|
#1
|
||||
|
||||
![]() مقصـــد بعــض المصطلحــات الحديثيــة * المــراد بالسَّــبْعَة : أحمـد ، والبخـاري ، ومسـلم ، وأبـو داود ، والترمـذي ، والنسـائي ، وابـن ماجـه . * المــراد بالســتة : أي أصحـاب الكتـب السـتة : وهـم : البخـاري ، ومسـلم ، وأبـو داود ، والترمـذي ، والنسـائي ، وابـن ماجـه . * المــراد بالخمســة : أحمـد ، وأبـو داود ، والترمـذي ، والنسـائي ، وابـن ماجـه . * المــراد بالأربعــة : أصحـاب السـنن الأربعـة وهـم : أبـو داود ، والترمـذي ، والنسـائي ، وابـن ماجـه . * المــراد بمتفــق عليــه : البخـاري ومسـلم . قاعـــدة : " لا مُشـاحة فـي الاصطـلاح " . هـذه المقاصـد المذكـورة ، هـي الأصـل ، ولكـن يُرْجَـع لمقدمـة كـل كتـاب ، لمعرفـة مفتـاح الكتـاب ، أي مقاصـد المصطلحـات المسـتخدمة فـي الكتـاب . * * * * * رُتــب كتــب الســـنة أولاً : رُتـب كتـب السـنة مـن حيـث اشـتراط الصحـة : صحيـح البخـاري ، ثـم صحيـح مسـلم . فهمـا أعلـى كتـب السـنة مـن حيـث اشـتراطهما الصحـة . فهمـا أصـح الكتـب بعـد كتـاب الله عـز وجـل ، وقـد تلقـى العلمـاء كتابيهمـا بالقبـول ، واتفقـوا علـى أنهمـا أصـح الكتـب بعـد القـرآن الكريـم . * قـال الإمـام النـووي ـ رحمه الله ـ فـي شـرحه لصحيـح مسـلم 1 / 14 " اتفـق العلمـاء رحمهـم الله علـى أن أصـح الكتـب بعـد القـرآن العزيـز : الصحيحـان البخـاري ومسـلم ، وتلقتهمـا الأمـة بالقبـول " . ا . هـ . إلا أن بعـض العلمـاء انتقـدوا عليهمـا بعـض الأحـرف اليسـيرة كالدارقطنـي ، وأبـي علـي الغسـاني الجيانـي ، وأبـي مسـعود الدمشـقي ، وابـن عمـار الشـهيد . وتصـدى للجـواب عمـا انتقـد عليهمـا جماعـة مـن العلمـاء ، كالنـووي فـي شـرح صحيـح مسـلم ، والحافـظ ابـن حجـر فـي " هَـدْي السـاري " ، و " فتـح البـاري " .تيسير علوم الحديث للمبتدئين ... / ص : 21 / بتصرف . ـ قـال أبـو جعفـر محمـود بـن العقيلـي لمـا ألَّـف البخـاري كتـاب الصحيـح ، عرضـه علـى : أحمـد ابـن حنبـل ويحيـى بـن معيـن ، وعلـيّ بـن المدينـي وغيرهـم ، فاسـتحسـنوه وشـهدوا لـه بالصحـة إلا فـي أربعـة أحاديـث ، قـال العقيلـي ، والقـول فيهـا قـول البخـاري وهـي صحيحـة .مقدمة فتح الباري ... / ص : 9 . ثانيًــا : رُتــب كتـب السـنة مـن حيـث كثـرة الصحيـح وقلـة الضعيـف : أعلاهـا رتبـة " سـنن النسـائي " ، ثـم " سـنن أبـي داود " ، ثـم " سـنن الترمـذي " ، ثـم " سـنن ابـن ماجـه " . ثالثًــا : رُتـب كتـب السـنة مـن حيـث الاسـتفادة لطالـب العلـم : " جامـع الترمـذي " ، هـو أعلاهـا رتبـة ، فهـو كتـاب مفيـد جـدًّا للـدارس لمـا اشـتمل عليـه فهـو لا يقتصـر علـى إيـراد الحديـث ، بـل يحكـم عليـه فـي غالـب الأحيـان وإن كـان متسـاهلاً شـيئًا مـا فـي التصحيـح والتحسـين ، إلا إنـه مِمَّـنْ يُعْتمـد عليـه .وهـو لا يكتفـي بذكـر الأحاديـث والحكـم عليهـا ، بـل يترجـم لهـا تراجـم مفيـدة .فأصحـاب الكتـب السـتة كلهـم يترجمـون للأحاديـث عـدا الإمـام مسـلم . معنـى يترجمـون (1) ذلـك التبويـب ، أي يقدمـون للبـاب بعنـوان يُفْصِـحُ عـن مقصودهـم ، أي لمـاذا أوردوا هـذه الأحاديـث فـي هـذا الموضـع . والترمـذي لا يقتصـر علـى الحكـم علـى الأحاديـث ، والترجمـة لهـا ، بـل يذكـر فوائـد تتعلـق بالرجـال ، ويحكـم علـى السـند ، ويذكـر حالـة مـن فيـه . وينقـل كذلـك أقـوال المشـهورين مـن أهـل العلـم فـي حكمهـم المسـتفاد مـن الحديـث مـن الناحيـة الفقهيـة فـي أغلـب الأحيـان . شرح الباعث الحثيث ... / شريط رقم : 16 / بتصرف . ( 1 ) لمزيد من المعلومات عن مقاصد مصطلح " تراجم " ، يُرجع إلى بحث " قبسات من علم مصطلح الحديث " / ج : 1 / ص : 45 . * * * * * بعــض التحقيقــات لبعــض دواويــن الســنة سـنن أبـي داود : تحقيـق الشـيخ : محمـد ناصـر الديـن الألبانـي . سـنن النسـائي : تحقيـق الشـيخ : محمـد ناصـر الديـن الألبانـي . سـنن الترمـذي : تحقيـق الشـيخ : محمـد ناصـر الديـن الألبانـي . سـنن ابـن ماجـه : تحقيـق الشـيخ : محمـد ناصـر الديـن الألبانـي . مسـند أحمـد : المسـند للإمـام أحمـد بـن حنبـل ، تحقيـق الشـيخين : أحمـد محمـد شـاكر ، وحمـزة أحمـد الزيـن . تحذيـــر : لابـد مـن تحـري التحقيـق قبـل التعامـل مـع سـنة رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حتـى لا نقـع تحـت الوعيـد : * فعـن عامـر بـن الزبيـر ، عـن أبيـه قـال : قلـت للزبيـر ، مـا يمنعـك أن تحـدِّث عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كمـا يحـدث عنـه أصحابُـك ؟ . قـال : أمـا والله لقـد كـان لـي منـه وجـهٌ ومنزلـة ، ولكنـي سـمعته يقـول " مـن كـذَب علـيَّ متعمـدًا فليتبـوأ مقعـده مـن النـار " .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] . تحقيق الشيخ الألباني / ( 19 ) ـ كتاب : العلم / ( 4 ) ـ باب : في التشدد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم / حديث رقم : 3651 / ص : 657 / صحيح . * * * * *
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الثالـــث : الإجمــاع الإجمــاع لغــة : الإجمـاع لغـة هـو العـزم والاتفـاق . قـال تعالـى { ذَلِـكَ مِـنْ أَنبَـاء الْغَيْـبِ نُوحِيـهِ إِلَيْـكَ وَمَـا كُنـتَ لَدَيْهِـمْ إِذْ أَجْمَعُـواْ أَمْرَهُـمْ وَهُـمْ يَمْكُـرُونَ } سورة يوسف / آية : 102 . أجمعـوا علـى الأمـر : أي اتفقـوا عليـه . الإجمــاع اصطلاحًــا : الإجمــاع اصطلاحًـا : هـو اتفــاق كـل مجتهـدي عصـر واحـد مـن أمــة محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، بعـد وفاتـه ، علـى حكـمٍ شـرعي .معالم أصول الفقه ... / ص : 162 / بتصرف . · اختلـف العلمـاء ـ رحمهم الله ـ فـي الإجمـاع هـل يمكـن وجـوده أو لا يمكـن : اختلـف العلمـاء فـي ذلـك ، فمنهـم مـن يقـول : إن الإجمـاع لا يمكـن حصولـه : واسـتدلوا بقـول الإمـام أحمـد : " مـن ادَّعـى الإجمـاع فهـو كـاذبٌ ومـا يدريـه لعلهـم اختلفـوا " . ـ ويُـرَدّ علـى هـذا : بـأن الإمــام أحمـد لا ينفـي الإجمـاع كلـه ، كمـا يَفهـم أو يظـن البعـض ، بالعكـس ؛ هـو يثبتـه ، ولكـن يقـول : إن المدعـي للإجمـاع بمجـرد عـدم علمـه بالمخالـف ، يعتبـر كاذبـًا فـي دعـواه ، ومـا يدريـه لعلهـم اختلفـوا (1) . ( 1 ) ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1 / 30 ) . ورواه ابن حزم في الإحكام ( 4 / 573 ) بسنده عن الإمام أحمد .حاشية : شرح الأصول من علم الأصول . ص : 492 . * واسـتدلوا أيضـًا بـأن الإحاطـة بقــولِ كـلِّ عالــم مـن المجتهديـن متعــذرة لاسـيما حيـن انتشـرت الأمـة وكثــر الخـلاف وبعـدت المسـافة ، فكيـف يمكـن لعالـم فـي أقصـى المغـرب أن يعلـم بأقــوال العلمـاء فـي أقصـى المشـرق ؟ لاسـيما فيمـا سـبق فإنهـم لـم يكــن عندهـم وسـائل نقـل يتوصلـون بهـا إلـى العلـم بسـرعة . فهـذا مثـلاً : " ابـن حـزم ـ رحمه الله ـ ، يقـول فـي " أبـي عيسـى محمـد بـن عيسـى الترمـذي " ، لا يُعْـرف ... فابـن حـزم ـ رحمه الله ـ فـي الأندلـس ، فـي أقصـى المغـارب عنـد المحيـط ، والترمـذي ـ رحمه الله ـ في أقصـى المشـارق ، فـي خُراسـان فمـا بلـغ ابـن حـزم علـم عـن الترمـذي ، فضـلًا عـن كتبـه . فلهـذا قالـوا : إن الإجمـاع متعـذر . ـ ويمكـن الـرد علـى ذلـك : بـأن الإجمـاع ليـس بمتعـذر ، فصحيـح أن العلـم بالإجمـاع قـد يكـون صعبـًا لأنـه يحتـاج إلـى اطـلاع واسـع ، ومعرفـة بخلافـات النـاس ، فليـس كـل إنسـان يسـتطيع أن يقـول إن العلمـاء أجمعـوا علـى كـذا ، لأنـه يحتـاج إلـى أن يطلـع وينظـر . ولا ننفـي الخـلاف فـي ذلـك . شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 493 / بتصرف . الفــرق بيـن حجيــة الإجمــاع وصحتــه : هنـاك فـرق بيـن حُجيـة الإجمـاع وبيـن صحـة الإجمـاع فـلا ينعقـد ـ أي لا يصـح ـ إجمـاع يخالفـه مثـل ابـن حـزم ، لا ينعقـد الإجمـاع مـع أن الصـواب فـي الغالـب سـيكون فـي صـف هـذا الإجمـاع المدَّعَـى ، لكـن هنـاك فـرق بيـن الصـواب المجمـع عليـه ، والصـواب غيـر المجمـع عليـه . فهـذا لا يعتبـر إجماعـًا بـل هـو قـول الجمهـور ، وابـن حـزم مثـلاً ، مخالـف لقـول الجمهـور . شـــروط الإجمـــاع : يتبيـن مـن التعريـف السـابق للإجمـاع أن للإجمـاع قيـود أو شـروط وهـي : الأول : أن يصـدر الاتفـاق عـن كـل العلمـاء المجتهديـن . الثانــي : أن يتحقـق اتفـاق المجتهديـن فـي لحظـة اجتماعهـم ، أي فـي نفـس العصـر . الثالــث : يشـترط أن يكـون اتفـاق المجتهديـن علـى أمـر مـن الأمـور الدينيـة ، ويخـرج بذلـك الأمـور الدنيويـة والعقليـة (1) وغيرهـا . ( 1 ) مثلاً أجمع الناس على أن الكل أكبر من الجزء ، فهذا إجماع عقلي ، لكن لا مدخل له هنا ، فنحن نتكلم عن الإجماع الذي هو دليل من أدلة الشرع . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 492 . الرابــع : العبــرة بالإجمــاع مـا كـان بعـد وفـاة النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وهـذا مـا يذكـره كثيـر مـن الأصولييـن فـي تعاريفهـم . ـ الخامـس : أن يكـون المجمعـون من المسـلمين ، ولا عبـرة بإجمـاع الأمـم الأخـرى غيـر المسـلمة . معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة / ص : 162 . الوجيز في أصول الفقه / ص : 182 . مـن هــم أهــل الإجمــاع : يشـترط فـي أهـل الإجمـاع مـا يأتـي : الشـرط الأول : أن يكونـوا مـن العلمـاء المجتهديـن . ويكفـي فـي ذلـك الاجتهـاد الجزئـي (1) ، لأن اشـتراط الاجتهـاد المطلـق فـي أهـل الإجمـاع قـد يـؤدي إلـى تعـذر الإجمـاع ، لكـون الاجتهـاد المطلـق ، نـادر الوجـود . ( 1 ) الاجتهاد الجزئي يعني : أن الإنسان قد يجتهـد في مسألة معينة من مسائل العلم أو في بـاب معين من أبواب العلم . ولكن لا يكـون مجتهدًا في غير ذلك . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 632 . الشـرط الثانـي : اتفقـوا علـى اشـتراط الإسـلام . فـلا يعتبـر فـي الإجمـاع قـول المجتهـد الكافـر الأصلـي والمرتـد ، بـلا خـلاف . الشـرط الثالـث : أن يكـون قـول جميـع المجتهديـن . فـإذا خالـف واحـد أو اثنـان مـن المجتهديـن فـإن قـول الباقيـن لا يعتبـر إجماعـًا . الشـرط الرابـع : أن يكـون جميـع أهـل الإجمـاع أحيـاء . فالقاعـدة : أن الماضـي لا يعتبـر ، والمسـتقبل لا ينظـر . ويقصـد بالماضـي ؛ أي الأمـوات . ويقصـد بالمسـتقبل ؛ أي الذيـن لـم يوجـدوا بعـد ، أو وجـدوا ولـم يبلغـوا درجـة الاجتهـاد حـال انعقـاد الإجمـاع . معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة / ص : 176 / بتصرف . الإجمــاع لا يُنْشِــئ حكمـًـا : الإجمـاع عنـد القائليـن بـه لا ينشـئ حكمـًا فـي الشـريعة جديــدًا ، بـل يُعْتَقَــدُ فيـه أنـه مسـتند إلـى نـص أو قيـاس ، عَلِمْنَـاه أم جَهِلْنَـاه . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 129. لأن الاجتهــاد لا يكـون عـن هــوى ، بـل وِفـق مناهـج مرسـومة وضوابـط شـرعية معينـة تعصــم مـن الهـوى . الوجيز في أصول الفقه / ص : 185 فائـــدة : قـد ألـف بعـض العلمـاء فـي إثبـات الإجمـاع وبيـان المسـائل المُجمـع عليهـا . ومـن أمثلتهـا : كتـاب " مراتـب الإجمـاع " لابـن حـزم ذكـر فيـه المسـائل المجمـع عليهـا ، وتعقبـه فـي كثيـر منهـا ابـن تيميـة ، وكتابـه مطبـوع متـداول . وكتـاب " الإفصـاح " لابـن هبيـرة . و " الإجمـاع " لابـن المنـذر .الواضح في أصول الفقه للمبتدئين ... / ص : 129 / بتصرف يسير . مســتند الإجمــاع : لابـد للإجمـاع مـن مسـتند شـرعي ـ عنـد الجمهـور ـ ، وهـذا المسـتند إذا كـان مـن الكتـاب أو السـنة ـ الصحيحـة ـ فهـو جائـز باتفـاق ـ عنـد الجمهـور ـ ، وإن كـان مـن قيـاس ونحـوه ، فهـو جائـز أيضـًا عنـد كثيـر مـن العلمـاء .