العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى المعتقد الصحيح > ملتقى المعتقد الصحيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-19-2022, 01:15 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
Arrow

المجلس الحادي و الأربعون
شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل

المتن :وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ قَدْ خُلِقَتَا كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا،وَرَأَيْتُ الكَوْثَرَ اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا.....كَذَا،وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ،فَرَأَيْتُ.....كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا،فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالقُرْآنِ ،وَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَلا أَحْسَبُهُ يُؤْمِنُ بِالجَنَّةِ وَالنَّارِ.
الشرح:
قال ابنُ عُثيمين: نُؤمِنُ بالجَنَّةِ والنَّارِ، فالجَنةُ دارُ النَّعيمِ الَّتي أعَدَّها اللهُ تعالى لِلمُؤمِنينَ المُتَّقينَ، فيها مِنَ النَّعيمِ ما لا عينٌ رَأتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قَلب بَشَرٍ: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "السجدة: 17 .
والنَّارُ دارُ العَذابِ الَّتي أعَدَّها اللهُ تعالى لِلكافِرينَ الظَّالِمينَ، فيها مِنَ العَذابِ والنَّكالِ ما لا يَخطُرُ على البالِ:قال تعالى " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا "الكهف: 29، وهما مَوجُودَتانِ الآنَ ولَن تَفنَيَا أبَدَ الآبدينَ.
الجنَّةُ والنَّارُ مَخلوقتانِ الآنَ، وقد أُعِدَّتا لأهْلِهما.
قال اللهُ تعالى" وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "آل عمران: 133 .
قال ابنُ عثيمين: هذا أمرٌ دَلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّةُ، وأجمع عليه أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ؛ أنَّ الجنَّةَ موجودةٌ الآنَ؛ ولهذا قال اللهُ تعالى" وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"آل عمران: 133 ، أعِدَّت: يعني هُيِّئَت. وهذا دليلٌ على أنها موجودةٌ الآن، كما أنَّ النَّارَ أيضًا موجودةٌ الآن، ولا تَفنيانِ أبدًا. شرح رياض الصالحين:2/ 175.
وقال اللهُ سُبحانَه" فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "البقرة: 24 .
قال السَّمعانيُّ: أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ أي: هُيِّئَت للكافرينَ، وهذا دليلٌ على أنَّ النَّارَ مخلوقةٌ، لا كما قال أهلُ البِدعةِ. ودليلٌ على أنَّها مخلوقةٌ للكافرينَ، وإن دخَلَها بعضُ المؤمنينَ تأديبًا وتعريكًا. تفسير السمعاني:1/ 59.
قال أبُو مَنصُورٍ البَغداديُّ عَنِ الجَنةِ والنَّارِ: هما عِندَنا مَخلُوقَتانِ... ودَليلُنا على وُجُودِهما: إخبارُ اللهِ عَنِ الجَنَّةِ أنَّها أعِدَّت لِلمُتَّقينَ، وعَنِ النَّارِ أنَّها أُعِدَّت لِلكافِرين، ويَدُلُّ على وُجُودِهما ما تَواتَرَت به الأخبارُ الَّتي كَفَرَتِ القَدَريَّةُ بها، في قِصَّةِ المِعراجِ، وسائِرِ ما ورَدَ في صِفاتِ الجَنَّةِ والنَّارِ. أصول الإيمان: ص: 189.
قال البيهقيُّ: مِمَّا يَحِقُّ مَعرِفَتَه في هذا البابِ أن يُعلَمَ أنَّ الجَنَّةَ والنَّارَ مَخلُوقَتانِ مُعَدَّتانِ لِأهلِهما، قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ في الجَنةِ" أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ".آل عمران: 133 ، وقال في النَّارِ" أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "البقرة: 24، والمُعَدَّةُ لا تَكُونُ إلَّا مَخلُوقةً مَوجُودةً، وقال في الجَنةِ" وَجَنَّةٍ عَرْضُها السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ "آل عمران: 133، والمَعدُومُ لا عَرْضَ لَه.شعب الإيمان: 1/589.
