#1
|
||||
|
||||
لم تثبت زيادة كلمة (كريم) في دعاء ليلة القدر
لم تثبت زيادة كلمة (كريم) في دعاء ليلة القدر
السؤال نقلا عن "صحيح الترمذي" للشيخ الألباني رحمه الله: 3513- حدثنا قتيبة، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن كهمس بن الحسن، عن عبدالله بن بريدة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمت أيُّ ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعف عني) حكم عليه الشيخ رحمه الله بقوله: صحيح: (ابن ماجه 3850) ذكر الشيخ رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" أن زيادة (كريم) زيادة من أحد النساخ. هل فاتت زيادة "كريم" الشيخ في "صحيح الترمذي". أم أنها صحيحة عنده. وإن كانت لا تثبت عنده. لماذا لم ينبه أنها زيادة في "صحيح الترمذي"؟ نص الجواب الحمد لله الشيخ الألباني رحمه الله يجتهد رأيه في التحقيق والنقد، فيعرض له السهو والخطأ كغيره من العلماء والمحققين، ولا يضيره ذلك شيئا، بل هو مأجور عليه بإذن الله أجرا واحدا، وذلك من سعة كرم الله تعالى ولطفه بالعلماء والفقهاء، أن أثابهم على خطئهم أجرا واحدا، كما أثابهم على صوابهم أجرين. المهم أن يسلك الباحثون وطلبة العلم المنهج القويم في البحث والتحرير، ولا يحجزهم التقليد ولا مكانة العالم عن مراجعة الأدلة وتحرير المباحث، فالعلم موضوعي حيادي، لا يقوم به سوى البحث الحقيقي، ولا يقف عند حدود أسماء معينة من العلماء الأجلاء، مهما علا كعبهم، وارتفعت قاماتهم في العلم. ولهذا نقول: لقد فات الشيخ الألباني رحمه الله أن ينبه على خطأ زيادة (كريم) في حديث الدعاء ليلة القدر، حيث ورد الحديث من طرق عديدة، وخرجه أصحاب الجوامع والسنن والمسانيد، ولم يذكر أحد منهم فيه زيادة اسم (كريم)، وإنما اقتصر الجميع على الدعاء المشهور"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". ولكن هذا السهو وقع في كتاب "صحيح الترمذي" (رقم/3513) فقط . وأما في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" - التي يتفق الباحثون على أن الجهد المبذول فيها أدق وأعمق من سلسلته الأخرى : "صحيح السنن" ، و"ضعيفها" - فقد نبه الشيخ رحمه الله فيها على خطأ هذه الزيادة. فقال: "وقع في سنن الترمذي بعد قوله: (عفو) زيادة: (كريم)! ولا أصل لها في شيء من المصادر المتقدمة، ولا في غيرها ممن نقل عنها، فالظاهر أنها مدرجة من بعض الناسخين أو الطابعين؛ فإنها لم ترِد في الطبعة الهندية من "سنن الترمذي" التي عليها شرح "تحفة الأحوذي" للمباركفوري ( 4 / 264 )، ولا في غيرها. وإن مما يؤكد ذلك: أن النسائي في بعض رواياته أخرجه من الطريق التي أخرجها الترمذي، كلاهما عن شيخهما قتيبة بن سعيد بإسناده، دون الزيادة. وكذلك وقعت هذه الزيادة في رسالة أخينا الفاضل علي الحلبي: "مهذب عمل اليوم والليلة لابن السني" ([رقم] 202)، وليست عند ابن السني؛ لأنه رواه عن شيخه النسائي - كما تقدم - عن قتيبة، ثم عزاه للترمذي وغيره! ولقد كان اللائق بفن التخريج أن توضع الزيادة بين معكوفتين كما هو المعروف اليوم [ ]، وينبَّه أنها من أفراد الترمذي، وأما التحقيق: فيقتضي عدم ذكرها مطلقاً؛ إلا لبيان أنه لا أصل لها، فاقتضى التنبيه" انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (13/ 140) ومن هنا عد بعض الباحثين حكم الألباني هنا في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" تراجعا صريحا عن تصحيحه هذه الزيادة في "صحيح الترمذي" . وعلى كل حال ؛ فسواء سمي تراجعا، أم تقريرا مستقلا عن التقرير الأول، المهم فيه أنه لامس الصواب، وتفادى الخطأ. والغالب أن هذه الزيادة قد تسللت إلى ألسنة بعض الناس من بعض نسخ كتب الحديث، وليس من روايات الحديث نفسه، بمعنى أن العلماء الذين نقلوا زيادة (كريم) إنما فعلوا ذلك لأنهم وقفوا على نسخ خطية فيها زيادة كلمة (كريم)، كما قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة لمسند الإمام أحمد (42/ 236): "في (ق): (عفوٌّ كريم)" انتهى. و (ق) رمز لنسخة خطية رجعوا إليها، انظر مقدمتهم (1/104)، وكذلك في طبعة المكنز (11/6118، رقم 26021) قال المحققون: "في (ق): عفو كريم. والمثبت من بقية النسخ". ومن هنا تناقل هذه الزيادة كثير من العلماء في كتبهم، كابن الأثير في "جامع الأصول" (4/324)، والعمراني في "البيان في المذهب الشافعي" (3/568)، والخازن في "لباب التأويل في معاني التنزيل" (4/ 452)، وابن القيم في "بدائع الفوائد" (2/ 143)، والخطيب الشربيني في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 247)، والأمير الصنعاني في "التحبير لإيضاح معاني التيسير" (4/ 268)، والطحطاوي في " حاشية على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 401) . كلهم ينقل زيادة (كريم) هكذا دون إسناد، وبعضهم يعزوها لسنن الترمذي، هذا على افتراض دقة النسخ الخطية لهذه المراجع أيضا. ولكننا اليوم لا نشك بأنها زيادة ليست من صلب الحديث ولا من متنه؛ لأن العشرات من الكتب المسندة المروية جاء فيها النص بدون هذه الزيادة. ورجعنا إلى الطبعات المحققة على نسخ خطية عدة من سنن الترمذي، فلم نجد فيها أي إشارة إلى هذه الزيادة، مثل الطبعة التي بتحقيق بشار عواد (5/490)، والطبعة الأخرى بتحقيق شعيب الأرنؤوط (6/119). وينظر جواب السؤال رقم (140759) والله أعلم. المصدر: اللقاء الشهري 17 .
__________________
|
|
|