#1
|
||||
|
||||
تفسيرسورة الكهف
* القرآن وفضل التمسك به* • القرآن الكريم: هو كلام الله المُنَزَّل على رسوله محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - المتعبَّدُ بتلاوته،المكتوبُ في المصاحف، المَحفوظ في الصُّدور.هذا القرآن هو الكتاب المبين، الذي" لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" [فصلت: 42]، وهو المعجزة الخَالدة الباقية المستمرَّة على تعاقب الأزمان والدُّهور، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها. وهو حَبْلُ اللهِ المتينُ، والصِّراط المستقيم، والنُّور الهادي إلى الحق، وإلى الطريق المستقيم، فيه نبَأُ ما قبلكم، وحُكْم ما بينكم، وخبَرُ ما بعدَكم، هو الفَصْل ليس بالهزل، مَن ترَكه مِن جبَّار قصَمَه الله، ومن ابتغى الهُدى في غيره أضلَّه الله، من قال به صدَق، ومَن حكَم به عدَل، ومن دَعا إليه فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم. الراوي: أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 38 خلاصة حكم المحدث: صحيح درر *" لاَ حسدَ إلاَّ في اثنتينِ رجلٌ آتاهُ اللَّهُ مالاً فَهوَ ينفقُ منْهُ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ ورجلٌ آتاهُ اللَّهُ القرآنَ فَهوَ يقومُ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ" الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1936 خلاصة حكم المحدث: صحيح ا* عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " القرآنُ شافعٌ مشفَّع ، وماحِلٌ مصدَّق ، مَنْ جعله أمامَه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار " . رواه ابن حبان ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ج : 2 / ص : 164 /حديث رقم : 1423 . * عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن لله أهلين من الناس ". قالوا : من هم يا رسول الله . قال " أهل القرآن هم أهل الله وخاصته " . رواه النسائي وابن ماجه والحاكم ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ج : 2 / ص : 168 / حديث رقم : 1432 . * عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : من قرأ القرآن لم يُرَدَّ إلى أرذل العمر ، وذلك قوله "ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ "التين6 " ، قال : إلا الذين قرأوا القرآن . رواه الحاكم ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب ج : 2 / حديث رقم : 1435 / ص : 169 . * عن بُريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " من قرأ القرآنَ وتعلَّمه وعملَ به ، أُلبسَ والداه يومَ القيامة تاجًا من نورٍ ، ضوؤه مثلُ ضوءِ الشمسِ ، ويُكسى والداه حُلّتان لا تقوم لهما الدنيا ، فيقولان : بمَ كُسينا هذا ؟ . فيقال : بأخذِ وَلَدِكُمَا القرآن "رواه الحاكم ـ حسن لغيره ـ صحيح الترغيب ج : 2 / ص : 169 / حديث رقم : 1434 . * عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ؛ أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال " ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ؛ إلا نزلت عليهم السكينةُ ، وغشيتهم الرحمةُ ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده " . رواه مسلم ـ أبو داود ـ صحيح الترغيب والترهيب ج : 2 / ص : 161 / حديث رقم : 1417 . * روي عن جابر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم " إن من أحسن الناس صوتًا بالقرآن ؛ الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله " . رواه ابن ماجه ـ صحيح لغيره ـ صحيح الترغيب ج : 2 / ص : 177 / حديث رقم : 1450. شِرق : أي بينهما فرق يضىء . اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا ، اللهم اجعله شفيعاً لنا ، وشاهداً لنا لا شاهداً علينا ، اللهم ألبسنا به الحلل ، وأسكنا به الظلل ، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ،ونسأل الله العافية في الدنيا والآخرة
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
التلاوة معناها اللغوي: التلاوة في أصل معناها اللغوي هي: المتابعة، ومن ذلك قوله - تعالى -: "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا"1"وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا"2" سورة الشمس " تَلَاهَا" أي: إذا تبعها". وفي الاصطلاح: أي تلاوته وقراءته على الوجه الذي أقرأه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأصحابه للتابعين والتابعون لأتباعهم حتى وصل إلينا كاملا غير منقوص هنا أنواع التلاوة التـلاوة اللفظيـة : هـي قـراءة ألفـاظ القـرآن الكريـم مـع مراعـاة أحكـام التجويـد التـلاوة الحُكميـة : هـي العمـل بأوامـر القـرآن الكريـم وأحكامـه قال الشيخ العثيمين في تفسير هذه الآية: قالَ الله تَعالى"إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ "فاطر: 29، 30. تِلاوةُ كتَابِ اللهِ عَلَى نوعين: تلاوةٌ حكميَّةٌ وهي تَصْدِيقُ أخبارِه وتَنْفيذُ أحْكَامِهِ بِفِعْلِ أوامِرِهِ واجتناب نواهيه. والنوعُ الثاني: تلاوة لفظَّيةٌ، وهي قراءتُه. مجالس شهر رمضان للعثيمين أحوالها من حيث الأداء كلام الله تعالى يقرأ على ثلاثة أحوال "الترتيل ـ الحدرـ التدوير"1ـ الترتيل في اللغة هو: مصدر رتل الكلام إذا أتبع بعضه بعضا بتمهل فيه فأحسن تأليفه . وفي الاصطلاح: هو قراءة القرآن على مكث وتفهم من غير سرعة . 2ـ الحدر في اللغة هو: الإسراع فهو مصدر حدر يحدر إذا أسرع . وفي الاصطلاح هو: إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها مع مراعاة أحكام التجويد . 3ـ التدوير هو: التوسط بين الترتيل و الحدر, والترتيل هو أفضل الأحوال لنزول القرآن الكريم بذلك قال تعالى:وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" الفرقان 32 .وهو المختار عند أهل الأداء . 4ـ هناك حالة رابعة تسمى التحقيق وهو في اللغة: مصدر من حقق إذا أتى بالحق وجانب الباطل . وفي الاصطلاح هو قراءة القرآن مع إعطاء كل حرف حقه من غير زيادة فيه ولا نقصان . وهذه الحالة أكثر اطمئنانا من الترتيل ويقرأ بها في مقام التعليم . التبيان في تجويد القرآن ص 29 هنا*ليسَ منَّا من لم يتغنَّ بالقُرآنِ* *"ليسَ منَّا من لم يتغنَّ بالقُرآنِ" - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وعائِشةَ رَضِي اللَّهُ عَنهُما مرَّا بأبي موسى وَهوَ يقرأُ في بيتِه ، فقاما يستمعانِ لقراءتِه ، فلمَّا أصبحَ أتى أبو موسى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فذَكر له ، فقالَ : أما إنِّي يا رسولَ اللَّهِ لو علِمتُ لَحبَّرتُه لَك تحبيرًا"الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1469-خلاصة حكم المحدث: صحيح *"ليس منَّا مَن لم يَتَغَنَّ بالقرآنِ قال : فقلتُ لابنِ أبِي مُلَيْكَةَ : يا أبا محمدٍ ! أرأيتَ إنْ لم يكنْ حسنَ الصوتِ ؟ قال : يُحَسِّنُه ما استطاعَ" . الراوي: عبدالله بن أبي مليكة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1451- خلاصة حكم المحدث: صحيح الدجاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن، يعني تحسين الصوت به، وليس معناه أن يأتي به كالغناء، وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة، والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرك القلوب، لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع، وحتى تطمئن وحتى تستفيد، ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ فجعل يستمع له عليه الصلاة والسلام وقال: "لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود"، فلما جاء أبو موسى أخبره النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قال أبو موسى: لو علمت يا رسول الله أنك تستمع إلي لحبرته لك تحبيرًا. الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث:ابن حجر العسقلاني - المصدر: نتائج الأفكار - الصفحة أو الرقم: 3/212-خلاصة حكم المحدث: حسن من هذا الوجه، وخالد بن نافع مختلف فيه وله شاهد هقال البخاري في صحيحه :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ،قال: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ،قال: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ ،عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ "يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ " فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ - لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود - بَاب حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ - حديث رقم : 4761 قال العلماء : المراد بالمزمار هنا الصوت الحسن ، وأصل الزمر الغناء ، وآل داود هو داود نفسه وأل فلان ، قد يطلق على نفسه ، وكان داود صلى الله عليه وسلم حسن الصوت جدًا . قاله النووي . وقال القرطبي : قال العلماء : المزمار والمزمور : الصوت الحسن ، وبه سُمِّيت آلة الزمر مزمارًا ، وقد استحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالتزيين والترجيع . اهـ . وهذا يعني أن داود عليه الصلاة والسلام كان حَسَن الصّوت ، ولذا قال الله تعالى "وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ" قال ابن كثير : والصواب أن المعنى في قوله تعالى "أَوِّبِي مَعَهُ" أي رَجِّعِي مُسَبِّحَة معه . اهـ . وقال : كانت الطير تُسَبِّح بِتَسْبِيحِه ، وتُرَجِّع بترجيعه إذا مرّ به الطير وهو سابح في الهواء فسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور لا يستطيع الذهاب بل يقف في الهواء ويُسَبِّح معه ، وتجيبه الجبال الشامخات تُرَجِّع معه وتُسَبِّح تبعاً له . اهـ . وقال في قوله تعالى "وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ" وذلك لِطِيب صوته بتلاوة كتابه الزبور ، وكان إذا تَرَنّم به تقف الطير في الهواء فتجاوبه وتردّ عليه الجبال تأويبا ، ولهذا لما مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي موسى الأشعري وهو يتلو القرآن من الليل وكان له صوت طيب جدًا ، فوقف واستمع لقراءته ، وقال : لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود . قال : يا رسول الله لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا . وقال أبو عثمان النهدي : ما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا مزمار مثل صوت أبي موسى رضي الله عنه . ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام : لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود . اهـ . وقد استدلّ بعض .... بقوله صلى الله عليه وسلم : " لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود " على جواز الغناء ، وهذا لا شك أنه خطأ من وجوه : الأول : الخطأ في فهم المقصود من المزامير ، وأنه تغنّي داود عليه الصلاة والسلام وترنّمه بالزبور ، وهو تلاوته له دون آلة . الثاني : أن قوله عليه الصلاة والسلام : " لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود " من باب التشبيه ، ولا يلزم التشابُه من كل وجه في حال تمثيل شيء بشيء آخر . فالنبي صلى الله عليه وسلم شبّـه بعض أنواع الوحي بـ " صلصلة الجرس " وهو عليه الصلاة والسلام قد نهى عن الْجَرَس بقوله : لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس . رواه مسلم . كما أنه عليه الصلاة والسلام سَمّى الْجَرس مزمار الشيطان ، أي صوته ، فقال عليه الصلاة والسلام : الجرس مزامير الشيطان . رواه مسلم . فهذا من باب التشبيه ، والْجَرَس منهيّ عنه ، فلا يلزم التماثل أو التشابُه بين الْمُشبَّه والْمُشبَّه به . الثالث : أن قائل هذا القول لم يُسبق إليه . والله تعالى أعلم . ه وقفة اقتباس:والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرك القلوب، لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع، وحتى تطمئن وحتى تستفيد عن أبي مالك الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " الطُّهورُ شَطْرُ الإيمانِ ، والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ ، وسبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ تملآنِ ( أو تملأُ )ما بين السمواتِ والأرضِ ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء،والقرآن حجة لك أو عليك ، كلُّ الناسِ يغدو فبائِع نفسَهُ فمعتقها أو موبقها " الراوي: أبو مالك الأشعري المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 223-خلاصة حكم المحدث: صحيح * عن عابس الغفاري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " بادروا بالأعمال خصالًا ستًا : ..... ، ونَشْوًا يتخذونَ القرآنَ مزاميرَ ، يُقَدَّمّون الرجلَ ليس بأفقَهِهِم ولا أعلمِهِم ، ما يقدمونَهُ إلا لِيغنيَهُم " . رواه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة ( 979 ) . المعجـم الوجيـز / ص : 617 . * حدثنا ابن خيثمة عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد عن ابن لبيد ؛ قال : " ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ شيئًا ..... قال : " وذاك عند أوان ذهاب العلم " قالوا : يا رسول الله وكيف يذهب العلمُ ، ونحن نقرأ القرآن ونُقرِئه أبناءَنا ويقرئُه أبناؤُنا أبناءَهم ، قال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " ثكلَتْكَ أمُّكَ ابن أم لبيد ، أَوَ لَيس هذه اليهود والنصارى يقرؤن التوراةَ والإنجيلَ ، لا ينتفعوا منها بشىءِِ ؟ ! " . حديث صحيح ـ أخرجه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ رسـالة " كتـاب العلـم " : تأليـف الحافظ أبي خيثمة زهير بن حرب
