|
#1
|
||||
|
||||
![]() 39 ـ وَكُلُّ شَرْطٍ لاَزمٌ لِلعَاقِدِ ** في البَيْعِ وَالنِّكاحِ والمَقَاصِدِ 40ـ إِلاَّ شُرُوطًا حَلَّلَت مُحرَّمًا ** أو عَكْسَهُ فَبَاطِلاَتٌ فَاْعلَمَا لِلعَاقِدِ: اسم فاعل من العقد . والعقد لغة : الجمع بين أطراف الشيء . ويستعمل في : الأجسام : كعقد الحبل . وفي المعني : كعقد النكاح وعقد البيع . ومنه قوله تعالى : " وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ " . سورة البقرة / آية : 235 . وقوله تعالى "أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ " .سورة المائدة / آية : 1 . والمراد بالعقود كل ما يُتفقُ عليه من الأفعال . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . العاقد : هو من يصح منه الإيجاب والقبول ، وهو كل بالغ عاقل رشيد . منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : الشيخ عبيد الجابري / ص : 44 البَيْعِ : هو إعطاءُ المثَمَّنِ وأخذُ الثَّمَنِ ، والشراء ؛ هو إعطاء الثَّمنِ وأخذُ المثَمَّنِ ، وقد يُطلق أحدهما على الآخر ، ولكن الأصل هو الأول . النِّكاحِ : هو في الأصل العقد ، ويُطلق على الجماع كنايةً . والنكاح شرعًا : عقد على استباحة البُضْع قصدًا بوجهٍ شرعيٍّ . وقولهم " قصدًا " ؛ لإخراج استباحة البُضعِ بملك اليمين ، فإن المقصود الأصلي هو مِلك الرقبة ـ وليس النكاح ـ . وقولهم " بوجه شرعي " ؛ لإخراج الزنا الحاصل باتفاق الطرفين . والمعنى : أن الأصل في الشروط والعقود اللزوم ، فكل شرطٍ وعقدٍ فيه مصلحةٌ للطرفين أو لأحدهما ، فإنه يكون صحيحًا ، ويَلزَمُ الطرفين الوفاء به ما لم يكن مخالفًا للشرع بتحليل الحرام أو تحريم الحلال ، فإنه يُحكم عليه بالبُطْلانِ . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . وهذا في جميع المعاملات من بيع وإجارة والعقود الأخرى كالشركات والنكاح والوقف والوصايا . منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / ص : 44 . وهذا أصل كبير وقاعدة كلية في الشروط الصحيحة والشروط الباطلة .رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 43 . وحاصل كلام الناظم ـ رحمه الله ـ يرجع إلى قاعدتين ذكرهما الفقهاء : الأولى " أنَّ الشرطَ لازمٌ في العقدِ " . الثانية : " أنَّ كلَّ شرطٍ باطلٍ لا يصحّ " . وهاتان القاعدتان مبنيتان على حديثين : ـ فأما الحديث الأول : * عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل شرطٍ ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ، وإن كان مائة شرط " . رواه البزار والطبراني . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 4530 / ص : 833 . وهذا ليس معناه أن كل شرط ليس موجودًا في كتاب الله فهو باطل ، وإنما المقصود كل شرط يخالف ما نص عليه كتاب الله ، ومنافٍ له ، ومعارض له ، فهو باطل . فليس لأحد أن يقول مثلاً : هذا الشرط باطل ، لأنه ليس في كتاب الله ، أي لم يُنَص عليه في كتاب الله . لا : أنت عليك أن تثبت أن هناك في كتاب الله ما يَرُدّ هذا الشرط أو يُعارضه أو ينافيه . شرح القواعد الفقهية ـ وأما الحديث الثاني : * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " المسلمون على شروطهم " . رواه أبو داود . وصححه الألباني في : الإرواء ( 1303 ) ، وفي صحيح الجامعالصغير وزيادته / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6714 / ص : 1138 . * وعن رافع بن خديج قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " المسلمون عند شروطهم فيما أُحِلَّ " . رواه الطبراني . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6715 / ص : 1138 . * وعن أنس قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " المسلمون عند شروطهم ، ما وافق الحق من ذلك " .رواه الحاكم . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6716 / ص : 1138 . وأهم الشروط التي يلزم الوفاء بها شروط النكاح كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن أحقَّ الشروط أن توفوا به ، ما استحللتم به الفروج " رواه أحمد . عن عقبة بن عامر . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 1547 / ص : 322 . أنـواع الشروط من حيث الصحة والبطلان : الشروط في جميع العقود نوعان : صحيحة ، وفاسدة . * فأما الصحيحة : فهي كل شرط اشترطه المتعاقدان ، لهما أو لأحدهما فيه مصلحة ، وليس فيه محذور من الشارع ، ويدخل في هذا جميع الشروط في البيع ، والشروط في الإجارة والجَعَالة ، والشروط في الرهون والضمانات ، والشروط في النكاح وغيرها من الشروط على اختلاف أنواعها ، فإنها شروط لازمة للمتعاقِدَيْن ، إذا لم يف أحدهما بما عليه منها كان للآخر الفسخ . والشرط إما لفظيٌّ ، وإما عرفي ، وإما شرْعيٌ . ـ الشرط اللفظي : هو ما اتُّفِقَ عليه لفظًا . ـ الشرط العرفي : ما سُكِت عنه ، فيسري ما تعارف عليه الناس . مثل : إذا اشترك شخصان ، أحدهما برأس المال ، والثاني بإدارة الأعمال - أي بالجهد - ، فالعُرْف تقسيم الأرباح بنسبة 2 إلى 3 لصاحب رأس المال ، 1 إلى 3 للآخر . ـ الشرط الشرعي : هو ما فيه نص من الشرع . مثل شروط الإرث : موت الموَرِّث ، وتحقق حياة الوارث حين وفاة الموَرِّث . · وأما الشروط الفاسدة: فهي التي تضمنت : تحليل حرام أو تحريم حلال . والشروط التي هذا شأنها ـ أعني إباحة الحرام أو تحريم الحلال ـ هذه فاسدة ، ثم منها ما يُفسد العقد ، ومنها ما يَفْسَد بنفسه مع صحة العقد . إذًا الشروط الفاسدة قسمان : القسم الأول : ما يفسد العقد مع فساده . وذلك إذا كان شرط البائع أو المشتري أو أحدهما يعطل ركنًا من أركان العقد فإنه يبطل العقد بالكلية ، كما لو اشترط عليه أن يبيعه مجهولاً يُعلم . أو اشترط البائع على المشتري في عقد البيع أن لا يتملَّك السلعة ، وإنما كان ذلك الشرط الباطل مبطلاً للعقد ، لأنه يناقض ركنه ومقصده الذي لأجله شُرع العقد . القسم الثاني : ما يفسد الشرط في نفسه ويبقى العقد صحيحًا : إذا كان الشرط لا يبطل العقد صح العقد وبطل الشرط ؛ فلو قال لك شخص : بعتُكَ ـ هذا البيت ـ على أن لا تؤجره ، ولا تبيعه ، ولا تسكن الطابق العلوي منه ، قل : جزاك الله خيرًا قبلت ، فهذا شرط فاسد مع صحة العقد ، لأنه ليس له منع المشتري ، لأنه باعه إياه ، فليس له سلطان عليه بعد البيع . والغريب أن هذا سائر عند بعض التجار ، يبيعهم سلعة معينة ويشترط ألا يزيدوا كذا ، خذها منه وبع كما شئت أنقص أو زد لا يملك هذا . منظومة القواعد ... / شرح : د . عبيد الجابري / بتصرف -منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . س " العقد شريعة المتعاقدين " ، هل هذه القاعدة صحيحة ؟ ج : " العقد شريعة المتعاقدين " يلتفت فيها أو يلحظ عليها من جانبين : الجانب الأول : أنه ليست هذه القاعدة مطلقة ، بل لابد من تقييدها بعدد من القيود منها : أن يكون ذلك العقد غير مخالف لشيء من الدين . الثاني : استعمال لفظة " شريعة " فإنه المراد بالشريعة : الأمر الواسع والأحكام العامة ؛ لذلك يقال مثلاً لمورد الماء الكبير ، الذي يرد عليه جميع الناس في محل واحد في لغة العرب " شريعة " . فإطلاق لفظ " الشريعة " على العقود هذا لا يصح من جهة مخالفته للمعنى اللغوي ، وكذلك من جهة مخالفته للمعنى الشرعي ، فإن لفظة " شريعة " يراد أن تكون منسوبة للشارع ، والعقود منسوبة للمتعاقدين وليست للشارع . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري . o تعقيب : ــــــــ الأصل في الشروط والعقود اللزوم ، فكل شرط وعقد فيه مصلحة للطرفين أو لأحدهما ، فإنه يكون صحيحًا ، ويَلْزمُ الطرفين الوفاء به ، ما لم يكن مخالفًا للشرع بتحليل الحرام أو تحريم الحلال ، فإنه يُحكم عليه بالبطلان . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . |
#2
|
||||
|
||||
![]() 41ـ تُسْتَعْمَلُ القُرْعَةُ عِنْدَ المُبهَمِ ***مِنَ الحُقُوقِ أَو لَدَى التَّزاحُمِ القُرْعَةُ :ترجع إلى مادة : قَرَعَ ، ولها معانٍ مذكورة في كتب المعجمات ، " كالصِّحَاح " للجوهري ، و " القاموس " للفيروز آبادي . معناها في اللغة : السهم والنصيب ، والاقتراع والاستهام : يُقال : تقارع القومُ ، واقترعوا أي: ضربوا القِدَاح ونحوها لتعيين الحق أو صاحبه . فالمقصود هنا : هي صفة معروفة تستعمل عند إرادة اختيار شيء دون قصد التعيين الْمُسْبَق ، قاله القرافي في " الفروق " . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 116 / بتصرف . والقواعد الفقهية بين الأصالة ... / ص : 292 . وقيل : يراد بالقُرْعَةِ : ضرب السهام ، بحيث يُجعل أحد تلك السهام مميزًا بعلامة أو بنحوها ، فمن خرجت له القرعة أو ذلك السهم المميز ، استحق ما جُعل على القرعة . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري . المُبهَمِ : اسم مفعول من الإبهام ، وهو ضد التعيين للشيء . فهو المجهول غير المعين . الحُقُوقِ : جمع حق ، والمراد به عند الفقهاء : كل ما يُثْبَتُ للشخصِ من منافع ومميزاتٍ ، وقد يكونُ مجرد أمر اعتباريٍّ كحق الطلاق والولاية . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . التَّزاحُمِ : من الازدحام ، وهو ضد السَّعَة ، وفيه معنى التضايق والتحاشر . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 116 . والقرعة تسعمل إذا جُهل المسْتَحِق لحق من الحقوق ، ولا مِزْيَة لأحدهما على الآخر ، أو حصل التزاحم في أمر من الأمور ولا مرجح لأحدهما . o فائدة : ــــ القرعة تستخدم عند الإبهام في حقوق الخلق ، أما عند الإبهام في حقوق الله فإنه لا يشرع استعمال القرعة ، مثل : مَنْ نسي صلاة من صلوات أمس ، فلا يُقال استعمل القرعة بين هذه الصلوات ، لأصلي الصلاة الفائتة ـ لإبهامها لديه ، لا يجوز هذا وإنما يقال : يجب عليك أن تصلي الخمس صلوات جميعًا ، لأن الصلاة المبهمة ستكون واحدة منهن . شرح منظومة / ... / سعد بن ناصر الشثري . والمقصود من كلام الناظم ـ رحمه الله ـ ، هو أن القرعة تسعمل في حالتين اثنتين : الأولى: عند انبهام شيءٍ من الحقوق . ومثالها : إذا طلق الزوج زوجة مبهمة وله زوجات ، فإنه يقرع بينهن . الثانية : عند تزاحم بعض المكلفين على شيء . ومثالها : إذا تزاحم اثنان على الأذان أو الإقامة ، فإنه يُقرَع بينهما . وشرط القرعة هنا أن يستويا ، بحيث لا يكون لأحدهما فضلٌ على الآخر من الجهة الشرعية . وهذا قطع به جمهور الفقهاء . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 116 . وتحت هذه القاعدة دلائل كثيرة ، منها : إذا تَشَاحّ اثنان في الأذان ، أو الإقامة ، أو الإمامة في الصلاة ، أو صلاة الجنازة ، وليس أحدُهما أولى من الآخر ، فإنه يقرع بينهما . وكذلك إذا تنازع اثنان لُقَطَة ، أو لُقَيطًا ، أو مكانًا ، ونحوه ، ولا مُرجِّح لأحدهما على الآخر ، فإنها تستعمل القرعة . رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 44 . حكم القرعة : القرعة مشروعة باتفاق الفقهاء ، ودليل مشروعيتها من الكتاب والسنة . ـ فقد ذُكرت " القرعة " في القرآن الكريم بموضعين : قال تعالى " وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُـلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" .سورة آل عمران / آية : 44 . " يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ ": ألقوا أقلامهم اقتراعًا . قيل في صفة القرعة التي اقترعوها : فاقترعوا وجعلوا أقلامهم في الماء الجاري ، على أن مَنْ وقفَ قلمُهُ ولم يجر مع الماء فهو صاحبها ـ أي هو الذي يكفُل مريم ـ ، فجرت أقلامُهم ووقف قلمُ زكريا . نفحة العبير من زُبدة التفسير / ص : 135 / بتصرف . وقال تعالى " إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِن الْمُدْحَضِينَ " .سورة الصافات / آية : 140 ، 141 . أَبَقَ : أي هرب من قومه لما ضاق صدره لعدم استجابتهم لدعوته ، فوجد سفينة مبحرة فركب فيها وكانت حمولتها أكبر من طاقتها فوقفت في عرض البحر ،فرأى رُبَّان السفينة أنه لابد من تقليل الشحنة وإلا غرق الجميع . فَسَاهَمَ: أي ضُرِبَتِ القرعةُ بين الراكبين ليلقوا بعضهم في البحر خوفًا من غرق السفينة ـ لثقل وزنها ـ . نفحة العبير من زُبدة التفسير / ص : 1096 . مِن الْمُدْحَضِينَ: أي المغلوبين في القرعة ، فرموه في البحر فالتقمه الحوت .أيسر التفاسير ... / ص : 1094 / بتصرف . هذا في شرع مَن قَبْلَنا وجاء في سُنَّةِ نبينا ما يؤيده ليكون مِنْ شَرْعِنَا أيضًا . ـ ففي السنة ذُكرت القرعة في ستة مواضع ، منها : * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عَرَضَ على قوم اليمين فأسرعوا ، فأمر أن يُسْهَمَ بينهم في اليمين أيهم يحلف . صحيح البخاري . متون / ( 52 ) ـ كتاب : الشهادات / ( 24 ) ـ باب : إذا تسارَعَ قومٌ في اليمين / حديث رقم : 2674 / ص : 310 . وقيل صورة الاشتراك في اليمين : أن يتنازع اثنان عينًا ليست في يد واحد منهما ، ولا بَيِّنَة لواحد منهما ، فيقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة ؛ حلف واستحقها . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 5 / 52 ـ كتاب : الشهادات / 24 ـ باب :إذا تسارع قوم في اليمين / شرح حديث رقم : 2674 / ص : 338 . * عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أراد سفرًا أقْرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمُها خرج بها معه ، وكان يقسم لكل امرأةٍ منهن يومها وليلتها غير أن سودةَ بنت زمْعَةَ وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تبتغي بذلك رضا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . صحيح البخاري . متون / ( 51 ) ـ كتاب : الهبة وفضلها والتحريض عليها / ( 15 ) ـ باب : هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج ... / حديث رقم : 2593 / ص: 298 . * عن أبي صالح، عن أبي هريرة ،أن رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ،ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمةِ والصبحِ لأتوهما ولو حبوًا " . صحيح البخاري . متون / 10 ـ كتاب : الأذان / 9 ـ باب : الاستهام في الأذان / حديث رقم : 615 / ص : 76 . ـ الحِكمة في مشروعية القرعة : تطبيب القلوب ، وإزاحة تهمة الميل إلى أحد المتنازعين ، وإزالة الحيرة عند التساوي والإبهام . القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 292 / بتصرف .القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 128 / بتصرف . وقيل أيضًا : المقصود من القرعة فض المنازعة ، وسد باب العداوةِ بالرجوع إلى قدر الله واختياره ، ومعلوم أن أصل العداوة هو التزاحم على غرض واحد . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . ـ حظر القرعة: لا تجري القرعة في شيء تَعَيَّن فيه المصلحة أو الحق ، لأن في القرعة حينئذ ضياعًا لذلك الحق وتلك المصلحة . فإذا عُلم اشتراك شخصين في عين أو دَيْن ، وأرادا القرعة لمن يكون له الشيء ، فإن هذا من الميْسِر ـ والمُقامرة ـ هذا بخلاف إذا عُلم اشتراك شخصين في عين أو أي حق ، ثم تنازل أو وهب أحدهما حقه للآخر بالتراضي أو بنفس راضية ، هذا لا شيء فيه شرعًا - لأنه يكون أحدهما غارم والثاني غانم . مثلاً : كل منهما مشترك في هذه العين ، يعني بينهما سيارة ، فقال أحدهما للآخر : نقرع أينا تكون له السيارة كاملة . هذا حرام ، هذا من الميسر . كذلك إذا كان بينهما شيء مناصفة ، ثم قسماه أثلاثًا وجعلا ثلثين جانبًا وثلثًا جانبًا ، وقالا : نقرع ـ ليحظى أحدهما بالثلثين والآخر بالثلث دون مرجحات ـ هذا لا يجوز لأنه ميسر . فلابد من التساوي . القواعد والأصول الجامعة ... / ص : 130 / بتصرف .القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 293 .
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() 42-وإِنْ تَسَاوى العَمَلانِ اجْتَمَعَا** وَفُعِلَ أَحَدُهُمَا فَاسْتَمِعَا هذه قاعدة يقال لها : قاعدة التداخل . قال ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه الجليل : تقرير القواعد وتحرير الفوائد : إذا اجتمعت عبادتان من جنس ـ واحد ـ في وقت واحدٍ ليست إحداهما مفعولة على جهةِ القضاء ، ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت ، تداخلت أفعالُهما ، واكْتُفِيَ فيهما بفعلٍ واحدٍ . ا . هـ . أقسام تداخل العبادات : أ ـ قسم لا يصح فيه تداخل العبادات : وهو فيما إذا كانت العبادات مقصودة بنفسها ، أو تابعة لغيرها ، أو إذا كانت إحداهما مفعولة على وجه القضاء . مثال ذلك : إنسان فاتته سنة الفجر طلعت الشمس ، وجاء وقت صلاة الضحى ، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى ، ولا الضحى عن سنة الفجر ، ولا الجمع بينهما أيضًا ، لأن سنة الفجر مستقلة ، وسنة الضحى مستقلة ، فلا تجزئ إحداهما عنِ الأخرى . كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها ، فإنها لا تتداخل ، فلو قال إنسان : أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة ، قلنا : لا يصح هذا ، لأن الراتبة تابعة لصلاة الفريضة فلا تجزئ عنها . مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين / ج : 20 / كتاب : الصيام .وتقرير القواعد وتحرير الفوائد / لابن رجب . ب ـ قسم يصح فيه تداخل العبادات : إذا اجتمع عملان من جنس واحدٍ وكانت صورتهما متفقة تداخلا واكتفي بأحدهما عنِ الآخر ، وهذا على ضربين : الضرب الأول : أن يحصل له بالفعل الواحد العبادتانِ جميعًا ، ويُشْتَرطُ أن ينويهُما جميعًا على المشهور . ومن أمثلة ذلك : ـ من كان عادمًا للماء فتيمم تيممًا واحدًا ينوي به الحدثين أجزأه عنهما بغير خلاف . الضرب الثاني : أن يحصل له أحدُ العبادتينِ بنيتها ، وتسقط عنه الأخرى . ومن أمثلة ذلك : ـ إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فصلى معهم ، سقطت عنه التحية . ـ إذا قَدِمَ المعتمر مكة ، وطاف للعمرة ، سقط عنه طواف القدوم . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . *ضوابط هذه القاعدة : مما سبق تتلخص ضوابط هذه القاعدة ـ " قاعدة التداخل " ـ في : يجوز تداخل العبادات التي تتوفر فيها الشروط الآتية : 1 ـ إذا كان المقصود ، من العبادتينِ ؛ واحدًا ، وهو أن يأتي بها للعبادة بقطع النظر عن كونها مستقلة أو لعبادة أخرى . 2 ـ أنهما من جنس واحد . 3ـ أن إحداهما ليست تابعة للأخرى ، ولا مفعولة على جهة القضاء ، فإن كانت تابعة للأخرى فإنها لا تجزئ عنها ، كسنة الفجر مثلاً مع صلاة الفجر ، فلا تجزئ صلاة الفجر عن سنة الفجر ، لأن السنة تابعة لها . القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / ص : 168 / بتصرف . ـ ومن أمثلة ذلك : · إنسان دخل المسجد بعد أن أُذِّن للظهر ، وكان قد توضأ قريبًا ، فهنا هو مطالَب : بسنة الوضوء ، وبتحية المسجد ، وبراتبة الظهر القبلية . فهل إذا صلى ركعتين تجزئ عن الجميع ؟ . الجواب : نعم ؛ لأن المقصود واحد وهو أن يأتي بركعتين بعد الوضوء ، وأن يأتي بركعتين عند دخول المسجد ، وأن يأتي بالراتبة . وهنا نقول : إما أن ينوي هذه العبادات جميعًا فيحصل له ثواب الجميع ، وإما أن ينوي واحدة منهن فهذه تُنظر ؛ إن نوى الراتبة أجزأت عن الباقي أي أجزأت عن تحية المسجد وسنة الوضوء . وإن نوى سنة الوضوء أجزأت عن سنة الوضوء وعن تحية المسجد لأنه حصل المقصود ، لكن لا تجزئ عن الراتبة ، لأن المقصود هنا وجود ركعتين قبل الصلاة مستقلتين . وأما صلاة الاستخارة : فهذا فيه احتمال أن تكون صلاة الاستخارة مقصودة بذاتها ، فيصلي لأجل الاستخارة ركعتين ، ويقول بعدهما دعاء الاستخارة . ويُحتمل أن تكون داخلة في هذا فيكون هذا الرجل الذي دخل المسجد بعد الوضوء ، يكون مطالبًا بسنة الوضوء ؛ وسنة دخول المسجد ؛ والراتبة ؛ والاستخارة ، فينوي بذلك أربع نوافل .