عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 07-21-2022, 02:23 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,223
Post

من آية 119 إلى 123

" إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ"119.
يُخاطب الله تعالى نبيَّه محمدًا صلَّى الله عليه وسلَّمَ، مؤكِّدًا له بأنَّه قد أرسله بالحقِّ، فبِعثتُه حقٌّ، وما جاء به من عند الله عزَّ وجلَّ حقٌّ، وقد أرسله تعالى لعموم المكلَّفين من الإنس والجن، والحال أنَّه مبشِّر مَن أطاعه بنيل السَّعادة في الدنيا والآخِرة، ومحذِّر ومُخوِّف مَن عصاه بالشَّقاوة في الدُّنيا والآخِرة. بَشِيرًا : أي لمن أطاعك بالسعادة الدنيوية والأخروية، نَذِيرًا : لمن عصاك بالشقاوة والهلاك الدنيوي والأخروي.
" وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ" أي: لست مسئولًا عنهم,فليس عليك هدايتهم ولا حسابهم ، إنما عليك البلاغ, وعلينا الحساب.
" وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ" 120.
يُخبر اللهُ تعالى نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّ أهلَ الكتاب من اليهود والنَّصارى لن يرضَوْا عنه حتى يترُكَ دِينَ الإسلام ويَعتنِقَ دِينَهم.
" حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله "" حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" حيث أفرد المِلة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" الكافرون:6.
" قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى "هم يرَوْن أنَّهم على هُدًى، فأعْلَمه الله تعالى بما يردُّ به على هذا الزَّعم، وهو أنَّ الهُدَى الحقيقيَّ هو هدى الله، الذِي جاء به مِن عندِ اللهِ عزَّ وجلَّ. وأما ما أنتم عليه, فهو الهوى بدليل قوله تعالى:
"وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ"إشارة من الله سبحانه وتعالى إلى أن ملة اليهود وملة النصارى أهواء بشرية. والأهواء جمع هوى.. والهوى هو ما تريده النفس باطلًا بعيدًا عن الحق. فقد حرَّفُوا في التوارة والإنجيل بما يناسب أهواءَهم وباطلَهم، فأصبحت ملتُهم قائمةً على الهوى والتحريف وليس بالحق الذي جاء به الله تعالى. فهذا فيه النهي العظيم, عن اتباع أهواء اليهود والنصارى, والتشبه بهم فيما يختص به دينهم، والخطاب وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمته داخلة في ذلك، لأن الاعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب، كما أن العبرة بعموم اللفظ, لا بخصوص السبب.تفسير السعدي.
" بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ "لذا خاطَب اللهُ نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّمَ- وأمَّتُه تبعٌ له- محذِّرًا من اتِّباع أهواء أهل الكِتاب، من بعد أنْ آتاه اللهُ من العِلم الذي يدلُّه على الحقِّ، هذا الخطاب لمحمد عليه الصلاة والسلام. المراد به أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أتباع رسول الله الذين سيأتون من بعده، وهم الذين يمكن أن تميل قلوبهم إلى اليهود والنصارى.. أما الرسول فقد عصمه الله من أن يتبعهم.
"ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ". الإنسان إذا اتبع غير شريعة الله ، فلا أحد يحفظه من الله ولا أحد ينصره من دونه حتى لو كثر في الظاهر ناصروه؛ لأن النصر الحقيقي والولاية تكون باتباع هدى الله - تبارك وتعالى- كما دلت عليه هذه الآية.
فإنَّه إنْ فعَل ذلك واتَّبع أهواءَهم، فلن يجدَ حِينها أيَّ أحدٍ يتولَّاه، فيَجلِب له خيرًا، أو أيَّ أَحدٍ ينصُره، فيَدفع عنه شرًّا.
" الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" 121.
ثم أخْبَر تعالى أنَّ مَن اتَّبع كتابه حقَّ الاتِّباع مِن أهل الكِتاب- ومِن اتِّباعه أنَّه لا يُحرِّفه ولا يبدِّل شيئًا ممَّا فيه- فإنَّه يعدُّ مؤمنًا به حقَّ الإيمان، والتلاوة: الاتباع، فيحلون حلاله, ويحرمون حرامه, ويعملون بمحكمه, ويؤمنون بمتشابهه، وهؤلاء هم السعداء من أهل الكتاب, الذين عرفوا نعمة الله وشكروها, وآمنوا بكل الرسل, ولم يفرقوا بين أحد منهم. فهؤلاء, هم المؤمنون حقًا.
وسيؤدِّي به ذلك الاتِّباعُ إلى الإيمان بمحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّمَ؛ فإنَّ في كتبهم تَصديقًا به، وذِكرًا لصفاته صلَّى الله عليه وسلَّمَ.
"وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" وأمَّا مَن يكفُر بكتابه منهم- ومِن كُفره به تحريفُه وتبديلُه، وجحْدُ ما ثبَت فيه من نبوَّة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّمَ- فأولئك هم الخاسِرون.
" يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" 122.
ثمَّ خاطَب الله تعالى بني إسرائيل وذكَّرهم بنِعمه التي أسْبَغها عليهم، ويعني بها النِّعمَ التي أنعم بها على آبائهم، وأنَّه فضَّلهم على سائرِ الأمم من أهل زَمانهم.
موسوعة التفسير/
سورة البقرة/ الدرر السنية.
" وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ" 123.
ثم بعد أنْ ذكَّرهم بنِعمه وفَضْله عليهم، حذَّرهم وخوَّفهم بأن يتقوا عذاب يوم القيامة، الذي لا تَقضي فيه نفْسٌ عن نفس حقًّا وجَب عليها، ولا يُقبل منها فِداء، ولا تُفيدها شفاعةٌ إذا كانت كافِرة، ولا أحَد يُنقذهم من عذابِ الله تعالى.
فقد تقدم نظير هذه الآية في صدر السورة ، وكررت هاهنا للتأكيد والحث على اتباع الرسول النبي الأمي الذي يجدون صفته في كتبهم ونعته واسمه وأمره وأمته . يحذرهم من كتمان هذا ، وكتمان ما أنعم به عليهم ، وأمرهم أن يذكروا نعمة الله عليهم ، من النعم الدنيوية والدينية ، ولا يحسدوا بني عمهم من العرب على ما رزقهم الله من إرسال الرسول الخاتم منهم . ولا يحملهم ذلك الحسد على مخالفته وتكذيبه ، والحيدة عن موافقته ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين. تفسير ابن كثير.
رد مع اقتباس