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
تعريف التفسير أولاً : التفسير في اللغة: قيل هي من " الفَسْرُ " بمعنى البيان والكشف ، وفسر الشيء يفسِره بالكسر و يفسره بالضم فسرا و فسره وفسَّرَه أبانه ووضحه ، وفسر القول إذا كشف المراد عن اللفظ المشكل لسان العرب لابن منظور مادة " فسر " ، ج5/555 ، مختار الصحاح ج 1/ 211، وتهذيب اللغة للأزهري ج 12/407 . وقد اشتهرت لفظة التفسير مقرونة بالقرآن الكريم ، حتى أصبحت هذه اللفظة إذا أطلقت فقيل التفسير أريد به العلم الموضح لمعاني القرآن الكريم ،..المفردات للراغب ص 382 في الاصطلاح : تعددت أقوال العلماء في تعريف التفسير اصطلاحاً بين مختصر في تعريفه على توضيح المعاني ، ومعرفة مراد الله تعالى من خلال كلامه ، وبين متوسع في التعريف حتى أدخل ضوابطه ، ومهمة المفسر كذلك ، وعرفه ابن عاشور بقوله : التفسير في الاصطلاح : التفسير له نوعان: التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي : " هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع "التحرير والتنوير ج 1 / 3 . - أنواع التفسير : أ- التفسير بالمأثور(الرواية): و هو التفسير بالأثر أي الذي يعتمد فيه المفسر على ما صح من الآثار الواردة في الآية فيذكرها، ولا يجتهد في بيان معنى من غير دليل. و هو الذي يعتمد التالي: 1- تفسير القرآن بالقرآن. 2- تفسير القرآن بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. 3- تفسير القرآن بما نقل عن الصحابة و التابعين. وهو الأصل في التفسير ، ومراعاته علامة الصواب، وقاعدة لضبط التجديد في فهم القرآن.و يجب الأخذ به، ولا يجوز العدول عنه إذا صح. مع ملاحظة أن تفسير الصحابة و التابعين إذا لم يكن من باب الرواية عن النبي صلى الله عليه و سلم أي مما مجاله الرأي و الاجتهاد ولم يكن فيه إجماع منهم فهو غير ملزم ,و قد يكون اختلافهم اختلاف تنوع كما ورد في تفسير "الصراط المستقيم" بـ: الإسلام و القرآن و السنة و سنة الراشدين, وقد يكون اختلاف تضاد مثل تفسير" الهمزة و اللمزة" فقد بحثت في أكثر من ثلاثين تفسيراً فلم أخرج بطائل إذ الآراء الواردة عن السلف كثيرة و متضاربة و أخيراً ترجح لدي رأي المفسر النسفي و هو مروي عن مقاتل- بعد الرجوع إلى نفس لفظة "اللمز" في مواطن أخرى من القرآن: في سورة التوبة(و منهم من يلمزك في الصدقات)و "الذين يلمزون المطوعين .." و في سورة الحجرات"و لا تلمزوا أنفسكم" و ما ورد في أسباب نزولها في الصحيح- أن الهُمزة: المغتاب, و اللُمزة: الذي يعيب الناس في وجوههم أو حضورهم. و من أمثلته: 1- تفسير ابن أبي حاتم ت:287 هـ, 2- الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي"ت: 911 هـ ". ب- التفسير بالرأي-الدراية- و هو على التحقيق قسمان: محمود و مذموم 1 -المذموم: أن يفسِّر المفسِّرُ بمجرد الرأي من غير أهلية و لا يرجع إلى التفسير بالمأثور و لذا فهو درجات أقلها جرماً أن يكون متمكناً من اللغة العربية و علومها (أي عنده بعض الأهلية) فيتجرأ على التفسير دون الرجوع إلى المأثور و شر منه من يقتحم حمى التفسير و ليس لديه أدنى مؤهل و شر منه من يفعل ذلك اتباعاً أو نصرة لباطل كما تفعل بعض الفرق الضالة... و هذا القسم هو المقصود بالآثار الواردة في ذم التفسير بالرأي و منها: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " أخرجه الترمذي و قال:حديث حسن و صححه الشيخ أحمد شاكر... و ما ورد عن السلف في التهيب من التفسير القصد منه الخوف من القول على الله بغير علم أو خشية الخطأ مثل قول الصديق رضي الله عنه:" أي أرض تقلني و أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم!!!" و قال مسروق: "اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله" مثل :*تفسير الكشاف فيما يتعلق منه بآراء الزمخشري الإعتزالية و* مثل تفاسير بعض الشيعة كتفسير الطبرسي(مجمع البيان) فقد ورد فيه في تفسير قوله تعالى:"إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة"(البقرة/67) (أن البقرة :هي عائشة).قاتلهم الله.. 2 -المحمود: أن يكون المفسِّرُ مؤهلا و يكون التفسير بالمأثور بين يديه ثم يعمل رأيه و يجتهد في الترجيح و الاستنباط و هذا هو التفسير الذي يجب اعتماده فهو يجمع بين اعتماد الأصل(المأثور) العاصم من الزلل وإعمال (الرأي) بالانفتاح على العصر و علومه ... الأمر الذي يضمن استمرار تفاعل القرآن مع الواقع و مواكبته للعصر كما قال تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" (فصلت 53) و في رأيي أن هذا القسم هو الغالب على كتب التفسير مثل: *"تفسير القرآن العظيم "لابن كثير , و*تفسير الطبري *و تفسير القرطبي ,و* تفسير فتح القدير للشوكاني, و*تفسير روح المعاني للألوسي.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
المجلس الرابع
التعريف بالسورة : 1) مكية .عدا الآية 38 ، ومن الآية 86 إلى 151 فمدنية 2) من المئين . 3) عدد آياتها .110 آية . 4) ترتيبها الثامنة عشرة . 5) نزلت بعد سورة " الغاشية " . 6) تبدأ باسلوب الثناء ، بدأت بالحمد لله ، تحدثت السورة عن قصة ذي القرنين وسيدنا موسى والرجل الصالح . 7) الجزء " 16 " ، الحزب " 30،31 " ، الربع " 1 ، 2" . سورة الكهف من المئين معنى الطوال والمثاني والمفصَّل والمِئِين "أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِالسَّبعَ الطّوالَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، و فُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ" الراوي:واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1059خلاصة حكم المحدث: صحيح فهذا الحديث يبيِّن أن هذه الأقسام ليست مستحدثة، وأن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم[2]. فأما السبع، فهي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة؛ لأنهم كانوا يعدون الأنفال وبراءة سورة واحدة. وأما المِئُون، فهي السور التي يقترب عدد آياتها من المائة أو تزيد. وأما المثاني، فهي ما ولى المِئِين، وقد تسمَّى سور القرآن كلها مثاني؛ ومنه قوله -تعالى-" كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ"الزمر: 23"وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي"الحجر: 87. وإنما سمي القرآن كله مثاني؛ لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، ويقال إن المثاني في قوله - تعالى -" وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ". وأما المفصل، فهو لفظ يطلق على السور بَدْءًا من "سورة ق" إلى آخر المصحف. وقيل: إن أوله سورة الحجرات، وسمي بالمفصل لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، وقيل لقلة المنسوخ منه؛ ولهذا يسمى المحكم أيضًا، كما روى البخاري عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال: "إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم"[3]، والمفصل ثلاثة أقسام: طوال، وأوساط، وقصار. فطواله من أول الحجرات إلى سورة البروج. وأوساطه من سورة الطارق إلى سورة البينة. وقصاره من سورة إذا زلزلت إلى آخر القرآن[4]. وهناك ما يسمى بالحواميم، وهي السور التي تبدأ بـ " حم "، والله أعلم. __________ [1]حديث حسن: رواه الطبراني في الكبير (8003) (8/258)، (186) (22/75)، (187) (22/76)، وفي مسند الشاميين (2734) (4/62،63)، وأحمد (17023) (4/107)، والطيالسي في مسنده (1012) (1/136). [2]انظر أسرار ترتيب القرآن للسيوطي (1/72). [3]صحيح البخاري (4748) (4/1922). [4]انظر البرهان للزركشي (1/244)، مناهل العرفان للزرقاني .1/243،244.