وقد يتأيد دخول صلاة الاستخارة في ذلك بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم " إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ... " . الحديث . سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 5 ـ كتاب : إقامة الصلاة والسنة فيها /188 ـ باب : ما جاء في صلاة الاستخارة / حديث رقم : 1383 / ص : 245 / صحيح . فإنه يَصْدُق على هذا أنه صلى ركعتين من غير الفريضة . قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله؛ في لقاءاته مع بعض طلبته : تحية المسجد يختلف حكمها ، فهي ليست جمع عبادتين بنيتين ، فتحية المسجد مقرونة بعلة عدم الجلوس إلا بعد الصلاة فهذا الذي صلى فرض الفجر ـ بمجرد دخوله المسجد ، ولم يصلِّ تحية المسجد ـ هذا صَدَقَ عليه أنه جلس بعد الصلاة . فهذه مسألة تختلف عما سبق ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدُكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " . فليس المطلوب حتمًا ركعتين مخصوصتين لتحية المسجد . لذا من كان يرى وجوب تحية المسجد ، ورغم ذلك صلى الفجر أو أي صلاة بمجرد دخول المسجد دون أن يصلي تحيـة المسجد ، فهذا يجزئ وليس في هذه الصورة نقض لما سبق وهو أن الواجب لا يغني عن الواجب . ا . هـ . بتصرف . · من حَلَفَ عِدة أيمان على شيءٍ واحد وحَنَثَ فيه عدة مرات قبل أداء كفارة اليمين ، أجزأته كفارة واحدة عن الجميع . فإن كان الحَلِفُ على شيئين فأكثر وحنثَ في الجميع ، فإن الكفارة تتعدد بتعدد المحلوف عليه . وكذلك إذا كانت الكفارات متباينةٌ مقاصدُها ، ككفارة ظِهار ، ويمين بالله ، أو للوطء في نهار رمضان وجب عليه كفارات لكل واحدةٍ منها إذا حنث . ولو تعدد المحلوف عليه واتحد الحَلِف ، يعني قال : والله لا أكلم فلانًا ولا ألبس هذا الثوب ولا أخرج إلى السوق ، بيمين واحدة ، ماذا يلزمه ؟ . يلزمه كفارة واحدة وذلك لأن اليمين واحدة فلا توجب أكثر من كفارة ، وإن تعدد المحلوف عليه ، فتعدد الذوات هنا كتعدد الصفات لا تتعدد بها الكفارة . القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة / للسعدي / تعليق العثيمين / ص : 170 . ـ ولو تَعَدَّدَ السهو في الصلاة ، لم يتعدد السجود، بل يكفي سجود واحد للسهو مهما تعددت بالزيادة أو بالنقصان .القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 135 . · وكذلك لو زنى بكر أكثر من مرة ، يكفي أن يُقام عليه حد واحد ، وهو الجَلْدُ ، فإن زنى بعد الحد أُقيم عليه حد آخر لعدم اجتماعهما . · ولو جامع الرجل امرأته في نهار رمضان أكثر من مرة ، لم تلزمه إلا كفارة واحدة ، بخلاف لو جامع في يوم آخر فإنه تلزمه كفارتان ، ولو جامع في اليوم الثالث تلزمه ثلاث كفارات وهكذا على الأصح من أقوال الفقهاء ؛ لأن كل يوم من شهر رمضان له حرمته . القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 135 . oتحذير : ــــ لا ينبغي التوسع في تطبيق هذه القاعدة أو غيرها دون الرجوع لأهل العلم . =============== 43 ـ وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلاَ يُشَغَّلُ** مِثَالُهُ المَرْهُونُ والمُسَبّل هذا معنى قول الفقهاء : المشغول لا يشغل . وذلك أن الشيءَ إذا اشتغل بشيءٍ لم يشغل بغيره حتى يفرغ من هذا المشغول به ، وذلك كالرهن . وحاصل كلام الناظم ـ رحمه الله ـ أنه أشار إلى قاعدة اتفق عليها أولو النظر والفقه - وذلك باستقراء الأحكام الجزئية الدالة عليها - ، وهي : أن المشغول لا يُشغل . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 119 . المَشْغُول : ضد الفارغ . المَرْهُونُ : من الرهن ، وهو : توثيق دين بعينٍ . وقال ابن سِيدَه : الرهن هو إيداع شيء عند إنسان لإرجاع حقٍ له . المُسَبّل : اسم مفعول من السبيل ، والمقصود ما جُعل في سبيل الله تعالى ، كالوقف وهو تحبيس الأصل ، وتسبيل الثمرة . والمعنى أن كل مشغول بحق ، لا يُشغل بحق آخر حتى يَفْرُغَ الأول منه . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . بالاستقراء جمع العلماء أحكام جزئية نتج عنها هذه القاعدة وهذه الأحكام الجزئية على سبيل المثال وليس الحصر هي : ـ زوجة الغير ومعتدته مُحَرَّمَة على جميع الرجال عدا زوجها ، لأنها مشغولة به بمقتضى عقد الزواج ، فلا تُشغَّل بغيره حتى تفرغ من هذا المشغول به ، لقوله تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ". سورة النساء / آية : 23 . أي حُرمت عليكم المحصنات من النساء ، أي المتزوجات منهن ، إلا المسبيات ، فإن المَسْبِيَّة تحل لسابيها بعد الاستبراء- أي بعد استبراء الرحم بمرور وقت معروف لمعرفة خلو الرحم من الحمل -، وإن كانت متزوجة . الوجيز في فقه السنة ... / ص : 295 / بتصرف . ـ لا يحل لمسلم أن يخطب على خطبة أخيه ، ولا أن يبيع على بيعة أخيه . ... ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان يقول : نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يبيعَ بعضكم على بيع بعض ، ولا يخطبَ الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطبُ قبله أو يأذنَ له الخاطبُ . صحيح البخاري . متون / ( 67 ) ـ كتاب : النكاح / ( 45 ) ـ باب :لا يخطب على خِطبة أخيه ... / حديث رقم : 5142 / ص : 623 . ـ ومثاله : المرهون لا يُباع ولا يوهب ولا يرهن حتى ينفك الرهن أو يأذن الراهن . والدار المؤجرة لا تؤجر حتى تفرغ المدة . وكذلك المسبل : وهو اسم مفعول من السبيل ، والمقصود ما جُعل في سبيل الله ـ تعالى ـ كالوقف . فالذي وضع في سبيل الله تعالى كالوقف لا يُباع ، لأنه مشغول بالوقف . فكل مشغول بحق لا يُشْغَل بآخر حتى يفرغ الحق منه . مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 21 / بتصرف . |
#4
|
||||
|
||||
