الفصلُ الثالثُ
أدَبُ الطالبِ مع شيخِه 18 – رعايةُ حُرْمَةِ الشيخِ :
بما أنَّ العِلْمَ لا يُؤْخَذُ ابتداءً من الكُتُبِ بل لا بُدَّ من شيخٍ تُتْقِنُ عليه مفاتيحَ الطلَبِ ؛ لتَأْمَنَ من العِثارِ والزَّلَلِ ؛ فعليك إذنْ بالتَّحَلِّي برعايةِ حُرْمَتِه ؛ فإنَّ ذلك عُنوانُ النجاحِ والفلاحِ والتحصيلِ والتوفيقِ ، فليكنْ شيخُك مَحَلَّ إجلالٍ منك وإكرامٍ وتقديرٍ وتَلَطُّفٍ ، فخُذْ بِمَجَامِعِ الآدابِ مع شيخِك في جلوسِك معه ، والتحَدُّثِ إليه ، وحسْنِ السؤالِ والاستماعِ ، وحُسْنِ الأدَبِ في تصَفُّحِ الكتابِ أمامَه ومع الكتابِ وتَرْكِ التطاوُلِ والمماراةِ أمامَه ، وعدَمِ التقَدُّمِ عليه بكلامٍ أو مَسيرٍ أو إكثارِ الكلامِ عندَه ، أو مُداخَلَتِه في حديثِه ودَرْسِه بكلامٍ منك ، أو الإلحاحِ عليه في جَوابٍ ؛ متَجَنِّبًا الإكثارَ من السؤالِ ، لا سِيَّمَا مع شُهودِ الملإِ ، فإنَّ هذا يُوجِبُ لك الغُرورَ وله الْمَلَلَ .
ولا تُنادِيهِ باسْمِه مُجَرَّدًا ، أو مع لَقَبِه كقولِك : يا شيخَ فلان ! بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه ؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ ، ولا تُخاطِبْهُ بتاءِ الخِطابِ ، أو تُنادِيهِ من بُعْدٍ من غيرِ اضطرارٍ .
وانْظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى من الدَّلالةِ على الأَدَبِ مع مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } الآيةُ .
وكما لا يَلِيقُ أن تَقولَ لوالِدِك ذي الأُبُوَّةِ الطينيَّةِ : ( يا فلانُ ) أو : ( يا وَالِدِي فلان ) فلا يَجْمُلُ بك مع شيخِك .
والتَزِمْ تَوقيرَ المجلِسِ وإظهارَ السرورِ من الدَّرْسِ والإفادةِ به : وإذا بدا لك خطأٌ من الشيخِ ، أو وَهْمٌ فلا يُسْقِطُه ذلك من عَيْنِكَ فإنه سَبَبٌ لِحِرْمَانِكَ من عِلْمِه ، ومَن ذا الذي يَنْجُو من الخطأِ سالِمًا ؟ .
واحْذَرْ أن تُمارِسَ معه ما يُضْجِرُه ومنه ما يُسَمِّيهِ الْمُوَلَّدُون : ( حربَ الأعصابِ ) بمعنى : امتحانِ الشيخِ على القُدرةِ العِلمِيَّةِ والتَّحَمُّلِ .
وإذا بَدَا لك الانتقالُ إلى شيخٍ آخَرَ ؛ فاستأْذِنْه بذلك ؛ فإنه أَدْعَى لِحُرْمَتِه وأَمْلَكُ لقَلْبِه في مَحَبَّتِك والْعَطْفِ عليكَ .
إلى آخِرِ جُملةٍ من الآدابِ يَعْرِفُها بالطبْعِ كلُّ مُوَفَّقٍ مُبارَكٍ وفاءً لحقِّ شيخِك في ( أُبُوَّتِه الدينيَّةِ ) أو ما تُسَمِّيه بعضُ القوانينِ باسمِ ( الرَّضاعِ الأدبيِّ ) وتَسميةُ بعضِ العُلماءِ له ( الأبُوَّةَ الدينيَّةَ ) أَلْيَقُ ؛ وتَرْكُه أَنْسَبُ .
واعْلَمْ أنه بِقَدْرِ رِعايةِ حُرْمَتِه يكونُ النجاحُ والفلاحُ ، وبقَدْرِ الْفَوْتِ يكونُ من عَلاماتِ الإخْفَاقِ .
