|
#1
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الســـادس : شــرع مَـنْ قبلنــا أي : الهـدي الـذي أنـزل علـى رُسـل الأمـم السـابقة عليهـم السـلام ، كالتـوراة والزبـور والإنجيـل .التأسيس ... / ص : 421 . أقســـام شــرع مَـنْ قبلنـا : ينقسـم شـرع مَـنْ قبلنـا باعتبـار وصولـه إلينـا إلـى قسـمين : أ ـ شـرع مـن قبلنـا ولـم يُصَـرِّح بـه شَـرْعُنَا . ب ـ شـرع مـن قبلنـا وصُـرِّحَ بـه فـي شَـرْعِنَا . أولًا : شـرع مـن قبلنـا ولـم يصـرِّح بـه شـرعنا : لا حُجَّـة فـي هـذا القسـم بالإجمـاع .وأغلبـه إسـرائيليات ، ولكـن يجـب عـدم تصديقهـم أو تكذيبهـم فيمـا يقولـون . فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : كـان أهـلُ الكتـاب يقـرءون التـوراة بالعِبْرانيـة ويفسـرونها بالعربيـة لأهـل الإسـلام فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " لا تصدقـوا أهـلَ الكتـابِ ، ولا تكذبوهـم ، وقولــوا "ءَامَنَّـا بالله وَمَـا أُنـزِلَ إِلَيْنَـا ... " الآيـة (1)" . صحيح البخاري . متون / ( 97 ) ـ كتاب : التوحيد / ( 51 ) ـ باب : ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها ... / حديث رقم : 7542 / ص : 876 . ( 1 ) سورة البقرة / آية : 136 ، وتمام الآية { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } . ثانيــًا : شـرع مَـنْ قبلنـا وصـرح بـه فـي شـرعنا : وهـذا القسـم ينقسـم إلـى ثلاثـة أنـواع : النــوع الأول : صُـرِّح بـه فـي شـرعنا بالنسـخ : وهـذا النـوع لا حُجـة فيـه بالإجمـاع ، لأن المنسـوخ لا يجـوز العمـل بـه بحـال . مثـــال : صناعـة التماثيـل فـي شـريعة سـليمان كانـت جائـزة .أمـا شـريعتنا فقـد حرمـت ذلـك . النــوع الثانــي : صَـرَّحَ بـه شـرعنا بالتقريـر : وهـذا النـوع حُجـة بالإجمـاع . ومثالــه : قولـه تعالـى { يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـواْ كُتِـبَ عَلَيْكُـمُ الصِّيَـامُ كَمَـا كُتِـبَ عَلَـى الَّذِيـنَ مِن قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُـمْ تَتَّقُـونَ }سورة البقرة / آية : 183 . فأصل الصيـام كـان مشـروعًا في الأمـم السـابقة ، وقـرر شرعنا ذلـك كأصـل مـع اختـلاف التفاصيـل .التأسيس ... / ص : 424 . وهـذا النـوع مـن الأحكـام لا خـلاف فـي أنـه شـرع لنـا ، ومصـدر شـرعيته وحجيتـه بالنسـبة إلينـا هـو نفـسنصـوص شـريعتنا .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 260 . النــوع الثالــث : سـكت عنـه شـرعنا : فهـذا النـوع أيضًـا صـرح بـه شـرعنا ، ولـم ينسـخه ولـم يقـره بـل سـكت عنـه . وهـذا النـوع هـو محـل النـزاع (1)بيـن العلمـاء هـل هـو حُجـة أم لا . ( 1 ) من أراد التفصيل في هذا الخلاف فليرجع إلى كتاب الواضح في أصول الفقه للمبتدئين ... / ص : 140 . ومثالـــه : قولـه تعالـى : { وَكَتَبْنَـا عَلَيْهِـمْ فِيهَـا أَنَّ النَّفْـسَ بِالنَّفْـسِ وَالْعَيْـنَ بِالْعَيْـنِ وَالأَنـفَ بِالأَنـفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّـنَّ بِالسِّـنِّ وَالْجُـرُوحَ قِصَـاصٌ ... } .سورة المائدة / آية : 45 . وهـذا فـي شـريعة مَـنْ قبلنـا ، ولـم يُنسـخ ولـم يقـرر بشـرعنا والحـق أن هـذا الخـلاف غيـر مهـم ، لأنـه لا يترتـب عليـه اختـلاف فـي العمـل ، فمـا مـن حكـم مـن أحكـام الشـرائع السـابقة ، قَصَّـهُ الله علينـا ، أو بينـه الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لنـا ، إلا وفـي شـريعتنا مـا يـدل علـى نسـخه أو بقائـه فـي حقنـا ، سـواء جـاء دليـل الإبقـاء أو النسـخ فـي سـياق النـص الـذي حكـى لنـا حكـم الشـرائع السـابقة ، أو جـاء ذلـك الدليـل فـي مكـان آخـر مـن نصـوص الكتـاب والسـنة . ونذكــر هنـا تأييـدًا لقولنـا ، ثبــوت أحكـام الآيـة السـابقة فـي حقنـا " وَكَتَبْنَـا عَلَيْهِـمْ فِيهَـاأَنَّ النَّفْـسَ بِالنَّفْـسِ ... " بدلائـل مـن شـريعتنا ، لأن بعـض النـاس يدعـي أن القصـاص فـي الجـروح والأعضـاء ، ليـس شـرعًا لنـا ، وإنمـا هـو شـرع مَـن قبلنـا فـلا يلزمنـا . وهـذا وهـم محـض لا يقـوم علـى حجـة أو برهـان . فـلا خــلاف بيـن العلمـاء أن أحكـام هـذه الآيـة ثابتـة فـي حقنـا ، وأنهـا جــزء مـن شـريعتنا ،ومـن يطلـع علـى كتـب الفقهـاء مـن مختلـف المـدارس الفقهيـة يجـد بابًـا خاصًـا للقصـاص فـي النفـس وفيمـا دون النفـس ، فهـو حكـم ثابـت فـي حقنـا بـلا خـلاف . وحكـى ابـن كثيـر فـي تفسـيره الإجمـاع علـى العمـل بموجـب الآيـة . فأحكـام هـذه الآيـة معمـول بهـا فـي حقنـا علـى رأي كـلا الفريقيـن القائليـن بشـرع مَـنْ قبلنـا ، والمخالفيـن لهـم فـي ذلـك . الأولـون يحتجُّـون بهـا وِفقًـا لمذهبهـم . والآخـرون يحتجـون بهـا ، لأن الدلائـل مـن شـريعتنا قامـت علـى شـريعتها بالنسـبة إلينـا .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 262 . * فعـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ أن ابنـة النضـر لطمـت جاريـة فكسـرت ثنيتهـا ، فأتَـوا النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فأمـر بالقصـاص ."صحيح البخاري . متون / ( 87 ) ـ كتاب : الديات / ( 19 ) ـ باب : " السن بالسن " المائدة آية : 45 / حديث رقم : 6894 / ص : 801 . وعـن أنـس أن الرُّبيـعَ عمتَـهُ كسـرت ثنيـةَ جاريـةٍ فطلبـوا إليهـا العفـوَ ، فأبَـوْا ، فعرضـوا الأرشَ (1) ، فأبَـوْا ، فأتَـوْا رسـولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأبَـوْا إلا القِصـاصَ فأمـر رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بالقصـاص . فقـال أنـسُ بـنُ النضـرِ : يـا رسـولَ اللهِ أَتُكْسَـرُ ثنيـةُ الرُّبَيْـعِ ؟ لا والـذي بعثـك بالحــق لا تُكسَــرُ ثنيتُهَـا . فقـال رســول اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " يا أنـسُ كتـابُ اللهِ القِصَـاصُ " . فرضـيَ القـومُ فعفَــوْا ، فقـال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إن مـن عبـادِ اللهِ مَـنْ لـو أقسـمَ علـى اللهِ لأبـره " . صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 23 ) ـ باب : " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ... " / حديث رقم : 4500 / ص : 527 . ( 1 ) فطلبـوا إليهـم العفـو فأبَـوْا ، فعرضـوا الأرش فأبـوا : أي طالـب أهـلُ الرُّبَيْـع إلـى أهـل التـي كُسـرت ثنيتهـا أن يعفـوا عـن الكسـر المذكـور مجانًـا ، أو علـى مـال ، فامتنعـوا . ـ إشــكال وحلـــه : قـد اسـتشـكل إنكـار أنـس بـن النضـر كسـر سـن الرَّبيـع مـع سـماعه مـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الأمـر بالقصـاص ثـم قـال : أتكسـر سـن الرُّبيــع ؟ ثـم أقسـم أنهـا لا تكســر ، بقولـه : لا والـذي بعثـك بالحـق لا تُكسـر ثنيتُهَـا : وأجيـب : إنـه لـم يقلـه ردًّا للحكـم بـل نفـى وقوعـه لمـا كـان لـه عنـد الله مـن اللطـف بـه فـي أمـوره ، والثقـة بفضلـه أن لا يخيبـه فيما حلـف بـه ولا يخيـب ظنـه فيمـا أراده بـأن يلهمهـم العفـو ، وقـد وقـع الأمـر علـى مـا أراد . وبهـذا جـزم الطيبـى ، لـذا عجـب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن أنـس بـن النضـر أقسـم علـى نفـي فعـل غيـره مع إصـرار ذلـك الغيـر علـى إيقـاع ذلـك الفعـل فكـان قضيـة ذلـك في العــادة أن يحنـث فـي يمينـه ، فألهـم الله الغيــر العفـو فبـر قسـم أنـس . وأشـار بقولـه : " إن مـن عبــاد الله " إلـى أن هـذا الاتفـاق إنمـا وقــع إكرامًـا مـن الله لأنـس ليبـر يمينـه ، وأنـه مـن جملـة عبـاد الله الذيـن يجيـب دعاءهـم ويعطيهـم أربهـم . ا . هـ .بتصرف في ترتيب المعلومة . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 12 / ( 87 ) ـ كتاب : الديات / ( 19 ) ـ باب : السن بالسن / ص : 234 . وورد بكتـاب : الواضـح فـي أصـول الفقـه للمبتدئيـن ... / ص : 142 : والـذي نـراه أن بعـض الأمـور التـي شُـرِعَتْ لمـن قبلنـا شُـرِعَت لهـم خاصـة ، وهـي أشـياء مـن العبـادات الخاصـة وكيفياتهـا ، ونحـو مواسـم قرابينهـم وأعيادهـم مـن حيـث الزمـان والمكـان ، بدليـل قولـه تعالـى " وَلِكُـلِّ أُمَّـةٍ جَعَلْنَــا مَنسَـكاً لِيَذْكُــرُوا اسْـمَ اللهِ عَلَـى مَـا رَزَقَهُــم مِّـن بَهِيمَـةِ الأَنْعَـامِ ... ". سورة الحج / آية : 34 . وأمـا أصـول الإيمـان فهـي مشـتركة . ومـن هنـا ورد الحديـث : " الأنبيـاء أولاد عَـلات أمهاتهـم شـتى ودينهـم واحـد " .البخاري . فعـن أبـي هريـرة قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " أنـا أولـى النـاس بعيسـى بـن مريـم فـي الدنيـا والآخـرة ، والأنبيـاءُ إخـوة لِعَـلاَّتٍ أمهاتُهُـم شـتى ودينهـم واحـد" فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 6 / ( 60 ) ـ كتاب : أحاديث الأنبياء / ( 48 ) ـ باب : قول الله" واذكر في كتاب مريم ... " / حديث رقم : 3443 / ص : 550 . العَـلات بفتـح المهملـة : الضرائـر . وأصلـه أن مـن تـزوج امـرأة ثـم تـزوج أخـرى كأنـه عـل منهـا . وأولاد العَـلات : الإخـوة مـن الأب وأمهاتهـم شـتى . ومعنـى الحديـث : أن أصـل دينهـم واحـد وهـو التوحيـد وإن اختلفـت فـروع الشـرائع . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 6 / ( 60 ) ـ كتاب : أحاديث الأنبياء /( 48 ) ـ باب : قول الله واذكر في الكتاب مريم / ص : 564 . الخلاصـــة : * شـرع مـن قبلنـا هـو الهـدي الـذي أُنـزل علـى رسـل الأمـم السـابقة عليهـم السـلام ، كالتـوراة ،والزبـور ، والإنجيـل . * شـرع مَـنْ قبلنـا الـذي لـم يصـرَّح بـه شـرعنا ، لا حُجـة فيـه بالإجمـاع . * شـرع مَـنْ قبلنـا والمصـرح بـه فـي شـرعنا بالنسـخ ، لا حُجـة فيـه بالإجمـاع . * شـرع مـن قبلنـا والمصـرح بـه فـي شـرعنا بالتقريـر ، هـو حجـة بالإجمـاع . * شـرع مـن قبلنـا والمصـرح بـه فـي شـرعنا بالسـكوت ، فيـه خـلاف أهـو حجـة أم لا .التأسيس ... / ص : 425 / بتصرف يسير . * * * *
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الســابع : الاســتصحاب وهـو اسـتدامة نفـي مـا كـان منفيًّـا حتـى يثبتـه دليـل صحيـح ، واسـتدامة إثبـات مـا كـان ثابتًـا حتـى ينتفـي بدليـل صحيـح . والاسـتصحاب دليـلٌ عقلـي يعمـل بـه فـي الشـرعيات وغيرهـا . وهـو لا يُثْبِـتْ حقًّـا جديـدًا أو حكمًـا جديـدًا ، وإنمـا يصلـح حجـة لعـدم التغييـر ، ولبقـاء الأمـر علـى مـا كـان عليـه . الواضح ... / ص : 167 . لا نصيـر إلـى الاسـتصحاب إلا بعـد فقـد الدليـل مـن الكتـاب أو السـنة ، أو الإجمـاع ، أو القيـاس ، أوقـول الصحابـي . ويكفـي لاسـتصحاب الأصـل ، أن يبـذل المجتهـد كـل طاقـة فـي طلـب الدليـل ، ويسـتفرغ وسـعه فـي طلبـه فـإن لـم يجـده اسـتصحب الأصـل الثابـت بالدليـل . التاسيس ... / ص : 427 / بتصرف . مرادفــات الاسـتصحاب : يطلـق علـى الاسـتصحاب : العـدم الأصلـي ، أو البـراءة الأصليـة ، أو الإباحـة العقليـة .التأسيس ... / ص : 428 . أنـــواع الاسـتصحاب : قسـم أهـل العلـم مـن الأصولييـن الاسـتصحاب إلـى أربعـة أنـواع : 1ـ اسـتصحاب البـراءة الأصليـة . 2ـ اسـتصحاب العمـوم إلـى أن يَـرِد تخصيـص ، والنـص إلـى أن يـرد النسـخ . 3ـ اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه . 4ـ اسـتصحاب حكـم الإجمـاع فـي محـل النـزاع . التأسيس ... / ص : 430 . أولًا : اسـتصحاب البـراءة الأصليـة : إذا فُقِـدَ الدليـل مـن الكتــاب أو السـنة أو الإجمــاع أو قــول الصحابـي علـى مسـألة بعينهـا ، أو فُقِـدَ القيـاس علـى جنـس المسـألة ، حينئـذ شُـرِع للمجتهـد أن يسـتصحب البـراءة الأصليـة . ومعنـى البــراءة : أن المكلَّـف خـالٍ مـن التكليـف والحقـوق ، حتـى يأتـي دليـل بإشـغاله ، وليـس معنـى أن المكلَّـف خـالٍ مـن التكليــف أن مـا لـم يــردْ فيـه دليـل بالعيـن أو الجنـس أنـه مبـاح إتيانـه ولكـن مبـاح لـه إتيـان الأصـل سـواء كـان بالإباحـة أو المنـع . فمثـــلاً : الأصـل فـي الأشـياء النافعـة أنهـا مباحـة مـا لـم يـدل دليـل علـى خـلاف ذلـك . ومعنـى " نافعـة " : أي مـا كـان نفعهـا محضًـا أو كثيـرًا أو غالبًـا .لقولـه تعالـى "هُـوَ الّـَذِي خَلَـقَ لَكُـم مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا ... " . سورة البقرة / آية : 29 . ووجــه الاسـتدلال : أن هـذا الخلــق يختـص بالإنسـان لقولـه تعالـى : " لكـم " ، وأن كـل مـا فـي الأرض نفـع ، عَلِـمَ ذلـك مَـنْ عَلِـمَ وجَهِــلَ ذلـك مـن جَهِـل ، ودليـل ذلـك : " مـا " ـ فهـي تـدل علـى العمـوم ـ ، وأن هـذه الأشـياء موجـودة فـي الأرض وليسـت فـي كوكـب آخـر لقولـه تعالـى : " مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا" . الأصـل فـي الأشـياء الضـارة التحريـم سـواء كـان الضـرر الناتـج عنهـا ضـررًا محضًـا أو غالبًـا . ودليـل ذلـك : عـن عبـادة بـن الصامـت ـ رضي الله عنه ـ أن رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضـى أن " لا ضـرر ولا ضِـرار (1)" .سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 13 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 17 ) ـ باب : من بنى في حقه ما يضر بجاره / حديث رقم : 2340 / ص : 400 / صحيح . وأمـا إذا تسـاوى النفــع والضـرر فـي شــيء ، فهـو أيضًـا حــرام ، لأن درء المفاسـد مقـدم علـى جلـب المصالـح . التأسيس ... / ص : 431 / بتصرف . ( 1 ) من أراد المزيد من التوضيح فليرجع إلى بحث : القواعد الفقهية ، وكذلك التأسيس ... / ص : 432 . متــى يُحتــج بالبــراءة الأصليــة : حينمـا يُحتـج بالبـراءة الأصليـة علـى إطلاقهـا ، يلـزم ألا يوجـد مُعَـارِض ـ ولـو فـي قـول بعـض الفقهـاء ـ لهـذا الأصـل . ولكـن عنـد وجـود المُعَـارِض ، يحتـاج مـن يحتـجّ بالبـراءة الأصليـة ، إلـى بعـض الأدلـة الثابتـة للاسـتئناس فـي تدعيـم مـا يذهـب إليـه ، ولإثبـات عـدم حُجِّيـة هـذا المُعَـارِض ، وعـدم صلاحيتـه لنقـض البـراءة الأصليـة ... مثـــال : إذا قـال بعـض الفقهـاء بطهــارة المشـرك اسـتنادًا إلـى البـراءة الأصليـة ، عـورض هـذا القــول بقـول فريـق آخـر مـن الفقهـاء يذهـب إلـى نجاسـة المشـرك ، ودليلهـم فـي ذلـك الآيـة :"... إِنَّمَـا الْمُشْـرِكُونَ نَجَـسٌ ... ". سورة التوبة / آية : 28 . فهنـا نجـد أنفسـنا أمـام قوليـن للفقهـاء : ـ قـول يوجـه لفظـة : " نجـس " علـى أنهـا نجاسـة معنويـة . ـ وقـول آخـر يوجـه لفظـة : " نجـس " علـى أنهـا نجاسـة ماديـة . فحينـذاك يحتـاج مـن يحتـج بالبـراءة الأصليـة لطهـارة المشـرك إلـى دليـل آخـر ثابـت للاسـتئناس فـي تدعيـم مـا يذهـب إليـه ، ولإثبـات عـدم حجيـة المُعَـارِض ، وعـدم صلاحيتـه لنقـض البـراءة الأصليـة . والمُعَـارِض فـي هـذا المثــال هــو : قــول بعـض الفقهـاء فـي الآيـة { ... إِنَّمَـا الْمُشْـرِكُونَ نَجَـسٌ ... } أن المقصـود بلفظـة " نجـس " أنهـا نجاسـة ماديـة .