![]() 44 ـ وَمَنْ يُؤَدِّ عَنْ أَخِيهِ وَاجِبًا ** لَهُ الرُّجُوعُ إِنْ نَوَى يُطالِبَا المقصود من كلام الناظم ـ رحمه الله ـ : أن المؤدِّي لواجب مالي في ذمة مكَلَّف ـ وبرأت بهذا الأداء ذمة المكلَّف ـ ، يجوز له ـ أي المؤدِّي ـ أن يرجع إلى الشخص المؤَدَّى عنه ، ليأخذ المال الذي أدَّى به عنه ، ولذلك شرط ؛ وهو نيته أن يطالبه بذلك عند الأداء عنه ، أما إذا نوى عدم المطالبة واتُّفِقَ على ذلك ؛ فلا يجوز له مطالبته ، وأجره على الله . مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 120 . هذه القاعدة معقودة لمن يؤدي عن غيره واجبًا من الواجبات مما تصح النيابة فيه ، أما الذي لا تصح النيابة فيه كالصلاة مثلاً ،فهذه لا تدخل في هذه القاعدة أصلاً وأما ما تصح النيابة فيه فهذا لا يخلوا من أمرين : الأول : ما يشترط له النية: أي يشترط مع النيابة نية صاحب الواجب الأصلي .ـ لإبراء الذمة ـ ، كالزكاوات والكفارات ونحوها فهذه ليس له أن يؤدي عن غيره إلا بإذنه ، لأن هذا الأداء لا يبرئ عنه لاحتياجه لنيته ولو أداها عنه بلا إذنه فإنه لا يحق له الرجوع إليه . - ومما يدخل في هذا القسم : الحج عن الغير ، فإذا كان الإنسان عاجزًا عن الحج ، فلا يجوز أن تحج عنه إذا لم يأذن لك طالما عقله معه .شرح منظومة ... / سعد بن ناصر الشثري - الثاني : ما لا يشترط له النية ـ لإبراء الذمة ـ مثل ديون الآدميين من القرض ، وأثمان السلع ، والنفقات ، ... . منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / ص : 103 . فمن أدى عن غيره واجبًا - مما لايُشترط فيه نية المؤدَى عنه- فله ثلاث حالات : الأولى : أن ينوي الرجوع ـ إلى المؤدَّى عنه ـ . الثانية : أن ينوي التبرع . الثالثة : ألاَّ ينوي شيئًا ، أي أدى الواجب عن غيره بقطع النظر عن كونه يريد الرجوع أو لا . س : فيرجع في حال واحدة ، متى ؟ ! . ج : إذا نوى الرجوع ـ إلى المؤدَّى عنه ـ رجع إليه وطالبه بما أداه عنه ، ويلزم المؤدَّى عنه السداد . فأما إذا لم ينو الرجوع فإنه لا يرجع ، وكذلك إذا لم يكن في قلبه نية الرجوع ولا عدمه ، فإنه لا يرجع ، أي لا يحق له الرجوع . س : ما هو الوقت المعتبر للنية ؟ ! والوقت المعتبـر للنية هو وقت الأداء ، فإن نوى التبرُّع عند ـ الوقت المعتبر للنية ـ ثم نوى المطالبة بعده ، فلا يستحق شيئًا ، لأن الساقط لا يعود . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . * وهذه المسائل في : الديون التي لا تحتاج إلى نية المدين لتبرأ ذمته منها . ويدخل تحت هذا جميع ديون الآدميين ، من : القرض ، وأثمان السلع ، والنفقات الواجبة للزوجات ؛ والمماليك ؛ والأقارب ، ويدخل في هذا قضاءُ الضامن والكفيل ما على المضمون عنه والمكفول له ، ولو لم يأذن في الضمان ولا في الكفالة ، ولا الأداء . فلو أن إنسانًا عليه دَين خمسون ألفًا فأديتها عنه ـ والنية الرجوع إلى المؤدَّى عنه عند استطاعته ـ ، ثم بعد مدة قلت يا فلان وسع الله عليك أعطني ما أديت عنك ، يقول : لا أنا ما قلت لك ـ أدي عني ـ فهذا ليس له حق ولا يُقبل اعتراضه وعليه الأداء . وأما إن نوى بالسداد عنه المدين الهبة ، فإنه لا يحق له الرجوع . ... أما إذا نوى التبرع ، أو لم ينو شيئًا لم يرجع ، لأنه ـ أي : المدين ـ لم يوكله ، ولم يأذن له ، وأجره على الله . منظومة ... / تحقيق : د . مصطفى كرامة مخدوم * فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " العائدُ في هِبتِهِ كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه " . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 5 / 51 ـ كتاب : الهبة / 14 ـ باب : هبة الرجل لامرأته والمراة لزوجها / حديث رقم : 3589 / ص : 256 . * أما الديون التي تحتاج إلى نية لتبرأ نية المدين منها ، كالزكاة والكفارة والنذر وغيرها فمن أداها عن غيره دون إذن وتوكيل ، لم يرجع إلى من أداها عنه ، لأن الأداء لا يفيد ولا يبرئ ذمة من أدى عنه ، لأنه يحتاج إلى نية المدين ، وهو القصد المقترِن فَدَفْع الزكاة يحتاج إلى نية من المزكي ، لذا إذا أداها عنه غيره فإنها لا تصح . القواعد والأصول الجامعة و ... / ص : 148 . ورسالة القواعد الفقهية ... / ص : 47 . ومما استدل به على أن من أدى عن غيره ، واجبًا ـ دون إذنه ـ ، يرجع إليه ببدله : وهذا هو الصحيح ، ولهذا قال الشيخ : إِنْ نَوَى يُطالِبَا: يعني إذا نوى المطالبة ولم ينوِ الهبة . ألف يطالبا ليست للمثنى ولكنها لضبط وزن البيت ================ 45 ـ والوَازِعُ الطَّبْعِي عَنِ العِصْيَانِ** كَالوَازِعِ الشَّرْعِي بِلاَ نُكْرَانِ قوله : الوَازِعُ : اسم فاعل من : وَزَعَ يَزَعُ وزوعًا ، وهو بمعنى الردع . والوازع عن الشيء هو الموجب لتركه . وقيل : الوازع هو المانع وزنًا ومعنىً . نقول وزعتُه عن الأمرِ ، أي : منعتُهُ وكفَفْتُه عنه ، ومنه قوله تعالى"وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ". سورة النمل / آية : 17 . يُوزَعُونَ : أي : يُمْنَعون ويُحْبَسُ أوَّلُهم على آخرهم . وقيل : يساقون ويُرَد أولهم إلى آخرهم ليسيروا في نظام . أيسر التفاسير ... / ص : 905 . ويُقال في الأمثال : لابد للسلطان من وَزَعةٍ ؛ أي رجال يمنعون شر الناس عنه . قوله الطَّبْعِي : المنسوب إلى الطبع ، وهو الجِبلّةُ التي خُلِقَ الإنسانُ عليها ، ويقال لها : الطبيعة ، والغريزة والفطرة . وقوله:عَنِ العِصْيَانِ : العصيان الخروج عن الطاعة ، وأصله أن يتمنع بعصاه ، كما قال الراغب . قوله :بِلاَ نُكْرَانِ : يعني بلا فارق . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم . منظومة القواعد ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي . ـ والمقصود من كلام الناظم : أن الوازع ، والرادع الطبعي عن العصيان ، أي الذي في طبيعة البشر وفطرهم ، كالوازع ، والرادع الشرعي عن العصيان بلا فارق ، والوازع عن المعاصي والمحرمات نوعان : الأول : وازع طبعي ، وهو ما جعلـه الناس في طبائع الناس من روادع تردعهم عن بعض المحرمات والمناهي ، كأكـل ذوات السموم والنجاسات ، ... . - فالطبع يردع عن فعل ذلك ، كيف ذلك ؟ لأنه لم تجر العادة باشتهائه ، فهل من طبع النفس أنها تشتهي أكل النجاسات ... ، أم من طبعها النفرة منه ؟ النفوس تنفر منه في العادة . أما لو وُجد شخص من طبعه أكل النجاسات أو شربها ، هذا شاذ لا يُقاس عليه ، هذا إما لسفاهة في عقله أو لخلل أو لسبب من الأسباب . لذا لم يُرَتَّب على اقتراف المناهي والمحرمات التي فيها وازع طبعي لم يرتَّب عليها حدود وعقوبات دنيوية من كفارات ونحوها . وإنما فيه التعزير كسائر المعاصي التي لم يرتب عليها عقوبة ـ دنيوية ـ شرح منظومة القواعد ... / د . مصطفى كرامة مخدوم شرح منظومة القواعد ... / خالد بن إبراهيم الصقعبي . ـ الثاني : وازع شرعي ، وهي مطلق العقوبات الشرعية ، كالكفارات والحدود ، وغالبًا أن الوازع الشرعي يُستعمَل فيما تتوق إليه الأنفس من المناهي والمحرمات ، لما يصاحبها من شهوة ولذة .مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 121 .منظومة القواعد ... / شرح : عبيد عبد الله الجابري . يُستفاد من هذه القاعدة في شيئين : الشيء الأول : الترجيح بين الأقوال إذا وقع الخلاف في فعل ، هل ترتب عليه العقوبة أو لا تُرتب ؟ . ننظر هل في جبلة الإنسان ما يردعه عن هذا الفعل أو لا ، فإن كان في جبلة الإنسان ما يردعه عن ذلك الفعل ، فإننا نقول : لعل الأرجح إذا لم نجد مرجحًا آخر ، عدم إيقاع العقوبة عليه ، إذا كان في وازع الإنسان الجِبِلّي ما يردعه عن ذلك الفعل . الشيء الثاني : تفيدنا في مسائل القياس ، إذا جاءنا فعل من الأفعال فيه وازع جِبِلِّي ، وليس فيه وازع شرعي ، فإننا لا نثبت العقوبة قياسًا على بقية مسائل الشرع ، وما فعل فيه المكلَّف فعلاً لا يوجد وازع جِبلي عنه ، فإننا نوقع فيه العقوبة التقديرية ؛ إلحاقًا لهذه المسألة ببقية مسائل الشرع . مثال ذلك : مثلاً لو جاءنا إنسان وجنى جناية في الشبكة الآلية : بأن يكون تكلم بالغيبة في غيره ، أو تسبب في تعطيل أجهزة غيره ، فمثل هذا الفعل أذية ، ولا يوجد في الشرع نص على عقوبة فاعل هذا الفعل . وهل هناك في الجبلة ما يمنع هذا الفعل ؟ نقول : ليس هناك وازع جبلي يمنع منه ويردعه عنه ، فتلحق العقوبة التعذيرية بفاعل هذا الفعل مما يردعه وأمثاله عن مثل هذا الفعل ، ويختلف باختلاف الأحوال ، يتنوع الفعل وتتنوع الأذية الحاصلة منه ، فلكل تعذير يناسبه . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / ص : 146 . |
#5
|
||||
|
||||
![]() 46 ـ وَالحَمّدُ للهِ عَلَى التَّمامِ** فِي البِدْءِ وَالخِتَامِ والدَّوامِ 47 ـ ثُمَّ الصَّلاةُ مَعْ سَلاَمٍ شَائِعِ** عَلَى النَّبيِّ وَصَحْبِهِ وَالَّتابِعِ الحَمّدُ للهِ : الثناء على الله . عَلَى التَّمامِ: على التوفيق لإتمام هذا النظم . فِي البِدْءِ : أي في بدء النظم حيث حمد الله في بداية النظم بقوله : " الحمدُ للهِ العليّ الأَرفقِ ... " . وَالخِتَامِ : أي وفي ختام النظم ، حيث حمد الله في ختامه بهذا البيت " وَالحَمّدُ للهِ عَلَى التَّمامِ** فِي البِدْءِ وَالخِتَامِ والدَّوامِ " . والدَّوامِ : أي الحمد لله على سبيل الدوام أي الاستمرار . ثُمَّ الصَّلاةُ مَعْ سَلاَمٍ شَائِعِ : أي هذا الحمد مصحوبًا بالصلاة والسلام على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . الصلاة أتت بمعنى الدعاء في القرآن والسنة : قال تعالى " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " . سورة التوبة / آية : 103 . ( 1 ) وَصَلِّ عَلَيْهِمْ : أي ادعُ لهم . تفسير السعدي للآية / ص : 366 . * وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليُجب ، فـإن كان صائمًا فليُصل " ، يعني الدعاء . سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / 6 ـ كتاب : الصوم ... / 64 ـ باب :ما جاء في إجابة الصائم الدعوة / حديث رقم : 780 / ص : 192 / صحيح . شَائِعِ : أي ذائع الصيت مذكور في كل زمان ومكان . وَصَحْبِهِ وَالَّتابِعِ : ثم ثنى بذلك على الصحب ، والتابعين لسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل زمان ومكان منذ بعثته ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى قيام الساعة ، نسأل الله تعالى أن نكون منهم . والمعنى : أن الناظم يحمد الله الذي وفقه لإتمام هذا النظم ، وهو يحمده في البدء ، وفي الختام ، بل على الدوام ، فهو يحمد الله على كل حال ، وهذا هو شأن الشاكر لله تعالى المثني عليه ، فهو دائم التعلق بالله عز وجل ، لأن استدامة الحمد من أسباب الزيادة لفضل الله وكرمه . والحمد لله في باب النعم مطوب في كل نعمة ، فكيف والله تعالى مَنَّ على عبده هذا بطلب العلم فهي أعظم النعم ، لما يترتب على طلب العلم من مصالح دنيوية وأخروية ، والحمد يعظم حينما تكون النعمة نعمة العلم لأنها من أعظم النعم وأشرفها وما نال الإنسان نعمة بعد الإيمان بأفضل منها . ثم ختم الناظم ـ رحمه الله ـ هذه المنظومة بالصلاة والسلام الشائع الذائع في كل مكان وزمان على النبي صلى الله عليه وعلى صحبه والتابعين لسنته في كل زمان ومكان منذ بعثته إلى قيام الساعة . منظومة القواعد ... / شرح : خالد الصقعبي . منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف . |
#6
|
||||
|
||||
![]() خاتمة ونحمد الله ثانيًا على الانتهاء من تجميع شروح هذه المنظومة من بطون كتب أفاضل العلماء ، ونسأل المولى عز وجل أن ينفع بها وأن يكتب لها القبول في الدنيا والآخرة لكل من أعان على إخراجها ، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وألا يجعل للخلق منها شيئًا . رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه الأبرار وسلم تسليمًا كثيرًا . هذه شروح اخترتها من كُتْبِ أهل العلم اقتبستها جزاهم المولى عظيم الأجر والعفو مع غفرانه والبر * * * * * تذييل أنواع دلالات اللفظ الاقتضاء والإشارة والمفهوم هناك دلالة للفظ من حيث وضْعُه ، أي ما وضعته العرب ليدل على معنى معين ، سواء أكان في دلالته مجملاً أو مبيّنًا ، خاصًّا أو عامًّا ، مطلقًا أو مقيّدًا ، أمرًا أو نهيًا ، إلى غير ذلك . فالدلالة فيه هي دلالة اللفظ على ما في - داخله - أو كما يسميه بعض الأصوليين - دلالة العبارة - أو - دلالة المنطوق - . ـ وبحثُنا في هذا المقام منصبٌّ على دلالة اللفظ على أمر خارج عنه . وهذا القسم ثلاثة أنواع . ونعقد لكل منها مبحثًا . المبحث الأول :دلالة الاقتضاء: دلالة الاقتضاء أن يكون الكلام المذكور لا يصحُّ ضرورةً إلا بتقدير محذوف ، فذلك المحذوف هو :المقتضى . ومثاله : قول الله تعالى " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ" .سورة المائدة / آية : 3 . فمن المعلوم أن التحريم لا يتعلق بالأعيان ، وإنما يتعلق بالأفعال ذات الصلة بالأعيان . فالتقدير : حُرّمَ عليكم أكل الميتة " فـ الأكل الذي لم يذكر ، دلّ عليه اللفظ المذكور بدلالة الاقتضاء . وهكذا كل تحريمٍ منصبٍّ في اللفظ على ذات ، والمقتضى يقدَّر في كل مقامٍ بحسبه . ومن أمثلة الاقتضاء : قوله تعالى " وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " .سورة البقرة / آية : 185 . أي : مَن كان مريضًا أو على سفرٍ فأفطرَ ، فعليه صيام عدة ما أفطره من أيَّامٍ أُخَر ، لأنه إن صامَ في سفره أو مرضه فلا قضاء عليه . وقد ورَد أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كان يصوم في رمضان في السفر أحيانًا . ومثله حديث " لا صيام لمن لم يؤرِّضْهُ * من الليل " سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 7ـ كتاب : الصيام / 26 ـ باب : ما جاء في فرض الصوم من الليل ... / حديث رقم : 1700 / ص : 297 / صحيح . * يؤرِّضه : من أرَّضَهُ ، إذا قدره وحزمه ؛ ـ لم يؤرضه ـ أي لم يَنْوِه بالليل . كذا في الأصل : " يؤرضه " ، وفي جميع الطبعات" يفرضه " .حاشية سنن ابن ماجه / ص : 297 . فلو صامَ دون أن ينوي ، فصورة الصيام موجودة لا يصح نفيها ، فالنفي إذن منصبٌّ على جهة معينةٍ هي : الصحة الشرعية، أي : لا صيام " صحيح " لمن لم يبيته بالليل ، فالصحة ، وإن لم تذكر في اللفظ ، مدلول عليها بدلالة الاقتضاء .الواضح في أصول الفقه ... / ص : 229 . ============== المبحث الثاني دلالة الإشارة: قد يُفْهَم من الكلام أمر خارج لم يقصده المتكلم ، ولا سيق الكلام لأجله ، ولكن يتبعُ مقصود الكلام . فتسمى تلك الدلالة : إشارة، أي يقال : إن في الكلام إشارة إلى هذا المعنى التابع . ومثاله :قوله تعالى في المعتدة الرجعية "وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ " . سورة البقرة / آية : 228 . أي حُرِّم على المطلقات كتمان ما خلق في أرحامهن من حيض أو حمل الذي يتبين به انقضاء العدة . ويستدل من الآية على أن " المرأة مصدقة إذا أخبرت أن الحيض وُجد أو لم يوجد ، ويعمل بقولها في ذلك إذا أمكن " ، فهذا المدلول لم تصرح به الآية ، ولا سيق الكلام لأجل بيانه ، إذ الكلام إنما سيق لتحريم الكتمان لا غير ، وهذا أمر آخر ومثال الإشارة أيضًا : الاستدلال على أن أقل مدة للحمل ستة أشهر من آية : "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ".سورة البقرة / آية : 233 . وآية " وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا " . سورة الأحقاف / آية : 15 . فإن أيًّا مِن هاتين الآيتين لم يُسَقْ لبيان أقل مدة للحمل ، بل الأُولى مسوقةٌ لبيان أطول مُدة للرضاعة ، والثانية لبيان مدة مجموع الحمل والرضاعة ، أما أقل مدة للحمل ؛ فَتُفْهَم من مجموعهما 1 ، وإنْ كان الكلام فيهما غير مسوق لأجل بيانها . 1 فالآية الأولى لبيان أطول مدة للرضاعة 24 شهرًا - حولين كاملين- . والآية الثانية لبيان مدة الحمل والرضاعة معًا " ثلاثون شهرًا " . 30 ـ 24 = 6 وهي أقل مدة حمل . ومثال ثالث : قول الله تبارك وتعالى في شأن قاتل العمد : "فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ "سورة البقرة / آية : 178 . يدل بمنطوقه على أن القاتل إن عفا الوليّ عن قتله قصاصًا ، فوجبت الدية في ماله ، أنه يجب على الولي أن تكون مطالبته للقاتل بالمعروف ، وعلى القاتل الأداء بإحسان . وتدل الآية بإشارتها على أن القاتل لا يكون كافرًا بالقتل ، ولا يخرج من الإيمان ، لأن تسمية الوليّ : أخًا له تستلزم بقاءه على الإيمان ، إذ الكافر لا يكون أخًا للمسلم . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 229 / بتصرف . المبحث الثالث دلالة المفهوم المفهوم أن يدل اللفظ المنطوق به على حكم أمر مسكوت عنه . سُمِّيَ بذلك لأنه يُفهم من المنطوق دون أن يصرح به المتكلم . والمفهوم نوعان : مفهوم الموافقة ، ومفهوم المخالفة . ـ مفهوم الموافقة : هو أن يكون الحكم المفهوم مثل الحكم المنطوق ، فإن كان الحكم المنطوق الوجوب ، فالحكم المفهوم الوجوب ، وإن كان الحكم المنطوق التحريم ، فالحكم المفهوم التحريم ، وهكذا . ومفهوم الموافقة نوعان : · أولهما : مفهومٌ موافِقٌ أَوْلى ، أي أَولى بالحكم من المنطوق ، وهو أن يُفهم من اللفظ حكم شيء آخر لم يذكر في اللفظ ، هو أولى مِن المذكور بالحكم . ومثاله قوله تعالى "فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ " . سورة الإسراء / آية : 23 . فالمنطوق هو : النهي عن التأفف من الوالدين . ولكن يفهم من لفظ الآية حكم شيء آخر غير مذكور ، هو تحريم ضربهما وشتمهما ، فالنهي عن الضرب والشتم لم يذكر في الآية ، ولكن ملاحظة سياق الكلام ، وأن الغرض منه كان المنع من الإيذاء ، يستفاد منه أن الضرب والشتم من الأذى أشد تحريمًا من قول أُفٍّ . وقد يسمى هذا النوع أيضًا قياس الأولى ، أو التنبيه بالأدنى على الأعلى ، أو فَحْوَى الخطاب . · وثانيهما : المفهوم الموافِقُ المساوي ، أي : هو مساوٍ في الحكم للمنطوق ، ليس أولى منه بالحكم ولا أدنى منه . وقد يسمى هذا النوع : لحن الخطاب ، أو القياس في معنى الأصل ، أو القياس بِنَفْي الفارق . ومثاله: أن الله تعالى ذكر في القرآن حدَّ الأَمَةِ إذا زَنت ، وذلك في قوله تعالى "فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ " .سورة النساء / آية : 25 . فيقال : العبدُ مثلها ، إذ لا فرق بينهما إلا الذكورة والأنوثة ، ولا تؤثر الذكورة والأنوثة في مثل هذا الحكم شيئًا . وسمي هذان النوعان : مفهوم موافقة ، لاتفاق الحكم بين منطوق اللفظ ومفهومه ، فكلاهما حكمه التحريم ، أو كلاهما حكمه الوجوب ، وهكذا ، بخلاف مفهـوم المخالفة الآتي ، فإنه إذا كان حكم المنطوق الوجوب ، فحكم المسكوت عنه عدم الوجوب . ـ مفهوم المخالفة : وقد يسمى : دليل الخطاب ، وهو أنّ يَخُصّ المتكلم بالذكر وصفًا من أوصاف المحكوم فيه ، أو حالاً من أحواله ، فيستدل به على انتفاء الحكم عما عداه ، ومثاله قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كان أربعين ، ... " سنن النسائي / تحقيق الشيخ الألباني / 23 ـ كتاب : الزكاة /5 ـ باب : زكاة الإبل / حديث رقم : 2447 / ص : 380 / صحيح . فوجوب الزكاة في السائمة (1) هو : منطوق اللفظ ، ونفي وجوب الزكاة في غير السائمة هو : مفهوم اللفظ ، - بدليل الخطاب ، أو بمفهوم المخالفة - . ( 1 ) السائمة هي التي غذاؤها من الرعي في الأرض المباحة . وضدها المعلوفة ، وهي التي غذاؤها ما يقدم لها من العلف . قال الشيخ صالح المنجد : ـ ... واشترط جمهور الفقهاء لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون سائمة ، وهي التي ترعى الكلأ المباح أكثر السنة ، وأما التي تُعلف فلا تجب فيها الزكاة إلا أن تكون للتجارة ، ودليل اشتراط السوم قوله صلى الله عليه وسلم " وفي صدقة الغنم في سائمتها ... " . انظر المغنى " 2 / 230 ـ 243 . ـ وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " 9 / 202 : وأجمع العلماء على وجوب الزكاة في سائمة الإبل والبقر والغنم ، إذا بلغت نصابًا وأوله في الإبل خمس ، وأوله في البقر ثلاثون ، وأوله في الغنم أربعون " . ا . هـ . ومفهوم المخالفة أنواع ، منه : 1 ـ مفهوم الصفة : ومثاله : حديث الزكاة المتقدم في الإبل السائمة ، فالتقييد بالسوم يدل على أن الإبل المعلوفة لا زكاة فيها . ومثاله أيضًا: حديث " مَن باع نخلاً قد أُبِّرَتْ فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع " . رواه البخاري . متون / ( 34 ) ـ كتاب : البيوع / 90 ـ باب : من باع نخلاً قد أبرت أو .../ حديث رقم : 2204 / ص : 246 يدل التقييد بما بعد التأبير أنه إن باعها قبل التأبير فالثمرة للمشتري . 