والهرب من المعصية لله من أجل الآخرة ، وأن يكون (ذكيا) يعرف حقائق الأمور وضوابطها ، (نحويا) يعرف قواعد ضبط أواخر الكلمات (لغويا) يفهم معاني الكلام ، (زكيا) يعني طاهرا ليس في نفسه خبث ولا طوية غير محمودة ، (حييا) يستحي مما لا يليق به (سلفيا) سائرا على نهج سلفنا الصالح يبتعد عن البدع وعن أهلها ، (يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد) يعني أنّ طالب العلم حتى يصل يكتب بيديه مائتي مجلد من الفوائد ، ومن أنواع العلم ، (ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مائة مجلد) ، فإذا قرأ خمس مائة مجلد وكتب مائتي مجلد من الفوائد فقد أحرز العلم ، وتأهل للتعليم ، وعليه أيضا (ألا يفتر من طلب العلم) أي لا يتوقف يستمر ولا يمل (إلى الممات) إذا توقف وظن أنه قد علم أصبح ينتقل إلى الجهل ، ولابد أن يكون ذلك (بنية خالصة لله) لا يريد الدنيا ولا يريد مراءاة الخلق ولا يريد أن يكون له سمعة عندهم (وتواضع) بحيث لا يترفع ولا يتكبر ، قال المؤلف : (وإلا فلا يتعن) في هذه الكلمة في النفس ما فيها وذلك أنّ طلب العلم قربة وعبادة ، فلو فرضنا أنّ إنسانا كان بليد الذهن أو كان حفظه ضعيفا لا ينبغي أن يكون ذلك صادا له عن التعلم ، لأنّ كل حرف يتعلمه يؤجر به عند الله جل وعلا ، فحينئذ كيف يفوت على نفسه هذا الأجر ، ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، ولا يشترط في هذا أن يكون صاحب عقل جيد ، ولا أن يكون صاحب حفظ وضبط ، ولا أن يكون حاذقا للصناعة، فبمجرد تعلمه يؤجر ولو لم يكن قادرا على الحفظ ، فهذه الصفات ينبغي أن نحرص على تحصيلها ، وإذا لم نتمكن من تحصيلها كاملة فلا يعني أن يكون ذلك صارفا لنا عن التعلم. أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ، اللهم يا حي يا قيوم فهمنا وعلمنا اللهم إنا نسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين ، اللهم علمنا طرائق التعلم وفقهنا في ذلك وعرفنا بمراتبه واجعلنا ممن يتدرج في تعلمه ، اللهم اجعلنا من أهل الرفق والتأمل والثبات والتثبت وأبعدنا عن مجالس اللغو و الهيشات هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السائل : فضيلة شيخنا ....... الشيخ : هذا شيء يتعلق بالدرس ؟ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس هذا مجلس تعلم وليس مجلس فتيا ، حينئذ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس ، فهمتم هذه الفائدة في مجلس التعلم نفرق بينه وبين مجلس الفتيا فنحن هنا نتعلم وبالتالي انظر ما يتعلق بموضوع بحثنا و دراستنا فأورده ، و مالا يتعلق به فإنه يكون من خلط العلوم بعضها ببعض. السائل : أحسن الله إليكم شيخنا ..... الشيخ : الكلمة استبدل العبارة بالكلمة ، نعم ، والجملة ، نعم ، يقول النبي الله صلى الله عليه وسلم : (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل ما خلا الله باطل) ما قال عبارة ، نعم. السائل : أحسن الله إليكم شيخُنا ..... الشيخ مصححا : شيخَنا لأنّ شيخَنا منادى لتكون منادى مضاف وتكون منصوبة السائل : أحسن الله إليكم شيخَنا ...... الشيخ : كما تقدم أوردت عليكم ثلاث أو أربع صفات ، الأولى : الخطأ في نطق الكلمات ، والثانية : عدم معرفة معاني المصطلحات ، و الثالثة : الخلط بين المسائل و إدخال بعضها في بعض ، والرابعة : الخلط في أقوال أهل العلم بدون معرفة منشأ الخلاف وتحرير محل النزاع ، نعم ، هذه علامات الشيخ الصحفي الذي يأخذ من الصحف ولا يكون عنده إتقان للعلم ، نعم. السائل : أحسن الله إليكم ...... الشيخ : إني أنصحك بإعادة دراستها ففيها