قال طاهرُ بنُ مُحَمَّدٍ الإسفرايينيُّ:...والجَنَّةُ والنَّارُ مَخلُوقَتانِ، وكُلُّ ذَلِكَ وارِدٌ في القُرآنِ، وفي الأخبارِ الظَّاهرةِ عَنِ المُصطَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، على وجهٍ لا يُبقي شَكًّا ولا شُبهةً لِمَن تَركَ العَصَبيَّةَ، وقَد صَرَّحَ اللهُ تعالى بذِكرِ النَّارِ والجَنةِ ووُجُودِهما، وإعدادِ الجَنَّةِ لِلمُؤمِنينَ، والنَّارِ للكافِرين، وإنزالِ آدَمَ عليه السَّلامُ في الجَنَّةِ، ثُمَّ إخراجِه مِنها وإهباطِه إلى الأرضِ، وما ورَدَ عَن الرَّسُولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه دَخلَ الجَنَّةَ ليلةَ المِعراجِ، ورَأى فيها قَصرًا لِعُمرَ رَضيَ اللهُ عَنه، ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فإذا أنا بالرُّمَيْصاءِ، امْرَأَةِ أبِي طَلْحَةَ، وسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: هذا بلالٌ، ورَأَيْتُ قَصْرًا بفِنائِهِ جارِيَةٌ، فَقُلتُ: لِمَن هذا؟ فقالَ: لِعُمَرَ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ فأنْظُرَ إلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فقالَ عُمَرُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ أعَلَيْكَ أغارُ." صحيح البخاري ، وكانَ ذَلِكَ مِن صِفاتِ المَوجُوداتِ، فإنَّ المَعدُومَ لا يَتَّصِفُ بهذه الصِّفاتِ، ومَن تَأمَّلَ ما ورَدَ فيه مِنَ الآيِ والأخبارِ والآثارِ لَم يَستَجِز إنكارَه.التبصير في الدين:ص: 177.
وقد وردت أحاديثُ كثيرةٌ في ذلك؛ منها:
"تَحاجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ ..." صحيح البخاري.
"اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا فَقالَتْ: رَبِّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشِّتَاءِ ونَفَسٍ في الصَّيْفِ، فأشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ."الراوي : أبو هريرة-صحيح البخاري .
الدرر السنية /الموسوعة العقدية الكِتابُ السَّادِس: الإيمانُ باليَومِ الآخِرِ البابُ الخامِسُ: الجَنَّةُ والنَّارُ.
المتن:كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:دَخَلْتُالجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا:
قال صلى الله عليه وسلم "دَخَلْتُ الجَنَّةَ أوْ أتَيْتُ الجَنَّةَ، فأبْصَرْتُ قَصْرًا، فَقُلتُ: لِمَن هذا؟ قالوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي إلَّا عِلْمِي بغَيْرَتِكَ قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: يا رَسولَ اللَّهِ، بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا نَبِيَّ اللَّهِ، أوَعَلَيْكَ أغارُ؟" الراوي : جابر بن عبدالله - صحيح البخاري.
".......... فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : رأيتُ نَهْرًا في الجنَّةِ حافَّتيهُ قِبابُ اللُّؤلؤِ . قلتُ : ما هذا يا جَبرائيلُ ؟ قالَ : هذا الكوثرُ الَّذي أعطاكَهُ اللَّهُ"الراوي: أنس بن مالك -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم-3359- خلاصة حكم المحدث : صحيح.

"لَمَّا عُرِجَ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى السَّمَاءِ، قالَ: أتَيْتُ علَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ"الراوي : أنس بن مالك - صحيح البخاري.
المتن :اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا.....كَذَا،وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ،فَرَأَيْتُ.....كَذَا وَرَأَيْتُ كَذَا:
"دخَلتُ الجنَّةَ فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها الفقراءَ واطَّلعتُ في النَّاِر فرأيتُ أَكثرَ أَهلِها الأغنياءَ والنِّساءَ....." الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الموارد- صحيح لغيره.
"اطَّلَعْتُ في الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، واطَّلَعْتُ في النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".الراوي : عمران بن الحصين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري .
وهذا ليلة المعراج، ليلة المعراج أو الرؤيا، ورؤيا الأنبياء وحي، قوله: دخلت الجنة، إذًا الجنة موجودة كيف يدخلها النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر شيئًا غير موجود دخلت الجنة هي موجودة فرأيت قصرًا، قال كذلك قوله: رأيت الكوثر، الكوثر نهر في الجنة.
وكذلك قوله: اطلعت في الجنة واطلعت في النار، كيف يطلع الرسول على شيء لم يخلق؟
"كَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في يَومٍ شَدِيدِ الحَرِّ، فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بأَصْحَابِهِ، فأطَالَ القِيَامَ، حتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فأطَالَ، ثُمَّ رَكَعَ فأطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فأطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِن ذَاكَ، فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، ثُمَّ قالَ: إنَّه عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شيءٍ تُولَجُونَهُ، فَعُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ، حتَّى لو تَنَاوَلْتُ منها قِطْفًا أَخَذْتُهُ، أَوْ قالَ: تَنَاوَلْتُ منها قِطْفًا، فَقَصُرَتْ يَدِي عنْه، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَرَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِن بَنِي إسْرَائِيلَ تُعَذَّبُ في هِرَّةٍ لَهَا، رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ، وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بنَ مَالِكٍ يَجُرُّ قُصْبَهُ في النَّارِ، وإنَّهُمْ كَانُوا يقولونَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لا يَخْسِفَانِ إلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ، وإنَّهُما آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللهِ يُرِيكُمُوهُمَا، فَإِذَا خَسَفَا فَصَلُّوا حتَّى تَنْجَلِيَ. الراوي : جابر بن عبدالله - صحيح مسلم.