إجماعات ابن عبد البر ... / ج : 1 / ص : 41 . مثــال الإجمــاع المبنــي علـى الكتــاب : الإجمـاع علـى حرمـة نكـاح الجـدات وبنـات الأولاد مهمـا نزلـت درجتهـن . وسـنده قولـه تعالـى { حُرِّمَـتْ عَلَيْكُـمْ أُمَّهَاتُكُـمْ وَبَنَاتُكُـمْ ... } سورة النساء / آية : 23 . إذ الإجمـاع منعقـد علـى أن المـراد بالأمهـات فـي الآيـة الكريمـة : الأصـول مـن النسـاء ، فتشـمل الجـدات وإن عَلَـوْن . وأن المـراد مـن البنـات : الفـروع مـن النسـاء ، فتشـمل البنـات الصلبيـات وبنـات الولـد وإن نزلـن . الوجيز في أصول الفقه / ص : 190 . مثــال الإجمــاع المبنــي علـى الســنة : الإجمـاع علـى عـدم جـواز التوسـل بالميـت . وسـنده : توسـل " عمـر " بعمـه " العبـاس " بعـد وفـاة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . * عـن أنـس بـن مالـك ـ رضي الله عنه ـ أن عمـر بـن الخطـاب ـ رضي الله عنه ـ كـان إذا قحطـوا اسـتسـقى بالعبـاس بـن عبـد المطلـب ، فقـال : " اللهـم إنـا كنـا نتوسـل إليـك بنبينـا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فتسـقينا ، وإنـا نتوسـل إليـك بعـم نبينـا فاسـقنا " . قـال : فيُسـقَون . صحيح البخاري . متون / ( 15 ) ـ كتاب :الاستقساء / ( 3 ) ـ باب : سؤال الناس الإمام الاستقساء إذا قحطوا / حديث رقم : 1010 / ص : 116 . فهـذا إجمـاع علـى عـدم جـواز التوسـل بالميـت ، وإلا قُـدِّم النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بعـد وفاتـه إذا كـان هـذا جائـزًا . مثــال الإجمــاع المبنـي علـى القيـاس : توريـث الجـدة الصحيحـة السـدس بالإجمـاع قياسـًا علـى ميـراث الأم فـي حالـة عـدم الأم ، ولكـن ليـس مـن كـل الوجـوه . قـال ابـن المنـذر فـي الإجمـاع / ص : 84 : أجمعـوا علـى أن للجـدة السـدس إذا لـم تكـن للميـت أم . الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز / ص : 420 . الإجمـاع علـى تحريـم شـحم الخنزيـر قياسـًا علـى تحريـم لحمـه . الوجيز في أصول الفقه / ص : 190 . اختلـف الأصوليـون فـي جـواز انعقـاد الإجمـاع عـن اجتهـاد أو قيـاس ، فجـوزه الأكثـرون ، ومنعـه غيرهـم . ومـا ذهـب إليـه الأكثـرون هـو ـ الراجـح ـ ، فقـد انعقـدت إجماعـات فـي زمـن الصحابـة وكـان مسـتندها اجتهـادًا أو قياسـًا . فقـد أجمعـوا علـى جمـع القـرآن ، وكـان سـندهم " المصلحـة المرسـلة " ، وهـي ضـرب مـن ضـروب الاجتهـاد . الوجيز في أصول الفقه / ص : 190 / بتصرف يسير . أنـــواع الإجمـــاع : ينقسـم الإجمـاع باعتبـار قوتـه إلـى قسـمين : أ ـ إجمـاع قطعـي . ب ـ إجمـاع ظنـي . أ ـ " الإجمــاع القطعــي " : وهـو مـا يُعلـم وقوعـه مـن الأمـة بالضـرورة ... . ومعنـى " ..... بالضـرورة " : أي بـدون نظـر وتأمـل وتتبـع واسـتقراء ، يعنـي لا يحتـاج أن ننظـر هـل أجمعـوا أم لـم يجمعـوا ؛ لأنـه معـروف . كالإجمـاع على وجـوب الصلـوات الخمـس ، وتحريـم الزنـا . فلـو قـال قائـل : مـا دليلـك علـى وجـوب الصلـوات الخمـس ؟ ج : الدليـل إجمـاع المسـلمين ، فـلا أحـد ينكـر هـذا ، وليـس معنـى ذلـك أنـه ليـس هنـاك دليـل مـن الكتـاب والسـنة ، لكـن مـن الجائـز أن تتعـدد الأدلـة ، والمدلـول واحـد . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 497 / بتصرف . لكـن قـد ينشـأ مـن المسـلمين مـن الجهلـة مـن الآحـاد والأفـراد مـن يجهـل مثـل هـذا ، وكـون الـذي يجهلـه موجـودًا ـ ولـو علـى سـبيل النـدرة ـ ، لكـن هـذا لا ينفـي أن الإجمـاع هنـا قطعـي وإن وجـد فـي الأمـة مـن يجهلـه ، ولكنـه قطعـي لأن العبـرة ليسـت بالعـوام وبالمقلديـن ، ... ، وإنمـا العبـرة بمجتهـدي هـذه الأمـة . شرح الأصول من علم الأصول / شريط رقم : 11 / ص : 26 / بتصرف . والإجمـاع القطعـي ، حُجـة ، ولا يجـوز مخالفتـه ألْبتـة . ومعنـى حُجَّـة : أي يلـزم مَـنْ بَلَغَـه هـذا الإجمـاع ، أن يقـول بموجبـه ، ولا يجـوز مخالفتـه . ولابـد للإجمـاع القطعـي مـن مسـتند مـن الكتـاب أو السـنة الصحيحـة . ولا يُسـأل عـن ثبـوت الإجمـاع القطعـي ، لأنـه قطعـي الثبـوت شرح الأصول من علم الأصول / ص : 497 / بتصرف .التأسيس ... / ص : 181 / بتصرف . ب ـ " الإجمــاع الظنــي " : أي مظنـون ، وقـد يكـون الأمـر بخلافـه . تعريفـه : وهـو مـا لا يُعْلـم إلا بالتتبـع والاسـتقراء ، يعنـي ليـس معلومـًا بالضـرورة ، بـل مُتتبـع ، فيتتبـع مـن الكتـب التـي تنقـل الآثـار عـن المتقدميـن وتتبـع الكتـب التـي ألفهـا المتأخـرون ، وينظـر فـإذا أجمعـت الكتــب والآثـار علـى حكـم مـن الأحكـام قلنـا : هـذا إجمـاع ، لكـن ليـس إجماعـًا قطعيـًا ، لأنـه يجـوز أن يكـون هنـاك خـلاف لـم نعلمـه . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 498 . الإجمـاع الظنـي حُجـة مـا لـم يُعـارض ، فـإن تعـارض مـع نـص قُـدم الأقـوى دَلالـة . ويسـمى " الإجمـاع الاسـتقرائي " و " الإقـراري " ، ومنـه " الإجمـاع السـكوتي " . التأسيس ... / ص : 182 / بتصرف . الإجمــاع الســكوتي : " هـو أن يقـول بعـض أهـل الاجتهـاد بقـول ، وينتشـر ذلـك فـي المجتهديـن مـن أهـل ذلـك العصـر ، فيسـكتون ، ولا يظهـر منهـم اعتـراف ولا إنكـار " .المرتقى الذلول إلى نفائس علم الأصول / ص : 202 . وقيـل : هـو أن يقـول أحـد المجتهديـن قـولاً فـي الديـن ، فينتشـر ، ولا يُنْقَـل عـن غيـره مـن المجتهديـن إنكـارٌ لذلـك القـول .الواضح ... / ص : 128 . حُجيــة الإجمــاع الســكوتي : اختُلِـفَ فيـه علـى أقـوال : ـ فقيـل : هـو إجمـاع ، وذلـك تنزيـلاً للسـكوت منزلـة الرضـا والموافقـة . ويُشـترط فـي ذلـك شـرطان : أحدهمـا : ألا يُعلـم أن السـاكت سـاخط غيـر راضٍ بذلـك القـول . والثانــي : أن تمضـي مهلـة تَسَـع النظـر فـي ذلـك القـول بعـد سـماعه . وهـذا هـو الحـق بالشـرطين المذكوريـن ، وهـو مذهـب الجمهـور ، ويسـمى إجماعـًا سـكوتيًّا ، وهـو ظنـي غيـرقطعـي وقيـل : إنـه حُجـة لا إجمـاع . وقيـل : إنـه ليـس بحُجـة ولا إجمـاع . وقيـل غيـر ذلـك ، والصحيـح هـو الأول كمـا بينـاه . المرتقى الذلول إلى نفائس علم الأصول / السعدي / ص : 202 . * * * * *
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الرابـــع : القيـــاس تعريــف القيــاس : القيـاس لغـة : التقديـر ، ومنـه قسـت الأرض بالمتـر أي قدرتهـا بـه ، والمسـاواة ومنـه تقديـر الشـيء بغيـره وتسـويته بـه ومثــال ذلـك : فـلان يُقـاس بفـلان إذا كانـا متسـاويين ، والتسـوية بيـن الشـيئين فـي اللغـة تشـمل الأشـياء الحسـية كمـا سـبق ، والمعنويـة كفـلان يقـاس بفـلان فـي العلـم .التأسيس ... / ص : 201 . القيــاس اصطلاحـًا : هـو إلحـاق حكـم الأصـل بالفـرع ، لِعِلَّـةٍ جامعـةٍ بينهمـا . شــرح التعريــف : " إلحـاق " : أي إثبـات حكـم الأصـل للفـرع ، والإلحـاق بمعنـى تسـوية حكـم الفـرع بحكـم الأصـل ، وأيضـًا بمعنـى التعديـة أي تعـدي حكـم الأصـل للفـرع . " حكـم الأصـل " : من وجـوب أو نـدب أو تحريـم أو كراهـة أو إباحـة أو صحـة أو فسـاد وغيـر ذلـك . " الأصـل " : المقيـس عليـه . " الفـرع " : المقيـس . " العلـة " : هـي الوصـف الـذي اعتبـر مظنـة إثبـات حكـم الأصـل . ومـن خـلال شـرح التعريـف يتبيـن أن القيـاس مظهـر للحكـم وليـس مؤسـسـًا لـه .التأسيس ... / ص : 201 . مثـــال : قـال تعالـى " يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـواْ إِنَّمَـا الْخَمْـرُ وَالْمَيْسِـرُ وَالأَنصَـابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْـسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّـيْطَانِ فَاجْتَنِبُـوهُ لَعَلَّكُـمْ تُفْلِحُـونَ " .سورة المائدة / آية : 90 . معلـوم أنـه صـح عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال " كـل مسـكر خمـر ، وكـل خمـر حـرام " .صحيح مسلم / ( 36 ) ـ كتاب : الأشربة / ( 7 ) ـ باب : بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام / حديث رقم : 2003 /ص : 524 . هـب أن هـذا الحديـث لـم يصـل إلـى بعـض الفقهـاء ، أو وصـل ولـم يصـح عندهـم . وعليـه فـإن الآيـة نـص صريـح فـي تحريـم الخمـر ، فمـا حكـم النبيـذ مثـلًا ؟ الأصـــل : الخمـر . وحكـم الأصــل : أنـه مُسْـكِر . والفـــرع : النبيـذ . وقـد وجـد أن النبيـذ فيـه نفـس العلـة ، وهـي الإسـكار (1) فتعـدى حكـم الأصـل لـه . وعليـه أن حكـم شـرب النبيـذ : التحريـم " بالقيـاس " . وهـذا قيـاس صحيـح .التأسيس ... / ص : 202 . ( 1 ) الإسكار : هو تغطية العقل على وجه اللذة والطرب ، أما تغطية العقل لغير هذا فليس بإسكار . " فالبنبح " مثلاً غير مسكر ، لأنه ليس فيه لذة وطرب [ مجموع الفتاوي ( 28 / 340 ) ] . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 531 . يشــترط لصحــة القيــاس الآتــي : الشـرط الأول : أن لا يصـادم دليـلاً أقـوى منـه : فـلا اعتبـار لقيـاس يصـادم النـص أو الإجمـاع ، ويسـمى القيـاس المصـادم لمـا ذُكـر : فاســد الاعتبــار .والاعتبـار هـو القيـاس . مثالــه : أن يقـال : يصـح أن تُـزَوِّج المـرأةُ الرشـيدة نفسَـها بغيـر ولـي ، قياسـًا علـى صحـة بيعهـا مـا لهـا بغيـر ولـي ، فهـذا قيـاس فاسـد الاعتبـار لمصادمتـه النـص ، وهـو : قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " لا نكـاح إلا بولـي " .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 6 ) ـ كتاب : النكاح /( 20 ) ـ باب : في الولي / حديث رقم : 2085 / ص : 361 / صحيح . ( الأصــول مـن علـم الأصـول ... / ص : 521 ، ... ) . ( التأسـيس ... / ص : 201 ) الشــرط الثانــي : أن يكـون حكـم الأصـل ثابتـًا بنـص أو إجمـاع : فـإن كـان ثابتـًا بقيـاس لـم يصـح القيـاس عليـه ، وإنمـا يُقـاس علـى الأصـل الأول ، لأن الرجـوع إليـه أولـى ، ولأن قيـاس الفـرع عليـه الـذي جُعـل أصـلاً قـد يكـون غيـر صحيـح ، ولأن القيـاس علـى الفـرع تطويـل بـلا فائـدة . مثالــه : أن يُقـال : يجـري الربـا فـي " الـذرة " قياسـًا علـى " الأرز " ، ويجـري فـي الأرز قياسـًا علـى البُـرِّ . فالقيـاس هكـذا غيـر صحيـح لأنـه قـاس علـى فـرع ولـم يقـس علـى أصـل . ولكـن يُقـال : يجـري الربـا فـي " الـذرة " قياسـًا علـى " البُـرِّ " ، وذلـك لِيُقَـاس علـى أصـل ثابـت . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 524 . الشــرط الثالــث : أن يكـون لحكـم الأصـل علـة معلومـة : لابـد أن تكـون علـة الأصـل ـ وهـو المقيـس عليـه ـ معلومـة مـن أجـل أن نجمـع بينـه وبيـن الفـرع فيهـا إذ لـو لـم تتحقـق العلـة فـي الفـرع ، لـم يصـح القيـاس ، فـإن كـان حكـم الأصـل تعبديًّـا (1) محضـًا لـم يصـح القيـاس عليـه . ( 1 ) التعبـدي المحـض : هـو الـذي ليـس فـي العقـل مـا يحـث عليـه أو يغـري بـه . وذلـك لأن العبـادات نوعـان : نـوع لـه علـة معقولـة ، فهـذه يكـون الإنسـان فاعـلاً لهـا باطمئنـان ، لأن العقـل باعـث إليهـا . وتـارة لا يكـون للحكـم علـة معلومـة ، فهـذه يفعلهـا الإنسـان علـى سـبيل التعبـد المحـض . فرمـي الجمـرات مثـلاً ليـس لـه علـة معلومـة ، بـل هـو مجـرد تعبـد . فـإذا كـان حكـم الأصـل تعبديـًّا محضـًا لـم يصـح القيـاس عليـه ؛ ولهـذا قلنـا : لا قيـاس فـي العبـادات ـ ليـس فـي شـروطها وأركانهـا ـ لكـن فـي أصـل مشـروعيتها . مثالـــه : لـو قـال قائـل : إذا احتجبـت عنـا الشـمس بِغَيْـم كثيـف حتـى صـار الجـو كـأن لا شـمس ، فإنـه تشـرع صـلاة " الكسـوف " فـي هـذه الحـال قياسـًا علـى مـا إذا كسـفت الشـمس كسـوفًا عاديًّـا ، لأن الشـمس احتجبـت بسـحاب كثيـف ، فهـي كاحتجـاب نورهـا بالقمـر ، لأن كسـوف الشـمس سـببه أن القمـر يحُـول بينهـا وبيـن الأرض . فـلا فـرق إلا أن القمـر بعيـد وهـذا السـحاب قريـب ! ! نقـول :لا قيـاس فـي ذلـك ؛ لأن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أخبــر أن الله تعالـى يخـوف عبـاده بالكسـوف ، ولـم يَقُـلْ إنـه يخوفهـم بالسـحاب الكثيـف ، وإن كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ إذا رأى السـحاب أقبـل وأدبـر وتغيـر وجهـه حتـى يسـقط المطـر ، فيسـرَّ عنـه .