|
#1
|
||||
|
||||
![]() التيمن : * عن عائشة ـ رضي الله عنه ـ قالت :كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ ما اسْتَطَاعَ في طُهُورِهِ وتَنَعُّلِهِ وتَرَجُّلِهِ - وكانَ قالَ: بوَاسِطٍ قَبْلَ هذا - في شَأْنِهِ كُلِّهِ."صحيح البخاري وتأكيد " الشأن " بقوله " كله " يدل على التعميم . فتح الباري بشرح صحيح البخاري/ ج : 1 / ص : 324 . فيسن البداءة باليمين في كل شأن . كان الصَّحابةُ الكرامُ رِضوانُ اللهِ عليهم يَرقُبون أفعالَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسُنَّتَه؛ ليَتعلَّموا منه ويَعمَلوا بها ويُبلِّغوها مَن بعدَهم.وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُعجِبُه التَّيَمُّنُ، وهو لَفظٌ مُشتركٌ بيْن الابتداءِ باليَمينِ، وأخْذِ الشَّيءِ وإعطائِه باليَمينِ، والتَّبرُّكِ، وقصْدِ اليَمينِ؛ فكان يَسُرُّه ويَطِيبُ له أنْ يَبدَأَ باليَمينِ في جَميعِ الأعمالِ الشَّرِيفةِ، قيل: لأنَّه كان يُحِبُّ الفألَ الحَسَنَ؛ إذ أصحابُ اليمينِ أهلُ الجَنَّةِ، وزاد البُخاريُّ في رِوايةٍ"ما استطاعَ" فنَبَّهَ على المُحافَظةِ على ذلك ما لم يَمنَعْ مانعٌ، ومِن ذلك أنَّه كان يَبدَأُ بالجِهة اليُمنى في لُبسِ نَعلِه وحِذائِه، فيُلبِسُ رِجلَه اليُمنى قبلَ اليُسرى، "وتَرَجُّلِه"، فيَبدَأُ باليمينِ عندَ تَسريحِ شَعرِ رَأسِه بالمُشطِ، "وطُهورِه" فيَبدَأُ باليمينِ في طَهارةِ الحَدَثِ مِن وُضوءٍ أو غُسلٍ، فيُقدِّمُ اليَدَ اليُمنى على اليُسرى في الوُضوءِ، والمَيَامِنَ على المَيَاسِرَ في الغُسلِ، وغَيرِها مِن الأعمالِ، أمَّا الأعمالُ الخَبيثةُ المُستقذَرةُ فإنَّه يَستعمِلُ لها اليَسارَ، ويَبدَأُ باليَسارِ، كالاستنجاءِ ودُخولِ بَيتِ الخَلاءِ.وقيل: كأنَّه ذكَرَ التَّنعُّلَ لتَعلُّقِه بالرِّجْلِ، والتَّرجُّلَ لتَعلُّقِه بالرَّأسِ، والطُّهورَ لكَونِه مِفتاحَ أبوابِ العِبادةِ، فكأنَّه نبَّهَ على جَميعِ الأعضاءِ وأنَّه كان يَتيمَّنُ بها كلِّها فيما يَشرُفُ مِن أعمالِها. الدرر. ينبغي للعبد إذا تطهر, أن يبدأ باليمين من اليدين والرجلين, قبل اليسار، وأن يجعل يمناه لأكله وشربه, وأخذه وعطائه، فمن سمى الله عند أكله وشربه, وتناول أكله وشربه بالأدب باليمين, وحمد الله إذا فرغ؛ نال رضى رب العالمين، أو ناول أحدًا شيئاً, أو تناول منه؛ فليكن ذلك باليمين. ومن صافح غيره صافحه باليمين، ومن أدار على جماعة طعامًا أو شرابًا أو طيبًا أو غيرها؛ بدأ بالأيمن فالأيمن, ولو كان الأيسر فاضلًا والأيمن مفضولًا، إلاّ إن يؤثِر صاحبُ الحقِّ غيرَهُ بالتقديم. *عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ باليَمِينِ، وإذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بالشِّمَالِ، لِيَكُنِ اليُمْنَى أَوَّلَهُما تُنْعَلُ، وَآخِرَهُما تُنْزَعُ." صحيح البخاري.*قِيلَ له- أي لسلمان الفارسي- قدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كُلَّ شيءٍ حتَّى الخِراءَةَ قالَ: فقالَ: أجَلْ لقَدْ نَهانا أنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ لِغائِطٍ، أوْ بَوْلٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ باليَمِينِ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ بأَقَلَّ مِن ثَلاثَةِ أحْجارٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ برَجِيعٍ، أوْ بعَظْمٍ." صحيح مسلم. في هذا الحديثِ: بيانُ ما كان عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من إرشادِ أُمَّتِه وتَعليمِها كلَّ ما يَنفعُها حتَّى في أدقِّ الأمورِ. وفيه: بَيانٌ لآدابِ قَضاءِ الحاجةِ الَّتي يَنبغي لكلِّ مُسلمٍ أنْ يَحرِص عليها.