ومعهـا فـإن المشـرك عنـد أصحـاب هـذا الـرأي نجـس نجاسـة حسـية . وهـذا ينقـض قـول مـن يحتـج بالبـراءة الأصليـة لطهـارة المشـرك . فيحتـاج أصحـاب هـذا القــول ـ والحالـة هـذه إلـى أن يـردوا هـذا الفهــم وهـذا التوجيـه بدليـل يبيـن أن الإنسـان طاهـر مسـلمًا كـان أو كافـرًا . وهـذا الدليـل هـو : بقـاء ثُمامـة فـي المسـجد وهـو كافـر ، فـدل علـى طهـارة الإنسـان مسـلمًا كـان أو كافـرًا . * فعـن أبـي هريــرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : بعـث النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خيـلاً قِبَـل نَجْـد فجـاءت برجُــلٍ مـن بنـي حنيفـة يُقَـالُ لـه ثُمامـةُ بـنُ أُثـال فربطـوه بسـاريةٍ مـن سـواري المسـجد ، فخــرج إليـه النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ فقــال :عنـدي خيــر يـا محمـد إن تقتلنـي تقتـل ذا دم وإن تُنعـم تنعـم على شـاكر ، وإن كنـت تريـد المـال فسـل منـه مـا شـئت . فَتُـرِكَ حتـى كـان الغـد ثـم قـال لـه : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ قـال : مـا قلـتُ لـك إن تُنعـم تنعـم علـى شـاكر . فتركـه حتـى كـان بعـد الغـد ، فقـال : مـا عنـدك يـا ثمامـة ؟ فقـال : عنـدي مـا قلـتُ لـك . فقـال : أطلقـوا ثمامـة ، فانطلـق إلـى نخـلٍ قريـبٍ مـن المسـجد فاغتسـل ثـم دخـل المسـجد فقـال :أشـهد أن لا إله إلا الله وأشـهد أن محمـدًا رسـول الله . يـا محمـد والله مـا كـان علـى الأرض وجــهٌ أبغـضَ إلـيَّ مـن وجهِــك ، فقـد أصبـح وجهُـك أحـبَّ الوجـوهِ إلـيّ ، والله مـا كـان مـن ديـنٍ أبغـضَ إلـيَّ مـن دينِـك فأصبـح دينُـك أحـبَّ الديـنِ إلـيَّ ، واللهِ مـا كـان مـن بلـد أبغـَُض إلـيّ مـن بلـدك فأصبـح بلـدُكَ أحـبَّ البـلاد إلـيّ وإن خيلَـك أخذتنـي وأنـا أريـدُ العمـرةَ فمـاذا تــرى ؟ فبشـرَه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأمــره أن يعتمـر . فلمـا قـدم مكـة قـال لـه قائـل : صبَـوتَ ؟ قـال : لا ولكـن أسـلمتُ مـع محمـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ولا والله لا يأتيكـم مـن اليمامـة حبـةُ حِنطـةٍ حتـى يـأذن فيهـا النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 8 / ( 64 ) ـ كتاب : المغازي / ( 70 ) ـ باب : وفد بني حنيفة ... / حديث رقم : 4372 / ص : 98 . مثـــال آخــر : إذا قـال بعـض الفقهـاء بطهـارة الـدم علـى الإطـلاق ـ مـا عـدا دم الحيـض والنفـاس ـ اسـتنادًا إلـى البــراءة الأصليـة ، واعتمـادًا علـى أنـه لـم يَــرِدْ دليـل ينقـض هـذه البــراءة إلا فيمـا يخـص دم الحيـض والنفـاس ، وأمـا الآيـة التـي ذُكـر فيهـا الـدم : { قُـل لاَّ أَجِـدُ فِـي مَـا أُوْحِـيَ إِلَـيَّ مُحَرَّمـًا عَلَـى طَاعِـمٍ يَطْعَمُـهُ إِلاَّ أَن يَكُـونَ مَيْتَـةً أَوْ دَمًا مَّسْـفُوحًا أَوْ لَحْـمَ خِنزِيـرٍ فَإِنَّـهُ رِجْـسٌ ... } .سورة الأنعام / آية : 145 . فـإن هـذه الآيـة دليـل علـى نجاسـة الخنزيـر فقـط ، لأن الهـاء فـي لفظـة : " فإنـه " تعـود علـى آخـر مذكـور وهـو " الخنزيـر " . فأصحـاب هـذا القـول ـ طهـارة الدمـاء ـ اسـتدلالاً بالبـراءة الأصليـة ، سـيُعارَضون بقـول جمـع آخـر مـن الفقهــاء الذيـن يوجِّهـون هـذا الضميــر ـ فـي لفظــة : " إنـه " ـ علـى أنـه يعــود علـى المذكـورات جميعًـا وليـس علـى " الخنزيـر " فحسـب ، مِـن ثَـمَّ فإنهـم يفهمـون ويوجهـون هـذه الآيـة علـى أنهـا ـ عندهـم ـ دليـل علـى نجاسـة الـدم علـى الإطـلاق ، فـلا حجيـة للبـراءة الأصليـة عنـد هـذا الجمـع الآخـر . وحينئـذ ، يحتــاج أصحــاب القــول بطهـارة الدمـاء ، إلـى أدلــة ثابتـة مـن الكتــاب أو السـنة الصحيحـة ، لتدحـض هـذا الفهــم وهـذا التوجيـه للآيـة ، وبالتالـي تدحـض دليـل الفريــق المعـارض القائــل بنجاسـة الـدم . فيـورد أصحـاب القــول الأول ـ اسـتئناسًـا ـ بعـض الأدلـة الثابتـة الصحيحـة ، والتـي تدعـم مـا يذهبـون إليـه فـي فهــم وتوجيـه الضميـر فـي الآيـة المذكـورة ، والتـي تُعَـارِض القـول بنجاسـة الـدم علـى إطلاقــه ، بـل إن حكــم الـدم مـا زال علـى البــراءة الأصليـة طاهــرًا ، إلا مـا ورد بشـأنه نـصٌّ يخصـه بالنجاسـة ويخرجـه مـن الأصـل المذكـور ... ومـن هـذه الأدلـة علـى سـبيل المثـال : 1 ـ دليـل طهـارة دم الحيـوان : " حديـث " ابـن مسـعود . " فقـد صـح عـن ابـن مسـعود أنـه نحـر جـزورًا فتلطـخ بدمهـا وفرْثهـا ثـم أقيمـت الصــلاة فصلـى ولـم يتوضـأ " . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 1 / 125 ) ، وابن أبي شَيْبَة ( 1 / 392 ) ، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 284 ) بسندٍ صحيح عنه .تمام المنة في ... / ص : 52 . 2ـ دليـل طهـارة دم الإنسـان " حديـث الأنصـاري الـذي قـام يصلـي فـي الليـل فرمـاه المشـرك بسـهم فوضعـه فيـه ، فنزعـه ، حتـى رمــاه بثلاثـة أسـهم ، ثـم ركــع وسـجد ومضـى فـي صلاتـه وهـو يمـوج دمًـا" .تمام المنة ... / للشيخ الألباني / ص : 51 . * فعـن جابـر قـال :خرجنـا مـع رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يعنـي فـي غـزوة ذات الرقـاع ..... فنـزل النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ منـزلاً ، فقـال " مَنْ رجـلٍ يكْلأُنـا (1) ؟ " . فانتُـدِبَ رجـل من المهاجريـن ،ورجـل مـن الأنصـار . فقـال " كونـا بفَـمِ الشِّـعْبِ " . قـال : فلمـا خـرج الرجـلان ، إلـى فـم الشـعب اضطجـع المهاجـري ، وقــام الأنصـاري يصلـي ،وأتـى الرجــل فلمـا رأى شـخصه عـرف أنـه ربيئـة (2) للقـوم ، فرمــاه بسـهم فوضعـه فيـه ،فنزعـه حتـى رمـاه بثلاثـة أسـهم ، ثـم ركـع وسـجد ، ثـم انتبـه صاحبـه ، فلمـا عـرف أنهـم قـد نـذِروا (3) بـه هـرب ، ولمـا رأى المهاجـري مـا بالأنصـاري مـن الدمـاء قـال : سـبحان الله ! ألا أنبهتنـي أول مـا رمـى ، قـال : كنـت فـي سـورة أقرأهـا فلـم أحـب أن أقطعهـا . صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / كتاب : الطهارة / ( 79 ) ـ باب : الوضوء من الدم /حديث رقم : 182 ـ 198 / ص : 40 / حسن. ( 1 ) يكلأنـا ---> يحفظنـا ويحرسـنا . ( 2 ) ربيئـة ---> طليعـة . ( 3 ) نـذروا بـه ---> عرفـوا بـه . * * * * * ثانيـًـا : اسـتصحاب العمـوم إلـى أن يـرد تخصيـص ، والنـص إلـى أن يـرد نسـخ : ـ معنـى هـذا النــوع أنـه يجـب العمــل بعمـوم اللفـظ وتطبيـق الحكــم علـى كـل أفـراده ولايسـتثنى مـن ذلـك شـيء إلا بدليـل ، فَيُعْمَــل بمـا يقتضيـه عمـوم اللفــظ حتـى يـرد مُخَصِّـص فـإن وُجِـد ، اسـتُخْرِج مـن العمـوم مـا تناولـه اللفـظ الخـاص ، وظـل اللفـظ عامًّـا فـي بقيـة الأفـراد . وكذلـك يجـب العمـل بالنـص حتـى يـرد أو يوجـد الناسـخ . فمثـــلاً : قـال تعالـى "هُـوَ الَّـذِي خَلَـقَ لَكُـم مَّـا فِـي الأَرْضِ جَمِيعـًا ... " .سورة البقرة / آية : 29 . الآيـة عامـة ، فمـن حكـم بعمـوم الآيـة علـى أن كـل مـا فـي الأرض حِـلّ إلا مـا قـام الدليـل عليـه ، فإنـه مسـتصحب لعمـوم الآيـة ، وفـي نفـس الوقـت مسـتصحب للبـراءة الأصليـة . التأسيس ... / ص : 434 / بتصرف يسير . * * * * * ثالثـًـا : اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه : ومثالـــه : إذا ثبتـت ملكيـة عقـارٍ لأحـدٍ ، فـإن هـذه الملكيـة تظـل ثابتـة فـي حقـه مـا لـم يقـم دليـل علـى زوالهـا ، كعقـد بيـع أو هبـة أو وقـف . وكذلـك فـإن الوضـوء يثبِـت لصاحبــه صفـة حكميـة وهـي الطهـارة ، فـإذا كـان ذلـك لصـلاة المغـرب ، هـل تسـتصحب هـذه الطهـارة لصـلاة العشـاء ، أم لابـد مـن وضـوء آخـر ؟ هـذه الصفـة وهـي صفـة الطهـارة ثابتـة للمتوضـئ حتـى يأتـي بناقـض للوضـوء ينفـي عنـه صفـة الطهـارة . التأسيس ... / ص : 434 / بتصرف . * * * * * رابعـًـا : اسـتصحاب حكـم الإجمـاع فـي محـل النـزاع : إذا أجمعـت الأمـة علـى شـيء ، وهـذا الشـيء أثبـتَ حُكْمًـا معينًـا ، فهـل هـذا الحكـم يـزول بـزوال ذلـك الإجمـاع ؟ أم يسـتمر مـع انعدامـه ؟ اختلـف اهـل العلـم فـي ذلـك علـى قوليـن ، أحدهمـا : لا يسـتمر الحكـم مـع انعـدام الإجمـاع ، والثانـي : يسـتمر مـع انعـدام الإجمـاع . مثالـــه : إذا فُقِـدَ المـاء ، أجمعـت الأمـة علـى مشـروعيـة التيمـم ، فـإذا قـام المتيمـم ليصلـي فـرأى المـاء وهـو فـي الصـلاة ، فهـل يسـتمر فـي صلاتـه ، مـع رؤيـة المـاء مـع انعـدام الإجمـاع ؟ أم يخـرج مـن الصـلاة ويتوضـأ ثـم يعـود ليصلـي مـن جديـد ؟ والراجـح فـي ذلـك : أنـه يسـتمر فـي صلاتـه ولا يخـرج منهـا إن رأى المـاء .وتفصيــل ذلــك : أن الأمـة أجمعـت علـى مشـروعية التيمـم عنـد فقـد المـاء . وأن التيمـم المجمـع علـى مشـروعيته عنـد فقـد المـاء ، أثبـت للمتيمـم صفـة حكميـة وهـي الطهـارة التـي لا تصـح الصـلاة إلا بهـا . فـإن رأى المصلـي المتيمـم المـاء ، انعـدم الإجمـاع علـى مشـروعية التيمـم ، ولكـن الصفـة الحكميـة مـا زالـت قائمـة بصاحبهـا لأنهـا صفـة مكتسـبة لا تـزول إلا بناقـض ، فالصفـة الحكميـة الثابتـة بالتيمـم مـن جنـس اسـتصحاب الوصـف المثبـت للحكـم الشـرعي ، حتـى يثبـت خلافـه . قـال ابـنُ القيـم " ..... النـزاع ـ أي الخــلاف وعـدم الإجمــاع لا يرفـع مـا ثبـت مـن الحكـم ..... " .التأسيس ... / ص : 436 .
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر الثامـــن : المصالــح المرْسَــلَة تعريفهـــا : هـي المسـألة النافعـة للنـاس ، الضروريـة لهـم ، والتـي لـم يـرد عـن الشـارع اعتبـار لهـا أو إلغـاء بعينهـا ، ولكـن شَـهدتْ لهـا أصـول الديـن العامـة .التأسيس ... / ص : 442 . · الشـروط التـي يجـب أن تتوفـر فـي المسـألة والتـي يُحْكَـم فيها بالمصالـح المرسَـلَة : 1 ـ أن تكـون المسـألة نافعـة إمـا بجلـب نفـع أو دفـع ضُـر . 2 ـ أن تكـون المسـألة مـن الضروريـات سـواء كانـت فـي الديـن أو فـي الدنيـا . 3 ـ أن لا يَـرِد فـي الشـرع اعتبـار لهـا أو إلغـاء عينًـا أو جنسًـا 4 ـ أن يكـون مسـتندها أصـول الديـن العامـة . 5 ـ أن تكـون المسـألة عامـة وليسـت خاصـة بفـرد أو مجموعـة ـ مـن النـاس ـ دون أخـرى . 6 ـ ألاَّ تُصَـادِم نصًّـا مـن كتـاب أو سـنة أو إجمـاع أو قيـاس . وفـي هـذه الجزئيـة يقـول شـيخ الإسـلام ـ ابـن تيميـة فـي الفتـاوى : ج : 11 / ص : 343 : " لا يمكـن أن توجـد مصلحـة حقيقيـة تصـادم نصًّـا أوإجماعًـا أو قياسًـا " . ا . هـ .التأسيس ... / ص : 444 . مرادفــات المصالــح المرســلة : أطلـق بعـض أهـل العلـم عليهـا الاسـتصلاح أو المرسـل . التأسيس ... / ص : 445 . سـبب تسـميتها بالمصالـح المرسـلة : سـميت بالمصالـح : لأن المصلحـة المنفعـة ، سـواء كانـت عائـدة بالنفـع الحقيقـي ، أو بالنفـع حكمًـا أي بدفـع الضـرر وسـميت مرسـلَة : لأنـه غيــر منصـوص عليهـا بعينهـا ، بـل مسـتندها أصــول الديـن العامـة كمـا سـبق ، فهـي مرسـلة فيهـا . التأسيس ... / ص : 445 . حكــم المصالـــح المرســلة : هـي حُجـة بالشـروط السـابقة ، سـواء قيـل إنهـا أصـل مسـتقل أو غيـر مسـتقل . وفـي ذلـك يقـول الشـنقيطي ـ رحمه الله ـ المذكـرة / ص : 170 : " والحـق أن أهـل المذاهـب كلهـم يعملـون بالمصلحـة المرسـلة وإن قـرروا فـي أصولهـم أنهـا غيـر حجـة " . ا . هـ . التأسيس ... / ص : 445 . نمـــاذج مـن المصالــح المرســلة : ـ جَمَـعَ أبـوبكـر ـ رضي الله عنه ـ صحـف القـرآن المتفرقـة . ـ اسـتخلاف عمـر ـ رضي الله عنه ـ مـن قِبَـل أبـي بكـر ـ رضي الله عنه ـ ، مـع أن الرسـول ـ صلى الله عليهوعلى آله وسلم ـ لـم يسـتخلف أبـا بكـر ـ رضي الله عنه. جمـع عثمـان ـ رضي الله عنه ـ المسـلمين علـى مصحـف واحـد . ـ أفتـى الشـافعية بجـواز إتـلاف الحيوانـات التـي يقاتـل عليهـا الأعـداء ، وإتـلاف شـجرهم ، إذا كانـت حاجـة القتـال والظفـر بالأعـداء والغلبـة عليهـم ـ لإعْـلاء كلمـة الله ـ يسـتدعي ذلـك . ـ أفتـى الإمـام أحمـد بـن حنبـل : بنفـي أهـل الفسـاد إلـى بلـدٍ يُؤْمَـن فيـه مـن شـرهم .التأسيس ... / ص : 446 . الخلاصـــة : المصالـح المرسـلة هـي المسـألة النافعـة للنـاس ، والضروريـة لهـم ، والتـي لـم يـرد عـن الشـارع اعتبـار لهـا أو إلغـاء بعينهـا ، ولكـن شـهدت لهـا أصـول الديـن العامـة . الضروريـات تكـون فـي الدنيـا كمـا تكـون فـي الديـن . الضروريـات فـي الديـن هـي : حفـظ الديـن ، والنفـس ، والعقـل ، والنسـب ، والمـال ، والعِـرْض . الضروريــات فـي الدنيـا : كالمعامــلات والأعمـال التـي فيهـا مصلحـة للخلـق مـن غيـر خطـر شـرعي .التأسيس ... / ص : 448 . المصـــدر التاســــع : العُــرْف أصلـــه : لقـد جـاء الإسـلام حامـلًا رايـة التخفيـف ورافعًـا الحـرج عـن الأمـة المسـلمة ، لينقلهـا مـن الظلمـات إلـى النـور . ولتحقيـق التخفيـف ورفــع الحــرج ، قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم فيمـا رواه " مسـلم " 6277 ، و " أحمـد " بسـنديهما : عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " إذا كـان شـيءٌ مـن أمـر دنياكـم ، فأنتـم أعلـمُ بـه ؛ وإذا كـان شـيءٌ مـن أمـر دينكـم فإلـيَّ " .