وعَن أنسٍ رَضيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال"صَلَّى بنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ: أيُّها النَّاسُ، إنِّي إمَامُكُمْ، فلا تَسْبِقُونِي بالرُّكُوعِ ولَا بالسُّجُودِ، ولَا بالقِيَامِ ولَا بالانْصِرَافِ، فإنِّي أرَاكُمْ أمَامِي ومِنْ خَلْفِي، ثُمَّ قالَ: والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو رَأَيْتُمْ ما رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا قالوا: وما رَأَيْتَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: رَأَيْتُ الجَنَّةَ والنَّارَ." صحيح مسلم.

فيُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه أنَّه لو كُشِفَ لهم عمَّا يُكشَفُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لقَلَّ ضَحِكُهم وزادَ بُكاؤُهم؛ لهَولِ ما سيَطَّلِعون عليه ويَرَونه، فسألَه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم عمَّا رآه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"رَأَيْتُ الجَنَّةَ والنَّارَ"، أي: لو رأيتُم ما رأيتُه في الجنَّةِ والنَّارِ مِنَ النَّعيمِ للمُطيعين في الجنَّةِ، ومِنَ العذابِ للعاصين في النَّارِ، لأصابَكمُ الهَمُّ والغَمُّ حيثُ تَرجُون وتَخافون؛ تَرجُون الجنَّةَ وما فيها، وتَخافون النَّارَ وما فيها، ولا أحدَ يَستطيعُ أن يَعرِفَ مَصيرَه، وبذلك تَترُكون الضَّحِكَ في الدُّنيا إلَّا قليلًا، وتُلازِمون البُكاءَ كثيرًا.الدرر السنية.
قال النَّوويُّ: قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رَأيتُ الجَنَّةَ والنَّارَ:فيه أنَّهما مَخلُوقَتانِ.شرح مسلم:4/ 151.
وفي متن آخر:
عَن أنسٍ رَضيَ اللهُ عَنه : خَطَبَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطْبَةً ما سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ؛ قالَ: لو تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، ولَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قالَ: فَغَطَّى أصْحَابُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وُجُوهَهُمْ، لهمْ خَنِينٌ " صحيح البخاري.
المتن: فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالقُرْآنِ ،وَأَحَادِيثُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَلا أَحْسَبُهُ يُؤْمِنُ بِالجَنَّةِ وَالنَّارِ:
المكذب الذي يقول: إنهما لم تخلقا الآن المعتزلة والقدرية، قالوا: إن الجنة والنار لا تخلقان الآن، وإنما تخلقان يوم القيامة، يقولون: الجنة والنار معدومتان الآن.حلقات جامع شيخ الإسلام ابن تيمية.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-17-2022, 12:13 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,243
افتراضي

المجلس الثاني والأربعون

شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل

المتن: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا،يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ، وَلا يُحْجَبُ عَنْهُ الاسْتِغْفَارُ،وَلا تُتْرَكُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ-صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا-وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ - .
الشرح:
وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا :
أي الموَحِّد الذي يصلي ويستقبل القبلة في الصلاة ، للحديث: مَن صَلَّى صَلَاتَنَا واسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذلكَ المُسْلِمُ الذي له ذِمَّةُ اللَّهِ وذِمَّةُ رَسولِهِ، فلا تُخْفِرُوا اللَّهَ في ذِمَّتِهِ."الراوي : أنس بن مالك – صحيح البخاري.
مَن صَلَّى صَلَاتَنَا واسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا: والمرادُ: صلَّى الصَّلَواتِ الخَمسَ الواجبةَ على الهَيئةِ والكَيفيَّةِ الَّتي وردَتْ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مُستقبِلًا الكعبةَ المُشرَّفةَ. وإنَّما أفْرَدَ استِقبالَ القِبْلةِ بالذِّكرِ -مع أنَّها مُضمَّنةٌ في الصَّلاةِ-؛ تَعظيمًا لشأنِها . وفي الحديثِ: أنَّ أمورَ الناسِ مَحمولةٌ على الظَّاهرِ دُونَ الباطنِ، فمَن أظهَر شعائرَ الدِّينِ أُجريَتْ عليه أحكامُ أهْلِه، ما لم يَظهَرْ منه خِلافُ ذلك.الدرر السنية.