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
المجلس الخامس "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۜ ". الآية 1 من سورة الكهف (وهي السورة رقم 18 في ترتيب المصحف) . والآية تقع في الصفحة 293 والجزء 15 والربع الأول من الحزب 30 . التفسير المجمل الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وأجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما نفي العوج عنه، وإثبات أنه قيم مستقيم، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث، وإثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس، وتطهرها وتنميها وتكملها، لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له. وحقيق بكتاب موصوف. بما ذكر، أن يحمد الله نفسه على إنزاله، وأن يتمدح إلى عباده به. ومن تفسير الشيخ العثيمين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:سورة الكهف مكيَّة واستثنى بعض المفسرين بعض الآيات: أولها 1 ـ 8، وآية رقم 28 ومن 107 ـ 110 على أنها مدنية، ولكن هذا الاستثناء يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل أن السُّور المكيَّة مكيَّةٌ كلها وأن المدنيَّة مدنيَّةٌ كُلُّها، فإذا رأيت استثناءً فلا بد من دليل. والمَكِّي ما نزل قبل الهجرة والمدنِيُّ ما نزَل بعد الهجرة حتى وإن نزل بغير المدينة مثل قوله تعالى"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا"المائدة: 3. فقد نزلت بعرفة عام حجة الوداع. * * * "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا *قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً *مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *".قوله تعالى "الْحَمْدُ لِلَّهِ" هو وصفُ المحمود بالكمال محبة وتعظيمًا، وبقولنا محبةً وتعظيمًا خرج المدح؛ لأن المدح لا يستلزم المحبة والتعظيم، بل قد يَمدح الإنسان شخصًا لا يساوي فلسًا ولكن لرجاء منفعة أو دفع مضرة، أما الحمد فإنه وصف بالكمال مع المحبة والتعظيم. "لِلَّهِ" هذا اسمٌ عَلَمٌ على الله مُختَصٌّ به لا يوصف به غيره، وهو عَلَمٌ على الذات المقدَّسة تبارك وتعالى. "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ" جملة"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ" هل هي خَبَرٌ، أراد الله سبحانه وتعالى أن يُخبر عباده بأنه محمود، أو هي إنشاءٌ وتوجيهٌ على أنَّنا نحمدُ الله على هذا، أو الجميع؟ الجواب: الجميع، فهو خبرٌ من الله عن نفسه، وهو إرشادٌ لنا أن نَحمدَ الله عزّ وجل على ذلك. الْحَمْدُ لِلَّهِ"الحمدُ : هـو الثناء.وصف المحمـود بالوصـف الجميـل مـع محبتـه وتعظيمـه . [ فهـو الثنـاء علـى الله بصفـات الكمـال ، وبأفعالـه الدائـرة بيـن الفضـل والعـدل ، فلـه الحمـد الكامـل بجميـع الوجـوه ] . تفسير السعدي . * وهـو سـبحانه يحمـد حمـدًا مطلقًـا ، أي حمـد اسـتحقاق ، لأنـه يسـتحق الحمـد لذاتـه . ( ال ) فـي " الحمـد " : للاسـتغراق ، أي اسـتغراق جميـع أنـواع المحامـد . ـ الفـرق بيـن الحمـد والشـكر : الحمـد متعلـق بالنعمـة والمصيبـة ، أمـا الشـكر فعلـى النعمـة فقـط . لـذا كـان صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم يحمـد الله علـى كـل حـال . * فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا رأى مـا يُحـب قـال : " الحمـد لله الـذي بنعمتـه تتـمُّ الصالحـات " ، وإذا رأى مـا يكـره قـال : " الحمـد لله علـى كـل حـال " . سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : الدعاء /( 55 ) ـ باب : فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حسن . الثناء من أجّل أنواع الدعاء الحمد لله رب العالمين والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن سار على سبيلهم واتبع هديهم إلى يوم الدين يقوم الناس لرب العالمين وبعد :- إن الثناء على الله هو مما يحبه الله من عبده لأن العبد ضعيف وفقير إلى ربه فهو بحاجة إلى التقرب من ربه سبحانه وتعالى ومن أجل ذلك على العبد أن يعظم الله بالثناء والمدح فليس أحد أحب للمدح من الله كما جاء في الحديث الصحيح" ليس هناك أحب للمدح من الله عزَّوجل " أو كما جاء في الحديث,فما أعظم أن يكون لسانك رطب ولهاج بذكر الله والثناء عليه انظر مثلاً لحديث دعاء الكرب هكذا يبوب له العلماء في الكتب مع أنك أذا قرأته ستجده مجرد ثناء ليس فيه دعاء لأن الثناء هو لب الدعاء وقد سئل سفيان ابن عيينة عن هذا الحديث دعاء الكرب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما"لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات الأرض ورب العرش الكريم" خ- م وفي رواية مسلم " كان يدعو بهن ويقولهن عند الكرب" وفي رواية " أذا حزبه أمر" فأجاب سفيان أن رجلاً أراد أن يدخل على أحد الأغنياء فما استطاع وكان عند هذا الرجل الغني بستان عظيم محاط بجدار عظيم وكان هناك جدول ماء يمر تحت الجدار ويدخل إلى البستان فأخذ الرجل خشبة وكتب عليه أبيات عظيمة وجميلة ووضعها على الجدول وسار بها الماء وكان الرجل الغني جالساً ينظر الى الجدول فرأى الخشبة فامسك بها وقراء تلك الأبيات الخلابة التي أيقظت فيه كوامن الكرم والجود أبيات جميلة جدًا ـ ذكروا أنها لابن أبي الصلت. قال فيها : أأذكر حاجتي أم قد كفاني ........ حياؤك إن شيمتك الحياءُ أذا أثنى عليك المرءُ يومًا.......... كفاه من تعرضك الثناءُ معناه هل أذكر ما أريد أم يكفيني الحياء المرسوم على وجهك لكن مجرد الثناء عليك والمدح لك يكفي لتفهم أني محتاج فلا داعي أن اذكر حوايجي فقط مدحي لك كفيل أن يستثير فيك الرغبة للعطاء. ............ ......... قصة سعد بن أبي وقاص وفيه دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3505-خلاصة حكم المحدث: صحيح فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له وهو عام في الرجل والمرأة لان النساء شقائق الرجال إلا فيما خصهن الدليل وذكر الرجل هنا تغليباً فقط فهذا ثناء من يونس ابن متى عليه الصلاة والسلام لله ومع ذلك جعله رسول الله ثناء فإن أعظم الدعاء الثناء مقتبس بتصرف الدُّعَاءَ هُوَ ذِكْرٌ لِلْمَدْعُوِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَضَمِّنٌ لِلطَّلَبِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِأَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ فَهُوَ ذِكْرٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا أَنَّ الذِّكْرَ سُمِّيَ دُعَاءً لِتَضَمُّنِهِ لِلطَّلَبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» - أفضلُ الذكرِ : لا إلَه إلَّا اللهُ ، و أفضلُ الدعاءِ : الحمدُ للهِ "الراوي: جابر بن عبدالله المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1104 خلاصة حكم المحدث: حسن الدرر السنية فَسَمَّى الْحَمْدَ لِلَّهِ دُعَاءً وَهُوَ ثَنَاءٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ مُتَضَمِّنٌ الْحُبَّ وَالثَّنَاءَ وَالْحُبُّ أَعْلَى أَنْوَاعِ الطَّلَبِ؛ فَالْحَامِدُ طَالِبٌ لِلْمَحْبُوبِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُسَمَّى دَاعِيًا مِنْ السَّائِلِ الطَّالِبِ؛ فَنَفْسُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ مُتَضَمِّنٌ لِأَعْظَمِ الطَّلَبِ فَهُوَ دُعَاءٌ حَقِيقَةً بَلْ أَحَقُّ أَنْ يُسَمَّى دُعَاءً مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّلَبِ الَّذِي هُوَ دُونَهُ. كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم أنـواع الدعــاء 1 ـ دعـاء المسـألة : وهـو الطلـب . 2 ـ دعـاء الثنـاء : وهـو الذكـر ، والثنـاء علـى الله . 3 ـ دعـاء العبـادة : وهـو شـامل لجميـع القربـات الظاهـرة والباطنـة . الدعـاء ـ مفهومـه ـ أحكامـه ـ أخطـاء تقـع فيـه . تأليـف: محمـد بـن إبراهيـم الحَمَـد ./ ص : 12 / بتصرف . أولاً : دعـاء المسـألة وهـو طلـب الداعـي ما يجلـب النفـع ، وما يكشـف الضـر ، و يكـون بلسـان المقـال . وهـذا النـوع علـى ثلاثـة أضـرب : أ ـ سـؤال الله ودعـاؤه : كمـن يقـول : اللهـم ارحمنـي ..... واغفـر لـي ، فهـذا مـن العبـادة لله ب ـ سـؤال غيـر الله فيمـا لا يقـدر عليـه المسـؤول : كـأن يطلـب مـن ميـت أو غائـب أن يطعمـه ،أو ينصـره ، أو يغيثـه ، أو أن يشـفي مرضـه ، فهـذا شـرك . ج ـ سـؤال غيـر الله فيمـا يقـدر عليـه المسـؤول : كـأن يطلـب مـن حـيٍّ قـادرٍ حاضـرٍ أن يطعمَـهُ ، أو يعينـه ..... فهـذا جائـز ، ـ ما لـم يكـن فـي هـذا المطلـوب معصيـةٌ لله ـ. الدعـاء ـ مفهومـه ـ أحكامـه ـ أخطـاء تقـع فيـه . تأليـف: محمـد بـن إبراهيـم الحَمَـد . / ص : 12 / بتصرف . ثانيًـا : دعـاء الثنـاء وهـو الذكـر والثنـاء ويكـون بلسـان المقـال . كقولـك : " ربنـا لـك الحمـد " ـ إذا قلتـه فقـد دعوتـه بقولـك ربنـا ، ثـم أتيـت بالثنـاء والتوحيـد . ومثلـه دعـاء أهـل الجنـة : قـال تعالـى : " دَعْوَاهُـمْ فِيهَـا سُـبْحَانَكَ اللَّهُـمَّ وَتَحِيَّتُهُـمْ فِيهَـا سَـلاَمٌ وَآخِـرُ دَعْوَاهُـمْ أَنِ الْحَمْـدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ " . سورة يونس / آية : 10 . أخبـر ـ تعالـى ـ أنهـم يبتدئـون دعاءهـم بتعظيـم الله وتنزيهـه ، ويختمـون بشـكره والثنـاء عليـه ، فجعـل تنزيهـه دعـاءً ، وتحميـده دعـاءً . الدعـاء المسـتجاب : أوقاتـه ـ أحوالـه ـ أشـخاصه ـ أماكنـه ـ شـروطه ـ مسـتحباته ـ أسـباب رده ـ مكروهاتـه .تأليـف : عمـاد حسـن أبـو العينيـن / ص : 21 / بتصرف . وقـد وردت نصـوص نبويـة كثيــرة تـدل علـى أن الداعـي عليـه أن يثنـي علـى ربـه قبـل السـؤال والدعـاء ، وإذا كـان مـدح المخلــوق قبـل سـؤاله ـ بذكـر القليـل مـن أوصـاف كمالـه ـ يعـدُّ سـببًا للإجابـة ، وتحقيـق المطلـوب ؛ فإن مـدح الخالـق قبـل سـؤاله ، بذكـر أسـمائه وصفاتـه وأفعالـه يعـد أسـاسًا متينـًا فـي دعـاء المسـألة مـن بـاب أولـى . أسماء الله الحسنى ... / ص : 19 ، 20 / بتصرف . وقـد أطلـق السـلف ـ رحمهـم الله ـ اسـم : " دعـاء الكـرب " علـى الذكـرالثابـت عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي حديـث ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يدعـو عنـد الكـرب : " لا إله إلا الله العظيـم الحليـم ، لا إلـه إلا الله ربُّ السـموات والأرض وربُّ العـرشِ العظيـم " . رواه البخاري / الفتح / ج : 11 / باب : الدعاء عند الكرب / حديث رقم : 6345 / ص : 149 . ويلاحـظ أن دعـاء الكـرب هـذا مجـرد ذكـر وتوحيـد وثنـاء ، وليـس فيـه أي مسـألة لتفريــج الكـرب ولكـن هـذا كـافٍ لتفريـج الكـرب . فالتوحيـد سـبيل النجـاة ، هـذه سـنة الله فـي عبـاده ، فمـا دُفعـت شـدائد الدنيـا بمثـل التوحيـد ، ولذلـك كـان دعـاء الكـرب بالتوحيـد ، ودعـوةُ ذي النـون (1) التـي مـا دعـا بهـا مكـروب إلا فـرج الله كربـه بالتوحيـد فوائد الفوائد / ص : 45 . ( 1 ) دعـوة ذي النـون : " لا إله إلا أنـت سـبحانك إنـي كنـت مـن الظالميـن " . ثالثًـا : دعـاء العبـادة ويكـون بلسـان الحـال .وهـو طلـب الثـواب بالأعمـال الصالحـة ، فهـو دعـاء سـلوكي ، ومظهــر أخلاقـي ، وحـال إيمانـي يبـدو فيـه المسـلم موحـدًا لله فـي كـل اسـم مـن الأسـماء الحسـنى ، بحيـث تنطـق أفعالـه أنـه لا معبـود بحـق سـواه . فقـد يكـون العبـد الموحـد فـي ذروة غنـاه مبتلـى بالمـال ، فيظهـر بمظهـر الفقـر والتواضـع لعلمـه أن الله هـو الغنــي المتوحـد فـي غنـاه ، وأن المــال مـال الله وهـو مسـتخلف عليـه مخـول فيـه ، مبتلـى بـه فـي هـذه الحيـاة ، فتجـده يليـن لإخوانـه ولا يُعْـرَف بينهـم بالغنـى مـن شـدة توحيـده وإيمانـه . ولـو كـان الموحـد شـريفًا حسـيبًا عليًّـا نسـيبًا بـدت عليـه بدعـاء العبـادة مظاهـر الـذل والافتقــار ، وخضـع بجنانـه وبنيانـه وكيانـه إلـى الحسـيب الجبــار القهـار المتعــال ، لعلمـه أن المتوحـد فـي الحسـب والكبريـاء ومـا تضمنتـه هـذه الأسـماء ، هـو الله .أسماء الله الحسنى ... / ص : 16 / بتصرف . ودعـاء العبـادة أن تتعـرض في عبادتـك لما تقتضيـه الأسـماء الحسـنى ، فمقتضـى الرحيــم الرحمـة ، فتعمـل الصالـح الـذي يكـون جالبـًا لرحمـة الله ، وتقـوم بالتوبـة لأنـه هـو التـواب ، وتخشـاه فـي السِّـر لأنـه اللطيـف الخبيـر . الدعـاء ـ مفهومـه ـ أحكامـه ـ أخطـاء تقـع فيـه .تأليـف: محمـد بـن إبراهيـم الحَمَـد . ص : 12 / بتصرف.