....... تَنبيهٌ مُهِمٌّ :
أُعيذُك باللهِ من صَنيعِ الأعاجِمِ ، والطُّرُقِيَّةِ ، والْمُبتدِعَةِ الْخَلَفِيَّةِ ، من الْخُضوعِ الخارِجِ عن آدابِ الشرْعِ ، من لَحْسِ الأيدِي ، وتَقبيلِ الأكتافِ والقبْضِ على اليمينِ باليمينِ والشمالِ عندَ السلامِ ؛ كحالِ تَوَدُّدِ الكِبارِ للأَطفالِ ، والانحناءِ عندَ السلامِ ، واستعمالِ الألفاظِ الرَّخوةِ المتخاذِلَةِ : سَيِّدِي ، مَوْلَاي ، ونحوِها من أَلفاظِ الْخَدَمِ والعَبيدِ .
وانْظُرْ ما يَقولُه العَلَّامَةُ السَّلفيُّ الشيخُ محمَّدٌ البشيرُ الإبراهيميُّ الجزائريُّ ( م سنةَ 1380هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى في ( البصائِرِ )؛ فإنه فائقُ السِّيَاقِ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
الشيخ :
آداب الطالب مع شيخه وهذه من أهم الآداب لطالب العلم , أن يعتبر شيخه معلما مربيا , معلما يلقي إليه العلم، مربيا يلقي إليه الآداب .
والتلميذ إذا لم يثق بشيخه في هذين الأمرين فإنه لن يستفيد منه الفائدة المرجوة , مثلا إذا كان عنده شك في علمه , كيف ينتفع ؟ إن أي مسألة ترد على لسان الشيخ سوف لا يقبلها حتى يسأل ويبحث , وهذا خطأ في التقدير من وجه وخطأ في التصرف من وجه آخر , أما كونه خطأ في التقدير فإن الشيخ المفروض فيه أنه لن يجلس للتعليم إلا وهو يرى أنه أهل لذلك , وأن التلميذ أيضا لم يأت إلى هذا الشيخ الا وهو يعتقد أنه أهل .
أما في المنهج فلأن الطالب إذا سار هذا المسير وسلك هذا المنهج , سوف يبني علمه على شفا جرف هار .
لأن نفسه قلقة ليس واثقا كل الثقة من هذا الشيخ الذي قرأ عليه فلذلك يضيع عليه الوقت ويضيع عليه التحصيل .
وقول الشيخ: (بما أنَّ العِلْمَ لا يُؤْخَذُ ابتداءً من الكُتُبِ) سبق الكلام عليه وأنه يرى أنه لا بد من القراءة على شيخ , بل لا بد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب لتأمن من العثار والزلل , فعليك إذن بالتحلي برعاية حرمته , فإن ذلك عنوان النجاح والفلاح والتحصيل والتوفيق وهذا كما قال الشيخ واضح، (فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف) كل هذا صحيح , فهل نحن عملنا بذلك ؟والله ما أدري!!
لكن إذا كان الطالب يمر بشيخه ولا يسلم , هل هذا عمل ؟ لا هذا ليس بأدب, بل إنه إذا حاذى شيخه مرّ مر السحاب وعجل ليدرك هذا ليس من الآداب، نحن نذكر لما كنا طلبة إذا رأينا شيخنا من بعيد نقف ونسلم وإذا كنا مثلا عند دخول المسجد نمكنه من أن يدخل قبلنا، وأنا شخصيا لا أريد هذا، لا أريد أن تقفوا لي وأدخل قبلكم إن كان حقا لي فأنا مسامح، لكن أريد السلام الذي أمر الرسول بإفشاءه , كذلك بعض الناس يمر مع زميله منكم أنتم أيها الطلبة يمر مع زميله ثم يقنع برأسه هكذا كأنه يسبح في الماي فهذا غلط أيضا، أعجبني أحد الإخوة كان يمر من الصف خارجا من المسجد ولا يمر بواحد من الطلبة ولو كان بعيدا إلا سلم عليه هذا جيد، لكن كونه يمشي إلى جنبك هذا من اليمين وهذا من اليسار ثم يتلاقيان أنا في نفسي أنه لم يسلم أحدهم على الآخر لأني لا أسمع صوتا ولا أرى حركة وهذا غلط والله غلط , ينبغي لطالب العلم ولا سيما مع أقرانه أن يكون على أحسن الآداب .
