العودة   ملتقى نسائم العلم > ملتقى المعتقد الصحيح > ملتقى المعتقد الصحيح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-12-2017, 12:59 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,381
Arrow

أحكام الحدود
جعل الله الحدود على الجرائم العظيمة حماية عنها وردعاً ونكالاً. قال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى"البقرة: 178. الآيات. "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ "المائدة: 45. الآية وقال تعالى "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً "النساء: 92. الآية إلى أن قال"وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا "93:النساء .
قسّم الله القتل إلى عمد فيه الوعيد الشديد وفيه القصاص، فيخير أولياء الدم بين القصاص والعفو إلى الدية والعفو بلا شيء، فإذا اختاروا القصاص فعلوا بالقاتل كما فعل بالمقتول من غير زيادة في صفة القتل، ولا قتل لغير من جنى. قال تعالى"وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ "الإسراء: 33. أي: يتجاوز حقه إلى غيره. ولهذا لو لزم القود أنثى حاملاً لم تقتل حتى تضع. وشرط الله المكافأة في الحرية والرق، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه لا يقتل مسلم بكافر- رواه البخاري (111).-. وأمَّا الذكر فيقتل بالأنثى تقديمًا لعموم قوله تعالى"وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ "المائدة: 45. على مفهوم قوله"الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ "البقرة: 178. ويؤيده قتله صلى الله عليه وسلم لليهودي الذي رض رأس الجارية بين حجرين حين اعترف - رواه البخاري (2413) ومسلم (1672).--. فيدل على قتل الرجل بالمرأة وعلى أنَّه يفعل بالقاتل كما فعل بالمقتول كما هو ظاهر الآية، لأنَّ القصاص أن يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه، وكذلك الأطراف والجروح تجري مجرى النفس، يؤخذ كلُّ عضو بما يماثله اسماً ومحلاً.
فإن عفوا إلى الدية فعليهم الاتباع بالمعروف، وعلى المؤدي أن يؤدي بإحسان من غير مماطلة ولا مناقصة ولا بخس، وهذا الإرشاد الذي نبّه الله عباده عليه في جنس المعاملات أنَّ الناس ما بين طالب ومطلوب، فعلى الطالب أن يتبع بالمعروف والمساهلة والمياسرة، وعلى المطلوب أن يؤدي بإحسان يسلّم الحق تاماً لا نقص فيه ولا مطل، هو أكمل المعاملات وأشرفها وصاحب هذه المعاملة قد حاز الفضيلتين شرف الدنيا وأجر الآخرة.
والقسم الثاني: الخطأ، فهذا لم يجعل الله فيه قصاصًا ولا رتب عليه إثماً ووعيداً، وإنَّما أوجب فيه الكفارة على القاتل عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فليصم شهرين متتابعين، ودية مسلّمة إلى أهل المقتول يسلمها عاقلة القاتل. وقد فصلت السُنّة مقادير ديات النفوس والأطراف والجروح.
وقال تعالى"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ "المائدة: 33 . هذا حد قطّاع الطريق. من العلماء من قال: إنَّ الإمام مخيّر فيهم في هذه الأشياء يفعل ما يراه أصلح، ومن العلماء من قال: إنَّ هذه العقوبات متفاوتة في غلظها فهي تبع الجنايات، فمن قَتَلَ وأخذ مالاً قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ مالاً قتل ولم يصلب، ومن أخذ مالاً ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ومن أخاف السبيل نفي من الأرض وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما- انظر تفسير ابن جرير الطبري (4/213).-وهو أولى.
وقال تعالى"وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا "15:النساء . وهذا السبيل الذي ذكره الله قد بينّه صلى الله عليه وسلم بأن المحصن يرجم حتى يموت، والبكر يجلد مائة ويغرب عاماً. وقال تعالى"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ "النور: 2 .
وقد شرط تعالى لثبوت هذا الحد أن يشهد فيه أربعة رجال عدول، والإقرار تنوب الأربع عن الأربعة.
وقال تعالى"وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا "النور: 4، 5 . الرمي المذكور هنا هو الرمي بالزنى، فعلى القاذف ثمانون جلدة وترد شهادته، إلا أن تاب بأن أكذب نفسه.
وقد أمر تعالى بقطع يد السارق والسارقة، وذلك إذا ثبتت السرقة ببيّنة أو إقرار.
قوله تعالى"وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ"البقرة: 194 ، "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ "النساء: 148 . استدل بذلك على القصاص في الأطراف والجروح وإتلاف الأموال واللطمة ونحوها، ومقابلة الشاتم بمثله من غير اعتداء.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-12-2017, 01:00 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,381
Arrow