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
المجلس السادس ومن تفسير الشيخ العثيمين رحمه الله "عَبْدِهِ" يعني مُحَمَّدًا صلّى الله عليه وآله وسلّم، وَصَفَهُ تعالى بالعبودية؛ لأنه أعبَدُ البَشَر لله عزّ وجل. وقد وصَفَه تعالى بالعبودية في حالات ثلاث: 1 ـ حالِ إنزال القرآن عليه كما في هذه الآية. 2 ـ في حالِ الدفاعِ عنهُ صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "البقرة: 23 . 3 ـ وفي حالِ الإسراءِ به، قال تعالى"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *" الإسراء: 1 ، يعني في أشرف مقاماتِ النبي صلّى الله عليه وسلّم وَصفهُ الله سبحانه وتعالى بأنه عبدٌ، ونِعمَ الوصفُ أن يكون الإنسانُ عبداً لله، حتى قال العاشق في معشوقته: لا تدعُني إلاَّ بيا عَبدَها***فإنه أشرف أسمائي هقوله * قَيِّمًا * أي: القرآن، وقالوا: قيِّم يعني مستقيم، كأنها تأكيد لقوله:* وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا *الكهف: 1. لأن الاستقامة والعِوَج قد لا يُدرك بالعين المجردة وتحتاج إلى ميزان دقيق يكشف لك مدى العِوَج أو الاستقامة، وهذه الظاهرة تراها في الطرق المستوية المرصوفة، والتي تراها للوَهْلة الأولى مستقيمة تماماً ومستوية، فإذا ما نزل المطر فضح هذا الاستواء وأظهر ما فيه من عيوب؛ لذلك أكّد الاستقامة بقوله: * قَيِّمًا * الكهف: 2. ومن معاني القَيِّم: المهيمن على ما دونه، كما تقول: فلان قَيِّم على فلان أي: مُهيمن عليه وقائم على أمره. فالقرآن ـ إذن ـ لاعِوَج فيه، وهو أيضاً مُهيمن على الكتب السابقة وله الوصاية عليها كما قال تعالى:* وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ *المائدة: 48. ومنه قوله تعالى:* فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقِيِّمِ *الروم: 43 أي: المهيمن على الأديان السابقة. ثم يقول تعالى: * لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ * الكهف: 2. وهذه هي العِلّة في الإنزال. والإنذار: التخويف بشَرٍّ قادم، والمنْذَر هنا هم الكفار؛ لأنه لا يُنذَر بالعذاب الشديد إلا الكفار، لكن سياق الآية لم يذكرها ليترك مجالاً للملَكَة العربية وللذّهْن أنْ يعملَ، وأنْ يستقبلَ القرآن بفكر مُتفتح وعقل يستنبط، وليس بالضرورة أن يعطينا القرآنُ كلّ شيء هكذا على طرف الثُّمام أي قريباً سهل التناول. ثم ضَخّم العذاب بأنه شديد، ليس ذلك وفقط بل * مِن لَّدُنهُ * ، والعذاب يتناسب مع المعذِّب وقوته، فإنْ كان العذاب من الله فلا طاقة لأحدٍ به، ولا مهربَ لأحد منه. ثم يقول تعالى: * وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ * الكهف: 2. والبشارة تكون بالخير المنتظر في المستقبل، وتلاحظ أنه في البشارة ذكر المبشَّر * الْمُؤْمِنِينَ * ولم يسكت عنهم كما سكت عن الكفار في الإنذار، فهذا من رحمة الله بنا حتى في الأسلوب، والبشارة هنا بالأجر الحسن؛ لأنه أجر من الكريم المتفضّل سبحانه؛ لذلك قال الحق سبحانه بعدها: * مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *. أي: باقين فيه بقاءً أبديًّا، وكان لا بُدّ أنْ يوصَف أجر الله الحسن بأنه دائم، وأنهم ماكثون فيه أبداً؛ لأن هناك فرقًا بين أجر الناس للناس في الدنيا، وأجر المنعِم سبحانه في الآخرة، لقد أَلِفَ الناس الأجر على أنه جُعِل على عمل، فعلى قَدْر ما تعمل يكون أجرك، فإنْ لم تعمل فلا أجرَ لك. أما أَجْر الله لعباده في الآخرة فهو أجر عظيم دائم، فإنْ ظلمك الناس في تقدير أجرك في الدنيا، فالله تعالى عادل لا يظلم يعطيك بسخاء؛ لأنه المنصِف المتفضّل، وإنِ انقطع الأجر في الدنيا فإنه دائم في الآخرة؛ لأنك مهما أخذتَ من نعيم الدنيا فهو نعيم زائل، إما أنْ تتركه، وإما أنْ يتركك. ثم يقول الحق سبحانه: * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا *. والإنذار هنا غير الإنذار الأول، لقد كرّر الإنذار ليكون خاصًّا بقمة المعاصي، إنذار للذين قالوا اتخذ الله ولدًا، أما الإنذار الأول فهو لمطلق الكفر والمعصية، وأما الثاني فهو لإعادة الخاص مع العام، كأن لهؤلاء الذين نسبوا لله الولد عذاباً يناسب ما وقعوا فيه من جرأة على الحق سبحانه وتعالى. وقد أوضح القرآن فظاعة هذه المعصية في قوله:* وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَدًا * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَانِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَانِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا *مريم: 88-92. إنها قمة المعاصي أنْ نخوضَ في ذات الله تعالى بمقولة تتفطر لها السماء، وتنشق لها الأرض، وتنهدّ لهوْلِها الجبال. قال ابن كثير : وَقَوْله " تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا " أَيْ يَكَاد يَكُون ذَلِكَ عِنْد سَمَاعهنَّ هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ فَجَرَة بَنِي آدَم إِعْظَامًا لِلرَّبِّ وَإِجْلَالًا لِأَنَّهُنَّ مَخْلُوقَات وَمُؤَسَّسَات عَلَى تَوْحِيده وَأَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَأَنَّهُ لَا شَرِيك لَهُ وَلَا نَظِير لَهُ وَلَا وَلَد لَهُ وَلَا صَاحِبَة لَهُ وَلَا كُفْء لَهُ بَلْ هُوَ الْأَحَد الصَّمَد .هنا ثم يقول الحق سبحانه: * مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ..