شرح الأصول من علم الأصول / ص : 530 / بتصرف . مثــال تطبيقـــي : قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " القاتـل لا يـرث " . سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 27 ) ـ كتاب : الفرائض / ( 17 ) ـ باب :ماجاء في إبطال ميراث القاتل / حديث رقم : 2109 / ص : 476 / صحيح . الأصــل : هـو الـوارث . حكـم الأصـل : حرمانـه مـن الميـراث . علـة الحكـم : اسـتعجال الشـيء قبـل أوانـه . الفــرع : هـو الموصَـى لـه . حكـم الفـرع : حرمانـه مـن الوصيـة . علـة الحكـم : اسـتعجال الشـيء قبـل أوانـه . وهـذا المثـال الواضـح ، فـي أن العلـة التـي بُنـي عليهـا حكـم حرمـان الـوارث مـن الميـراث ، هـو أنـه قَتَـل المـورِّث اسـتعجالاً لإرثـه ، فعاقَبَـهُ الشـارع بالحرمـان . وكذلـك الموصـى لـه اسـتعجل الوصيـة ، فَقَتَـل مـن أوصـى ، فعاقبـه الشـارع أيضًـا بالحرمـان .التأسيس ... / ص : 224 . مرادفــات العلـــة : للعلـة مرادفـات كثيـرة منها : الجامـع ، المنـاط ، الأمـارة ، الداعـي ، الباعـث ، المقتضِـي ، الموجـب ، المشـترك . فتاوي شيخ الإسلام / ج : 19 / ص : 6 .التأسيس ... / ص : 215 . الشــرط الرابـــع : أن تكـون العِلَّـة مشـتملة علـى معنـى مناسـب للحُكْـم يُعْلَـم مـن قواعـد الشـرع اعتبـاره : وذلـك بـأن يكـون تشـريع الحكـم لأجلهـا محصـلاً للمحصلـة أو دارئًـا للمفسـدة فـي تقديـر أصحـاب العقـول السـليمة ، والطبـاع المسـتقيمة . وهـو مـا يُعَبَّـر عنـه بالمناسـبة . مثــل : أَكْـرِم اليتيـمَ ليتمـه ، أَطْعِـم المسـكينَ لمسـكنته ، ..... فـإن كـان الوصـف طرديًّـا ، كالسـواد والبيـاض ، والطـول والقصـر ، لـم يجـز التعليـل بـه .الواضح ... / ص : 243 / بتصرف .والوصـف الطـردي هـو الوصـف الـذي لا مناسـبة فيـه للحكـم : فـلا يصـح التعليـل بـه ولا يصـح القيـاس عليـه ، لأن العلـة حينئـذ سـاقطة ، كالسـواد والبيـاض . فمثـــلاً : لـو جـاء فـي الحديـث أن رجـلاً كثيـر الشـعر ضخـم البـدن مفتـول العضـلات ، جـاء إلـى النبـي ـ صلىالله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـو يقـول : يـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، إنـي جامعــت امرأتـي فـي رمضـان ، فمـاذا علـيّ ؟ ! يقـول صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : عليـك كـذا وكـذا ..... فهـذه الأوصـاف ـ التـي وردت فـي الرجـل السـائل ـ هـل هـي أوصـاف طرديـة ؛ أي لـو اسـتفتانا رجـل نحيـف أصلـع رخـي العضـلات ـ جامـع فـي رمضـان ـ هـل يكـون حكمـه كحكــم الأول أم يختلـف ؟ الجـــواب : حكمـه كحكـم الأول تمامًـا مـع أن الأول كـان كثيـر الشـعر مفتـول العضـلات ... . وهـذا الثانـي نحيـف أصلـع ... . مـع ذلـك كلـه نقـول : أن حُكْمَـهُ كَحُكْمِـهِ ، لأن الأوصـاف المذكـورة أوصـاف طرديـة لا مناسـبة لهـا . مثــال ذلــك : حديـث ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أن بريـرة خُيِّـرَتْ علـى زوجهـا حيـن عُتِقَـتْ . وكـان زوجهـا عبـدًا أسـود ، فقولـه " أسـود " وصـف طـردي لا مناسـبة فيـه للحكـم . ولذلـك يثبـت الخيـار للأَمـة إذا عُتِقَـتْ تحـت عبـد وإن كـان أبيـض ، ولا يثبـت لهـا ـ الخيـار ـ إذا عتقـت تحـت حـر وإن كـان أسـود وذلـك لأن الوصـف بكونـه عبـدًا معنـوي ، فهـو واضـح ومناسـب للحكـم لأنـه عبـد مملـوك وهـي الآن ملكـت نفسـها ، وأمـا كونـه أسـود فهـو وصـف طـردي لا مناسـبة فيـه للحكـم فهـذا صـار لاغيـًا . فنحـن نقـول هـذا الحديـث فيـه وصفـان : وصـف طـردي لا أثـر لـه فـي الحكـم وهـو كونـه أسـود ، ووصـف معنـوي لـه تأثيـر فـي الحكـم وهـو كونـه عبـدًا . شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 533 / بتصرف . فعـن ابـن عبـاس أن زوج بريـرة كـان عبـدًا يُقـال لـه مُغيـثٌ ، كأنـي أنظـرُ إليـه يطـوفُ خلفَهَـا يبكـي ودموعُـهُ تسـيلُ علـى لحيتـه . فقـال النبـيُّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لعبـاسٍ : يـا عبـاسُ ألا تعجَـبُ مـن حـبِّ مُغيـثٍ بريـرةَ ومـن بُغـضِ بريـرةَ مغيثـًا .فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " لو راجَعْتِـهِ " . قالـت : يـا رسـول الله تأمرنـي ؟ قـال: " إنمـا أنـا أشـفعُ" . قالـت : لا حاجـة لـي فيـه" .صحيح البخاري . متون / ( 68 ) ـ كتاب : الطلاق / ( 16 ) ـ باب : شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في زوج بريرة / حديث رقم : 5283 / ص : 638 . الشــرط الخامــس : أن تكـون العلـة موجـودة فـي الفـرع كوجودهـا فـي الأصل : الفـرع هنـا هـو المقيـس ، إذَا فالمـراد أن تكـون العلـة موجـودة فـي الفـرع ـ أي فـي المقيـس ـ كوجودهـا فـي الأصـل ؛ أي فـي المقيـس عليـه . وذلـك كالإيـذاء فـي ضـرب الوالديـن المقيـس علـى التأفيـف . قـال تعالـى " ... فَـلاَ تَقُـل لَّهُمَـا أُفٍّ ..." .سورة الإسراء / آية : 23 . نقـول : العلـة فـي قولـه : " أف " الإيـذاء . والإيـذاء موجـود فـي الضـرب كوجـوده فـي التأفـف فيكـون حرامـًا قياسـًا عليـه . وبعـض أهـل العلـم يـرى أن تحريـم الضـرب ليـس مـن بـاب الدلالـة القياسـية ، بـل مـن بـاب الأولويـة . فـإن النـص دل عليـه نطقـًا لا قياسـًا ؛ لأن الشـريعة إذا ذكـرت الأدنـى فهـي تريـد مـا فوقـه ، كمـا قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " خمـسٌ يُقتَلْـنَ في الحِـلِّ والحَـَرم : الحيـةُ ، والغـرابُ الأبْقَـعُ ، والفـأرةُ ، والكلـبُ العقـورُ ، والحُدَيَّـا " .صحيح مسلم . متون/ (15) ـ كتاب : الحج / (9) ـ باب : ما يُنْدب للمحرم وغيره ... / حديث رقم : 67 ـ 1198 / ص : 291 . فلـو جـاء أسـد ، أو نمـر فهـو يقتـل مـن بـاب أولـى لا مـن بـاب القيـاس ، لأن التنبيـه بالأدنـى تنبيـه علـى الأعلـى . وبالتالـي فضـرب الأم حـرام لدخولـه فـي النـص لا بالقيـاس . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 538 / بتصرف . أقســام القيــاس باعتبــار ثبـوت العلــة : أ ـ قيـاس جَلِـي . ب ـ قيـاس خَفِـيّ التأسيس ... / ص : 216 . أ ـ القيـــاس الجلــي : هـو مـا ثبتـت علتـه بنـص أو إجمـاع ، أو كـان مقطوعـًا فيـه بنفـي الفـارق بيـن الأصـل والفـرع . يتضـح مـن التعريـف مـا يلـي : ـ ... فـإذا نـص الشـارع علـى العلـة ووجدنـا شـيئًا تثبـت فيـه هـذه العلـة صـار القيـاس جليًّـا . ـ وكذلـك إذا أجمـع العلمـاء على أن علـة هـذا الحكـم كـذا ، صـارت كالعلــة التـي نـص عليهـا الشـارع ، وحينئـذٍ يكـون القيـاس علـى الحكـم المعلـل بهـا جليًّـا . ـ مـا يُقطـع فيـه : أي يُعلـم علـم اليقيـن أنـه لا فـرق بيـن الأصـل والفـرع ، وهـذا يعنـي أننـا قطعنـا بنفـي الفـارق . مثــال ذلــك : لا فـرق بيـن مـن بـال فـي المـاء الراكـد ، ومـن بـال فـي إنـاء ثـم صبـه فـي المـاء الراكـد .شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 540 / بتصرف . مثــال تطبيقــي علـى القيــاس الجلـي : عـن عبـد الله قـال : قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " إذا كنتـم ثلاثـة فـلا يتناجـى اثنـان دون صاحبهمـا فـإن ذلـك يحزنـه " .صحيح مسلم . متون / 39 ـ كتاب السلام / 15 ـ باب تحريم مناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه / حديث رقم : 38 ـ 2184 / ص : 568 . فالعِلَّـة هنـا منصوصـة ، والحكـم هـو النهـي عـن التناجـي . والعلـة : " فـإن ذلـك يحزنـه " ، فـإذا جلـس رجـلان إلـى ثالـث وهمـا يعرفـان اللغـة الإنجليزيـة ، والثالـث لا يعـرف إلا العربيـة ، وبـدءا يتكلمـان ، فيكلـم أحدهمـا الآخـر بالإنجليزيـة ، وكلمـا تكلمـا كلمـة التفتـا إلـى الرجـل الثالـث ، فـإن ذلـك يحزنـه . فـإن قـالا : نحـن لـم نتنـاج ، بـل نحـن نتكلـم بصـوت مسـموع ، والنهـي إنمـا هـو عـن التناجـي ! نقـول : قـد بيـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ العِلَّـة فـي هـذه المسـألة وقـال : " فـإن ذلـك يُحزنـه " وهـذا بـلا شـك يحزنـه . وبِنَـاءً علـى ذلـك : لـو تناجـى اثنـان فـي وجـود ثالـث ولكنـه مـا أهمـه ذلـك بـل هـو منشـغل عنهمـا إمـا بالكتابـة ، أو بمكالمـة هاتفيـة أو غيـر ذلـك ، فهـذا ـ التناجـي ـ حينئـذ جائـز ، لأن العلـة ـ وهـي الإحـزان ـ لـم تتحقـق ، فـإن حصـل إحـزان للمسـلم بالتناجـي فهـو منهـي عنـه . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 541 / بتصرف . ب ـ القيــاس الخفــي : وهـو مـا ثبتـت علتـه باسـتنباط ، ولـم يُقْطـع فيـه بنفـي الفـارق بيـن الأصـل والفـرع . يتضـح مـن التعريـف مـا يلـي : ـ أنـه لـم تثبـت علتـه بنـص أو إجمـاع . ـ لـم يقطـع فيـه بنفـي الفـارق فخـرج بـه مـا قطعنـا فيـه بنفـي الفـارق ـ بيـن الأصـل والفـرع . مثالـــه : كثيـر مـن العلمـاء ـ رحمهم الله ـ اختلفـوا فـي علـة جريـان الربـا فـي الأصنـاف السـتة . فبعـض العلمـاء قـال : إن العلـة الكيـل ، فأجـرى الربـا فـي كـل مـا كـان مكيـلاً . وهـذا هـو المشـهور مـن مذهـب الإمـام أحمـد ، لكـن هـذه العلـة لـم تثبـت بالنـص ، ولـم تثبـت بالإجمـاع . وبعـض العلمـاء يقـول بـأن العلـة : الطَّعـمُ دون الكيـل ، ائتمامًـا بالشـافعي ، ولهـذا فالشـافعية يـرون جريـان الربـا فـي البرتقـال والتفـاح ومـا أشـبههما لأنهـا مطعومـة وكذلـك فهـذه العلـة لا يقطــع فيهـا بنفـي الفـارق ؛ إذ مـن الجائـز أن يقــول قائـل : ليسـت العلـة الكيـل ، بـل العلـة الطعـم ، وحينئـذ نسـمي هـذا القيـاس خفيًّـا ؛ لأن العلـة لم ينـص عليهـا بـل هـي مسـتنبطة ، ولـم يقطـع فيهـا بنفـي الفـارق . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 545 . * * * *
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الخامــس : قــول الصحابـــي تعريــف الصحابـــي : الصحابـي هـو مـن أسـلم فـي حيـاة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ واجتمـع بـه ومـات علـى الإسـلام . ولا يلـزم مـن الاجتمـاع السـماع بـل مجـرد الرؤيـة كمـا فـي حجـة الـوداع ، ومـات علـى الإسـلام .التأسيس ... / ص : 195 . أقســـام قـــول الصحابــي : 1 ـ المرفـوع وينقسـم إلـى : مرفـوع حقيقـةً ، ومرفـوع حكمـًا . 2 ـ الموقـوف . أولاً : المرفــوع : أ ـ المرفـوع حقيقـة : وهـو مـا رواه الصحابـي عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فتكـون نهايـة السـند إلـى النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . مثالـــه : عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ ، عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " مـن نسـي وهـو صائـم فأكـل أو شـربَ ، فليتـمَّ صومَـهُ ، فإنمـا أطعمـهُ الله وسـقاهُ " .صحيح مسلم . متون / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 33 ) ـ باب : أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر / حديث رقم : 1155 / ص : 276 . ب ـ المرفـوع حكمـًا : وهـو مـا رواه الصحابـي ـ الـذي لـم يأخــذ عـن الإسـرائيليات ولـم يرفعـه للنبـي ـ صلى الله عليهوعلى آله وسلم ـ ، وليـس للاجتهـاد والـرأي فيـه مجـال . كالإخبـار عـن الأمـور الماضيـة من بـدء الخلـق وأخبـار الأنبيـاء ، أو الآتيـة كالملاحـم والفتـن وأحــوال يـوم القيامـة ، وكـذا الإخبـار عمـا يحصـل بفعلـه ثـواب مخصـوص أو عقـاب مخصـوص ، وإنما كـان له حكـم المرفـوع لأن إخبـاره بذلـك يقتضـي مخبِــرًا لـه ، ومـا لا مجــال للاجتهـاد فيـه يقتضـي موقفًـا للقائـل بـه ، ولا موقـف للصحابـة إلا النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو بعـض مـن يخبـر عـن الكتـب المتقدمـة فلهـذا وقـع الاحتـراز عـن القسـم الثانـي .120سؤال وجواب في ... / الحكمي / ص : 144 . مثــال المرفــوع حكمًـا : كقـول عمـار : مـن صـام اليـوم الـذي يُشَــكُّ فيـه ، فقـد عصـى أبـا القاسـم " . فعـن صِلَـة قـال : كنـا عنـد عمـار فـي اليـوم الـذي يُشـكُّ فيـه ، فأُتِـيَ بشـاة ، فتنحـى بعـض القـوم فقـال عمـار ، مـن صـام هـذا اليـومَ فقـد عصـى أبـا القاسـم صلى الله عليه وعلى آله وسلم .