يقول كذلك أيضا: (خذ بمجامع الآداب مع شيخك في جلوسك معه) , وهذا صحيح , اجلس جلسة المتأدب , يعني مثلا لا تمد رجليك ولا يديك لأن هذا سوء أدب , ولا تجلس متكئا , هذا أيضا سوء أدب لا سيما في مكان الطلب , أما إذا كنت في مكان جلوس عادي فالأمر أهون كذلك أيضا في التحدث إليه , لا تتحدث إلى شيخك وكأنما تتحدث مع قرينك , لا يستقيم هذا، تحدث إليه تحدث الابن إلى أبيه , باحترام وتواضع . لكن يا جماعة هذا ليس بالنسبة لي معكم أنا لا يهمني خاطبوني كأني أحد أقرانكم لا يهمني لكن فقط الشيء الذي لا بد منه لا بد منه.
يقول: (حسن السؤال والاستماع)، حسن السؤال والحمد لله حسب ما أرى أنكم تحسنون السؤال، لا أحد يسأل بلا استئذان وهذا طيب وإذا سأل يسأل بهدوء ورفق والحمد لله، هذا طيب , وبعضكم أيضا يقول أحسن الله إليك مثلا وما أشبه ذلك كل هذا والحمد لله أنتم على مستو جيد فيه (يقول التحدث إليه وحسن السؤال والاستماع) حسن الاستماع أيضا مهم بحيث يكون قلبك وقالبك متجها إلى محدثك، معلمك , لا تكن جالسا ببدنك سائرا بقلبك , في غير الدرس , لأن هذا يفوت عليك خير كثير، وأنت جالس الآن، وقتك لا بد أن يكون مملوكا لهذا الدرس.
وهل من علامات حضور القلب تشخيص العين ؟ لا . ليس من العلامات لكنه قد يكون قرينة- وإن كان قرينة هشة-
كذلك أيضا حسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ومع الكتاب , لا بد إذا تصفحت الكتاب يكون برفق أولا تأدبا مع الشيخ والثاني رفقا بالكتاب لئلا يتمزق . ولهذا قال: أمامه ومع الكتاب .
(وترك التطاول والمماراة أمامه) , والتطاول في الواقع ليس أمرا محسوسا مدركا بالحس الظاهر , لكن النفس تشعر بأن هذا السائل متطاول , وقد يكون هذا لسوء ظن وقد يكون لفراسة , لكن التطاول معروف . كذلك المماراة، المماراة يعني يجادل الشيخ، ثم إذا أجاب قال: وإذا كان كذا وإذا أجاب قال: وإذا كان كذا، مثلا يسألك عن مسألة من المسائل تجيبه ثم يأتي بمسألة فرضية، تجيبه على هذا الفرض فيأتي بفرض آخر أضيق من الأول هذه مماراة ليس لها داعي، الشيء الذي يمكن إيراده وهو إيراد صحيح هذا واضح إنه يورد ليزيل الإشكال أما أن يصل إلى المماراة لا.
(كذلك عدم التقدم عليه بكلام أو مسير) , الله المستعان , عدم التقدم عليه بكلام وهذا الحمد لله عندكم موجود، إلا أنه أحيانا بعض الحداث منكم يجيب قبل أن أتكلم أنا، ولكني ربما أقول أتريد أن أنزل عن هذا لك؟ فليتحمل مني، فعلى كل حال لا ينبغي للطالب أن يتقدم بين يدي الشيخ بكلام (أو مسير) أيضا , المسير هذا والحمد لله فيكم أدب منه لكن وفيكم شذوذ ومن ذلك أنه إذا تقدم الشيخ مثلا ليخرج من المسجد وكان حذاء الطالب عن يمين الشيخ والطالب عن يساره خطى الشيخ من الإمام ليأخذ الحذاء , هذا تقدم في المسير أم لا ؟ تقدم في المسير وإعاقة لسير الشيخ , كأنه يقول للشيخ: انتظر حتى أعبر وأمر هذا أيضا ليس من الأدب الطيب . وأنا مسامحكم فيه.
يقول أيضا: (أو إكثار الكلام عنده) إكثار الكلام عنده فيه تفصيل ، فالمجالس تختلف إذا كان مجلس علم ومجلس جد فلا تكثر لكن إذا كان مكان نزهة , فهذا لا بأس أن يأتي أحد ويكثر الكلام ويوسع صدر الشيخ وصدر الحاضرين ليس فيه مانع.
كذلك أيضا: (أو مداخلة في حديثه ودرسه بكلام منك) , المداخلة معناها أن الشيخ يتكلم، مستمرا في كلامه فتأتي أنت وتدخل في كلامه , لتقطع الكلام , هذا لا يصح لا في الدرس ولا خارج الدرس , لأنه من سوء الأدب . أو الإلحاح عليه في الجواب , مثلا إذا سأل الشيخ وقال له الشيخ انتظر , أعاد قال: انتظر، أعاد، قال: انتظر، ربما بعض الناس يقول : جاوب , وهو يقول انتظر ... هذا أيضا غلط إذا قال انتظر، فانتظر حتى يقول لك هو: ما سؤالك؟ ولا تلح عليه .