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
المجلس السابع "مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا "الكهف:5"مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ..."أي بالولد فإذا انتفى العلم ما بقي إلاَّ الجهل. تفسير العثيمين وكان قوله: ﴿ما لهم به من علم﴾شاملا لهم جميعًا من آباء وأبناء لكنهم لما كانوا يحيلون العلم به إلى آبائهم قائلين إن هذه ملة آبائنا وهم أعلم منا وليس لنا إلا أن نتبعهم ونقتدي بهم فرق تعالى بينهم وبين آبائهم فنفى العلم عنهم أولًا وعن آبائهم الذين كانوا يركنون إليهم ثانيًا ليكون إبطالا لقولهم ولحجتهم جميعًا. ليس لهم به علم؛ لأنه أصلاً غير موجود، ولا يتعلق العلم إلا بشيء موجود، العلم لا يتعلق إلا بشيء موجود، فلما نفى الله العلم عنهم كان هذا من باب اللزوم، ونفي الوجود، وإنما المسألة عندهم مسألة تقليد، يتبع آخرهم أولهم ويقلد آخرهم أولهم على غير بينة ولا برهان.قال سبحانه" كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ "الكهف:5. ليس المقصودبـ كَلِمَة هنا كلمة واحدة أو مفردة، وإنما المقصود جنس الكلام، "وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا " من اليهود والنصارى، والمشركين، الذين قالوا هذه المقالة الشنيعة، فإنهم لم يقولوها عن علم ولا يقين، لا علم منهم، ولا علم من آبائهم الذين قلدوهم واتبعوهم، بل إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ " أي: عظمت شناعتها واشتدت عقوبتها، وأي شناعة أعظم من وصفه بالاتخاذ للولد الذي يقتضي نقصه، ومشاركة غيره له في خصائص الربوبية والإلهية، والكذب عليه؟" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " ولهذا قال هنا" إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا " أي: كذبًا محضًا ما فيه من الصدق شيء، وتأمل كيف أبطل هذا القول بالتدريج، والانتقال من شيء إلى أبطل منه، فأخبر أولا: أنه " مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ " والقول على الله بلا علم، لا شك في منعه وبطلانه، ثم أخبر ثانيا، أنه قول قبيح شنيع فقال: " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ " ثم ذكر ثالثًا مرتبته من القبح، وهو: الكذب المنافي للصدق. ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على هداية الخلق، ساعيًا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى"لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "الشعراء3 وقال"...فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "فاطر8..وهنا قال { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } أي: مهلكها، غمًّا وأسفًا عليهم، وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرًا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غمًّا وأسفًا عليهم، ليس فيه فائدة لك. وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" القصص56 . وموسى عليه السلام يقول"قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ "المائدة25، فمن عداهم من باب أولى وأحرى، قال تعالى: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ "الغاشية21"لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ "الغاشية22 { 7-8 } { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا } يخبر تعالى: أنه جعل جميع ما على وجه الأرض، من مآكل لذيذة، ومشارب، ومساكن طيبة، وأشجار، وأنهار، وزروع، وثمار، ومناظر بهيجة، ورياض أنيقة، وأصوات شجية، وصور مليحة، وذهب وفضة، وخيل وإبل ونحوها، الجميع جعله الله زينة لهذه الدار، فتنة واختبارا. { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } أي: أخلصه وأصوبه، ومع ذلك سيجعل الله جميع هذه المذكورات، فانية مضمحلة، وزائلة منقضية. وستعود الأرض صعيدا جرزا قد ذهبت لذاتها، وانقطعت أنهارها، واندرست أثارها، وزال نعيمها، هذه حقيقة الدنيا، قد جلاها الله لنا كأنها رأي عين، وحذرنا من الاغترار بها، ورغبنا في دار يدوم نعيمها، ويسعد مقيمها، كل ذلك رحمة بنا، فاغتر بزخرف الدنيا وزينتها، من نظر إلى ظاهر الدنيا، دون باطنها، فصحبوا الدنيا صحبة البهائم، وتمتعوا بها تمتع السوائم، لا ينظرون في حق ربهم، ولا يهتمون لمعرفته، بل همهم تناول الشهوات، من أي وجه حصلت، وعلى أي حالة اتفقت، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت، قلق لخراب ذاته، وفوات لذاته، لا لما قدمت يداه من التفريط والسيئات. وأما من نظر إلى باطن الدنيا، وعلم المقصود منها ومنه، فإنه يتناول منها، ما يستعين به على ما خلق له، وانتهز الفرصة في عمره الشريف، فجعل الدنيا منزل عبور، لا محل حبور، وشقة سفر، لا منزل إقامة، فبذل جهده في معرفة ربه، وتنفيذ أوامره، وإحسان العمل، فهذا بأحسن المنازل عند الله، وهو حقيق منه بكل كرامة ونعيم، وسرور وتكريم، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظر المغتر إلى ظاهرها، وعمل لآخرته، حين عمل البطال لدنياه، فشتان ما بين الفريقين، وما أبعد الفرق بين الطائفتين"
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
المجلس الثامن "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *". يَقُول تَعَالَى مُسَلِّيًا لِرَسُولِهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ فِي حُزْنه عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان وَبُعْدهمْ عَنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات " وَقَالَ "وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَقَالَ " لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " بَاخِع أَيْ مُهْلِك نَفْسك بِحُزْنِك عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا قَالَ " فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارهمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث " يَعْنِي الْقُرْآن أَسَفًا يَقُول لَا تُهْلِك نَفْسك أَسَفًا قَالَ قَتَادَة : قَاتِل نَفْسك غَضَبًا وَحُزْنًا عَلَيْهِمْ وَقَالَ مُجَاهِد جَزَعًا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب أَيْ لَا تَأْسَف عَلَيْهِمْ بَلْ أبْلَغَكُمْ رِسَالَة اللَّه فَمَنْ اِهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارًا فَانِيَة مُزَيَّنَة بِزِينَةٍ زَائِلَة وَإِنَّمَا جَعَلَهَا دَار اِخْتِبَار لَا دَار قَرَار . {{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *}}. قوله تعالى: { {فَلَعَلَّكَ} } الخِطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم { {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} } مهلكٌ نفسَك، لأنه كان صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك، فسلاَّه الله عزّ وجل وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ. { {عَلَى آثَارِهِمْ} } أي باتباع آثارهم، لعلَّهم يرجعون بعد عدم إجابتهم وإعراضهم. { {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ} } أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن. { {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *} } مفعول من أجله، العامل فيه: { {بَاخِعٌ} } المعنى أنه لعلك باخع نفسك من الأسف إذا لم يؤمنوا بهذا مع أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، ومهمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم البلاغ. قال تعالى: {{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ}} [الرعد: 40] ، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين: 1 ـ نوع يحزن لأنه لم يُقبل. 2 ـ ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل. والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه، والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله عزّ وجل، ولهذا قال تعالى: {{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}} [النحل: 125] . لكن إذا قال الإنسان أنا أحزن؛ لأنه لم يُقبل قولي؛ لأنه الحق ولذلك لو تبين لي الحق على خلاف قولي أخذت به فهل يكون محموداً أو يكونُ غير محمود؟ الجواب: يكون محموداً لكنه ليس كالآخرَ الذي ليس له همٌّ إلاَّ قَبول الحق سَواء جاء من قِبَله أو جاء من قبل غيره. * * *
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
المجلس التاسع والعاشر "وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا *"" وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ " أي مصيرون " مَا عَلَيْهَا " مما كان زينة لها أو "مَا عَلَيْهَا " مما هو أعم من الزينة وغيره " صَعِيدًا "ترابًا " جُرُزًا" أي لا نبات فيه ، وهذا إشارة إلى التزهيد في الدنيا والرغبة عنها وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عن ما تضمنته أيدي المترفين من زينتها ، إذ مآل ذلك كله إلى الفناء والحاق . والخلاصة أن { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } . الرحمن : 27 .