رواه الإمام أحمد . صحيح الجامع ... / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 767 / ص : 194 / صحيح . فهـذا الحديـث أصـلٌ عظيـم ، حيـث قَسَّـم الأشـياء إلـى نوعيـن : مـا كـان مـن أمـر الدنيـا ؛ فهـو راجـع إلـى النـاس . راجـعٌ إلـى مـا تعارفـوا عليـه ، مـن أجـل ذلـك لا يجـوز الحظـر علـى شـيء مـن أمـور الدنيـا إلا إذا خالفَـتْ نصًّـا شـرعيًّا ، أو أفضـت إلـى مفسـدة راجحـة . ومـا كـان مـن أمـر الديـن ؛ فهـو راجـع إلـى الشـرع . وليـس معنـى ذلـك أن الشـارع قـد ـ حـدد ـ كـل لفـظ مـن الجهـة الشـرعية ، بـل كثيـر مـن الألفـاظ تركهـا الشـارع إلـى أعـراف النـاس بعـد مـا علـق عليهـا الأحكـام غيـر نـاسٍ ، وهـذا عيـن التخفيـف ورفـع الحـرج عـن الأمـة المسـلمة . التأسيس ... / ص : 470 . مثـل قولـه تعالـى" ... وَلَهُـنَّ مِثْـلُ الَّـذِي عَلَيْهِـنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... " . سورة البقرة / آية : 228 . وقولـه تعالـى " ... مِـنْ أَوْسَـطِ مَـا تُطْعِمُـونَ أَهْلِيكُـمْ ..." . سورة المائدة / آية : 89 . " إن ذلـك مقـدّر بالعـرف ، لا بالشـرع ، فيطعـم أهـل كـل بلـد مـن أوسـط مـا يطعمـون أهليهـم قـدرًا ونوعًـا ، فمـا لـم يقـدره الشـارع فإنـه يُرْجَـع فيـه إلـى العـرف ، وهـذا لـم يقـدّره الشـارع فيرجـع فيـه إلـى العـرف " . القواعد الفقهية ... / لابن القيم ... / ص : 370 ، ... . تعريفـــه : العـرف هـو العـادة الجاريـة بيـن النـاس . أمـا عـادات الإنسـان الخاصـة بـه فـلا تسـمى عُرفًـا .الواضح ... / ص : 153 . أنـــواع العـــرف : والعـرف قـد يكـون قوليًّــا أو عمليًّـا ، والعـرف بنوعيـة القولـي والعملـي قـد يكـون عامًّـا أو خاصًّـا ، وهـو بجميـع هـذه الأنـواع قـد يكـون صحيحًـا أو فاسـدًا . الوجيز في أصول الفقه / ص : 250 / بتصرف . تقســـيم عـــام : أ ـ العـرف القولـي : هـو مـا تعـارف عليـه النـاس فـي بعـض ألفاظهـم ، بـأن يريـدوا بهـا معنـى معينًـا غيـر المعنـى الموضـوع لهـا . ـ كتعارفهـم : إطـلاق لفـظ " الولـد "(1)علـى الذكـر دون الأنثـى . ( 1 ) لفظ " ولد " : وهو في الأصل اللُّغَوِي صادق على البنين والبنات كما في قوله تعالى : * " ... ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدسُ مما ترك إن كان له ولد ... " . سورة النساء / آية : 11 . * " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... " سورة النساء / آية : 11 . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 154 / بتصرف . ـ وإطـلاق لفـظ " اللحـم " علـى غيـر السـمك وعليـه مـن حلـف ألا يأكـل لحمًـا فأكـل سـمكًا لا يحنـث بنـاء علـى العـرف السـائد فـي مجتمعـه . ـ وإطـلاق لفـظ " الحـوت " علـى هـذا الحيـوان البحـري الضخـم الـذي يلـد ولا يبيـض . وهـذا هـو المعنـى بالمصطلـح العلمـي . أمـا فـي لغـة العـرب المقصـود بالحـوت " السـمك " الكبيــر منـه والصغيـر ، الـذي يلـد والـذي يبيـض . وورد بالقـرآن الحـوت بهـذا المعنـى العـام . ففـي قصـة غـلام موسـى بسـورة الكهـف ، قـال تعالـى : " فَلَمَّـا جَـاوَزَا قَـالَ لِفَتَـاهُ آتِنَـا غَدَاءنَـا لَقَـدْ لَقِينَـا مِـن سَـفَرِنَا هَـذَا نَصَبـاً * قَـالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَـا إِلَـى الصَّخْـرَةِ فَإِنِّـي نَسِـيتُ الْحُـوتَ وَمَـا أَنسَـانِيهُ إِلاَّ الشَّـيْطَانُ أَنْ أَذْكُـرَهُ وَاتَّخَـذَ سَـبِيلَهُ فِـي الْبَحْـرِ عَجَبـًا " . سورة الكهف / آية : 62 ، 63 . ولكـن الحـوت الـذي التقـم نبـي الله يونـس هـو ذلـك الحيـوان المائـي الضخـم . قـال تعالـى "فَالْتَقَمَـهُ الْحُـوتُ وَهُـوَ مُلِيـمٌ " .سورة الصافات / آية : 142 . وفـي شـبه الجزيـرة العربيـة كلمـة " الحـوت " مسـتعملة بهـذا العمـوم أي تشـمل جميـع أنـواع دواب البحـر . الوجيز في أصول الفقه / ص : 250 / بتصرف . ب ـ العـرف العملـي : هـو مـا اعتـاده النـاس مـن أعمـال . ومـن أمثلتــه : التعـارف علـى أن الخاطـب إذا قـدم لخطيبتـه شـيئًا مـن الحُلِـيّ والثيـاب ... ، فهـو هديـة لا مـن المهـر . تقسـيم المهـر إلـى معجـل ومؤجـل .التأسيس ... / ص : 471 ، 472 . ـ وكتعارفهـم علـى أن المهـر المؤجـل لا يُسـتحق ولا يُطالـبُ بـه إلا بعـد الفرقـة أو المـوت .المرتقى الذلول ... / ص : 265 . فائـــدة : عنـد تسـمية المهـر ، وتقديـم بعضـه ، وتأخيـر البعـض الآخـر لأجـل غيـر مسـمى ، فـإن هـذا الأجـل يرجـع إلـى العـرف والعـادة عنـد المتعاقديـن ، فجـرت العـادة مجـرى الشـرط . إلا إذا سـمى المتعاقـدان أجـل أو وقـت تمكيـن المـرأة مـن هـذا المؤجـل ، فهنـا يقـدم مـا صرحـا بـه علـى مـا جـرى عليـه العـرف ، لأن العـرف ضمنـي والاتفـاق صريـح ، والصريـح مقـدم علـى الضمنـي . · تقســيم فرعــي : أولاً : الأعـراف العامـة والخاصـة : العـرف بنوعيـه القولـي والفعلـي ، قـد يكـون : أ ـ عامًّــا : وذلـك إذا شـاع وفشـا فـي جميــع البـلاد الإسـلامية وسـار عليـه جميـع النـاس فـي هـذه البـلاد . مثالــه : ـ إطـلاق لفـظ الدابـة علـى ذوات الأربـع ، ولا يطلقونهـا على الإنسـان فهـذا " عـرف لفظـي عـام " . ـ اعتبـار تقديـم الطعـام للضيـف إذنًـا لـه بالتنـاول ولـو لـم يصـرح المضيـف بذلـك . فهـذا " عـرف عملـي أو فعلـي عـام " . ب ـ خاصًّـا : وذلـك إذا شـاع فـي قطـر دون قطـر ، أو بيـن أربـاب حرفـة معينـة أو صنعـة معينـة ، أو ... . مثالـــه : ـ الألفـاظ التـي اصطلـح عليهـا أهـل العلـوم وأصحـاب الحـرف والصناعـات التـي يريـدون بهـا عنـد إطلاقهـا المعانـي الاصطلاحيـة ، دون معانيهـا اللغويـة . فهـذا " عـرف لفظـي أو قولـي خـاص " . ـ إعطـاء عـلاوة علـى المبيــع إلـى المشـتري عنـد شـرائه البرتقـال فـي بعـض مناطـق محافظـة دبالـي . هـذا " عـرف عملـي أو فعلـي خـاص " . الوجيز في أصول الفقه / ص : 251 / بتصرف . والمرتقى الذلول إلى ... / ص : 264 / بتصرف . ثانيــًا : العـرف الصحيـح والعـرف الفاسـد : أ ـ العـرف الصحيـح : ـ هـو مـا لا يخالـف نصًّـا مـن نصـوص الشـريعة . ـ ولا يفـوت مصلحـة معتبـرة . ـ ولا يجلـب مفسـدة راجحـة . ومـن أمثلتــه : تعـارف النـاس علـى أن مـا يقدمـه الخاطـب إلـى مخطوبتـه مـن ثيـاب ونحوهـا يعتبـر هديـة ولا يدخـل فـي المهـر . الوجيز في أصول الفقه / ص : 251 . ب ـ العـرف الفاسـد : ـ هـو مـا كـان مخالفًـا لنـص مـن نصـوص الشـريعة . ـ أو يجلـب ضـررًا . ـ أو يدفـع مصلحـة . ومـن أمثلتــه : ـ تعـارف النـاس اسـتعمال العقـود الباطلـة كالاسـتقراض بالربـا ـ تعـارف النـاس بعـض العــادات المسـتنكَرة فـي المآتـم ( مثـل السـرادقات ـ الخميـس ـ الأربعيـن ..... ) ، والموالـد ، والأفـراح غيـر الشـرعية . المرتقى الذلول ... / ص : 265 . حُجيــة العــرف : اعتبـر العلمـاء العـرف أصـلاً من أصـول الاسـتنباط ، ولهـذا كـان مـن قواعدهـم : " العـادة مُحَكَّمَـة " ، وهـذه القاعـدة هـي إحـدى القواعـد الخمـس الكبـار التـي ذكـروا أن الفقـه كلـه ينبنـي عليهـا(1) وممـا يتفـرع عنهـا ، قاعـدة : " المعـروف عرفًـا كالمشـروط شـرطًا " ، وهـذا يبيـن مـدى اعتدادهـم بالعـرف الـذي عليـه النـاس .المرتقى الذلول ... / ص : 265 . ( 1 ) انظر " الأشباه والنظائر " للسيوطي / ص : 8 . حاشية المرتقى الذلول ... / ص : 265 . ـ ويعتبـر العـرف أيضًـا مرجعًـا لتطبيـق الأحكـام علـى الحـوادث والوقائـع الجزئيـة .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 255 . فهنـاك أحكـام عُلقـت علـى اللفـظ ولـم تحـد شـرعًا ولا لغـة : علَّـق الشـارعُ كثيـرًا مـن الأحكـام علـى ألفـاظٍ ، ولـم يحـد تلـك الألفـاظ بضوابـط كـي تُطَبَّـق الأحكـام فـي محيطهـا ولا تتعداهـا ، ولـم يُعْـرَف لهـا ضابـط لُغَـوي ، بـل تركهـا لعـرف النـاس رحمـة بهـم غيـر نسـيان . فمثـــلاً : نجـد أن الألفـاظ إمـا لهـا : ـ حـد شـرعي : كالصـلاة ، والزكـاة ، والصيـام ، والحـج ، والإيمـان ، والكفـر ، والنفـاق . ـ أو حـد لُغَـوِي : كالشـمس ، والقمـر ، والسـماء ، والأرض ، والبَـرّ ، والبحـر . ـ أو حـد عرفـي : كالدرهـم ، والدينـار ، والإطعـام ، ... . فهـذه أشـياء لـم يحدهـا الشـارع بحـد ، ولا لهـا حـد واحـد يشـترك فيـه جميـع أهـل اللغـة ، بـل يختلـف قـدره وصفتـه باختـلاف عـادات النـاس . أمثلــة علـى الأحكـام التـي عُلقـت علـى اللفـظ ولـم تحـدّ شـرعًا ولا لغـة . مـن كتـاب الله : ".. فَكَفَّارَتُـهُ إِطْعَـامُ عَشَـرَةِ مَسَـاكِينَ مِـنْ أَوْسَـطِ مَـا تُطْعِمُـونَ أَهْلِيكُـمْ ..." .ورة المائدة / آية : 89 . فـإن الحكـم هنـا عُلِّـق علـى لفـظ " الإطعـام " ، ولـم يبيـن لنـا المقـدار ، ولا النـوع . فأمـا المقـدار فـإن مـا يكفـي الإنسـان يختلـف باختـلاف الزمـان والمكـان ، وكذلـك النـوع جعلـه الشـرع مـن أوسـط مـا تطعمـون الأهـل ، وهـذا الوَسَـط يختلـف باختـلاف السَّعَـة ، فمـن كـان عنـده سـعة فـإن وسـط طعامـه غيـر وسـط الفقيـر قطعًـا . ".. وَعلَـى الْمَوْلُـودِ لَـهُ رِزْقُهُـنَّ وَكِسْـوَتُهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... " . سورة البقرة / آية : 233 . " فالـرزق والكسـوة " : لا ضابـط لغـوي ولا شـرعي لهمـا ، فتعيـن اعتبـار العـرف فـي مكـان المسـألة وزمانهـا . التأسيس ... / ص : 475 . مــن الســـنة : ـ عـن ابـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ قـال : " فـرض رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ زكـاة الفطـر صاعًـا مـن تمـرٍ أو صاعـًا مـن شـعير علـى العبـد والحـر والذكـر والأنثـى والصغيـر والكبيـر مـن المسـلمين وأمـر بهـا أن تـؤدّى قبـل خـروج النـاس إلـى الصـلاة " . صحيح البخاري . متون / 24 ـ كتاب الزكاة / 70 ـ باب فرض صدقة الفطر / حديث رقم : 1503 / ص : 172 . فتلـك الأنـواع المذكـورة ، هـي التـي كانـت فـي المدينـة وقتئـذ ، أمـا فـي غيـر المدينـة ، فـإن هـذه الأطعمـة قـد لا تتوفـر فتكـون الصدقـة مـن طعـام أهـل البلـد . ـ قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم لـ " هنـد " امـرأة أبـي سـفيان لمـا شـكت إليـه إمسـاك أبـي سـفيان وشُـحّه ـ قـال لهـا صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم ـ : " خـذي مـا يكفيـك وولـدك بالمعـروف " . * فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن هنـدًا قالـت للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : إن أبـا سُفيانَ رجـلٌ شـحيحٌ فأحتـاج أن آخـذ مـن مالـه . قـال : " خـذي مـا يكفيـك وولـدَكِ بالمعـروف " .صحيح البخاري . متون / 93 ـ كتاب : الأحكام / 28 ـ باب : القضاء على الغائب / حديث رقم : 7180 / ص : 835 . أي : خـذي مـن المـال مـا يكفيـك وولـدك ، بمـا يوافـق مـا تعـارف النـاس عليـه مـن الكفايـة .التأسيس ... / ص : 477 / بتصرف . شــروط اعتبــار العــرف لبنــاء الأحكــام عليـه : يشـترط فـي العـرف لاعتبـاره ، وبنـاء الأحكـام عليـه مـا يأتـي 1 ـ ألا يكـون العـرف مخالفًـا للنـص ، بـأن يكـون عرفًـا صحيحًـا غيـر فاسـد . 2 ـ أن يكـون العـرف مُطَّـرِدًا مسـتفيضًا بيـن أهلـه ، معروفًـا عندهـم ، ومعمـولاً بـه بينهـم ، أو يكـون العـرف غالبًـا بحيـث لا يتخلـف إلا قليـلاً . 3 ـ أن يكـون العـرف الـذي يُفَسَّـر بـه الحكـم موجـودًا وقـت إنشـاء التصـرف المحكـوم عليـه ، بـأن يكـون حـدوث العـرف سـابقًا علـى وقـت التصـرف ، ثـم يسـتمر إلـى زمـان التصـرف فيقارنـه ، أي : يكـون سـابقًا ومقارنًـا . وعلـى هـذا الشـرط فـإن الوصايـا ، وحجـج الأوقـاف ووثائـق الـزواج تفسـر بالعـرف الـذي كان موجـودًا فـي زمـان كتابتهـا دون الأزمنـة اللاحقـة . فمثـــلاً : لـو وقـف شـخص عقـاره علـى العلمـاء فـي بعـض العصـور السـابقة ، فـإن العـرف المقـارِن يفسِّـر " العلمـاء " " بعلمـاء الديـن خاصـة " . فـلا يصـح أن يُفسَّـر إلا بذلـك العـرف ، ولا يجـوز أن يفسـر بعـرف أهـل زماننـا الذيـن جـرت عادتهـم بإطـلاق اسـم " العالِـم " علـى عالِـم الديـن وغيـره مـن أهـل الطـب والفلـك والكيميـاء وغيرهـم ، لأن هـذا عـرف متأخـر عـن زمـان صاحـب الوقـف . [ لـذا يجـب علـى المجتهـد معرفـة أعـراف النـاس قبـل الفُتيـا لهـم ، وذلـك لأنهـم يسـتخدمون فـي أسـئلتهم مـا تعارفـوا عليـه مـن الألفـاظ ] (1).( 1 ) [ ... ] ما بين المعكوفتين مصدره : التأسيس ... / ص : 472 . 4ـ ألا يوجـد قـول أو عمـل يفيـد عكـس مضمـون العـرف ، لأن ذلـك يكـون اسـتثناءً ممـا تعـارف عليـه النـاس . ومثالـــه : أن يكـون عُـرف السـوق أن مصاريـف النقـل علـى المشـتري ، فيتفـق المتبايعـان علـى أن مصاريـف النقـل علـى البائـع . فهنـا يُقَـدَّم مـا صرَّحـا بـه علـى مـا جـرى عليـه العـرف ، لأن العـرف ضمنـي والاتفـاق صريـح ، والصريـح مقـدم علـى الضمنـي .المرتقى الذلول ... / ص : 266 . · الفــرق بيــن " العــرف " والعــادة : العـادة : هـي الشـيء المألـوف سـواء كـان فـي فـرد أو جماعـة العـرف : هـو الشـيء المألـوف فـي جماعـة . وعليـه فـإن العـادة أعـم مـن العـرف ، فكـل عـرف عـادة ، وليـس كـل عـادة عرفًـا .التأسيس ... / ص : 478 . معنــى العــرف والعــادة عنــد الفقهــاء : الفقهـاء لا يفرقـون فـي المعنـى بيـن العـرف والعـادة . فيقولـون مثـلاً : العـرف والعـادة كـذا فـي المسـألة . ويُحْمَـل كلامهـم علـى المألـوف فـي المجتمـع ، والعطـف المشـهور عندهـم لا يعنـي التأسـيس (1) بـل هـو للتأكيـد . ( 1 ) لا يعني التأسيس : أي لا يعني معنى مستقل غير كلمة عرف ولكنه تأكيد لكلمة عرف . فمعناها عندهم واحد . أي العرف والعادة عندهم مترادفان . التأسيس ... / ص : 478 . · الفــرق بيــن العــرف والإجمــاع : ـ الإجمـاع : يخـص طائفـة معينـة مـن النـاس وهـم المجتهـدون . العـرف : يخـص المجتمـع . ـ الإجمـاع : لا يُنْقَـض بتغيـر الزمـان والمكـان . العـرف : يتغيـر ـ بتغيـر ـ الزمـان والمكـان . ـ الإجمـاع مصـدر مهـم مـن مصـادر الفقـه الإسـلامي ، ودليـل مـن أدلـة الأحكـام مشـهود لـه بالصحـة والاعتبـار . الوجيز في أصول الفقه / ص : 193 ./التأسيس ... / ص : 478 . العـرف ليـس دليـلاً مسـتقلاً يُشْـرَع الحكـم فـي الواقعـة بنـاءً عليـه ، وإنمـا هـو دليـل يُتوصَّـل بـه إلـى فهـم المـراد مـن عبـارات النصـوص ومـن ألفـاظ المتعامليـن وأفعالهـم حتـى يمكـن تنزيـل النصـوص علـى وقائـع المكلفيـن دون إخـلال بقصـد الشـارع أو مصالـح المكلفيـن المبنيـة علـى مـا ألِفُـوه وتعارفـوه فيمـا بينهـم . المرتقى الذلول ... / ص : 267 .