كذلك أيضا متجنبا الإكثار من السؤال , لأن بعض الناس يحب الإكثار من السؤال وقد يكون في غير موضوع الدرس.
فيقول الشيخ: (لا تكثر , لا سيما مع شهود الملأ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل) , صحيح مثلا في مجلس كبير تبدأ تسأل وتسأل , بعض الناس حتى إذا جلسوا على المائدة أكثروا من الأسئلة على الشيخ , هذا يسأل وإذا انتهى الثاني يسأل وإذا انتهى الثالث يسأل والرابع يسألأ فيخرج الشيخ لم يأكل الطعام , وهؤلاء مستريحين لأنه يسأل السؤال ويبدأ يأكل والثاني يسأل السؤال ويبدأ يأكل والشيخ مسكين مشتغل بالأجوبة ولهذا لا حرج على الشيخ في هذه الحال أن يقول: إذا حضر الهرس بطل الدرس .
القارئ:
ولا تُنادِيهِ باسْمِه مُجَرَّدًا ، أو مع لَقَبِه كقولِك : يا شيخَ فلان ! بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه ؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ ، ولا تُخاطِبْهُ بتاءِ الخِطابِ ، أو تُنادِيهِ من بُعْدٍ من غيرِ اضطرارٍ .
الشيخ :
سبحان الله , هذه آداب عامة , لا تناديه باسمه , لا تقل يا محمد يا عبد الله يا علي، مجردا أو مع لقبه مثل يا شيخ عبد الله يا شيخ علي يا شيخ محمد، لا تفعل هذا بل قد يقال حتى ولا بلقبه , لا تقول يا شيخ . قل: ما تقول أحسن الله إليك وما أشبه ذلك.
أو يقولك بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ.
طيب وهل يقال مثل ذلك بالنسبة لمناداة الأب ؟
يعني لا تناديه باسمه؟ , نعم، وهل تخبر عنه باسمه , تقول قال: قال فلان ؟ وقع عن الصحابة أنهم يسمون آباءهم , فيقول ابن عمر : قال عمر ,وما أشبه ذلك من الكلام.
فيقال: إن الخبر أهون من النداء , لأنك لو تنادي أباك فتقول : يا فلان , صار من سوء الأدب، لكن لو تقول : قال فلان , وهو مشهور بعلم , أو إمارة أو ما أشبه ذلك , فإنه لا يعد ذلك سوء أدب , فلكل مقام مقال .
وباب الطلب يجب أن يكون أشد في الاحترام .
يقول : (ولا تخاطبه بتاء الخطاب)
يعني مثلا لا تقول : قلت كذا وكذا أنت قلت كذا وكذا، قلت في الدرس الماضي كذا وكذا , لأن هذه فيها إساءة أدب وفيها إشعار بأنك لم ترض قوله , إذًا ماذا نقول ؟ قلنا كذا وكذا، مر علينا في كذا وكذا ، أما قلت كذا وكذا، فهذا لا يليق مع الشيخ.
(أو تناديه من بعد من غير اضطرار) , كأن يكون الشيخ في آخر الشارع وتقول يا فلان يا فلان , لا يصلح، متى أناديه؟ أسرع إليه لتصل فإذا وصلت فلا بأس , (إلا من ضرورة) إذا كان هناك ضرورة بحيث يكون عليه خطر هو، أمامه مثلا حفرة أمامه سيارات، أمامه أشياء يخاف عليه منها فهنا لا بأس أن تناديه من بعيد، أو أنت مضطر إليه، قد تكون ضرورة له أو لمن ناداه، قد تكون أنت مثلا تناديه من بُعد تريد أن يساعدك في شيء من الأشياء هذا لا بأس به .
القارئ :
وانْظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى من الدَّلالةِ على الأَدَبِ مع مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } الآيةُ .
الشيخ :
هذه الآية , للعلماء في تفسيرها قولان :
القول الاول : لا تنادوه باسمه , كما ينادي بعضكم بعضا , وهذا ما ساقه المؤلف أبو بكر من أجله .
والثاني : لا تجعلوا دعاؤه إياكم كدعاء بعضكم بعضا بل عليكم أن تجيبوه , وأن تمتثلوا أمره وتجتنبوا نهيه , بخلاف غيره , فغيره إذا دعاك إن شئت أجبه وإن شئت لا تجبه . يعني إذا قال يا فلان فإن شئت أجبه، وإن شئت لا تجبه. لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعاك يجب أن تجيبه ولهذا قال العلماء: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا الإنسان وهو في صلاة , وجب عليه أن يجيبه ولو قطعها .
