#1
|
||||
|
||||
![]() حكم أخذ أجرة عن الحج مَن نابَ عن شخصٍ آخَر في الحجِّ، هل يجوز أن يأخذ ما تبقَّى من مال، حتَّى إن صرف منه الشيءَ اليسير؟ وبِماذا يرجِع من الأجر مَن حجَّ عن شخصٍ آخَر؟ ورحِمكم اللهُ ونفَع بعلْمِكم. الجواب: الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فالإنابة في الحجِّ جائزة، وقد سبق ذِكْر الحكم مفصَّلا في فتوى:"الوكالة بالحج".. ومَن ينوب في الحجِّ عن الغَير يجوزُ له أن يأخُذ كلَّ ما يَحتاجُه من النَّفقة والتِزامات الحجِّ، سواءٌ كانت النفقة للحجِّ أم السفر وغيرِه، كما أنَّ له أن يُنفق على نفسِه أثناءَ الحجِّ والعودة منه بالمعروف، بغير إسْراف ولا تقْتير، ولو حبَسه عن الحجِّ حابسٌ - مثل أن يمرض، أو يضلَّ الطَّريق - لَم يلزمْه الضَّمان لما أنفق؛ لأنَّ شأنه شأن من أنابه، ولو بقِي معه مال، فإنَّ عليه ردَّه لِمَن أنابَه؛ إلاَّ أن يأذَن له فيه. أمَّا إن دُفِع إليه مبلغ معيَّن، وقيل له: حُجَّ بهذا المال، أو هذا المال لكَ لتحُجَّ به عن فلان، أو قيل له: إنَّ الميِّت أوْصى بِهذا المال للحجِّ به عنه - ففي هذه الحالة: يَجوز للنَّائب أن يأخُذ ما بقِي من المال، حتَّى إن صرف منه الشَّيء اليسير. أمَّا إذا كان مَن سيحجُّ عن الغيْر أجيرًا، فإن الاستئجار للحجِّ موضعُ خلاف بين العلماء، فذهب المالكيَّة والشَّافعيَّة إلى الجواز، وهو رواية عن أحمد، وذهب أبو حنيفةَ في "المبسوط" للسرخسي، و"الفتاوى الهندية"، وإسحاقُ بن راهويه، وهو الأشهر عن أحمدَ إلى: أنَّه لا يَجوز الاستئجار على الحجِّ. قال أبو عمر بن عبدالبر في "الاستذكار": "ومِن حجَّة مالك والشَّافعي على جواز ذلك: إجماعُهم على كتْب المصحف، وبناء المسجِد، وحفْر القبْر، وصحَّة الاستئجار في ذلك، وهو قربة إلى الله - عزَّ وجلَّ - فكذلك عمل الحجِّ عن الغير، والصدقات قربةٌ إلى الله - عزَّ وجلَّ - وقد أباح للعامل عليْها الأجر على عمالته". وقال ابن قدامة في "المغني": "وفي الاستئْجار على الحجِّ، والأذان، وتعليم القُرآن والفقه، ونحوه، ممَّا يتعدَّى نفعُه، ويختص فاعلُه أن يكون من أهل القربة – روايتان: إحداهُما: لا يجوز، وهو مذهب أبي حنيفة وإسحاق. والأخرى: يَجوز، وهو مذهبُ مالكٍ والشَّافعي وابنِ المنذر؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال"أحقُّ ما أخذتُم عليْه أجرًا كتابُ الله"؛ رواه البخاري. وأخذ أصحاب النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الجعْل على الرُّقية بكتاب الله، وأخبروا بذلك النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فصوَّبَهم فيه، ولأنَّه يجوز أخذ النفقة عليه فجاز الاستئجار عليه؛ كبناء المساجد والقناطر. قال أحمد في الذي يأخذ دراهمَ للحجِّ: لا يمشي، ولا يقتِّر في النفقة، ولا يسرف، وقال في رجل أخذ حجَّة عن ميت، ففضلتْ معه فضلة: يردُّها، ولا يناهد أحدًا إلا بقدْر ما لا يكون سرفًا، ولا يدعو إلى طعامِه، ولا يتفضَّل. وقال: وإن قلْنا: يجوز الاستِئْجار على الحجِّ، جاز أن يقع الدَّفع إلى النَّائب من غير استِئْجار، فيكون الحكم فيه على ما مضى. وإن استأجره ليحجَّ عنه أو عن ميت، اعتبر فيه شروط الإجارة، من معرفة الأُجْرة، وعقد الإجارة، وما يأخذه أجرةً له يملكه، ويباح له التصرُّف فيه، والتوسُّع به في النفقة وغيرها، وما فضل فهو له، وإن أحصر أو ضلَّ الطريق أو ضاعت النَّفقة منه، فهو في ضمانه والحج عليه، وإن مات، انفسختِ الإجارة". ويجب على الذي يحج نيابة عن غيره أن يكون حذرًا من إرادته الدنيا بعمله، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمّن حج عن غيره ومقصده التكسب، فقال: إذا حج الإنسان عن غيره من أجل الفلوس فأخشى أن لا يقبل الله منه؛ لقول الله تبارك وتعالى"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ" هود:15-16.نعوذ بالله، وقال تعالى"مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآْخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآْخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ"الشورى:20.، فإذا علمت من نفسك أنك تأخذ الدراهم لتحج عن غيرك من أجل الدراهم فلا تفعل... فيجب عليك أن ترده. ا.هـ.،، والله أعلم. إجابة الشيخ خالدالرفاعي - مراجعة الشيخ سعد الحميد