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() المصـــدر العاشـــر : ســد الذرائــع ـ الذريعـة فـي اللغـة : بعيـر أو ناقـة كـان الصيـاد يطلقـه بيـن الوحـش فـي الصحـراء ، حتـى إذا اطمأنـت الوحـش إليـه سـار الصيـاد بجانبـه (1)متخفيًـا حتـى يبلـغ مـن الصيـد حاجتـه . لسان العرب .الواضح في أصول الفقه ... / ص : 159 . ـ اصطلاحًــا : الذريعــة : هـي الأمـر المبـاح ظاهـرًا مـن حيـث الأصـل ، لكـن يُتوصـل بـه إلـىحصـول أمـر محـرم . وسـد الذرائـع : هـو منـع الأمـر المبـاح الـذي يُتوصـل بـه إلـى المحـرم ، سـواء قصـد بـه فاعلـه الوصـول إلـى المحـرم ( كالْحِيَـل (2)علـى المحرمـات ) ، أو لـم يقصـد ذلـك ، فيُمنـع لئـلا يتوصـل بـه إلـى المحـرَّم غيـره مـن النـاسِ . ومـن هنـا جـاء التعبيـر بـ ( سـد ) الذرائـع ، لأنـه بمعنـى سـد البـاب بالكليـة لئـلا يتوصـل منـه إلـى المفسـد . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 159 . ( 1 ) بجانبه : أي بجانب الذريعة . ( 2 ) الحيلة : هي الوسيلة المباحة في ذاتها ، التي تفضي إلى غير ظاهرها قصدًا . ومثالها : من نوى بعقد النكاح التحليل كان محللا ودخل في الوعيد على ذلك باللعن ، ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح .فتح الباري ... / ج : 12 / ( 90 ) ـ كتاب : الحِِيَل / 1 ـ باب ... / ص : 344 / بتصرف . ثـم اسـتعملت " الذريعـة " بعـد ذلـك فـي كـل أمـر ظاهـر السـلامة يُتَوصـل بـه إلـى المقصـود . ومـن كـلام العـرب : تذرَّعْـتُ بكـذا إلـى كـذا ، أي اتخذتُـهُ وسـيلة إليـه . سـد الذرائـع : الذرائـع هـي الوسـائل ؛ والذريعـة : هـي الوسـيلة والطريـق إلـى الشـيء ، سـواء أكـان هـذا الشـيء مفسـدة أو مصلحـة ، قـولاً أو فعـلاً . ولكـن غلـب إطـلاق اسـم " الذرائـع " علـى الوسـائل المفضيـة إلـى المفاسـد . فـإذا قيـل : هـذا مـن بـاب سـد الذرائـع ، فمعنـى ذلـك : أنـه مـن بـاب منـع الوسـائل المؤديـة إلـى المفاسـد . أي سـد البـاب بالكليـة لئـلا يتوصـل منـه إلـى المفسـد . الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 244 / بتصرف . · أقســـام الأفعــال المؤديــة إلـى مفاســد : أ ـ أفعـال فاسـدة محرمـة بذاتهـا مفضيـة إلـى الشـر : فهـذه بطبيعتهـا تـؤدي إلـى الشـر والضـرر والفسـاد ، كشـرب المسـكر المفسـد للعقـول ، والقـذف الملـوث للأعـراض ، والزنـا المفضـي إلـى اختـلاط الأنسـاب . ولا خـلاف بيـن العلمـاء فـي منـع هـذه الأفعــال ، وهـي فـي الحقيقـة لا تدخــل فـي دائـرة سـد الذرائـع التـي نتكلـم عنهـا ، لأنهـا محرمـة لذاتهـا . ب ـ أفعـال مباحـة جائـزة مُفْضيـة إلـى مفاسـد : الأفعـال المباحـة الجائـزة ولكنهـا مفضيـة إلـى مفاسـد أنـواع ، وهـي : النـوع الأول : مـا كـان إفضـاؤه إلـى المفسـدة نـادرًا وقليـلاً ، فتكـون مصلحتـه هـي الراجحـة ، ومفسـدته هـي المرجوحـة . كالنظـر إلى المخطوبـة (1)؛ والمشـهود عليهـا ـ أمـام القضـاء ـ ، وزراعـة العنـب (2) . فـلا تمنـع هـذه الأفعـال بحجـة مـا قـد يترتـب عليهـا مـن مفاسـد ، لأن مفسـدتها مغمـورة فـي مصلحتهـا الراجحـة . ( 1 ) قال الشيخ الألباني : لا يجوز إعادة وتكرار النظر إلى المرأة ، إلا في النظر إلى المخطوبة .فتاوى الإمارات / للشيخ الألباني . ( 2 ) قد تؤدي زراعة العنب إلى استخدامه لصناعة الخمر . النـوع الثانـي : مـا كـان إفضـاؤه إلـى المفسـدة كثيـرًا ، فمفسـدته أرجـح مـن مصلحتـه .كبيـع السـلاح فـي أوقـات الفتـن ـ لئـلا يفضـي ذلـك إلـى كثـرة القتـل ـ . وبيـع العنـب ، فبيـع العنـب حـلال ـ فـي حـد ذاتـه ـ أمـا بيعـه لمـن عُـرف عنـه الاحتـراف بعصـره خمـرًا ، فحـرام . وكذلـك سـب آلهـة المشـركين ، فهـذا أمـر مسـتحب ، ولكـن سـبهم فـي وجـود المشـركين قـد يـؤدي إلـى سـب رب العـزة تبـارك وتعالـى ، فمنعـت لهـذا التعلـق . فتلـك وسـائل مباحـة ، لكنهـا تعلقـت بأمـور خارجيـة وبسـببها تفضـي إلـى مفاسـد فمنعـت . الوجيز في أصول الفقه / ص : 245 / بتصرف . عــدم التوســع فـي ســد الذرائــع : الذيـن قالـوا بسـد الذرائــع لـم يجيـزوا التوسـع فـي سـدها ، لأن ذلـك يـؤدي إلـى حــرج علـى النـاس عظيـم ، فـلا يفتَـى بسـد الذرائـع إن كـان الإفضـاء إليهـا (1)نـادرًا أو قليـلاً ، كمـن يفتـي بتحريـم زراعـة العنـب بالكليـة لئـلا تُعْصَـر منـه الخمـر ، وكمـن يفتـي بتحريـم أكـل طعـام الكفـار خشـية أن يكـون فـي طعامهـم لحـم الخنزيـر . فـلا يجـوز الإفتـاء بسـد ذريعـة إلا فيمـا كـان إفضـاؤه إلـى المفسـدة غالبًـا ، بحيـث يغلـب علـى الظـن إفضـاؤه إليهـا أو يكـون إفضـاؤه إليهـا كثيـرًا . ثـم لا يكـون سـد الذريعـة شـاملاً عامـًا لكـل صـور المحكـوم فيـه وكـل أحوالـه ، بـل بالقـدر الـذي تنـدرئ بـه المفسـدة ، وإذا زالـت الخشـية زال الحظـر ، والله أعلـم . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 162 . ( 1 ) إليها ---> الضمير يعود على المفسدة ، أي إذا كان الإفضاء إلى المفسدة نادرًا . حُجِّيــة القــول بســد الذرائــع : ـ قـال تعالـى "وَلاَ تَسُـبُّواْ الَّذِيـنَ يَدْعُـونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُـبُّواْ اللهَ عَـدْوًا بِغَيْـرِ عِلْـمٍ ...".سورة الأنعام / آية : 108 . ووجـه الاسـتدلال ، أن سـب الآلهـة عبـادة ، ولكـن مُنِعَـتْ فـي المواطـن التـي يُـرَدّ علـى هـذا السـب بِسـبِّ رب العـزة سـبحانه وتعالـى ، لأن تـرك السـب فـي تلـك المواطـن مصلحـة راجحـة . ـ قـال تعالـى " ... لاَ تَقُولُـواْ رَاعِنَـا وَقُولُـواْ انظُرْنَـا ... ".سورة البقرة / آية : 104 . نهـى الله عـز وجـل المؤمنيـن أن يقولـوا " راعنـا " مـع قصدِهُـمُ الحَسَـن ، منعًـا لذريعـة التشـبه باليهـود الذيـن كانـوا يريـدون بهـا شـتم النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . التأسيس ... / ص : 458 . ونهـى الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن يقضـي حَكَـم بيـن اثنيـن وهـو غضبـان لأن الحُكْـم وهـو غضبـان ذريعـة إلـى مفسـدة الجَـوْر فـي الحُكـم مـن حيـث لـم يقصـد . قـال البخـاري فـي صحيحـه : حدثنـا آدم ، قـال : حدثنـا شـعبة ، قـال : حدثنـا عبـد الملـك بـنُ عُميـرٍ ، قـال : سـمعتُ عبـد الرحمـن ابـن أبـي بَكْـرَةَ ، قـال : كتـبَ أبـو بكـرة إلـى ابنـه وكـان بسـجسـتان بـأن لا تقضِـيَ بيـن اثنيـن وأنـت غضبـان فإنـي سـمعتُ النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " لا يقضيـن حَكَـم بيـن اثنيـن وهـو غضبـان " . صحيح البخاري . متون / ( 93 ) ـ كتاب : الأحكام / ( 13 ) ـ باب : هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان ؟ / حديث رقم : 7158 / ص : 832 . دار ابن الهيثم . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 160 / بتصرف . فتــح الذرائــع : سـد الذرائـع كمـا تقـدم هـو منـع المبـاح متـى كـان يـؤدي إلـى مفسـدة . وعكسـه : فتـح الذرائـع ، أي : إباحـة ارتكـاب المحـرم إن كـان تركـه - أي ترك ارتكاب المحرَّم-يـؤدي إلـى ضـرر أعظـم . وقـد قـال بفتـح الذرائـع القائلـون بسـدها ، لأن الأمريـن مـن بـاب واحـد . ومِـنْ فَتْـح الذرائـعَ : إجـازة دخـول منـزل الغيـر بغيـر إذنـه لإطفـاء حريـقٍ أو منـع جريمـة .الواضح في أصول الفقه ... / ص : 163 . * القصـاص شُـرع لمصلحـة حفـظ النفـوس ؛ [ رغـم أن القتـل محـرم ، لكنـه أبيـح هنـا لمصلحـة حفـظ النفـوس الأخـرى ] ، قـال تعالـى " وَلَكُـمْ فِـي الْقِصَـاصِ حَيَـاةٌ يَـاْ أُولِـيْ الأَلْبَـابِ ... " .سورة البقرة / آية : 179 . * * * * * المصـــدر الحـــادي عشــر : الاجتهـــاد تعريفـــه : ـ الاجتهـاد لغـة : بـذل الجهـد لإدراك أمـر شـاق . الاجتهـاد اصطلاحًـا : بـذل الجهـد لإدراك حكـم شـرعي . والمجتهـد : مـن بـذل جهـده لذلـك . فالاجتهـاد فـي الشـرع : أن يبـذل الإنسـان طاقتـه ووسـعه لإدراك حكـم شـرعي ، وعليـه ، فمـن أخـذ كتابًـا ونظـر فيـه وحكـم بمـا يقتضيـه هـذا الكتـاب فليـس بمجتهـد ، بـل هـذا مُقَلِّـد لأنـه قَلَّـد صاحـب الكتـاب . ومـن راجـع الكتـب وبحـث مـع العلمـاء فـي حكـم المسـألة حتـى أوصلـه ذلـك البحـث مـع العلماء ومراجعـة الكتـب إلـى إدراك الحكـم ، فهـذا يسـمى مجتهـدًا ؛ لأنـه بـذل جهـدًا لإدراك هـذا الأمـر والمجتهـد فـي الحقيقـة هـو العالـم . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 626 . شــروط الاجتهــاد : 1 ـ أن يعلـم مـن الأدلـة الشـرعية مـا يحتـاج إليـه فـي اجتهـاده ، كآيـات الأحكـام وأحاديثهـا . 2 ـ أن يعـرف مـا يتعلـق بصحـة الحديـث وضعفـه ، كمعرفـة الإسـناد ورجالـه وغيـر ذلـك . 3 ـ أن يعـرف الناسـخ والمنسـوخ ، ومواقـع الإجمـاع ، حتـى لا يحكـم بمنسـوخ أو مخالـف للإجمـاع . 4ـ أن يعـرف مـن الأدلـة مـا يختلـف بـه الحكـم مـن تخصيـص أو تقييـد أو نحـوه ؛ حتـى لا يحكـم بمـا يخالـف ذلـك . 5 ـ أن يعـرف مـن اللغـة وأصـول الفقـه مـا يتعلـق بـدَلالات الألفـاظ كالعـام والخـاص والمطلـق والْمُقَيَّـد ، والمُجْمَـل والمبيَّـن ، ونحـو ذلـك ، ليحكـم بمـا تقتضيـه تلـك الـدلالات 6 ـ أن يكـون عنـده قـدرة يتمكـن بهـا مـن اسـتنباط الأحكـام مـن أدلتهـا . وهـذا الشـرط هـو الثمـرة ، فقـد يكـون الإنسـان عنـده كـل مـا سـبق مـن الشـروط ، لكـن لا يسـتطيع أن يسـتنبط ، بـل هـو مقلـد ، يقـول مـا قالـه غيـره . والنـاس فـي هـذه المسـألة يتباينـون تباينًـا عظيمًــا ، فتجـد بعـض النـاس يسـتنبط مـن الحديـث الواحـد عـدة مسـائل ، وآخــر لا يسـتنبط منـه إلا مسـائل قليلـة ، أو لا يسـتنبط منـه إلا المسـألة التـي هـي ظاهـر الكـلام فقـط . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 627 : 632 . حكـــم الاجتهــاد : الاجتهـاد واجـب علـى مـن كـان أهـلاً لـه بـأن قامـت فيـه مَلَكَـةُ الاجتهـادِ وتهيـأت لـه أسـبابه ووسـائله . وعلـى المجتهـد أن يصـل إلـى الحكـم الشـرعي بطريـق النظـر والبحـث فـي الأدلـة ، ومـا يـؤدي إليـه اجتهـاده هـو الحكـم الشـرعي فـي حقـه ، الواجـب اتباعـه ، فـلا يجـوز لـه تركـه تقليـدًا لغيـره . وهـو إن أصـاب فـي اجتهـاده فلـه أجـران ، وإن أخطـأ فلـه أجـر واحـد . الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 405 . * فعـن عمـرو بـن العـاص أنـه سـمع رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول " إذا حكـم الحاكـم فاجتهـد ثـم أصـاب ، فلـه أجـران ، وإذا حكـم فاجتهـد ثـم أخطـأ فلـه أجـر " .صحيح البخاري . متون / ( 96 ) ـ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة / ( 21 ) ـ باب : أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ / حديث رقم : 7352 / ص : 853 . فائـــدة : وإذا اجتهـد المجتهـد ونظـر فـي الأدلـة وفـي أقـوال العلمـاء ، ولكـن لـم يتبيـن لـه الحكـم ، وجـب عليـه أن يتوقـف ولا يحكـم باجتهـاده ، وفي هـذه الحـال يجـوز أن يقلـد للضـرورة ؛ لقولـه تعالـى "... فَمَـنِ اضْطُـرَّ فِـي مَخْمَصَـةٍ غَيْـرَ مُتَجَانِـفٍ لإِِّثْـمٍ فَـإِنَّ اللهَ غَفُـورٌ رَّحِيـمٌ " .سورة المائدة / آية : 3 . ولقولـه تعالـى " ... فَاسْـأَلُواْ أَهْـلَ الذِّكْـرِ إِن كُنتُـمْ لاَ تَعْلَمُـونَ " . سورة الأنبياء / آية : 7 . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 634 . تغيــر الاجتهـــاد ونقضــه : الاجتهـاد مبنـاه النظــر واسـتفراغ الوسـع والطاقــة للوصـول إلـى الحكـم الشـرعي ، فـإذا بحـث المجتهـد فـي مسـألة ، وأمعـن النظـر فيهـا ، وبـذل غايـة جهــده حتـى توصـل إلـى حكـم فـي هـذه المسـألة ، كـان هـذا الحكـم هـو الواجـب فـي حقـه ، وهـو الـذي يفتـي بـه ، ولكـن إذا تغيـر اجتهـاده فـي هـذه المسـألة ذاتهـا ، فعليـه أن يعمـل بمقتضـى اجتهـاده الجديـد ، ويفتـي بـه ويتـرك قولـه الأول . وإذا كـان المجتهـد حاكمًـا ، وقضـى فـي مسـألة بحكـم معيـن حسـب اجتهـاده ، فـلا يجـوز لحاكـم آخـر نقـض هـذا الاجتهـاد ، لأن القاعـدة : أن الاجتهـاد لا ينقـض بمثلـه . ولكـن لـو عرضـت مسـألة أخـرى مثـل الأولـى علـى الحاكـم نفسـه ، وبـدا لـه رأي جديـد فـي هـذه المسـألة ، فـإن عليـه أن يحكـم باجتهـاده الجديـد ، أمـا مـا حكـم بـه أولاً ، فـلا ينتقـض بـل يمضـي وهـذا يعنـي أن السـوابق القضائيـة لا تفيـد القاضـي المسـلم ، وعلـى هـذا دَلَّ عمـل القضـاة فـي الإسـلام . مـن ذلـك " أن عمـر بـن الخطـاب ـ رضي الله عنه ـ قضـى فـي المسـألة الحجريـة فـي الميـراث بعـدم توريـث أولاد الأبويـن ، ثـم عرضـت لـه نفـس المسـألة مـن بعـد فقضـى بتوريـث أولاد الأبويـن مـع الأولاد لأم ، فاعتـرض عليـه أصحـاب القضيـة الأولـى ، فقـال : ذلـك مـا قضينـا وهـذا علـى مـا نقضـي " (1) . أمـا إذا كـان الاجتهـاد مخالفًـا للنـص القطعـي ، فإنـه ينقـض ولا عبـرة بـه ، إذ ليـس هـو فـي الحقيقـة اجتهـادًا . الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 406 . ( 1 ) ننبه على عدم ثبوت هذا الأثر ، ولكن ذُكِر فقط لتقريب المعنى وللتنبيه على ضعفه لشهرته على الألسنة . فالأثر ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل ... / ج : 6 / حديث رقم : 1693 / ص : 133 . ومع ضعف الأثر ، لكن الحكم صحيح عند أهل العلم . فيرث الإخوة والأخوات الأشقاء بالاشتراك مع الإخوة لأم على الفرض المقدر لهم شرعًا ، وذلك إذا لم يبق شيء من التركة للأشقاء ليرثونه بطريق التعصيب . ومن أراد تفصيل المسألة ، فليرجع إلى بحث : " موسوعة علم الفرائض / ج : 1 / الطبعة الثانية / ص : 118 ( المسألة المشتركة ) . تَجَــزُّء الاجتهــاد : ـ معنـى تجـزء الاجتهـاد : هـو كـون العالـم مجتهـدًا فـي مسـألة دون غيرهـا ، أي أن يكـون قـادرًا علـى الاجتهـاد فـي بعـض المسـائل دون البعـض نظـرًا لتوفـر وسـائل الاجتهـاد لـه فـي هـذه المسـائل ، كمـن أحـاط بجميـع أدلـة علـم الميـراث ونصوصـه ومـا ورد فيـه مـن السـنة ومـن أقـوال العلمـاء ، فـإن لـه أن يجتهـد فـي هـذه المسـائل ، وإن كـان غيـر قـادر علـى الاجتهـاد فـي غيرهـا ، لعـدم توفـر وسـائل الاجتهـاد عنـده فيهـا . وذهـب بعـض العلمـاء إلـى منـع تجـزء الاجتهـاد ، والقـول الأول هـو الراجـح ، وتـدل عليـه سـير المجتهديـن القُدامـى ، فقـد كـان أحدهـم يُسْـأل عـن مسـائل كثيـرة فـلا يجيـب إلا عـن بعضهـا ، ويتوقـف عـن الباقـي ، ويقـول : لا أدري . الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 406 . قـال الشـيخ العثيميـن ـ رحمه الله ـ فـي شـرح الأصـول مـن علـم الأصـول / ص : 632 : والصحيـح أن الاجتهـاد يتجـزأ فيكـون فـي بـاب واحـد مـن أبـواب العلـم مثـل علـم الفرائـض ، أو فـي مسـألة مـن بـاب مـن أبـواب العلـم مثـل مسـألة المسـح علـى الخفيـن . ولكنـه لا يكـون مجتهـدًا فـي غيـر ذلـك . ا . هـ / بتصرف . فائـــدة : إذا أفتـى الحاكـم النـاس بـدون اجتهـاد ، فهـو آثـم وإن أصـاب الحـق . قـال شـيخ الإسـلام ـ ابـن تيميـة ـ فـي : القواعـد النورانيـة / ص : 206 : ..... لـو حكـم الحاكـم بغيـر اجتهـادٍ فإنـه آثـم وإن كـان صـادف الحـق ا . هـ .التأسيس ... / ص : 490 . * * * * *