ففي الآية قولان لأهل العلم، فعلى القول بأن المعنى لا تنادوه باسمه كما ينادي بعضكم بعضا تكون دعاء مضافة إلى الفاعل أم إلى المفعول؟ إلى المفعول , يعني لا تجعلوا دعاؤكم الرسولَ كدعاء بعضكم بعضا، وإذا قلنا دعاء الرسول يعني إذا دعاكم الرسول فأجيبوه , تكون مضافة إلى الفاعل , يعني لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم كدعاء بعضكم بعضا , بناء على القاعدة التفسيرية أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين لا منافاة بينهما فإنها تحمل على المعنيين , هل يمكن أن نحملها هنا على المعنيين ؟ نعم يمكن أن نحملها على المعنيين .
القارئ :
وكما لا يَلِيقُ أن تَقولَ لوالِدِك ذي الأُبُوَّةِ الطينيَّةِ : ( يا فلانُ ) أو : ( يا وَالِدِي فلان ) فلا يَجْمُلُ بك مع شيخِك .
الشيخ :
الأبوة الطينية : لا تقول لأبيك من النسب يا فلان . فكذلك أبوك في العلم لا تقل له يا فلان .
ولم يقل الشيخ بكر أن تقول لوالدك بالنسب، قال بالأبوة الطينية، إشارة إلى حقارته بالنسبة لأب العلم , للمعلم .
القارئ :
والتَزِمْ تَوقيرَ المجلِسِ وإظهارَ السرورِ من الدَّرْسِ والإفادةِ به.
الشيخ :
هذا أيضا مهم , أن تبدي السرور من الدرس , والإفادة به , وأن ترتقبه بفارغ الصبر , أما أن تتململ , مرة تقلب الكتاب ومرة تخطط بالأرض ومرة تطلع المسواك تتسوك , ومرة تزين الغترة، وما أشبه ذلك هذا معناه الملل , فاللذي ينبغي أن الإنسان يفرح وأنه نزل في رياض يجني ثمارها .
القارئ :
وإذا بدا لك خطأٌ من الشيخِ ، أو وَهْمٌ فلا يُسْقِطُه ذلك من عَيْنِكَ فإنه سَبَبٌ لِحِرْمَانِكَ من عِلْمِه ، ومَن ذا الذي يَنْجُو من الخطأِ سالِمًا؟ .
الشيخ :
ولكن إذا بدا وهم أو خطأ من الشيخ , هل تسكت أو تنبهه ؟ وإذا نبهته فهل تنبهه في مكان الدرس ؟ أو في مكان آخر ؟
هذا يجب التزام الأدب فيه .
نقول : لا يجوز لك أن تسكت على الخطأ لأن هذا ضرر عليك وعلى شيخك , فإنك إذا نبهته على الخطأ وانتبه أصلح الخطأ .
كذلك الوهم , قد يتوهم ، قد يسبق لسانه إلى كلمة لا يريدها فلا بد من التنبيه , ولكن يبقى هل أنبهه في مكان الدرس أو إذا خرج؟ ينظر هنا للقرائن، قد تقتضي الحال أن تنبهه في الدرس , مثل الحال الآن تقتضي أن تنبهوننا في الدرس، لأن عندنا الحين كل واحد ما شاء الله معه مسجل فإذا لم يصلح الخطأ في حينه نشر هذا العلم على خطأ , فلا بد من التنبيه في مكان الدرس, أما لو كان المسألة ليس يسمع هذا الوهم أو هذا الخطأ إلا الطلاب , فإن من الأليق أن لا تنبه الشيخ في مكان الدرس , بل إذا خرج تلتزم الأدب معه وتمشي معه وتقول : سمعت كذا وكذا فلا أدري أوهمت أنا في السمع أم أن الشيخ أخطأ ؟ مثلا ، إذن التنبيه على الخطأ والوهم حكمه واجب ولا بد منه، لأن السكوت إضرار بالطالب وإضرار بالمعلم .
لكن أين يكون التنبيه؟ حسب ما تقتضيه الحال .
وعلى كل حال فكما قال الشيخ لا ينبغي للإنسان أن يسقط الشيخ من عينه بخطأ من ألف إصابة , أما لو كان كثير الخطأ، كل ما يتكلم به خطأ فهنا لا ينبغي أن يكون شيخا، هذا ينبغي أن يكون متعلما قبل أن يكون معلما.