أحكام الأطعمة والأشربة والذبائح

والصيد والضيافة والاستئذان والسلام
قال تعالى"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا "البقرة: 29 ، "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ"الأعراف: 32" ، "أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا "المائدة: 96 . وقال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ووصف دينه"يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ "الأعراف: 157 ،"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ "المائدة: 3. الآيات، إلى أن قال" يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ "المائدة: 4 ، "وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ "الأنعام: 119 ، وقال تعالى"يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا "البقرة: 168 ، "قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ" الأنعام: 145. الآية "ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ "الأنعام: 143. الآيات.
هذه الآيات تدل على أنَّ الأصل في الأطعمة الحل، إلا ما صرح الشارع بتحريمه. وقد صرح بحل بهيمة الأنعام وبحل حيوانات البحر، صيده ما صيد حياً، وطعامه ما وجد فيه ميتاً، ولم يستثنِ شيئًا. وأحل صيود البر كلَّها، لأنَّه لم يحرمها إلا في الإحرام، وأحل الحبوب والثمار وجميع الطيبات، وشرط لحل حيوانات البر إن كان مقدورًا عليها أن تذكى، كما قال"إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ "المائدة: 3 ، وذكر اسم الله عليه، وما عجز عنه برميه بما يجرح، أو إرسال الجوارح المعلمة عليه من الطيور والكلاب وشَرْطُ تعليمها بأن تسترسل إذا أرسلت، وتنزجر إذا زجرت وتمسك على صاحبها ولا تأكل منها، وبأن يذكر اسم الله عليها عند إرسالها، وحرم الميتة وهي ما مات حتف أنفه، أو بسبب لا يبيح؛ كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة، وما أكل السبع إلا ما أدرك من هذه، وذكي ذكاة شرعية، وحرّم الخنزير، وحرّم النبي صلى الله عليه وسلم كلَّ ذي ناب من السباع وكلَّ ذي مخلب من الطير، وما نهى عن قتله أو أمر بقتله كالفواسق والحشرات وجميع المستخبثات وجميع ما فيه ضرر، فكلُّ ما أحله فهو نافع، ولم يحرم على العباد إلا ما يضرهم في أديانهم وأبدانهم وأعراضهم وعقولهم كالمسكرات ومع ذلك قال"فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ" المائدة: 3. أي: مجاعة ."غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ "المائدة: 3. أي: مائل إليه، بأن يتزود منها، أو يأكل فوق ما يزيل ضرورته. وحرم تعالى ما ذبح لغير الله.
وقال تعالى"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ "24: الذاريات. الآيات. فيها دلالة على أنَّ الضيافة من ملة إبراهيم التي أمرنا باتباعها، وأنَّ تمامها إكرام الضيف كما قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» - أخرجه البخاري (رقم: 6018)، ومسلم (رقم: 47).-. وفيه أنَّه قرّب ضيافتهم إليهم ولم يحوجهم إلى الذهاب إلى محل آخر، وفيه العرض عليهم بلطف لقوله"أَلَا تَأْكُلُونَ ".الصافات: 91 .
وقوله تعالى"وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا "النساء: 86 ، وقال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا" النور: 27 . في هذا مشروعية السلام، وأنَّه من شعار المسلمين، وأنَّه ينبغي الابتداء بالسلام وأنَّ الراد عليه أن يقابل التحية بمثلها، أو أحسن منها قولاً وبشاشة وملاطفة، فإنَّ السلام والتحية تحسن بما يقترن بها من اللطف وحسن اللقاء والإيناس وإدخال السرور على أخيك المسلم.
وفيه الإرشاد لعباده أن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم إلا بإذن أهلها، فإن أذنوا وإلا وجب عليه الرجوع. وحرّم عليه التطفل والأكل والشرب من بيوت الناس بدون إذن، إلا من جرت عادتهم بالرضى بذلك كالذي استثنى الله بقوله"وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ"النور: 61. إلى آخرها.
ونهى عن الدخول إلا بإذن، إلا المماليك والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، حيث كانوا مترددين طوافين على الناس، فلهم الدخول بلا إذن إلا في أوقات العورات الثلاث، حين اليقظة من النوم ووقت النوم ووقت الظهيرة.
وقد أمر بالسلام عند دخول البيوت سواء كانت للإنسان أو لغيره فإنَّها تحية مباركة طيبة.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-12-2017, 01:01 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
غفر الله لها
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 4,381
Arrow