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() المبحـــث الرابـــع الأحكــام الشــرعية معرفـة الحكـم الشـرعي ، هـو الغايـة والثمـرة التـي ينتهـي إليهـا دارس علـم الفقـه وأصولـه ، ولكـن علـم الأصـول ينظـر إليـه مـن جهـة وضـع القواعـد والمناهـج الموصلـة إليـه . وعلـم الفقـه ينظـر إليـه باعتبــار اسـتنباطه فعـلاً ، بتطبيـق مـا وضعـه علـم الأصـول للتعـرف عليـه .الوجيز في أصول ... / ص : 23 / بتصرف . * والحُكْـم لغـة : هـو القضـاء . ومنـه سـمينا الحاكـم بيـن النـاس : " قاضيًـا " . * الحكـم اصطلاحًـا : مـا اقتضـاه خطـاب الشـرع المتعلـق بأفعـال المكلفيـن مـن طلـب أو تخييـر أو وضـع . شرح الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 38 . * شـرح التعريـف الاصطلاحـي : ـ المـراد بقولنـا : " خطـاب الشـرع " : " الكتـاب " والسـنة الصحيحـة " . ـ والمـراد بقولنـا : " المتعلـق بأفعـال المكلفيـن " : مـا يتعلـق بأعمالهـم ، سـواء كانـت قـولاً ، أم فعـلاً ؛ إيجـادًا أم تركًـا . فخـرج بـه مـا تعلـق بالاعتقـاد فـلا يسـمى حكمًـا بـذا الاصطـلاح . ـ والمـراد بقولنـا : " المكلفيـن " : مـا مـن شـأنهم التكليـف ، فـلا يشـمل الصغيـر والمجنـون . ـ والمـراد بقولنـا : " مـن طلـب " : الأمـر والنهـي ، سـواء علـى سـبيل الإلـزام أو الأفضليـة . ـ والمـراد بقولنـا : " أو تخييـر " : المبـاح . ـ والمـراد بقولنـا : " أو وضـع " : أي شـيئًا موضوعًـا للدلالـة علـى شـيء ، كالأسـباب والشـروط والموانـع . فهـذا خطـاب الشـرع لـو تأملتـه لوجدتـه لا يخـرج عـن هـذه الثلاثـة : إمـا طلـب أو تخييـر أو وضـع . فمـا اقتضـاه خطـاب الشـرع مـن أحـد هـذه الثلاثـة يسـمى " حكمًـا " .شرح الأصول من علم الأصول / ص : 39 ـ 42 / بتصرف . * * * * * أقســـام الأحكـــام الشــرعية تنقسـم الأحكـام الشـرعية إلـى قسـمين : أحكـام شـرعية تكليفيـة ، وأحكـام شـرعية وضعيـة . المرتقى الذلول ... / ص : 37 / بتصرف . أولاً : الأحكــام الشــرعية التكليفيــة الأحكـام الشـرعية التكليفيـة هـي الأحكـام التـي تتعلـق بالمكلـف ، سـواء بالفعـل أو التـرك . ويقسـم معظـم الأصولييـن الحكـم التكليفـي إلـى خمسـة أقسـام هـي : الواجـب ـ المحـرم ـ المنـدوب ـ المكـروه ـ المبـاح . الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 29 . أولاً : الواجــب : وهـو مـا أمـر الشـارع بفعلـه علـى وجـه الإلـزام . كالصلـوات الخمـس ، والصيـام ، ... . ويسـمى : فرضًـا ، وفريضـة ، وحتمًـا ، ولازمًـا .فالواجـب هـو الفـرض عنـد الجمهـور .والواجـب يثـاب فاعلـه امتثـالاً ، ويأثـم تاركـه ويسـتحق العقـاب .الأصول من علم الأصول / ص : 46 . ثانيًــا : المحــرم : وهـو مـا أمـر الشـارع بالكـف عنـه علـى وجـه الإلـزام بالتـرك كعقـوق الوالديـن ، ..... . ويسـمى : محظـورًا ، وممنوعًـا ، ومحرمًـا . والمحـرم يثـاب تاركـه ـ لحرمتـه ـ امتثـالاً ، ويأثـم فاعلـه ويسـتحق العقـاب .الأصول من علم الأصول / ص : 55 / بتصرف . ثالثًــا : المنــدوب : وهـو مـا أمـر الشـارع بفعلِـهِ مـن غيـر إلـزام . كالرواتـب - أي الصلاة الراتبة مثل سنة الظهر و ... -، ..... . ويسـمى : سـنة ، ومسـنونًا ، ومسـتحبًّا ونفـلاً . والمنـدوب يثـاب فاعلـه امتثـالاً لأمـر الله بفعلـه ، ولا يأثـم تاركـه ولا يعاقـب . فيجـوز تركـه ، لكـن لا يجـوز تـرك اعتقـاد اسـتحبابه . ( مجموع الفتاوى 4 / 436 ) .معالم أصول الفقه ... / ص : 312 . رابعًــا : المكـــروه : وهـو مـا نهـى عنـه الشـارع أو أمـر بالكـف عنـه ، مـن غيـر إلـزام بالتـرك .فيكـون تركـه أولـى مـن فعلـه .كالأخـذ بالشـمال ، والإعطـاء بهـا . والمكـروه : يثـاب تاركـه امتثـالاً لأمـر الله بالكـف عنـه ، ولا يأثـم فاعلـه . خامسًــا : المبــــاح : وهـو مـا خَيَّـرَ الشـارعُ المكلـفَ بيـن فعلـه وتركـه ، ولا مـدح ، ولا ذم علـى الفعـل والتَّـرك . ويقـال لـه الحـلال ، والجائـز . كالأكـل فـي رمضـان ليـلاً . فالمبـاح اصطلاحًـا : مـا لا يتعلـق بـه أمـر ولا نهـي لذاتـه ، أي بصـرف النظـر عـن أمـر آخـر يتعلـق بـه ، لأنه قـد يتعلـق به أمـر ـ آخـر ـ فيكـون ـ المبـاح فـي هـذه الحالـة ـ مأمـورًا بـه . مثـــل : شـراء المـاء ، الأصـل فيـه أنـه مبـاح ، لكـن إذا كـان يتوقـف عليـه الوضـوء للصـلاة ـ مـع قدرتـه علـى الشـراء ـ صـار شـراؤه واجبًـا ، لأنـه مـا لا يتـم الواجـب إلا بـه فهـو واجـب قاعـــدة : المبـاح : إذا كـان وسـيلة لمحـرم فهـو محـرم .وإذا كـان وسـيلة لمكـروه فهـو مكـروه .الأصول من علم الأصول / العثيمين / ص : 67 وإذا كـان وسـيلة لواجـب فهـو واجـب . وإذا كـان وسـيلة لمسـتحب فهـو مسـتحب . فـائـــدة : الفعـل الواحـد ـ قـد ـ تتنـوع فيـه أقسـام الحكـم التكليفـي . ومثـــال هـذا : الـزواج :فإنـه تتداولـه الأحكـام التكليفيـة الخمسـة ، علـى النحـو التالـي : ـ إذا قـدر الرجـل علـى المهـر والنفقــة وسـائر واجبـات الزوجيـة ، وتيقـن أنـه إذا لـم يتـزوج زنـى ، كـان الـزواج فـي هـذه الحالـة واجبًـا . ـ وإذا كـان قـادرًا علـى واجبـات الزوجيـة ، وكـان لا يخشـى علـى نفسـه الزنـا ، ولكنـه يجـد قـوة دينـه وزيـادة عفتـه فـي الـزواج ، فـإن الـزواج يكـون فـي حقـه مسـتحبًا . ـ وإن علـم أنـه إن تـزوج فسـيظلم زوجتـه وينتقصهـا حقوقهـا ، فهـذا يكـون الـزواج فـي حقـه محرمًـا . ـ وإن يظـن فقـط أنـه ربمـا يظلـم زوجتـه ، فهـذا يكـون زواجـه مكروهًـا .المرتقى الذلول إلى ... / ص : 70 . ثانيًـــا : الأحكـــام الوضعيـــة الأحكــام الوضعيــة : هـي التـي وضعهـا الشـارع ، بحيـث تكـون أمـارات علـى وجـود الحكـم الشـرعي . ـ فـإن المكلـف يعـرف بهـا متـى وأيـن يقـع الحكـم التكليفـي . فـإن كـل حكـم تكليفـي مـن واجـب ومسـتحب وغيـر ذلـك ، لا يتحقـق إلا بحصـول أسـبابه ووجـود شـروطه ، وانتفـاء موانعـه . وهـذه الثلاثـة هـي أهـم مـا يدخـل فـي الحكـم الوضعـي ، أعنـي بالثلاثـة :الأسـباب والشـروط والموانـع . وهنـاك أحكـام وضعيـة أخـرى ، لكننـا نـرى أن نقتصـر علـى هـذه لأنهـا الأهـم ، ولحاجـة المقـام إلـى الإيجـاز .المرتقى الذلول ... / ص : 73 . 1 ـ الســــبب : هـو مـا جعلـه الشـارع مُعرِّفًًـا لحكـم شـرعي ، بحيـث يوجـد هـذا الحكـم عنـد وجـوده ، وينعـدم عنـد عدمـه . ومـن أمثلـة السـبب : دخـول الوقـت لوجـوب الصـلاة ، والاضطـرار سـبب لإباحـة الميتـة . والسـفر سـبب لإباحـة الفِطـر وسـبب لقصـر الصـلاة أيضًـا . والقتـل سـبب للقصـاص . وبلـوغ النصـاب سـبب لوجـوب الزكـاة وغيـر ذلـك . ويلاحـظ فـي هـذه الأمثلـة كلهـا ، أن هـذه الأحكـام المذكـورة توجـد بوجـود أسـبابها ، وتنعـدم إذا انعدمـت أسـبابها .المرتقى الذلول ... / ص : 73 . 2 ـ الشـــرط : والشـرط فـي اللغـة : هـو العلامـة اللازمـة . وفـي الاصطـلاح : هـو الأمـر الـذي يتوقـف عليـه وجـود الحكـم ـ وهـو خارجـه ـ ، بحيـث إذا فُقِـدَ الشـرط فُقـد الحكـم ، مـع أنه لا يلـزم مـن وجـود الشـرط وجـود الحكـم ، فقـد يوجـد الشـرط ولا يوجـد الحكـم . مثالــــه : " الوضـوء " شـرط لأداء الصـلاة : وهـو خارجهـا وليـس جـزءًا منهـا ولا يلـزم مـن الوضـوء الصـلاة ـ فقـد يتوضـأ المسـلم قبـل النـوم ، أو لقـراءة القـرآن أو ..... فـلا يلزمـه عنـد الوضـوء فـي هـذه الحـالات أن يصلـي . فالوضـوء شـرط لصحـة الصـلاة ، وليـس جــزءًا منهـا ، وبهـذا يفـرق بيـن الشـرط والركـن ، فـإن الركـن مـع مشـاركته للشـرط فـي أن الحكـم يتوقـف عليـه ، إلا أن الشـرط خـارج عـن حقيقـة الشـيء كمـا بينـاه ، والركـن داخـل فـي حقيقتـه ، وذلـك كتكبيـرة الإحـرام التـي هـي جـزء مـن الصـلاة ويتوقـف عليهـا صحـة الصـلاة . ومثـــال الشـــرط : أن العمـد العـدوان شـرط للقتــل الـذي هـو سـبب إيجـاب القصـاص ، وأن مـرور الحــول شـرط للنصـاب الـذي هـو سـبب وجـوب الزكـاة ، وأن الوضـوء شـرط لصحـة الصـلاة ، ومـوت المـورِّث شـرط الإرث . المرتقى الذلول ... / ص : 74 / بتصرف . 3 ـ المانـــع : المانـع هـو مـا يترتـب علـى وجـوده عـدم الحكـم أو عـدم السـبب . ومثـــال المانــع : الرضـاع مانـع للنكـاح ، والحيـض والنفـاس مانعـان مـن وجـوب الصـلاة ، القتـل مانـع مـن الإرث .المرتقى الذلول ... / ص : 75 . فوائـــد : الأولــى : يَحْسُـن التفريـق بيـن السـبب والشـرط ، فقـد يقـع الخلـط بينهمـا ، فـإنَّ كـلاً منهمـا يترتـب علـى عدمـه الحكـم ، فـإن دخـول الوقـت سـبب الصـلاة ، والوضـوء شـرطها ، فـإذا عـدم أحدهمـا لـم تصـح الصـلاة . وأمـا الفـرق بينهمـا فهـو : أن " الشـرط " قـد يوجـد ولا يوجـد الحكـم ، فقـد يوجـد الوضـوء ، ولا تجـب الصـلاة . وأمـا " الســبب " إذا وجـد فقـد لـزم الحكـم مـا لـم يقـع مانـع ، وذلـك كدخـول وقـت الصـلاة ، فإنـه يلـزم عنـه وجوبهـا . ولهـذا كـان ترتيـب النظـر أن يُبتـدأ بالسـبب ، فـإن وجـد نُظِـرَ فـي الشـرط فـإن تحقـق نُظـر هـل هنـاك مانـع ؟ 0 فـإن انتفـى المانـع ، فقـد تحقـق الحكـم الشـرعي . وممـا يؤكـد أن رتبـة الشـرط بعـد رتبـة السـبب ، أن مـن الشـروط مـا هـو شـرط فـي السـبب . فـإن القتـل سـبب " القصـاص " ، ثـم هـذا السـبب وهـو القتـل شـرطه أن يكـون عمـدًا عدوانًـا ، والنصـاب سـبب وجـوب الزكـاة ، وشـرط النصـاب أن يحـول عليـه الحـول . الثانيــة : وهـي في بيـان طائفـة مـن الأحكـام وأسـبابها وشـروطها وموانعهـا فـي صـورة جـدول إيضاحـي : الحكم :القصاص / السبب: القتل / الشرط:العمد العدوان / المانع:الأبوة. الحكم:الإرث/ السبب:القرابة أو النسب/الشرط:موت المورث / المانع : قتل الوارث لمورثه. الثالثـــة : قـد يكـون الشـيء الواحـد سـببًا لشـيء ، وشـرطًا لشـيء ، ومانعًـا مـن شـيء . مثــال ذلــك : الإيمـان (1)، فهـو سـبب فـي الثـواب ، وشـرط فـي التكليـف ، ومانـع للقصـاص مـن المسـلم للكافـر عنـد مـن يـرى ذلـك ـ مـن الفقهـاء .المرتقى الذلول ... / ص : 75 . الرابعـــة : إذا عُلـم أن " الأحكـام التكليفيـة " هـي : الواجـب والحـرام والمسـتحب والمكـروه والمبـاح ، وأن " الأحكـام الوضعيـة " هـي : السـبب والشـرط والمانـع ، فـإن الفـرق بيـن النوعيـن أن الحكـم الوضعـي : إما ألا يكـون فـي قـدرة المكلـف أصـلًا ، كدخـول الوقـت ، والنقـاء مـن الحيـض ، أو يكـون في قدرتـه ولا يؤمـر بتحصيلـه ، كالنصـاب للزكـاة ، والاسـتطاعة للحـج ، وعـدم السـفر للصـوم . وأمـا الحكـم التكليفـي فعلامتـه أمـران : أن يكـون فـي قــدرة المكلـف ، وأن يؤمـر بـه فعـلاً كسـائر المأمـورات والمنهيـات . المرتقى الذلول ... / ص : 76 . * * * * * ( 1 ) الإيمان : إذا أطلق هكذا ، فهو يشمل الدين كله أي الإيمان والإسلام . وإذا اقترن الإيمان والإسلام ، فالإيمان يقصد به أركانه الستة المعروفة والإسلام يقصد به الأركان الخمسة المعروفة
|
#6
|
||||
|
||||
![]() المبحـــث الخامـــس " المحكــم " و " مُخْتَلــف الحديــث " تعريــف المُحْكَــم : لغــة : هـو اسـم مفعـول مـن " أحكـم " بمعنـى " أتقـن " . اصطلاحًـا : هـو الحديـث المقبـول الـذي سـلم مـن معارضـة مثلـه . وأكثـر الأحاديـث مـن هـذا النـوع ، وأمـا الأحاديـث المتعارضـة المختلفـة فهـي قليلـة بالنسـبة لمجمـوع الأحاديـث . تيسير مصطلح الحديث / ص : 56 . حُكمـــه : الحديـث المحكـم معمـول بـه مطلقًـا . 120 سؤال وجواب ... / ص : 62 / بتصرف . تعريــف مختلــف الحديــث : لغــة : هـو اسـم فاعـل مـن الاختـلاف ضـد الاتفـاق . ومعنـى مختلـف الحديـث : أي الأحاديـث التـي تصلنـا ويخالـف بعضهـا بعضًـا فـي المعنـى ، أي يتضـادان فـي المعنـى. اصطلاحًـا : هـو الحديـث المقبـول المعـارَض بمثلـه مـع إمكـان الجمـع بينهمـا . أي هـو الحديـث الصحيـح أو الحسـن الـذي يجـيء حديـث آخـر مثلـه فـي المرتبـة والقـوة ، ويناقضـه فـي المعنـى ظاهـرًا ، ويمكـن لأولـي العلـم والفهـم الثاقـب أن يجمعـوا بيـن مدلوليهمـا بشـكل مقبـول .تيسير مصطلح الحديث / ص : 56 . حُكمـــه : مختلـف الحديـث معمـول بـه علـى تفصيـل لا مطلقًـا . 120 سؤال وجواب ... / ص : 62 / بتصرف . مـاذا يجـب علـى مـن وجـد حديثيـن متعارضيـن مقبوليـن ؟ إذا تعارضـت الأدلـة فـي المسـألة الواحـدة عنـد المجتهـد ، وكـان كـل منهـا صحيحًـا ، بـأن كـان آيـة مـن القـرآن ، أو حديثًـا صحيحًـا أو إجماعًـا أو قياسًـا فإنـه يتخـذ الخطـوات التاليـة بالترتيـب ، فـلا يتعجـل شـيئًا منهـا قبـل أوانـه . الواضح في أصول الفقه ... / ص : 270 . أ ـ إذا أمكـن الجمـع بينهمـا : تعيـن الجمـع ، ووجـب العمـل بهمـا . ب ـ إذا لـم يمكـن الجمـع بوجـه مـن الوجـوه : 1 ـ فـإن عُلـم أحدهمـا ناسـخًا قدمنـاه وعملنـا بـه ، وتركنـا المنسـوخ . 2 ـ وإن لـم يعلـم ذلـك : رجحنــا أحدهمـا علـى الآخــر بوجـه مـن وجـوه الترجيـح التـي تبلـغ خمسـين وجهًـا أو أكثـر ، ثـم عملنـا بالراجـح . 3 ـ وإن لـم يترجـح أحدهمـا علـى الآخـر ـ وهـو نـادر ـ : توقفنـا عـن العمـل بهمـا حتـى يظهـر لنـا مُرَجـح .تيسير مصطلح الحديث / ص : 58 . · أهميتــه ومـن يكمــل لـه : هـذا الفـن مـن أهـم علـوم الحديـث ، وحقيقتـه التأليـف بيـن مدلولـي النصيـن بغيـر تعسـف ـ إذ يضطـر إلـى معرفتـه جميـع العلمـاء ، وإنمـا يكمـل لـه ويمهـر فيـه الأئمـة الجامعـون بيـن الحديـث والفقـه ، والأصوليـون الغواصـون علـى المعانـي الدقيقـة ، وهـؤلاء هـم الذيـن لا يُشـكِل عليهـم منـه إلا النـادر . وتعـارض الأدلـة قـد شـغل العلمـاء ، وفيـه ظهـرت موهبتهـم ودقـة فهمهـم وحسـن اختيارهـم . كمـا زلـت فيـه أقـدام مـن خـاض غمـاره مـن بعـض المتطفليـن علـى موائـد العلمـاء .تيسير مصطلح الحديث / ص : 58 / بتصرف . ـ وأول مـن تكلـم فيـه الإمـام الشـافعي رحمه الله . وكـان ابـن خزيمـة ـ رحمه الله تعالى ـ مـن أحسـن النـاس كلامًـا فيـه حتـى قـال " لا أعـرف حديثيـن متعارضيـن ، فمـن كـان عنـده فليأتنـي بهمـا لأؤلـف بينهمـا " . 120 سؤال وجواب في مصطلح الحديث وعلومه / ص : 63 . مـا حقيقـة الجمـع ، ومـاذا يكـون ؟ ! ـ حقيقتـه : التأليـف بيـن مدلولـي النصيـن بغيـر تعسـف . ـ يكـون الجمـع بتخريـج المُعـارِض علـى معنـى ، وجعـل المعـارَض بـاقٍ علـى معنـاه . أو يحمـل كـل منهمـا علـى معنـى ، أو علـى شـخص ، أو علـى حالـة أو علـى موضـع . أو بتخصيـص العـام . أو بتقييـد المطلـق . أو بصـرف أحدهمـا بالآخـر : مـن الوجـوب إلـى النـدب . أو مـن التحريـم إلـى الكراهـة .120 سؤال وجواب ... / ص : 63 . أمثلـــة تطبيقيــة : مثـال الجمـع بتخريـج المعَـارِض علـى معنـى ، وجعـل الأول بـاقٍ علـى عمومـه : حديـث " لا عـدوى ولا طيـرة ..... " متفق عليه . ـ فعـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " لا عـدوى ولا طيـرَة ويعجبنـي الفـأل الصالـح والكلمـة الحسـنة " .