الدرر. آداب الشرب : * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا يَشْرَبَنَّ أحَدٌ مِنكُم قائِمًا، فمَن نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ.صحيح مسلم . * "كانَ أنَسٌ يَتَنَفَّسُ في الإنَاءِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا، وزَعَمَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا."الراوي : أنس بن مالك -المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم. 5631 . يَتَنَفَّسُ في الإنَاءِ :أي يتنفس خارج الإناء. كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسَنَ النَّاسِ تَعليمًا وتَربيةً، وقدْ علَّمَ أُمَّتَه آدابَ الطَّعامِ والشَّرابِ، والتزم الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم هَدْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كلِّ ذلك، ونقلوه إلينا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ ثُمَامةُ بنُ عبدِ الله بنِ أنَسِ بنِ مالِكٍ: أنَّ جَدَّه أنسَ بنَ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه كانَ يَتَنفَّسُ في الإِناءِ مرَّتينِ أو ثَلاثًا، وأنَسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه كانَ خادِمَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومِنْ أكثَرِ النَّاسِ اطِّلاعًا على هدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الطَّعامِ والشَّرابِ وغيرِ ذلكَ، وقَدْ كانَ أنسٌ يَشرَبُ حاجَتَهُ مِن الماءِ على مرَّتينِ أو ثَلاثِ مرَّاتٍ، يَقطَعُ شَرابَهُ كلَّ مرَّةٍ ويتنفَّسُ. و(أو) هنا للتنويعِ، فيكونُ المعنى: أحيانًا يَشرَبُ على مرَّتين، وأحيانًا يشرَبُ على ثلاثٍ. وربما تكونُ (أو) للشَّكِّ مِنَ الرَّاوي. وقولُه"يتَنفَّسُ في الإِناءِ"، والمعنى أنَّهُ كانَ يُخرجُ نفَسَه أثْناءَ الشُّربِ بَعيدًا عنِ الإِناءِ وهوَ مُمسِكٌ بهِ في يَدِهِ. وأخبر أنسٌ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ هذا كانَ هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في طَريقةِ الشُّربِ، يَشربُ حاجَتَهُ من الماءِ على ثلاثِ مرَّاتٍ، يقطعُ شرابَهُ كلَّ مرَّةٍ ويتنفَّسُ. وهُوَ أعْظمُ للرِّيِّ والشِّبَعِ مِن الماءِ معَ دَفْعِ ضَررٍ بَرْدِ المَعِدَةِ وضعْفِ الأَعصابِ عندَ شُربِ ماءٍ كَثيرٍ دَفْعةً واحدةً. وهذا مع ما فيهِ من آدابِ الشُّربِ؛ لِئَلَّا يَستقذرَ أحدٌ الإناءَ، فَيَمتنِعَ عَنِ الشُّربِ مِن هذا الإناءِ، وحتَّى لا يَتغيَّرَ الإناءُ بِكثرةِ التَّنفُّسِ فيه. وفي الحَديثِ: مشروعيَّةُ الشُّربِ على مرَّتينِ أو ثلاثٍ.الدرر. |
#2
|
||||
|
||||
![]() آداب الطعام : *عن عُمَرَ بن أبي سلمة قال " كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ.."صحيح البخاري.وفي هذا الحديثِ جُملةٌ مِن آدابِ الطَّعامِ يُعلِّمُها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعُمرَ بنِ أبي سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنه خُصوصًا، ولِأُمَّتِه عُمومًا. وأمُّه هي أمُّ سَلَمةَ زَوجُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو ربيبُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكانَتْ يَدُ عُمرَ تَطِيشُ في الصَّحْفةِ، يعني: يُحرِّكُها في جَوانبِ إناءِ الطَّعامِ؛ لِيَلتَقِطَه، فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّسميةِ عندَ الطَّعامِ، وأنْ يَأكلَ بيَمينِه، وأنْ يَأكُلَ مِنَ الجانبِ الَّذي يَقْرُبُ منه مِنَ الطَّعامِ. * عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال" البرَكَةُ تنزلُ وَسطَ الطَّعامِ ، فَكُلوا من حافَتيهِ ، ولا تأكُلوا مِن وسطِهِ"صحيح سنن الترمذي.