عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07-24-2019, 09:10 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,266
Post

في وظائف عشر ذي الحجة
إن إدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد ، يقدرها حق قدرها الصالحون المشمِّرون . وعلى المسلم الفَطِن ؛ استشعار هذه النعمة ، واغتنام هذه الفرصة ، وذلك بأن يخص هذه العشر بمزيد من العناية ، وأن يجاهد نفسه بالطاعة . وإن من فضل الله تعالى على عباده كثرة طرق الخيرات ، وتنوع سُبل الطاعات ليدوم نشاط المسلم ويبقى ملازمًا لعبادة مولاه .
فليحرص المسلم على مواسم الخير ، فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملًا صالحا يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه ، فإن العمل قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مُخْوِف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمآب .
قال تعالى "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " .سورة الزلزلة / آية : 7 ، 8 .
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة ، المبادرةَ المبادرةَ بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يُجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء محبوسًا في حفرته بما قدَّم من عمل .
قال تعالى" وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى *يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي". سورة الفجر / آية : 23 ، 24 .
التوبة التوبة

فينبغي للمسلم أن يستقبل مواسم الخيرات بالتوبة الصادقة النصوح ، التوبة من التقصير في الواجبات ، والتوبة من ارتكاب المحرمات ، والتوبة من التقصير في شكر نعم الله علينا ،فكم من نعم أنعمها الله علينا قَلَّ أن نشكرها ، وكم قصرنا في طاعة الله وما تبنا .
* عن سلمة بن عبيد الله بن مِحْصنٍ الخَطْمي ، عن أبيه وكانت له صُحبة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " من أصبح منكم آمنًا في سربه ، معافى في جسده ، يملك قوت يومه ، فكأنما حِيزت له الدنيا".
سنن الترمذي " المجلد الواحد " / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / ( 34 ) ـ باب /حديث رقم : 2346 / ص : 529 / حديث حسن .

فَمَنْ مِنَّا أدى شكر هذه النعم ؟ ! ثم ينبغي على المسلم أن يغتنم مواسم الخيرات فيما يقربه إلى ربه ويرفع درجته في الجنة ، قال تعالى "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ". سورة آل عمران / آية : 133 .

" تزود من التقوى ، فإنك لا تدري إذا جنَّ الليل هل تعيش إلى الفجر ! .
فمما يتأكد في هذه العشر : التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب .
والتوبة هي :
الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يُغضِب الله ظاهرًا وباطنًا ؛ ندمًا على ما مضى ، وتركًا في الحال ، وعزمًا على ألا يعود ، والاستقامة على الحق ؛ بفعل ما يحبه الله تعالى ، ويرضاه .
والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة في الحال بدون تمهل لأنه :
أولًا : لا يدري في أي لحظة يموت .
ثانيًا : لأن السيئات تجر أخواتها .
وقد أثنى الله سبحانه في كتابه العزيز على من يسارع بالتوبة
قال تعالى" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ "سورة آل عمران / آية : 135 ، 136 .
وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم ؛ لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ، ورغبتها في الخير ، فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى . وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان ، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله . قال تعالى "فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ".سورة القصص / آية : 67 .
فبادر ...أيها الصحيح بالتوبة النصوح ، وسارع يا مسلم للنجاة ، وتذكر أن الصحة لا تدوم ، وأن اللحظة لا تعود ، وأن الموت الذي تفر منه آت لا محالة ،واشكر ربك بالتوبة والعبادة والذكر والندم ، واسأله سبحانه الثبات على الحق والخير ...وتذكر لن ينفعك يوم الدين إلا عملك الصالح ، ومنها التوبة التي تمحي الذنوب الصغائر والكبائر .
رد مع اقتباس