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 10 / ( 76 ) ـ كتاب : الطب / ( 44 ) ـ باب :الفأل / حديث رقم : 5756 / ص : 225 . مـع حديـث " فِـرّ مـن المجـذوم فِـرَارك مـن الأسـد " . ـ ..... ، قـال : سـمعت أبـا هريـرة ـ رضي الله عنه ـ يقـول : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم" لا عـدوى ولا طِيَـرَة ، ولا هامــة ، ولا صَفَـرَ (1)، وفـر مـن المجـذوم كمـا تفــر مـن الأسـد " .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 10 / ( 76 ) ـ كتاب : الطب / ( 19 ) ـ باب : الجُذَام / حديث رقم : 5707 / ص : 167 . ( 1 ) صفـر : داء يأخـذ بالبطـن . فهـذان حديثـان صحيحـان ، ظاهرهمـا التعـارض ، لأن الأول ينفـي العـدوى ، والثانـي يثبتهـا . جمـع بينهمـا ابـن حجـر ـ رحمه الله تعالى ـ فـي نزهـة النظـر ( ص : 33 ، 34 ) ؛ " بـأن حديـث نفـي العـدوى بـاق علـى عمومـه ، وأنـه لا يعـدي شـيء شـيئًا . وأمـا الأمـر بالفـرار مـن المجـذوم فمـن بـاب سـد الذرائـع لئـلا يتفـق للشـخص الـذي يخالطـه بتقديـر الله تعالـى ابتـداء لا بالعـدوى المنفيـة فيظـن أن ذلـك بسـبب مخالطتـه فيعتقـد صحـة العـدوى فيقـع فـي الحـرج فأمـر باجتنابـه حسـمًا للمـادة " . وقـد جمـع العلمـاء بينهمـا ووفقـوا بيـن معناهمـا علـى وجـوه متعـددة أخـرى نذكرهـا للفائـدة . آراء العلمــاء بالنســبة للعـدوى : 1ـ ذهـب جماعـة مـن الأئمـة إلـى نفـي العـدوى تمسـكًا بظاهـر حديـث : " لا عـدوى ..... " وهـؤلاء فريقـان : أ ـ الفريــق الأول : يـرى أن الكـلام علـى الحقيقـة : بمعنـى أنـه لا عـدوى أصـلاً ، وأن الأمـر بالفــرار مـن المجـذوم إنمـا هـو مـن بـاب سـد الذريعـة . ويؤيـد ذلـك قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " لا يُعْـدِي شـيءٌ شـيئًا " .سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب : القدر / ( 9 ) ـ باب : ما جاء لا عدوى ... / حديث رقم : 2143 / ص : 484 / صحيح . وقولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم لمـن عارضـه بـأن البعيـر الأجـرب يكـون بيـن الإبـل الصحيحـة فيخالطهـا فتجـرب " فمـن أعـدى الأول " . ـ فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " لا عـدوى ولا صَفَـر (1) ولا هامـة . فقـال أعرابـي : يـا رسـول الله ، فمـا بـال إبلـي تكـون فـي الرمـل كأنهـا الظبـاء فيأتـي البعيـر الأجـرب فيدخـل بينهـا فيجربهـا ؟ .فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " فمـن أعـدى الأول ؟ " . صحيح البخاري . متون / ( 76 ) ـ كتاب : الطب / ( 25 ) ـ باب : لا صفر وهو داء ... / حديث رقم : 5717 / ص : 684 . ( 1 ) صَفَـر : هـي حيـة تكـون بالبطـن تصيـب الماشـية والنـاس ، وهـي أعـدى مـن الجـرب عنـد العـرب ، والمـراد بالنفـي ( ولا صَفَـر ) نفـي مـا كانـوا يعتقدونـه فيـه مـن العـدوى .فتح الباري ... / ج : 10 / ( 76 ) ـ كتاب الطب / ( 25 ) ـ باب : لا صفر وهو داء ... / ص : 181 . يعنـي أن الله تعالـى ابتـدأ ذلـك المـرض فـي الثانـي كمـا ابتـدأه فـي الأول . وأمـا الأمـر بالفـرار مـن المجـذوم ، فمـن بـاب سـد الذرائـع ، أي لئـلا يتفـق للشـخص الـذي يخالـط ذلـك المجـذوم حصـول شـيء لـه مـن ذلـك المـرض بتقديـر الله تعالـى ابتـداء لا بالعـدوى المنفيـة ، فيظـن أن ذلـك كـان بسـبب مخالطتـه لـه ، فيعتقـد صحـة العـدوى ، فيقـع فـي الإثـم ، فأُمِـرَ بتجنـب المجـذوم دفعًـا للوقـوع فـي هـذا الاعتقـاد الـذي يسـبب الوقـوع فـي الإثـم .تيسير مصطلح الحديث / ص : 57 / بتصرف . ب ـ الفريــق الثانــي : يـرى حمـل الكــلام علـى المجـاز : بمعنـى أن يكـون المـراد بنفـي العــدوى نفـي أن شـيئًا يعـدي بطبعــه . وهـو علـى هـذا رد لمـا كانـت العــرب تعتقـده فـي الجاهليــة مـن أن الأمـراض تعـدي بطبعهـا دون مؤثـر آخـر ، فأبطـل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ اعتقادهـم بمـا ذكـره مـن نفـي اسـتقلال العـدوى بالتأثيـر مـن غيـر إرادة الله عـز وجـل . ففـي أمـره عليـه السـلام بالفـرار مـن المجـذوم إثبـات للأسـباب ، وفـي نفيـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم العـدوى إشـارة إلـى أن الأسـباب لا تسـتقل وحدهـا بالتأثيـر فـي مسـبباتها ، بـل الله تعالـى وحـده هـو الـذي سـلب الأسـباب تأثيرهـا فـلا تفعـل شـيئًا ، وقـد يقـدر بقـاء تأثيرهـا ، فيكـون تأثيرهـا بإذن الله عـز وجـل . 2ـ وذهـب بعـض العلمـاء إلـى القـول بنفـي العـدوى إلا فيمـا أثبتتهـا فيـه الأحاديـث الصحيحـة الأخـرى ، وهـو مـن بـاب حمـل المطلـق علـى المقيـد ، وبنـاء العـام علـى الخـاص ، فالنفـي فـي قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " لا عـدوى " عـام ، ولكـن مخصـوص بمـا ورد الأمـر بـه مـن الفـرار مـن المجـذوم ، وعـدم القـدوم أو الخـروج مـن أرض الطاعـون ، وأمثـال هـذا ممـا يعـارض فـي ظاهـره أحاديـث نفـي العـدوى . ويكـون المعنـى علـى هـذا " لا عـدوى ثابتـة إلا فيمـا وردت بـه هـذه الأحاديـث مـن الطاعـون والجـذام والجَـرَب والبَـرَص التأليف بين مختلف الحديث / د . محمد رشاد خليفة / ص : 241 / بتصرف يسير . مثــال الجمـع بحمـل كـل منهمـا علـى معنـى : يحمـل كـل مـن المتعارضيـن علـى معنـى : مثـل " حديـث ابـن عمـر " : فعـن عبـد الله بـن عمـر أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " صـلاة الجماعـة أفضـل مـن صـلاة الفـذ سـبع وعشـرين درجـة " . متفق عليه . صحيح البخاري . متون / ( 10 ) ـ كتاب : الآذان / ( 30 ) ـ باب : فضل صلاة الجماعة / حديث رقم : 645 / ص : 78 .ومسلم : 650 / 249 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما . مـع حديـث ابـن عبـاس : * فعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " مـن سـمع النـداء فلـم يأتـه ؛ فـلا صـلاة لـه إلا مـن عـذر " . سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 4 ) ـ كتاب : المساجد والجماعة /( 17 ) ـ باب : التغليظ في التخلف عن الجماعة / حديث رقم : 793 / ص : 150 / صحيح . قـال الجمهـور : يُفهـم مـن تفضيلـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم صـلاة الجماعـة علـى صـلاة الفـذ إثبـات فضيلـة لهـا ، ومـن إثبـات فضيلـة لهـا إثبـات الإجـزاء فيحمـل حديـث " لا صـلاة ..... " علـى نفـي الكمـال لا نفـي الإجـزاء .120 سؤال وجواب ... / ص : 64 / بتصرف . مثـال الجمـع بحمـل أحـد المتعارضيـن علـى شـخص والآخـر علـى آخـر : ـ عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أنـه قـال : يـا رسـول الله : أي الصدقـة أفضـل ؟.قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " جُهْـدُ الْمُقِـلِّ وابـدأ بمـن تعـول " .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 3 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 40 ) ـ باب : الرخصة في ذلك / حديث رقم : 1677 / ص : 291 / صحيح . بـاب الرخصـة فـي ذلـك : أي جـواز التصـدق بجميـع المـال جهـد المقـل : قـال فـي النهايـة : الجهـد " بالضـم " الوسـع والطاقـة ، و " بالفتـح " المشـقة . وقيـل المبالغـة والغايـة ، وقيـل همـا لغتـان فـي الوسـع والطاقـة . فأمـا فـي المشـقة والغايـة فالفتــح لا غيـر ، ومـن " المضمـوم " حديـث الصدقـة أي الصدقـة أفضـل ؟ قـال جهـد المقـل " أي قـدر مـا يحتملـه حـال القليـل . والمقـل : الفقيـر وقليـل المـال . عون المعبود ... / ج : 5 / ( 3 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 40 ) ـ باب : الرخصة في ذلك / ص : 65 . ـ مـع قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم فـي حديـث حكيـم بـن حـزام : " ..... وخيـر الصدقـة عـن ظهـر غنـى ، ...... " . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 3 / ( 24 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 18 ) ـ باب : لا صدقة إلا عن ظهر غنى / حديث رقم : 1427 / ص : 345 . عـن ظهـر غنـى : والمعنـى أفضـل الصدقـة مـا أخرجـه الإنسـان مـن مالـه بعـد أن يسـتبقي منـه قـدر الكفايـة . وقـال البغـوي : المـراد غنـى يسـتظهر بـه علـى النوائـب التـي تنوبـه . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 3 / ( 24 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 18 ) ـ باب :لا صدقة إلا عن ظهر غنى / ص : 347 . قـال البيهقـي ـ رحمه الله تعالى ـ فـي سـننه الكبـرى : 4 / 180 : " وجـه الجمـع بيـن هذيـن الحديثيـن أنـه يختلـف باختـلاف أحـوال النـاس فـي الصبـر علـى الفاقـة والشـدة والاكتفـاء بأقـل الكفايـة " . ا . هـ . والفضيلـة تتفـاوت بحسـب الأشـخاص وقـوة التوكـل ، وضعـف اليقيـن .عون المعبود ... / ج : 5 / كتاب الزكاة / باب : 40 / ص : 65 . وكثيـرًا مـا كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يلاحـظ أحـوال النـاس ويعتبرهـا فـي القـوة والضعـف ويعلمهـم التكاليــف وبيَّنهـا لهـم علـى حسـب ذلـك ، كمـا فـي حديـث أبـي داود / ( 8 ) - كتــاب : الصيـام / ( 35 ) ـ باب : كراهيتـه للشـباب / حديـث رقم : 2387 / ص : 418 : * عـن أبـي هريـرة ، أن رجـلاً سـأل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـن المباشـرة للصائـم فرخَّـص لـه ، وأتـاه آخـر فسـأله فنهـاه فـإذا الـذي رخـص لـه شـيخٌ ، والـذي نهـاه شـاب . ففهمنـا الدلالـة من الحديـث بتلـك القرينـة ، وأن الرخصـة لمن يملـك إربـه ولا يُخْشَـى عليـه الفتنـة . والنهـي لمـن لا يملـك نفسـه كذلـك الشــاب ؛ لأن الغالـب عليـه هيجــان الشـهوة وعنفـوان الشـباب فـلا يملـك نفسـه فيُخْشَـى عليـه الوقـوع فـي المحـذور .120 سؤال وجواب ... / ص : 66 . مثــال الجمـع بحمـل أحدهمـا علـى حالـة والآخـر علـى أخـرى : حديـث مسـلم مـن حديـث زيـد بـن خالـد الْجُهَنِـي : " ألا أخبركـم بخيـر الشـهداء ، الـذي يأتـي بشـهادته قبـل أن يُسْـأَلَها " . صحيح مسلم . متون / ( 30 ) ـ كتاب : الأقضية / ( 9 ) ـ باب : بيان خير الشهود / حديث رقم : 1719 / ص : 448 . ـ مـع حديـث البخـاري مـن حديـث عِمـران بـن حُصيـن ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال النبـي ـ صلىالله عليه وعلى آله وسلم " خيركـم قرنـي ، ثـم الذيـن يلونهـم ، ثـم الذيـن يلونهـم " . قـال عمـران : لا أدري أذكـر النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بعـد قرنيـن أو ثلاثـة . قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " إن بعدكـم قومًـا يخونـون ولا يؤتمنـون ، ويشـهدون ولا يُسـتشـهدون (1) ، وينـذِرون ولا يَفُـونَ ، ويظهـر فيهـم السِّـمنُ " .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 5 / ( 52 ) ـ كتاب : الشهادات / ( 9 ) ـ باب : لا يَشْهد على شهادة جَوْر إذا أُشِهِدَ / حديث رقم : 2651 / ص : 306 . ( 1 ) ويشـهدون ولا يسـتشهدون : أي يشـهدون بـدون طلـب . فَحُمِـلَ الأول علـى مـا إذا لـم يكـن المشـهود لـه عالمًـا بهـا ، والثانـي علـى مـا إذا كـان عالمًـا بهـا .120 سؤال وجواب ... / ص : 66 . وورد بفتـح البـاري ..... / ج : 5 / ص : 307 : وذهـب آخـرون إلـى الجمـع بينهمـا فأجابـوا بأجوبـة : أحدهمـا أن المـراد بحديـث زيـد ـ الحديـث الأول ـ مَـنْ عنـده شـهادة لإنسـان بحـق لا يعلـم بهـا صاحبهـا فيأتـي إليـه فيخبـره بهـا ، أو يمـوت صاحبهـا العالـم بهـا ويخلـف ورثـة فيأتـي الشـاهد إليهـم ، أو مـن يتحـدث عنهـم فيعلمهـم بذلـك ، وهـذا أحسـن الأجوبـة . ا . هـ . وقولـه " يشـهدون ولا يسـتشهدون " اسـتُدِل بـه علـى أن مـن سـمع رجـلاً يقـول : لفـلان عنـدي كـذا ، فـلا يسـوغ لـه أن يشـهد عليـه بذلـك إلا إذا اسـتشهده . وهـذا بخـلاف مـن رأى رجـلاً يقتــل رجـلاً أو يغصبـه مالـه ، فإنه يجـوز له أن يشـهد بذلـك وإن لـم يُسـتشهد .ا . هـ . مثــال الجمـع بحمـل أحـد المتعارضيـن علـى موضـع والآخـر علـى آخـر : حديـث البخـاري : 394 / الفتح ، ومسلم : 264 / 59 :عـن أبـي أيـوب الأنصـاري أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " إذا أتيتـم الغائـط فـلا تسـتقبلوا القبلـة ولا تسـتدبروها ولكـن شـرقوا أو غربـوا " .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 1 / ( 8 ) ـ كتاب : الصلاة / ( 29 ) ـ باب : قِبلة أهل المدينة ... / حديث رقم : 394 / ص : 594 . مـع حديـث البخـاري : 148 / الفتـح ، ومسـلم : 266 / 62 : ـ عـن ابـن عمـر قـال " ارتقيـت فـوق بيـت حفصـة ـ رضي الله عنها ـ لبعـض حاجتـي ، فرأيـتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقضـي حاجتـه مسـتدبر القبلـة مسـتقبل الشـأم .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 1 / ( 4 ) ـ كتاب : الوضوء / ( 14 ) ـ باب :التبرز في البيوت / حديث رقم : 148 / ص : 301 . ووجـه الجمـع بيـن الأحاديـث الدالـة علـى النهـي وبيـن الأحاديـث الدالـة علـى الإباحـة : أن النهـي عـن فعـل ذلـك فـي الصحـاري ، والإباحـة في العمـران ، لقرينـة جـاءت بذلـك فـي أحاديـث الإباحـة كمـا هـو صريـح في حديـث ابـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ ، وقـد أفتـى بذلـك رضـي الله عنـه . * فعـن مـروانَ الأصفـرِ ـ رضي الله عنه ـ قـال : رأيـتُ ابـنَ عمـرَ ـ رضي الله عنهما ـ أنـاخ راحلتـه مسـتقبل القبلـة ، ثـم جلـس يبـول إليهـا ، فقلـتُ : يـا أبـا عبـد الرحمـن ؛ أليـس قـد نُهـي عـن هـذا ؟ قـال : بلـى ، إنمـا نُهـي عـن ذلـك فـي الفضـاء ، فـإذا كـان بينـك وبيـن القبلـة شـيء يسـترك فـلا بـأس .سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 1 ) ـ كتاب : الطهارة / ( 4 ) ـ باب : كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة / حديث رقم : 11 / ص : 8 / حسن . وقـال الإمـام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ : الاسـتقبال والاسـتدبار محرمـان فـي الصحـراء لا فـي البنيـان 120 سؤال وجواب ... / ص : 68 / بتصرف . مثــال الجمــع بتخصيـص العـام : * حديـث ابـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ فـي البخـاري : أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " فيمـا سـقت السـماء والعيـون أو كـان عَثَرِيًّـا (1): العشـر ، ومـا سُـقيَ بالنضـح نصـف العشـر " . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 3 / ( 24 ) ـ كتاب الزكاة / ( 55 ) ـ باب العُشر فيم يُسقى ... / حديث رقم : 1483 / ص : 407 . ( 1 ) عَثَرِيًّا : وهو الذي يشرب بعروقه من غير سقي . فتح الباري ... / ج : 3 / ( 24 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 32 ) ـ باب : زكاة الوَرِقِ / ص : 408 . فظاهـره العمـوم فـي القليـل والكثيـر ، فخصـص عمومـه حديـث أبـي سـعيد فـي الصحيحيـن : * عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ..... وليـس فيمـا دون خمسـة أوْسُـق صدقـة " . فخـرج بـه مـا كـان دون خمسـة أوسـق . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 3 / ( 24 ) ـ كتاب الزكاة /( 32 ) ـ باب : زكاة الوَرِقِ / حديث رقم : 1447 / ص : 363 . 120 سؤال وجواب ... / ص : 68 / بتصرف . مثــال الجمـع بتقييـد المطلـق : حديـث ابـن عبـاس فـي البخـاري 1492 : * فعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال " وجـد النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ شـاة ميتـة أُعطِيَتْهـا مـولاةٌ لميمونـة مـن الصدقـة ، قـال النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : هـلا انتفعتـم بجلدهـا ؟ قالـوا : إنهـا ميتـة . قـال : إنمـا حَـرُمَ أكلُهَـا " .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 3 / ( 24 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 61 ) ـ باب : الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم / حديث رقم : 1492 / ص : 416 . فظاهـر إطلاقـه حِـلّ مـا عـدا الأكـل ، كالانتفـاع بجلودهـا قبـل الدبـاغ . فعـورِض بأحاديـث الدبـاغ المتفـق عليهـا عنـد " الشـيخين " وغيرهمـا مـن " السـنن " و " المسـانيد " وقـد رُويـت مـن طـرق متعـددة . فَقُيـد بهـا إطـلاق الحديـث المذكـور ، فـلا ينتفـع بهـا حتـى تطهـر بالدبـاغ . 120 سؤال وجواب ... / ص : 69 / بتصرف . * فعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال : سـمعت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول " أيمـا إهـاب دُبـغ ، فقـد طَهُـر " . صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / ( 32 ) ـ كتاب اللباس / ( 25 ) ـ باب : لبس جلود الميتة إذا دبغت / حديث رقم : 2907 ـ 3609 / ص : 285 . مثــال الجمـع بصـرف المُعَـارِض بالمُعَـارَض مـن الوجـوب إلـى النـدب : حديـث : غُسـل الجمعـة واجـب علـى كـل محتلـم . أخرجه السبعة . * فعـن أبـي سـعيد الخـدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " غسـل يـوم الجمعـة واجـب علـى كـل محتلـم " . فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 2 / ( 11 ) ـ كتاب : الجمعة / ( 2 ) ـ باب:فضل الغُسل يوم الجمعة / حديث رقم : 879 / ص : 415 . وهـو صريـح فـي الوجـوب . فَصُـرِف إلـى النـدب بحديـث سَـمُرَة بـن جُنـدب : * فعـن سَمُـرَة بـن جُنْـدب قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " مـن توضـأ يـوم الجمعـة فبهـا ونعمـت ، ومـن اغتسـل فالغسـل أفضـل " .صحيح سنن الترمذي / ج : 1 / ( 1 ) ـ كتاب : الطهارة / باب : 352 / حديث رقم : 411 ـ 501 / ص : 154 . 120 سؤال وجواب ... / ص : 69 / بتصرف . تعقيـــب : هـذه المسـألة علـى خـلاف بيـن العلمـاء ، ويُرْجَـع فيهـا لكتـب الفقـه . مثــال الجمـع بصرفـه مـن التحريـم إلـى الكراهـة : ـ حديـث أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ فـي مسـلم : 2026 / 116 : قـال : قـال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " لا يشـربنَّ أحــدٌ منكـم قائمًـا ، فمـن نسـيَ فليسـتقيء " صحيح مسلم . بشرح ... النووي / ج : 13 ـ 14 / ( 36 ) ـ كتاب : الأشربة / ( 14 ) ـ باب : كراهة الشرب قائمًا / حديث رقم : 2026 / ص : 284 . ـ وهـو صريـح في التحريـم ، فَصُـرِفَ إلـى الكراهـة بحديـث " علـي " ـ رضي الله عنه ـ . 120 سؤال وجواب ... / ص : 70 . * فعـن مَيْسَـرَة عـن النـزَّال قـال " أُتِـيَ علـيٌّ ـ رضي الله عنه ـ علـى بـاب الرَّحبـةِ بمـاءٍ فشـرب قائمًـا فقـال : إن ناسًـا يكـره أحدُهـم أن يشـرب وهـو قائـم ، وإنـي رأيـتُ النبـي ـ صلى الله عليه وعلىآله وسلم ـ فعـل كمـا رأيتمونـي فعلـتُ " .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 10 / ( 74 ) ـ كتاب : الأشربة / ( 16 ) ـ باب : الشرب قائمًا / حديث رقم : 5615 / ص : 83 . فائـــدة : قـال المـازري : " اختلـف النـاس فـي هـذا ، فذهـب الجمهـور إلـى الجـواز ، وكرهـه قـوم ، ..... ، قـال : والـذي يظهـر لـي أن أحاديـث شـربه قائمًـا تـدل علـى الجـواز ، وأحاديـث النهـي تحمـل علـى الاسـتحباب والحـث علـى مـا هـو أولـى وأكمـل ، أو لأن فـي الشـرب قائمًـا ضـررًا فأنكـره مـن أجلـه وفعلـه هـو لأمنـه ، قـال : وعلـى هـذا الثانـي يحمـل قولـه صلـى الله عليـه وعلى آله وسـلم : " فمـن نسـي فليسـتقيء " علـى أن ذلـك يحـرك خلطًـا يكـون القـيء دواءه . ويؤيـده قـول النخعـي : إنمـا نهـي عـن ذلـك لـداء البطـن . فتح الباري ... / ج : 10 / ( 74 ) ـ كتاب : الأشربة / ( 16 ) ـ باب : الشرب قائمًا / ص : 85 .
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() المبحـــث الســادس الناســـخ والمنســـوخ قـد يبـدو لبعضهـم أن بعـض الأدلـة يعـارض بعضًـا فيكـون التعـارض ظاهريًّـا لا حقيقيًّـا . وقـد وضـع الأصوليـون قواعـد لإزالـة هـذا التعـارض الظاهـري فـي النصـوص والأدلـة . ومـن هـذه القواعـد العلـم بالناسـخ والمنسـوخ .الوجيز في أصول الفقه ... / ص : 383 . فـإذا لـم يُمْكِـن الجمـع بيـن الدليليـن وجـب النظـر فـي إمكانيـة المصيـر إلـى النسـخ .الواضح في أصول الفقه … / ص : 271 . تعريفــه : لغــة : النسـخ فـي اللغـة جـاء علـى معـانٍ منهـا : ـ الإزالـة : نحـو قولـه تعالـى " ... فَيَنسَـخُ اللهُ مَـا يُلْقِـي الشَّـيْطَانُ ... ". سورة الحج / آية : 52 .التأسيس ... / ص : 401 . ومنـه : نسـخت الشـمسُ الظـلَّ ، أي أزالتـه .تيسير مصطلح الحديث / ص : 59 . ـ النقـل : نحـو قولـه تعالـى "... إِنّـَا كُنَّـا نَسْـتَنسِـخُ مَـا كُنتُـمْ تَعْمَلُـونَ " .سورة الجاثية / آية : 29 .التأسيس ... / ص : 401 . ومنـه : نسـختُ الكتـاب ، إذا نقلـتُ مـا فيـه . فكـأن الناسـخ قـد أزال المنسـوخ أو نقلـه إلـى حكـم آخـر . تيسير مصطلح الحديث / ص : 59 . اصطلاحـًـا : رفـعُ حُكْـم شـرعي متقـدم ، بخطـاب شـرعي متأخـر ، منفصـل عنـه منـافٍ لـه . التأسيس ... / ص : 401 . س: مـا هـو النسـخ ؟ ومـا هـو الناسـخ ؟ ومـا هـو المنسـوخ ؟ ج: النسـخ هـو : رفـع حكـم شـرعي ، بدليـل شـرعي متأخـر عنـه . الناسـخ هـو : الدليـل المتأخـر الـدال علـى رفـع الحكـم . المنسـوخ هـو : الحكـم الـذي دلَّ عليـه المتقـدِّم فَنُسِـخَ بالمتأخـر . 120 سؤال وجواب ... / ص : 70 . أقســام النســـخ : ينقسـم النسـخ بحسـب الاعتبـار إلـى ثلاثـة أقسـام : ـ باعتبـار الناسـخ . ـ باعتبـار النـص . ـ باعتبـار البـدل . التأسيس ... / ص : 409 . أولاً : النســخ باعتبـار : " الناســخ " : وهـو أربعـة أنـواع : النـوع الأول : نسـخ القـرآن بالقـرآن : وهـذا مجمـع عليـه ولا خـلاف فيـه ، أن يُنْسَـخ القـرآنُ بالقـرآن ، لأن القـرآن كلـه متواتـر . مثالـــه: آيـة المصابـرة : وهـي قولـه تعالـى " ... إِن يَكُـن مِّنكُـمْ عِشْـرُونَ صَابِـرُونَ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ وَإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفـاً مِّـنَ الَّذِيـنَ كَفَـرُواْ ... " .سورة الأنفال / آية : 65 . ثـم قـال سـبحانه بعدهـا : " الآنَ خَفَّـفَ اللهُ عَنكُـمْ وَعَلِـمَ أَنَّ فِيكُـمْ ضَعْفـاً فَـإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ صَابِـرَةٌ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ وَإِن يَكُـن مِّنكُـمْ أَلْـفٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفَيْـنِ ... ". سورة الأنفال / آية : 66 . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 425 . النـوع الثانـي : نسـخ القـرآن بالسـنة : فيـه خـلاف (1) بيـن أهـل العلـم : ـ ذهـب جمهـور الأصولييـن إلـى أنـه : يجـوز نسـخ القـرآن بالسـنة المتواتـرة .وهـو اختيـار الأميـن الشـنقيطي . وذهـب الإمـام الشـافعي وأحمـد إلـى أنـه : لا يجـوز نسـخ القـرآن بالسـنة ؛ بـل لا يَنْسَـخ القـرآن إلا قـرآن مثلـه . وهـذا اختيـار ابـن قدامـة وابـن تيميـة . ( 1 ) من أراد التوسع في هذا الخلاف وأدلة كل فريق فليرجع إلى : ـ معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة / ص : 267 / للجيزاني. ـ المرتقى الذلول إلى نفائس علم الأصول / ص : 180 / لأبي الفضل عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم . حجــة الجمهـور : أن الجميـع وحـيٌ مـن الله تعالـى ، فالناسـخ والمنسـوخ من عنـد الله ، والله هـو مختـار ذلـك حقيقـة ، لكنـه سـبحانه أظهـر النسـخ علـى لسـان رسـوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . وَمَثـَّلَ الجمهـور للوقـوع ـ أي وقـوع نسـخ القـرآن بالسـنة ـ بـأن آيـة التحريـم بعشـر رضعـات نُسـخت بالسـنة . وَرَدَ ذلـك فيمـا روتـه عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : " كـان فيمـا أُنـزل مـن القــرآن عشـر رضعـات معلومـات يحرمـن ، ثـم نسـخن بخمـس معلومـات ،فتوفـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـن فيمـا يُقـرأ مـن القـرآن ."صحيح مسلم . بشرح ... النووي / ج : 10 / ( 17 ) ـ كتاب : الرضاع / ( 6 ) ـ باب : التحريم بخمس رضعات / حديث رقم : 1452 / ص : 44 . ومعنـاه : أن النسـخ بخمـس رضعـات تأخـر إنزالـه جـدًا ، حتـى أنـه صلـى الله عليـه وعلـى آله و سـلم توفـي ، وبعـض النـاس يقـرأ خمـس رضعـات ، ويجعلهـا قرآنـًا متلـوًا ، لكونـه لـم يبلغـه النسـخ (2)لقـرب عهـده ، فلمـا بلغهـم النسـخ بعـد ذلـك رجعـوا عـن ذلـك ، وأجمعـوا علـى أن هـذا لا يتلـى . ( 2 ) لم يبلغه النسخ : أي لم يبلغه النسخ اللفظي دون الحكمي ، أي نسخ تلاوة " خمس رضعات " وبقاء حكمها ، فهذا نسخ ـ لفظي فقط ـ للقرآن بالسنة . والنسـخ ثلاثـة أنـواع : أحدهــا : مـا نُسـخ حكمـه وتلاوتـه كعشـر رضعـات . والثانـي : مـا نُسـخت تلاوتـه دون حكمـه كخمـس رضعـات ، وكالشـيخ والشـيخة إذا زنيـا فارجموهمـا . والثالــث : مـا نسـخ حكمـه وبقيـت تلاوتـه ، مثـل آيـات المصابـرة ( الأنفـال : 65 ، 66 ) وسـيأتي تفصيلـه . معالم أصول الفقه ... / ص : 267 . النـوع الثالـث : نسـخ السـنة بالقـرآن : ذهـب جمهـور الأصولييـن إلى أنـه يجـوز نسـخ السـنة بالقـرآن ، وهـذا اختيـار ابـن النجـار الفتوحـي ، والأميـن الشـنقيطي . وذهـب الإمـام الشـافعي إلـى أن السـنة لا ينسـخها إلا سـنة مثلهـا . وقـد مثَّـلَ الجمهـور للوقـوع بأمثلـة كثيـرة منهـا : التوجـه إلـى بيـت المقـدس وهـو ثابـت بالسـنة ، وناسـخه فـي القـرآن قولُـه تعالـى ".. فَـوَلِّ وَجْهَـكَ شَـطْرَ الْمَسْـجِدِ الْحَـرَامِ ..." .سورة البقرة / آية : 144 . * فعـن البـراء بـن عـازب أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان أول مـا قـدم المدينـة ، نـزل علـى أجـداده أو قـال : أخوالـه مـن الأنصـار ، وأنـه صلـى قِبَـلَ بيـتِ المقـدسِ سـتة عَشَـرَ شـهرًا أو سـبعة عشــر شـهرًا ، وكـان يعجبـه أن تكــون قبلتـه قِبَـلَ البيــت ، وأنـه صلـى أولَ صــلاةٍ صلاهـا صـلاةَ العصـرِ وصلـى معـه قـوم ، فخـرج رجـل مِمـن صلـى معـه فمـر علـى أهـل مسـجدٍ وهـم راكعـون ، فقـال أشـهد بالله لقـد صليـتُ مـع رســول الله قِبَـلَ مكـة فـدارو كمـا هـم قِبَـل البيـت (1) ، وكانـت اليهـود قـد أعجبهـم إذ كـان يصلـي قِبَـلَ بيـتِ المقـدسِ وأهـل الكتـاب ، فلمـا وَلَّـى وَجْهـه قِبَـلَ البيـتِ (1) أنكـروا ذلـك .صحيح البخاري . متون / ( 2 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 30 ) ـ باب : الصلاة من الإيمان ... / حديث رقم : 40 / ص : 15 . ( 1 ) البيـت : أي بيـت الله الحـرام أي الكعبـة . ـ تحريـم مباشـرة النسـاء فـي رمضـان ليـلاً ثابـت بالسـنة . * فعـن البـراء ـ رضي الله عنه ـ قـال : كـان أصحـاب محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا كـان الرجـل صائمًـا فحضَـرَ الإفطـار فنـام قبـل أن يفطـر لـم يأكـل ليلتَـهُ ولا يومَـهُ حتـى يمسـي ، وإنَّ قَيـسَ بـنَ صِرْمَـةَ الأنصـاري كـان صائمًـا فلمـا حَضَـر الإفطـارُ أتـى امرأتـه فقـال لهـا : أعنـدَكِ طعـامٌ ؟ قالـت : لا ولكـن أَنطلـقُ فأطلـبُ لـك ، وكـان يومَـهُ يعمـل فغلبتـه عينـاه فجاءتـه امرأتـُـهُ فلمـا رأتـه قالـت : خَيبـةً لـك ، فلمـا انتصـف النهـار غُشـيَ عليـه فَذُكـرَ ذلـك للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فنزلـت هـذه الآيـة : " أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ " ... ففرحـوا بهـا فرحًـا شـديدًا ونزلـت " وكلـوا واشـربوا حتـى يتبيـن لكـم الخيـط الأبيـض مـن الخيـط الأسـود ... " . صحيح البخاري . متون / ( 30 ) ـ كتاب : الصوم / ( 15 ) ـ باب : قول الله جل ذكره " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى ... " سورة البقرة آية : 187 / حديث رقم : 1915 / ص : 216 . * وعـن ابـن عبـاس " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " البقرة : 183 . . فكـان النـاس علـى عهـد النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، إذا صلـوا العتمـة ، حَـرُمَ عليهـم الطعـام والشـراب والنسـاء ، وصامـوا إلـى القابلـة . فاختـانَ رجـلٌ نفسَـهُ ، فجامـع امرأتَـهُ ، وقـد صلـى العشـاء ، ولـم يفطـر ، فـأراد الله عـز وجـل : أن يجعـل ذلـك يسـرًا لمـن بقـي ، وَرُخْصـة ومَنْفَعَـة ، فقـال سـبحانه " ... عَلِـمَ اللهُ أَنَّكُـمْ كُنتُـمْ تَخْتانُـونَ أَنفُسَـكُمْ ... "(2) . وكـان هـذا ممـا نفـع الله بـه النـاس ، ورخـص لهـم ويسـر .صحيح سنن أبي داود / ج : 2 / كتاب : الصوم / ( 1 ) ـ باب : مبدأ فرض الصيام / حديث رقم : 2028 / ص : 440 . وناسـخه فـي القـرآن قولـه تعالـى " ... فَالآنَ بَاشِـرُوهُنَّ.." .سورة البقرة / آية : 187 .معالم أصول الفقه ... / ص : 269 . ( 2 ) سورة البقرة / آية : 187 . وتمامها " ... هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَالْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ... " . النـوع الرابـع : نسـخ السـنة بالسـنة : وهـذا كثيـر ، مثالــه : * عـن ابـن بُرَيْـدَةَ ، عـن أبيـه قـال : قـال رسـول الله صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " نهيتكـم عـن زيـارة القبـور ، فزوروهـا . ونهيتكـم عـن لحـوم الأضاحـيِّ فـوق ثـلاث ، فأمسـكوا مـا بـدا لكـم . ونهيتكـم عـن النبيـذ إلا فـي سِـقاءٍ ، فاشـربوا في الأسْـقِيةِ كلِّهـا . ولا تشـربوا مسـكرًا " .رواه مسلم / ( 11 ) ـ كتاب : الجنائز / ( 36 ) ـ باب : استئذان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في زيارة قبر أمه / حديث رقم : 977 / ص : 231 . وهـذا صريـح فـي ثبـوت الحكـم ثـم نسـخه . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 428 / بتصرف . ثانيـًا : النســخ باعتبـار : " النــص " : وهـو ثلاثـة أنـواع : النـوع الأول : نسـخ " اللفـظ " و " الحكـم " معـًا : مثالــه : ما روتـه عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت " كـان فيمـا أُنـزل مـن القــرآن عشـر رضعـات معلومـات يُحَرِّمْـنَ ، ثـم نُسـخن بخمـس معلومـات ،فتوفـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـن (1) فيمـا يُقـرأ مـن القـرآن " . رواه مسلم / ج : 10 / ( 17 ) ـ كتاب : الرضاع / ( 6 ) ـ باب :التحريم بخمس رضعات باب / حديث رقم : 1452 / ص : 44 . فقولهـا " عشـر رضعـات " نُسـخ لفظـًا وحكمـًا . شرح الأصول من علم الأصول / ص : 423 / بتصرف . ( 1 ) وهن فيما يقرأ من القرآن : تقصد الخمس . وقد نُسخ هذا لفظًا ، وبقي حكمًا .وسـيأتي تفصـيل ذلـك . · الحكمـة منـه : الحكمـة فيما نسـخ لفظـه وحكمـه ، أن يعلـم النـاس تـدرج الأحكـام الشـرعية ، وأنهـا كانـت فـي الأول " عشـر " ثـم آلـت إلـى " خمـس " .شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 424 . النـوع الثانـي : نسـخ " الحكـم " و " بقـاء اللفـظ " . وهـذا هـو الكثيـر فـي القـرآن . مثالــه : آيتـا المصابـرة : سـورة الأنفـال / آية : 65 ، 66 . قـال تعالـى "... إِن يَكُـن مِّنكُـمْ عِشْـرُونَ صَابِـرُونَ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ وَإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفـًا مِّـنَ الَّذِيـنَ كَفَـرُواْ .." . سورة الأنفال / آية : 65 . نُسـخ حكمهـا بقولـه تعالـى " الآنَ خَفَّـفَ اللهُ عَنكُـمْ وَعَلِـمَ أَنَّ فِيكُــمْ ضَعْفـًا فَـإِن يَكُـن مِّنكُــم مِّئَـةٌ صَابِــرَةٌ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ وَإِن يَكُن مِّنكُـمْ أَلْـفٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفَيْـنِ ... ".سورة الأنفال / آية : 66 . ففـي هـذا تخفيـف . فقـد كـان فيمـا نـزل أولًا قولـه تعالـى "وَإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ يَغْلِبُـواْ أَلْفـًا " . ثـم خُفـف فصـار "فَـإِن يَكُـن مِّنكُـم مِّئَـةٌ صَابِـرَةٌ يَغْلِبُـواْ مِئَتَيْـنِ" . فصـار الواحـد يقابـل اثنيـن ، وكـان قبـل ذلـك يقابـل عشـرة . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 415 / بتصرف . · الحكمــة منـه : حكمـة نسـخ الحكـم دون اللفـظ ، بقـاء ثـواب التـلاوة ، وتذكيـر الأمـة بحكمـة النسـخ . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 415 . النـوع الثالــث : نسـخ " اللفـظ " و " بقـاء الحكـم " . فـي القـرآن ما نُسـخ لفظـه وبقـي حكمـه مثـل " آيـة الرجـم " ، وكذلـك الرضعـات ـ الخمـس ـ . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 415 / بتصرف . ـ فقـد ثبـت فـي الصحيحيـن مـن حديـث ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أن عمــر بـن الخطـاب ـ رضي الله عنه ـ قـال وهـو جالـس علـى المنبـر ..... إن الله بعـث محمـدًا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بالحـق ، وأنـزل عليـه الكتـاب ، فكـان مِمَّـا أنـزل الله آيـة الرجـم فقرأناهـا وعقلناهـا ووعيناهـا ، رجـم رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورجمنـا بعـده ، فأخشـى إن طـال بالنـاس زمـان أن يقـول قائـل : والله ما نجـد الرجـم فـي كتـاب الله ! فيضلـوا بتـرك فريضـة أنزلهـا الله ، وإن الرجـم في كتـاب الله حـق علـى من زنـى إذا أُحْصِـنَ مـن الرجـال والنسـاء إذا قامـت البينـة أو كـان الحَبَـلُ أو الاعتـراف " . ( جزء من حديث ) . صحيح البخاري . متون / ( 86 ) ـ كتاب : الحدود / ( 31 ) ـ باب : رجم الحبلى من الزنا إذا أَحصنت / حديث رقم : 6830 / ص : 794 . ـ قـال ابـن حجـر فـي فتـح البــاري بشـرح صحيـح البخـاري / ج : 12 / ( 86 ) ـ كتـاب : الحـدود / ( 31 ) ـ بـاب : رجـم الحُبلـى مـن الزنـا إذا أحصنـت / ص : 153 : قولـه : " فيضلــوا بتـرك فريضـة أنزلهـا الله " : أي فـي الآيـة المذكـورة التـي نسـخت تلاوتهـا وبقـي حكمُهَـا . وقـد وقـع ما خشـيه عمـر أيضًـا فأنكـر الرجـم طائفـة مـن الخـوارج أو معظمهـم وبعـض المعتزلـة .ا . هـ . ـ وورد فـي شـرح الباعـث الحثيـث : هـذا كـان قرآنًـا يتلـى ، وشـهد بذلـك جمـع مـن الصحابـة ، شـهدوا أنـه كـان مـن كتـاب الله ، ثـم نُسـخت تلاوتـه ، وبقـي حُكمـه ، وصـار يُـروَى عـن نبينـا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .ا . هـ . فقـد قـال عمـر ـ رضي الله عنه ـ ذلـك علـى المنبـر وهـو يخطـب النـاس وأعلنهـا علـى المنبـر حتـى تشـيع وتظهــر بيـن النـاس ، فسـكوت الصحابـة علـى مـا قالـه عمـر يـدل علـى أنـه محــل إجمـاع بينهـم أن هـذا ممـا نـزل مـن القـرآن . فهـذه الآيـة نسـخ لفظهـا وبقـي حكمهـا ، وسـيبقى إلـى يـوم القيامـة إن شـاء الله ، فالإنسـان إذا زنـى وهو محصـن فإنـه يرجـم ، والمحصـن هـو الـذي تـزوج وجامـع زوجتـه فـي نكـاح صحيـح ، وهمـا بالغـان عاقـلان حُـرَّان ، فـإذا ثبتـت شـروط الإحصـان وزنـى الرجـل ـ ( أو المـرأة ) ـ فإنـه يرجـم بحجـارة . والحكمـة مـن هـذه القِتلـة تنفيـر النـاس عـن الزنـا ، ولأن لـذة الزنـا ـ وهـو محـرم ـ شـملت جميـع البـدن فكـان مـن الحكمـة أن يعاقـب بعقوبـة تشـمل جميـع البـدن . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 417 / بتصرف . ـ وكذلـك ممـا نـزل مـن القـرآن ثـم نسـخ وصـار يتلـى كأحاديـث قـول النبـي ـ صلى الله عليه وعلىآله وسلم ـ لـو أن لابـن آدم مِـلء واد مـالاً لأحـب ... " . ـ قـال الإمـام مسـلم فـي صحيحـه : حدثنـي سُـوَيد بـنُ سـعيد . قـال حدثنـا علي بـنُ مُسْـهِر عـن داود ، عـن أبـي الأسـودِ ، عـن أبيـه . قـال : بُعـثَ أبـو موسـى الأشـعريُّ إلـى قُـرَّاءِ أهـلِ البصـرة فدخـل عليـه ثلاثمائـة رجـلٍ قـد قـرؤوا القـرآن . فقـال : أنتـم خيـارُ أهـلِ البصـرة وقراؤهـم . فاتلـوه . ولا يطولـنَّ عليكـم الأمـدُ فتقسـوَ قلوبُكـم كمـا قسـت قلـوب مـن كـان قبلكـم . وإنَّـا كنـا نقـرأ سـورة . كنـا نُشَـبِّهُهَا فـي الطـول والشـدة بسـورة بـراءةَ . فأنسـيتُها . غيـرَ أنـي قـد حفظـت منهـا : لـو كـان لابـن آدم واديـان مـن مـالٍ لابتغـى واديـًا ثالثـًا . ولا يمـلأَ جـوفَ ابـنِ آدمَ إلا التـراب . وكنـا نقـرأ سـورة كنـا نشـبهها بإحـدى المسـبحات ، فأُنسـيتها غيـر أنـي حفظـت منهـا " يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آَمَنُـوا لِـمَ تَقُولُـونَ مَـا لاَ تَفْعَلُـونَ ". سورة الصف / آية : 2 . فتكتـب شـهادةٌ فـي أعناقكـم . فَتُسـألون عنهـا يـومَ القيامـةِ . صحيح مسلم . متون / ( 12 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 39 ) ـ باب : لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثًا /حديث رقم : 1050 / ص : 248 . * عـن أنـس قـال : قـال رسـولُ الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " لـو كـان لابـن آدم واديــان مـن مـالٍ لابتغـى واديـًا ثالثـًا .ولا يمـلأ جـوف ابـن آدم إلا التــراب .ويتـوب اللهُ علـى مـن تـاب " صحيح مسلم . متون / ( 12 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 39 ) ـ باب : لو أن لابن آدمواديين لابتغى ثالثًا / حديث رقم : 1048 / ص : 248 . * قـال البخـاري فـي صحيحـه : حدثنـي محمـد قـال أخبرنـا مَخلـدٌ قـال أخبرنـا ابـنُ جُريـج قـال سـمعتُ عطـاءً ، يقـول : سـمعتُ ابـنَ عبـاس ، يقــول : سـمعتُ رسـولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " لـو أن لابـنِ آدمَ مِـلءَ وادٍ مـالاً لأحـب أن له إليـه مثلـه ؛ ولا يمـلأ عيـنَ ابـن آدمَ إلا التـراب ، ويتـوبُ الله علـى مـن تـاب " . قـال ابـنُ عبـاس : فلا أدري من القـرآن هو أم لا . قـال : وسـمعتُ ابنَ الزبيـر يقـول ذلـك على المنبـر .فتح الباري بشرح صحيح البخاري / ج : 11 / ( 81 ) ـ كتاب : الرقاق / ( 10 ) ـ باب :ما يُتقى من فتنة المال / حديث رقم : 6437 / ص : 258 . ورد فـي فتـح البـاري ..... / ج : 11 / ص : 262 : وقـد شـرحه بعضهـم علـى أنـه كـان قرآنًــا ، ونُسـخت تلاوتـه لمـا نزلـت " أَلْهَاكُـمُ التَّكَاثُــرُ * حَتَّـى زُرْتُـمُ الْمَقَابِـرَ " .سورة التكاثر / آية : 1 ، 2 . وأمـا الحكــم فيـه والمعنـى فلـم ينسـخ ، إذ نسـخ التــلاوة لا يسـتلزم المعارضـة بيـن الناسـخ والمنسـوخ كنسـخ الحكـم . ا . هـ . ـ وقـد ثبـت فـي صحيـح مسـلم أنـه قـال : حدثنـا يحيـى بـن يحيـى . قـال : قـرأتُ علـى مالـكٍ عـن عبـد الله بن أبـي بكـر ، عـن عَمْـرَةَ ، عـن عائشـة ؛ أنهـا قالـت : كـان فيمـا أُنـزل مـن القـرآن : عشـر رضعـات معلومـات يُحَرِّمْـنَ . ثـم نُسـِخْنَ : بخمـسٍ معلومـات . فتوفـي رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـن فيمـا يُقــرأُ مـن القـرآن .صحيح مسلم . بشرح ... النووي / ج : 9 ، 10 / ( 17 ) ـ كتاب : الرضاع / ( 6 ) ـ باب : التحريم بخمس رضعات / حديث رقم : 1452 / ص : 44 . وفـي روايـة أخـرى لنفـس الحديـث : * قـال مسـلم حدثنـا عبـد الله بـن مَسْـلَمَةَ القَعْنَبِـيُّ ، قـال : حدثنـا سُـليمانُ بـنُ بـلالٍ ، عـن يحيـى وهـو ابـنُ سـعيدٍ عـن عَمْـرةَ ؛ أنها سـمعتْ عائشـةَ تقـولُ وهـي تَذْكُـرُ الـذي يُحـرِّمُ مـن الرضاعـة ، قالـت عَمـرة : فقالـت عائشـة : نـزل فـي القـرآن : عشـرُ رضعـاتٍ معلومـاتٍ . ثـم نـزل أيضـًا : خمـس معلومـات .صحيح مسلم / ... / حديث رقم : 25 ـ ( 1452 ) . فقولهـا ـ أي عائشـة ـ رضي الله عنها ـ " عشـر رضعـات " ، نُسـخ لفظـًا وحكمـًا . وقولهـا : " ثـم نـزل أيضـًا : خمـسٌ معلومـات " . نُسـخ لفظـه دون حكمـه . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 423 / بتصرف . إشــكال وحلــه : ورد فـي آخـر الحديـث أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ توفـي وهـن فيما يُقـرأ مـن القــرآن ، وهـذه قاصمـة ظهـر ، لأنـه يسـتلزم أن يكـون فـي القـرآن شـيء حُـذِفَ بعـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لأنهـا تقـول " وهـن فيمـا يقـرأ " ونحـن لا نجـد شـيئًا يُقـرأ ، وهـذه قاصمـة ظهـر ، إذا كـان شـيء مـن القــرآن فكيـف يحـذف بعـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؟ ومـن المعلـوم أن الأمـة أجمعـت علـى أنـه لا حـذف فـي القــرآن بعـد مـوت النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؟ ! إذًا فيكـون هـذا الحديـث خـلاف الإجمـاع فـلا يُقبـل . وإلـى هـذا ذهـب بعـض أهـل العلـم مـن المتأخريـن . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 422 . ولكـن نقـول : يمكـن الجـواب علـى هـذا الإشـكال : " وتوفـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـي فيمـا يتلـى مـن القـرآن " . قالـوا : كيـف يتلـى مـن القـرآن ثـم لا نجـده ؟ إذًا معنـاه أن القـرآن يمكـن أن يحـذف منـه شـيء بعـد وفـاة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؟ فأجـاب علـى ذلـك العلمـاء : بأنهـا كانـت فيمـا يتلـى مـن القـرآن بحسـب مـن لـم يبلغهـم النسـخ . يعنـي كـل النـاس يتلونهـا ؟ بـل الذيـن لـم يعلمــوا بالنسـخ ، وأرادت مـن هـذا ـ رضي الله عنها ـ أن النســخ كـان متأخـرًا فَعَلـم بـه بعـض النـاس ، وجهلـه بعـض النـاس ، فصـاروا يتلونـه بعـد وفـاة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حتـى انتشـر النسـخ وتُرِكَـتْ . شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 424 . الحكمــة منـه : الحكمـة مـن نسـخ اللفـظ وبقـاء الحكـم ، اختبـار الأمـة فـي العمـل بما لا يجـدون لفظـه فـي القـرآن .شرح الأصول من علم الأصول ... / ص : 422 . · أهميتــه وصعوبتـه وأشــهر المبرزيـن فيـه : معرفـة ناسـخ الحديـث مـن منسـوخه فـن مهـم صعـب ، فقـد قـال الزهـري : " أعْيَـا الفقهـاء وأعجزهـم أن يعرفـوا ناسـخ الحديـث مـن منسـوخه " . وأشـهر المبرِّزيـن فيـه هـو " الإمـام الشـافعي " . فقـد كانـت لـه فيـه اليـد الطولـى والسـابقة الأولـى . قـال " الإمـام أحمـد " " لابـن وارة " ـ وقـد قـدم مـن مصـر ـ : كتبـتَ كُتَـبَ الشـافعي ؟ . قـال : لا . قـال : فَرَّطْـتَ ، مـا علمنـا المُجْمَـلَ مـن المفسـَّرِ ، ولا ناسـخَ الحديـث مـن منسـوخه حتـى جالسـنا الشـافعيَّ . تيسير مصطلح الحديث / ص : 59 . بــم يُعْـرَفُ الناسـخ مـن المنسـوخ ؟ . يعـرف ناسـخ الحديـث مـن منسـوخه بأحـد هـذه الأمـور : أ ـ بتصريـح رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : كحديـث ابـن بُريـدة فـي صحيـح مسـلم : " نهيتكـم عـن زيـارة القبــور فزوروهـا ... " .صحيح مسلم . متون / ( 11 ) ـ كتاب : الجنائز / ( 36 ) ـ باب : استئذان النبي ربه في زيارة قبر أمه / حديث رقم : 977 / ص : 231 . ب ـ بقـول صحابـي : كقـول جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنهما ـ : " كـان آخِــرَ الأمريـن مـن رسـول الله ـ صلى الله عليهوعلىآله وسلم ـ تَـرْك الوضـوء ممـا غيـرت النـار " .صحيح سنن أبي داود / ج : 1 / ( 1 ) ـ كتاب : الطهارة / ( 75 ) ـ باب : في ترك الوضوء مما مست النار / حديث رقم : 177 ـ 192 / ص : 39 . ج ـ بمعرفـة التاريـخ : كحديـث شـداد بـن أوس : " أفطـر الحاجـم والمحجـوم " . فعـن شـداد بـن أوس أن رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، أتـى علـى رجـل بالبقيــع وهـو يحتجـم ، وهـو آخـذ بيـدي لِثَمَـان عشـرةَ خلـت مـن رمضـان ، فقـال " أفطـر الحاجـم والمحجـوم " .صحيح سنن أبي داود / ج : 2 / ( 8 ) ـ كتاب : الصوم / ( 28 ) ـ باب : في الصائم يحتجم / حديث رقم : 2076 ـ 2369 / ص : 451 . نُسـخ " بحديـث ابـن عبـاس أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " احتجــم وهـو صائـم " .صحيح سنن أبي داود / ج : 2 / ( 8 ) ـ كتاب : الصوم / ( 29 ) ـ باب : في الرخصة في ذلك / حديث رقم : 2079 ـ 2372 / ص : 451 . فقـد جـاء فـي بعـض طـرق حديـث شـداد أن ذلـك كـان زمـن الفتـح ، وأن ابـن عبـاس صحبـه فـي حجـة الـوداع . د ـ بدلالـة الإجمـاع : كحديـث " مـن شـرب الخمـر فاجلـدوه ، فإن عـاد فـي الرابعـة فاقتلـوه " . فعـن معاويـة بـن أبـي سـفيان ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال " إذا شـربوا الخمـرَ فاجلدوهـم . ثـم إذا شـربوا الخمـر فاجلدوهـم . ثـم إذا شـربوا فاجلدوهـم . ثـم إذا شـربوا فاقتلوهـم " .صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 / ( 20 ) ـ كتاب : الحدود / ( 17 ) ـ باب : من شرب الخمر مرارًا / حديث رقم : 2086 ـ 2573 / ص : 85 . سلسلة الأحاديث الصحيحة / ج : 3 / حديث رقم : 136 / ص : 347 . قـال النـووي : " دل الإجمـاعُ علـى نسـخه " والإجمـاع لا ينسـخُ ولا يُنْسـخ ، ولكـن يـدل علـى ناسـخ . تيسير مصطلح الحديث / ص : 59 / بتصرف .ا . هـ . · أشــهر المصنفــات فيــه : 1 ـ الاعتبـار فـي الناسـخ والمنسـوخ مـن الآثـار . لأبـي بكـر محمـد بـن موسـى الحازمـي . 2 ـ الناسـخ والمنسـوخ . للإمـام أحمـد . 3 ـ تجريـد الأحاديـث المنسـوخة . لابـن الجـوزي . تيسير مصطلح الحديث / ص : 60 . * * * * *
__________________
|
![]() |
|
|