يَقولُ عمرُ بنُ سَلَمَةَ"فما زالتْ تلك طِعْمَتِي بعْدُ" يعني: التَزَمْتُ بما أمَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأنا أفعلُ ذلك في طَعامي منذُ سَمِعْتُ ذلك مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وفي الحَديثِ: رِفقُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وسَعَةُ صَدْرِه في تعليمِ الصِّغارِ وتأديبِهم.الدرر. "إذا أكَلَ أحدُكُم طَعامًا ، فلا يأكُلْ مِن أعلَى الصَّحفةِ ، ولَكِن ليأكل من أسفلِها ؛ فإنَّ البرَكَةَ تنزِلُ من أعلاها"الراوي : عبدالله بن عباس -المحدث : الألباني -المصدر : صحيح أبي داود -الصفحة أو الرقم- 3772 خلاصة حكم المحدث : صحيح . إنَّ مِن أسبابِ البَركةِ في الطَّعام: أن يَلتزِمَ الإنسانُ بآدابِ الطَّعامِ، ومِن تِلكَ الآدابِ ما حثَّ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ بقولِه "إذا أكَل أحدُكم طعامًا، فلا يَأكُلْ مِن أعلَى الصَّحْفَةِ"، أي: لا يَأخُذِ الطَّعامَ مِن وَسَطِها أو مِن أعْلاها إذا كانت مُسَنَّمَةً، أو مجموعةً بَعْضُها فوقَ بعضٍ، والصَّحفةُ: القَصْعَة، والمرادُ بها: كلُّ إناءٍ يُوضَع فيه الطَّعامِ، "ولكنْ لِيَأْكُلْ مِن أسفلِها"، أي: مِن جانبِها الَّذِي أمامَ الآكِلِ؛ "فإنَّ البَرَكَةَ"، أي: الخيرَ والزِّيادةَ "تَنزِلُ مِن أعلاها"، أي: مُنتَصَفها ووَسَطها.الدرر. * عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " إذا أكَلَ أحَدُكُمْ طَعامًا، فلا يَمْسَحْ يَدَهُ حتَّى يَلْعَقَها، أوْ يُلْعِقَها."صحيح مسلم. * عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه إذا وقَعَتْ لُقْمَةُ أحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْها، فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى ولْيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ، ولا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيلِ حتَّى يَلْعَقَ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يَدْرِي في أيِّ طَعامِهِ البَرَكَةُ. وفي حَديثِهِما: ولا يَمْسَحْ يَدَهُ بالمِنْدِيلِ حتَّى يَلْعَقَها، أوْ يُلْعِقَها وما بَعْدَهُ." صحيح مسلم. *عن جابر بن عبد الله" إنَّ الشَّيْطانَ يَحْضُرُ أحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شيءٍ مِن شَأْنِهِ، حتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعامِهِ، فإذا سَقَطَتْ مِن أحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ، فإذا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أصابِعَهُ، فإنَّه لا يَدْرِي في أيِّ طَعامِهِ تَكُونُ البَرَكَةُ.صحيح مسلم. فإنَّه لا يَدري في أيِّ طعامِه، أي: أَجزائِه تكونُ، أي: تحصُلُ وتُوجدُ، "البركةُ" وهي الزِّيادةُ، وثبوتُ الخيرِ والانتفاعُ به، والمرادُ هنا: ما يَحصلُ به التَّغذيةُ وتَسلَمُ عاقبُته مِن أذًى، ويُقوِّي على طاعةِ اللهِ وغير ذلك. * عن كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال" أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يَأْكُلُ بثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا" صحيح مسلم.