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 8 ) ـ أول كتاب الصيام / ( 10 ) ـ باب : كراهية صوم يوم الشك / حديث رقم : 2334 / ص : 410 / صحيح . فلهـذا حُكـم الرفـع ، لأن الظاهـر أن ذلـك ممـا تلقـاه عـن النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم . نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر / ص : 51 . حُجيـــة المرفــوع حكمًــا : المرفـوع حكمـًا إذا صـح ، فهـو حُجـة كالمرفـوع للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا صـح .تيسير مصطلح الحديث / ص : 133 / بتصرف . ثانيًـــا : الموقـــوف : هـو مـا ورد عـن الصحابـة ـ رضوان الله عليهم ـ مـن أقوالهـم وأفعالهـم وتقريراتهـم فيتوقـف عليهـم ولا يتجـاوز إلـى رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقـد يكـون صحيحًـا أو حسـنًا أو ضعيفًـا . وموضوعنـــا : الموقـوف ، الصحيـح أو الحسـن . التأسيس ... / ص : 196 . فائـــدة : يلاحـظ عنـد التطبيـق العملـي لهـذه الأقسـام أنـه قـد يحـدث خـلاف بيـن العلمـاء . مثـــال ذلــك : مـا رُوِيَ عـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ فـي مَـنْ تـرك شـيئًا مـن نسـكه أن عليـه دمـًا . قـال ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما " مـن تـرك شـيئًا مـن نسـكه أو نسـيه فليهـرق دمًـا " بعـض العلمـاء قـال : إن هـذا لـه حكـم الرفـع ، فيجـب الـدم بتـرك النسـك . وبعضهـم قـال : لا ، ليـس لـه حكـم الرفـع ؛ لأن قـول الصحابـي لا يكـون لـه حكـم الرفـع إلا إذا لـم يتطـرق إليـه احتمـال الاجتهـاد ، واحتمـال الاجتهـاد هنـا وارد ؛ لأنـه قـد يقيسـه رضـي الله عنـه علـى الْمُحْصَـر ، فالمحصـر أوجـب الله عليـه مـا اسـتيسـر مـن الهـدي ؛ لأنـه تـرك بعـض النسـك لكـن بعـذر وهـو الحصـر ، فيقـول إذًا مـن تـرك بعـض نسـكه فعليـه الهـدي كالمحصـر . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 468 . وورد فـي رسـالة الْمُنَخَّلَـة النونيـة ... / ص : 102 . إنْ جـاءَ نـصٌّ فـي دمٍ فاعْمَـلْ بـه وسـواهُ فارفُـضْ فهـوَ دونَ كِيـانٍ . ومعنـى هـذه القاعـدة : هـو الاعتمـاد علـى النـص فـي مشـروعية الـدم ؛ فـأيُّ دم أوجبـه أحـد مـن النـاس بـلا دليـل مـن النصـوص الشـرعية ؛ فهـو باطـل . وقـول ابـن عبـاس " مـن تـرك نسـكًا ؛ فعليـه دم " . هـذا كمـا تقـرر لا يعـدو كونـه رأيـًا ، وليـس بشـرع مـن عنـد الله ، ولا يصـح مرفوعـًا إلـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ولذلـك كـان الأرجـح مـا ذهـب إليـه الظاهريـة مـن أنـه لا دم إلا مـا ورد فـي النـص . والله الهـادي إلـى الصـواب . ا . هـ . لطيفـــة حديثيــة : * حديـث ابـن عبـاس " مـن تـرك نسـكًا فعليـه دم " . ضعيــف مرفوعًـا وثبــت موقوفًــا .أخرجه مالك ( 1 / 419 / 240 ) . * عـن أيـوب بـن أبـي تيميـة السـختياني عـن سـعيد بـن جبيـر عـن عبـد الله بـن عبـاس قـال "مـن نسـي مـن نسـكه شـيئًا ، أو تركـه ، فليهـرق دمًـا " . إرواء الغليل ... / للشيخ الألباني / ج : 4 / حديث رقم : 1100 / ص : 299 . قـال أيـوب : لا أدري قـال : " تـرك " أو " نسـي " وكذلـك رواه الثـوري عـن أيـوب : " مـن تـرك أو نسـي شـيئًا مـن نسـكه فليهـرق لـه دمًـا كأنـه قالهمـا جميعًـا .المصدر السابق . · حُجِّيَّـــة قَــوْل الصحابـــي : ذهـب بعـض العلمـاء إلى أنـه حُجَّـة شـرعية ، وعلـى المجتهـد أن يأخـذ بقـول الصحابـي إذا لـم يجـد الحكـم فـي الكتـاب ولا فـي السـنة الصحيحـة ولا فـي الإجمـاع . وذهـب البعـض الآخـر مـن العلمـاء إلـى أنـه ليـس بحُجَّـة شـرعية ، ولا يلـزم المجتهـد أن يأخـذ بقـول الصحابـي ، بـل عليـه أن يأخـذ بمقتضـى الدليـل الشـرعي . احتـج الأولـون بـأن احتمـال الصـواب فـي اجتهـاد الصحابـي كثيـر جـدًّا ، واحتمـال الخطـأ قليـل جـدًّا . لأن الصحابـي شـاهَدَ التنزيـل ، ووقـف علـى حِكْمَـة التشـريع وأسْـبَاب النـزول ، ولازم النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ملازمـة طويلـة أكسـبته معرفـة بالشـريعة ، وذوقـًا لمعانيهـا ، وكل هذا يجعـل لآرائهـم ـ أي الصحابـة ـ منزلـة أكبـر من آراء غيرهـم ، ويجعـل اجتهادَهـم أقـرب إلى الصـواب من اجتهـادِ غيرِهـم . واحتـج الآخـرون بأننـا ملزمـون باتبـاع الكتـاب والسـنة ، ومـا أرشـدت إليـه نصوصُهمـا مـن أدلـة ، وليـس قـول الصحابـي واحـدًا منهـا ، والاجتهـاد بالـرأي عُرضَـة للخطـأِ والصـواب ، لا فـرق فـي هـذا بيـن صحابـي وغيـره ، ولأن الصحابـة ـ رضي الله عنهم ـ غيـر معصوميـن مـن الخطـأ تخفـى عليهـم الحجـة ويحصـل منهـم السـهو والنسـيان ، وإن كـان احتمـال الخطـأ بالنسـبة للصحابـي أقـل . الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 257 . قـال الشـيخ الألبانـي رحمه الله : حديـث : إنمـا أصحابـي مثـل النجـوم ، فأيهـم أخذتـم بقولـه ، اهتديتـم . حديـث موضـوع . سـلسـلة الأحاديـث الضعيفـة ، حديـث رقـم : ( 61 ) . وحديـث : أصحابـي كالنجـوم بأيهـم اقتديتـم اهتديتـم . وهـذا حديـث باطـل مكـذوب . ثـم اسـتشـهد بقـول " ابـن حـزم " وهـو : " ..... ، فمـن المُحَـال أن يأمـر رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ باتبـاع كـل قائـل مـن الصحابـة ـ رضي الله عنهم ـ ؛ وفيهـم مـن يحلـل الشـيء ، وغيـره يحرمـه ، ولـو كـان ذلـك لكـان بيـع الخمــر حـلالاً ؛ اقتـداءً بسَـمُرَة بـن جُنْـدَب ، ولكـان أكـل البَـرَد (1) للصائـم حـلالاً ؛ اقتـداء بأبـي طلحـة ، وحرامـًا اقتـداء بغيـره منهـم ... . فكيـف يجـوز تقليـد قـوم ـ بـلا ضوابـط وهـم ـ يخطئـون ويصيبـون ؟ ! " . ا . هـ .نظم الفرائد ... / ج : 1 / ص : 185 . ( 1 ) وورد بـ نظم الفرائد ... / ج : 1 / ص : 187 : عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : " مُطِرْنا بَرَدًا ، وأبو طلحة صائم ، فجعل يأكل منه ، قيل له : أتأكل وأنت صائم ؟ ! فقال : إنما هذا بركة " ! . صحيح موقوفًا . أي تصح نسبته لقائله ، ولكن ليس معنى هذا صحة الحكم ، فالحكم خطأ . [ سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني تحت رقم : 63 ] . ا . هـ . بتصرف . مثـــال ذلـــك : كـان علـي بـن أبـي طالـب وابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ يريـان أن المـرأة الحامـل إذا توفـي عنهـا زوجُهـا ، اعتـدت بأطـول الأجليـن ـ الأشْـهُر أو وضـع الحمـل ـ فيقـولان : إن وضَعَـتْ قبـل أربعـة أشـهر وعشـرة أيـام انتظـرت حتـى تتـم أربعـة أشـهر وعشـرة أيـام ، وإن تـم لهـا أربعـة أشـهر وعشـرة أيـام ولـم تضـع انتظـرت حتـى تضـع . هـذا قولهمـا ! لكـن هـذا يخالـف النـص فـلا عبـرة بـه . * فعـن المِسْـوَرِ بـنِ مَخْرَمَـةَ أن سُـبَيْعَةَ الأسـلمية نُفِسَـتْ بعـد وفـاة زوجهـا بليـالٍ فجـاءت النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاسـتأذنته أن تَنْكِـحَ ، فـأذن لهـا فَنَكَحَـتْ ."صحيح البخاري . متون / ( 68 ) ـ كتاب : الطلاق / ( 39 ) ـ باب : " وأولات الأحمال أجلهن ... " .سورة الطلاق : آية : 4 / حديث رقم : 5320 / ص : 643 . وفـي روايـة أخـرى : قـال البخـاري حدثنـا يحيـى بـن بكيـر عـن الليـث عـن يزيـد أن ابـن شـهاب كتـب إليـه أن عُبيـد الله ابـن عبـد اللهِ أخبـره عـن أبيـه أنـه كتـب إلـى ابـن الأرقــم أن يسـأل سُـبيعة الأسـلمية كيـف أفتاهـا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فقالـت : أفتانـي إذا وضعـتُ أن أنْكِـحَ .صحيح البخاري . متون / ( 68 ) ـ كتاب : الطلاق / ( 39 ) ـ باب : " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن " / حديث رقم : 5319 / ص : 643 . والراجـــح : أن قـول الصحابـي ليـس حُجـة ملزمـة ولكـن يؤخـذ بـه حيـث لا نـص فـي الكتـاب ولا فـي السـنة الصحيحـة ولا فـي الإجمـاع ـ ولا فـي القيـاس ـ فالأخـذ بقـول الصحابـي أولـى . الوجيز في أصول الفقه ... / د . عبد الكريم زيدان / بتصرف يسير / ص : 258 . أمـا إذا خالـف قـولُ الصحابـي نصًّـا ، وجـب العمـل بالنـص ، وإذا خالـف قـول الصحابـي قـول صحابـي آخـر قُـدِّم الراجـح ، ولكـن هـذا الترجيـح يكـون إمـا بقربـة مـن الدليـل ، وإمـا باعتبـار حـال الصحابـي ، ولكـن القـرب مـن الدليـل مُقَـدَّم . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 467 . وإن تسـاويا في القـرب من النـص ، أخـذ بالأرجـح حـالاً كأن يقـدم قـول أبـي بكـر على قـول عمـر . وقـال الدكتـور / محمـد أديـب صالـح : ممـا لاشـك فيـه أن قـول الصحابـي فـي المسـائل الاجتهاديـة يلقـي ضـوءًا علـى معانـي النصـوص ويسـاعد الباحـث علـى تبيانهـا ، ويبعـث فـي النفـس مزيـدًا مـن الطمأنينـة ، لأن الصحابـي قـد تهيـأت له مشـاهدة التنزيـل ، ومعرفـة تأويـل النصـوص ، وعايـن الكثيـر من الوقائـع وأسـباب نـزول الآيـات ، أو ورود أحاديـث الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وعـاش فـي ظـل البيـان النبـوي الكريـم ، فاجتهـاد الصحابـي وإن كـان يحتمـل الخطـأ إلا أنـه مرجـح علـى اجتهـاد غيـره مـن التابعيـن وغيرهـم مـن المجتهديـن ، ولكـن ذلـك كلـه لا يجعـل الحديـث الموقـوف فـي سـوية المصـادر الأصليـة التـي هـي الكتـاب والسـنة والإجمـاع والقيـاس ، وذلـك مـا عليـه الأكثـرون وهـو أمـر لا يتنافـى أبـدًا مـع منزلـة الصحابـة ـ رضوان الله عليهم ـ وكونهـم الجسـر المبـارك الـذي حمـل إلينـا الكتـاب الكريـم ، ونقـل إلينـا بيانـه عـن رسـول الله صلـوات الله وسـلامه عليـه ، وكونهـم أيضًـا بمـا لهـم مـن فضـل الصحبـة وارتفـاع الدرجـة ، وعظمـة الشـأن ـ القـدوة الحسـنة فـي اتبـاع الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ والتـزام الشـريعة علمًـا وعمـلاً . ا . هـ .نظم الدرر في ... / ص : 214 . ـ يلاحـظ أنـه عنـد التطبيـق علـى المسـائل الفقهيـة ، يرجـع لكتـب الفقـه ، لأن الأمـور قـد تختلـف بحسـب كـل مسـألة وتفصيلهـا . أقســـام أحــوال الصحابــة : القســم الأول : مَـنْ نَـصَّ الشـرعُ علـى أن قولهـم حُجَّـة . قال صلـى الله عليـه وعلى آله وسلم " اقتـدوا باللَّذَيْـن من بعـدي من أصحابـي أبـي بكـر وعمر ، ... " رواه اللالكائي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / رقم الحديث : 1233 . وهـذا نـصٌ صريـح فـي أن قولهمـا حُجـة بعـد توفـر شـروط الحجيـة ، لأنهـم مـع هـذا غيـر معصوميـن . شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 463 / بتصرف . القســم الثانــي : مَـنْ عُرِفـوا بالإمامـة فـي الديـن والفقـه فـي العلـم ( مثـل ابـن عبـاس ... ) . فهـؤلاء أيضًـا القـول بـأن قولهـم حجـة قـول قـوي جـدًّا ـ بعـد عرضـه علـى الكتـاب والسـنة ـ . القســم الثالــث : مَـنْ لـم يتصفـوا بهـذا ، فالقـول بـأن قولهـم حجـة قـول بعيـد . الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 464 / بتصرف . أمثلـــة علـى أنــواع الموقــوف : أ ـ الموقـوف القولـي : قـال علـى بـن أبـي طالـب رضي الله عنه" حدثـوا النـاس بمـا يعرفـون ، أتريـدون أن يُكَـذَّبَ اللهُ ورسـولُهُ " . صحيح البخاري . متون / ( 3 ) ـ كتاب : العلم / ( 49 ) ـ باب : من خص بالعلم قومًا دون قومٍ كراهية أن لا يفهموا / معلق بصيغة الجزم / ص : 26 . بعـد أن ذكـر البخـاري هـذا الحديـث الموقـوف علـى علـي معلقًـا (1)ذكـره مـرة أخـرى موصـولًا فقـال البخـاري : حدثنـا عُبيـدُ اللهِ بـن موسـى عـن معـروف بـنِ خرَّبُـوذٍ عـن أبـي الطُّفَيْـل عـن عَلـيٍّ بذلـك . صحيح البخاري . متون / ( 3 ) ـ كتاب : العلم / ( 49 ) ـ باب : من خَصَّ بالعلم ... / حديث رقم : 127 / ص : 26 . ( 1 ) معلق : الحديث المعلق هو ما حُذِفَ من بداية إسناده واحد أو أكثر ولو إلى آخر الإسناد . نظم الدُّرر ... / ص : 131 / بتصرف . ولمزيد معلومات عن المعلقات يُرجع لبحث : " قبسات من علم مصطلح الحديث " / ج : 1 / ص : 47 . ب ـ الموقــوف الفعلــي : قـول الإمـام البخـاري : " وأمَّ ابـنُ عبـاسٍ وهـو متيمـمٌ " . صحيح البخاري . متون / ( 7 ) ـ كتاب : التيمم / ( 6 ) ـ باب : الصعيد الطيب وضوء / معلق / ص : 48 . قـال ابـنُ حَجَـر في فتـح البـاري بشـرح صحيـح البخـاري / ج : 1 / ( 7 ) ـ كتـاب : التيمـم / ( 6 ) ـ بـاب : الصعيـد الطيـب وَضـوءُ المسـلم يكفيـه مـن المـاء / ص : 532 : قولـه وأمَّ ابـنُ عبـاس وهـو متيمـم : وَصَلَـهُ ابـن أبـي شـيبة والبيهقـي وغيرهمـا ، وإسـناده صحيـح . ا . هـ . ج ـ الموقــوف التقريــري : كقـول التابعـي : " فعلـتُ كـذا بحضـرة الصحابـي ولـم ينكـر علـي " . التعليقات الأثرية ... / ص :22 . درجــات أقــوال الصحابــة : الدرجــة الأولــى : أن يتفـق الصحابـة علـى مسـألة .