أحكام متنوعة في الأصول والفروع والآداب

قوله تعالى"وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"68 :الأنعام . تدل الآية على النهي عن مجالسة أصحاب المعاصي والقعود معهم ما داموا على معصيتهم، وأنَّه يجب على من سمع الكلام المحرم أن يمنع صاحبه، فإن لم يتمكن من ذلك وجب عليه القيام من ذلك المجلس، وكذلك فاعل المحرم ولهذا أتى باللفظ العام في قوله"الظَّالِمِينَ ".
قوله تعالى"أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ" الأنعام: 90 . دليل على أنَّ شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بنسخه، لأنَّ هداهم ما هم عليه من العقائد والأخلاق والأعمال.
قوله"وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ "الأنعام: 108 . فيها سد الذرائع عن الأمور المحرمة، وأنَّ المباح أو المستحب إذا أفضى إلى مفسدة نهي عنه.
ويستدل بقوله"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"البقرة: 185 ، "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" البقرة: 286. وفي الأخرى"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"الطلاق: 7 ، "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ "الحج: 78. على أنَّ المشقة تجلب التيسير.
قوله تعالى"وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ"الأنعام: 152. ، "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ"الأعراف: 85. فيها وجوب النصح في المعاملات كلِّها، وتحريم البخس والغش فيها.
قوله"وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا "هود: 41 ، وقوله"ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ "14:الزخرف . يدل على استحباب هذه الأذكار عند ركوب كلِّ مركوب من دابة، وسفينة ومراكب برية وبحرية وهوائية.
قوله"وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا"يوسف: 26. الآية. يدل على اعتبار القرائن وشواهد الأحوال.
قوله"اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" يوسف: 55 ، "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ "القصص: 26. . يدل على اعتبار الكفاءة والأمانات في الولايات والوظائف كلِّها بحسب ما يليق بالولاية، فإن لم يحصل الأكمل في هذه الصفات فالأمثل فيها.
وقوله"يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا"يوسف: 97 ، "رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي"إبراهيم: 40 ، " رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "الأحقاف: 15 . يدل على الاجتهاد في الدعاء للوالدين والذرية وعلى طلب الدعاء من الوالدين والفضلاء.
قوله تعالى"وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ "99:الحجر . يدل على أنَّ التسبيح والتحميد والإكثار من ذكر الله، والاشتغال بعبادته مع ما فيه من الخيرات والأجور، أنَّها تشرح الصدر وتهون المشاق وتسلي عن المصائب.
قوله تعالى"فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"11:الضحى ، "فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ "8:الشرح . فيه الترغيب في إكرام اليتيم، والزجر عن الإساءة إليه، وفيه حسن الخلق مع السائل للمال والعلم، والتحدث بنعم الله مع نفسك، ومع الخلق، والاشتغال بعبادة الله عند الفراغ من الأشغال الدنيوية، وكثرة الرغبة إلى الله في جميع المطالب الدينية والدنيوية.
قوله تعالى"فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "98:النحل ، " وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ "الأعراف: 200 . فيه الحث على الاستعاذة بالله من الشيطان عند القراءة في الصلاة وخارجها، وعندما ينزغ الشيطان العبد ويحس بوساوسه التي تدور على التثبيط عن الخير والترغيب في الشر، فالاستعاذة بالله منه تدفع شره وكيده.
قوله تعالى"فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا "الكهف: 19 . تدل على صحة الوكالة والتوكل، وعلى المشاركة في الطعام وغيره، وعلى اختيار الطيب منه، وعلى الاحتراز عن الأمور الضارة، وعلى أنَّه ينبغي كتمان السر الذي تضر إذاعته ضررًا عامًا أو خاصًا.
قوله تعالى"وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا "24:الكهف . ينبغي للعبد أن يسترشد بهذه الوصايا النافعة، ولا يحكم على الأمور المستقبلة المتعلقة بفعله حتى يقرنها بمشيئة الله، وعند نسيانه مطلقاً يذكر الله ويرجوه الهداية كلَّ وقت لأرشد الأمور وأحبها إليه.
قوله"وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا "24:الكهف . ينبغي لمن أعجبه شيء مما أعطاه الله أن يقول ذلك لأنَّه اعتراف بالنعمة وحراسةٌ لها من كلِّ آفة.
يستفاد من قصة موسى مع الخضر أدب المتعلم مع المعلم، وأنَّ المفسدة الجزئية تغتفر في جانب المصلحة العظيمة، وأنَّ إفساد مال الغير إذا تضمن إصلاحه من وجه آخر أرجح من إفساده فإنَّه محمود، وأنَّ الرجل الصالح يحفظه الله في نفسه وذريته، وأنَّ كثيراً من الأمور الكريهة للعبد قد تكون خيراً وتجلب خيراً كثيرًا وتدفع شرًا كثيرًا.
وفي بناء ذي القرنين للسد فيه أنَّه ينبغي إعانة الضعفاء ودفع شرور المعتدين بكلِّ وسيلة، وأنَّ ذلك من نعمة الله في حق الضعفاء وفي حق من أعانهم.
قوله"فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا "طه: 44. فيه استحباب اللين في خطاب الرؤساء والعظماء.
وفي قوله"وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا "طه . أدبُ طالب العلم، وأنَّه ينبغي له أن يتأنى في تدبره وتأمله للعلم ولا يستعجل بالحكم على الأشياء ولا يعجب بنفسه، ويسأل ربه العلم النافع والتسهيل.
قوله تعالى"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا "طه: 131. فيه أنَّه ينبغي للموفق أن لا ينظر إلى زينة الدنيا نظر المعجب المفتون، وأن يقنع برزق ربه، وأن يتعوض مما منع منه من الدنيا بزاد التقوى الذي هو عبادة الله واللهج بذكره.
قوله"وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ "الأنبياء: 88. ينبغي لكلِّ مؤمن وقع في كربة وضيق أن يدعو بهذه الدعوة "إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ "الأنبياء: 87 .
قوله تعالى"لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ "12:النور . هذا إرشاد منه لعباده إذا سمعوا الأقوال القادحة في إخوانهم المؤمنين رجعوا إلى ما علموا من إيمانهم، وإلى ظاهر أحوالهم ولم يلتفتوا إلى أقوال القادحين، بل رجعوا إلى الأصل وأنكروا ما ينافيه.
"إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" 51:النور. هذا متعين على كلِّ مؤمن.
قوله"وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ "الفرقان: 27. الآيات، مع قوله" الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ 67 الزخرف. فيها التحذير من صحبة الأشرار والترغيب في صحبة الأخيار.
قوله"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ "لقمان: 6. يدخل فيه كلُّ حديث يلهي العبد عن الخير من الغناء وغيره.
قوله"فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا "الأحزاب: 32. فيه أدب المرأة في خطاب الرجال الأجانب، أن لا تخشن الكلام ولا تلينه، بل تقول قولاً معروفًا.
قوله"وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا "58"الأحزاب. فيه النهي عن أذية المؤمنين القولية والفعلية بغير استحقاق.
قوله"يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ "ص: 26. فيه ضابط ما يجب على الحكام والقضاة من الحكم بين الناس بالحق المتضمن لمعرفته وتنفيذه وعدم الميل واتباع الهوى.
قوله:"وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ "ص: 44. فيه التخفيف عن الضعيف وعن الحبيب لله.
قوله: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ "الزمر: 18. هذا الضابط في الواجب على مستمع القول أن يتبع أحسنه وهو الحق المأمور به.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [الحجرات: 1] إلى آخر السورة. فيها الإرشاد من الله لعباده أن يتأدبوا معه ومع رسوله بالخضوع والانقياد والطاعة، وأن لا يقدموا على ذلك شيئاً، وأن يخضعوا بالقول عند رسوله، وفيها الحث على التأني والتثبت والإصلاح بين المؤمنين بكلِّ وسيلة، والزجر عن السخرية وسوء الظن والغيبة والنميمة، والحث على معرفة الأنساب ومعرفة الاتصال بين الإنسان وبين غيره، وبيان حقيقة الإيمان وشهود منة الله على العبد بتوفيقه للإيمان.
قوله"إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ "46الواقعة أي: منعهم الترف من أداء الواجبات، وكانوا يصرون على عظائم المنكرات، فلذلك استحقوا هذه العقوبات.
يستدل بقوله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ "الصف 2. وما بعدها، على أن من تكلم بالحق وعمل بخلافه أنَّه ممقوت مذموم، وأنَّ الحمد والعواقب الحميدة لمن توافق ظاهره وباطنه وأقواله وأفعاله.
قوله تعالى"فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ"التغابن: 16 . تدل على أنَّه لا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة.
ويستدل بقصة أصحاب الجنة وما عاقبهم الله به على التحذير من التشبه بهم، والترغيب في الإحسان عند الحصاد والجذاذ على الفقراء والمساكين.
قوله"فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى "الأعلى 9" مفهوم الآية أنَّه إذا ترتب على التذكير مضرة أرجح، ترك التذكير خوف وقوع المنكر.
قوله"فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ "الزلزلة 7 ، 8 . والآيات الشبيهة بها فيها الحث على فعل الخير وإن قلّ، والتحذير من قليل الشر وكثيره.
قوله تعالى"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "الإخلاص: 1 ، "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ "الفلق 1 ، "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ "الناس. إلى آخر السور الثلاث صَدَّرَ كلاً منها بالأمر بقول ما تضمنته كلُّ سورة. ففي "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " أمر بقول التوحيد، وكلِّ ما دل على الثناء على الله، ووصفه بصفات الكمال وتنزيهه عن ضدها. وفي السورتين الأخيرتين أمر باللجأ إليه من جميع الشرور الداخلية والخارجية والظاهرة والباطنة والله أعلم.
وقد ذكر الله القرعة في موضعين حين تنازعوا في مريم أيهم يكفلها، وحين تساهم يونس ومن معه أيهم يلقى في اليم. فيدل على استعمال القرعة عند إبهام المستحق، وعند التزاحم في الحق إذا لم يكن لأحدهما مزية ترجيح ولا تمكن المشاركة. وأما قرعة الميسر والرهان ففي غير ذلك من مواضع الخطر، مثل أن يعرف أنَّ الشيء مشترك بينهما فيريدان أن يقترعا عليه فهذا الذي لا يحل لأنَّه ميسر ظاهر.
قوله تعالى"وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ"البقرة: 151. ولم يقل في موضع واحد أنَّه يخبر أو يُعَلّم ما يُعْلَمُ خلافه، بُرْهان على أنَّه صلى الله عليه وسلم لا يأتي بما تحيله العقول، ولا بأمر يعلم يقيناً نقيضه وهذا أحد براهين الرسالة.
قوله"وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ"الشورى: 16. الآية. فيها أكبر برهان على أنَّ من آمن بالله ورسوله إيماناً تاماً، وعلم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم قطعاً، تيقّن ثبوت جميع ما أخبر به، وعلم أنَّ ما عارض ذلك فهو باطل، وأنَّه ليس بعد الحق إلا الضلال. فهذا الإيمان التام والعلم القطعي الإجمالي يدفع كلَّ باطل ناقضه، فإن اهتدى بعد ذلك لتفصيل رد الشبه الباطلة وإلا كفاه هذا الأصل.
وقد أخبر في عدة آيات أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين، وذلك يفيد أنَّ كلامه فيه الهدى التام، وأنَّه يستحيل أن يريد بكلامه غير ما يفهمه الناس ويتبادر إلى أذهانهم منه، ويمتنع أن يريد به الاحتمالات البعيدة، لأنَّ هذا ينافي ما وصفه الله به، فإنَّه أعلم الخلق وأنصحهم وأفصحهم، فمن قدح في شيء من بيانه فهو قادح به، إذ هذا يوجب أن يكون بيانه للحق أكمل من بيان كلِّ أحد.
قوله تعالى"وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ" الأحزاب: 4. فيها أنَّ جميع المسائل الأصولية والفروعية قد قالها الله وبيّنها بالأدلة والبراهين. فقوله"الْحَقَّ " بيانه للمسائل، وهدايته السبيل إرشاده للدلائل.
قوله تعالى"وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ "البقرة: 213. فيه أصرح الدلالة على أنَّ جميع مسائل الاختلاف بين الناس يتعين ردها إلى الكتاب، وأنَّ فيه حَلَّها وحكمَها، وأنَّ غير الكتاب لا يفصل النزاع ولا يحل الخلاف، لا عقل، ولا قياس، ولا رأي أحد من الخلق كائناً ما كان.
قوله"قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ "آل عمران: 73. ونحوها من الآيات. تدل على أنَّ من طلب الهدى والرشد من غير الكتاب والسنّة ضلّ، لأنَّ الهدى محصور في هدى الله الذي أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم.

***

هذا

آخر ما وُجِدَ في المخطوطة،

ولعل المصنف ـ رحمه الله ـ

لم يذكر خاتمةً للكتاب ـ كما هي عادته ـ

على اعتبار أنَّه قد يضيف شيئًا من الفوائد المتفرقة

المندرجة تحت العنوان السابق «أحكام متنوعة» والله أعلم،

وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:38 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تركيب: استضافة صوت مصر