في الحديثِ: بيانُ هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في تناوُلِ الطَّعامِ. وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَعْقَ الأصابعِ بعدَ الطَّعامِ. وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكْلَ اللُّقمةِ السَّاقطةِ بعْدَ مَسْحِ الأذى الذي يُصيبُها. وفيه: الحثُّ على كَسْرِ النَّفْسِ بِالتَّواضعِ، وأخْذِ اللُّقمةِ السَّاقطةِ، وعدم تَرْكِها كما يفعلُه بعضُ الْمُتْرَفِينَ؛ استكبارًا. فيه: التَّحذيرُ مِنَ الشَّيطانِ، والتَّنبيهُ على مُلازمَتِه الإنسانَ في سائرِ تَصرُّفاتِه. وفيه: ثبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ. "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ إذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، قالَ: وَقالَ: إذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ القَصْعَةَ، قالَ: فإنَّكُمْ لا تَدْرُونَ في أَيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ."صحيح مسلم. * عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما " أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ نَهى أن يُتنفَّسَ في الإناءِ أو يُنفَخَ فيه"صحيح سنن الترمذي. "نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُتَنَفَّسَ في الإناءِ، أو يُنْفَخَ فيه، أي: في داخِلِ الإناءِ لا خارجِه؛ لِيُبَرِّدَه أو لِعِلَّةٍ ما في الشَّرابِ؛ وذلك حتَّى لا يخرُجَ من فمِه ما يُصيبُ الماءَ ولا سيَّما إذا كان الشَّرابُ مُشترَكًا؛ فَيَقْذَرُ منه الآخَرونَ. وقيل: لأنَّ ذلِك غيرُ مَحمودٍ عند أهل الطِّبِّ وربَّما آذَى الكَبدَ. وقيل غير ذلك.الدرر.
|
#3
|
||||
|
||||
![]() حلق العانة ونتف الإبط : * عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلمخَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ. "صحيح البخاري. المقصودُ بالفطرةِ هنا: سُنَنُ الأنبياءِ، أو الدِّينُ. الاستِحدادُ، وهو استِعمالُ المُوسَى في حَلْقِ العَانَةِ، أي: الشَّعرِ النَّابِتِ حَوْلَ الفَرْجِ. فلنتمسك بالسنة تأسيًا بالسلف الصالح ،مع اعتقاد أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. فكل هدي هو خير دنيا وأخرى. ـ فقد ضرب السلفُ الصالح المثل الأعظم في الاستعداد للآخرة بالعمل الصالح بكل أنواعه ـ استغلالًا لأعمارهم وأوقاتهم ـ سواءٌ كان ذلك من أعمال القلوب أو الألْسِنَة أو الجوارح . وسواء كان الحكم الوجوب أو الاستحباب . فلم يتركوا بابًا من أبواب الخير إلا وكانوا يتسابقون إليه ، ولم يتركوا بابًا من أبواب الشر ، إلا كانوا يَحْذَرون منه ومن الدخول فيه . وذلك لامتثالهم قول الله تعالى " وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"سورة آل عمران / آية : 133ـ 136 . ـ وكان استعدادهم للقاء الله لا يتوقف عند بعض الكلمات التي تخرج من الأفواه وليس لها رصيد من العبودية في القلوب ، بل كانت جوانحهم وجوارحهم تنقاد لطاعة الله ، ولسان حال كل واحد منهم .قوله تعالى " وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى" . سورة طه / آية : 84 . ـ وكانوا دائمًا يؤثرون ويقدمون أعمال الآخرة على كل مصالحهم الدنيوية ، لأن قلوبهم أيقنت وأذعنت لقول الله تعالى " مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا *وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا" سورة الإسراء / آية : 18 ، 19 . ـ وكانوا مع كل هذا يشعرون بأن أعمالهم ضئيلة لأنهم يعلمون أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لو أنَّ رجلًا يُجَرُّ على وجهِه من يومِ وُلِدَ إلى يومِ يموتُ هرًما في مَرْضاةِ اللهِ تعالى لحقَّرَه يومَ القيامَةِ"صحيح الجامع للشيخ الألباني .