فهـذا إجمـاع قولـي ، وهـو حجـة . الدرجــة الثانيــة : أن يتفـق الخلفـاء الراشـدون الأربعـة علـى مسـألة . الدرجــة الثالثــة : أن يقـول الصحابـي قـولاً يُعْـرَف أنـه قـد انتشـر وذاع بيـن الصحابـة ، ولـم يُعْلَـمْ أن أحـدًا منهـم أنكـره أو رد عليـه ، فهـذا النـوع هـو مـا يسـمى بالإجمـاع السـكوتي . الدرجــة الرابعــة : أن يقـول الصحابـي قـولاً لا يُـدْرَك بمجـرد الـرأي ، فهـذا النـوع ـ وإن كـان موقوفًـا فـي الظاهـر لـه حكـم المرفـوع إلـى النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم . الدرجــة الخامســة : أن يقـول الصحابـي قـولاً ممـا يُـدْرَك بالـرأي ، ويخالفـه فيـه غيـره مـن الصحابـة . فهـذا النـوع ذهـب الجمهـور إلـى أنـه ليـس بحجـة . الدرجــة الســادسـة : أن يقـول الصحابـي قـولاً ممـا يُـدْرَك بالـرأي ، ولـم يُعْلَـمْ انتشـاره بينهـم ، ولـم يعلـم أن غيـره مـن الصحابـة خالفـه فـي ذلـك ، وليـس مخالفـًا لكتـاب أو سـنة . وهـذا النـوع مختلـف فيـه .الواضح في أصول الفقه للمبتدئين ... / ص : 135 . * * * * * فائـــدة :بلـغ عـدد الذيـن آمنـوا بالنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي حياتـه عشـرات الألـوف ، والذيـن لهـم روايـة منهـم فـي مسـند الإمـام أحمـد قريـب مـن ( 750 ) نفسًـا ، أمـا الذيـن لهـم آراء اجتهاديـة وفتـاوى فـلا يزيـدون عـن ( 150 ) ، المكثـرون منهـم سـبعة ، والمتوسـطون عشـرون ، والباقـي مقلـون ( انظـر الإحكـام لابـن حـزم ) . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 135 . س : لـو خالـف قـول الصحابـي العمـومَ فهـل نُقَـدِّم دلالـة العـام أو نقـول قـول الصحابـي أو فعلـه مخصِّـص ؟ الجــواب : نأخـذ بالعمـوم ، لأن اللفـظ العـام عمومـه مقصـود ، وإذا قُصِـدَ عمومـه شـمل جميـع أفـراده . ومـن ذلـك حديـث " ابـن عمـر " ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أمــر بإعفـاء اللحـى وإرخائهـا ( وذلـك فـي حديـث البخـاري / رقم : 5892 ) ؛ وظاهـر هـذا الحديـث العمـوم وشـمول الحكـم لِمَـا دون القبضـة ومـا زاد علـى القبضــة ، ولكـن كـان " ابـن عمــر " إذا حـج قبـض علـى لحيتـه فمـا زاد علـى القبضـة قَصَّـهُ ؛ فعـن ابـن عمـر عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " خالفـوا المشـركين وَفِّـرُوا الِّحـى وأحفـوا الشـوارب " . وكـان ابـن عمـر إذا حـج أو اعتمـر قبـض علـى لحيتـه فمـا فَضَـلَ أخـذه .صحيح البخاري . متون / ( 77 ) ـ كتاب : اللباس / ( 64 ) ـ باب : تقليم الأظافر / حديث رقم :5892 / ص : 701 . وهـذا فعـل يقتضـي التخصيـص ـ عنـد بعـض أهـل العلـم . فقـد ذهـب إلـى هـذا بعـض أهـل العلـم ، وقـال : إننـا نقـدم قــول الصحابـي أو فعلـه علـى العمـوم ، لأن دَلالـة العمـوم علـى جميـع الأفـراد دلالـة ظنيـة ، وفعـل الصحابـي المخالـف للعمـوم يبعـد أن يكـون واقعًـا إلا عـن نـص ، لأن الصحابـي لا يمكـن أن يخالـف العمـومَ بإخـراج فـردٍ مـن أفـراده عـن حُكمِـهِ إلا وعنـده علـم بذلـك ، فيكـون ابـن عمـر عنـده علـم بذلـك ، ويكـون فعلـه هـذا مُخَصِّصًـا للعمـوم . ولكـن لاشـك أن الأبـرأ للذمـة والأحـوط ، تقديـم العمـوم علـى قـول الصحابـي أوفعلـه ، لأن قـول الصحابـي يتطـرق إليـه الاحتمـال ، فيحتمـل أنه اجتهـد ، لكـن عمـوم النـص لا يتطـرق إليـه الاحتمـال تطرقًـا قطعيًّـا بـل ظاهـره يقتضـي شـمول جميـع الأفـراد فيؤخـذ بـه . والإنسـان يـوم القيامـة ليـس مسـئولاً عـن فعـل الصحابـي ، وإنمـا هـو مسـئول عـن قـول الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـد قـال تعالـى { وَيَـوْمَ يُنَادِيهِـمْ فَيَقُـولُ مَـاذَا أَجَبْتُـمُ الْمُرْسَـلِينَ } .سورة القصص / آية : 65 . ولا أعتقـد أن أحـدًا يثبـت لـه قَـدَمٌ يـوم القيامـة فيقـول : يـا ربـي قصصتُهَـا لأن ابـن عمـر راوي الحديـث قَصَّهَـا فهـو أعلـم بمـا روى ! . فهـذه شـبهة والجـواب عليهـا : قـول الرسـول صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم عـام فلمـاذا تحتـج بالعمـوم إذا شـئت ، وتمنـع الاحتجـاج بـه إذا شـئتَ ، فهـذا تناقـض ! فالراجـــح أن تخصيـص قـول الصحابـي أو فعلـه للعمـوم لا يؤخـذ بـه إلا بدليـل وإلا فـإن مخالفـة الصحابـي للعمـوم كمخالفتـه للخصـوص . شرح الأصول من علم الأصول / للعثيمين / ص : 468 . * * * * *
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الســـادس : شــرع مَـنْ قبلنــا أي : الهـدي الـذي أنـزل علـى رُسـل الأمـم السـابقة عليهـم السـلام ، كالتـوراة والزبـور والإنجيـل .التأسيس ... / ص : 421 . أقســـام شــرع مَـنْ قبلنـا : ينقسـم شـرع مَـنْ قبلنـا باعتبـار وصولـه إلينـا إلـى قسـمين : أ ـ شـرع مـن قبلنـا ولـم يُصَـرِّح بـه شَـرْعُنَا . ب ـ شـرع مـن قبلنـا وصُـرِّحَ بـه فـي شَـرْعِنَا . أولًا : شـرع مـن قبلنـا ولـم يصـرِّح بـه شـرعنا : لا حُجَّـة فـي هـذا القسـم بالإجمـاع .وأغلبـه إسـرائيليات ، ولكـن يجـب عـدم تصديقهـم أو تكذيبهـم فيمـا يقولـون . فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : كـان أهـلُ الكتـاب يقـرءون التـوراة بالعِبْرانيـة ويفسـرونها بالعربيـة لأهـل الإسـلام فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " لا تصدقـوا أهـلَ الكتـابِ ، ولا تكذبوهـم ، وقولــوا "ءَامَنَّـا بالله وَمَـا أُنـزِلَ إِلَيْنَـا ... " الآيـة (1)" . صحيح البخاري . متون / ( 97 ) ـ كتاب : التوحيد / ( 51 ) ـ باب : ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها ... / حديث رقم : 7542 / ص : 876 . ( 1 ) سورة البقرة / آية : 136 ، وتمام الآية { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } . ثانيــًا : شـرع مَـنْ قبلنـا وصـرح بـه فـي شـرعنا : وهـذا القسـم ينقسـم إلـى ثلاثـة أنـواع : النــوع الأول : صُـرِّح بـه فـي شـرعنا بالنسـخ : وهـذا النـوع لا حُجـة فيـه بالإجمـاع ، لأن المنسـوخ لا يجـوز العمـل بـه بحـال . مثـــال : صناعـة التماثيـل فـي شـريعة سـليمان كانـت جائـزة .أمـا شـريعتنا فقـد حرمـت ذلـك . النــوع الثانــي : صَـرَّحَ بـه شـرعنا بالتقريـر : وهـذا النـوع حُجـة بالإجمـاع . ومثالــه : قولـه تعالـى { يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـواْ كُتِـبَ عَلَيْكُـمُ الصِّيَـامُ كَمَـا كُتِـبَ عَلَـى الَّذِيـنَ مِن قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُـمْ تَتَّقُـونَ }سورة البقرة / آية : 183 . فأصل الصيـام كـان مشـروعًا في الأمـم السـابقة ، وقـرر شرعنا ذلـك كأصـل مـع اختـلاف التفاصيـل .التأسيس ... / ص : 424 . وهـذا النـوع مـن الأحكـام لا خـلاف فـي أنـه شـرع لنـا ، ومصـدر شـرعيته وحجيتـه بالنسـبة إلينـا هـو نفـسنصـوص شـريعتنا .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 260 . النــوع الثالــث : سـكت عنـه شـرعنا : فهـذا النـوع أيضًـا صـرح بـه شـرعنا ، ولـم ينسـخه ولـم يقـره بـل سـكت عنـه . وهـذا النـوع هـو محـل النـزاع (1)بيـن العلمـاء هـل هـو حُجـة أم لا . ( 1 ) من أراد التفصيل في هذا الخلاف فليرجع إلى كتاب الواضح في أصول الفقه للمبتدئين ... / ص : 140 . ومثالـــه : قولـه تعالـى : { وَكَتَبْنَـا عَلَيْهِـمْ فِيهَـا أَنَّ النَّفْـسَ بِالنَّفْـسِ وَالْعَيْـنَ بِالْعَيْـنِ وَالأَنـفَ بِالأَنـفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّـنَّ بِالسِّـنِّ وَالْجُـرُوحَ قِصَـاصٌ ... } .سورة المائدة / آية : 45 . وهـذا فـي شـريعة مَـنْ قبلنـا ، ولـم يُنسـخ ولـم يقـرر بشـرعنا والحـق أن هـذا الخـلاف غيـر مهـم ، لأنـه لا يترتـب عليـه اختـلاف فـي العمـل ، فمـا مـن حكـم مـن أحكـام الشـرائع السـابقة ، قَصَّـهُ الله علينـا ، أو بينـه الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لنـا ، إلا وفـي شـريعتنا مـا يـدل علـى نسـخه أو بقائـه فـي حقنـا ، سـواء جـاء دليـل الإبقـاء أو النسـخ فـي سـياق النـص الـذي حكـى لنـا حكـم الشـرائع السـابقة ، أو جـاء ذلـك الدليـل فـي مكـان آخـر مـن نصـوص الكتـاب والسـنة . ونذكــر هنـا تأييـدًا لقولنـا ، ثبــوت أحكـام الآيـة السـابقة فـي حقنـا " وَكَتَبْنَـا عَلَيْهِـمْ فِيهَـاأَنَّ النَّفْـسَ بِالنَّفْـسِ ... " بدلائـل مـن شـريعتنا ، لأن بعـض النـاس يدعـي أن القصـاص فـي الجـروح والأعضـاء ، ليـس شـرعًا لنـا ، وإنمـا هـو شـرع مَـن قبلنـا فـلا يلزمنـا . وهـذا وهـم محـض لا يقـوم علـى حجـة أو برهـان . فـلا خــلاف بيـن العلمـاء أن أحكـام هـذه الآيـة ثابتـة فـي حقنـا ، وأنهـا جــزء مـن شـريعتنا ،ومـن يطلـع علـى كتـب الفقهـاء مـن مختلـف المـدارس الفقهيـة يجـد بابًـا خاصًـا للقصـاص فـي النفـس وفيمـا دون النفـس ، فهـو حكـم ثابـت فـي حقنـا بـلا خـلاف . وحكـى ابـن كثيـر فـي تفسـيره الإجمـاع علـى العمـل بموجـب الآيـة . فأحكـام هـذه الآيـة معمـول بهـا فـي حقنـا علـى رأي كـلا الفريقيـن القائليـن بشـرع مَـنْ قبلنـا ، والمخالفيـن لهـم فـي ذلـك . الأولـون يحتجُّـون بهـا وِفقًـا لمذهبهـم . والآخـرون يحتجـون بهـا ، لأن الدلائـل مـن شـريعتنا قامـت علـى شـريعتها بالنسـبة إلينـا .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 262 . * فعـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ أن ابنـة النضـر لطمـت جاريـة فكسـرت ثنيتهـا ، فأتَـوا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فأمـر بالقصـاص ."صحيح البخاري . متون / ( 87 ) ـ كتاب : الديات / ( 19 ) ـ باب : " السن بالسن " المائدة آية : 45 / حديث رقم : 6894 / ص : 801 . وعـن أنـس أن الرُّبيـعَ عمتَـهُ كسـرت ثنيـةَ جاريـةٍ فطلبـوا إليهـا العفـوَ ، فأبَـوْا ، فعرضـوا الأرشَ (1) ، فأبَـوْا ، فأتَـوْا رسـولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأبَـوْا إلا القِصـاصَ فأمـر رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بالقصـاص . فقـال أنـسُ بـنُ النضـرِ : يـا رسـولَ اللهِ أَتُكْسَـرُ ثنيـةُ الرُّبَيْـعِ ؟ لا والـذي بعثـك بالحــق لا تُكسَــرُ ثنيتُهَـا . فقـال رســول اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " يا أنـسُ كتـابُ اللهِ القِصَـاصُ " . فرضـيَ القـومُ فعفَــوْا ، فقـال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إن مـن عبـادِ اللهِ مَـنْ لـو أقسـمَ علـى اللهِ لأبـره " . صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 23 ) ـ باب : " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ... " / حديث رقم : 4500 / ص : 527 . ( 1 ) فطلبـوا إليهـم العفـو فأبَـوْا ، فعرضـوا الأرش فأبـوا : أي طالـب أهـلُ الرُّبَيْـع إلـى أهـل التـي كُسـرت ثنيتهـا أن يعفـوا عـن الكسـر المذكـور مجانًـا ، أو علـى مـال ، فامتنعـوا . ـ إشــكال وحلـــه : قـد اسـتشـكل إنكـار أنـس بـن النضـر كسـر سـن الرَّبيـع مـع سـماعه مـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الأمـر بالقصـاص ثـم قـال : أتكسـر سـن الرُّبيــع ؟ ثـم أقسـم أنهـا لا تكســر ، بقولـه : لا والـذي بعثـك بالحـق لا تُكسـر ثنيتُهَـا : وأجيـب : إنـه لـم يقلـه ردًّا للحكـم بـل نفـى وقوعـه لمـا كـان لـه عنـد الله مـن اللطـف بـه فـي أمـوره ، والثقـة بفضلـه أن لا يخيبـه فيما حلـف بـه ولا يخيـب ظنـه فيمـا أراده بـأن يلهمهـم العفـو ، وقـد وقـع الأمـر علـى مـا أراد . وبهـذا جـزم الطيبـى ، لـذا عجـب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن أنـس بـن النضـر أقسـم علـى نفـي فعـل غيـره مع إصـرار ذلـك الغيـر علـى إيقـاع ذلـك الفعـل فكـان قضيـة ذلـك في العــادة أن يحنـث فـي يمينـه ، فألهـم الله الغيــر العفـو فبـر قسـم أنـس . وأشـار بقولـه : " إن مـن عبــاد الله " إلـى أن هـذا الاتفـاق إنمـا وقــع إكرامًـا مـن الله لأنـس ليبـر يمينـه ، وأنـه مـن جملـة عبـاد الله الذيـن يجيـب دعاءهـم ويعطيهـم أربهـم . ا . هـ .بتصرف في ترتيب المعلومة . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 12 / ( 87 ) ـ كتاب : الديات / ( 19 ) ـ باب : السن بالسن / ص : 234 . وورد بكتـاب : الواضـح فـي أصـول الفقـه للمبتدئيـن ... / ص : 142 : والـذي نـراه أن بعـض الأمـور التـي شُـرِعَتْ لمـن قبلنـا شُـرِعَت لهـم خاصـة ، وهـي أشـياء مـن العبـادات الخاصـة وكيفياتهـا ، ونحـو مواسـم قرابينهـم وأعيادهـم مـن حيـث الزمـان والمكـان ، بدليـل قولـه تعالـى " وَلِكُـلِّ أُمَّـةٍ جَعَلْنَــا مَنسَـكاً لِيَذْكُــرُوا اسْـمَ اللهِ عَلَـى مَـا رَزَقَهُــم مِّـن بَهِيمَـةِ الأَنْعَـامِ ... ". سورة الحج / آية : 34 . وأمـا أصـول الإيمـان فهـي مشـتركة . ومـن هنـا ورد الحديـث : " الأنبيـاء أولاد عَـلات أمهاتهـم شـتى ودينهـم واحـد " .البخاري . فعـن أبـي هريـرة قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " أنـا أولـى النـاس بعيسـى بـن مريـم فـي الدنيـا والآخـرة ، والأنبيـاءُ إخـوة لِعَـلاَّتٍ أمهاتُهُـم شـتى ودينهـم واحـد" فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 6 / ( 60 ) ـ كتاب : أحاديث الأنبياء / ( 48 ) ـ باب : قول الله" واذكر في كتاب مريم ... " / حديث رقم : 3443 / ص : 550 . العَـلات بفتـح المهملـة : الضرائـر . وأصلـه أن مـن تـزوج امـرأة ثـم تـزوج أخـرى كأنـه عـل منهـا . وأولاد العَـلات : الإخـوة مـن الأب وأمهاتهـم شـتى . ومعنـى الحديـث : أن أصـل دينهـم واحـد وهـو التوحيـد وإن اختلفـت فـروع الشـرائع . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 6 / ( 60 ) ـ كتاب : أحاديث الأنبياء /( 48 ) ـ باب : قول الله واذكر في الكتاب مريم / ص : 564 . الخلاصـــة : * شـرع مـن قبلنـا هـو الهـدي الـذي أُنـزل علـى رسـل الأمـم السـابقة عليهـم السـلام ، كالتـوراة ،والزبـور ، والإنجيـل . * شـرع مَـنْ قبلنـا الـذي لـم يصـرَّح بـه شـرعنا ، لا حُجـة فيـه بالإجمـاع . * شـرع مَـنْ قبلنـا والمصـرح بـه فـي شـرعنا بالنسـخ ، لا حُجـة فيـه بالإجمـاع . * شـرع مـن قبلنـا والمصـرح بـه فـي شـرعنا بالتقريـر ، هـو حجـة بالإجمـاع . * شـرع مـن قبلنـا والمصـرح بـه فـي شـرعنا بالسـكوت ، فيـه خـلاف أهـو حجـة أم لا .التأسيس ... / ص : 425 / بتصرف يسير . * * * *
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الســابع : الاســتصحاب وهـو اسـتدامة نفـي مـا كـان منفيًّـا حتـى يثبتـه دليـل صحيـح ، واسـتدامة إثبـات مـا كـان ثابتًـا حتـى ينتفـي بدليـل صحيـح . والاسـتصحاب دليـلٌ عقلـي يعمـل بـه فـي الشـرعيات وغيرهـا . وهـو لا يُثْبِـتْ حقًّـا جديـدًا أو حكمًـا جديـدًا ، وإنمـا يصلـح حجـة لعـدم التغييـر ، ولبقـاء الأمـر علـى مـا كـان عليـه . الواضح ... / ص : 167 . لا نصيـر إلـى الاسـتصحاب إلا بعـد فقـد الدليـل مـن الكتـاب أو السـنة ، أو الإجمـاع ، أو القيـاس ، أوقـول الصحابـي . ويكفـي لاسـتصحاب الأصـل ، أن يبـذل المجتهـد كـل طاقـة فـي طلـب الدليـل ، ويسـتفرغ وسـعه فـي طلبـه فـإن لـم يجـده اسـتصحب الأصـل الثابـت بالدليـل . التاسيس ... / ص : 427 / بتصرف . مرادفــات الاسـتصحاب : يطلـق علـى الاسـتصحاب : العـدم الأصلـي ، أو البـراءة الأصليـة ، أو الإباحـة العقليـة .التأسيس ... / ص : 428 . أنـــواع الاسـتصحاب : قسـم أهـل العلـم مـن الأصولييـن الاسـتصحاب إلـى أربعـة أنـواع : 1ـ اسـتصحاب البـراءة الأصليـة . 2ـ اسـتصحاب العمـوم إلـى أن يَـرِد تخصيـص ، والنـص إلـى أن يـرد النسـخ . 3ـ اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه . 4ـ اسـتصحاب حكـم الإجمـاع فـي محـل النـزاع . التأسيس ... / ص : 430 . أولًا : اسـتصحاب البـراءة الأصليـة : إذا فُقِـدَ الدليـل مـن الكتــاب أو السـنة أو الإجمــاع أو قــول الصحابـي علـى مسـألة بعينهـا ، أو فُقِـدَ القيـاس علـى جنـس المسـألة ، حينئـذ شُـرِع للمجتهـد أن يسـتصحب البـراءة الأصليـة . ومعنـى البــراءة : أن المكلَّـف خـالٍ مـن التكليـف والحقـوق ، حتـى يأتـي دليـل بإشـغاله ، وليـس معنـى أن المكلَّـف خـالٍ مـن التكليــف أن مـا لـم يــردْ فيـه دليـل بالعيـن أو الجنـس أنـه مبـاح إتيانـه ولكـن مبـاح لـه إتيـان الأصـل سـواء كـان بالإباحـة أو المنـع . فمثـــلاً : الأصـل فـي الأشـياء النافعـة أنهـا مباحـة مـا لـم يـدل دليـل علـى خـلاف ذلـك . ومعنـى " نافعـة " : أي مـا كـان نفعهـا محضًـا أو كثيـرًا أو غالبًـا .لقولـه تعالـى "هُـوَ الّـَذِي خَلَـقَ لَكُـم مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا ... " . سورة البقرة / آية : 29 . ووجــه الاسـتدلال : أن هـذا الخلــق يختـص بالإنسـان لقولـه تعالـى : " لكـم " ، وأن كـل مـا فـي الأرض نفـع ، عَلِـمَ ذلـك مَـنْ عَلِـمَ وجَهِــلَ ذلـك مـن جَهِـل ، ودليـل ذلـك : " مـا " ـ فهـي تـدل علـى العمـوم ـ ، وأن هـذه الأشـياء موجـودة فـي الأرض وليسـت فـي كوكـب آخـر لقولـه تعالـى : " مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا" . الأصـل فـي الأشـياء الضـارة التحريـم سـواء كـان الضـرر الناتـج عنهـا ضـررًا محضًـا أو غالبًـا . ودليـل ذلـك : عـن عبـادة بـن الصامـت ـ رضي الله عنه ـ أن رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضـى أن " لا ضـرر ولا ضِـرار (1)" .سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 17 ) ـ باب : من بنى في حقه ما يضر بجاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح . وأمـا إذا تسـاوى النفــع والضـرر فـي شــيء ، فهـو أيضًـا حــرام ، لأن درء المفاسـد مقـدم علـى جلـب المصالـح . التأسيس ... / ص : 431 / بتصرف . ( 1 ) من أراد المزيد من التوضيح فليرجع إلى بحث : القواعد الفقهية ، وكذلك التأسيس ... / ص : 432 . متــى يُحتــج بالبــراءة الأصليــة : حينمـا يُحتـج بالبـراءة الأصليـة علـى إطلاقهـا ، يلـزم ألا يوجـد مُعَـارِض ـ ولـو فـي قـول بعـض الفقهـاء ـ لهـذا الأصـل . ولكـن عنـد وجـود المُعَـارِض ، يحتـاج مـن يحتـجّ بالبـراءة الأصليـة ، إلـى بعـض الأدلـة الثابتـة للاسـتئناس فـي تدعيـم مـا يذهـب إليـه ، ولإثبـات عـدم حُجِّيـة هـذا المُعَـارِض ، وعـدم صلاحيتـه لنقـض البـراءة الأصليـة ... مثـــال : إذا قـال بعـض الفقهـاء بطهــارة المشـرك اسـتنادًا إلـى البـراءة الأصليـة ، عـورض هـذا القــول بقـول فريـق آخـر مـن الفقهـاء يذهـب إلـى نجاسـة المشـرك ، ودليلهـم فـي ذلـك الآيـة :"... إِنَّمَـا الْمُشْـرِكُونَ نَجَـسٌ ... ". سورة التوبة / آية : 28 . فهنـا نجـد أنفسـنا أمـام قوليـن للفقهـاء : ـ قـول يوجـه لفظـة : " نجـس " علـى أنهـا نجاسـة معنويـة . ـ وقـول آخـر يوجـه لفظـة : " نجـس " علـى أنهـا نجاسـة ماديـة . فحينـذاك يحتـاج مـن يحتـج بالبـراءة الأصليـة لطهـارة المشـرك إلـى دليـل آخـر ثابـت للاسـتئناس فـي تدعيـم مـا يذهـب إليـه ، ولإثبـات عـدم حجيـة المُعَـارِض ، وعـدم صلاحيتـه لنقـض البـراءة الأصليـة . والمُعَـارِض فـي هـذا المثــال هــو : قــول بعـض الفقهـاء فـي الآيـة { ... إِنَّمَـا الْمُشْـرِكُونَ نَجَـسٌ ... } أن المقصـود بلفظـة " نجـس " أنهـا نجاسـة ماديـة .ومعهـا فـإن المشـرك عنـد أصحـاب هـذا الـرأي نجـس نجاسـة حسـية . وهـذا ينقـض قـول مـن يحتـج بالبـراءة الأصليـة لطهـارة المشـرك . فيحتـاج أصحـاب هـذا القــول ـ والحالـة هـذه إلـى أن يـردوا هـذا الفهــم وهـذا التوجيـه بدليـل يبيـن أن الإنسـان طاهـر مسـلمًا كـان أو كافـرًا . وهـذا الدليـل هـو : بقـاء ثُمامـة فـي المسـجد وهـو كافـر ، فـدل علـى طهـارة الإنسـان مسـلمًا كـان أو كافـرًا . * فعـن أبـي هريــرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : بعـث النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خيـلاً قِبَـل نَجْـد فجـاءت برجُــلٍ مـن بنـي حنيفـة يُقَـالُ لـه ثُمامـةُ بـنُ أُثـال فربطـوه بسـاريةٍ مـن سـواري المسـجد ، فخــرج إليـه النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ فقــال :عنـدي خيــر يـا محمـد إن تقتلنـي تقتـل ذا دم وإن تُنعـم تنعـم على شـاكر ، وإن كنـت تريـد المـال فسـل منـه مـا شـئت . فَتُـرِكَ حتـى كـان الغـد ثـم قـال لـه : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ قـال : مـا قلـتُ لـك إن تُنعـم تنعـم علـى شـاكر . فتركـه حتـى كـان بعـد الغـد ، فقـال : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ فقـال : عنـدي مـا قلـتُ لـك . فقـال : أطلقـوا ثمامـة ، فانطلـق إلـى نخـلٍ قريـبٍ مـن المسـجد فاغتسـل ثـم دخـل المسـجد فقـال :أشـهد أن لا إله إلا الله وأشـهد أن محمـدًا رسـول الله . يـا محمـد والله مـا كـان علـى الأرض وجــهٌ أبغـضَ إلـيَّ مـن وجهِــك ، فقـد أصبـح وجهُـك أحـبَّ الوجـوهِ إلـيّ ، والله مـا كـان مـن ديـنٍ أبغـضَ إلـيَّ مـن دينِـك فأصبـح دينُـك أحـبَّ الديـنِ إلـيَّ ، واللهِ مـا كـان مـن بلـد أبغـَُض إلـيّ مـن بلـدك فأصبـح بلـدُكَ أحـبَّ البـلاد إلـيّ وإن خيلَـك أخذتنـي وأنـا أريـدُ العمـرةَ فمـاذا تــرى ؟ فبشـرَه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأمــره أن يعتمـر . فلمـا قـدم مكـة قـال لـه قائـل : صبَـوتَ ؟ قـال : لا ولكـن أسـلمتُ مـع محمـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ولا والله لا يأتيكـم مـن اليمامـة حبـةُ حِنطـةٍ حتـى يـأذن فيهـا النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 8 / ( 64 ) ـ كتاب : المغازي / ( 70 ) ـ باب : وفد بني حنيفة ... / حديث رقم : 4372 / ص : 98 . مثـــال آخــر : إذا قـال بعـض الفقهـاء بطهـارة الـدم علـى الإطـلاق ـ مـا عـدا دم الحيـض والنفـاس ـ اسـتنادًا إلـى البــراءة الأصليـة ، واعتمـادًا علـى أنـه لـم يَــرِدْ دليـل ينقـض هـذه البــراءة إلا فيمـا يخـص دم الحيـض والنفـاس ، وأمـا الآيـة التـي ذُكـر فيهـا الـدم : { قُـل لاَّ أَجِـدُ فِـي مَـا أُوْحِـيَ إِلَـيَّ مُحَرَّمـًا عَلَـى طَاعِـمٍ يَطْعَمُـهُ إِلاَّ أَن يَكُـونَ مَيْتَـةً أَوْ دَمًا مَّسْـفُوحًا أَوْ لَحْـمَ خِنزِيـرٍ فَإِنَّـهُ رِجْـسٌ ... } .سورة الأنعام / آية : 145 . فـإن هـذه الآيـة دليـل علـى نجاسـة الخنزيـر فقـط ، لأن الهـاء فـي لفظـة : " فإنـه " تعـود علـى آخـر مذكـور وهـو " الخنزيـر " . فأصحـاب هـذا القـول ـ طهـارة الدمـاء ـ اسـتدلالاً بالبـراءة الأصليـة ، سـيُعارَضون بقـول جمـع آخـر مـن الفقهــاء الذيـن يوجِّهـون هـذا الضميــر ـ فـي لفظــة : " إنـه " ـ علـى أنـه يعــود علـى المذكـورات جميعًـا وليـس علـى " الخنزيـر " فحسـب ، مِـن ثَـمَّ فإنهـم يفهمـون ويوجهـون هـذه الآيـة علـى أنهـا ـ عندهـم ـ دليـل علـى نجاسـة الـدم علـى الإطـلاق ، فـلا حجيـة للبـراءة الأصليـة عنـد هـذا الجمـع الآخـر . وحينئـذ ، يحتــاج أصحــاب القــول بطهـارة الدمـاء ، إلـى أدلــة ثابتـة مـن الكتــاب أو السـنة الصحيحـة ، لتدحـض هـذا الفهــم وهـذا التوجيـه للآيـة ، وبالتالـي تدحـض دليـل الفريــق المعـارض القائــل بنجاسـة الـدم . فيـورد أصحـاب القــول الأول ـ اسـتئناسًـا ـ بعـض الأدلـة الثابتـة الصحيحـة ، والتـي تدعـم مـا يذهبـون إليـه فـي فهــم وتوجيـه الضميـر فـي الآيـة المذكـورة ، والتـي تُعَـارِض القـول بنجاسـة الـدم علـى إطلاقــه ، بـل إن حكــم الـدم مـا زال علـى البــراءة الأصليـة طاهــرًا ، إلا مـا ورد بشـأنه نـصٌّ يخصـه بالنجاسـة ويخرجـه مـن الأصـل المذكـور ... ومـن هـذه الأدلـة علـى سـبيل المثـال : 1 ـ دليـل طهـارة دم الحيـوان : " حديـث " ابـن مسـعود . " فقـد صـح عـن ابـن مسـعود أنـه نحـر جـزورًا فتلطـخ بدمهـا وفرْثهـا ثـم أقيمـت الصــلاة فصلـى ولـم يتوضـأ " . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 1 / 125 ) ، وابن أبي شَيْبَة ( 1 / 392 ) ، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 284 ) بسندٍ صحيح عنه .تمام المنة في ... / ص : 52 . 2ـ دليـل طهـارة دم الإنسـان " حديـث الأنصـاري الـذي قـام يصلـي فـي الليـل فرمـاه المشـرك بسـهم فوضعـه فيـه ، فنزعـه ، حتـى رمــاه بثلاثـة أسـهم ، ثـم ركــع وسـجد ومضـى فـي صلاتـه وهـو يمـوج دمًـا" .تمام المنة ... / للشيخ الألباني / ص : 51 . * فعـن جابـر قـال :خرجنـا مـع رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يعنـي فـي غـزوة ذات الرقـاع ..... فنـزل النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ منـزلاً ، فقـال " مَنْ رجـلٍ يكْلأُنـا (1) ؟ " . فانتُـدِبَ رجـل من المهاجريـن ،ورجـل مـن الأنصـار . فقـال " كونـا بفَـمِ الشِّـعْبِ " . قـال : فلمـا خـرج الرجـلان ، إلـى فـم الشـعب اضطجـع المهاجـري ، وقــام الأنصـاري يصلـي ،وأتـى الرجــل فلمـا رأى شـخصه عـرف أنـه ربيئـة (2) للقـوم ، فرمــاه بسـهم فوضعـه فيـه ،فنزعـه حتـى رمـاه بثلاثـة أسـهم ، ثـم ركـع وسـجد ، ثـم انتبـه صاحبـه ، فلمـا عـرف أنهـم قـد نـذِروا (3) بـه هـرب ، ولمـا رأى المهاجـري مـا بالأنصـاري مـن الدمـاء قـال : سـبحان الله ! ألا أنبهتنـي أول مـا رمـى ، قـال : كنـت فـي سـورة أقرأهـا فلـم أحـب أن أقطعهـا . صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / كتاب : الطهارة / ( 79 ) ـ باب : الوضوء من الدم /حديث رقم : 182 ـ 198 / ص : 40 / حسن. ( 1 ) يكلأنـا ---> يحفظنـا ويحرسـنا . ( 2 ) ربيئـة ---> طليعـة . ( 3 ) نـذروا بـه ---> عرفـوا بـه . * * * * * ثانيـًـا : اسـتصحاب العمـوم إلـى أن يـرد تخصيـص ، والنـص إلـى أن يـرد نسـخ : ـ معنـى هـذا النــوع أنـه يجـب العمــل بعمـوم اللفـظ وتطبيـق الحكــم علـى كـل أفـراده ولايسـتثنى مـن ذلـك شـيء إلا بدليـل ، فَيُعْمَــل بمـا يقتضيـه عمـوم اللفــظ حتـى يـرد مُخَصِّـص فـإن وُجِـد ، اسـتُخْرِج مـن العمـوم مـا تناولـه اللفـظ الخـاص ، وظـل اللفـظ عامًّـا فـي بقيـة الأفـراد . وكذلـك يجـب العمـل بالنـص حتـى يـرد أو يوجـد الناسـخ . فمثـــلاً : قـال تعالـى "هُـوَ الَّـذِي خَلَـقَ لَكُـم مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا ... " .سورة البقرة / آية : 29 . الآيـة عامـة ، فمـن حكـم بعمـوم الآيـة علـى أن كـل مـا فـي الأرض حِـلّ إلا مـا قـام الدليـل عليـه ، فإنـه مسـتصحب لعمـوم الآيـة ، وفـي نفـس الوقـت مسـتصحب للبـراءة الأصليـة . التأسيس ... / ص : 434 / بتصرف يسير . * * * * * ثالثـًـا : اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه : ومثالـــه : إذا ثبتـت ملكيـة عقـارٍ لأحـدٍ ، فـإن هـذه الملكيـة تظـل ثابتـة فـي حقـه مـا لـم يقـم دليـل علـى زوالهـا ، كعقـد بيـع أو هبـة أو وقـف . وكذلـك فـإن الوضـوء يثبِـت لصاحبــه صفـة حكميـة وهـي الطهـارة ، فـإذا كـان ذلـك لصـلاة المغـرب ، هـل تسـتصحب هـذه الطهـارة لصـلاة العشـاء ، أم لابـد مـن وضـوء آخـر ؟ هـذه الصفـة وهـي صفـة الطهـارة ثابتـة للمتوضـئ حتـى يأتـي بناقـض للوضـوء ينفـي عنـه صفـة الطهـارة . التأسيس ... / ص : 434 / بتصرف . * * * * * رابعـًـا : اسـتصحاب حكـم الإجمـاع فـي محـل النـزاع : إذا أجمعـت الأمـة علـى شـيء ، وهـذا الشـيء أثبـتَ حُكْمًـا معينًـا ، فهـل هـذا الحكـم يـزول بـزوال ذلـك الإجمـاع ؟ أم يسـتمر مـع انعدامـه ؟ اختلـف اهـل العلـم فـي ذلـك علـى قوليـن ، أحدهمـا : لا يسـتمر الحكـم مـع انعـدام الإجمـاع ، والثانـي : يسـتمر مـع انعـدام الإجمـاع . مثالـــه : إذا فُقِـدَ المـاء ، أجمعـت الأمـة علـى مشـروعيـة التيمـم ، فـإذا قـام المتيمـم ليصلـي فـرأى المـاء وهـو فـي الصـلاة ، فهـل يسـتمر فـي صلاتـه ، مـع رؤيـة المـاء مـع انعـدام الإجمـاع ؟ أم يخـرج مـن الصـلاة ويتوضـأ ثـم يعـود ليصلـي مـن جديـد ؟ والراجـح فـي ذلـك : أنـه يسـتمر فـي صلاتـه ولا يخـرج منهـا إن رأى المـاء .وتفصيــل ذلــك : أن الأمـة أجمعـت علـى مشـروعية التيمـم عنـد فقـد المـاء . وأن التيمـم المجمـع علـى مشـروعيته عنـد فقـد المـاء ، أثبـت للمتيمـم صفـة حكميـة وهـي الطهـارة التـي لا تصـح الصـلاة إلا بهـا . فـإن رأى المصلـي المتيمـم المـاء ، انعـدم الإجمـاع علـى مشـروعية التيمـم ، ولكـن الصفـة الحكميـة مـا زالـت قائمـة بصاحبهـا لأنهـا صفـة مكتسـبة لا تـزول إلا بناقـض ، فالصفـة الحكميـة الثابتـة بالتيمـم مـن جنـس اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه . قـال ابـنُ القيـم " ..... النـزاع ـ أي الخــلاف وعـدم الإجمــاع لا يرفـع مـا ثبـت مـن الحكـم ..... " .التأسيس ... / ص : 436 .
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الثامـــن : المصالــح المرْسَــلَة تعريفهـــا : هـي المسـألة النافعـة للنـاس ، الضروريـة لهـم ، والتـي لـم يـرد عـن الشـارع اعتبـار لهـا أو إلغـاء بعينهـا ، ولكـن شَـهدتْ لهـا أصـول الديـن العامـة .التأسيس ... / ص : 442 . · الشـروط التـي يجـب أن تتوفـر فـي المسـألة والتـي يُحْكَـم فيها بالمصالـح المرسَـلَة : 1 ـ أن تكـون المسـألة نافعـة إمـا بجلـب نفـع أو دفـع ضُـر . 2 ـ أن تكـون المسـألة مـن الضروريـات سـواء كانـت فـي الديـن أو فـي الدنيـا . 3 ـ أن لا يَـرِد فـي الشـرع اعتبـار لهـا أو إلغـاء عينًـا أو جنسًـا 4 ـ أن يكـون مسـتندها أصـول الديـن العامـة . 5 ـ أن تكـون المسـألة عامـة وليسـت خاصـة بفـرد أو مجموعـة ـ مـن النـاس ـ دون أخـرى . 6 ـ ألاَّ تُصَـادِم نصًّـا مـن كتـاب أو سـنة أو إجمـاع أو قيـاس . وفـي هـذه الجزئيـة يقـول شـيخ الإسـلام ـ ابـن تيميـة فـي الفتـاوى : ج : 11 / ص : 343 : " لا يمكـن أن توجـد مصلحـة حقيقيـة تصـادم نصًّـا أوإجماعًـا أو قياسًـا " . ا . هـ .التأسيس ... / ص : 444 . مرادفــات المصالــح المرســلة : أطلـق بعـض أهـل العلـم عليهـا الاسـتصلاح أو المرسـل . التأسيس ... / ص : 445 . سـبب تسـميتها بالمصالـح المرسـلة : سـميت بالمصالـح : لأن المصلحـة المنفعـة ، سـواء كانـت عائـدة بالنفـع الحقيقـي ، أو بالنفـع حكمًـا أي بدفـع الضـرر وسـميت مرسـلَة : لأنـه غيــر منصـوص عليهـا بعينهـا ، بـل مسـتندها أصــول الديـن العامـة كمـا سـبق ، فهـي مرسـلة فيهـا . التأسيس ... / ص : 445 . حكــم المصالـــح المرســلة : هـي حُجـة بالشـروط السـابقة ، سـواء قيـل إنهـا أصـل مسـتقل أو غيـر مسـتقل . وفـي ذلـك يقـول الشـنقيطي ـ رحمه الله ـ المذكـرة / ص : 170 : " والحـق أن أهـل المذاهـب كلهـم يعملـون بالمصلحـة المرسـلة وإن قـرروا فـي أصولهـم أنهـا غيـر حجـة " . ا . هـ . التأسيس ... / ص : 445 . نمـــاذج مـن المصالــح المرســلة : ـ جَمَـعَ أبـوبكـر ـ رضي الله عنه ـ صحـف القـرآن المتفرقـة . ـ اسـتخلاف عمـر ـ رضي الله عنه ـ مـن قِبَـل أبـي بكـر ـ رضي الله عنه ـ ، مـع أن الرسـول ـ صلى الله عليهوعلى آله وسلم ـ لـم يسـتخلف أبـا بكـر ـ رضي الله عنه. جمـع عثمـان ـ رضي الله عنه ـ المسـلمين علـى مصحـف واحـد . ـ أفتـى الشـافعية بجـواز إتـلاف الحيوانـات التـي يقاتـل عليهـا الأعـداء ، وإتـلاف شـجرهم ، إذا كانـت حاجـة القتـال والظفـر بالأعـداء والغلبـة عليهـم ـ لإعْـلاء كلمـة الله ـ يسـتدعي ذلـك . ـ أفتـى الإمـام أحمـد بـن حنبـل : بنفـي أهـل الفسـاد إلـى بلـدٍ يُؤْمَـن فيـه مـن شـرهم .التأسيس ... / ص : 446 . الخلاصـــة : المصالـح المرسـلة هـي المسـألة النافعـة للنـاس ، والضروريـة لهـم ، والتـي لـم يـرد عـن الشـارع اعتبـار لهـا أو إلغـاء بعينهـا ، ولكـن شـهدت لهـا أصـول الديـن العامـة . الضروريـات تكـون فـي الدنيـا كمـا تكـون فـي الديـن . الضروريـات فـي الديـن هـي : حفـظ الديـن ، والنفـس ، والعقـل ، والنسـب ، والمـال ، والعِـرْض . الضروريــات فـي الدنيـا : كالمعامــلات والأعمـال التـي فيهـا مصلحـة للخلـق مـن غيـر خطـر شـرعي .التأسيس ... / ص : 448 . المصـــدر التاســــع : العُــرْف أصلـــه : لقـد جـاء الإسـلام حامـلًا رايـة التخفيـف ورافعًـا الحـرج عـن الأمـة المسـلمة ، لينقلهـا مـن الظلمـات إلـى النـور . ولتحقيـق التخفيـف ورفــع الحــرج ، قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم فيمـا رواه " مسـلم " 6277 ، و " أحمـد " بسـنديهما : عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " إذا كـان شـيءٌ مـن أمـر دنياكـم ، فأنتـم أعلـمُ بـه ؛ وإذا كـان شـيءٌ مـن أمـر دينكـم فإلـيَّ " .رواه الإمام أحمد . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 767 / ص : 194 / صحيح . فهـذا الحديـث أصـلٌ عظيـم ، حيـث قَسَّـم الأشـياء إلـى نوعيـن : مـا كـان مـن أمـر الدنيـا ؛ فهـو راجـع إلـى النـاس . راجـعٌ إلـى مـا تعارفـوا عليـه ، مـن أجـل ذلـك لا يجـوز الحظـر علـى شـيء مـن أمـور الدنيـا إلا إذا خالفَـتْ نصًّـا شـرعيًّا ، أو أفضـت إلـى مفسـدة راجحـة . ومـا كـان مـن أمـر الديـن ؛ فهـو راجـع إلـى الشـرع . وليـس معنـى ذلـك أن الشـارع قـد ـ حـدد ـ كـل لفـظ مـن الجهـة الشـرعية ، بـل كثيـر مـن الألفـاظ تركهـا الشـارع إلـى أعـراف النـاس بعـد مـا علـق عليهـا الأحكـام غيـر نـاسٍ ، وهـذا عيـن التخفيـف ورفـع الحـرج عـن الأمـة المسـلمة . التأسيس ... / ص : 470 . مثـل قولـه تعالـى" ... وَلَهُـنَّ مِثْـلُ الَّـذِي عَلَيْهِـنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... " . سورة البقرة / آية : 228 . وقولـه تعالـى " ... مِـنْ أَوْسَـطِ مَـا تُطْعِمُـونَ أَهْلِيكُـمْ ..." . سورة المائدة / آية : 89 . " إن ذلـك مقـدّر بالعـرف ، لا بالشـرع ، فيطعـم أهـل كـل بلـد مـن أوسـط مـا يطعمـون أهليهـم قـدرًا ونوعًـا ، فمـا لـم يقـدره الشـارع فإنـه يُرْجَـع فيـه إلـى العـرف ، وهـذا لـم يقـدّره الشـارع فيرجـع فيـه إلـى العـرف " . القواعد الفقهية ... / لابن القيم ... / ص : 370 ، ... . تعريفـــه : العـرف هـو العـادة الجاريـة بيـن النـاس . أمـا عـادات الإنسـان الخاصـة بـه فـلا تسـمى عُرفًـا .الواضح ... / ص : 153 . أنـــواع العـــرف : والعـرف قـد يكـون قوليًّــا أو عمليًّـا ، والعـرف بنوعيـة القولـي والعملـي قـد يكـون عامًّـا أو خاصًّـا ، وهـو بجميـع هـذه الأنـواع قـد يكـون صحيحًـا أو فاسـدًا . الوجيز في أصول الفقه / ص : 250 / بتصرف . تقســـيم عـــام : أ ـ العـرف القولـي : هـو مـا تعـارف عليـه النـاس فـي بعـض ألفاظهـم ، بـأن يريـدوا بهـا معنـى معينًـا غيـر المعنـى الموضـوع لهـا . ـ كتعارفهـم : إطـلاق لفـظ " الولـد "(1)علـى الذكـر دون الأنثـى . ( 1 ) لفظ " ولد " : وهو في الأصل اللُّغَوِي صادق على البنين والبنات كما في قوله تعالى : * " ... ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدسُ مما ترك إن كان له ولد ... " . سورة النساء / آية : 11 . * " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... " سورة النساء / آية : 11 . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 154 / بتصرف . ـ وإطـلاق لفـظ " اللحـم " علـى غيـر السـمك وعليـه مـن حلـف ألا يأكـل لحمًـا فأكـل سـمكًا لا يحنـث بنـاء علـى العـرف السـائد فـي مجتمعـه . ـ وإطـلاق لفـظ " الحـوت " علـى هـذا الحيـوان البحـري الضخـم الـذي يلـد ولا يبيـض . وهـذا هـو المعنـى بالمصطلـح العلمـي . أمـا فـي لغـة العـرب المقصـود بالحـوت " السـمك " الكبيــر منـه والصغيـر ، الـذي يلـد والـذي يبيـض . وورد بالقـرآن الحـوت بهـذا المعنـى العـام . ففـي قصـة غـلام موسـى بسـورة الكهـف ، قـال تعالـى : " فَلَمَّـا جَـاوَزَا قَـالَ لِفَتَـاهُ آتِنَـا غَدَاءنَـا لَقَـدْ لَقِينَـا مِـن سَـفَرِنَا هَـذَا نَصَبـاً * قَـالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَـا إِلَـى الصَّخْـرَةِ فَإِنِّـي نَسِـيتُ الْحُـوتَ وَمَـا أَنسَـانِيهُ إِلاَّ الشَّـيْطَانُ أَنْ أَذْكُـرَهُ وَاتَّخَـذَ سَـبِيلَهُ فِـي الْبَحْـرِ عَجَبـًا " . سورة الكهف / آية : 62 ، 63 . ولكـن الحـوت الـذي التقـم نبـي الله يونـس هـو ذلـك الحيـوان المائـي الضخـم . قـال تعالـى "فَالْتَقَمَـهُ الْحُـوتُ وَهُـوَ مُلِيـمٌ " .سورة الصافات / آية : 142 . وفـي شـبه الجزيـرة العربيـة كلمـة " الحـوت " مسـتعملة بهـذا العمـوم أي تشـمل جميـع أنـواع دواب البحـر . الوجيز في أصول الفقه / ص : 250 / بتصرف . ب ـ العـرف العملـي : هـو مـا اعتـاده النـاس مـن أعمـال . ومـن أمثلتــه : التعـارف علـى أن الخاطـب إذا قـدم لخطيبتـه شـيئًا مـن الحُلِـيّ والثيـاب ... ، فهـو هديـة لا مـن المهـر . تقسـيم المهـر إلـى معجـل ومؤجـل .التأسيس ... / ص : 471 ، 472 . ـ وكتعارفهـم علـى أن المهـر المؤجـل لا يُسـتحق ولا يُطالـبُ بـه إلا بعـد الفرقـة أو المـوت .المرتقى الذلول ... / ص : 265 . فائـــدة : عنـد تسـمية المهـر ، وتقديـم بعضـه ، وتأخيـر البعـض الآخـر لأجـل غيـر مسـمى ، فـإن هـذا الأجـل يرجـع إلـى العـرف والعـادة عنـد المتعاقديـن ، فجـرت العـادة مجـرى الشـرط . إلا إذا سـمى المتعاقـدان أجـل أو وقـت تمكيـن المـرأة مـن هـذا المؤجـل ، فهنـا يقـدم مـا صرحـا بـه علـى مـا جـرى عليـه العـرف ، لأن العـرف ضمنـي والاتفـاق صريـح ، والصريـح مقـدم علـى الضمنـي . · تقســيم فرعــي : أولاً : الأعـراف العامـة والخاصـة : العـرف بنوعيـه القولـي والفعلـي ، قـد يكـون : أ ـ عامًّــا : وذلـك إذا شـاع وفشـا فـي جميــع البـلاد الإسـلامية وسـار عليـه جميـع النـاس فـي هـذه البـلاد . مثالــه : ـ إطـلاق لفـظ الدابـة علـى ذوات الأربـع ، ولا يطلقونهـا على الإنسـان فهـذا " عـرف لفظـي عـام " . ـ اعتبـار تقديـم الطعـام للضيـف إذنًـا لـه بالتنـاول ولـو لـم يصـرح المضيـف بذلـك . فهـذا " عـرف عملـي أو فعلـي عـام " . ب ـ خاصًّـا : وذلـك إذا شـاع فـي قطـر دون قطـر ، أو بيـن أربـاب حرفـة معينـة أو صنعـة معينـة ، أو ... . مثالـــه : ـ الألفـاظ التـي اصطلـح عليهـا أهـل العلـوم وأصحـاب الحـرف والصناعـات التـي يريـدون بهـا عنـد إطلاقهـا المعانـي الاصطلاحيـة ، دون معانيهـا اللغويـة . فهـذا " عـرف لفظـي أو قولـي خـاص " . ـ إعطـاء عـلاوة علـى المبيــع إلـى المشـتري عنـد شـرائه البرتقـال فـي بعـض مناطـق محافظـة دبالـي . هـذا " عـرف عملـي أو فعلـي خـاص " . الوجيز في أصول الفقه / ص : 251 / بتصرف . والمرتقى الذلول إلى ... / ص : 264 / بتصرف . ثانيــًا : العـرف الصحيـح والعـرف الفاسـد : أ ـ العـرف الصحيـح : ـ هـو مـا لا يخالـف نصًّـا مـن نصـوص الشـريعة . ـ ولا يفـوت مصلحـة معتبـرة . ـ ولا يجلـب مفسـدة راجحـة . ومـن أمثلتــه : تعـارف النـاس علـى أن مـا يقدمـه الخاطـب إلـى مخطوبتـه مـن ثيـاب ونحوهـا يعتبـر هديـة ولا يدخـل فـي المهـر . الوجيز في أصول الفقه / ص : 251 . ب ـ العـرف الفاسـد : ـ هـو مـا كـان مخالفًـا لنـص مـن نصـوص الشـريعة . ـ أو يجلـب ضـررًا . ـ أو يدفـع مصلحـة . ومـن أمثلتــه : ـ تعـارف النـاس اسـتعمال العقـود الباطلـة كالاسـتقراض بالربـا ـ تعـارف النـاس بعـض العــادات المسـتنكَرة فـي المآتـم ( مثـل السـرادقات ـ الخميـس ـ الأربعيـن ..... ) ، والموالـد ، والأفـراح غيـر الشـرعية . المرتقى الذلول ... / ص : 265 . حُجيــة العــرف : اعتبـر العلمـاء العـرف أصـلاً من أصـول الاسـتنباط ، ولهـذا كـان مـن قواعدهـم : " العـادة مُحَكَّمَـة " ، وهـذه القاعـدة هـي إحـدى القواعـد الخمـس الكبـار التـي ذكـروا أن الفقـه كلـه ينبنـي عليهـا(1) وممـا يتفـرع عنهـا ، قاعـدة : " المعـروف عرفًـا كالمشـروط شـرطًا " ، وهـذا يبيـن مـدى اعتدادهـم بالعـرف الـذي عليـه النـاس .المرتقى الذلول ... / ص : 265 . ( 1 ) انظر " الأشباه والنظائر " للسيوطي / ص : 8 . حاشية المرتقى الذلول ... / ص : 265 . ـ ويعتبـر العـرف أيضًـا مرجعًـا لتطبيـق الأحكـام علـى الحـوادث والوقائـع الجزئيـة .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 255 . فهنـاك أحكـام عُلقـت علـى اللفـظ ولـم تحـد شـرعًا ولا لغـة : علَّـق الشـارعُ كثيـرًا مـن الأحكـام علـى ألفـاظٍ ، ولـم يحـد تلـك الألفـاظ بضوابـط كـي تُطَبَّـق الأحكـام فـي محيطهـا ولا تتعداهـا ، ولـم يُعْـرَف لهـا ضابـط لُغَـوي ، بـل تركهـا لعـرف النـاس رحمـة بهـم غيـر نسـيان . فمثـــلاً : نجـد أن الألفـاظ إمـا لهـا : ـ حـد شـرعي : كالصـلاة ، والزكـاة ، والصيـام ، والحـج ، والإيمـان ، والكفـر ، والنفـاق . ـ أو حـد لُغَـوِي : كالشـمس ، والقمـر ، والسـماء ، والأرض ، والبَـرّ ، والبحـر . ـ أو حـد عرفـي : كالدرهـم ، والدينـار ، والإطعـام ، ... . فهـذه أشـياء لـم يحدهـا الشـارع بحـد ، ولا لهـا حـد واحـد يشـترك فيـه جميـع أهـل اللغـة ، بـل يختلـف قـدره وصفتـه باختـلاف عـادات النـاس . أمثلــة علـى الأحكـام التـي عُلقـت علـى اللفـظ ولـم تحـدّ شـرعًا ولا لغـة . مـن كتـاب الله : ".. فَكَفَّارَتُـهُ إِطْعَـامُ عَشَـرَةِ مَسَـاكِينَ مِـنْ أَوْسَـطِ مَـا تُطْعِمُـونَ أَهْلِيكُـمْ ..." .ورة المائدة / آية : 89 . فـإن الحكـم هنـا عُلِّـق علـى لفـظ " الإطعـام " ، ولـم يبيـن لنـا المقـدار ، ولا النـوع . فأمـا المقـدار فـإن مـا يكفـي الإنسـان يختلـف باختـلاف الزمـان والمكـان ، وكذلـك النـوع جعلـه الشـرع مـن أوسـط مـا تطعمـون الأهـل ، وهـذا الوَسَـط يختلـف باختـلاف السَّعَـة ، فمـن كـان عنـده سـعة فـإن وسـط طعامـه غيـر وسـط الفقيـر قطعًـا . ".. وَعلَـى الْمَوْلُـودِ لَـهُ رِزْقُهُـنَّ وَكِسْـوَتُهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... " . سورة البقرة / آية : 233 . " فالـرزق والكسـوة " : لا ضابـط لغـوي ولا شـرعي لهمـا ، فتعيـن اعتبـار العـرف فـي مكـان المسـألة وزمانهـا . التأسيس ... / ص : 475 . مــن الســـنة : ـ عـن ابـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ قـال : " فـرض رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ زكـاة الفطـر صاعًـا مـن تمـرٍ أو صاعـًا مـن شـعير علـى العبـد والحـر والذكـر والأنثـى والصغيـر والكبيـر مـن المسـلمين وأمـر بهـا أن تـؤدّى قبـل خـروج النـاس إلـى الصـلاة " . صحيح البخاري . متون / 24 ـ كتاب الزكاة / 70 ـ باب فرض صدقة الفطر / حديث رقم : 1503 / ص : 172 . فتلـك الأنـواع المذكـورة ، هـي التـي كانـت فـي المدينـة وقتئـذ ، أمـا فـي غيـر المدينـة ، فـإن هـذه الأطعمـة قـد لا تتوفـر فتكـون الصدقـة مـن طعـام أهـل البلـد . ـ قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم لـ " هنـد " امـرأة أبـي سـفيان لمـا شـكت إليـه إمسـاك أبـي سـفيان وشُـحّه ـ قـال لهـا صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم ـ : " خـذي مـا يكفيـك وولـدك بالمعـروف " . * فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن هنـدًا قالـت للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : إن أبـا سُفيانَ رجـلٌ شـحيحٌ فأحتـاج أن آخـذ مـن مالـه . قـال : " خـذي مـا يكفيـك وولـدَكِ بالمعـروف " .صحيح البخاري . متون / 93 ـ كتاب : الأحكام / 28 ـ باب : القضاء على الغائب / حديث رقم : 7180 / ص : 835 . أي : خـذي مـن المـال مـا يكفيـك وولـدك ، بمـا يوافـق مـا تعـارف النـاس عليـه مـن الكفايـة .التأسيس ... / ص : 477 / بتصرف . شــروط اعتبــار العــرف لبنــاء الأحكــام عليـه : يشـترط فـي العـرف لاعتبـاره ، وبنـاء الأحكـام عليـه مـا يأتـي 1 ـ ألا يكـون العـرف مخالفًـا للنـص ، بـأن يكـون عرفًـا صحيحًـا غيـر فاسـد . 2 ـ أن يكـون العـرف مُطَّـرِدًا مسـتفيضًا بيـن أهلـه ، معروفًـا عندهـم ، ومعمـولاً بـه بينهـم ، أو يكـون العـرف غالبًـا بحيـث لا يتخلـف إلا قليـلاً . 3 ـ أن يكـون العـرف الـذي يُفَسَّـر بـه الحكـم موجـودًا وقـت إنشـاء التصـرف المحكـوم عليـه ، بـأن يكـون حـدوث العـرف سـابقًا علـى وقـت التصـرف ، ثـم يسـتمر إلـى زمـان التصـرف فيقارنـه ، أي : يكـون سـابقًا ومقارنًـا . وعلـى هـذا الشـرط فـإن الوصايـا ، وحجـج الأوقـاف ووثائـق الـزواج تفسـر بالعـرف الـذي كان موجـودًا فـي زمـان كتابتهـا دون الأزمنـة اللاحقـة . فمثـــلاً : لـو وقـف شـخص عقـاره علـى العلمـاء فـي بعـض العصـور السـابقة ، فـإن العـرف المقـارِن يفسِّـر " العلمـاء " " بعلمـاء الديـن خاصـة " . فـلا يصـح أن يُفسَّـر إلا بذلـك العـرف ، ولا يجـوز أن يفسـر بعـرف أهـل زماننـا الذيـن جـرت عادتهـم بإطـلاق اسـم " العالِـم " علـى عالِـم الديـن وغيـره مـن أهـل الطـب والفلـك والكيميـاء وغيرهـم ، لأن هـذا عـرف متأخـر عـن زمـان صاحـب الوقـف . [ لـذا يجـب علـى المجتهـد معرفـة أعـراف النـاس قبـل الفُتيـا لهـم ، وذلـك لأنهـم يسـتخدمون فـي أسـئلتهم مـا تعارفـوا عليـه مـن الألفـاظ ] (1).( 1 ) [ ... ] ما بين المعكوفتين مصدره : التأسيس ... / ص : 472 . 4ـ ألا يوجـد قـول أو عمـل يفيـد عكـس مضمـون العـرف ، لأن ذلـك يكـون اسـتثناءً ممـا تعـارف عليـه النـاس . ومثالـــه : أن يكـون عُـرف السـوق أن مصاريـف النقـل علـى المشـتري ، فيتفـق المتبايعـان علـى أن مصاريـف النقـل علـى البائـع . فهنـا يُقَـدَّم مـا صرَّحـا بـه علـى مـا جـرى عليـه العـرف ، لأن العـرف ضمنـي والاتفـاق صريـح ، والصريـح مقـدم علـى الضمنـي .المرتقى الذلول ... / ص : 266 . · الفــرق بيــن " العــرف " والعــادة : العـادة : هـي الشـيء المألـوف سـواء كـان فـي فـرد أو جماعـة العـرف : هـو الشـيء المألـوف فـي جماعـة . وعليـه فـإن العـادة أعـم مـن العـرف ، فكـل عـرف عـادة ، وليـس كـل عـادة عرفًـا .التأسيس ... / ص : 478 . معنــى العــرف والعــادة عنــد الفقهــاء : الفقهـاء لا يفرقـون فـي المعنـى بيـن العـرف والعـادة . فيقولـون مثـلاً : العـرف والعـادة كـذا فـي المسـألة . ويُحْمَـل كلامهـم علـى المألـوف فـي المجتمـع ، والعطـف المشـهور عندهـم لا يعنـي التأسـيس (1) بـل هـو للتأكيـد . ( 1 ) لا يعني التأسيس : أي لا يعني معنى مستقل غير كلمة عرف ولكنه تأكيد لكلمة عرف . فمعناها عندهم واحد . أي العرف والعادة عندهم مترادفان . التأسيس ... / ص : 478 . · الفــرق بيــن العــرف والإجمــاع : ـ الإجمـاع : يخـص طائفـة معينـة مـن النـاس وهـم المجتهـدون . العـرف : يخـص المجتمـع . ـ الإجمـاع : لا يُنْقَـض بتغيـر الزمـان والمكـان . العـرف : يتغيـر ـ بتغيـر ـ الزمـان والمكـان . ـ الإجمـاع مصـدر مهـم مـن مصـادر الفقـه الإسـلامي ، ودليـل مـن أدلـة الأحكـام مشـهود لـه بالصحـة والاعتبـار . الوجيز في أصول الفقه / ص : 193 ./التأسيس ... / ص : 478 . العـرف ليـس دليـلاً مسـتقلاً يُشْـرَع الحكـم فـي الواقعـة بنـاءً عليـه ، وإنمـا هـو دليـل يُتوصَّـل بـه إلـى فهـم المـراد مـن عبـارات النصـوص ومـن ألفـاظ المتعامليـن وأفعالهـم حتـى يمكـن تنزيـل النصـوص علـى وقائـع المكلفيـن دون إخـلال بقصـد الشـارع أو مصالـح المكلفيـن المبنيـة علـى مـا ألِفُـوه وتعارفـوه فيمـا بينهـم . المرتقى الذلول ... / ص : 267 .
__________________
|
![]() |
|
|