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
الذي يحج عن غيره هل يأخذ مالاً؟ وهل يدعو لنفسه؟ وهل الأجر كاملاً؟
السؤال في حالة الحج بالإنابة عن شخص ما ، هل ينصرف أجر الذِّكر والدعاء في الطواف والسعي ويوم عرفة للشخص المنيب أم للشخص الذي يقوم بالحج ؟ وهل يجوز للذي يحج عن غيره أن يدعو لنفسه ولأهله خلال الحج في الطواف أو السعي أو يوم عرفة أم لا ؟ وما هي الأعمال التي يمكن أن يقوم بها من يحج عن غيره خلال الحج ويكون ثوابها له ؟ وهل له أجر أم أن أجره المال الذي أخذه مقابل الحج فقط ؟ . الجواب الحمد لله. أولاً : الحج بالإنابة ثابت في السنَّة الصحيحة عن المريض في بدنه العاجز عن الوصول لمكة لأداء المناسك ، وعن الميت الذي لم يحج ، بشرط أن يكون النائب حج عن نفسه أولاً . ولا يجوز الحج عمن لا يستطيع الحج إذا كان عذره مؤقتًا ويرجى زواله ، كامرأة لا يوجد محرم لها يسافر معها ، أو رجل ليس عنده إثبات شخصية ، أو رجل تمنعه دولته من السفر ، فهؤلاء يمكن أن تتغير أحوالهم ، وتتبدل ظروفهم إلى أن يستطيعوا القيام بالنسك بأنفسهم ، بخلاف العاجز في بدنه عجزًا مزمنًا . ثانيًا : لا يجوز لمن يحج عن غيره أن يكون قصده المال ، فليست العبادة عرضة للتجارة ، ولا من مجالات الربح ، والأفضل لمن أراد أن يحج عن غيره أن يتبرع بها كاملة من غير أن يأخذ مالاً ، وهذا له أجر عظيم ، وهو في أعلى المراتب ، كما يجوز أن يطلب من أهل من سيحج عنهم تكاليف السفر وأداء المناسك ، دون أن يستوفي زيادة على قدر تلك التكاليف ، إلا أن يعطوه شيئًا منهم عن طيب نفسٍ منهم ، وله أجر على فعله ذاك ، وهو في أوسط المراتب ، وأما من قصد بالحج عن غيره المال والدنيا : فلا ثواب له على عمله ذلك . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "الحاجَّة عن الميت : إن كان قصدها الحج ، أو نفع الميت : كان لها في ذلك أجرٌ ، وثواب ، وإن كان ليس مقصودها إلا أخذ الأجرة : فما لَها في الآخرة مِن خلاق [أي : نصيب]" انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 26 / 18 ) . وقال رحمه الله : "الحاج عن الغير لأن يوفي دَيْنه : فقد اختلف فيها العلماء أيهما أفضل ، والأصح : أن الأفضل : الترك ؛ فإن كون الإنسان يحج لأجل أن يستفضل شيئًا من النفقة : ليس من أعمال السلف ، حتى قال الإمام أحمد : ما أعلم أحدًا كان يحج عن أحدٍ بشيءٍ ، ولو كان هذا عملاً صالحًا : لكانوا إليه مبادرين ، والارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين ، أعني: إذا كان إنما مقصوده بالعمل اكتساب المال . وهذا المَدين يأخذ من الزكاة ما يوفي به دَيْنه خير له من أن يقصد أن يحج ليأخذ دراهم يوفي بها دَيْنه ، ولا يستحب للرجل أن يأخذ مالاً يحج به عن غيره إلا لأحد رجلين : إما رجل يحب الحج ، ورؤية المشاعر ، وهو عاجز ، فيأخذ ما يقضي به وطره الصالح ، ويؤدي به عن أخيه فريضة الحج أو رجل يحب أن يُبرئ ذمَّة الميت عن الحج ، إما لصلة بينهما ، أو لرحمة عامة بالمؤمنين ، ونحو ذلك ، فيأخذ ما يأخذ ليؤدي به ذلك . وجِماع هذا :أن المستحب أن يأخذ ليحج ، لا أن يحج ليأخذ ، وهذا في جميع الأرزاق المأخوذة على عمل صالح ، فمن ارتزق ليتعلم ، أو ليعلِّم ، أو ليجاهد : فحسن ... . وأمَّا من اشتغل بصورة العمل الصالح لأن يرتزق : فهذا من أعمال الدنيا ، ففرق بين من يكون الدين مقصوده ، والدنيا وسيلة ، ومن تكون الدنيا مقصوده ، والدِّين وسيلة ، والأشبه : أن هذا ليس له في الآخرة مِن خلاق ، كما دلت عليه نصوص" انتهى . " مجموع الفتاوى " ( 26 / 19 ، 20 ) . وسئل الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله : هل الحج عن الآخرين مشروع على الإطلاق أم خاص بالقرابة ؟ ثم هل يجوز أخذ الأجرة على ذلك ؟ ثم إذا أخذ الأجرة على حجة عن غيره فهل له أجر في عمله هذا ؟ . فأجاب : "الحج عن الآخرين ليس خاصًّا بالقرابة ، بل يجوز للقرابة ، وغير القرابة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شبَّهه بالدَّيْن ، فدل ذلك على أنه يجوز للقرابة ، وغير القرابة . وإذا أخذ المال وهو يقصد بذلك المشاهدة للمشاعر العظيمة ، ومشاركة إخوانه الحجاج ، والمشاركة في الخير : فهو على خير إن شاء الله ، وله أجر . أما إذا كان لم يقصد إلا الدنيا : فليس له إلا الدنيا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " متفق على صحته" انتهى . " مجموع فتاوى ابن باز " ( 16 / 423 ) . ثالثًا : إذا حج الإنسان عن غيره فإنَّ أجر المناسك من طواف وسعي والوقوف بعرفة ومزدلفة وغيرها هو لمن جُعل الحج له ، وأما الصلاة والدعاء : فهما لمن قام بالحج إلا ركعتي الطواف فهما تابعتان للحج لأنهما من المناسك ، والأفضل أن يشرك معه في الدعاء من يحج عنه ، ويُرجى أن يكون للمحجوج عنه أجر تلك الصلاة والدعاء ؛ لأنه السبب في طاعة من قام بالحج . قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : "الذي يحج عن غيره : إنما يجعل الحج وما يتعلق به للغير ، أما الدعاء : فهو لنفسه ، ولكن من الأحسن أن يشرك غيرَه ، أي : يشرك الذي حج عنه ، أو اعتمر ، بالدعاء ، فيقول : اللهم اغفر لمن كانت له هذه الحجة ، أو كانت له هذه العمرة ؛ اغفر له ولي ، وارحمنا ، ويدعو بما يشمل نفسه ، ومن أعطاه المال ليحج به ، أما بقية الأفعال كالطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمرات ، والمبيت بمنى ، وطواف الوداع : فكل هذا للذي حج عنه ، وليس له منه شيء" انتهى . " اللقاء الشهري " ( 16 / 15 ) . وسئل الشيخ رحمه الله : شخص حج عن غيره ولكنه ظل يدعو لنفسه في الحج دون غيره ؟ . فأجاب : "لا حرج في هذا ، يعني : لو أن الإنسان حج عن غيره ، ولكنه عند الميقات قال : " لبيك عن فلان " ونوى أن هذا النسك لفلان ، وكان في طوافه وسعيه ووقوفه بعرفة يدعو لنفسه : فحجه صحيح ؛ لأن الدعاء ليس شرطًا في صحة الحج ، ولكننا نرى أن الأولى : أن يدعو لنفسه ولأخيه ؛ لأن أخاه هو الذي تكفل بمؤونة الحج ، فلا يحرمه من الدعاء ، وأما النسك : فقد تم بدون دعاء" انتهى . " لقاءات الباب المفتوح " ( 88 / السؤال رقم 9 ) . رابعًا : اختلف العلماء فيمن حجَّ عن غيره ، هل يأخذ أجر الحج عن غيره وعن نفسه ، ويرجع كيوم ولدته أمه أم أن هذا فقط للمحجوج عنه ؟ ولا شك أن هذا الخلاف هو فيمن حج عن غيره ولم يكن قصده بذلك تحصيل المال ، والذي ذكرناه عن الشيخين ابن باز والعثيمين أن له أجراً ، لكن ليس كأجر الحج عن نفسه – وينظر كلام الشيخ العثيمين أيضاً في جواب السؤال رقم (45766) ، وهو قول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء . فقد سئلوا عن الرجل الذي يحج بأجرة عن ميت ؛ سواء كان رجلا أو امرأة ، أو عن عاجز ، لكبر سنٍّ ، أو مرض لا يرجى برؤه ، هل هذا المؤجر له أجر من الله ؟ . فأجابوا : "مَن حجَّ أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها : فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه ، ويُرجى له أيضًا أجر عظيم ، على حسب إخلاصه ورغبته للخير ، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات : فإنه يُرجى له خيرٌ كثيرٌ إذا أخلص عمله لله" انتهى . الشيخ عبد العزيز باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 77 ، 78 ) . وخالف بعض العلماء في ذلك ، فقالوا بأن له ولمن حج عنه الأجر كاملاً ؛ لعموم حديث " مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " متفق عليه ، وإذا كان " مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ " كما صحَّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : فأولى لمن قام بالفعل حقيقة أن يأخذ الأجر كاملاً . وفضل الله تعالى واسع ، يعطي من يشاء بغير حساب . والله أعلم المصدر: الإسلام سؤال وجواب
__________________
|
![]() |
|
|