فلنبادر إلى الخيرات فرضها ونفلها ، ولنتقي وننتهي عن المعاصي صغيرها وكبيرها اغتنامًا لأوقاتنا التي هي أعمارنا . وطلبًا للجنة برحمته . * فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم" نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ."صحيح البخاري.نعمتانِ عظيمتان جليلتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاس؛ أي: لا يَعرِف قَدْرَهما ولا ينتفع بهما كثيرٌ من النَّاس في حياتهم الدُّنيويَّة والأخرويَّة، وهما: الصِّحةُ؛ أي: صحَّة البدن والنَّفس وقوَّتهما، والفراغُ؛ أي: خُلُوُّ الإنسانِ من مشاغلِ العيش وهمومِ الحياة، وتوفُّرُ الأمن والاطمئنان النَّفْسيِّ، فهما نِعمتان عظيمتان، لا يُقدِّرُهما كثيرٌ من النَّاس حقَّ قدْرهما. * وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم " الجَنَّةُ أقْرَبُ إلى أحَدِكُمْ مِن شِراكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلكَ."صحيح البخاري.في الحديث: الترغيبُ في استغلال النِّعم من صحَّة وفراغ وغيرهما، والاستفادةُ منهما فيما يُرضي اللهَ سبحانه وتعالى. وفيه: أنَّ الإنسانَ لا يتفرَّغ للطَّاعة إلَّا إذا كان مكفيًّا صحيحَ البدن، فقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا، وقد يكون صحيحًا ولا يكون مستغنيًا، فلا يكون متفرِّغًا للعِلم والعمل لشغْله بالكسْب، فمَن حصَل له الأمران: الصِّحَّةُ والفراغُ وكَسِلَ عن الطَّاعات، فهو المغبونُ الخاسرُ في تجارتِه .الدرر. يَحكي عبدُ الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: الجنَّة أقربُ إلى أحدِكم :إذا أطاع ربَّه ،من شِراك نَعلِه :وهو السَّيْرُ الذي يدخُل فيه إصبع الرِّجْل، والنَّار: إذا عصاه مِثلُ ذلك؛ فلا يزهدنَّ في قليل من الخير؛ فلعلَّه يكون سببًا لرحمة الله به، ولا في قليل من الشَّرِّ أن يجتنبه؛ فربَّما يكون فيه سخط الله تعالى. * وعن أبي فِراسٍ ربيعةَ بن كعبٍ الأسلمِيِّ خادِمِ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومن أهل الصفة قال " كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ."صحيح مسلم.في الحديث: دليلٌ واضح على أنَّ الطَّاعات مُوصلةٌ إلى الجنَّة، والمعاصي مُقرِّبة من النَّار. وفيه: أنَّ المؤمن لا يَزهد في قليل من الخير، ولا يَستقلُّ قليلًا من الشرِّ، فيَحسَبه هيِّنًا وهو عند الله عظيم؛ فإنَّ المؤمن لا يعلَم الحسنة التي يرحَمه الله بها، والسيِّئةَ التي يسخط الله عليه بها. وفيه: أنَّ تحصيلَ الجنَّة سهلٌ بتصحيح القَصدِ وفِعل الطَّاعة، والنَّار كذلك بموافقةِ الهوى وفِعل المعصيةِ.الدرر. "فأَعِنِّي على نفسِكَ بكثرةِ السُّجودِ"، أي: أَعنِّي على هذا الأمرِ حتَّى يُحقِّقَه اللهُ لك؛ فالزَمْ كثرةَ السُّجودِ للهِ في الصَّلاةِ، في الفرائضِ والنَّوافلِ، وهذا السُّجودُ سببٌ لدخولِ الجنَّةِ ومرافقتِك لي بها. وفي الحديثِ: الحثُّ على كثرةِ السُّجودِ، والتَّرغيبُ فيه، وذلك بإطالةِ السُّجود وكثرةِ الصَّلاةِ. وفيه: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ على السُّؤالِ عن معالي الأمورِ وما يُدخِلُ الجنَّةَ.الدرر. فالطريق القاصد إلى الجنة دار الإقامة والكرامة بين أربع كلمات : اثنتان سالبتان ، واثنتان موجبتان . فالسالبتان : الشرك والمعاصي . أعاذنا الله منهما . والموجبتان : الإيمان والعمل الصالح ـ فرضه ونفله ـ . والآن أيها السائرون فلنسلك الطريق مسترشدين بـ : لا إله إلا الله محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . ****************
__________________
|
![]() |
|
|