2 ـ مفهوم الشرط : ومثاله : قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ".سورة الحجرات / آية : 6 . يفهم منه :أن العدل إن جاء بنبإ ، يعمل بخبره دون حاجة إلى تبيُّن . 3 ـ مفهوم الغاية : نحو " وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ".سورة البقرة / آية : 222 . مفهومه أنهن بعد الطهر حلال . ونحو "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ" المائدة 6. إلى المرافق ، مفهومه أن ما فوق المرافق لا يغسل في الوضوء . 4 ـ مفهوم العدد : نحو قول عائشة ـ رضي الله عنها " كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يُحَرِّمْنَ ، ثم نُسِخنَ بخمس معلومات ... ."صحيح مسلم / 17 ـ كتاب : الرضاع / 6 ـ باب : التحريم بخمس رضعات / حديث رقم : 24 ـ 1452 / ص : 361 . يدل على أن ما كان أقل من ذلك لا يحرِّم . 5 ـ مفهوم الحصر بغير إلا : ومثاله حديث " إنما الربا في النسيئة " صحيح مسلم / 22 ـ كتاب : المساقاة / 18 ـ باب : بيع الطعام مثلاً بمثل / حديث رقم : 102 ـ 1596 / ص : 408 . ومثله آية " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " . سورة الفاتحة / آية : 5 . يدل بمفهومه على أننا لا نعبد غيرَ الله ولا نستعين بغيرِ الله 6 ـ مفهوم الحصر بالنفي والإثبات : نحو : لا إله إلا الله: مفهومه حصر وإثبات الألوهية لله . وهذا النوع هو أقوى أنواع المفهوم . بل إن البعض يعتبره منطوقًا في كلِّ من النفي والإثبات . ولذلك لا يخالِفُ فيه من ينكر حجية المفهوم . ويقول : إن جملة الحصر بالنفي والاستثناء تتضمن حكمين منطوقين ، أحدهما نفي ، وهو ـ في مثالنا ـ أن غير الله ليس إلهًا . والثاني إثبات ، وهو ـ فـي مثالنا ـ أنّ الله إله ، وكلاهما نطق به الموحِّد . 7 ـ مفهوم اللقب : مفهوم اللقب المقصود عند الأصوليين باللقب هنا الاسم ، وخلافه الوصف . والاسم قد يكون اسم ذات ، نحو قولك " جاء سعيد " فلا دلالة فيه على مجيء غيره بنفي ولا لإثبات . وكذلك اسم المعنى نحو قولك " أحب طلب العلم " ليس فيه دلالة على محبتك أو عدم محبتك لطلب المال أو المجد أو غير ذلك . مفهوم اللقب ليس حجة على الصحيح ، كما لو قلت : أكرم بني تميم ، فليس فيه دلالة على النهي عن إكرام من سواهم . ـ شروط حجية مفهوم المخالفة : يشترط لحجية مفهوم المخالفة أن لا يكون لذكر القيد فائدة غير الإخراج . فإن كان له فائدة لم يكن له دلالة على نفي الحكم عما عدا المذكور . فمثال ما له فائدة أخرى قوله تعالى : " وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ".سورة المؤمنون / آية : 117 . فإن قوله"لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ " وصف كاشف عن أن كل ما اتُّخِذَ إلهًا من دون الله فلا برهانَ عليه ، ومن هنا لا يفهم من الآية جواز اتخاذ إله آخر ذي برهان . ومثاله أيضًا قوله تعالى "وَلاَ تُبَاشِرُهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ " .سورة البقرة / آية : 187 . التقييد بالمساجد لا يعني جواز المباشرة أثناء العكوف في غيرها ، بل هو كاشف أن الاعتكاف إنما يكون في المسجد لا غير .الواضح في أصول الفقه ... / 234 / بتصرف . o تنبيه : ـــ لمزيد توسع راجع مباحث الدلالة : 1 ـ تفسير النصوص . للدكتور / محمد أديب صالح . 2 ـ المدخل إلى علم أصول الفقه . للدكتور / محمد معروف الدواليبي . 3 ـ بيان النصوص التشريعية . للشيخ / بدران أبو العينين الواضح في أصول الفقه ... / ص : 235 . |
#7
|
||||
|
||||
![]() أسئلة للمناقشة وقوله تعالى "وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " .سورة البقرة / آية : 185 . اذكر ما تدل عليه هاتان الآيتان بالاقتضاء . 2 ـ في الحديث النهي عن التضحية بالعوراء . وذلك يدل على النهي عن التضحية بالعمياء ، فاذكر نوع هذه الدلالة 3 ـ قال الله تعالى " وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ." .سورة النور / آية : 33 . اشرح معنى الآية ، واذكر مفهوم الشرط ، وبيّن هل يؤخذ به أم لا ، مع بيان السبب . 4 ـ اذكر ما يستفاد من عبارة النص ، ومايستفاد من إشارته أو مفهومه في قوله تعالى" فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ " . سورة البقرة / آية : 187 . وفي قوله " وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ "سورة البقرة / آية : 233 . 5 ـ إذا تزوجت المطلقة ثلاثًا زوجًا آخر هَدَمَ الزواجُ الطلقاتِ الثلاث ، بحيث لو طلقها الثاني أو مات عنها ، وتزوجها الأول ، كان له عليها ثلاث طلقات ، بالإجماع . فهل يهدم الزواجُ الطلقتين والطلقة الواحدة أيضًا ، أم تعود على ما بقي من طلاقها ؟ راجع أقوال الفقهاء في ذلك وبيِّن القاعدة الأصولية التي ينبني عليها القول في هذه المسألة . 6ـ اذكر نوع دلالة نص الحديث الآتي على الحكم المذكور معه : " صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإنّ غمِيَ عليكم الشهر فعُدُّوا ثلاثين " أخرجه مسلم - 13 ـ كتاب : الصيام / 2 ـ باب : وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ... / حديث رقم : 19 ـ 1081 / ص : 259 . . الحكم : أ ـ وجوب الصوم عند رؤية هلال رمضان . ب ـ دخول سائر الأشهر غير رمضان بالرؤية ، وإكمال عدتها عند الخفاء . 7 ـ تُرَدّ شهادة المؤمن الفاسق ، لفسقه ، كما في الآية "وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ ". سورة الطلاق / آية : 2 . وهل ترد شهادة الكافر ؟ بيِّن وجه دلالة هذه الآية على هذين الحكمين ، وما هو الاسم الاصطلاحي لهذا النوع من الدلالة ؟ 8 ـ قوله تعالى "وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ". سورة النساء / آية : 101 . كيف تدل الآية على حكم القصر في حال الأمن . اذكر نوع تلك الدلالة ، ثم بيِّن حسب معلوماتك هل بقي حكم القصر في حال الأمن على ما يُفهم من الآية نفسها أم يخضع لدليل آخر ؟ وما هو ؟ الواضح في أصول الفقه ... / ص : 237 .
__________________
|
![]() |
|
|