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
المجلس الحادي العاشر قوله تعالى"صَعِيدًا" هذه الأرض بزينتها، بقصورها وأشجارها ونباتها، سوف يجعلها الله تعالى" صَعِيدًا جُرُزًا" أي خالياً، كما قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا *} طه: 105 ، أي نسفًا عظيمًا ولهذا جاء مُنَكَّرًا: أي نسفًا عظيمًا، قال تعالى: ﴿ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا﴾ ﴿١٠٦﴾ ﴿ لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾ ﴿١٠٧﴾ طه " فَيَذَرُهَا " أي : فيدع أماكن الجبال من الأرض ، " قَاعًا صَفْصَفًا " أي : أرضا ملساء مستوية لا نبات فيها ، و " القاع " : ما انبسط من الأرض ، و " الصفصف " : الأملس . ص: 295 ﴿ لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾قال مجاهد : انخفاضًا وارتفاعًا . وقال الحسن : " العوج " : ما انخفض من الأرض ، و " الأمت " : ما نشز من الروابي ، أي : لا ترى واديا ولا رابية . وبلحظة: كن فيكون! إذًا هذه الأرض يا أخي لا يَتعلَّق قلبك بها فهي زائلة، هي ستصير كأن لم تكن كما قال عزّ وجل: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} يونس: 24 . وتأمل الجملة الآن: { {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ} } فيها مُؤكِّدان، «إنَّ» و«اللام»، ثم إنها جاءت بالجملة الاسمية الدالة على القدرة المستمرة، إذا قامت القيامة أين القصور؟ لا قصور، لا جبال، لا أشجار، الأرض كأنها حجر واحد أملس، ما فيها نبات ولا بناء ولا أشجار ولا غير ذلك، سيحولها الله تعالى { {جُرُزًا} } خالية من زينتها التي كانت عليها. تفسيرابن عثيمين * * * وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غمًا وأسفًا عليهم، ليس فيه فائدة لك. وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له: "إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ "سورة القصص - الجزء 20 - الآية 56 * أنواع الهداية *وموسى عليه السلام يقول: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾المائدة: ٢٥. فمن عداهم من باب أولى وأحرى، ها هي ذي نهاية المطاف . . نكوصًا عن الأرض المقدسة , وهو معهم على أبوابها . ونكولا عن ميثاق الله وهو مرتبط معهم بالميثاق . . فماذا يصنع ? وبمن يستجير ? ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾. . دعوة فيها الألم . وفيها الالتجاء . وفيها الاستسلام . وفيها - بعد ذلك - المفاصلة والحسم والتصميم ! وإنه ليعلم أن ربه يعلم أنه لا يملك إلا نفسه وأخاه . . ولكن موسى في ضعف الإنسان المخذول . وفي إيمان النبي الكليم . وفي عزم المؤمن المستقيم , لا يجد متوجَهًا إلا لله . يشكو له بثه ونجواه , ويطلب إليه الفرقة الفاصلة بينه وبين القوم الفاسقين . فما يربطه بهم شيء بعد النكول عن ميثاق الله الوثيق . . ما يربطه بهم نسب . وما يربطه بهم تاريخ . وما يربطه بهم جهد سابق . إنما تربطه بهم هذه الدعوة إلى الله , وهذا الميثاق مع الله . وقد فصلوه . فانبت ما بينه وبينهم إلى الأعماق . وما عاد يربطه بهم رباط . . إنه مستقيم على عهد الله وهم فاسقون . . إنه مستمسك بميثاق الله وهم ناكصون . . هذا هو أدب النبي . . وهذه هي خطة المؤمن . وهذه هي الآصرة التي يجتمع عليها أو يتفرق المؤمنون . . لا جنس . لا نسب . لا قوم . لا لغة . لا تاريخ . لا وشيجة من كل وشائج الأرض ; إذا انقطعت وشيجة العقيدة ; وإذا اختلف المنهج والطريق . . قال تعالى:﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾ ﴿الغاشية: ٢١﴾ ﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ﴾ ﴿الغاشية: ٢٢﴾ * أنواع الهداية * يُقَالُ هَدَاهُ هُدًى وَهَدْيًا وَهِدَايَةً وَهِدْيَةً بِكَسْرِهِمَا أَرْشَدَهُ فَهَدَى وَاهْتَدَى . وَهَدَاهُ اللَّهُ الطَّرِيقَ دَلَّهُ . وَالْهُدَى بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الرَّشَادُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ . و إنّا لجاعلون أي مصيرون ما عليها مما كان زينة لها أو ما عليها مما هو أعم من الزينة وغيره " صعيدًا " ترابًا " جرزًا " خالية من زينتها التي كانت عليها، وهذا إشارة إلى التزهيد في الدنيا والرغبة عنها وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عن ما تضمنته أيدي المترفين من زينتها ، إذ مآل ذلك كله إلى الفناء والحاق .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعُ الْفَوَائِدِ : الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ :
__________________
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|