فلا تُخْفِرُوا اللَّهَ في ذِمَّتِهِ : قال القاري:أي: لا تخونوا الله في عهده، ولا تتعرَّضوا في حقِّه من ماله، ودمه، وعرضه.موسوعة الأخلاق/الدرر السنية.
يعني: احفظوا، لا تُخْفِروا ذِمَّته بأن تعتدوا عليه.الشيخ ابن باز رحمه الله.
مُوَحِدًا : التوحيد إجمالًا : هو إفراد الله عز وجل بما يستحقه ويختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات .
فالموحد هو من شهد لله بالوحدانية، وشهد للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، ولم يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، أو قال: الزنى حلال، أو قال: الربا حلال، أو قال: عقوق الوالدين حلال، أو قال: الصلاة غير واجبة؛ هي مجرد رياضة، من شاء يصلي، ومن شاء لا يصلي، هذا أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أو قال: الزكاة غير واجبة، أو الصوم غير واجب. ما حكمه؟ ينتقض توحيده وإيمانه. الإمام أحمد رحمه الله يقول: وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ مُوَحِدًا،يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ ، وَلا تُتْرَكُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ-صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا-وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ:
من مات من أهل القبلة موحدًا إذا كان موحد، يعني ملتزم بأحكام الإسلام، ولم يُعْلَم عنه أنه فعل ناقضًا من نواقض الإسلام؛ يُصَلَّى عليه، ويُستَغفر له ، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرًا كان أو كبيرًا، الدليل قول الله تعالى" وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ "التوبة:84. جعل العلة في كونهم لا يصلَّى عليهم الكفر، إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فدل على أن الكافر لا يصلَّى عليه ،والموحد يصلى عليه – بمفهوم المخالفة -.
قال الشَّافعي في وصيَّتِه المشهورة: لا أُكَفِّرُ أحدًا من أهلِ التوحيدِ بذَنبٍ وإن عَمِلَ بالكبائِرِ، وأَكِلُهم إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ.اعتقاد الشافعي:للهكاري :ص: 17.
قال محمَّدُ بنُ نَصرٍ المَرْوَزي: إنَّ المُصِرَّ على ما دونَ الشِّركِ حتى يموتَ: مؤمِنٌ، غيرُ كافرٍ ولا مُشرِكٍ، وهو بين خَوفٍ ورجاءٍ، يُخافُ أن يُعاقِبَه اللهُ على مَعصيتِه إيَّاه بما استحَقَّ من العقوبةِ، ونرجو أن يتفَضَّلَ اللهُ عليه فيعفو عنه ويغفِرُ له ذَنْبَه.تعظيم قدر الصلاة: 2/ 623.
والمقصود أنه يصلَّى عليه صلاة الجنازة - ما دام أنه لم يفعل الكفر الأكبر ولو كان له ذنب صغير أو كبير، الكبير أي الكبائر المعروفة ، والكبائر جمع كبيرة، والكبيرة هي: كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار أو الغضب أو اللعنة، أو نفي عن صاحبه الإيمان، أو قال: فيه النبي ليس منا، أو تبرأ منه النبي -صلى الله عليه وسلم- برئ النبي -صلى الله عليه وسلم- كما برِئ من الصالقة والحالقة والشاقة . فالصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة – والشَّاقَّةِ: التي تشق ملابسها عند المصيبة.
" إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ والحَالِقَةِ والشَّاقَّةِ."الراوي : أبو موسى الأشعري - صحيح البخاري.
والبراءةُ في الحديثِ بمعنى أنه بريءٌ مِن فِعلِهنَّ، أو ممَّا يَستوجِبْنَ مِن العقوبةِ، أو مِن عُهدةِ ما لَزِمني مِن البيانِ، وأصلُ البَراءةِ: الانفصالُ، وليس المرادُ التَّبَرِّيَ مِن الدِّينِ والخروجَ منه.الدرر السنية.
وكذلك أيضا يجوز الحج عنه – أي الموحد حتى لو كان مات عاصيًا- ويُعتمر عنه، ويُتصدق عنه؛ لأنه مؤمن، ولا تترك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيرًا أو كبيرًا؛ لأنه ذنب يعني دون الكفر.