القارئ :
واحْذَرْ أن تُمارِسَ معه ما يُضْجِرُه ومنه ما يُسَمِّيهِ الْمُوَلَّدُون : ( حربَ الأعصابِ ) بمعنى : امتحانِ الشيخِ على القُدرةِ العِلمِيَّةِ والتَّحَمُّلِ .
الشيخ :
هذا صحيح , بعض الناس يقصد امتحان الشيخ , فيأتي بأسئلة معضلة ويراوغ فيها، كل ما أجاب الشيخ من جواب يقول طيب وإذا كان كذا، قال فإذا كان كذا فالحكم كذا، قال وإذا كان كذا، ويصعده مائة درجة بهذه التقديرات، ويقول: أنظر هل يضجر ويمل ويغضب؟ , فما رأيكم لو غضب الشيخ في هذه الحال؟ يحق له ذلك؟ نعم، طيب لو ضرب الطالب؟ هذا شيء ينظر فيه.
القارئ :
وإذا بَدَا لك الانتقالُ إلى شيخٍ آخَرَ ؛ فاستأْذِنْه بذلك ؛ فإنه أَدْعَى لِحُرْمَتِه وأَمْلَكُ لقَلْبِه في مَحَبَّتِك والْعَطْفِ عليكَ .
الشيخ :
الله أكبر، كذلك أيضا إذا بدا لك أن تنتقل إلى شيخ آخر , أو أن تتعلم من شيخ آخر علما آخر غير ما تتعلمه عند شيخك فإنه من الأدب أن تستأذن للفائدة التي ذكرها الشيخ بكر لأنه ادعى لحرمته وأملك لقلبه في محبتك والعطف عليك , ثم إنه قد يعلم عن هذا الشيخ الذي أنت تريد الذهاب إليه ما لا تعلمه أنت , فينصحك, ويقول احذر منه أو لا تذهب إليه لأن كثيرا من الشباب الصغار قد يغترون بأسلوب أحد من الناس وبيانه وفصاحته فيظنونه ذاك الرجل العظيم لكنه على خطأ , فلهذا استئذان الشيخ له فوائد . منها ما ذكره الشيخ بكر ومنها ما أشرنا إليه الآن أنه قد يكون عند شيخك من العلم عن هذا الشيخ الذي تريد أن تذهب إليه ما ليس عندك فينصحك ويبين لك، كذلك أيضا إذا أراد الأنسان أن يسافر مثلا ويعرف من شيخه أنه يتفقد الطلاب , وأنه ينشغل قلبه إذا فقد أحدا ولا سيما إن كان من الحريصين , فينبغي أن تؤذنه , وتقول إنني سأسافر . حتى لا ينشغل قلبه أو يتهمك بالخمول والكسل والملل وما أشبه ذلك .
القارئ :
إلى آخِرِ جُملةٍ من الآدابِ يَعْرِفُها بالطبْعِ كلُّ مُوَفَّقٍ مُبارَكٍ وفاءً لحقِّ شيخِك في ( أُبُوَّتِه الدينيَّةِ ) أو ما تُسَمِّيه بعضُ القوانينِ باسمِ ( الرَّضاعِ الأدبيِّ ) وتَسميةُ بعضِ العُلماءِ له ( الأبُوَّةَ الدينيَّةَ ) أَلْيَقُ ؛ وتَرْكُه أَنْسَبُ .
واعْلَمْ أنه بِقَدْرِ رِعايةِ حُرْمَتِه يكونُ النجاحُ والفلاحُ ، وبقَدْرِ الْفَوْتِ يكونُ من عَلاماتِ الإخْفَاقِ .
....... تَنبيهٌ مُهِمٌّ :
أُعيذُك باللهِ من صَنيعِ الأعاجِمِ ، والطُّرُقِيَّةِ ، والْمُبتدِعَةِ الْخَلَفِيَّةِ ، من الْخُضوعِ الخارِجِ عن آدابِ الشرْعِ ، من لَحْسِ الأيدِي ،
وتَقبيلِ الأكتافِ والقبْضِ على اليمينِ باليمينِ والشمالِ عندَ السلامِ ؛ كحالِ تَوَدُّدِ الكِبارِ للأَطفالِ ، والانحناءِ عندَ السلامِ ، واستعمالِ الألفاظِ الرَّخوةِ المتخاذِلَةِ : سَيِّدِي ، مَوْلَاي ، ونحوِها من أَلفاظِ الْخَدَمِ والعَبيدِ .
الشيخ:
اعيذك بالله ... هذه الجملة يريد بها التحذير من هذا , صنيع الأعاجم والطرقية والمبتدعة الخلفية من الخضوع الخارج عن آداب الشرع , من لحس الأيدي , هذا ما سمعنا به ، لحس الأيدي أن يخرج الإنسان لسانه ويلحس اليد لكن تقبيل الأيدي لا بأس به ما لم يخرج إلى حد الإفراط والزيادة, وتقبيل الأكتاف هذا ليس مذموما على كل حال ولا محمودا بكل حال , عندما يأتي الإنسان من سفر مثلا فلا بأس أن يقبل جبهته وهامته وكذلك أكتافه , لأنه لا يضر إلا إذا اقتضى ذلك انحناءه .
(القبض على اليمين باليمين والشمال عند السلام) , هذا أيضا لا نرى فيه بأسا فإن ابن مسعود رضي الله عنه , قال : علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه .
وهذا يدل على أنه يجوز أن يقبض الكف بين كفين , وإذا اعتاد الناس أن يفعلوا ذلك عند السلام فلا حرج , لأنه ليس فيه نهي , صحيح أن المصافحة باليد مع اليد فقط , لكن هذا من باب إظهار الشفقة والإكرام . لا نرى أن في ذلك بأسا.
الانحناء عند السلام حقا هذا خلق ذميم ينهى عنه لأنه ورد النهي عن ذلك . و(استعمال الألفاظ الرخوة المتخاذلة : سيدي مولاي) , هذه ليس لها داعي , والحقيقة أن الشيخ سيد بالنسبة لتلميذه لكن لا ينبغي أن يتخاذل أمامه , حتى يقول سيدي أو يقول مولاي ولكن مع ذلك هو جائز من حيث الشرع , إلا أنه يقال بالنسبة للعبد المملوك يقوله لسيده المالك , كما جاء في الحديث (وليقل سيدي ومولاي).
القارئ :
وانْظُرْ ما يَقولُه العَلَّامَةُ السَّلفيُّ الشيخُ محمَّدٌ البشيرُ الإبراهيميُّ الجزائريُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في ( البصائِرِ )؛ فإنه فائقُ السِّيَاقِ .
الشيخ :
يعني أحالنا على هذا الكتاب المسمى (البصائر) , فإنه فائق السياق ، لا أعرف الكتاب هذا ولا طالعته .
هنا
*************
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
هذا هو الأدب الثامن عشر من آداب طالب العلم وهو من أدب الطالب مع شيخه ، وتقدم معنا قسمان :
الأول : أدب الطالب فيما يتعلق بنفسه.
الثاني : الآداب المتعلقة بكيفية الطلب والتلقي.
الأول من آداب الطالب مع شيخه : رعاية حرمة الشيخ ، وذلك لأنّ الله جل وعلا رفع من شأن المعلمين وهذا معلم فهو يعلمك ، فقد استفدت منه علما فهو صاحب فضل عليك ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، ثم الأمر الآخر أنّ الشيخ يبث العلم ، فعندما تحُفظ حرمته وتُراعى يكون ذلك سببا من أسباب تلقي العلم عنه ، فإذا لم تُراعى حرمته وتمّ احتقاره أو إهماله لم يعرفه الناس ، ولم يأخذوا من علمه ، ويختار الشيخ المتقن ليأمن من العثار ويأمن من الزلل ، قال المؤلف : (فليكن شيخك محل إجلال منك) يعني تقدير واحترام (وإكرام وتقدير وتلطف) والتقدير معرفة المقدار ، والتلطف يعني تسهيل النفس وتخفيضها عند مقابلته ، ويكون هذا في طريقة الجلوس وطريقة الحديث وفي اختيار الأسئلة ، وفي (حسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه) ، وفي( ترك التطاول) يعني معرفة أنّ للنفس فضلا على الآخرين ، أو (و ترك المماراة) أيضا وهو الحديث العقيم والمناقشة غير الهادفة ، وكذلك من آداب التلميذ مع شيخه (عدم التقدم عليه بكلام) إذا جاءت مسألة ينتظر فلا يتكلم حتى يتكلم شيخه ، وإذا بدأ في المجلس يبتدئ الشيخ قبل تلميذه ، وهكذا أيضا في المسير فلا يتقدم عليه بالسير ، (ولا يكثر الكلام عند شيخه) لئلا يشوش عليه ، ولئلا يكون صارفا لفهمه عن فهم كلام شيخه ، قال وعدم التقدم عليه يشمل أيضا عدم معارضته والرد عليه أو (الإلحاح عليه في جواب) إذا سُئل فسكت فإنه يحافظ الأدب معه فلا يسأل مرة أخرى ، ويتجنب (الإكثار من السؤال) لعله أن يأتي في كلام شيخه فيما يأتي ، خصوصا إذا كان هناك جماعة يشاهدون الموقف ، فإنه حينئذ يكون حفظ الأدب مع الشيخ أولى ، إذا لم يحافظ الإنسان على هذه الآداب فقد يظن أنّ في نفسه زودة و أنه عنده علم ليس عند شيخه ، فيورثه ذلك الغرور ، و يورث الشيخ الملل منه.
وهكذا يناديه بما يكون أحب إلى نفسه من الأسماء التي فيها إجلال له ومعرفة لحقه ، كذلك يجتنب الطالب أن ينادى على شيخه من مكان بعيد ، وإذا كان الشيخ بعيدا فلا تناده حتى تقرب منه فتكلمه فتناديه ، وذلك لأنه إذا كان بعيدا فناديته قد يكون ذلك سببا من أسباب جرأة الناس عليه ، وهكذا أيضا إذا خاطبه الإنسان عن بعد ، فإنه سيتطلب منه أن يرفع صوته بالجواب ، وهذا من الأمور غير المستحسنة عند العرب ، هكذا أيضا (لا تناده باسمه) لأنه لا يحسن أن تنادي والدك باسمه وهكذا أيضا الأب من التعلم.
كذلك مجلس الشيخ يحفظ الإنسان الأدب فيه ويوقره ويظهر للشيخ ولغيره أنه قد استفاد من هذا الدرس وأنه فرحٌ به وهكذا ،كذلك إذا وقع من الشيخ خطأ لأنّ الشيخ غير معصوم ، فحينئذ لا ينبغي به أن يشهر به ، ولا أن يسقط من عينه فإنّ هذا سبب من أسباب الحرمان من العلم ، لأنّ ما من أحد إلا و قد يقع في الزلل ، وهكذا أيضا يجتنب الإنسان ما يؤدي إلى نُفرة الشيخ وعدم تقبله الكلام منك ، ولهذا صور :
الصورة الأولى : مطالبة الشيخ بأن يتحدث في مسائل لم يجتهد فيها ، والإلحاح عليه في ذلك.
الثاني : تكرار السؤال على الشيخ ليتحدث في أمور يرى الشيخ عدم الجواب فيها من باب السياسة الشرعية ، كذلك إذا كان الشيخ يخشى من عقوبة قد لا يتكلم ، إما عاقبة سيئة للناس أو يوجد خصومة بينهم فالشيخ سيترك ذلك ، فعندما تلح لطلب الحديث منه فإنك تحرجه في مثل ذلك ، ومما ذكره الشيخ هنا أن يقوم التلاميذ بامتحان شيخهم ليعرفوا قدرته على التحمل أو يصبر أو ما يصبر فهذا أيضا يخالف الأدب ، فإن قال قائل : قد وجد اختبارات للمحدثين فيما مضى فتلك الإختبارات ليس من تلميذ لشيخه ، ثم إنّ تلك الامتحانات لفائدة بمعرفة الصادق من الكاذب في الرواية ، فهذه الإختبارات توصل طالب العلم إلى درجة التلقي منه ، وأما من ثبت تحريته قبل ذلك فلا يحسن أن تطرح عليه هذه المسائل المشكلة ، نعم .
قال : (وإذا بدا لك الانتقال من شيخ إلى شيخ آخر) فاستأذن الشيخ الأول حفاظا لحرمته ، ولتبقى المودة بينك وبين شيخك ويستمر في العطف عليك ، ذكر المؤلف ماذا يسمى المعلم ؟ بعضهم يقول : (أبوك من الرضاعة الأدبية) ، وبعضهم يقول : (هذه الأبوة الدينية ) هذا كلام في المصطلحات ، قال المؤلف : (اعلم أنه بقدر رعاية حرمة الشيخ) يكون نجاحك وفلاحك ، وكلما تركت حرمة الشيخ أدى بك ذلك إلى الإخفاق وعدم الاستفادة ، وهناك ثلاثة إن لم يكرموا لم يعطوا منهم : المعلم ، نعم.
ثم قال : وانتبه فإنّ كونك تحفظ الأدب مع الشيخ لا يعني أن تغلوَ فيه من مثل لحس يده أو تقبيلها ، أو تقبيل الكتف فهذه كلها ليست مشروعة ، ولا يقال بأنّ هذا من التلقي على المشايخ ، لأنّ هذه الأفعال غير محمودة في الشرع ومثله أيضا الانحناء عند السلام والتخضع في الكلام ، نعم.
هنا
|