من الفوائد ما لا تعرفه من المرة الأولى ولا من الدراسة الأولى ، فدراستك لهذه المتون مرة أخرى ينتج عنه ضبط ما أخذته ، وينتج عنه معرفة فوائد جديدة لم تعرفها في المرة الأولى ، وينتج عنه أيضا معرفة والقواعد الأصول العلمية في مسائل المعتقد ، خصوصا هذين الكتابين أخص بالذكر هذين الكتابين كشف الشبهات ومسائل الجاهلية فإنّ فيهما من الفائدة والعلم الكبير مالا يدركه الإنسان في الغالب من دراسته مرة واحدة ، نعم. السائل : أحسن الله إليكم ..... الشيخ : كما تقدم أنه يتعلم العربية ليتكلم بها في أول أمره لتكون سليقة في كلامه ، ثم بعد ذلك يتعلم القرآن ، و بتعلمه للقرآن يكون قد عرف شيئا من لغة العرب و أساليب كلامها ، ثم يعود فيعرف قواعد النحو ويعرف القواعد المتعلقة بالبلاغة ونحو ذلك ، نعم. السائل : أحسن الله إليكم ....... الشيخ : التدرج في القواعد الفقهية الأصل فيه أن يؤتى بعالم متقن فينتقل معه من كتاب إلى كتاب ، و بفضل الله عز وجل علينا في القواعد الفقهية أننا كنا ندرس أولا قواعد متن المنظومة للشيخ ابن سعدي ، وقد يسر الله جل وعلا طبع أحد الشروح التي شرحناها لهذه المنظومة ، ثم بعد ذلك يقرأ في كتاب ابن سعدي اختصار قواعد ابن رجب تحفة أهل الطلب هو كتاب جيد ومتين ، ثم بعد ذلك ينتقل إلى مطولاته كقواعد ابن رجب ونحوه ، هذا تدرج سرنا عليه مع طلابنا ، وهناك من يتدرج بتدرج آخر وكل على طريقته ومنهجه ، في الأصول أيضا تدرجنا بكتاب الورقات ، ثم بعد ذلك قواعد الأصول ، ثم بعد ذلك المختصر لابن اللّحام ، ثم بعد ذلك ما يتعلق بروضة الناظر . نسأل الله عز و جل أن يزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا اللهم يا حي يا قيوم نسألك أن تهدي ولاة أمورنا لكل خير ، وأن تجعلهم من أسباب الهدى والتقى و الصلاح و السعادة ، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . *إجابات على أسئلة طلاب العهد / الشيخ عبد العزيز الداخل السؤال الأول : قال الشيخ العلامة إبن عثيمين رحمه الله ( وفي الفقه : زاد المستقنع) ينصح به لدراسة الفقه للمبتدئين . هنا
والذي أعرفه إن زاد المستقنع ( على الفقه الحنبلي) فلماذا يدرس ؟ لماذا لايدرس كتاب يعتمد على الدليل فقط دون رأي مذهبي خاصة للمبتدئين ؟ فإذا ذهبنا إلى بلاد تدرس الفقه الشافعي ، كيف يمكن التنسيق بينهما (الفقه الحنبلي) و( الفقه الشافعي) علماً إني مبتدء وبلادي تدرس الفقه الشافعي ، وانا أحب أن أدرس الكتاب الذي يعتمد على الدليل فقط ؟ فكيف يتم التنسيق ؟ الجواب : الواجب علينا جميعا اتباع الدليل ولا يجوز ترك ما جاء عن الله تعالى وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول شخص كائناً من كان. ومِن مسائل الفقه مسائل بينة قد أجمع عليها أهل العلم ، ومنها مسائل اختلفوا فيها، واختلفت طرق ترجيحهم ، ومن أشهر العلماء الذين تلقت الأمة فقههم بالقبول الأئمة الأربعة ، وقد اعتنى العلماء بتدوين فقههم ورتبوا المؤلفات فيها للمتعلمين ، فدراسة الطالب لمتن فقهي من هذه المتون مع التنبيه على بعض ما ترجح للشارح فيه خلاف ما قرره مؤلف المتن أيسر من أن يؤلف كل عالم منهجاً لتدريس الفقه فتكثر المؤلفات جداً وتختلف المناهج وتتفرق على الطلاب فتتعسر عليهم الدراسة، ولذلك جرى عمل كثير من الفقهاء على اعتماد هذه المتون مع اتباع الدليل فيما ترجح لهم. ولذلك تجد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو الذي أوصى بهذه الوصية يرجح خلاف ما في زاد المستقنع في مسائل كثيرة اتباعاً للدليل. |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|