المقصود الأعظم من الصلاة على الميت الدعاء:
صفة الصلاة على الجنازة قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم : وهي أن يكبر أولًا ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي ويقرأ الفاتحة ، ثم يكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاةَ الإبراهيمية، ، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ، والأفضل أن يقول : ما هو محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن دعا له بدعوات أخرى فلا بأس، ثم يكبر الرابعة : اختَلَف العلماءُ في مشروعيَّةِ الدُّعاءِ للميِّتِ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعة، على قولين:
القولُ الأوَّل:يُشرَعُ الدُّعاءُ للمَيِّت بعدَ التكبيرةِ الرابعةِ وقبلَ التَّسليمِ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والشافعيَّة، واختارَه بعضُ الحَنفيَّة، وروايةٌ عن أحمد، واختاره الشوكانيُّ، وابنُ عُثَيمين، والألبانيُّ ؛ وذلك لأنَّه قيامٌ في صلاةٍ، فكان فيه ذِكرٌ مشروعٌ، كالذي قبل التكبيرةِ الرابعةِ. المغني لابن قدامة:2/365.
القول الثاني:أنَّه ليس بعدَ التَّكبيرةِ الرَّابعةِ دعاءٌ، وإنَّما يليها السَّلامُ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ عند المالِكيَّة، واختارَه ابنُ باز. مجموع فتاوى ابن باز:13/141.
ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه قائلاً : السلام عليكم ورحمة الله أو تسليمتين على قولين بين العلماء. وإذا سلّم الإمام تسليمتين فإنه يشرع للمأموم متابعته، وإن كان مذهب المأموم الاكتفاء بتسليمة واحدة .
ولهذا يُصلى عليه حتى ولو في المقبرة، الصلاة في المقبرة منهي عنها لأنها من وسائل الشرك، لكن الصلاة المنهي عنها في المقبرة الصلاة التي لها ركوع وسجود، أما صلاة الجنازة فليس لها ركوع ولا سجود، والمقصود منها الدعاء، فلهذا يصلى على الميت في المقبرة، ولو بعد الدفن، من لم يصل عليه.
والدليل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في المقبرة:
"أنَّ رَجُلًا أسْوَدَ أوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي به دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ - أوْ قالَ قَبْرِهَا - فأتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا."الراوي : أبو هريرة - صحيح البخاري.
أما الصلاة التي لها ركوع وسجود فلا تجوز في المقبرة، قال -عليه الصلاة والسلام"لا تُصَلُّوا إلى القُبُورِ، ولا تَجْلِسُوا عليها."الراوي :أبو مرثد الغنوي- صحيح مسلم.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ مِنَ القُعودِ والجُلوسِ عَلى القُبورِ.
وفيه: النَّهيُ عنِ الصَّلاةِ في المَقابرِ أو بيْنَها أو إليْها.الدرر السنية.
وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ:
أي أمره إلى الله إن شاء عذبه على ذنبه دون الخلود في النار، وإن شاء غفر له ، فلا نقطع ولا نجزم بعذاب أو بعدم عذاب أصحاب المعاصي من المسلمين الموحدين .
عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال" أتاني جِبريلُ عليه السَّلَامُ فبَشَّرني أنَّه من مات من أمَّتِك لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا دَخَل الجَنَّةَ، قُلتُ: وإنْ زنى وإن سَرَق، قال: وإن زنى وإن سَرَق " .صحيح البخاري ومسلم.
قال النَّووي: أمَّا قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" وإنْ زنى وإن سَرَق "فهو حُجَّةٌ لِمَذهَبِ أهلِ السُّنَّة أنَّ أصحابَ الكبائِرِ لا يُقطَعُ لهم بالنَّارِ، وأنَّهم إن دخلوها أُخرِجوا منها، وخُتِم لهم بالخُلودِ في الجنَّةِ. شرح صحيح مسلم : 2/97.
عن عبادة بن الصامت قال : كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مَجْلِسٍ، فَقالَ: تُبَايِعُونِي علَى أَنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، فمَن وَفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللهِ، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَعُوقِبَ به فَهو كَفَّارَةٌ له، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فأمْرُهُ إلى اللهِ، إنْ شَاءَ عَفَا عنْه، وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُ."صحيح البخاري.
نسأل الله السلامة والعافية من كل ذنب، وبهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة، نسأل الله لنا ولكم العلم النافع، والعمل الصالح، وفقنا الله وإياكم لطاعته، والثبات على الحق ، ونفعنا وغفر لنا ولكم ولكل من له فضل علينا. وصلى الله على محمد وآله وصحبه .
"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ"إبراهيم: 41.
تَمَّ شرح الرسالة بحَمْدِ اللهِ ومَنِّهِ
فهرس مجالس شرح أصول السنة للإمام أحمد بمدونة منبر الدعوة



رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 08:06 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر